1416 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة فيصل الشامسي وفيصل البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والمدارسة والاستفادة
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
—————-
الصحيح المسند
1416 – قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد يعني ابن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزال الدين ظاهرا ما عجل الناس الفطر لأن اليهود والنصارى يؤخرون.
هذا حديث حسن
-_-_-_-_–_—
* الحديث أخرجه ابن ماجه فقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر عجلوا الفطر فإن اليهود يؤخرون.
…………………………………………….
قال ابن عثيمين:
_ *تعجيل الفطر*
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنا معشر الأنبياء أُمرنا بتعجيل فطرنا و تأخير سحورنا و أن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة.
رواه الطبراني في المعجم الكبير (11485)
وصححه الألباني رحمه الله في الروض النضير (503)
قلت سيف: قال باحث: وهذا إسناد في الظاهر على شرط مسلم، وزعم ابن حبان أن ابن وهب سمع هذا الحديث من عمرو بن الحارث وطلحة بن عمرو، كلاهما عن عطاء، وفي هذا إشارة إلى أن غير حرملة رواه عن ابن وهب، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، وهذا هوَ الأشبه، ولا يعرف هذا الحديث من رواية عمرو بن الحارث.
قالَ البيهقي بعد أن ذكر حديث ابن عمر: إنما يعرف هذا بطلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس
-ومرة: عن أبي هريرة – وطلحة ليس بالقوي. ولكن الصحيح عن محمد بن أبان الأنصاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: ثلاث من النبوة فذكرهن من قولها.
قلت: وقد روي، عن طلحة، عن عطاء -مرسلا. (فتح الباري لاب رجب 2/ 510)
خرجه وكيع عنه كذلك.
وطلحة بن عمرو قيل متروك.
ومحمد بن إبان لا يعرف له سماع من عائشة قاله البخاري
_ قال بن عثيمين: إذا لم يعجلوا الفطر فليسوا في خير*
كما قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: قال تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا أقبل الليل من هاهنا وأشار إلى المشرق وأدبر النهار من هاهنا وأشار إلى المغرب وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) بادر بالفطر (إذا غربت الشمس) قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر) انظر لا يزالون بخير ما عجّلوا الفطر، معناه: إذا لم يعجّلوا الفطر فليسوا في خير، هذا مفهوم الحديث.
لقاء الباب المفتوح للعثيمين (223/ 5)
– تقديم الفطر على الصلاة ولو على شربة ماء (*تنبيه*: وابن عمر لما سأل عن الأكل والصلاة قد قامت، قال: وهل كان طعامهم يومئذ مثل طعامكم.
فالضابط في البقاء أن يشتهي الطعام بحيث إذا تركه ينشغل في صلاته، فيأكل ما تيسر لحديث تقديم الطعام على الصلاة
وورد عن أنس-رضي الله عنه- ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قط صلَّى صلاة المغرب حتى يفطر و لو على شربة ماء
رواه الطبراني في الأوسط (1/ 100 / 2) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1076)
قلت سيف: قال الألباني: سماع إسحاق بن شعيب من ابن أبي عروبة بآخرة لكن ورد بسند صحيح عند ابن حبان قال 3495 أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى بخبر غريب حدثنا أبوبكر ابن أبي شيبة أخبرنا حسين بن علي عن زائدة عن حميد عن أنس وراجع الصحيحة 2210
لكن تابعه ابويعلى كما في المختارة
1998 – وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْمَجْدِ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَدِيبَ أَخْبَرَهُمْ أبنا إِبْرَاهِيمُ أبنا مُحَمَّدٌ أبنا أَبُو يَعْلَى ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثَنا حُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حَتَّى يُفْطِرَ وَلَوْ عَلَى شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ
لَفْظُهُمَا وَاحِدٌ غير أَن الْفرْيَابِيّ قَالَ يُصَلِّي حَتَّى إِسْنَاده صَحِيحٌ
ولعل إسناد على شرط كتابنا المتمم على الذيل على الصحيح المسند
……………………………………………
وفي تحفة الأحوذي في شرح جامع الترمذي
وورد في سنن الترمذي – 696 – حدثنا إسحاق بنُ موسى الأنْصَاريّ أخبرنا الوليدُ بنُ مُسْلِمٍ عن الأوزاعِيّ عن قُرّةَ عن الزهْرِيّ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم “قال الله عزّ وجلّ: أحبُ عِبَادِي إليّ أَعْجَلُهُمْ فِطْراً”.
باب ما جَاءَ في تَعْجِيلِ الإفْطَار
قوله: (لا يزال الناس بخير) في حديث أبي هريرة: لا يزال الدين ظاهراً، وظهور الدين مستلزم لدوام الخير (ما عجلوا الفطر) أي ما داموا على هذه السنة، زاد أبو ذر في حديثه: وأخروا السحور، أخرجه أحمد، “وما” ظرفية، أي مدة فعلهم ذلك امتثالاً للسنة واقفين عند حدها غير متنطعين بعقولهم ما يغير قواعدها زاد أبو هريرة: لأن اليهود والنصارى يؤخرون، أخرجه أبو داود وغيره. واتفق العلماء على أن محل ذلك إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو بإخبار عدلين وكذا عدل واحد في الأرجح، قاله الحافظ في الفتح: قال القاري: قال بعض علمائنا: ولو أخر لتأديب النفس ومواصلة العشاءين بالنفل غير معتقد وجوب التأخير لم يضره ذلك، أقول: بل يضره حيث يفوته السنة، وتعجيل الإفطار بشربة ماء لا ينافي التأديب والمواصلة، مع أن في التعجيل إظهار العجز المناسب للعبودية ومبادرة إلى قبول الرخصة من الحضرة الربوبية انتهى كلام القاري.
قوله: (وفي الباب عن أبي هريرة) أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه مرفوعاً بلفظ: لا يزال هذا الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر لأن اليهود والنصارى يؤخرون (وابن عباس) أخرجه الطيالسي بلفظ: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نعجل إفطارنا ونؤخر سحورنا، ونضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة”، كذا في سراج السرهندي (وعائشة رضي الله عنها) أخرجه الترمذي (وأنس بن مالك) أخرجه الحاكم وابن عساكر بلفظ: من فقه الرجل في دينه تعجيل فطره، وتأخير سحوره، وتسحروا فإنه الغذاء المبارك.
قوله: (حديث سهل بن سعد حديث حسن صحيح) وأخرجه البخاري ومسلم.
قوله: (وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلخ) أخرجه عبد الرزاق وغيره بإسناد قال الحافظ صحيح عن عمرو بن ميمون الأودي قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إفطاراً وأبطأهم سحوراً انتهى.
قوله: (أحب عبادي إلي أعجلهم فطراً) أي أكثرهم تعجيلاً في الإفطار. قال الطيبي: ولعل السبب في هذه المحبة المتابعة للسنة والمباعدة عن البدعة والمخالفة لأهل الكتاب انتهى. وقال القاري: وفيه إيماء إلى أفضلية هذه الأمة لأن متابعة الحديث توجب محبة الله تعالى قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وإليه الإشارة بحديث: لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر لأن اليهود والنصارى يؤخرون انتهى.
قوله: (هذا حديث حسن غريب) ورواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما نقله ميرك، كذا في المرقاة.
قوله: (ويعجل الصلاة) الظاهر أن المراد صلاة المغرب، ويمكن حملها على العموم وتكون المغرب من جملتها، قاله أبو الطيب السندي (والآخر أبو موسى) قال الطيبي: الأول عمل بالعزيمة والسنة والثاني بالرخصة انتهى. قال القاري: وهذا إنما يصح لو كان الاختلاف في الفعل فقط أما إذا كان الاختلاف قولياً فيحمل على أن ابن مسعود اختار المبالغة في التعجيل وأبو موسى اختار عدم المبالغة فيه، وإلا فالرخصة متفق عليها عند الكل، والأحسن أن يحمل عمل ابن مسعود على السنة وعمل أبي موسى على بيان الجواز انتهى.
قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه مسلم.
قلت سيف: تنبيه: حديث (أحب عبادي الي اعجلهم فطرا) ضعفه الألباني.
…………………………………………..
*فوائد الحديث من سلسلة تيسير الفوائد والمسائل من أحاديث عمدة الأحكام* (كتاب الصيام)
*الفائدة الأولى*: في الحديث دلالة ظاهرة على استحباب تعجيل الإفطار عند أول وقته, وهو غروب الشمس, ومشروعية ذلك تيسيرا على الناس, وبعد عن التنطع والغلو في الدين, فمن تمسك بهذه السنة فهو على خير وفلاح.
ولهذا ثبت عن السلف حرصهم على تطبيق هذه السنة, فقال عمرو بن ميمون الأودي: “كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إفطاراً, وأبطأهم سحوراً”.
وتأخير الإفطار هو من فعل اليهود والنصارى, ثم صار شعاراً لبعض أهل البدع والأهواء, فقد ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر, لأن اليهود والنصارى يؤخرون”.
ومن الخطأ المنتشر في زماننا, أنهم يؤخرون أذان المغرب احتياطاً, وهذا الفعل خلاف السنة, وحرم الناس من تطبيق السنة, بل يترتب عليه أمور عظيمة, والله المستعان.
*الفائدة الثانية*: يستحب للصائم أن يفطر على رطب, فإن لم يجد فعلى تمر, فإن لم يجد فعلى الماء, ودليل ذلك ما ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي, فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات, فإن لم تكن حسا حسوات من ماء”.
وظاهر هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقتصر في إفطاره قبل صلاة المغرب على ذلك, وهو بخلاف ما هو منتشر في زماننا من أكل جميع الأصناف والشبع قبل صلاة المغرب, والله المستعان.
*الفائدة الثالثة*: لم يثبت ذكر مخصوص عند الإفطار أو قبله, وكل ما ورد في ذلك ضعيف لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأحسن الأحاديث في ذلك ما أخرجه أبو داود, والبزار, والدارقطني وغيرهم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: “ذهب الظمأ, وابتلت العروق, وثبت الأجر إن شاء الله”.
والحديث حسنه الدارقطني, والألباني, ولكن في إسناده مروان بن سالم المقفع مجهول الحال, لم يوثقه إلا ابن حبان على قاعدته في توثيق المجاهيل, ولهذا قال عنه الحافظ في التقريب: “مقبول” أي حيث يتابع, ولم يتابعه على رواية الحديث أحد, بل هو من أفراده, والله أعلم.
تنبيه سيف: حديث “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي, فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات, فإن لم تكن حسا حسوات من ماء”. أعله بعض أهل العلم
…………………………………
في الصحيحين: عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة – في رمضان – فقال له أنس: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين أو ستين، يعني آية» أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر، برقم (1921)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره، برقم (1097).
وفي لفظ آخر: «كم كان بين السحور والصلاة؟ قال: قدر خمسين آية» أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت الفجر، برقم (575)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره،
والمعنى بين الأذان – الذي هو دخول وقت الصلاة – وبين السحور – يعني بين السحور عند التسحر – قدر خمسين آية، وهو ما يقارب خمس دقائق، أو عشر دقائق، وهذا يدل على أن التأخير أفضل وهو أقوى للصائم، وأنشط له على العمل في النهار، فالسنة التبكير بالإفطار بعد غروب الشمس، والتأخير في السحور، ولهذا في بعض الروايات عن سهل بن سعد رضي الله عنه: «لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور» أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ذر رضي الله عنه، برقم (20805).
وهكذا جاء مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة» متفق على صحته، والسحور بالضم هو التسحر، هو الأكل بآخر الليل، والسحور بالفتح هو ما يؤكل، يقال له: سحور، من تمر أو طعام آخر. ويقول صلى الله عليه وسلم: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر» رواه مسلم في الصحيح، هذا يبين لنا أن الفصل بين صيام المسلمين وبين صيام اليهود والنصارى أكلة السحر، فالمعنى أن ترك ذلك
قال ابن عبد البر أحاديث تعجيل الإفطار وتأخير السحور صحاح متواترة وعند عبد الرزاق وغيره بإسناد صحيح عن عمرو بن ميمون الأودي قال كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إفطارا وأبطأهم سحورا
تنبيه: قال باحث: وهم الحافظ عبد الغني في عمدة الأحكام حيث عزا حديث سهل بن سعد إلى الصحيحين بهذ اللفظ: ” لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر (وأخروا السحور) ” مع أن هذه الزيادة ليست في الصحيحين؛ بل هي عند أحمد بسند ضعيف (فائدة: الظاهر – والله أعلم -: أنه لم يصح في (الحث) على تأخير السحور حديث).
ويدل على استحباب تأخير السحور أحاديث، منها ما أخرجه البخاري في “الصحيح” “كتاب الصوم، باب قدركم بين السحور وصلاة الفجر، 4/ 138/ رقم 1921″، عن زيد بن ثابت؛ قال: “تسحرنا مع النبي صلى لله عليه وسلم، ثم قام إلى الصلاة، قلت “أنس بن مالك”: كم بين الأذان والسحور؟ قال: “قدر خمسين آية”. وفعله صلى الله عليه وسلم يدل على الاستحباب.
—–
قلت سيف تتمات:
كلام أهل العلم في التحذير من مشابهة الكفار
قال ابن تيمية -رحمه الله – في” اقتضاءالصراط المستقيم”: ثم إن الصراط المستقيم هو أمور باطنة في القلب من اعتقادات، وإرادات وغير ذلك وأمور ظاهرة: من أقوال، أو أفعال قد تكون عبادات، وقد تكون أيضا عادات في الطعام واللباس، والوهذه الأمور الباطنة والظاهرة بينهما ارتباط ومناسبة، فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أموراً ظاهرة، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعوراً وأحوالاً.
وقد بعث الله محمداً ً صلى الله عليه وسلم بالحكمة التي هي سنته، وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له فكان من هذه الحكمة أن شرع له من الأعمال والأقوال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين، فأمر بمخالفتهم في الهدي الظاهر وإن لم يظهر لكثير في ذلك مفسدة لأمور: منها: أن المشاكة في الهدي الظاهر تورث تناسباً وتشاكلًا بين المتشابهين، يقود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس؛ فإن اللابس ثياب أهل العلم يجد في نفسه تخلق بأخلاقهم، ويصير طبعه متقاضياً لذلك، إلا أن يمنعه مانع.
ومنها: أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال، والانعطاف على أهل الهدى والرضوان وتحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين.
وكلما كان القلب أتم حياة، وأعرف بالإسلام الذي هو الإسلام -لست أعني مجرد التوسم به ظاهراً أو باطناً بمجرد الاعتقادات من حيث الجملة- كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطناً وظاهراً أتم وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد.
ومنها: أن مشاركتهم في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التميز ظاهرًا، بين المهديين المرضيين، وبين المغضوب عليهم والظالين، إلى غير ذلك من الأسباب الحكمية.
هذا إذا لم يكن ذلك الهدي الظاهر إلا مباحاً محضاً لو تجرد عن مشابهتهم، فأما إن كان من موجبات كفرهم؛ كان شعبة من شعب الكفر؛ فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع معاصيهم، فهذا أصل ينبغي أن يتفطن له.
نكاح، والمسكن، والاجتماع والافتراق، والسفر والإقامة، والركوب وغير ذلك
وقال شيخ الإسلام: ومما يدل من القرآن على النهي عن مشابهة الكفار قوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [البقرة: 104].
فهذا كله يبين أن هذه الكلمة نهى المسلمون عن قولها؛ لأن اليهود كانوا يقولونها، وإن كانت من اليهود قبيحة، ومن المسلمين لم تكن قبيحة، لما كان في مشابهتهم فيها من مشابهة الكفار.
وقال -رحمه الله -: عقب قوله تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) [المائدة: 55]: والموالاة والمودة، وإن كانت متعلقة بالقلب لكن المخالفة في الظاهر أعون على مقاطعة الكافرين ومباينتهم … ، ولما دل عليه الكتاب جاءت سنة رسول الله < وسنة خلفائه الراشدين التي أجمع الفقهاء عليها، بمخالفتهم وترك التشبه بهم ففي “الصحيحين” عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله <: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم».
أَمْرٌ بمخالفتهم وذلك يقتضي أن يكون جنس مخالفتهم أمرًا مقصودًا للشارع.
ثم قال شيخ الإسلام بعد المقطع السابق: ويوضح ذلك أنه لو لم يكن لقصد مخالفتهم تأثير في الأمر بالصبغ، لم يكن لذكرهم فائدة ولا حسن تعقيبه به وهذا وإن دل على مخالفتهم أمر مقصود للشرع، فذلك لا ينفي أن يكون في نفس الفعل الذي خولفوا فيه مصلحة مقصودة مع قطع النظر عن مخالفتهم فإن هنا شيئين:
أحدهما: أن نفس المخالفة لهم في الهدي الظاهر مصحلة، لمن تنور قلبه، حتى رأى ما اتصف به المغضوب عليهم، والضالون من المرض الذي ضرره أشد من ضرر أمراض البدن.
والثاني: أن نفس ما هم عليه من الهدي، والخلق قد يكون مضرًا أو منقصاً فينهى عنه، ويؤمر بضده لما في من المنفعة والكمال، وليس شيء من أمورهم إلا وهو إما مضر أو ناقص.
ثم قال: فقد تبين أن نفس مخالفتهم أمر مقصود للشارع في الجملة، ثم ذكر حديث: «غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود».
ثم قال: وهذا اللفظ دل على الأمر بمخالفتهم والنهي عن مشابهتهم؛ فإنه إذ نهى عن التشبه بهم في بقاء بيض الشيب الذي ليس من فعلنا؛ فَلَأَنْ ينهى عن إحداث التشبه بهم أولى؛ ولهذا كان هذا التشبه يكون محرماً …….
وذكر الحديث المتفق عليه «خالفوا المشركين احفوا الشوارب وأوفوا اللحى» وحديث «لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر لأن اليهود والنصارى يؤخرون» وحديث ابن عمر عند أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من تشبه بقوم فهو منهم». وقال: سنده جيد.
– ثم قال: وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره، يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله تعالى (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) [المائدة:51]. وبكل حال يقتضي تحريم التشبه بعلة كونه تشبهًا، والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه وهو نادر، ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك إذا كان أصل الفعل مأخوذًا عن ذلك الغير.
فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضًا ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه، ففي كون هذا تشبهًا نظر، لكن قد ينهى عن هذا؛ لئلا يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة
ولهذا أيضا كره أحمد: لباس أشياء كانت شعار الظلمة في وقته من السواد ونحوه، وكره هو وغيره تغميض العين في الصلاة وقال: هو من فعل اليهود.
ثم ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- أشياء من التشبه بالكفار، وأن أصل الشرك الذي نقل إلى العرب هو من التشبه بالكفار نقله عمرو بن لحي مُحرِّم البحيرة والسائمة والوصيلة، ثم قال: وإنما فعله -يعني عمرو بن لحي – متشبهًا فيه بغيره من أهل الأرض،
ثم ذكر -رحمه الله- أحاديث الأذان ومخالفة النبي صلى الله عليه وسلم فيها لليهود والنصارى.
قال شيخ الإسلام ممثلًا على هذا: وهذا المشابهة لليهود والنصارى، وللأعاجم من الروم والفرس لما غلبت على ملوك المشرق هي وأمثالها مما خالفوا به هدي المسلمين، ودخلوا فيما كرهه الله ورسوله سلط عليهم الترك الكافرون الموعود بقتالهم حتى فعلوا في العباد والبلاد ما لم يجر في دولة الإسلام مثله، وذلك تصديق قوله «لتركبن سنن من كان قبلكم».
ثم قال شيخ الإسلام -رحمه الله -: وأما الإجماع -يعني إجماع الصحابة ومن بعدهم فمن وجوه: من ذلك: أن أمير المؤمنين عمر، في الصحابة رضي الله عنهم، ثم عامة الأئمة بعده، وسائر الفقهاء، جعلوا في الشروط المشروطة على أهل الذمة من النصارى وغيرهم، فيما شرطوه على أنفسهم: ” أن نوقر المسلمين، ونقوم لهم من مجالسنا، إذا أرادوا الجلوس، ولا نتشبه بهم في شيء من لباسهم: قلنسوة، أو عمامة، أو نعلين، أو فرق شعر، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نكتنى بكناهم، ولا نركب السروج، ولا نتقلد السيوف، ولا نتخذ شيئا من السلاح، ولا نحمله، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية، ولا نبيع الخمور، وأن نجز مقادم رءوسنا، وأن نلزم زينا حيثما كان، وأن نشد الزنانير على أوساطنا، وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا، ولا نظهر صليبًا، ولا كتبًا، في شيء من طرق المسلمين، ولا أسواقهم، ولا نضرب بنواقيسنا في كنائسنا إلا ضربًا خفيًا، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين” رواه حرب بإسناد جيد.
وتكلم شيخ الإسلام -رحمه الله – عن عدم جواز مشابهتهم في الأعياد.
وذكر أن:
الآدمي إذا عاشر نوعًا من الحيوان اكتسب بعض أخلاقه، ولهذا صار الخيلاء والفخر في أهل الإبل، وصارت السكينة في أهل الغنم،
فالمشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة، توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي.
وقد رأينا اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين، هم أقل كفرًا من غيرهم، كما رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى، هم أقل إيمانًا من غيرهم ممن جرد الإسلام، والمشاركة في الهدي الظاهر توجب أيضًا مناسبة وائتلافًا، وإن بعد المكان والزمان، فهذا أيضًا أمر محسوس، فمشابهتهم في أعيادهم -ولو بالقليل- هو سبب لنوع ما من اكتساب أخلاقهم التي هي ملعونة انتهى من بحث لأحد الباحثين باختصار
قلت سيف: ودليل التفرق الموجب للتنافر حديث (لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم …. ) فكون المسلم يفارق الكافر، ولا يشابهه هذا أدعى لعدم الميل لهم
• من الأمور التي وافقهم النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الأمر ثم تركه:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وكان الفرق آخر الأمرين، ومما يشبه الفرق والسدل صبغ الشعر وتركه كما تقدم، ومنها صوم عاشوراء، ثم أمر بنوع مخالفة لهم فيه بصوم يوم قبله أو بعده، ومنها استقبال القبلة، ومخالفتهم في مخالطة الحائض حتى قال: “اصنعوا كل شيء إلا الجماع” فقالوا: ما يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه، وقد تقدم بيانه في كتاب الحيض، وهذا الذي استقر عليه الأمر. (الفتح)
• ضابط التشبه بالكفار
وبما أن الحديث كان يخالفهم فنذكر هنا الضابط الذي به نعرف أن هذا التشبه محرم أم أنه ليس من التشبه
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
مقياس التشبه أن يفعل المتشبِه ما يختص به المتشبَه به، فالتشبه بالكفار أن يفعل المسلم شيئاً من خصائصهم، أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار فإنه لا يكون تشبهاً، فلا يكون حراماً من أجل أنه تشبه، إلا أن يكون محرماً من جهة أخرى. وهذا الذي قلناه هو مقتضى مدلول هذه الكلمة. وقد صرح بمثله صاحب الفتح حيث قال (صـ272 ج10) “وقد كره بعض السلف لبس البرنس لأنه كان من لباس الرهبان، وقد سئل مالك عنه فقال: لا بأس به. قيل: فإنه من لبوس النصارى، قال: كان يلبس هاهنا”. أ. هـ. قلت: لو استدل مالك بقول النبي، صلى الله عليه وسلم، حين سئل ما يلبس المحرم، فقال: “لا يلبس القمص، ولا السراويل، ولا البرانس” الحديث لكان أولى. وفي الفتح أيضاً (صـ307 جـ1): وإن قلنا: النهي عنها (أي عن المياثر الأرجوان) من أجل التشبه بالأعاجم فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى، فتزول الكراهة. والله أعلم. أ. هـ.
وقال الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله:
وأقول: (مالا يفعله إلا الكفار بغير مقتضى الإنسانية) فإذا كان يفعلونه بمقتضى الإنسانية فإنه لا بأس أن نأخذه عنهم، مثلًا: السيارات، السيارات اختُرعت عند الكفار، ويركبون السيارات بمقتضى حاجة الإنسان إلى ركوبها، فنأخذ عنهم السيارات، ونركب السيارات، هذا بمقتضى الإنسانية، هذا ليس من باب التشبه، لكن إذا كان الفعل لا يفعله إلا الكفار، ويفعلونه بغير مقتضى الإنسانية، مثل بعض الألبسة الخاصة بهم، يمثِّل العلماء بطاقية اليهود مثلا، أو في الألبسة – أنا فيما يظهر لي والله أعلم – أن ما يسمى بالكرفتة من هذا الباب
من شرح الأصول الثلاثة في درسه في المسجد النبوي في موسم حج 1429 – 1430 هـ.
وراجع نقولات أكثر حول ذم مشابهة المشركين واليهود في الفوائد التي جمعناها على صحيح مسلم في شرحنا للحديث الذي فيه موافقة النبي صلى الله عليه وسلم اليهود في سدل شعورهم ثم فرق بعد ذلك وإنما وافق اليهود أول الأمر لظنه أن ذلك مما يستألف قلوبهم ثم أوحي إليه أنهم قوم بهت متكبرون.
– ذكر أصحاب نضرة النعيم النصوص التي فيها ذم الوهن فمما يخص موضوعنا:
– * (عن ثوبان- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلّة نحن يومئذ؟. قال: «بل أنتم يومئذ كثير، ولكنّكم غثاء كغثاء السّيل، ولينزعنّ الله من صدور عدوّكم المهابة منكم وليقذفنّ الله في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟. قال: «حبّ الدّنيا وكراهية الموت») أخرجه أبو داود (4297) واللفظ له، أحمد (5/ 278)، وذكره في جامع الأصول، وقال محققه (10/ 28): سنده قوي. وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 683) رقم (958)، وقال: الحديث بمجموع طرقه صحيح عندي، وهو في صحيح الجامع أيضا (6/ 264) رقم (8035).
قال سيف بن دورة وصاحبه: قال الألباني في سند سنن أبي داود: أبوعبدالسلام مجهول لكن تابعه ابو اسماء الرحبي.
الأحاديث الواردة في ذمّ (الوهن) معنى
– * (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزّرع، وتركتم الجهاد، سلّط الله عليكم ذلّا لا ينزعه حتّى ترجعوا إلى دينكم) أخرجه أبو داود (3462) واللفظ له، أحمد (2/ 28)، وكذا في (2/ 42) وذكره في جامع الأصول، وقال مخرجه (11/ 765): صحيح. وذكره الألباني في الصحيحة (1/ 15 – 17) رقم (11)، وقال: صحيح بمجموع طرقه، وهو في صحيح الجامع أيضا (1/ 175) رقم (416). .
قال سيف بن دورة وصاحبه: حديث سنن أبي داود فيه عطاء الخراساني وذكره ابن عدي في ترجمته أما الذهبي فذكره في ترجمة إسحاق أبي عبدالرحمن.
وورد من طريق الأعمش وهو مدلس.
وقول عائشة: اخبروا أن زيدا بطل عمله) وأعله الشافعي، وقال الدارقطني 3/ 52 في السنن: وفيه ام محبه والعاليه مجهولتان، وكذلك أعله ابن عبدالبر في الاستذكار. بينما ذهب ابن القيم لتحسينه حيث نقل عن بعضهم أنه رواه عن العاليه ثقتان ابوسحاق ويونس ابنها.
المهم بيع العينة يعتبر حيله.
– * (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «بعثت بالسّيف حتّى يعبد الله لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظلّ رمحي، وجعل الذّلّة والصّغار على من خالف أمري، ومن تشبّه بقوم فهو منهم») أخرجه أحمد (2/ 50) وقال الشيخ أحمد شاكر (7/ 121) حديث (5114): إسناده صحيح.
وقال الألباني إسناده حسن جلباب المرأة204
قال سيف بن دورة وصاحبه: فيه عبدالرحمن بن ثابت، وله طرق اختلف الباحثون هل تقويه ام لا؟ والراجح عدم التقوية، وراجع تحقيق البلوغ – دار الآثار.
قلت: وورد الأمر بمخالفة المشركين في الصحاح وغيرها، وورد في القرآن والسنة النهي عن توليهم، ومن المعلوم أن المشابهة الظاهرة تورث المودة (وراجع اقتضاء الصراط). انتهى من تحقيقنا لسنن أبي داود 4033 (
– * (عن أبي أمامة الباهليّ- رضي الله عنه- قال: ورأى سكّة وشيئا من آلة الحرث- فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم- يقول: «لا يدخل هذا بيت قوم إلّا أدخله الله الذّلّ) أخرجه البخاري … (2321).
ومن الأحاديث في ذم الذلة وتخص موضوعنا:
– * (عن حذيفة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «ما من قوم مشوا إلى سلطان الله ليذلّوه إلّا أذلّهم الله قبل يوم القيامة».
قال الهيثمي في مجموع الزوائد (5/ 216) وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا كثير بن أبي كثير التميمي وهو ثقة.
قال سيف وصاحبه: كثير بن أبي كثير مختلف فيه، وخولف، لكن روي عن قطبة عن حذيفة موقوفا أخرجه ابن أبي شيبه، وكذلك عن الأعمش عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع عن حذيفة موقوفا أخرجه عبدالرزاق
والبزار قال: لا أعرفه مرفوع الا بهذا الإسناد
وورد في أمالي المحاملي رواية ابن يحيى البيع
(329) -[327] حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زَيْدٍ، قَالَ: تَجَهَّزَتْ بَنُو عَبْسٍ إِلَى عُثْمَانَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ حُذَيْفَةَ، قَالَ: ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” إِنَّ أَوَّلَ فِرْقَةٍ تَسِيرُ إِلَى سُلْطَانِ اللَّهِ فِي الأَرْضِ لِيُذِلُّوهُ أَذَلَّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ”
وأخرجه ابن شبه في تاريخ المدينة من طريق حفص به وسمى زيد لكن قال زياد بن علاقة
، وحفص رمي بالاختلاط والتدليس، وبعضهم وثقه
– * (عن ربعيّ بن حراش- رضي الله عنه- قال: انطلقت إلى حذيفة بالمدائن ليالي سار النّاس إلى عثمان فقال: يا ربعيّ ما فعل قومك؟ قال:
قلت عن أيّ بالهم تسأل؟ قال: من خرج منهم إلى هذا الرّجل. فسمعت رجالا فيمن خرج إليه. فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من فارق الجماعة واستذلّ الإمارة لقي الله- عزّ وجلّ- ولا وجه له عنده».
أحمد (5/ 387) واللفظ له، والحاكم في المستدرك (1/ 119) وصححه ووافقه الذهبي.
قال محققو المسند: إسناده حسن، كثير أبو النضر -وهو ابن أبي كثير الكوفي- روى عنه جمع، وقال أبو حاتم: مستقيم الحديث، ووثقه ابن حبان، وضعفه ابن معين، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه القضاعي في “مسند الشهاب” (449)، والحاكم 1/ 119 و3/ 104 من طريق إسحاق بن سليمان، بهذا الإسناد.
وحديث (من أهان قريش أهانه الله)
——–
ثم إن هناك أسبابا للعقوبات والمصائب التي تحل بالمجتمعات منها:
أولا: الذنوب والمعاصي: يقول الله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [سورة الشورى الآية 30] ويقول سبحانه: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [سورة الروم الآية 41] ويقول سبحانه: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ) [سورة فاطر الآية 45]
(يُتْبَعُ) والنصوص في هذا الباب كثيرة متنوعة وهذا الأصل مقرر عند المسلمين أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة. يقول الله تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [سورة النور الآية 31] ومهما تعاظم الذنب فإن الله يتوب على من تاب (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [سورة الزمر الآية 53]
وثاني الأسباب العامة: ترك القيام بحقوق الله ونسيان الآخرة وعدم الاستعداد لها بالعمل الصالح: يقول الله تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) [سورة الأنعام الآية 44]
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه استدراج)). وقرأ هذه الآية. أخرجه الإمام أحمد.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: في ضمن حديث له: ((فو الله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم)) متفق عليه.
وثالث الأسباب العامة:
الركون إلى الدنيا والرضا بها والدعة وكثرة الترفه وظهور الفسق:
يقول الله تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [سورة الإسراء الآية 16] ومعنى أمرنا مترفيها أي أكثرنا فساقها، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه ابن حبان في صحيحه وغيره من الأئمة: ((إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والروم سلط بعضهم على بعض)) والمطيطاء: مشية فيها اختيال.
تنبيه الحديث الأخير رجح الدارقطني في العلل 12/ 389 المرسل. (الدراية بما زيد من أحاديث معلة) وقال العقيلي في ترجمة: موسى بن عبيدة: لا يتابع عليه إلا من طريق فيها ضعف. (تخريجنا لنضرة النعيم)