1452 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالحميد البلوشي وعلي البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——–”’———”’——-”
1452 الصحيح المسند
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الاسودين في الصلاة الحية والعقرب
—–
قتل الأسودين في الصلاة:
قال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم:
” قال أحمد وغيره: يجوز له أن يذهب إلى النعل فيأخذه ويقتل به الحية والعقرب ثم يعيده إلى مكانه، وكذا سائر ما يحتاج إليه المصلي من الأفعال، وكان أبو برزة يصلي ومعه فرسه، كلما خطا يخطو معه خشية أن ينفلت، قال أحمد: إن فعل كما فعل أبو برزة فلا بأس.
وقال الخطابي: رخص أهل العلم في قتل الأسودين في الصلاة إلا النخعي، والسنة أولى ما اتبع، وفي الإنصاف: له قتل الحية والعقرب بلا خلاف أعلمه، وحكى في كتاب رحمة الأمة: الإجماع عليه، وفي معنى الحية كل مضر مباح قتله “.
انتهى من ” حاشية الروض المربع ” (3/ 102).
وقال ابن قدامة رحمه الله في ” المغني ” (3/ 95): ” فإذا رأى العقرب خطا إليه، وأخذ النعل وقتلها، ورد النعل إلى موضعها ” انتهى.
وجاء في ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” (32/ 221):
” اتفق الفقهاء على جواز قتل الحية والعقرب في الصلاة، لما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب)، قال الكمال بن الهمام الحنفي: الحديث بإطلاقه يشمل ما إذا احتاج إلى عمل كثير في ذلك أو قليل، وقيل: بل إذا كان قليلا. وخص المالكية الجواز في حال ما إذا كان العقرب أو الثعبان مقبلة عليه، وكرهوا قتلها في حال عدم إقبالها.
وصرح الدردير المالكي بأن الصلاة لا تبطل بانحطاطه لأخذ حجر يرميها به أو لقتلها ” انتهى
وقال الشيخ ابن عثيمين:
” للمصلي أن يقتل الحية، بل يسن له ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به فقال: (اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب) … وعلى هذا؛ فيسن أن يقتل الحية، فإن هاجمته وجب أن يقتلها دفاعا عن نفسه، وله أيضا قتل العقرب وهي أكثر لسعا من لدغ الحية ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (3/ 253).
وسئل رحمه الله: إذا كنت في الصلاة أقتل هذه الفواسق؟
فأجاب ” نعم، تقتلها إذا لم تحتج إلى عمل كثير وإلا فلا تقتلها إلا إذا هاجمتك واحتجت في الدفاع عن نفسك إلى عمل كثير فلا بأس لأن هذا ضرورة “.
انتهى من ” شرح كتاب الحج من صحيح البخاري “.
وإذا قطع المصلي صلاته، فإنه لا يمكن أن يعود إليها ليتمها من حيث قطع، على الصحيح من قولي أهل العلم، بل يستأنفها من جديد وهو قول جمهور أهل العلم خلافا لأبي حنيفة رحمه الله.
========
وفي فتاوى اللجنة الدائمة
المجموعة الأولى. المجلد السابع (الصلاة 2).
4 – قتل الحية
السؤال السادس من الفتوى رقم (3785)
س6: إذا شرع رجل في صلاته وهذه الصلاة فرض من الأوقات الخمسة ورأى أمامه ثعبانًا أو عقربًا فهل يقطع صلاته ويقتل ذلك أم يتم صلاته؟
ج6: نعم يقطع صلاته ويقتل الثعبان أو العقرب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب أخرجه أهل السنن، وصححه ابن حبان. وإن أمكن قتلهما وهو في صلاته من دون عمل كثير عرفًا فلا بأس، وصلاته صحيحة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد العزيز بن عبد الله بن باز
—-
مسألة الحركة في الصلاة:
فالحركة الكثيرة مبطلة للصلاة بلا خلاف بين الفقهاء.
جاء في الموسوعة الفقهية:
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى بُطْلاَنِ الصَّلاَةِ بِالْعَمَل الْكَثِيرِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّهِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعَمَل الْكَثِيرَ الَّذِي تَبْطُل الصَّلاَةُ بِهِ هُوَ مَا لاَ يَشُكُّ النَّاظِرُ فِي فَاعِلِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلاَةِ.
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ قَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، فَالْعَمَل الْكَثِيرُ عِنْدَهُمْ هُوَ مَا يُخَيَّل لِلنَّاظِرِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلاَةٍ، وَالسَّهْوُ فِي ذَلِكَ كَالْعَمْدِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي مَعْرِفَةِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ هُوَ الْعُرْفُ، فَمَا يَعُدُّهُ النَّاسُ قَلِيلاً فَقَلِيلٌ، وَمَا يَعُدُّونَهُ كَثِيرًا فَكَثِيرٌ.
قَال الشَّافِعِيَّةُ:
فَالْخُطْوَتَانِ المُتَوَّسِّطَتان، وَالضَّرْبَتَانِ، وَنَحْوِهِمَا قَلِيلٌ، وَالثَّلاَثُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ غَيْرُهُ كَثِيرٌ إِنْ تَوَالَتْ. سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْخُطُوَاتِ، أَمْ أَجْنَاسٌ: كَخُطْوَةٍ، وَضَرْبَةٍ، وَخَلْعِ نَعْلٍ. وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الْخُطُوَاتُ الثَّلاَثُ بِقَدْرِ خُطْوَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لاَ.
وَصَرَّحُوا بِبُطْلاَنِ الصَّلاَةِ بِالْفَعْلَةِ الْفَاحِشَةِ؛ كَالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ لِمُنَافَاتِهَا لِلصَّلاَةِ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَالأَفْعَال الْعَمْدِيَّةُ عِنْدَهُمْ تُبْطِل الصَّلاَةَ وَلَوْ كَانَتْ قَلِيلَةً، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَال الصَّلاَةِ أَمْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا
وَقَال الْحَنَابِلَةُ:
لاَ يَتَقَدَّرُ الْيَسِيرُ بِثَلاَثٍ وَلاَ لِغَيْرِهَا مِنَ الْعَدَدِ، بَل الْيَسِيرُ مَا عَدَّهُ الْعُرْفُ يَسِيرًا؛ لأَنَّهُ لاَ تَوْقِيفَ فِيهِ فَيُرْجَعُ لِلْعُرْفِ كَالْقَبْضِ، وَالْحِرْزِ. فَإِنْ طَال عُرْفًا مَا فَعَل فِيهَا، وَكَانَ ذَلِكَ الْفِعْل مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا غَيْرَ مُتَفَرِّقٍ أَبْطَلَهَا، عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلاً مَا لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةً، كَحَالَةِ خَوْفٍ، وَهَرَبٍ مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ كَسَيْلٍ لَمْ تَبْطُل ..
وَعَدَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنَ الضَّرُورَةِ الْحِكَّةَ الَّتِي لاَ يَصْبِرُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْعَمَل الْمُتَفَرِّقُ فَلاَ يُبْطِل الصَّلاَةَ؛ لِمَا ثَبَتَ ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَ إِذَا قَامَ حَمَل أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ، وَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا.” اهـ مختصرا.
…………………..
وهذا سؤال وجه لبعض أهل الإفتاء:
هل يسمح بثلاث حركات في الصلاة؟ هل هي أثناء الصلاة، كلها أم في كل ركن ثلاث حركات؟
الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على بطلان الصلاة بالعمل الكثير المتوالي ولو سهوا.
قال في “أسنى المطالب” نقلا عن القاضي:” إنه لو أكثر من حك جسده مرارا متوالية مختارا بطلت صلاته، إلا أن يكون بحرب …..
والحاصل أن الحك الكثير المتوالي مبطل للصلاة باتفاق المذاهب، سواء كان عمدا أو سهوا، أما إن كان يسيرا أو غير متوالٍ، فلا تبطل الصلاة به، إلا إذا زاد على المعتاد، والكثرة تحدد بالعرف. والله أعلم.
…………..
وسأل بعض أهل الفتوى سؤالا مفاده.
تنبيه: أضفت شرح في حديث فتح الباب لعائشة:
ما حكم صلاتي وأن يقف أولادي بجواري يتشاحنون ويتعاركون واضطر لشد هذا وجذب تلك؟، وكذلك أحيانا أرفع صوتى قليلا لكي يستطيع ابني قراءة التشهد لأنه يتعثر به لأنه عنده 5 سنوات وأريد تعويده على الصلاة بصورة صحيحة فما حكم الصلاة بهذا الشكل؟ لأني لا أستطيع الاختباء منهم أثناء الصلاة وهل يقبل الله الصلاة بهذا الكم من الحركات؟ وهل الحركة خطوة أو نحوها بشرط أن تكون فى اتجاه القبلة لاشيء فيها إذا كانت لاضطرار كإنقاذ صغير سيسقط ويتأذى أم الخروج من الصلاة أفضل ثم إعادتها بعد إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا العمل الذي تعملينه في الصلاة من جذبكِ لطفلكِ أثناءها ونحو ذلك، عملٌ يسير لا تبطل به الصلاة، وقد ثبت نظيره عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:” صلى ذات يوم وهو حامل أمامة بنت ابنته، فكان إذا سجد وضعها وإذا قام حملها.” متفق عليه.
وقد” صلى ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عن يساره فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه فجعله عن يمينه. “متفق عليه.
وثبت في الصحيح أيضا تقدمه وتأخره صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف، وعند أبي داود وغيره ” أنه فتح الباب لعائشة وهو يصلي”، في نظائر كثيرة، فدل على ما ذكرناه من أن مثل هذا العمل اليسير لا تبطل به الصلاة، وقد بينا ضابط العمل الذي تبطل به الصلاة، وما يجوزُ من العمل فيها.
وتمام الحديث عن عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها قالت:” جئتُ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي في البيتِ، والبابُ عليه مغلقٌ، فمشِىَ حتى فَتَحَ لي، ثم رَجَعَ إلى مكانِه، ووَصَفَتِ البابَ في القِبْلَةِ.”
وحسنه الألباني
والحديث يدل على جواز مثل هذا الحركة في صلاة التطوع للحاجة.
وقد حمله بعض الشراح على أنه صلى الله عليه وسلم مشى خطوة أو خطوتين فقط، أو مشى أكثر من ذلك لكن من غير توالٍ. والذي حملهم على هذا التأوّل الرغبة في موافقة مذهبهم الفقهي.
وقد رد هذا الشوكاني وغيره.
قال الشوكاني في ” نيل الأوطار ” (2/ 391): ” قال ابن رسلان: هذا المشي محمول على أنه مشى خطوة أو خطوتين أو مشى أكثر من ذلك متفرقا.
وهو من التقييد بالمذهب، ولا يخفى فساده) انتهى.
وقال المباركفوري في ” تحفة الأحوذي ” (3/ 176): ” قال المظهر: ويشبه أن تكون تلك المشية لم تزد على خطوتين.
قال القاري: الإشكال باق؛ لأن الخطوتين مع الفتح والرجوع عمل كثير، فالأولى أن يقال: تلك الفعلات لم تكن متواليات انتهى.
قلت: هذا كله من التقيد بالمذهب، والظاهر أن أمثال هذه الأفعال في صلاة التطوع عند الحاجة لا تبطل الصلاة وإن لم تكن متوالية. قال ابن الملك: مشيه عليه الصلاة و السلام وفتحه الباب ثم رجوعه إلى مصلاه يدل على أن الأفعال الكثيرة إذا تتوالى لا تبطل الصلاة وإليه ذهب بعضهم انتهى كلامه.
قال القاري: وهو ليس بمعتمد في المذهب انتهى.
قلت: ما قال ابن الملك هو ظاهر الحديث، لكن في صلاة التطوع عند الحاجة، لا مطلقا، وهو الراجح المعتمد المعول عليه وإن لم يكن معتمدا في المذهب الحنفي، والله تعالى أعلم”.
انتهى من ” تحفة الأحوذي “.
وقد قسم العلامة ابن عثيمين رحمه الله الحركة في الصلاة إلى خمسة أقسام
فقال: فالحركة في الصلاة إذاً تجري فيها الأحكام التكليفية الخمسة، وهذه الأقسام هي:
القسم الأول: حركة واجبة.
القسم الثاني: حركة محرمة.
القسم الثالث: حركة مكروهة.
القسم الرابع: حركة مستحبة.
القسم الخامس: حركة مباحة.
فأما الحركة الواجبة:
فهي التي تتوقف عليها صحة الصلاة، مثل أن يرى في غترته نجاسة، فيجب عليه أن يتحرك لإزالتها ويخلع غترته، وذلك” لأن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يصلي بالناس فأخبره أن في نعليه خبثاً فخلعها صلى الله عليه وسلم وهو في صلاته واستمر فيها.” رواه أبو داود.
ومثل أن يخبره أحد بأنه اتجه إلى غير القبلة؛ فيجب عليه أن يتحرك إلى القبلة.
وأما الحركة المحرمة:
فهي الحركة الكثيرة المتوالية لغير ضرورة، لأن مثل هذه الحركة تبطل الصلاة، وما يبطل الصلاة فإنه لا يحل فعله؛ لأنه من باب اتخاذ آيات الله هزواً.
وأما الحركة المستحبة:
فهي الحركة لفعل مستحب في الصلاة، كما لو تحرك من أجل استواء الصف، أو رأى فرجة أمامه في الصف المقدم فتقدم نحوها وهو في صلاته، أو تقلص الصف فتحرك لسد الخلل، أو ما أشبه ذلك من الحركات التي يحصل بها فعل مستحب في الصلاة؛ لأن ذلك من أجل إكمال الصلاة، ولهذا لما ” صلى ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عن يساره أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه فجعله عن يمينه. “متفق عليه.
وأما الحركة المباحة:
فهي اليسيرة لحاجة، أو الكثيرة للضرورة:
أما اليسيرة لحاجة فمثلها ” فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو جدها من أمها- فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها.” متفق عليه.
وأما الحركة الكثيرة للضرورة:
فمثالها الصلاة في حال القتال؛ قال الله تعالى:” حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ* فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ” البقرة /238 – 239؛ فإن من يصلي وهو يمشي لا شك أن عمله كثير ولكنه لما كان للضرورة كان مباحاً لا يبطل الصلاة.
وأما الحركة المكروهة:
فهي ما عدا ذلك وهو الأصل في الحركة في الصلاة.
وعلى هذا نقول لمن يتحركون في الصلاة:
إن عملكم مكروه، منقص لصلاتكم، وهذا مشاهد عند كل أحد فتجد الفرد يعبث بساعته، أو بقلمه، أو بغترته، أو بأنفه، أو بلحيته، أو ما أشبه ذلك، وكل ذلك من القسم المكروه إلا أن يكون كثيراً متوالياً فإنه محرم مبطل للصلاة. انتهى.
وبهذا التفصيل المتقدم، تعلمين حكم الحركة في الصلاة، وأنها إن كثرت لغير ضرورة أبطلتها، وإن كثرت للضرورة لم تبطلها.
وأما هذا العمل اليسير الذي تعملينه فلا أثر له في إبطال الصلاة كما بينا، ويُرجى أن تكون صلاتك مقبولة إن شاء الله.
وإذا كان الأمرُ على ما وصفنا، فلا يسوغُ لكِ قطع الصلاة؛ لقول الله تعالى:” ولا تُبطلوا أعمالكم ” {محمد:33}.
وأما رفع صوتكِ في التشهد فإنه خلاف السنة، فإن السنة لكل مصلٍ أن يُسر بالتشهدِ ونحوه من تسبيحات الركوع والسجود، والتكبير إلا الإمام فإنه يجهرُ به ليُسمع المأمومين.
جاء في مواهب الجليل: قال في اللباب: من الفضائل إسرار التشهدين. انتهى.
وقال في الاستذكار: وإخفاء التشهد سنة عند جميعهم، وإعلانه بدعة وجهل ولا خلاف فيه. انتهى.
ولا يُشرعُ لكِ تعليم طفلكِ الصلاة، ولا أمره بها إذا كان دون سبع سنين، بل عليكِ أن تنتظري حتى يبلغ سبع سنين ويصير مميزاً، فتأمرينه بالصلاة إذاً.
قال النووي في المجموع:” فمن لا تلزمه الصلاة لا يؤمر بفعلها لا إيجابا ولا ندبا إلا الصبي والصبية فيؤمران بها ندبا إذا بلغا سبع سنين وهما مميزان، ويضربان على تركها إذا بلغا عشر سنين، فإن لم يكونا مميزين لم يؤمرا لأنها لا تصح من غير مميز.” انتهى. والله أعلم.
…………………….
وكذلك من الأدلة على جواز الحركة:
أمر النبي-صلى الله عليه وسلم بدفع المار بين يدي المصلي، فالفعل القليل إذا كان لحاجة فلا شيء فيه، وأما إذا كان لغير حاجة فهو مكروه.
قال ابن قدامة:” لا بأس بالعمل اليسير في الصلاة للحاجة. اهـ.”
قال النووي:” فمختصر ما قال أصحابنا:” أن الفعل الذي ليس من جنس الصلاة إن كان كثيرا أبطلها بلا خلاف، وإن كان قليلا لم يبطلها بلا خلاف، هذا هو الضابط .. ”
وقال أصحابنا:” والفعل القليل الذي لا يبطل الصلاة مكروه إلا في مواضع، أحدها: أن يفعله ناسيا، الثاني: أن يفعله لحاجة مقصودة. الثالث: أن يكون مندوبا إليه كقتل الحية أو العقرب ونحوها، وكدفع المار بين يديه والصائل عليه. اهـ.” من المجموع.
########
وهذا بحث بعنوان
مواضع صفة الصلاة
الموضع الخمسون
قتل العقارب والحيات
باب صفة الصلاة
المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع
قوله: (وله قتل حية وعقرب وقمل وبراغيث ونحوها)؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أمر بقتل الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب رواه أبو داود والترمذي وصححه … إلى آخره.
قال في “الشرح الكبير”:
“مسألة: وله قتل الحية والعقرب والقملة ولبس الثوب والعمامة ما لم يطل، وهو قول الحسن والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي، وكرهه النخعي؛ لأنه يشغل عن الصلاة والأول أولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية والعقرب، رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
ولا بأس بقتل القمل؛ لأن أنسا وعمر كانوا يفعلونه وقال القاضي: التغافل عنها أولى.
وقال الأوزاعي:
تركه أحب إلي؛ لأن ذلك يشغل عن الصلاة لأمر غير مهم يمكن استدراكه بعد الصلاة، وربما كثر فأبطلها”.
وقال البخاري:
“باب: إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة، وذكر حديث أبي قتادة الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أُمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها “.
قال الحافظ:
قال القرطبي: اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث، والذي أحوجهم إلى ذلك أنه عمل كثير، فروى ابن القاسم عن مالك: أنه كان في النافلة وهو تأويل بعيد، فإن ظاهر الأحاديث: أنه كان في فريضة، وسبقه إلى استبعاد ذلك المازري وعياض؛ لما ثبت في مسلم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يؤم الناس وأُمامة على عاتقه.
قال القرطبي:
وروى أشهب وعبد الله بن نافع، عن مالك: أن ذلك للضرورة، وروى عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك: أن الحديث منسوخ.
وقال ابن عبد البر:
لعله نسخ بتحريم العمل في الصلاة، وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، وبأن هذه القصة كانت بعد قوله صلى الله عليه وسلم: (إن في الصلاة لشغلا).
وذكر عياض عن بعضهم: أن ذلك كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم.
ورد: بأن الأصل عدم الاختصاص، وحمل أكثر أهل العلم هذا الحديث على أنه عمل غير متوال لوجود الطمأنينة في أركان صلاته.
وقال النووي:
ادعى بعض المالكية أن هذا الحديث منسوخ، وبعضهم أنه من الخصائص، وبعضهم أنه كان لضرورة وكل ذلك دعاوى باطلة مردودة لا دليل عليها، وليس في الحديث ما يخالف قواعد الشرع” انتهى ملخصا.
وقال في “الاختيارات”:
“وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب، وقد قال أحمد وغيره: يجوز له أن يذهب إلى النعل فيأخذه، ويقتل به الحية والعقرب، ثم يعيده إلى مكانه.
وكذلك سائر ما يحتاج إليه المصلي من الأفعال.
وكان أبو برزة ومعه فرسه وهو يصلي كلما خطا يخطو معه؛ خشية أن ينفلت.
قال أحمد: إن فعل كما فعل أبو برزة فلا بأس.
وظاهر مذهب أحمد وغيره: أن هذا لا يقدر بثلاث خطوات، ولا ثلاث فعلات كما مضت به السنة.
ومن قيدها بثلاث كما يقوله [من يقوله من] أصحاب الشافعي وأحمد، فإنما ذلك إذا كانت متصلة، وأما إذا كانت مفترقة فيجوز وإن زادت على ثلاث، والله أعلم”.
وقال البخاري:” (باب: إذا انفلتت الدابة في الصلاة)، وقال قتادة: إن أخذ ثوبه يتبع السارق ويدع الصلاة.
حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا الأزرق بن قيس، قال: كنا بالأهواز نقاتل الحرورية، فبينا أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي وإذا لجام دابته بيده، فجعلت الدابة تنازعه، وجعل يتبعها – قال شعبة: هو أبو برزة الأسلمي – فجعل رجل من الخوارج يقول: اللهم افعل بهذا الشيخ، فلما انصرف الشيخ قال: إني سمعت قولكم، وإني غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست غزوات، أو سبع غزوات، أو ثمان، وشهدت تيسيره، وإني إن كنت أن أرجع مع دابتي أحب إلي من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق علي، وذكر حديث عائشة في خسوف الشمس”.
قال الحافظ:
“قوله: (باب: إذا انفلتت الدابة في الصلاة)، أي: ماذا يصنع، قوله: (وقال قتادة … ) إلى آخره.
وصله عبد الرزاق، عن معمر، عنه بمعناه، وزاد: فيرى صبيا على بئر فيتخوف أن يسقط فيها، قال: ينصرف له.
وأشار أبو برزة بقوله: (رأيت تيسيره)، إلى الرد على من شدد عليه في أن يترك دابته تذهب ولا يقطع صلاته، وفيه حجة للفقهاء في قولهم: إن كل شيء يخشى إتلافه – من متاع وغيره – يجوز قطع الصلاة لأجله.
تنبيه: ظاهر سياق هذه القصة: أن أبا برزة لم يقطع صلاته، ويؤيده قوله في رواية عمرو بن مرزوق عند الإسماعيلي: فأخذها ثم رجع القهقرى، فإنه لو كان قطعها ما بالى أن يرجع مستدبر القبلة، وفي رجوعه القهقرى ما يشعر بأن مشيه إلى قصدها ما كان كثيرا، وهو مطابق لثاني حديثي الباب؛ لأنه يدل أنه صلى الله عليه وسلم تأخر في صلاته وتقدم ولم يقطعها فهو عمل يسير ومشي قليل، وليس فيه استدبار القبلة فلا يضر.
وفي “مصنف ابن أبي شيبة”: سئل الحسن عن رجل صلى فأشفق أن تذهب دابته، قال: ينصرف، قيل له: أفيتم؟ قال: إذا ولى ظهره القبلة استأنف.
وقد أجمع الفقهاء على أن المشي الكثير في الصلاة المفروضة يبطلها، فيحمل حديث أبي برزة على القليل” انتهى ملخصا.
وقال البخاري أيضا:
“باب: يكبر في سجدتي السهو وذكر حديث ذي اليدين “.
قال الحافظ:
“وفيه جواز البناء على الصلاة لمن أتى بالمنافي سهوا …. والذين قالوا: يجوز البناء مطلقا، قيدوه بما إذا لم يطل الفصل.
واختلفوا في قدر الطول:
فحده الشافعي في “الأم” بالعرف.
وفي البويطي بقدر ركعة.
وعن أبي هريرة: قدر الصلاة التي يقع السهو فيها.
وفيه: أن الباني لا يحتاج إلى تكبيرة الإحرام، وأن السلام نية الخروج من الصلاة سهوا لا يقطع الصلاة، وأن الكلام سهوا لا يقطع الصلاة” انتهى ملخصا.
تنبيه: جاء عند البيهقي وحسنه الألباني رحمه الله:
(كفاك للحية ضربها بالسوط ضربة واحدة أصبتها أم أخطأتها)
يقول البيهقي رحمه الله – إن صح هذا الحديث – يقول ” فإنه لا يعني أنه لا يجوز أن يزاد على الضربة الواحدة، وإنما من المعتاد أنها تقتل بضربة واحدة، لكن لو أنها أخطأتك فلا بأس من أن يزاد على الواحدة ”
قلت سيف: الحديث ذكرناه في فوائد مسلم وذكرتا أن أبا حاتم أنكره وقال: ليس لهذا الكلام أصل. ثم ذكر آثار عن بعض التابعين أنهم عملوا به. فكأنه يقصد أن أصل الحديث هذه الآثار، ولم يصح مرفوعا. وذكر الدارقطني أنه غريب حتى في طبقة إسماعيل بن مسلمة بن قعنب.