1443 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة إبراهيم البلوشي ومجموعة سامي وعلي بن رحمة
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——-
الصحيح المسند
1443 عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تجعل قبري وثنا، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
——
الوثن: الصنم، وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة أو غير ذلك من التمثال، وكل ما يعبد من دون الله فهو وثن صنما كان أو غير صنم، وكانت العرب تصلي إلى الأصنام، وتعبدها فخشي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على أمته أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم كانوا إذا مات لهم نبي عكفوا حول قبره كما يصنع بالصنم فقال – صلى الله عليه وسلم -: اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه، ويسجد نحوه، ويعبد فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يحذر أصحابه، وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم، واتخذوها قبلة، ومسجدا كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها، ويعظمونها، وذلك الشرك الأكبر فكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يخبرهم بما في ذلك من سخط الله، وغضبه، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم.
فتح الباري لابن رجب. والتمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد
أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر
قال ابن حجر الهيتمي: الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتسعون:: اتخاذ القبور مساجد، وإيقاد السرج عليها واتخاذها أوثاناً، والطواف بها، واستلامها، والصلاة إليها
(الزواجر عن اقتراف الكبائر)) (1/ 120)
ثم ساق بعض الأحاديث المتقدمة وغيرها، ثم قال: (تنبيه): عدّ هذه الستة من الكبائر وقع في كلام بعض الشافعية، … ووجه اتخاذ القبر مسجداً منها واضح، لأنه لعن من فعل ذلك بقبور أنبيائه، وجعل من فعل ذلك بقبور صلحائه شر الخلق عند الله تعالى يوم القيامة، ففيه تحذير لنا كما في رواية: ((يُحذِّر مثل الذي صنعوا)) أي يُحذِّر أمته بقوله لهم ذلك من أن يصنعوا كصنع أولئك، فيلعنوا كما لعنوا، ومن ثم قال أصحابنا: تحرم الصلاة إلى قبور الأنبياء والأولياء تبركاً وإعظاماً، ومثلها الصلاة عليه للتبرك والإعظام، وكون هذا الفعل كبيرة ظاهرة من الأحاديث المذكورة لما علمت،
فقال بعض الحنابلة: قصد الرجل الصلاة عند القبر متبركاً به عين المحادّة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وابتداع دين لم يأذن به الله، للنهي عنها ثم إجماعاً، فإن أعظم المحرمات وأسباب الشرك الصلاة عندها، واتخاذها مساجد، أو بناؤها عليها والقول بالكراهة محمول على غير ذلك، إذ لا يظن بالعلماء تجويز فعل تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله، ويجب المبادرة لهدمها، وهدم القباب التي على القبور إذ هي أضر من مسجد الضرار، لأنها أسست على معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه نهى عن ذلك، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدم القبور المشرفة، وتجب إزالة كل قنديل أو سراج على قبر، ولا يصح وقفه ونذره. اهـ. (الزواجر عن اقتراف الكبائر)) (1/ 121).
– قال الإمَام ِ النَّووي – رحمه ُالله ُ تعالى -عند شرحه لمسلم:
{ولما احتاج الصحابة والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كثر المسلمون، وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه، ومنها حجرة عائشة رضي الله عن مدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بنوا على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله، لئلا يظهر في المسجد، فيصلي إليه العوام، ويؤدي إلى المحذور، ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا، حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج 27 ص 326 وما بعدها:
(ولما مات دفن في حجرة عائشة قالت قال رسول الله في مرض موته (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (يحذر ما فعلوا قالت عائشة رضى الله عنها ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن كره ان يتخذ مسجدا وفى صحيح مسلم أنه قال قبل يموت بخمس (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (وفى صحيح مسلم أيضا أنه قال (لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها (فنهى عن اتخاذ القبور مساجد وعن الصلاة إليها ولعن اليهود والنصارى لكونهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لأن هذا كان هو أول أسباب الشرك في قوم نوح قال الله تعالى عنهم وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا قال ابن عباس وغيره من السلف هؤلاء كانوا قوما صالحين في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم عبدوهم فهو لكمال نصحه لأمته حذرهم أن يقعوا فيما وقع فيه المشركون وأهل الكتاب فنهاهم عن اتخاذ القبور مساجد وعن الصلاة إليها لئلا يتشبهوا بالكفار كما نهاهم عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها لئلا يتشبهوا بالكفار ولهذا لما أدخلت الحجرة في مسجده المفضل في خلافة الوليد بن عبدالملك كما تقدم بنوا عليها حائطا وسنموه وحرفوه لئلا يصلى أحد إلى قبره الكريم وفى موطأ مالك عنه أنه قال (اللهم لا تجعل قبرى وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (وقد استجاب الله دعوته فلم يتخذ ولله الحمد وثنا كما اتخذ قبر غيره بل ولا يتمكن أحد من الدخول إلى حجرته بعد أن بنيت الحجرة وقبل ذلك ما كانوا يمكنون أحدا من أن يدخل إليه ليدعو عنده ولا غير ذلك مما يفعل عند قبر غيره لكن من الجهال من يصلى إلى حجرته أو يرفع صوته أو يتكلم بكلام منهي عنه وهذا إنما يفعل خارجا عن حجرته لا عند قبره وإلا فهو ولله الحمد استجاب الله دعوته فلم يمكن أحد قط أن يدخل إلى قبره فيصلى
عنده أو يدعو أو يشرك به كما فعل بغيره اتخذ قبره وثنا فإنه في حياة عائشة رضى الله عنها ما كان أحد يدخل إلا لأجلها ولم تكن تمكن أحدا أن يفعل عند قبره شيئا مما نهى عنه وبعدها كانت مغلقة إلى أن أدخلت في المسجد فسد بابها وبنى عليها حائط آخر كل ذلك صيانة له صلى الله عليه وسلم أن يتخذ بيته عيدا وقبره وثنا وإلا فمعلوم أن أهل المدينة كلهم مسلمون ولا يأتي إلى هناك إلا مسلم وكلهم معظمون)
قال ابن القيم في نونيته:
ودعا بأن لا يجعل القبر الذي *** قد ضمه وثنا من الأوثان
فأجاب رب العالمين دعائه *** وأحاطه بثلاثة الجدران
حتى اغتدت أرجائه بدعائه *** في عزة وحماية وصيان
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
“فحرم صلى الله عليه وسلم أن تتخذ قبورهم مساجد بقصد الصلوات فيها، كما تقصد المساجد، وإن كان القاصد لذلك إنما يقصد عبادة الله وحده، لأن ذلك ذريعة إلى أن يقصدوا المسجد لأجل صاحب القبر ودعائه، والدعاء به، والدعاء عنده، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ هذا المكان لعبادة الله وحده لئلا يتخذ ذريعة إلى الشرك بالله، والفعل إذا كان يفضى إلى مفسدة وليس فيه مصلحة راجحة ينهى عنه، كما نهى عن الصلاة في الأوقات الثلاثة لما في ذلك من المفسدة الراجحة، وهو التشبه بالمشركين الذي يفضى إلى الشرك”
وقال في موطن آخر:”إنه نهى عن بناء المساجد على القبور ولعن من فعل ذلك، ونهى عن تكبير القبور وتشريفها وأمر بتسويتها، ونهى عن الصلاة إليها.
مجموع الفتاوى جـ3/ 163، 164.
شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله –
” أن الحجرة لما أدخلت إلى المسجد سُد بابها، وبني عليها حائط آخر، صيانة له صلى الله عليه وسلم أن يتخذ بيته عيداً، وقبره وثناً “.
” الجواب الباهر ” (ق9/ 2) بواسطة تحذير الساجد.
قال القرطبي في معنى الحديث:”وكل ذلك لقطع الذريعة المؤدية إلى عبادة من فيها، كما كان السبب في عبادة الأصنام”، وقال أيضاً:”ولهذا بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم فأعلوا حيطان تربته وسدوا المداخل إليها، وجعلوها محدقة بقبره صلى الله عليه وسلم، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة إذا كان مستقبل المصلين، فتصور الصلاة إليه بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلثة من ناحية الشمال، حتى لا يمكنوا أحدا من استقبال قبره”
فتح المجيد /239.
– قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
قوله: “لا تجعل قبري وثنا بعيدا”، لا: للدعاء، لأنها طلب من الله، وتجعل: تصير، والمفعول الأول لها: “قبري”، والثاني: “وثنا”. وقوله: “يعبد”، صفة لوثن، وهي صفة كاشفة، لأنه الوثن هو الذي يعبد من دون الله.
وإنما سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك لأن من كان قبلنا جعلوا قبور أنبيائهم مساجد وعبدوا صالحيهم، فسأل النبي – صلى الله عليه وسلم – ربه أن لا يجعل قبره وثنا يعبد، لأن دعوته كلها بالتوحيد ومحاربة الشرك.
قوله: “اشتد”، أي: عظم.
قوله: “غضب الله”، صفة حقيقية ثابتة لله – عز وجل – لا تماثل غضب المخلوقين لا في الحقيقة ولا في الأثر.
قوله: “اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد”، أي: جعلوها مساجد، إما بالبناء عليها، أو بالصلاة عندها، فالصلاة عند القبور من اتخاذها مساجد، والبناء عليها من اتخاذها مساجد.
ثم قرر الشيخ أن الله استجاب دعاء نبيه في أن لا يتخذ قبره مسجدا ثم قال:
صحيح أنه يوجد أناس يغلون فيه، ولكن لم يصلوا إلى جعل قبره وثنا، ولكن قد يعبدون الرسول – صلى الله عليه وسلم – ولو في مكان بعيد، فإن وجد من يتوجه له – صلى الله عليه وسلم – بدعائه عند قبره، فيكون قد اتخذه وثنا، لكن القبر نفسه لم يجعل وثنا.
المصدر: القول المفيد على كتاب التوحيد.
– الإمام العلامة المُحدث ُ ناصر ِالدين والسُّنةِ الألباني – رحمه الله –
{الجواب عن الشبهة الثانية:
وأما الشبهة الثانية وهي أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده كما هو مشاهد اليوم، ولو كان ذلك حراماً لم يدفن فيه!
والجواب: أن هذا وإن كان هو المشاهد اليوم، فإنه لم يكن كذلك في عهد الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم لما مات النبي صلى الله عليه وسلم دفنوه في حجرته في التي كانت بجانب مسجده، وكان يفصل بينهما جدار فيه باب، كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج منه إلى المسجد، وهذا أمر معروف مقطوع به عند العلماء، ولا خلاف في ذلك بينهم، والصحابة رضي الله عنهم حينما دفنوه صلى الله عليه وسلم في الحجرة، إنما فعلوا ذلك كي لا يتمكن أحد بعدهم من اتخاذ قبره مسجداً، كما سبق بيانه في حديث عائشة وغيره، ولكن وقع بعدهم ما لم يكن في حسبانهم! ذلك أن الوليد بن عبدالملك أمر سنة ثمان وثمانين بهدم المسجد النبوي وإضافة حُجر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، فأدخل فيه الحجرة النبوية حجرة عائشة، فصار القبر بذلك في المسجد ولم يكن في المدينة أحد من الصحابة حينذاك خلافاً لم توهم بعضهم، .. }
تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد.
الشيخ الألباني ِ يعترف للحكومة السعودية بصيانة قبر الرسول من أن يجعل وثنا ً يُعبد:
{أقول هذا مع الاعتراف بأنني لم أر أحداً يأتي ذلك المكان للصلاة فيه، لشدة المراقبة من قبل الحرس الموكلين على منع الناس من يأتوا بما يخالف الشرع عند القبر الشريف، فهذا مما تشكر عليه الدولة السعودية}
تحذير الساجد ص 37
الشيخ الفوزان قال:
قالوا هذا أمر ما هو من أمر العلماء و لا بمشورة العلماء و لا أفتى فيه أحد من العلماء, و لكنه عمل قام به السلطان.
فلا يعتبر هذا دليلا, و لا يقال مسجد الرسول مبني على قبر كما يقوله هؤلاء الجهال أو المغرضون هذا من اللبس على الناس فينبغي معرفة هذه الشبهه لأنها قوية.
الشيخ صالح الفوزان / قرة عيون الموحدين
راجع شرح حديث رقم 824 من الصحيح المسند حيث نقلنا تلخيصنا لكتاب الشيخ الألباني تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد.