1449 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة رامي و مجموعة خميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
——–
الصحيح المسند
1449 – قال الإمام أبو يعلى رحمه الله: حدثنا عبد الأعلى حدثنا داود العطار عن إسماعيل بن أمية عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه ـ قال يحيى: ذكر شيئا لا أدري ما هو ـ بورك له فيه ورب متخوض في مال الله ورسوله فيما اشتهت نفسه له النار يوم القيامة.
هذا حديث صحيح رجاله رجال الصحيح.
—————————————-
روى الإمام أحمد في مسنده
قال: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ أَبِي الْوَلِيدِ قَالَ: سَمِعْتُ خَوْلَةَ بِنْتَ قَيْسِ بْنِ قَهْدٍ وَكَانَتْ تَحْتَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ـ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، مَنْ أَصَابَهُ بِحَقِّهِ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِيمَا شَاءَتْ نَفْسُهُ مِنْ مَالِ اللهِ وَرَسُولِهِ لَيْسَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا النَّارُ “.
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
” إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها “. فقال رجل: يا رسول الله أو يأتي الخير بالشر؟ فسكت حتى ظننا أنه ينزل عليه قال: فمسح عنه الرحضاء وقال: ” أين السائل؟ “. وكأنه حمده فقال: ” إنه لا يأتي الخير بالشر وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر أكلت حتى امتدت خاصرتاها استقبلت الشمس فثلطت وبالت ثم عادت فأكلت. وإن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون شهيدا عليه يوم القيامة “. متفق عليه
و في فيض القدير
(إن هذا المال) كبقلة أو كفاكهة أو كروضة أو كشجرة متصفة بأنها (خضرة) في النظر (حلوة) في المذاق وكل من الوصفين ممال إليه على انفراده فكيف إذا اجتمعا فالتأنيث واقع على التشبيه أو نظر لما يشتمل عليه المال من أنواع زهرات الدنيا أو المعنى أن فائدة المال أو صورته أو التاء للمبالغة كعلامة وخص الأخضر لأنه أحسن الألوان ولباس أهل الإيمان في الجنان (فمن أصابه) أي المال (بحق) أي بقدر حاجته من الحلال (بورك فيه) أي بارك الله له فيه (ورب متخوض) أي متسارع ومتصرف (فيما شاءت نفسه) أي فيما أحبته والتذت به (من مال الله ورسوله) قال الطيبي: كان الظاهر أن يقال ومن أصابه بغير حق ليس له إلا النار فعدل إلى ورب متخوض إيماء إلى قلة من يأخذه بحق والأكثر يتخوض فيه بغير حق ولذا قال في الأول خضرة حلوة أي مشتهاة وفي الثاني فيما شاءت نفسه (ليس له) جزاء (يوم القيامة إلا النار) أي دخولها وهو حكم مترتب على الوصف المناسب وهو الخوض في مال الله ورسوله فيكون مشعرا بالعلية قال الراغب: والخوض الشروع في الماء والمرور فيه ويستعار في الأمور وأكثر استعماله فيما يذم شرعا {ذرهم في خوضهم يلعبون}
وهذا حث على الاستغناء عن الناس وذم السؤال بلا ضرورة فيحرم على القادر كسب ويحل لغيره بشرط ألا يذل نفسه ولا يلح ولا يؤذي المسؤول وإلا حرم. انتهى
قال الحافظ في الفتح
قوله إن هذا المال خضرة أنث الخبر لأن المراد الدنيا قوله خضرة حلوة شبهه بالرغبة فيه والميل إليه وحرص النفوس عليه بالفاكهة الخضراء المستلذة فإن الأخضر مرغوب فيه على انفراده بالنسبة إلى اليابس والحلو مرغوب فيه على انفراده بالنسبة للحامض فالإعجاب بهما إذا اجتمعا أشد … .
و قال السيوطي رحمه الله تعالى
خضرة حلوة قال القرطبي أي روضة خضراء أو شجرة ناعمة غضة مستحلاة الطعم وقال النووي شبهه في الرغبة فيه والميل إليه وحرص النفوس عليه بالفاكهة الخضراء الحلوة المستلذة فإن الأخضر مرغوب فيه على انفراده فاجتماعهما أشد وفيه إشارة إلى عدم بقائه لأن الخضروات لا تبقى ولا تراد للبقاء فمن أخذه بطيب نفس هو عائد إلى الآخذ أي بغير سؤال ولا تطلع ولا حرص وقيل إلى الدافع أي أخذه ممن يدفعه منشرحا بدفعه إليه لا بسؤال اضطره إليه أو نحوه مما لا تطيب معه نفس الدافع بورك له فيه أي انتفع به في الدنيا بالتنمية وفي الآخرة بأجر النفقة قاله القرطبي ومن أخذه بإشراف نفس بشين معجمة وهو تطلعها إليه وحرصها وتشوفها وطمعها فيه لم يبارك له فيه أي لم ينتفع به إذ لا يجد لذة نفقته ولا ثواب صدقته بل يتعب بجمعه ويدمر بمنعه ولا يصل إلى شيء من نفعه وكان كالذي يأكل ولا يشبع قيل هو الذي به داء لا يشبع بسببه … .
شرح السيوطى على مسلم
======
قلت سيف: تتمات:
فتوى في لبعض أهل العلن في حكم أخذ المال من غير سؤال ولا تطلع إليه:
السؤال: هل يجوز لي قبول ما يأتيني من المال من غير سؤال، سواء كان بمناسبة أو من غير مناسبة أم أن الواجب ترك قبوله؟
الجواب:
الحمد لله
من أعطي شيئاً من غير مسألة ولا تطلع إليه جاز له قبوله؛ لما رواه البخاري (1473) ومسلم (1045) (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْطِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَطَاءَ فَيَقُولُ لَهُ عُمَرُ: أَعْطِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ، أَوْ تَصَدَّقْ بِهِ، وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ، وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ) قَالَ سَالِمٌ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا، وَلَا يَرُدُّ شَيْئًا أُعْطِيَهُ).
قال النووي رحمه الله: “والمشرف إلى الشيء هو المتطلع إليه الحريص عليه” انتهى من شرح مسلم.
قال النووي رحمه الله: ” إذا عُرض عليه مال من حلال على وجه يجوز أخذه ولم يكن مِنْهُ مسألة ولا تطلع إليه جاز أخذه بلا كراهة، ولا يجب. وقال بعض أهل الظاهر: يجب ; لحديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عمر رضي الله عنه … فذكره.
دليلنا حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي , ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي , ثُمَّ قَالَ: يَا حَكِيمُ , إنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ , وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَكَانَ كَاَلَّذِي يَاكُلُ وَلَا يَشْبَعُ , وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى. قَالَ حَكِيمُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدْعُوَ حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَابَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا. ثُمَّ إنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ , فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ , أُشْهِدُكُمْ عَلَى حَكِيمٍ أَنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ فِي هَذَا الْفَيْءِ فَيَابَى أَنْ يَاخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَا حَكِيمٌ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وقوله: ” يَرْزَأُ “: – مَعْنَاهُ لَمْ يَاخُذْ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا … , وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَرَّهُ عَلَى هَذَا. وَكَذَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ الْحَاضِرِينَ رضي الله عنهم , وَحَدِيثُ عُمَرَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ ” انتهى من “شرح المهذب” (6/ 234).
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: أرسل إلي أحد أقاربي مبلغا كبيرا من المال بمناسبة زواجي، يقصد به مساعدتي. هل أقبله أم أن العفاف أولى والاكتفاء بما أملك؟
فأجابوا:
“لا بأس بقبوله دون استشراف نفس، ويكافأ عليه إذا تيسر ذلك بما يناسب، أو يُدعى له؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له، حتى تروا أنكم قد كافأتموه) رواه أبو داود والنسائي” انتهى.
“فتاوى اللجنة الدائمة” (16/ 176).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح “رياض الصالحين” (1/ 275):
كان ابن عمر رضي الله عنهما لا يسأل أحداً شيئاً، وإذا جاءه شيء من غير سؤال قبله، وهذا غاية ما يكون من الأدب ألا تذل نفسك بالسؤال، ولا تستشرف للمال وتعلق قلبك به.
فالذي ينبغي أن من أعطاك بغير مسألة تقبل منه إلا إذا كان الإنسان يخشى ممن أعطاه أن يَمُنَّ به عليه في المستقبل فيقول: أنا أعطيتك أنا فعلت معك كذا وكذا وما أشبه ذلك فهنا يرده؛ فليحم نفسه من هذا .. ” انتهى.
وأما سؤال الناس من غير ضرورة، فهو محرم لا يجوز.
قال النووي رحمه الله في “شرح مسلم”: اتفق العلماء على النهي عن السؤال من غير ضرورة، قال: واختلف أصحابنا في سؤال القادر على الكسب على وجهين: أصحهما التحريم لظاهر الأحاديث، والثاني يجوز مع الكراهة، بشروط ثلاثة: أن لا يلح، ولا يذل نفسه زيادة على ذل نفس السؤال، ولا يؤذي المسئول، فإن فقد شرط من ذلك حرم” انتهى نقلاً من “فتح الباري” (10/ 408)، وللزيادة ينظر جواب السؤال رقم (104781).
والله أعلم
=======
قلت سيف: تتمات:
وهذا بحث لبعض الباحثين في إصلاح المال، وحاولت تمييز الصحيح من الضعيف من الأحاديث:
أقسام الناس في المال:
1 – جعل الدنيا أكبر همه فراح فلا يبالي أجمعها من حلال أم من حرام.
روى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَاتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ».
ورد في الصحيح المسند 351 من حديث زيد بن ثابت. وراجع الصحيحة 404، و 950.
2 – يتحرى الحلال في كسبه ولكن شغلت الدنيا أكثر وقته وسيطرت على تفكيره.
3 – جمع المال بحقه وأنفقه في حقه فهذا بخير المنازل.
4 – أخرق، لا يحسن التصرف فضيع الدنيا وأصبح عالة على الناس يتفضلون ويتصدقون عليه.
5 – جعل شغله وعمله في المسألة فأذل نفسه وأهرق ماء وجهه.
6 – فتح على نفسه المسألة من أجل الدعوة وخدمة الإسلام، فكانت أعماله أكثر من إمكاناته ولم يعر أي اهتمام لقضية الاستثمار وتغطية نفقاته.
خطر المال وفتنته:
{يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور}.
{إعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}.
روى الترمذي عَنْ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ قَالَ سَمِعْتُ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ» قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ. صححه الألباني الصحيحة 592، وهو في الصحيح المسند 1093
قال البخاري: بَاب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}.
روى البخاري عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي ثُمَّ قَالَ: «هَذَا الْمَالُ» وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ قَالَ لِي: «يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَكَانَ كَالَّذِي يَاكُلُ وَلَا يَشْبَعُ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى».
روى البخاري عن ابن عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى ثَالِثًا وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ».
وروى البخاري عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَكَّةَ فِي خُطْبَتِهِ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ أُعْطِيَ وَادِيًا مَلْئًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَانِيًا وَلَوْ أُعْطِيَ ثَانِيًا أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَالِثًا وَلَا يَسُدُّ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ».
روى الإمام أحمد والترمذي والدارمي عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ». قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وهو في صحيح الترغيب. وهو في الصحيح المسند 1094
هوان الدنيا على الله:
روى مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِالسُّوقِ دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ وَمَا نَصْنَعُ بِهِ قَالَ: أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ قَالُوا: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْبًا فِيهِ لِأَنَّهُ أَسَكُّ فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ فَقَالَ: فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ».
وينظر في عيش الرسول صلى الله عليه وسلم ولباسه ………
وعن عبيد الله بن محصن الأنصاري الخطمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» رواه الترمذي.
قال العقيلي في ترجمة سلمة بن عبيد الله: وقال: مجهول في النقل، ولا يتابع على حديثه من جهة تثبت، ولا يعرف إلا به.
ومرة قال: لا أبعد أن يكون عبدالرحمن بن أبي شميلة هو المصلوب لأن مروان بن معاوية يغير اسمه وان الألفاظ في هذا الحديث تشبه ألفاظه.
وخالفه عبدالغني وأنه رجل من الأنصار
واعتبر البيهقي حديث بن أبي شميلة عن أبيه عن سلمة يعني ابن عبيد الله بن محصن عن أبيه مرفوعا أصح حديث في الباب
المهم ابن أبي شميلة مجهول إنما وصف بالشهرة وهي لا تفيد تعديلا. خاصة أن مروان حديثه عن المجهولين ليس بشئ.
وعن أنس قال رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع.
وعن زيد بن وهب قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى السوق، وبيده درة، وعليه إزار فيه أربع عشرة رقعة، بعضها من أدم. (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص109).
قلت سيف: أخرجه ابن المبارك في الزهد 588 في آخرين من طرق عن ثابت عن أنس وهو صحيح. صححه غير واحد من الباحثين.
المال محاسب عليه عند الدخول والخروج:
في الترمذي والدارمي عن أبي برزة السلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من بين يدي ربه عز وجل حتى يسأل عن ماله، من أين اكتسبه، وفيم أنفقه» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص28). وصححه الألباني في صحيح الترمذي وقال الترمذي: حسن صحيح. واستدل به مقبل في مجموع الرسائل.
حظ المسلم من المال:
روى أحمد ومسلم عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} قَالَ: يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِي مَالِي وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ».
المال الصالح ومنزلته وآثاره:
في المسند وأخرجه البخاري في الأدب المفرد عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم المال الصالح للمرء الصالح» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص32).
وهو في الصحيح المسند 1006
أنزل المال لخدمة الدين
روى الإمام أحمد 21906 عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: «كُنَّا نَاتِي رسول صلى الله عليه وسلم إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَيُحَدِّثُنَا فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ إِنَّا أَنْزَلْنَا الْمَالَ لِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادٍ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِ ثَانٍ وَلَوْ كَانَ لَهُ وَادِيَانِ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِمَا ثَالِثٌ وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ».
قال محققو المسند: إسناده ضعيف من أجل هشام بن سعد. ورجح ابوحاتم والدارقطني رواية هشام بن سعد. المهم يشهد للفظ أنها من قول الله حديث أبي موسى وأبي بن كعب.
رواه مسلم 1048 من حديث أنس. وابن عباس في البخاري 6436، والبخاري 6439 من حديث عبد الله بن الزبير. مسلم من حديث أبي موسى 1050. وأبي بن كعب عند الترمذي وهو في الصحيح المسند 3.
وذهب محققو المسند 5/ 452 أنه ليس من القرآن لان كل الروايات تنسبه للنبي صلى الله عليه وسلم من قوله. إنما قال ابن عباس: لا أدري امن القرآن أم لا.
قلت: حديث أبي موسى الأشعري ذكر سورة قال كنا نشبهها في الطول والشدة بسورة براءة فانسيتها غير أني حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان …
وكذلك حديث أبي بن كعب وفيه أن الله أمرني أن أقرأ عليك لم يكن الذين كفروا. وقرأ عليه؛: ولو كان لابن آدم. ..
أخذ المال بحقه معونة على الطاعة:
روى مسلم عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بحقه فنعم المعونة هو».
روى البخاري عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم: «وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَاكُلُ وَلَا يَشْبَعُ».
الإنفاق في وجهه:
عن ابن مسعود عن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً، فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة، فهو يقضي بها ويعلمها» متفق عليه.
وعن عبدالله من عمرو أن رجلا سأل رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيّ الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» متفق عليه.
روى مسلم وأحمد عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ أَسْلِمُوا فَوَاللَّهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَيُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لَا يَخَافُ الْفَاقَةَ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَجِيءُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُرِيدُ إِلَّا الدُّنْيَا فَمَا يُمْسِي حَتَّى يَكُونَ دِينُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ أَوْ أَعَزَّ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا».
عن ميمون بن مهران قال: «عاد ناس عبد الله بن عامر بن كريز، فتوجع عبد الله وخاف ما بين يديه، فقال له من عنده: ما رأينا رجلاً أكثر عطاءً ولا صدقةً منك – وابن عمر ساكت – فقال عبد الله: ما تقول يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إذا طاب الكسب زكت النفقة وسترد فترى» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص17).
يصل فيه رحمه ويتقي فيه ربه:
وعن أبي كبشة عمر بن سعد الأنماري أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثًا فاحفظوه: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزًا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر، أو كلمة نحوها. وأحدثكم حديثًا فاحفظوه قال: إنما الدنيا لأربعة نفر:
عبد رزقه الله مالاً وعلمًا، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقًا، فهذا بأفضل المنازل. وعبد رزقه الله علمًا، ولم يرزقه مالاً، فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، فأجرهما سواء.
وعبد رزقه الله مالاً، ولم يرزقه علماً، فهو يخبط في مال بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقًا، فهذا بأخبث المنازل.
وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علمًا، فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما سواء» أخرجه أحمد والترمذي.
قلت سيف: أعله مقبل في أحاديث معلة بضعف يونس بن خباب. وورد من طريق سالم بن أبي الجعد عن أبي كبشة وبين الشيخ مقبل أنه لم يسمع منه أحاديث معلة 423
وورد لبعضه شاهد من حديث أبي هريرة في مسلم 2590 مرفوعا (ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله).
يسبقون غيرهم في الدرجات:
وعن أبي هريرة أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: «ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، فقال: وما ذاك؟ فقالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أفلا أعلمكم شيئًا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ماصنعتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تسبحون، وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» متفق عليه.
وقال محمد بن المنكدر: «نعم العون على الدين الغنى» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص37).
البركة في المال:
روى مسلم عن أبي سعيد أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من يأخذ مالاً بحقه يبارك له فيه، ومن يأخذ مالاً بغير حقه، فمثله مثل الذي يأكل ولا يشبع».
وفي المسند عن خولة بنت قيس أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إن هذا المال حلوة خضرة، من أصابه بحقه بورك له فيه، ورب متخوض فيما شاءت نفسه، من مال الله ورسوله، ليس له يوم القيامة إلا النار».
عزاه الشيخ مقبل لأبي يعلى عن أبي هريرة الصحيح المسند 1449 لكن أعله ابوزرعة والدارقطني ورجحا أنه عن عبيد سنوطا عن خولة راجع علل ابن أبي حاتم 616. وعلل الدارقطني 2071
وعبيد سنوطا وثقه العجلي وذكره ابن خلفون في الثقات. ومسلم ذكره في الطبقة الأولى من أهل المدينة.
فيمكن أن نضع حديث خولة في كتابنا المتمم
على الذيل على الصحيح المسند.
يكف به وجهه ويصل به رحمه:
روى ابن أبي الدنيا عن سعيد بن المسيب قال: «لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله، يكف به وجهه عن الناس، ويصل به رحمه، ويعطي منه حقه» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص35).
وقال أيضًا: «ينبغي للعاقل أن يحب حفظ المال في غير إمساك، فإنه من المروءة، يكف به وجهه، ويكرم نفسه، ويصل منه رحمه» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص36).
يحفظ عليه دينه:
وقال سفيان لما رؤي في يده دنانير وقيل له في ذلك قال: «لولا هذه تمندل بنا هؤلاء» يعني الملوك. (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص41).
وقال أيضًا: «المال في هذا الزمان سلاح المؤمن» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص42).
وقال أيضًا: «كنا نكره المال للمؤمن، وأما اليوم فنعم الترس: المال للمؤمن» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص43).
ولهذا جاء الترغيب في العمل والاحتراف:
قال سفيان: «من كان معه شيء فقدر أن يجعله في قرن ثور فليفعل، فإن هذا زمان إذا احتاج الرجل فيه إلى الناس، كان أول ما يبذل دينه» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص41).
وليس العمل دلالة على حب الدنيا فقد قال الحسن: «ليس من حبك الدنيا طلبك ما يصلحك فيها .. » (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص42).
عن رافع بن خديج قال: «يا رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي الكسب أطيب؟ قال: «عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور» رواه البخاري.
وروى البخاري عن المقدام بن معديكرب أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ورآه باسطًا يده – يقول: «ما أكل أحدكم طعامًا أحب إلى الله عز وجل من عمل يده».
كان محمد بن سيرين إذا أتاه رجل من العرب قال له: «ما لك لا تتجر؟ كان أبو بكر تاجر قريش» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص73).
وعن عائشة قالت: «كان أبو بكر من أتجر قريش حتى دخل في الإمارة» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص75).
وأخرج الترمذي وابن ماجة عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «التاجر الصدوق الأمين المسلم، مع الشهداء يوم القيامة» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص73).
قلت سيف: قال ابوحاتم: لا أصل له، وكلثوم ضعيف الحديث. (العلل 1156)
مع أن الذهبي اعتبره حديث جيد الاسناد صحيح المعنى ولا يلزم من المعية أن يكون في درجتهم (ترجمة كلثوم في الميزان)
وقد دفع محقق المنتخب من مسند عبد بن حميد كلام الذهبي بقول أبي حاتم لا أصل له
وذكر له شاهد عن ابن عباس في الأفراد كما في الأطراف ومن حديث ابي ذر في مصنف ابن أبي شيبة ولم يبين درجتهما.
وإنما وجدت في المصنف أثر عن أبي نضرة وأثر عن الحسن
ثم وقفت على حديث أبي ذر وابن عباس عند ابن أبي شيبة 37196، 37197 وكلها من طريق بقية مرة قال حدثنا العلاء بن سليمان عن الفروي عن أبي ذر مرفوعا بلفظ اول من يدخل الجنة التاجر الصدوق. ومرة قال حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا مثله
وورد من حديث الحسن عن أبي سعيد مرفوعا وفيه (التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء … ) وهو في أحاديث معلة لأن الحسن لم يسمع من أبي سعيد
وورد من حديث سلمان موقوفا: التاجر الصدوق مع السبعة في ظل عرش الله. وقتادة لم يسمع سلمان فقد بينت رواية سعيد بن أبي عروبة علته فرواه عن قتادة قال كنا نحدث أن. وهذا أصح وعند ابن جرير الطبري من قول قتادة
وقال عمر بن الخطاب: «يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح الطريق، فاستبقوا الخيرات، ولا تكونوا عيالاً على المسلمين» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص74).
قال حماد بن زيد: سمعت أيوب يقول: «لو أعلم أن عيالي يحتاجون إلى جزرة بقل، ما قعدت معكم» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص76).
وقال أيوب: «كان أبو قلابة يأمرني بلزوم السوق والصنعة، ويقول: إن الغنى من العافية» (كتاب إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص76).
وقال سعيد بن المسيب: «كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتجرون في بحر الروم، منهم طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص76).
وعن الهيثم بن جميل قال: «قلت لابن المبارك: أتجر في البحر؟ قال: اتجر في البر والبحر، واستغن عن الناس» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص77).
وعن ابن عمر قال: «إذا لم يرزق أحدكم في البلد، فليتجر إلى بلد غيره» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص77).
لقي رجل الحسن بن يحيى بأرض الحبشة، معه تجارة، فقال له: «ما الذي بلغ بك هاهنا؟ فأخبره، فعذله الرجل. فقال: أكل هذا طلب للدنيا، وحرص عليها؟ فقال له الحسن: يا هذا إن الذي حملني على هذا، كراهة الحاجة إلى مثلك» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص78).
قال معاوية: «أنا أعلم أرخص ما يباع في السوق وأغلاه، قيل: وكيف؟ قال: أعلم أن الجيد رخيص، والرديء غال» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص86).
أمثلة من الصحابة:
أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: «قدم عبد الرحمن بن عوف فآخى النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله، فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دُلّني على السوق. فربح شيئًا من أقط وسمن، فرآه النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أيام وعليه وَضَر من صفرة، فقال النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْيم يا عبد الرحمن؟ قال: يا رسول الله، تزوجت امرأة من الأنصار قال: فما سقت فيها؟ فقال وزن نواة من ذهب. فقال النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أولم ولو بشاة».
إصلاح المال وحسن التدبير فيه:
في الصحيحين عن المغيرة بن شعبة قال: «سمعت رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عن وأد البنات، وعن عقوق الأمهات، وعن منع وهات، وعن قيل وقال، وعن كثرة السؤال، وعن إضاعة المال».
سأل معاوية الأحنف فقال له: «ما تعدون المروءة فيكم؟ قال: التفقّه في الدين، وبرّ الوالدين، وإصلاح المال. فأرسل معاوية إلى يزيد فقال: اسمع من عمك» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص53).
وقال معاوية: «إصلاح مال في يديك، أفضل من طلب الفضل من أيدي الناس، وحسن التدبير مع الكفاف أحب إليّ من الكثير» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص45).
وقال عمر: «أيها الناس، أصلحوا أموالكم التي رزقكم الله عز وجل، فإن إقلالاً في رفق، خير من إكثار في خرق» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص54).
وقال أحيحة بن الجلاح: «اتقوا الله في أموالكم فإنكم لن تزالوا كرماء على عشيرتكم، ما داموا يعلمون أنكم مستغنون» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص56).
أتى قوم قيس بن سعد بن عبادة فسألوه حمالة، فرأوه في حائط له يلتقط التمر والحشف، ويميز كل واحد على حدة، فقالوا: ما عند هذا خير، ثم كلموه، فقضى حاجتهم، فقالوا: ما أبعد هذا من فعلك الأول؟ فقال: إنما أعطيكم من هذا الذي أجمع» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص56).
وقال هشام بن عبد الملك: «ثلاث لا تصغر الشريف: تعاهد الضيعة، وإصلاح المعيشة، وطلب الحق وإن قل» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص57).
وفي صحيح مسلم كان من دعائه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهمّ أصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي».
وفي الحديث المخرج في سنن الترمذي والمستدرك عن عبد الله المزني قال رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا اشترى أحدكم لحمًا، فليكثر مرقته، فإن لم يصب لحمًا أصاب مرقًا».
قلت سيف: هو في الضعيفة 2341
وسال الترمذي البخاري عن هذا الحديث فقال: محمد بن فضاء ضعيف. وأبوه فضاء مجهول. والحديث لا يعرف إلا من هذه الطريق (ترتيب العلل)
وعن سالم بن أبي الجعد أن رجلاً صعد إلى أبي الدرداء، وهو يلتقط حنطة، فقال: إن من فقهك رفقك بمعيشتك» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص64).
وقال أحد السلف: «حسن التدبير مفتاح الرشد، وباب السلامة الاقتصاد» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص69).
وعن عمر بن عبد الرحمن بن عوف قال: «لما قسم سهل بن حنيف بيننا أموالنا، قال: ابن أختي إني موصيك بوصية، إن أخذت بها فهي خير لك من مال أبيك لو خلوت به، اعلم أنه لا مال لأخرق، ولا عيلة على مصلح، واعلم أن خير المال ما أطعمك ولم تطعمه وإن قلّ، واعلم أن الرقيق جمال وليس مالاً، فإن الماشية مال أهلها، وإن النضج تعول الأرض ليس بمال، إنما كان أحدنا في الجاهلية يقوم فيه بنفسه وزوجته وبنيه، ثم يرد بمزيه وحببته عليهم، فلما ركبت فيه الدواب، وأشربت فيه الأدهان، ولبست فيه الثياب قصر أهله، فإن كنت لا بد متخذا شيئا، فاتخذ مزرعة، إن نشطت إليها زرعتها، وإن تركتها لم تغرمك شيئًا» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص93).
وفي الصحيحين عن أم بشر قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه إنسان، أو سبع أو طائر، إلا كان له صدقة».
الاقتصاد في المال:
عن سفيان الثوري في قوله تعالى: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا} قال: «لم يجعلوه في غير حقه، فيضيعوه. {ولم يقتروا} قال: لم يقصروا عن حقه. {وكان بين ذلك قوامًا} عدلاً وفضلاً». (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص100).
وقال عمر بن الخطاب: «كفى بالمرء سرفًا أن يأكل كل ما اشتهى» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص101).
وعن عبيد الله بن حميد قال: مر جدي على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعليه بردة فقال: بكم ابتعت بردك هذا؟ قال: بستين درهما. قال: كم مالك؟. قال: ألف درهم. قال: فقام إليه بالدرة، فجعل يضربه ويقول: رأس مالك ألف درهم، وتبتاع ثوبا بستين درهما؟ رأس مالك ألف درهم، وتبتاع ثوبا بستين درهما؟
وعن أنس قال: قال عمر رضي الله عنه: «إنه لا جديد لمن لا خلق له». (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص112).
وقال معاوية: «ما رأيت تبذيرًا إلا وحقًا مضيعًا» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص101).
وقال النعمان بن بشير: «إن للشيطان مناصب وفخوخًا، ومن مناصب الشيطان وفخوخه: البطر بأنعم الله عز وجل والفخر بعطاء الله عز وجل والكبرياء على عباد الله عز وجل واتباع الهوى في غير ذات الله عز وجل» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص102).
المال الحرام أضراره وآثاره:
قال ابن القيم: «ما أخذ العبد ما حرم عليه إلا من جهتين: إحداهما سوء ظنه بربه، وأنه لو أطاعه وآثره لم يعطه خيراً منه حلالاً، والثانية أن يكون عالماً بذلك وأن من ترك لله شيئاً أعاضه خيراً منه، ولكن تغلب شهوته صبره وهواه عقله، فالأول من ضعف علمه والثاني من ضعف عقله وبصيرته». (كتاب الفوائد ص26).
تساهل الناس بكسب المال:
وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «يأتي على الناس زمان لا يبالي العبد بحلال أخذ المال أم بحرام»
قال صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص27). بمعصية الله فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته» رواه ابن ماجة وابن حبان والحاكم وأبونعيم عن جابر، والبزار عن حذيفة، والحاكم عن ابن مسعود، وأبو نعيم عن أبي أمامة، زاد المعاد 1\ 78.
هو في الصحيحة 2866، فحديث ابن مسعود فيه انقطاع في موضعين ورجح الدارقطني في العلل 875 أن الأصح رواية إسماعيل عن زبيد مرسلا عن ابن مسعود.
وحديث حذيفة أخرجه البزار كما في الكشف وفيه قدامة بن زائدة أم يوثقه معتبر.
وحديث جابر اخرجه ابن حبان وهو في الصحيح المسند 250.
قال ابن القيم: جمع النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في قوله «فاتقوا الله وأجملوا في الطلب» بين مصالح الدنيا والآخرة ونعيمها ولذاتها، إن ما ينال بتقوى الله وراحة القلب والبدن وترك الاهتمام والحرص الشديد والتعب والعناء، والكد والشقاء في طلب الدنيا إنما ينال بالإجمال في الطلب، فمن اتقى الله فاز بلذة الآخرة نعيمها، ومن أجمل في الطلب استراح من نكد الدنيا وهمومها – فالله المستعان.
قد نادت الدنيا على نفسها *** لو كان في ذا الخلق من يسمع
كم واثق بالعيش أهلكته *** وجامع فرقت ما يجمع
{فائدة} جمع النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بين المأثم والمغرم فإن المأثم يوجب خسارة الآخرة، والمغرم يوجب خسارة الدنيا. (كتاب الفوائد ص77).
حرمان استجابة الدعاء:
روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله – عز وجل – أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} قال: ثم ذكر عبدًا أشعث أغبر، يطيل السفر، رافعًا يديه: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لهذا».
عدم قبول النفقة منه:
في البخاري أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول».
يتحول إلى عبد للمال:
عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض» رواه البخاري.
المال يجلب الهموم ويشعبها:
في المستدرك وسنن ابن ماجة أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من كثر ماله كثر همه، ومن كثر همه افترق قلبه في أودية شتى، فلم يبال الله عز وجل أيها سلك، ومن كان همه همًا واحدًا كفاه الله عز وجل هموم الدنيا» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص25).
حسنه الألباني في صحيح ابن ماجة وكان يضعفه ثم تراجع
لكن قال ابوحاتم: هذا حديثا منكر، ونهشل بن سعيد متروك الحديث (العلل 1859)
لكن يغني عنه حديث (من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه واتته الدنيا وهي راغمه)
فساد للدين:
وفي المسند والترمذي والدارمي وغيرها عن كعب بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم أفسد به من حرص الرجل على المال والشرف لدينه».
وهو في الصحيح المسند 1094
انتزاع البركة فيه والحرمان من لذته:
قال الأوزاعي:
المال يذهب حله وحرامه *** يومًا ويبقى بعده آثامه
ليس التقي بمتق لإلهه حتى *** يطيب طعامه وكلامه
وبال عليه في الآخرة:
عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «أيما مال لم يطع الله فيه، ولم يعط حقه، جعله الله عز وجل شجاعًا له زبيبتان ينهسه من قبل القفا، فيقول: ما لي ولك؟ فيقول: أنا الذي جمعتني لهذا اليوم، أنا الذي جمعتني لهذا اليوم حتى يضع يده في فيه فيقضمها» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص29، وأصله في الصحيحين، وأخرجه أحمد بمعناه عن ابن عمر).
قلت سيف: فال صاحب الدراية بما زيد على أحاديث معلة: أخرجه البخاري 1403 لكن سئل الدارقطني عنه فقال رفعه عبدالرحمن بن عبد الله بن دينار واوقفه مالك وقول مالك أشبه. انتهى
وروي عن ابن عمر قال ابن عبدالبر: وهو خطأ عندي. انتهى ورجح أنه خطأ أيضا النسائي ورجح أنه عن أبي هريرة. كما في أحاديث معلة
عن أبي سعيد أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيرًا قط؟ هل مرّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب. ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مرّ بك شدة قط؟ فيقول: لا، والله، ما مرّ بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط» رواه مسلم.
الترغيب في العفاف:
الصحة خير من المال:
في المسند والمستدرك و في الأدب المفرد للبخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا بأس بالغنى لمن اتقى الله عز وجل، والصحة لمن اتقى الله عز وجل خير من الغنى، وطيب النفس من النعم» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص32).
قلت سيف: قلنا في تخريجنا لمسند أحمد 23158 على شرط الذيل على الصحيح المسند صححه الألباني كما في الصحيحة 174 وبعض طلاب الشيخ مقبل ورجح هذا الإسناد ابوحاتم كما في العلل 2542
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس» متفق عليه.
وعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم: «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافًا، وقنعه الله بما آتاه» رواه مسلم.
وعن حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله» متفق عليه.
روى البخاري عن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يأخذ أحدكم حبله، ثم يأتي الجبل، ثم يجيء بحزمة من حطب، فيبيعها فيستغني بثمنها، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه».
روى البخاري ومسلم عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَأَنْ يَاخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَاتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ».
روى أبو داود وابن ماجة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ قَالَ بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ قَالَ ائْتِنِي بِهِمَا قَالَ فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ قَالَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ وَقَالَ اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَاتِنِي بِهِ فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ» ورواه أحمد والترمذي والنسائي مختصرًا.
قلت سيف: ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود 1641
وعن الضحاك بن مزاحم قال: «شرف المؤمن: صلاة في جوف الليل، وعزه: استغناؤه عن الناس» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص96).
وعن عمر بن الخطاب: «مكسبة فيها بعض الدناءة خير من مسألة الناس» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص97).
وقال أبو وائل: «الدرهم من تجارة أحب إلي من عشرة من عطايا» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص76).
أخطار المسألة وأضرارها:
ترك العمل طريق المسألة:
وقال سعيد بن المسيب: «من لزم المسجد، وترك الحرفة، وقبل مايأتيه، فقد ألحف في السؤال» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص76).
الخضوع والخنوع للبشر:
كان يقال: «ما أقبح الخضوع عند الحاجة، وما أقبح الجفاء عند الغنى» (إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص70).
يلق الله وليس في وجهه مزعة لحم:
وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مزعة لحم» متفق عليه.
يده سفلى:
وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر، وذكر الصدقة والتعفف عن المسألة: «اليد العليا خير من اليد السفلى. واليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة» متفق عليه.
مسألته جمر يوم القيامة:
وفي مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سأل الناس تكثرًا فإنما يسأل جمرًا، فليستقل أو ليستكثر».
لا تسد حاجته وفاقته:
وعن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن أنزلها بالله، فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل» رواه أ1بو داود والترمذي وقال حديث حسن.
قلت سيف: نقلنا أن سيار هو أبو حمزة وليس أبو الحكم. وأبو حمزة لم يوثقه معتبر (تخريجنا لسنن أبي داود)
وأخطره إن كانت المسألة مقابل الدين:
روى مسلم عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ كُنْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَمَرَّ أَبُو ذَرٍّ وَهُوَ يَقُولُ: «بَشِّرِ الْكَانِزِينَ بِكَيٍّ فِي ظُهُورِهِمْ يَخْرُجُ مِنْ جُنُوبِهِمْ وَبِكَيٍّ مِنْ قِبَلِ أَقْفَائِهِمْ يَخْرُجُ مِنْ جِبَاهِهِمْ قَالَ ثُمَّ تَنَحَّى فَقَعَدَ قَالَ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا أَبُو ذَرٍّ قَالَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ مَا شَيْءٌ سَمِعْتُكَ تَقُولُ قُبَيْلُ قَالَ مَا قُلْتُ إِلَّا شَيْئًا قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم قَالَ قُلْتُ مَا تَقُولُ فِي هَذَا الْعَطَاءِ قَالَ خُذْهُ فَإِنَّ فِيهِ الْيَوْمَ مَعُونَةً فَإِذَا كَانَ ثَمَنًا لِدِينِكَ فَدَعْهُ».
أخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن يزيد الباهلي أنه قال لأبي ذر: «إن أعطياتنا قد ارتفعت اليوم وبلغت، فهل تخاف علينا منها شيئًا؟ قال: أما اليوم فلا، ولكن يوشك أن تكون أثمان دينكم، فإذا كانت أثمان دينكم فدعوهم وإياها»
وسأله الأحنف فقال: «ما تقول في هذا العطاء؟ قال: خذه اليوم فإن فيه منعة، فإذا كان لدينك فدعه»
لا تجوز المسألة إلا لثلاثة:
وعن أبي بشر قبيصة بن المخارق قال: «تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها. ثم قال: ياقبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها، ثم يمسك. ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش، أو قال: سدادًا من عيش، ورجل أصابته فاقة، حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش، أو قال سدادًا من عيش. فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت، يأكلها صاحبها سحتًا» رواه مسلم.
وسيلة للشكر والعفاف:
روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق، فلينظر إلى من هو أسفل منه».
انتهى … والحمد لله رب العالمين