1447 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالحميد ومجموعة إبراهيم البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادةوالمدارسة
——–
الصحيح المسند
1447 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن ملكا بباب من أبواب السماء يقول: من يقرض اليوم يجزى غدا، وملكا بباب آخر يقول::اللهم أعط منفقا خلفا، وعجل لممسك تلفا)
وفي الصحيحين بلفظ (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا). انتهى من الصحيح المسند
——
قال الألباني في الصحيحة 920 عن حديث: ” ما طلعت شمس قط إلا بعث بجنبتيها ملكان يناديان يسمعان أهـل الارض إلا الثقلين: يا أيها الناس هـلموا إلى ربكم، فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى. ولا آبت شمس قط إلا بعث بجنبتيها ملكان يناديان، يسمعان أهـل الارض إلا الثقلين:اللهم أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكا مالا تلفا “.
وهـذا إسناد صحيح. وله شاهـد من حديث أبي الدرداء مرفوعا نحوه. أخرجه
ابن حبان (814) والحاكم (2/ 445) وأحمد (5/ 197).
وفي تراجعات الالباني الحديث (44):
صحيح الترغيب والترهيب (914)
ورواه الطبراني مثل ابن حبان الا أنه قال (بباب من أبواب السماء)، وقد حذف الشيخ رحمه الله، رواية الطبراني لضعفها – فقال رحمه الله: هنا في الاصل ما نصه ” ورواه الطبراني مثل ابن حبان؛ الا انه قال (بباب من ابواب السماء) فحذفته لانه عند الطبراني في ” الاوسط “عن شيخه ” مقدام ” وهو ” ابن داود الرعيني “، قال النسائي ” ليس بثقة ”
بوب النووي في رياض الصالحين في الكرم وذكر فيه آيات وأحاديث:
باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير ثقة بالله تعالى
قال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} وقال تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ}.
وقال تعالى: {وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ}.
544 – وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” لا حسد إلا في اثنتين رجل أتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها ” متفق عليه.
545 – وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه.
قال: فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر ” رواه البخاري.
546 – وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” اتقوا النار ولو بشق تمرة ” متفق عليه.
547 – وعن جابر رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا. متفق عليه.
548 – وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا “متفق عليه.
549 – وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى أنفق يا ابن آدم ينفق عليك متفق عليه.
وشَّرْحُها ابن عثيمين فقال:
قال المؤلف – رحمه الله تعالى – باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير ثقة بالله تعالى.
المال الذي أعطاه الله بني آدم، أعطاهم إياه فتنة ليبلوهم هل يحسنون التصرف فيه أم لا.
قال الله تعالى: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) فمن الناس من ينفقه في شهواته المحرمة وفي لذائذه التي لا تزيده من الله إلا بعدا فهذا يكون ماله وبالا عليه والعياذ بالله.
ومن الناس من ينفقه ابتغاء وجه الله فيما يقربه إلى الله على حسب شريعة الله، فهذا ماله خير له.
ومن الناس من يبذل ماله في غير فائدة ليس في شيء محرم ولا في شيء مشروع فهذا ماله ضائع عليه وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال.
وينبغي للإنسان إذا بذل ماله فيما يرضي الله أن يكون واثقا بوعد الله سبحانه وتعالى حيث قال في كتابه: {وَمَا أَنْفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}، {فَهُوَ يُخْلِفُهُ} أي يعطيكم خلفا عنه.
وليس معناه فهو يخلفه إذ لو كان المراد فهو يخلفه لكان معنى الآية أن الله يكون خليفة وليس الأمر كذلك بل فهو يخلفه أي يعطيكم خلفا عنه.
ومنه الحديث: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها ولا تقل واخلف لي خيرا منها بل وأخلف أي ارزقني خلفا عنها خيرا منها.
فالله عز وجل وعد في كتابه أن ما أنفقه الإنسان فإن الله يخلفه عليه، يعطيه خلفا عنه، وهذا يفسره قول الرسول عليه الصلاة والسلام في الأحاديث التي ساقها المؤلف مثل قوله صلى الله عليه وسلم: “ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا ” متفق عليه.
والمراد بذلك من يمسك عما أوجب الله عليه من بذل المال فيه، وليس كل ممسك يدعى عليه بل الذي يمسك ماله عن إنفاقه فيما أوجب الله، فهو الذي تدعو عليه الملائكة بأن الله يتلفه ويتلف ماله.
والتلف نوعان: تلف حسي، وتلف معنوي.
1 – التلف الحسي: أن يتلف المال نفسه بأن يأتيه آفة تحرقه أو يسرق أو ما أشبه ذلك.
2 – التلف المعنوي: أن تنزع بركته بحيث لا يستفيد الإنسان منه في حياته ومنه ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال لأصحابه: ” أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ ” قالوا: يا رسول الله ما منا أحد إلا وماله أحب إليه.
فمالك أحب إليك من مال زيد وعمرو وخالد ولو كان من ورثتك قال: ” فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر ” وهذه حكمة عظيمة ممن أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم فمالك الذي تقدمه لله عز وجل تجده أمامك يوم القيامة ومال الوارث ما يبقى بعدك من مالك فينتفع به ويأكله الوارث فهو مال وارثك على الحقيقة فأنفق مالك فيما يرضي الله، وإذا أنفقت فإن الله يخلفه وينفق عليك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” قال الله تعالى: أنفق يا ابن آدم ينفق عليك “.
وهذه الأحاديث كلها وكذلك الآيات تدل على أنه ينبغي للإنسان أن يبذل ماله حسب ما شرع الله عز وجل، كما جاء في الحديث الذي صدر به المؤلف هذا الباب، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا حسد إلا في اثنتين يعني لا غبطة ولا أحد يغبط على ما أعطى الله سبحانه وتعالى من مال وغيره إلا في اثنتين فقط ….. الى آخر شرحه للأحاديث رحمه الله.
يستفاد منه: فيه أنه موافق لقوله تعالى (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه) (سبأ 93) ولقوله ابن آدم أنفق أنفق عليك
وفيه أن الممسك يستحق تلف ماله ويراد به الإمساك عن الواجبات دون المندوبات فإنه قد لا يستحق هذا الدعاء اللهم إلا أن يغلب عليه البخل بها.
وفيه الحض على الإنفاق في الواجبات كالنفقة على الأهل وصلة الرحم ويدخل فيه صدقة التطوع والفرض
وفيه دعاء الملائكة ومعلوم أن دعائهم مجاب بدليل قوله من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.
وراجع
عمدة القاري شرح صحيح البخاري 13/ 359
التعبير بالعطية في الممسك للمشاكلة لأن التلف ليس بعطية.
والدعاء بالخلف أعم يشمل الدنيا والاخرة
وأما الدعاء بالتلف فيحتمل تلف ذلك المال بعينه أو تلف نفس صاحب المال، والمراد به فوات أعمال البر بالتشاغل بغيرها.
وراجع
الفتح الرباني بترتيب مسند أحمد بن حنبل 1/ 58
وفي بهجة قلوب الابرار وقرة عيون الاخيار 1/ 171:
جعل الله أرزاق العاجزين على يد القادرين, وأعان القادرين على ذلك,
فكم من إنسانٍ كان رزقه مقتراً, فلما كثرت عائلته والمتعلّقون به, وسّع الله له الرزق
ومن جهة, وعد الله الذي لا يخلف: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39].
ومن جهة: دعاء الملائكة كلّ صباحٍ يوم.
ومن جهة: أنّ يد المعطي هي العليا من جميع الوجوه.
ومن جهة: أنّ المعونة من الله تأتي على قدرة المؤنة, وأنّ البركة تشارك كلّ ما كان لوجه, ومراداً به ثوابه,
ومن جهة: إخلاص العبد لله, وتقرّبه إليه بقلبه ولسانه ويده, كلّما أنفق, توجّه إلى الله وتقرّب إليه, وما كان له فهو مبارك.
ومن جهة: قوّة التوكّل, وثقة المنفق, وطمعه في فضل الله وبرّه,
ومن جهة: دعاء المستضعفين المنفق عليهم, فإنّهم يدعون الله -إن قاموا وقعدوا, وفي كلّ أحوالهم- لمن قام بكفايتهم, والدعاء سبب قوي {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]. وكلّ هذا مجرّب مشاهد, فتباً للمحرومين, وما أجل ربح الموفقين. والله أعلم.
فتاوى ابن باز
والإنفاق على المساكين ورحمتهم واللطف بهم والمواساة من أقرب القربات وأفضل الطاعات.
والمحسن موعود بأجر عظيم مع الخلف لما أنفق، قال سبحانه وتعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}
قال النووي في شرح مسلم: قال العلماء هـذا في الانفاق في الطاعات ومكارم الاخلاق وعلى العيال والضيفان والصدقات ونحو ذلك بحيث لا يذم ولا يسمى سرفا والامساك المذموم هـو الامساك عن هـذا.