1402 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف ومراجعة سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
مشاركة مجموعة طارق أبي تيسير.
1402 الصحيح المسند:
1402 قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا أحمد بن محمد المروزي وسلمة يعني ابن شبيب قالا حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري قال حدثني ثابت بن قيس أن أبا هريرة قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الريح من روح الله قال سلمة فروح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فإذا رأيتموها فلا تسبوها وسلوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها.
هذا حديث صحيح.
مجموعة طارق أبي تيسير
____
1 تخريج الحديث
قال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود: صحيح
وذكر باحث:
ان. إسناده صحيح وان حديث أبي هريرة أخبر عنه عبد الرزاق (11/ 89 رقم20004) وأحمد (2/ 267 268) وفي ((مسائل صالح)) (474) والذهلي في ((الزهريات)) (27) وأبو داود (5097) والخرائطي في ((المكارم)) (2/ 924) والطبراني في ((الدعاء)) (971) والبغوي في ((شرح السنة)) (4/ 392) والحافظ ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (5/ 120) عن معمر بن راشد.
وأحمد (2/ 250و409و436 437) والبخاري في ((الأدب المفرد)) (720) وابن ماجه (3727)
قال المنذري: وأخرجه النسائي وابن ماجة وأخرجه النسائي أيضا من حديث سعيد بن المسيب عن أبي هُريرة ومن حديث عمر بن سليم الزرقي عن أبي هُريرة، والمحفوظ حديث ثابت بن قيس.
ثانيااحاديث أخرى في الباب
1 وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ، قَالَ: ((اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ))، قَالَتْ: وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ [2]، تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ، سُرِّيَ عَنْهُ [3]، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: ((لَعَلَّهُ، يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: ل فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ل [الأحقاف: 24]
2 وعن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لاَ تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ، وَخَيْرِ مَا فِيهَا، وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ))
3 وعن أنس قال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا هَاجَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ قَالَ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ))
4 وعن ابن عباس قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا هَاجَتْ رِيحٌ اسْتَقْبَلَهَا وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ: وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا))
5 وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال: ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَدَّ الرِّيحُ قَالَ: “اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أُرْسِلَ فِيهَا))
6 وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَدَّتِ الرِّيحُ قَالَ: ((اللهُمَّ لَقَحًا لَا عَقِيمًا))
7 وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رأى ناشئا فِي أفق من آفَاق السَّمَاء ترك عمله وَإِن كَانَ فِي صَلَاة وأقبل عليه [ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّها]، فَإِنْ كَشَفَهُ اللَّهُ، حَمِدَ اللَّهَ، وَإِنْ مَطَرَتْ، قَالَ: اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا))
8 وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا وَقَعَتْ كَبِيرَةٌ، أَوْ هَاجَتْ رِيحٌ مُظْلِمَةٌ، فَعَلَيْكُمْ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِنَّهُ يُجَلِّي الْعَجَاجَ الْأَسْوَدَ))
قال الألباني موضوع
الرَّوْحُ؛ بفتح الراء وسكون الواو؛ بمعنى: الرحمة، ونسيم الريح، والراحة، انظر: (لسان العرب) وعلى المعنى الأول تكون صفة لله تعالى.
· ورود (رَوْح) بمعنى (رحمة) في القرآن الكريم:
قوله تعالى: وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ [يوسف: 87].
قال ابن جرير: (إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ الله؛ يقول: لا يقنط من فرجه ورحمته ويقطع رجاءه منه)، ثم نقل بسنده عن قتادة قوله: (وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ؛ أي: من رحمته).
وقال البغوي: (مِنْ رَوْحِ اللهِ؛ أي: من رحمة الله، وقيل: من فَرَجِه).
وقال السعدي في تفسير الآية: (وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ؛ فإن الرجاء يوجب للعبد السعي والاجتهاد فيما رجاه، والإياس يوجب له التثاقل والتباطؤ، وأولى ما رجا العباد فضل الله وإحسانه ورحمته ورَوْحه. إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ، فإنهم لكفرهم يستَبعدون رحمته، ورحمته بعيدة منهم، فلا تتشبَّهوا بالكافرين، ودلَّ هذا على أنه بحسب إيمان العبد يكون رجاؤه لرحمة الله وروحه).
· ورود لفظة (رَوْح) في السنة:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((الريح من رَوْح اللهِ … )).
و (رَوْح) هنا إما بمعنى رحمة أو هي نسيم الريح، وعلى الأول تكون صفة، وعلى الثاني تكون من إضافة المخلوق لله عزَّ وجلَّ.
قال ابن الأثير: (وفيه: ((الريح من روح الله))؛ أي: من رحمته بعباده).
وقال النووي: (((من روح الله))؛ هو بفتح الراء، قال العلماء: أي: من رحمة الله بعباده).
ولشيخ الإسلام تفسير آخر للحديث، في لفظة (رُوح)؛ بالضم، وكأنه جعل لفظ الحديث: ((الرِّيح من رُوحِ الله)).
الرُّوح؛ بالضم: خلقٌ من مخلوقات الله عزَّ وجلَّ، أضيفت إلى الله إضافة ملكٍ وتشريفٍ لا إضافة وصف؛ فهو خالقها ومالكها، يقبضها متى شاء ويرسلها متى شاء سبحانه، وقد وردت في الكتاب والسنة مضافة إلى الله عزَّ وجلَّ في عدة مواضع.
· ذكرها في الكتاب:
1 قوله تعالى: وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [النساء: 171].
2 وقوله: فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي [الحجر: 29]، ص: 72 [.]
3 وقوله: فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا [مريم: 17]
4 وقوله: ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ [السجدة: 9].
·ذكرها في السنة:
1 حديث أبي هريرة رضي الله عنه في استفتاح الجنة، وفيه: (( … فيأتون آدم … ثم موسى عليهما السلام، فيقول: اذهبوا إلى عيسى كلمة الله ورُوحُه … )).
2 حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الشفاعة، وفيه: (( … يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه … فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى! أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ورُوحٌ منه … )).
أقوال العلماء في (الرُّوح) المضافة إلى الله تعالى:
1 قال ابن تيمية: (فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أن يكون المضاف إلى الله صفة له، بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس بصفة له باتفاق الخلق؛ كقوله تعالى: بيت الله، وناقة الله، وعباد الله، بل وكذلك روح الله عند سلف المسلمين وأئمتهم وجمهورهم، ولكن؛ إذا أضيف إليه ما هو صفة له وليس بصفة لغيره؛ مثل كلام الله، وعلم الله، ويد الله … ونحو ذلك؛ كان صفةً له).
وقال: (قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الريح من روح الله))؛ أي: من الروح التي خلقها الله، فإضافة الروح إلى الله إضافة ملك، لا إضافة وصف؛ إذ كل ما يضاف إلى الله إن كان عيناً قائمة بنفسها فهو ملك له، وإن كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به؛ فهو صفة لله؛ فالأول كقوله نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا، وقوله: فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا، وهو جبريل، فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تقِيَّاً قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيَّاً، وقال: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا، وقال عن آدم: فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ).
2 وقال ابن القيم: (فصل: وأما المسألة السابعة عشرة، وهي: هل الروح قديمة أم محدثة مخلوقة؟ وإذا كانت محدثة مخلوقة، وهي من أمر الله؛ فكيف يكون أمر الله محدثاً مخلوقاً؟ وقد أخبر سبحانه أنه نفخ في آدم من روحه؛ فهذه الإضافة إليه هل تدل على أنها قديمة أم لا؟ وما حقيقة هذه الإضافة؛ فقد أخبر عن آدم أنه خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، فأضاف اليد والروح إليه إضافة واحدة؟.
فهذه مسألة كم زلَّ فيها عالم، وضل فيها طوائف من بني آدم، وهدى الله أتباع رسوله فيها للحق المبين والصواب المستبين، فأجمعت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم على أنها محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة مدبرة، هذا معلوم بالاضطرار من دين الرسل صلوات الله وسلامه عليهم؛ كما يُعلم بالاضطرار من دينهم أنَّ العالم حادث، وأن معاد الأبدان واقع، وأن الله وحده الخالق، وكل ما سواه مخلوق له، وقد انطوى عصر الصحابة والتابعين وتابعيهم وهم القرون المفضلة على ذلك من غير اختلاف بينهم في حدوثها وأنها مخلوقة، حتى نبغت نابغة ممَّن قصر فهمه في الكتاب والسنة، فزعم أنها قديمة غير مخلوقة، واحتج بأنها من أمر الله، وأمره غير مخلوق، وبأن الله تعالى أضافها إليه كما أضاف إليه علمه وكتابه وقدرته وسمعه وبصره ويده، وتوقف آخرون فقالوا: لا نقول مخلوقة ولا غير مخلوقة … ).
ثم نقل كلام الحافظ أبي عبد الله بن منده والحافظ محمد بن نصر المروزي، وهما من القائلين بأنها مخلوقة، ثم قال: (ولا خلاف بين المسلمين أنَّ الأرواح التي في آدم وبنيه وعيسى ومَن سواه من بني آدم كلها مخلوقة لله، خلقها وأنشأها وكوَّنها واخترعها، ثم أضافها إلى نفسه كما أضاف إليه سائر خلقه، قال تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ [الجاثية: 13]) اهـ.
3 وقال ابن كثير: (وَرُوحٌ مِنْهُ؛ كقوله: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ؛ أي: من خلقه ومن عنده، وليست (من) للتبعيض؛ كما تقول النصارى عليهم لعائن الله المتتابعة، بل هي لابتداء الغاية، وقد قال مجاهد في قوله: وَرُوحٌ مِنْهُ، أي ورسول منه، وقال غيره: ومحبة منه، والأظهر الأول؛ أنه مخلوق من روح مخلوقة، وأضيفت الروح إلى الله على وجه التشريف؛ كما أضيفت الناقة والبيت إلى الله).
نقل أبو موسى المديني كلاماً نافعاً جدًّا لأبي إسحاق إبراهيم الحربي عن الاختلاف في قراءة وتفسير (الرّوْح)؛ فراجعه إن شئت.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (لم يعبر أحدٌ من الأنبياء عن حياة الله بأنها رُوحُ الله فمن حمل كلام أحدٍ من الأنبياء بلفظ الروح أنه يراد به حياة الله فقد كذب).
شرح السنة للإمام البغوي
1153 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ (ح) وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا الثِّقَةُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَخَذَتِ النَّاسَ رِيحٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، وَعُمَرُ حَاجٌّ، فَاشْتَدَّتْ، فَقَالَ عُمَرُ لِمَنْ حَوْلَهُ: مَا بَلَغَكُمْ فِي الرِّيحِ؟ فَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَيْهِ شَيْئًا، فَبَلَغَنِي الَّذِي سَأَلَ عُمَرُ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الرِّيحِ، فَاسْتَحْثَثْتُ رَاحِلَتِي حَتَّى أَدْرَكْتُ عُمَرَ، وَكُنْتُ فِي مُؤَخَّرِ النَّاسِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُخْبِرْتُ أَنَّكَ سَأَلْتَ عَنِ الرِّيحِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: “الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، تَاتِي بِالرَّحْمَةِ وَبِالْعَذَابِ، فَلا تَسُبُّوهَا، وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا، وَعُوذُوا بِهِ مِنْ شَرِّهَا”.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطَّاهِرِيُّ، أَنَا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، أَنَا إِسْحَاقُ الدَّبَرِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَأَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الإِسْفَرَايِينِيُّ، أَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُسْلِمٍ، نَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي زِيَادٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
قوله: “الريح من روح الله” أي: من رحمته، ومنه قوله سبحانه وتعالى: ولا تيئسوا من روح الله [يوسف: 87] أي: من رحمته، وقيل في قوله عز وجل: وأيدهم بروح منه [المجادلة: 22] أي: برحمة.
وروي عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: “اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به”.
وروي عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق قال: “اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك”.
وروي عن ابن عباس قال: ما هبت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه [وقال: اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً] وقال: “اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً”.
قال ابن عباس في كتاب الله: إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً [القمر: 19] و أرسلنا عليهم الريح العقيم [الذاريات: 41]، وقال سبحانه وتعالى: وأرسلنا الرياح لواقح [الحجر: 22] و أن يرسل الرياح مبشرات [الروم: 46].
روي عن عبد الله بن عمرو قال: الرياح ثمان، أربع عذاب، وأربع رحمة، فأما الرحمة: فالناشرات، والذاريات، والمرسلات، والمبشرات، وأما العذاب: فالعاصف، والقاصف، وهما في البحر، والصرصر والعقيم، وهما في البر.
الكتاب:شرح السنة للإمام البغوي رقم الجزء:4 رقم الصفحة:391
قلت سيف: تتمات:
قلنا في رياح المسك العطرة بمشاركة أحمد بن علي حول معاني الريح وأحكامها، فيه الحكم على بعض الأحاديث التي أوردها الأخوة:
[بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نُصِرْتُ بِالصَّبَا]
1035 حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ
1 فيه أن الله يضع القوة حيث شاء من خلقه، فحيث الهواء الذي فيه حياة الناس يجعله الله سبباً للهلاكهم.
2 فيه أن الهواء جند من جنود الله عز وجل.
3 فيه العمل بالأسباب، فالله قادر على إهلاكهم بغير سبب ولكن شاءت حكمته أن يهلكهم بسبب.
4 فيه بيان قوة الهواء وأنه لا يستهان به.
ذكر باحث: جنود لرب العزة فقال:
أسباب السماوات والأرض:
ومما ينصر الله به عباده المتقين أن يسخر لهم أسباب السماوات والأرض، التي لا يحيط بعلمها إلا هو ـ سبحانه وتعالى.
ومن هذه الأسباب ما يلي:
1 ـ الريح:
الريح من جنود الله ـ تعالى ـ التي لا يقاومها شيء، فإذا خرجت عن سرعتها المعتادة ـ بإذن ربها ـ دمرت المدن وهدمت المباني، واقتلعت الجبال والأشجار، وقد وصفها الله ـ سبحانه وتعالى ـ (العاتية) في قوله: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} [الحاقة: 6]
وفي الحديث المتفق عليه «أن النبي صلى الله عليه وسلم
في غزوة تبوك قال لأصحابه: «ستهب عليكم الليلة ريح شديدة، فلا يَقُمْ فيها أحد، فمن كان له بعير فليشد عقاله» فهبت ريح شديدة، فقام رجل، فحملته الريح حتى ألقته بجبل طيء».
بل إن الريح قد قاتلت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق،
وفي تفسير ابن كثير عند قول الله ـ سبحانه ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الأحزاب: 9].
قال مجاهد: هي الصَّبا، أُرسِلَتْ على الأحزاب يوم الخندق حتى ألقت قدورهم، ونزعت فساطيطهم.
ويدل على هذا ما ثبت عند مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «نُصِرتُ بالصَّبا، وأُهلِكتْ عاد بالدَّبُور».
وقد روى مسلم أيضاً في صحيحه عن حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ «أن رجلاً قال له: لو أدركتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم
لقاتلتُ معه وأبليت. فقال له حذيفة: أكنت تفعل ذلك؟ لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب في ليلة ذات ريح شديدة وقر … إلى أن قال حذيفة ـ كما في رواية يونس بن بكير عن زيد بن أسلم ـ: … في ليلة باردة مطيرة … ثم ذكر نحو ما تقدم مطولا وروى بلال بن يحيى العبسي عن حذيفة نحو ذلك أيضاً.
وقد أخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل من حديث عكرمة بن عمار عن محمد بن عبدالله الدؤلي عن عبدالعزيز ابن أخي حذيفة وفيه ( …. وإذا الريح في عسكرهم ما تجاوز عسكرهم شبراً؛ فوالله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفرشهم، الريح تضربهم بها، ثم خرجتُ نحو النبي ل فلما انتصفت الطريق؛ إذ أنا بنحوٍ من عشرين فارساً معتمين «وهم الملائكة» فقالوا: أخبر صاحبك أن الله ـ سبحانه ـ كفاه القوم». اهـ
تفسير ابن كثير مختصر [سورة الأحزاب آية 10]
قلت سيف: تنبيه: حديث حذيفة من طريق عبدالعزيز ابن أخي حذيفة عن حذيفة قال محقق دار الفتح: إسناده ضعيف ولبعضه شواهد.
ففيه عكرمة بن عمار ومحمد الدؤلي وابن اخي حذيفة.
ووردت قصة الريح كذلك عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي فذكره من حديث حذيفة، ومحمد بن إسحاق دلس لكنه في المتابعات كما ذكر ابن كثير بعض الأسانيد.
تنبيه: مما ذكر ابن كثير: قالت الجنوب للشمال ليلة الأحزاب: انطلقي ننصر رسول الله لفقالت الشمال: إن الحرة لا تسري بالليل، قال: فكانت الريح التي ارسلت عليهم الصبا. وعزاه لابن جرير.
لكنه من مراسيل عكرمة.
وقد أخبر النبي ل أن الله ـ سبحانه ـ يرسلها (أي الريح) على قوم من هذه الأمة، قد تمادوا في غيهم وعصيانهم؛ فتهلكهم، كما في حديث أبي أمامة الباهلي ـ رضي الله عنه ـ أن النبيل
قال: «يبيت طائفة من أمتي على أكل، وشرب، ولهو، ولعب، ثم يصبحون قردة وخنازير، ويُبعث على أحياء من أحيائهم ريح، فتنسفهم كما نسفت من كان قبلكم؛ باستحلالهم الخمر، وضربهم بالدف، واتخاذهم القينات»
وهذا الحديث فيه علل بينها محققو المسند [36/ 564]، أما الخسف والمسخ له شواهد.
بوب ابن منده في كتاب التوحيد:
ذِكْرُ آيَةٍ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ , وَأَنَّهُ مُرْسِلُ الرِّيَاحَ وَالرِّيحَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ. . . . . . وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ. . .} الْآَيَةَ وَقَالَ: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر: 22] وَقَالَ: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ. . .} [الفرقان: 48] وَقَالَ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ. . .} [الروم: 46] , بَيَانُ أَسْمَاءِ الرِّيَاحِ وَالرِّيحِ مِنَ الْكِتَابِ وَالْأَثَرِ , وَهِيَ الرَّحْمَةُ، وَالْمَخِيلَةُ، وَالْلَوَاقِحُ، وَالْأَزِيبُ، وَالذَّارِيَاتُ، وَالْمُثِيرَةُ، وَالْمَنْشُورَةُ، وَالْمُؤَلَّفَةُ، وَالْعَقِيمُ، وَالْقَاصِفُ، وَالصَّرْصَرُ وَمِنَ الْأَثَرِ: الصَّبَاءُ، وَالشَّمَالُ، وَالْجَنُوبُ، وَالدُّبُرُ.
ثم ذكر بعض الأحاديث حديث [نصرت بالصبا … ] وحديث [إذا رأى في السماء مخيلة؛ دخل وخرج … ]
ثم ذكر:
ذِكْرُ الْفَرْقِ بَيْنَ الرِّيحِ وَالرِّيَاحِ وَمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُرْسِلُ الرِّيحَ لِلنِّقْمَةِ، وَالرِّيَاحَ لِلرَّحْمَةِ، وَمَنْ قَالَ: مَعْنَى الرِّيَاحِ وَالرِّيحِ وَاحِدٌ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] وَقَالَ تَعَالَى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} [فصلت: 16] الْآَيَةَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , أَنَّ النَّبِيليَدْعُو إِذَا رَأَى الرِّيحَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا، وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا». وَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ الرِّيَاحَ فَهِيَ الرَّحْمَةُ , وَالرِّيحُ الْعَذَابُ.
وهذه المسألة سبق التعرض لها الباب السابق.
أما الطحاوي في شرح مشكل الآثار: فرد على أبي عبيدة قوله: أن الرياح بالجمع الرحمة، وما كان منها من العذاب فإنه على واحدة، وذكر الأدلة على خطأ ذلك من القرآن والسنة ومنه قوله تعالى {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ل حَتَّىل إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} ثم ما يدل على ذلك من السنة، عن أبي بن كعب {اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح … } ونقل عن النسائي ترجيح الوقف وعن أبي هريرة (الريح من روح الله … ) وسبق الكلام عليه في الباب السابق وأنه ضعيف، وعن عائشة {كان رسول اللهل إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها …. } ثم استدل بحديث (نصرت بالصبا .. ) وانظر الأبواب السابقة.
ثم استدلال الطحاوي بالآية قوي. وجعل ابن مندة أن الريح والرياح بمعنى واحد احتمال، كما سبق النقل عنه.
أما البيهقي فبوب في سننه الكبرى [3/ 507] باب أي ريح يكون بها المطر.
وذكر حديث الباب {نصرت بالصبا … }
ثم ذكر أثر من طريق الأعمش عن المنهال بن عمرو فقال عن قيس بن السكن عن مسعود {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا} [النبأ: 14] قال: ” يبعث الله الريح فتحمل الماء من السماء، فتمر في السحاب حتى تدر كما تدر اللقحة، ثم تبعث من السماء أمثال العزالي فتصر به الرياح؛ فينزل متفرقا ”
واسناده جيد.
ثم ذكر مرسل لقتادة أن الجنوب هي تأتي بالمطر، ثم حديث لأبي ذر كذلك، لكن فيه يزيد بن جعدبه فإن كان الحفيد كما ذهب إليه ابن عدي فهو كذاب، وذكر الحديث في ترجمته، وخالفه الذهبي فقال الاحتمال الأكبر أنه جد لصاحب الترجمة (الميزان).
المهم الجد مجهول.
وأورد حديث سلمة بن الأكوع مرفوعاً (اللهم لقحا لا عقيما) وهو في الصحيح المسند [446]
وكذلك هو في الصحيحة برقم [2058]
أما البغوي في شرح السنة فبوب:
[باب الخوف من الريح]
قال الله سبحانه وتعالى: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية} [الحاقة: 6]، قال ابن عيينة: عتت على الخزان {سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما} [الحاقة: 7] أي: متتابعة، جمع حاسم، مثل: شاهد وشهود، وقيل: حسوما، أي: دائمة، وقال الليث: حسوما، شؤما عليهم ونحسا.
حسوما: من الحسم يعني: تحسم عنهم كل خير وتقطع.
أكثر من توسع في ذكر أحاديث وآثار الرياح الأصبهاني في كتابه العظمة.
قال ابن الملقن: في الحديث تفضيل بعض المخلوقات على بعض، وإخبار المرء عن نفسه بما خصه الله به، والإخبار عن الأمم الماضية وإهلاكها على وجه التحدث بالنعم والاعتراف بها والشكر له لا على وجه الفخر في حقنا.
ذكر ابن حجر: أن من الرياح الصبا وهو شرقية وتسمى القَبول لمقابلتها باب الكعبة، والدبور لأنها تستدبره، وفي هذه الأسماء معنى لطيف، وهو أن المقبلين على الله فلهم القبول، والمدبرين عن الله لهم الدبور.
وذكر من الرياح الجنوب والشمال، أما النكباء فهي التي تهب من بين جهتين.
ونقل ابن الملقن أنواع الرياح في التوضيح: وقال: في إشعار العرب أن الجنوب هي التي تجمع السحاب، والشمال تقصره، والصبا تسلي عن المكروب، فهذه الثلاثة تأتي بخير وهي المنشآت.
تنبيه:
وردت رواية (نصرت بالصبا وكانت عذابا على من قبلنا) وهو ضعيف جدا قاله الألباني كما في الضعيفه [5252]
وقلنا في:
[بَابُ إِذَا هَبَّتِ الرِّيحُ]
1034 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: «كَانَتِ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ إِذَا هَبَّتْ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم »
فيه أن إذا هبت الريح الشديدة لا يفرح بها مثل نزول المطر.
الاستعداد بالمراقبة لله عز وجل والالتجاء إليه عند اختلاف الأحوال وحدوث ما يخاف بسببه والله أعلم بحقيقة الحال. {ذكرها ابن بطال}
وقد ورد في حديث أبي هريرة مرفوعا: «الريح من روح الله تأتي بالرحمة وبالعذاب فلا تسبوها»، وقد ورد في تمام حديث ابن عباس «اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا»، وهو يدل أن المفرد يختص بالعذاب والجمع بالرحمة قال ابن عباس: في كتاب الله {إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا} [القمر: 19] {إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم} [الذاريات: 41] {وأرسلنا الرياح لواقح} [الحجر: 22] {أن يرسل الرياح مبشرات} [الروم: 46] رواه الشافعي في الدعوات الكبير، وهو بيان أنها جاءت مجموعة في الرحمة ومفردة في العذاب فاستشكل ما في الحديث من طلب أن تكون رحمة، وأجيب بأن المراد لا تهلكنا بهذه الريح؛ لأنهم لو هلكوا بهذه الريح لم تهب عليهم ريح أخرى فتكون ريحا لا رياحا.
[الصنعاني في سبل السلام]
قال صاحبنا أحمد بن عبدالعزيز: حديث «اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا» ذكره الألباني في الضعيفه. 4217
أما حديث (الريح من روح الله) هو في الصحيح المسند 1402.
وقال صاحبنا حسين راجع العلل 133 للدارقطني
قلت سيف: رجح الدارقطني الموقوف.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
يخاف عليه الصلاة السلام، يخاف أن يكون عذابا هذا وهو في زمنه وفي قرنه، وقرنه خير القرون، ومع ذلك يخاف عليه الصلاة والسلام، أن يكون عذاب، ولهذا إذا رأى السحاب مقبلا عُرف في وجهه، وأقبل وأدبر، فيقال له في ذلك فيقول وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عذب قوم بالريح، والريح الشديدة هي التي تخرج عن المألوف والمعهود، أما الرياح العادية فهي قد تخف أحيانا، وقد تشتد أحيانا، لكن المراد بهذا الحديث الشديدة ..
فماذا يقول إذا هبت ريح شديدة؟
ورد من حديث عائشة (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به). (رواه مسلم)
ويقول ذلك بإخلاص ويقين وخوف ..
قلت سيف:
حديث عائشة راجع بمعناه حديث أبي في الصحيح المسند 6 من قوله صلى الله عليه وسلم أخرجه الترمذي وذكر الترمذي أنه ورد في الباب عن عائشة وابي هريرة وعثمان بن أبي العاص وأنس وابن عباس وجابر.
وثبت كذلك حديث في الصحيح المسند 447 (إذا اشتدت الريح قال: اللهم لقاحا لا عقيما) وراجع الصحيحة 2058. وسبق ذكره
قال النووي في شرح المجموع: لقحا: حامل للماء كاللقحة من الإبل، والعقيم التي لا ماء فيها كالعقيم من الحيوان لا ولد فيها.