1406 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف ومراجعة سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة.
مجموعة أبي طارق تيسير وحسين البلوشي
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
1406 قال الإمام الترمذي رحمه الله: حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تخرج عنق من النار يوم القيامة لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول إني وكلت بثلاثة بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين.
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب.
قال أبو عبدالرحمن: هذا حديث صحيح ورجاله ثقات.
_____________
وصححه الألباني صحيح الترمذي2574 والوادعي غارة الفصل 121 وقال ابن رجب في التخويف من النار218. قيل: إنه ليس بمحفوظ بهذا الإسناد وإنما يرويه الأعمش عن عطية عن أبي سعيد
وراجع علل الدارقطني 1937، لكن فيه سقط فالكلام غير تام.
وذكر الألباني له في الشواهد؛ حديث: 3061 (صحيح)
وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصر بهما وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول إني وكلت بثلاثة بمن جعل مع الله إلها آخر وبكل جبار عنيد وبالمصورين
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح غريب
قال باحث: وقد أشار الترمذي إلى هذا، فقد جزم بكون الحديث غريب من رواية: «الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة»! ثم قال عقب روايته: «وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا».
وقال ابن رجب في «فتح الباري» [3/ 70] بعد أن عزاه من حديث الأعمش عن أبي صالح إلى الترمذي وأحمد: «وقد روي عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم خرجه الإمام أحمد أيضا، وقيل: إن هذا الإسناد هو المحفوظ»
وقال أيضًا في «التخويف بالنار» [ص/225/طبعة بشير عيون]: «وصححه الترمذي، وقد قيل: إنه ليس بحفوظ بهذا الإسناد، وإنما يرويه الأعمش عن عطية عن أبي سعيد، فقد روى الأعمش وغير واحد عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم».
وقبله أورد الدارقطني حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، في «العلل» [147/ 10]، وشرع في بيان الاختلاف في سنده، فقال: «يَروِيهِ الأَعمَشُ، اختُلِف عَنهُ، فَرَواهُ عَبد العَزِيزِ بن مُسلِمٍ القَسَمَلِيُّ، عَنِ الأَعمَشِ، عَن أَبِي صالِحٍ، عَن أَبِي هُرَيرة، قال رَسُولُ الله صلى الله وبركاته ذَلِك، وغَيرُهُ يَروِيهِ، عَنِ الأَعمَشِ، عَن …. ؟» وسقط باقي كلامه من مطبوعة «العلل»! ولعله كان يكون هكذا: «وغَيرُهُ يَروِيهِ، عَنِ الأَعمَشِ، عَن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري … »،
وليس لهذا الحديث أصل من رواية الأعمش عن أبي صالح، ولا من رواية أبي صالح عن أبي هريرة. وإنما الحديث: حديث الأعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد، ومن رواه عن الأعمش على غير هذا الوجه فقد غلط عليه ولا بد!
وللحديث شاهد من رواية عائشة به نحوه … مطولا، عند أحمد [110/ 6]، وأبي بكر الشافعي في «الغيلانيات» [1/رقم/911 /طبعة ابن الجوزي]، والآجري في «الشريعة» [3/ 1334 1335/طبعة دار الوطن]، من طريق يحيى بن إسحاق: حدثنا ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن القاسم عن عائشة به …
قلت: وابن لهيعة حاله معلومة؟ ولم يكن ممن يساق حديثه في صدد الاحتجاج به في دين الله إلا على مذهب من لا يعرفه؟
وبه أعله الهيثمي في المجمع [10/ 650] فقال: «رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله رجال الصحيح»،
وقد تساهل من قواه بحديث أبي سعيد فضلا عن حديث أبي هريرة! والله المستعان لا رب سواه.
انتهى بحروفه من: (رحمات الملأ الأعلى بتخريج مسند أبي يعلى) [رقم/1138].
__
قلت سيف: وهذه تتمات للبحث:
الحديث ذكره أصحاب نضرة النعيم في الأحاديث الواردة في ذم العناد:
وذكروا معه حديث واحد فقط:
عن عبد الله بن بسررضي الله عنه قال: أهديت للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شاة، فجثا رسول الله على ركبتيه يأكل، فقال أعرابيّ: ما هذه الجلسة؟ فقال: إنّ الله جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبّارا عنيدا»
وذكروه في الأحاديث الواردة في الخوف وذكروا اربع وخمسين حديثاً، وخمسة أحاديث فيها مثل تطبيقي لخوف النبي صلى الله عليه وسلم
وذكروه في الأحاديث التي وردت في الفجور معنى
وذكروه في الأحاديث التي في ذم الكبر والعجب.
والحديث ذكره الشيخ مقبل مستدلا به أن التصوير من الكبائر
وسبق أن بحثنا التصوير في فوائد مسلم
وقد جمع باحث مشاهد يوم القيامة من الحشر من القبور، وحشر النار للناس إلى أرض المحشر ودنو الشمس من الناس وتطاير الصحف ومرورهم على الصراط، ثم قال:
ننتقل الى استعراض آخر في كتاب الله عزوجل قال تعالى: ((ونفخ في الصور فجمعناهم جمعاوعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا )) {الكهف آية:100}
ان هذا العرض لجهنم مذكور في آيات أخر من القرآن الكريم. ….
((وجيء يومئذ بجهنم )) {الفجر آية:32}
اي جاء الملائكة بالسلاسل سحبا ((بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذّب بالساعة سعيرااذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا)) ((الفرقان آية:11 12}
((اذا رأتهم من مكان بعيد)) أي من مسيرة بعيدة جدا قيل إنها مسيرة خمسمائة عام ..
((سمعوا لها تغيظا وزفيرا)) أي إذا رأتهم جهنم سمعوا لها صوت التغيظ. عن أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من يقل علي مالم أقل فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدا)) قيل يا رسول الله وهل لها من عين؟ قال أما سمعتم الله عزوجل يقول ((إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا)) {الفرقان آية:12}
{رواه ابن جرير في تفسيره وابن ابي حاتم كما في تفسير ابن كثير}
يخرج عنق من النار له عينان تبصران ولسان ينطق فيقول وكلت بكل من جعل مع الله الها آخر فلهو ابصر بهم من الطير بحب السمسم فيلتقطه .. تفسير القرطبي ((وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا)) وكلمة عرضنا تعني الاستعراض .. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ((يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك يجرونها)) {روه مسلم والترمذي عن ابن مسعود}
والزمام: الحلقة التي فيها السلاسل ,فجهنم فيها سبعون الف زمام ,وكل زمام يسحبه سبعون الف ملك:
7000070000=4900000000 اربعة مليارات وتسعمائة مليون يسحبون جهنم ,ويأتى بها وتوضع في واديها ,وجهنم هذه دركات ,اي نزول نحو الاسفل بدليل قوله تعالى: ((ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار)) {النساء آية:145}
وبما أن النار تقرب من أهلها كذلك الجنة تقرب من أهلها:
وتقرب الجنة يومئذٍ ليراها من آمن بها وصدق ..
قال تعالى: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيد) [ق31]
وقوله تعالى (وََأُزْلِفَتِ) بمعنى أدنيت وقربت من المتقين ..
(غَيْرَ بَعِيدٍ) بحيث تشاهد وينظر ما فيها، من النعيم المقيم، والحبرة والسرور وإنما أزلفت وقربت لأجل المتقين لربهم، التاركين للشرك، كبيره وصغيره، الممتثلين لأوامر ربهم، المنقادين له.
وقيل (غَيْرَ بَعِيدٍ) يوم القيامة ليس ببعيد لأنه واقع لا محالة وكل ما هو آت قريب .. والأول هو الأليق بظاهر الآية والسياق. والله أعلم.
قال صاحب أضواء البيان:
مَسْأَلَةٌ.
اعْلَمْ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ النَّارَ تُبْصِرُ الْكَفَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا صَرَّحَ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ هُنَا: (إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) وَرُؤْيَتُهَا إِيَّاهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، تَدُلُّ عَلَى حِدَّةِ بَصَرِهَا كَمَا لَا يَخْفَى، كَمَا أَنَّ النَّارَ تَتَكَلَّمُ كَمَا صَرَّحَ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ: يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَاتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ [50\ 30] وَالْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، كَحَدِيثِ مُحَاجَّةِ النَّارِ مَعَ الْجَنَّةِ، وَكَحَدِيثِ اشْتِكَائِهَا إِلَى رَبِّهَا، فَأَذِنَ لَهَا فِي نَفْسَيْنِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا صَرَّحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، أَنَّهَا تَرَاهُمْ وَأَنَّ لَهَا تَغَيُّظًا عَلَى الْكُفَّارِ، وَأَنَّهَا تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا يَزْعُمُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ، مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ لِلْعِلْمِ مِنْ أَنَّ النَّارَ لَا تُبْصِرُ، وَلَا تَتَكَلَّمُ، وَلَا تَغْتَاظُ. وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ، أَوْ أَنَّ الَّذِي يَفْعَلُ ذَلِكَ خَزَنَتُهَا، كُلُّهُ بَاطِلٌ وَلَا مُعَوَّلَ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ نُصُوصَ الْوَحْيِ الصَّحِيحَةَ بِلَا مُسْتَنَدٍ، وَالْحَقُّ هُوَ مَا ذَكَرْنَا.
وَقَدْ أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ النُّصُوصَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا عَنْ ظَاهِرِهَا إِلَّا لِدَلِيلٍ يَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي مَحَلِّهِ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: إِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ النَّارَ تَرَاهُمْ هُوَ الْأَصَحُّ، ثُمَّ قَالَ لِمَا رُوِيَ مَرْفُوعًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّا بَيْنَ عَيْنَيْ جَهَنَّمَ مَقْعَدًا. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَهَا عَيْنَانِ؟ قَالَ: أَوَمَا سَمِعْتُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا، يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ لَهُ عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ فَيَقُولُ: وُكِّلْتُ بِكُلِّ مَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، فَهُوَ أَبْصَرُ بِهِمْ مِنَ الطَّيْرِ بِحَبِّ السِّمْسِمِ فَيَلْتَقِطُهُ ” وَفِي رِوَايَةٍ ” يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ فَيَلْتَقِطُ الْكُفَّارَ لَقْطَ الطَّائِرِ حَبَّ السِّمْسِمِ ” ذَكَرَهُ رَزِينٌ فِي كِتَابِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي قَبَسِهِ، وَقَالَ: أَيْ تَفْصِلُهُمْ عَنِ
الْخَلْقِ فِي الْمَعْرِفَةِ، كَمَا يَفْصِلُ الطَّائِرُ حَبَّ السِّمْسِمِ عَنِ التُّرْبَةِ، وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ” يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ فَيَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَبِالْمُصَوِّرِينَ ” وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ. انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْ كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ.
وَقَالَ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمَنْثُورِ: وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ” مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّا مَقْعَدًا مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْ جَهَنَّمَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ لِجَهَنَّمَ مِنْ عَيْنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ أَمَا سَمِعْتُمُ اللَّهَ يَقُولُ: إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ. فَهَلْ تَرَاهُمْ إِلَّا بِعَيْنَيْنِ ” وَأَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ” مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ، أَوِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ وَالِدَيْهِ، أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، فَلْيَتَبَوَّا بَيْنَ عَيْنَيْ جَهَنَّمَ مَقْعَدًا قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ لَهَا مِنْ عَيْنَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ أَمَا سَمِعْتُمُ اللَّهَ يَقُولُ: ” إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ” إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ، وَفِيهِ شِدَّةُ هَوْلِ النَّارِ، وَأَنَّهَا تَزْفِرُ زَفْرَةً يَخَافُ مِنْهَا جَمِيعُ الْخَلَائِقِ.
نَرْجُو اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا أَنْ يُعِيذَنَا وَإِخْوَانَنَا الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا، وَمِنْ كُلِّ مَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ.
قلت سيف: حديث خالد بن دريك عن رجل من الصحابة ذكره الألباني في الضعيفه 994 وحكم عليه بالوضع.
وورد بمعناه من حديث ابن عمر وحكم عليه أبوحاتم بالبطلان (العلل 2408)
وأما حديث أبي أمامه فهو عند الطبراني في الكبير 7599وفيه الاحوص بن حكيم قال أحمد: لا يسوى حديثه شيئا، كان له عندي شيئاً فخرقته
واسيد بن زيد قال ابن حجر: ضعيف افرط ابن معين فكذبه.
وقال النسائي متروك ..
دعاء غير الله ضلال:
أن الله تعالى قد اختص به في قوله: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [الرعد 14] وقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن 18]. وقوله: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً} [الجن 20].
وهذه الآيات مع ما تقدم فيها الدلالة على أن دعوة غير الله شرك وضلال، كما قال: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأحقاف 5].
وفي الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله عليه وسلم: “يخرج عنق من النار له عينان يبصران، وأذنا يسمعان، ولسان ينطق، يقول إني وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلها آخر، وبالمصورين” حديث حسن صحيح غريب.
أما علمت أن الله تعالى أمر نبيه بإخلاص العبادة له، كما نهاه أن يدعو غيره فقال: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ، أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر 3] وقال في آخر السورة: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَامُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} [الزمر 64].
وقد دعا صلى الله عليه وسلم إلى إخلاص جميع أنواع العبادة لله، وخلع الأنداد التي كانت تعبدها أهل الجاهلية من صنم وغيره، وجاهدهم على ذلك حق الجهاد، وناظر النصارى في عبادتهم المسيح بن مريم عليهما السلام، وأنزل الله تعالى النهي عن دعوة الأنبياء والصالحين والملائكة فقال: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} [الإسراء 56] والآيات بعدها نزلت فيمن يدعو المسيح وأمه والعزير والملائكة في قول أكثر المفسرين من السلف.
فمن بلغته هذه الأدلة وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرضيه الإعراض عن سؤال ربه والرغبة إليه ورجائه والاعتماد عليه: فقد ظن برسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو بريء منه،
الجبروت لله وحده:
ست وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله الجبار
1 إن الله تعالى هو الجبار الذي له العلو على خلقه، علو الذات، وعلو القدر والصفات، وعلو القهر والجبر، لا يدنو منه الخلق إلا بأمره، ولا يشفعون أو يتكلمون إلا من بعد إذنه، لن يبلغوا ضره فيضروه، ولن يبلغوا نفعه فينفعوه.
2 جبر الله تعالى خلقه على ما أراد أن يكونوا عليه من خلق، لا يمتنع عليه شيء منهم أبداً إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس: 82].
وقال تعالى: أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ [آل عمران: 83].
وقال: إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ [الأعراف: 54].
وقال: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ [فصِّلت: 12].
أي: استجيبا لأمري، وانفعلا لفعلي، طائعتين أو مكرهتين.
3 والله سبحانه جبر خلقه أيضاً على ما شاء من أمر أو نهي، بمعنى أنه شرع لهم من الدين ما ارتضاه هو، كما قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ [المائدة: 1].
فشرع لهم من الشرائع ما شاء، وأمرهم باتباعها ونهاهم عن العدول عنها، فمن أطاع فله الجنة ومن عصى فله النار. ولم يجبر أحداً من خلقه على إيمان أو كفر، بل لهم المشيئة في ذلك كما قال سبحانه: وَقُلِ الحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف: 29].
وقال: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا [الشمس: 7 10]. وهم مع ذلك لا يخرجون عن مشيئته.
ولو شاء الله لهدى الناس جميعاً، ولم يجعل لهم اختياراً كما قال سبحانه: أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا [الرعد: 31]، وقال: وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا [السجدة: 13].
4) الجبروت لله وحده وقد مدح الله بهذا الاسم نفسه وأما في حق الخلق فهو مذموم فما الفرق؟.
الفرق أنه سبحانه قهر الجبابرة بجبروته وعلاهم بعظمته لا يجري عليه حكم حاكم فيجب عليه انقياده، ولا يتوجه عليه أمر آمر فيلزمه امتثاله، آمر غير مأمور، قاهر غير مقهور لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء: 23].
وأما الخلق فهم موصوفون بصفات النقص مقهورون مجبورون تؤذيهم البقة وتأكلهم الدودة، وتشوشهم الذبابة، أسير جوعه، وصريع شبعه ومن تكون هذه صفته كيف يليق به التكبر والتجبر؟!
وقد أنكرت الرسل على أقوامها صفة التجبر والتكبر في الأرض بغير الحق كما قال تعالى عن هود صلى الله عليه وسلم أنه قال لقومه وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ إلى أن قال إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الشعراء: 130 135]. ولكنهم عاندوا واتبعوا أمر جبابرتهم فهلكوا أجمعين. قال تعالى وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ [هود: 59].
وقد كان التجبر سببا للطبع على قلوبهم فلم تعرف معروفاً ولم تنكر منكراً كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ [غافر: 35].
وقد توعد الله سبحانه الجبابرة بالعذاب والنكال، توعدهم بجهنم وبئس المهاد. قال تعالى وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَاتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ [إبراهيم: 15 17].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول: إني وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين)).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين … ))
5) الأرض كلها خبزة بيد الجبار سبحانه وتعالى يوم القيامة:
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة … )).
6) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بين السجدتين فيقول: ((اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وارفعني واهدني وعافني وارزقني)).
فكان يدعو بما دل عليه اسم الجبار جل وعلا.
قال ابن الأثير: وأجبرني أي أغنني، من جبر الله مصيبته: أي رد عليه ما ذهب منه وعوضه، وأصله من جبر الكسر.
وكان يعظم ربه أيضاً بهذا الاسم في الصلاة في الركوع والسجود كما جاء في حديث عوف بن مالك الأشجعي أنه كان يقول في ركوعه: ((سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة))، وفي سجوده مثل ذلك. النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمودص: 133
قلت سيف: وحديث الدعاء بين السجدتين ضعفه بعض الباحثين.
تنبيه 1: وفي البداية والنهاية بوب باب إبداء عين من النار وساق هذا الحديث وبعض الآثار.
تنبيه 2: ورد حديث آخر فيه ذكر العنق من النار
[يؤتى بأربعة يوم القيانة؛ بالمولود وبالمعتوه وبمن مات في الفترة والشيخ الفاني كلهم يتكلم بحجته فيقول الرب تبارك وتعالى لعنق من النار: ابرز فيقول لهم: إني كنت أبعث إلى عبادي رسل من أنفسهم وإني رسول نفسي إليكم ادخلوا هذه فيقول من كتب عليه الشقاء: يارب! أين ندخلها ومنها كنا نفر؟ قال: ومن كتب عليه السعادة يمضي فيقتحم فيها مسرعا قال: فيقول تبارك وتعالى: أنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية فيدخل هؤلء الجنة وهؤلء النار]
ولعلنا إن شاء الله نحققه في مكان آخر