143 رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري في كتاب الوضوء من صحيحه:
(10) باب وضع الماء عند الخلاء
143 – حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا ورقاء عن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء فوضعت له وضوءا قال من وضع هذا فأخبر فقال اللهم فقهه في الدين
فوائد الباب:
1 – حديث ابن عباس سبق شرحه في باب (17) ” قول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم علمه الكتاب “، وذلك في كتاب العلم
2 – قوله (باب وضع الماء عند الخلاء) شاهده في الحديث (دخل الخلاء فوضعت له وضوءا) أي ماء ليتوضأ به. قاله الحافظ ابن حجر ثم قال ” وقيل يحتمل أن يكون ناوله إياه ليستنجي به وفيه نظر”.
3 – قال ابن بطال: “معلوم أن وضع الماء عند الخلاء إنما هو للاستنجاء به عند الحدث. وفيه: رد قول من أنكر الاستنجاء بالماء، وقال: إنما ذلك وضوء النساء، وقال: إنما كانوا يتمسحون بالحجارة”. قلت وسيأتي أيضا في باب مستقل “الاستنجاء بالماء”
4 – قول ابن بطال لمن قال أن الماء كان لحاجة الاستنجاء وليس للوضوء. وورد بلفظ (طهوره) بدل (وضوءا) عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كنت في بيت ميمونة ابنة الحارث فوضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طهوره فقال: «من وضع هذا؟»، فقالت ميمونة: عبد الله، فقال: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2397 و 2879 وغيره من طريق عبد الله بن خثيم عن سعيد به. فيه ابن خثيم قال الحافظ في التقريب صدوق. وأورده العلامة الألباني في الصحيحة 2589 والشيخ مقبل في الصحيح المسند 697
ولفظة طهور تحتمل كذلك أن هذا الماء للوضوء أو للاستنجاء. هذا من حيث اللغة.
5 – أخرج الإمام مالك في الموطأ ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط عن يحيي بن محمد بن طحلاء عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي أن أباه حدثه أنه رأى عمر يتوضأ وضوءاً بماء تحت إزاره قال ابن عبد البر في الاستذكار يريد الاستنجاء
فيه يحيى بن محمد بن طحلاء روى عنه الإمام مالك والدراوردي وآخرون قاله الحافظ في تعجيل المنفعة،، وذكره البخاري في التاريخ الكبير ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في الثقات قال ابن عبد البر كما في الاستذكار يحيى قليل الحديث جدا قال صاحب مصباح الأريب “مجهول الحال “، وقال بعضهم قال ابن معين ثقة ولم أجده ووجدته قاله في أخيه يعقوب. وإذا نظرنا إلى أنه من شيوخ الإمام مالك وروى عنه اثنان وقال الحافظ في تعجيل المنفعة ” وآخرون” وذكره ابن حبان في الثقات فهذا يخرجه عن حد الجهالة والله أعلم.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَهَذَا غَلَطٌ بَيْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ إِنَّمَا كَانَ يَرْوِيهِ عَنْ أَخِيهِ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا بِهِ خَمْسَةُ نَفَرٍ يَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ حَازِمٍ وَالْحَكَمُ بْنُ الْقَاسِمِ الأُوَيْسِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَخِيهِ معَاذ ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بِذَلِكَ قَالَ وَهَذَا الثَّبْتُ عِنْدَنَا
ذكره الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك، قلت لكن الواقدي متروك.
6 – قال الأتيوبي رحمه الله في حديث آخر في حجة الوداع:
قوله (فبال، ثم توضأ وضوءا خفيفا) أي خففه بأن توضأ مرة مرة، وخفف استعمال الماء بالنسبة إلى غالب عادته.
وفي رواية البخاري من طريق مالك، عن موسى بن عقبة، عن كريب: “ثم توضأ، ولم يسبغ الوضوء”، وهـو بمعنى قوله هـنا: “ثم توضأ وضوءا خفيفا”.
وأغرب ابن عبد البر، فقال: معنى قوله: “فلم يسبغ الوضوء”، أي استنجى به، وأطلق عليه اسم الوضوء اللغوي؛ لانه من الوضاءة، وهـي النظافة، ومعنى الاسباغ الاكمال، أي لم يكمل وضوءه، فيتوضأ للصلاة، قال: وقد قيل: إنه توضأ وضوءا خفيفا، ولكن الاصول تدفع هـذا؛ لانه لا يشرع الوضوء لصلاة واحدة مرتين
قال الحافظ”: وهـو متعقب بهذه الرواية الصريحة، وقد تابع محمد بن أبي حرملة- يعني الراوي عن كريب- عليها محمد بن عقبة أخو موسى، أخرجه مسلم بمثل لفظه، وتابعهما إبراهـيم بن عقبة، أخو موسى أيضا، أخرجه مسلم أيضا، بلفظ: “فتوضأ وضوءا ليس بالبالغ”. وأخرجه البخاري من طريق موسى بن عقبة بلفظ: “فجعلت أصب عليه، ويتوضأ “. ولم تكن عادته – صلى الله عليه وسلم – أن يباشر ذلك أحد منه حال الاستنجاء، ويوضحه ما أخرجه مسلم أيضا من طريق عطاء، مولى ابن سباع، عن أسامة في هـذه القصة، قال فيها أيضا: “ذهـب إلى الغائط، فلما رجع صببت عليه من الاداوة”.
قال القرطبي: اختلف الشراح في قوله: “ولم يسبغ الوضوء”، هـل المراد به اقتصر به على بعض الاعضاء، فيكون وضوءا لغويا، أو اقتصر على بعض العدد، فيكون وضوءا شرعيا؟، قال: وكلاهـما محتمل، لكن يعضد من قال بالثاني قوله في الرواية الاخرى: “وضوءا خفيفا”؛ لانه لا يقال في الناقص خفيف ….. ” برقم 108/ 147، فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم. ذخيرة العقبى
وراجع أيضا التوضيح لشرح الجامع الصحيح» (11/ 567)]
7 – عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاض من عرفة عدل إلى الشعب فقضى حاجته قال أسامة بن زيد فجعلت أصب عليه ويتوضأ رواه البخاري 181 ومسلم 1280 وقد سبق في باب إسباغ الوضوء. وعند أبي داود 1921 ” ثم دعا بالوَضوء فتوضأ وضوءاً ليس بالبالغِ جداً”
8 – عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج لحاجته فاتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء فصب عليه حين فرغ من حاجته فتوضأ ومسح على الخفين. رواه البخاري 203 ومسلم 274.
9 – عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم سباطة قوم فبال قائما ثم دعا بماء فجئته بماء فتوضأ رواه البخاري 224 ومسلم 273.
10 – ولا يعني هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يستنجي بالماء فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء رواه البخاري 150 مسلم 271 وترجم عليه البخاري الاستنجاء بالماء.
11 – عن معاذة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء، فإني أستحييهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله. أخرجه الترمذي 19 والنسائي 46 والإمام أحمد في مسنده 24639 و 24826 وصححه الألباني.
12 – قال الترمذي “وعليه العمل عند أهل العلم، يختارون الاستنجاء بالماء، وإن كان الاستنجاء بالحجارة يجزئ عندهم، فإنهم استحبوا الاستنجاء بالماء، ورأوه أفضل، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق”.
13 – فائدة: عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ: حدَّثَنِي أَعْرَابِيٌّ، قَالَ: صَحِبْت أَبَا ذَرٍّ – رضي الله عنه – فَكُلُّ أَخْلاَقِهِ أَعْجَبَتنِي إِلاَّ خُلُقاً وَاحِدًا، قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كَانَ إذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلاَءِ اسْتَنْجَى. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 1637 والإسناد صحيح إلى الأعرابي.
14 – هذا من الأحاديث التي صرح فيها ابن عباس بالسماع من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قاله ابن الملقن في التوضيح.
15 – وفيه أنه يجوز أن يخدم العالم بغير أمره.
16 – وأن حمل الماء للمغتسل غير مكروه، وأن الأدب أن يليه الأصاغر. قاله شمس الدين البِرْماوي في اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (2/ 160).
17 – قال ابن الملقن:
ونقل ابن التين في “شرحه” عن مالك أنه – صلى الله عليه وسلم – لم يستنج عمره بالماء. وهو عجيب منه.
وقد عقد البخاري قريبًا بابًا للاستنجاء به، وذكر فيه أنه – صلى الله عليه وسلم – استنجى به، وسنوضح الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى، وفي “صحيح ابن حبان” من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خرج من غائط قط إلا مس ماءً.
وفي “جامع الترمذي” من حديثها أيضًا أنها قالت: مرن أزواجكن أن يغتسلوا إثر الغائط والبول، فإنه – صلى الله عليه وسلم – كان يفعله. ثم قَالَ: هذا حديث حسن صحيح.
وفي “صحيح ابن حبان” أيضًا من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قضى حاجته، ثمَّ استنجى من تور.
[«التوضيح لشرح الجامع الصحيح» (4/ 99)]