1444 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————
الصحيح المسند
1444 – قال الإمام أحمد رحمه الله: ثنا أبو بكر الحنفي ثنا الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبري قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه وسلم: ” ان أحدكم إذا كان في الصلاة جاءه الشيطان فأبس به كما يبس الرجل بدابته فإذا سكن له أضرط بين إليتيه ليفتنه عن صلاته فإذا وجد أحدكم شيئا من ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا لا يشك فيه.
هذا حديث حسن رجاله رجال الصحيح وأبو بكر الحنفي اسمه عبدالكبير بن عبدالمجيد.
* قال الإمام أحمد رحمه الله: ثنا أبو بكر الحنفي ثنا الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه وسلم ان أحدكم إذا كان في المسجد جاءه الشيطان فأبس به كما يبس الرجل بدابته فإذا سكن له زنقه أو ألجمه قال أبو هريرة فأنتم ترون ذلك أما المزنوق فتراه مائلا كذا لا يذكر الله وأما الملجوم ففاتح فاه لا يذكر الله عز و جل.
هذا حديث حسن رجاله رجال الصحيح.
…………………………………..
قوله: (فأبس) قال في النهاية: {أبَسَ} (س) في حديث جُبَيْر بن مُطْعِم قال: [جاء رجل إلى قُريش من فتح خَيْبَر فقال: إنّ أهل خيبر أسَرُوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ويريدون أن يُرْسِلوا به إلى قومه ليقتلوه فجعل المشركون يُؤَبِّسون به العباسَ] أي يُعَيّرُبَه. وقيل يخوّفونه. وقيل يُرْغِمونه. وقيل يُغْضبُوبه ويحملونه على إغْلاظ القول له. يقال: أبَسْتُه أبْساً وأبَّسْتُه تَابيساً.
قال في ” لسان العرب ” (6/ 3): (أبس) أَبَسَهُ يابِسهُ أَبْساً وأَبَّسَه صغَّر به وحَقَّره.
قال السندي: قوله (زَنَقَهُ أَوْ أَلْجَمَهُ) بزاي ونون وقاف بلا تشديد، وفي (النهاية) و (المجمع): المزنوق: المربوط بالزناق، وهو حلقة توضع تحت حنك الدابة، ثم يجعل فيها خيط يشد برأسه يمنع به جماحه، وفي حديث أبي هريرة ذكر المزنوق، فقال: المائل شقه لا يذكر الله، قيل: أصله من الزنقة، وهو مييل في جدار في سكة.
وجاء بمعنى هذا الحديث في الصحيحين من حديث عباد بن تميم عن عمه – عبد الله بن زيد بن عاصم المازني الأنصاري – شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة قال: ” لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا “.
وفي صحيحي ابن خزيمة وابن حبان، و”مستدرك الحاكم” من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “إذا جاء أحدكم الشيطان، فقال إنك أحدثت، فليقل كذبت إلا ما وجد ريحا بأنفه أو سمع صوتا بأذنه” وفي رواية ابن حبان “فليقل في نفسه كذبت”.
قوله: (حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا): حتى يعلم وجود أحدهما يقينا، ولا يشترط اجتماع السماع والشم بالإجماع.
معنى الحديث أنه يمضي في صلاته ما لم يتيقن الحدث، ولم يرد تخصيص هذين النوعين من الحدث، وإنما هو جواب خرج حذو سؤال السائل، لا يعني الوضوء إلا من أحدهما.
ودخل في معناه كل ما يخرج من السبيلين من بول أو غائط أو مذي أو ودي أو دم، وقد يكون بأذنه وقر فيخرج الريح ولا يسمع له صوتا، وقد يكون أخشم فلا يجد الريح. والمعنى إذا كان أوسع من الاسم كان الحكم للمعنى.
وهذا كما روي أنه – صلى الله عليه وسلم – قال: “إذا استهل الصبي ورث وصلي عليه” لم يرد تخصيص الاستهلال الذي هو الصوت دون غيره من أمارات الحياة من حركة ومص وبسط ونحوهما، وهذا أصل في كل ما ثبت يقينا، فإنه لا يرفع بالشك.
هذا الحديث فيه أصل من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطاريء عليها.
والعلماء متفقون على هذه القاعدة، ولكنهم مختلفون في كيفية استعمالها.
مثاله: مسألة الباب التي دل عليها الحديث، وهي أن من تيقن الطهارة، وشك في الحدث يحكم ببقائه على الطهارة، سواء حصل الشك في الصلاة أو خارجها، وهو مذهب الشافعي وجمهور علماء السلف والخلف؛ إعمالا للأصل السابق، وهو الطهارة، وإطراحا للشك الطاريء، وأجازوا الصلاة في هذه الحالة، وهو ظاهر الحديث.
وعن مالك رحمه الله روايتان:
إحداهما: يلزمه الوضوء مطلقا؛ نظرا إلى الأصل الأول قبل الطهارة، وهو ترتب الصلاة في الذمة، فلا تزال إلا بطهارة متيقنة، ولا يقين مع وجود الشك في وجود الحدث.
والثانية: إن كان شكه في الصلاة لم يلزمه الوضوء، وإن كان خارجها لزمه.
وعن مالك رواية ثالثة رواها ابن نافع أنه لا وضوء عليه كما قاله الجمهور، حكاها ابن بطال عنه.
قال الصنعاني: والحديث عام لمن كان في الصلاة أو خارجها وهو قول الجماهير.
وللمالكية تفاصيل وفروق بين من كان داخل الصلاة أو خارجها لا ينتهض عليها دليل.
لو تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو محدث بالإجماع، وهو داخل في القاعدة السالفة.
لو تيقن الطهارة والحدث معا وشك في السابق منهما، فأوجه:
أصحها: أنه يأخذ بضد ما قبلهما إن عرفه، فإن لم يعرفه لزمه الوضوء بكل حال، والمختار لزوم الوضوء مطلقا.
من مسائل القاعدة التي اشتمل عليها معنى الحديث: من شك في طلاق زوجته، أو عتق عبده، أو نجاسة الماء الطاهر، أو طهارة المنجس، أو نجاسة الثوب أو غيره، أو أنه صلى ثلاثا أو أربعا، أو أنه ركع أو سجد أولا، أو نوى الصوم أو الصلاة أو الوضوء أو الاعتكاف، وهو في أثناء هذه العبادات، وما أشبه هذه الأمثلة، فكل هذه الشكوك لا تأثير لها، والأصل عدم الحادث.
” التوضيح شرح الجامع الصحيح ” (4/ 37) لابن الملقن رحمه الله.
و” سبل السلام ” للصنعاني (1/ 95)
وفي الحديث من الفوائد:
1 – القاعدة العامة وهي” أن” الأصل بقاء ما كان على ما كان.
2 – أن مجرد الشك في الحدث، لا يبطل الوضوء، ولا الصلاة.
3 – تحريم الانصراف من الصلاة لغير سبب بين.
4 – أن الريح الخارجة من الدبر، بصوت أو بغير صوت، ناقضة للوضوء.
5 – يراد من سماع الصوت ووجدان الريح في الحديث، التيقن من ذلك.
فلو كان لا يسمع ولا يشتم، وتيقن بغير هذين الطريقين، انتقض وضوءه.
” تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ” للبسام (1/ 54)
*** تتمة:
قال ابن رجب رحمه الله في ” جامع العلوم والحكم “: ((لا ينصرف حتّى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)).
وهذا يعمُّ حالَ الصلاةِ وغيرها، فإنْ وُجِدَ سبب قويٌّ يغلب معه على الظنِّ نجاسة ما أصلُه الطهارة مثل أنْ يكونَ الثوبُ يلبسه كافر لا يتحرَّزُ من
النجاسات، فهذا محلّ اشتباه، فمن العلماء من رخص فيه أخذاً بالأصل، ومنهم من كرهه تنزيهاً، ومنهم من حرمه إذا قوي ظن النجاسة مثل أنْ يكون الكافر ممن لا تباح ذبيحتُه أو يكون ملاقياً لعورته كالسراويل والقميص، وترجع هذه المسائل وشبهها إلى قاعدةِ تعارض الأصل والظاهر، فإنَّ الأصل الطهارة والظاهر النجاسة. وقد تعارضت الأدلَّةُ في ذلك.
فالقائلون بالطهارة يستدلون بأنَّ الله أحلَّ طعام أهل الكتاب، وطعامهم إنَّما يصنعونه بأيديهم في أوانيهم، وقد أجاب النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – دعوة يهودي، وكان هو وأصحابه يلبسون ويستعملون ما يجلب إليهم مما نَسَجَه الكفارُ بأيديهم من الثياب والأواني، وكانوا في المغازي يقتسمون ما وقع لهم من الأوعية والثياب، ويستعملونها، وصحَّ عنهم أنَّهم استعملوا الماء مِنْ مزادة مشركة.
والقائلون بالنجاسة يستدلون بأنَّه صحَّ عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – أنَّه سئل عن آنية أهلِ الكتابِ الذين يأكلون الخنزيرَ، ويشربون الخمر، فقال: إن لم تجدوا غيرها، فاغسلوها بالماء ثم كلوا فيها.