1433 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
– – – – – —–
الصحيح المسند
1433 – قال الإمام أبو يعلى رحمه الله: حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي حدثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: إن من عباد الله عبادا يغبطهم الأنبياء والشهداء قيل: من هم لعلنا نحبهم؟ قال: هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام ولا أنساب وجوههم نور على منابر من نور لا يخافون إن خاف الناس ولا يحزنون إن حزن الناس ثم قرأ: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
هذا حديث حسن.
————————
الشرح
شرح الحديث
جاء عند الترمذي
عن معاذ بن جبل قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله عز وجل ثم المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء)
قلت سيف: هو في الصحيح المسند 1110
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الشهداء والنبيون يوم القيامة لقربهم من الله تعالى ومجلسهم منه فجثا أعرابي على ركبتيه فقال يا رسول الله صفهم لنا وحلهم لنا قال قوم من أقناء الناس من نزاع القبائل تصادقوا في الله وتحابوا فيه يضع الله عز وجل لهم يوم القيامة منابر من نور يخاف الناس ولا يخافون هم أولياء الله عز وجل الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).
مستدرك للحاكم
عن عمر بن الخطاب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ” إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى ” قالوا يا رسول الله تخبرنا من هم؟ قال ” هم قوم تحابوا بروح الله (فسروه بالقرآن. كذا قال الخطابي) على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فو الله إن وجوههم لنور وإنهم على نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس وقرأ هذه الآية {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
اخرجه أبي داود وقال الشيخ الألباني: صحيح
عن عمرو بن عبسة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين رجال ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغشى بياض وجوههم نظر الناظرين يغبطهم النبيون والشهداء بمقعدهم وقربهم من الله عز وجل قيل يا رسول الله من هم قال: هم جماع من نوازع القبائل يجتمعون على ذكر الله فينتقون أطايب الكلام كما ينتقى آكل التمر أطايبه.
قال الالباني في صحيح الترغيب والترهيب: حسن لغيره (1508)
وضعفه في ضعيف الجامع (3815)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إن من عباد الله عبادا ليسوا بأنبياء يغبطهم الأنبياء والشهداء قيل: من هم لعلنا نحبهم؟ قال: هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام ولا أنساب وجوههم نور على منابر من نور لا يخافون إن خاف الناس ولا يحزنون إن حزن الناس ثم قرأ: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}
صحيح الترغيب والترهيب 3023
المعجم الوسيط ( … غبط غبطة ـ بضم الغين وكسر الباء ـ حسنت حاله ـ
جاء في معجم المصباح المنير (الغبطة: حسن الحال وهي اسم من غبطته غبطا …. إذا تمنيت مثل ما ناله من غير أن تريد زواله عنه لما أعجبك منه وعظم عندك
ما قاله الشراح:
قال المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير 4/ 479:
(رجال ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغشى بياض وجوههم نظر الناظرين يغبطهم النبيون والشهداء) أي يحسدونهم حسدا خاصا محمودا (بمقعدهم وقربهم من الله تعالى هم جماع من نوازع القبائل) أي جماعات من قبائل شتى (يجتمعون على ذكر الله فينتقون) أي يختارون الأفضل (من أطايب الكلام) أي أحسنه وخياره (كما ينتقي آكل التمر أطايبه).
تحفة الأحوذي ج 7 ص 56
قال القاري بكسر الموحدة من الغبطة بالكسر وهي تمني نعمة على ألا تتحول عن صاحبها بخلاف الحسد فإنه تمني زوالها عن صاحبها فالغبطة في الحقيقة عبارة عن حسن الحال ….. قال القاضي كل ما يتحلى به الإنسان أو يتعاطاه من علم وعمل فإن له ثم الله منزلة لا يشاركه فيه صاحبه ممن لم يتصف بذلك وإن كان له من نوع آخر ما هو أرفع قدرا وأعز ذخرا فيغبطه بأن يتمنى ويحب أن يكون له مثل ذلك مضموما إلى ماله من المراتب الرفيعة أو المنازل الشريفة وذلك معنى قوله يغبطهم النبيون والشهداء فإن الأنبياء قد استغرقوا فيما هو أعلى من ذلك من دعوة الخلق وإظهار الحق وإعلاء الدين وإرشاد العامة والخاصة ذلك من كليات أشغلتهم عن العكوف على مثل هذه الجزئيات والقيام بحقوقها والشهداء وإن نالوا رتبة الشهادة وفازوا فلعلهم لن يعاملوا مع الله معاملة هؤلاء فإذا رأوهم يوم القيامة في منازلهم وشاهدوا قربهم وكرامتهم ثم الله ودوا لو كانوا ضامين خصالهم فيكونون جامعين بين الحسنتين وفائزين بالمرتبتين وقيل إنه لم يقصد في ذلك إلى إثبات الغبطة لهم على هؤلاء بل بيان فضلهم وعلو شأنهم وارتفاع مكانهم وتقريرها على آكد وجه وأبلغه والمعنى أن حالهم ثم الله يوم القيامة بمثابة لو غبط النبيون والشهداء يومئذ مع جلالة قدرهم ونباهة أمرهم حال غيرهم لغبطوهم). وبمثل هذا البيضاوي كما في ج 4 ص 485 من كتاب فيض القدير
قال المناوي في فيض القدير ج 4 ص 485: (وأما قول السبكي هؤلاء يدخلون الجنة بغير حساب وأما أولئك فلا بد من سؤالهم عن التبليغ فيغبطون السالم من ذلك التعب لراحته ولا يلزم أن يكون حالة الراحة أفضل تعقبه ابن شهبة بأن المتحابين في مقام الولاية وهي أول درجة النبي قبل النبوة ولا يمكن أن يحصل للولي خصلة ليست للنبي قال والجواب المرضي عندي أنهم لا يغبطونهم على منابر النور والراحة بل على المحبة فإن المحبة في الله محبة لله وهو مقام يتنافس به فالغبطة على محبة الله لا على مواهبه انتهى).
قال الشوكاني كما في كتاب الفتح الرباني من فتاوى الأمام الشوكاني:
بسم الله الرحمن الرحيم
وجدت بخط المولى شيخ الإسلام ما لفظه: سانحة فكرت بعض الليالي في حديث: “المتحابون في الله على منابر من نور” فاستعظمت هذا الجزاء مع حقارة العمل، ثم راجعت الذكر فوجدت التحاب في الله من أصعب الأمور وأشدها، ووجوده في الأشخاص الإنسانية أعز من الكبريت الأحمر، فذهب ما تصورته من الاستعظام للجزاء، وبيان ذلك أن التحاب الكائن بين النوع الإنساني راجع عند إمعان النظر إلى محبة الدنيا، لا يبعث عليه إلا عرض دنيوي، فإنك إذا عمدت إلى الفرد الكامل من نوع المحبة وهو محبة الولد لوالده، والوالد لولده، وأحد الزوجين للآخر وجدته يؤول إلى محبة الدنيا لزواله بزوال الغرض الدنيوي، مثلا لو كان لرجل ولد كامل الأدوات والحواس الظاهرة والباطنة وجدته في الإشفاق عليه والمحبة له بمكان تقصر عنه العبارة؛ لأنه يرجو منه بعد حين أن يقوم بما يحتاج إليه من حوائج الدنيا، فلو عرض له الموت، وهو بهذه الصفة حصل مع والده ما نشاهده فيمن مات ولده من الغم والحزن والتحسر والتلهف [1ب] والبكاء والعويل، ولكن هذا ليس إلا لذلك الغرض الدنيوي، ويوضح ذلك هذا أنه لو حصل مع الولد عاهة من العاهات التي يغلب على الظن استمرارها، وعجز من كانت به عن القيام بأمور الدنيا كالعمى، والإقعاد، وجدت والده عند ذلك يعد أيامه من عافيته، ربما يتمنى موته، وإذا مات كان أيسر مفقود إن لم يحصل السرور للأب بموته، فلو كانت تلك المحبة لمحض القرابة مع قطع النظر عن الدنيا لوجدت الاتحاد في الشفقة بين الحالتين، ولكن الأمر على خلاف ذلك بالاستقراء، مع أن القرابة لا تزول بزوال البصر مثلا، إنما الذي زال ما كان مؤملا من النفع الدنيوي، فكشف ذلك أن المحبوب هو الدنيا لا الولد لذاته، ولا لقرابته …. الى آخر ما قال رحمه الله.
أحاديث فيها بيان فضيلة المحبة في الله:
– أخرج الترمذي في “السنن” رقم (2390) من حديث معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ” قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء “.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
– وأخرجه أحمد (5/ 239) والطبراني في “الكبير” (20/ 144، 145، 146، 147، 148، 149، 151) وأبو نعيم في “الحلية” (2/ 131) من طرق.
– وأخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (577) بلفظ: عن أبي مسلم الخولاني، قال: قلت لمعاذ بن جبل: والله إني لأحبك لغير دنيا أرجو أن أصيبها منك، ولا قرابة بيني وبينك، قال: فلأي شيء؟ قلت: لله، قال: فجذب حبوتي، ثم قال: أبشر إن كنت صادقا، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: “المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء”.
– وأخرج أحمد في: “المسند” (2/ 292) ومسلم رقم (38/ 2567) والبخاري في “الأدب المفرد” رقم (350) والبغوي في “شرح السنة” رقم (3465) عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى قال: فأرصد الله له على مدرجته ملكا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية، فقال له: هل له عليك من نعمة تربها؟ قال: لا، غير أني أحبه في الله، قال: فإني رسول الله إليك، إن الله جل وعلا أحبك كما أحببته فيه”.
– وأخرج مسلم في صحيحه رقم (37/ 2566) وأحمد (2/ 237) والدارمي (2/ 312) والبغوي في “شرح السنة” رقم (3462) ومالك في “الموطأ” (2/ 952) من طرق.
– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” يقول الله تبارك وتعالى أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي “. وهو حديث صحيح.
– وأخرج أحمد (5/ 233) والطبراني في “الكبير” (20/ 144، 145، 147، 148) والحاكم (4/ 170) من حديث معاذ. وهو حديث صحيح.
– وأخرج ابن حبان رقم (573) والطبري في “تفسيره” (7 \ جـ11/ 132) والنسائي في: “السنن الكبرى ” رقم (11236) بإسناد حسن.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إن من عباد الله عبادا ليسوا بأنبياء، يغبطهم الأنبياء والشهداء قيل: من هم لعلنا نحبهم؟ قال: هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس، ثم قرأ: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62].
– وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ” يا أيها الناس، اسمعوا واعقلوا، واعلموا أن لله عز وجل عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء على منازلهم وقربهم من الله” فجثا رجل من الأعراب من قاصية الناس، وألوى بيده إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، ناس من الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله! انعتهم لنا جلهم لنا، يعني: صفهم لنا شكلهم لنا، فسر وجه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسؤال الأعرابي فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” هم ناس أفناء الناس ونوازع القبائل، لم تصل بينهم أرحام متقاربة تحابوا في الله وتصافوا، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسون عليها، فيجعل وجوههم نورا، وثيابهم نورا. يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون، وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون”.
– أخرجه أحمد (5/ 343) وقال الهيثمي في “المجمع” (10/ 276 – 277): ” رواه كله أحمد، والطبراني بنحوه ورجاله وثقوا”. وهو حديث حسن.
* وأخرجه الحاكم (4/ 170) من حديث عمر بإسناد صحيح.
*وأخرجه أبو يعلى في مسنده رقم (6110) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وأخرجه أحمد في “المسند” (5/ 239) بإسناد صحيح.
*عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يأثر عن ربه تبارك وتعالى يقول: “حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتواصلين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتباذلين في “.
وقد صحح الحديث الألباني في “صحيح الجامع” رقم (4320).
* وعن عمرو بن عبسة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ” قال الله عز وجل: قد حقت محبتي للذين يتحابون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتباذلون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتصادقون من أجلي “.
– أخرجه أحمد في “المسند” (4/ 386) والطبراني في “الصغير” (1095) وفي “الأوسط” رقم (9076) والبيهقي في “شعب الإيمان” رقم (8996) وأورده الهيثمي في “المجمع” (10/ 279) وقال: رواه الطبراني في الثلاثة وأحمد بنحوه ورجال أحمد ثقات. وهو حديث صحيح.
قال القرطبي في “المفهم” (6/ 543): – على أن الحب في الله والتزاور فيه من أفضل الأعمال، وأعظم القرب إذا تجرد ذلك عن أغراض الدنيا وأهواء النفوس، وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله فقد استكمل الإيمان”.
أخرجه أحمد (3/ 438، 440) وأبو داود رقم (4681) من حديث أبي أمامه وهو حديث صحيح.
– وأخرجه أحمد في “المسند” (3/ 438، 440) والترمذي رقم (2521) والحاكم (1/ 61) والبيهقي في “شعب الإيمان” رقم (15) وأبو يعلى في مسنده رقم (1485) من حديث معاذ بن أنس الجهني عن أبيه رضي الله عنه. وهو حديث حسن.
– وأخرج البخاري في صحيحه رقم (6941) ومسلم رقم (43) والترمذي رقم (2624) والنسائي (8/ 96).
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ” ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن أحب عبدا لا يحبه إلا لله، ومن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (2/ 13 – 14): هذا حديث عظيم أصل من أصول الإسلام، قال العلماء رحمهم الله: معنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشقات في رضى الله عز وجل ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإيثار ذلك على عرض الدنيا ومحبة العبد ربه سبحانه وتعالى بفعل طاعته وترك مخالفته وكذلك محبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال القاضي عياض في “إكمال المعلم بفوائد مسلم ” (1/ 278 – 279): ” وذلك لا تتضح محبة الله ورسوله حقيقة، والحب للغير في الله وكراهة الرجوع إلى الكفر، إلا لمن قوى بالإيمان يقينه، واطمأنت به نفسه وانشرح له صدره. وخالط دمه ولحمه، وهذا هو الذي وجد حلاوته. والحب في الله من ثمراته الحب لله.
ومعنى حب العبد لله: استقامته في طاعته، والتزامه أوامره ونواهيه في كل شيء. ولهذا قال بعضهم: المحبة مواطأة القلب على ما يرضي الرب، فيحب ما أحب ويكره ما يكره.
قال الحافظ في “الفتح” (1/ 62): قال يحيى بن معاذ: حقيقة الحب في الله أن لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء.
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” ما تحاب رجلان في الله إلا كان أحبهما إلى الله عز وجل أشدهما حبا لصاحبه” من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
أخرجه البخاري في “الأدب المفرد ” رقم (544) وابن حبان في صحيحه رقم (566) وأبو يعلى في مسنده رقم (3419) والبزار رقم (3600 – كشف) والحاكم (4/ 171) وصححه ووافقه الذهبي. وهو حديث صحيح.
انظر: “الصحيحة” رقم (450).
قال الإمام أحمد رحمه الله: لو أن الدنيا جمعت حتى تكون في مقدار لقمة، ثم أخذها أمرؤ مسلم فوضعها في فم أخيه لما كان مسرفا.
انظر: “طبقات الحنابلة” (1/ 106).
قال أبو سليمان الداراني: قد يعملون بطاعة الله عز وجل ويتعاونون على أمره ولا يكونوا إخوانا حتى يتزاوروا ويتباذلوا.
انظر كتاب: “الإخوان” (ص127).
قال الحريري: “تعامل الناس في القرن الأول بالدين حتى رق الدين وتعاملوا في القرن الثاني بالوفاء حتى ذهب الوفاء، وفي الثالث بالمروءة حتى ذهبت المروءة ولم يبق إلا الرغبة والرهبة”.
* قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: ” أتى علينا زمان وما يرى أحد منا أحق بالدينار والدرهم من أخيه المسلم، وإنا في زمان الدينار والدرهم أحب إلينا من أخينا المسلم”.
لذلك عليم أن تحسن اختيار – الأخ – لأن ذلك أصبح جوهرة مفقودة فهنيئا لمن كان له أخ في الله.
* قال علقمة العطاردي في وصيته لابنه حين حضرته الوفاة قال: “يا بني! إذا عرضت لك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا خدمته صانك، وإن صحبته زانك، وإن قعدت بك مؤونة مالك. وإن رأى منك حسنة عدها وإن رأى سيئة سدها، اصحب من إذا سألته أعطاك، وإن سكت ابتداك، وإن نزلت بك نازلة واساك، اصحب من إن قلت صدق قولك، وإن حاولتما أمرا أمرك وإن تنازعتما آثرك.
وللمؤمن حق على أخيه المؤمن:
1 – ): الحق في المال: قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:9].
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” حقت محبتي للمتباذلين في”. تقدم تخريجه. والمواساة بالمال على ثلاث مراتب:
1 – أن تقوم بحاجته من فضلة مالك فإذا سنحت له حاجة وكانت عندك فضلة عن حاجتك أعطيته ابتداء ولم تحوجه إلى السؤال فإن أحوجته إلى السؤال فهو غاية التقصير في حقه.
2 – أن تنزله منزلة نفسك وترضى بمشاركته إياك في مالك ونزوله منزلتك حتى تسمح بمشاطرته في المال.
رأى بعض الحكماء رجلين يصطحبان لا يفترقان، فسأل عنهما فقيل: هما صديقان. فقال: ما بال أحدهما فقير والآخر غني؟.
3 – وهي العليا أن تؤثره على نفسك وتقدم حاجته على حاجتك وهذه رتبة الصديقين ومنتهى درجات المتحابين.
2 – ): وعليه إطعام الإخوان وكسوتهم:
قال أبو سليمان الداراني: ” لو أن الدنيا كلها لي في لقمة، ثم جاءني أخ لأحببت أن أضعها في فمه”.
“كتاب الإخوان” (ص235).
وقال: إني لألقم اللقمة أخا من أخواني فأجد طعمها في حلقي”.
3 – ): أن يعينه بالنفس والبدن في قضاء الحاجات والقيام بها قبل السؤال، وتقديمها على الحاجات الخاصة.
قال بعضهم: إذا استقضيت أخاك حاجة فلم يقضها فذكره ثانية فلعله أن يكون قد نسي، فإذا لم يقضها فكبر عليه واقرأ هذه الآية: {وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ} [الأنعام:36].
“كتاب الإخوان” (ص240 – 248).
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة”.
أخرجه البخاري رقم (2442) ومسلم رقم (2580) وأبو داود رقم (4893) والترمذي رقم (1426) من حديث ابن عمر.
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا”.
أخرجه البخاري رقم (6064) ومسلم رقم (2563،2564) وأبو داود رقم (4917) والترمذي رقم (1988) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”. تقدم تخريجه.
4 – ): أن يتودد إليه بلسانه، ويتفقده في أحواله التي يحب أن يتفقده فيها منها:
1 – أن يخبر بمحبته له.
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه”.
2 – أن تدعوه بأحب الأسماء إليه في غيبته وحضوره.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ثلاث يصفين لك ود أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته أولا، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه.
3 – أن تثني عليه بما تعرف من محاسن أحواله عند من يؤثر هو الثناء عنده.
4 – أن تشكره على صنيعه في حقك.
5 – عليك الذب عنه في غيبته مهما قصد بسوء أو تعرض عرضه بكلام صريح أو تعريض.
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة”.
أخرجه الترمذي رقم (1931) من حديث أبي الدرداء وهو حديث صحيح.
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا التقوى هاهنا – ويشير إلى صدره – بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه”. من حديث أبي هريرة. أخرجه مسلم في صحيحه رقم (2564).
6 – التعليم والنصيحة:
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم” تقدم تخريجه.
قال الشافعي رحمه الله: “من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه … “.
5 – ): من حقه عليك: أن تعفو عن زلاته وهفواته:
قال الأحنف: حق الصديق أن تحتمل منه ثلاثا: ظلم الغضب وظلم الدالة، وظلم الهفوة وقد قليل:
واغفر عوراء الكريم ادخاره … وأعرض عن شتم اللئيم تكرما
6): أن تدعو له في حياته وبعد مماته:
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إذ دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة: ولك بمثل”.
وقال أبو الدرداء: إني لأدعو لسبعين من إخواني في سجودي أسميهم بأسمائهم.
“الإحياء” (2/ 202).
قال القاضي محمد بن محمد بن إدريس الشافعي: قال لي أحمد بن حنبل: أبوك أحد الستة الذين أدعو لهم سحرا.
انظر “سير أعلام النبلاء” (11/ 127).
وروى الخطيب البغدادي في “تاريخه” (9/ 361) في ترجمة الطيب إسماعيل أبي حمدون أحد القراء المشهورين قال: “كان لأبي حمدون صحيفة فيها مكتوب ثلاثمائة من أصدقائه، وكان يدعو لهم كل ليلة، فتركهم ليلة فنام، فقيل له في نومه: يا أبا حمدون: لِمَ لم تسرج مصابيحك الليلة، قال: فقعد فأسرج وأخذ الصحيفة فدعى لواحد واحد حتى فرغ
7 – ): من حقه عليك الوفاء والإخلاص:
1 – الثبات على الحب وإدامته إلى الموت معه وبعد الموت مع أولاده وأصدقائه.
2 – ومن الوفاء مراعاة جميع أصدقائه وأقاربه.
3 – أن لا يصادق عدو صديقه.
4 – أن لا يتغير حاله في التواضع مع أخيه وإن ارتفع شأنه واتسعت ولايته وعظم جاهه.
قال الشاعر:
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا … من كان يألفهم في المنزل الخشن
5 – ومن الوفاء أن تجزع من المفارقة:
وقد قيل:
وجدت مصيبات الزمان جميعها … سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
قال الغزالي في “الإحياء” (2/ 204): “اعلم أن ليس من الوفاء موافقة الأخ فيما يخالف الحق في أمر يتعلق بالدين، بل الوفاء لله المخالفة، فقد كان الشافعي رحمه الله آخى محمد بن عبد الحكم وكان يقربه ويقبل عليه ويقول ما يقيمني بمصر غيره، فاعتل محمد فعاده الشافعي رحمه الله فقال:
مرض الحبيب فعدته … فمرضت من حذري عليه
وأتى الحبيب يعودني … فبرئت من نظري إليه
6 – ومن الوفاء أن تحسن الظن بأخيك.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12].
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث” تقدم تخريجه.
8 – التخفيف وترك التكلف والتكليف:
قال الفضيل: إنما تقاطع الناس بالتكلف، يزور أحدهما أخاه فيتكلف له فيقطعه ذلك عنه، وقالوا: من سقطت كلفته دامت ألفته ومن خفت مؤنته دامت مودته.
(8) كلمات لا بد أن نتأملها:
1 – قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103].
2 – قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف” من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
أخرجه مسلم رقم (3638) وأبو داود رقم (3834) وهو حديث صحيح.
وأخرجه البخاري في صحيحه رقم (3336) من حديث عائشة رضي الله عنها.
3 – قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل” من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. أخرجه أبو داود رقم (4833) والترمذي رقم (2379) وقال: هذا حديث حسن غريب.
وهو حديث حسن.
4 – عن أنس رضي الله عنه أن رجلا سأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متى الساعة؟ قال: “وما أعددت لها؟ ” قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله قال: “أنت مع من أحببت” قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أنت مع من أحببت”. قال أنس: فأنا أحب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم”.
أخرجه البخاري رقم (3688، 6167) ومسلم رقم (2639).
وعن ابن مسعود قال: جاء رجل إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله كيف ترى في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “المرء مع من أحب”.
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6170) ومسلم رقم (2640).
5 – عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: “لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي”.
أخرجه أبو داود رقم (4832) والترمذي رقم (2395) وأحمد (3/ 38) وابن حبان رقم (554). وهو حديث حسن.
6 – عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: “سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه”.
أخرجه البخاري رقم (660) ومسلم رقم (1031) وأحمد (2/ 439) والترمذي رقم (2391) قال ابن عبد البر في “التمهيد” (2/ 282): هذا أحسن حديث يروى في فضائل الأعمال وأعمها وأصحها إن شاء الله، وحسبك به فضلا لأن العلم محيط بأن كل من كان في ظل الله يوم القيامة لم ينله هول الموقف.
ومن المعاني المشتركة بين الفئات السبعة:
1 – ): الرغبة والرهبة من الله وفي الله.
2 – ): مراقبة الله والإخفاء عن الناس.
3 – ): ارتباط هذه الأجناس بعضها وتأثير بعضها في بعض.
4 – ): اشتراكهم في مخالفة هواهم.
فما عليك إلا أن تعمل جاهدا على أن تكون منهم ومعهم لتأمن هول الموقف وتحشر معهم فأعد العدة للفردوس الأعلى … والله خير معين.
وراجع لبعض تلك الأحاديث والآثار [روضة المحبين – ابن قيم الجوزية]