1385 التعليق على الصحيح المسند
جمع بعض طلاب العلم
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——-
الصحيح المسند
1385 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (لتقمصن بكم قماص البكر) يعني الأرض
———
في تفسير الماوردي:
{إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} قوله تعالى {إذا زُلزِلت الأرض زِلزالها} أي حركت الأرض حركتها , والزلزلة شدة الحركة , فيكون من زل يزل. وفي قوله {زِلزالها} وجهان: أحدهما: لأنها غاية زلازلها المتوقعة. الثاني: لأنها عامة في جميع الأرض , بخلاف الزلازل المعهودة في بعض الأرض. وهذا الخطاب لمن لا يؤمن بالبعث وعيد وتهديد , ولمن يؤمن به إنذار وتحذير , واختلف في هذه الزلزلة على قولين: أحدهما: أنها في الدنيا من أشراط الساعة , وهو قول الأكثرين.
مجموعة عبدالحميد
بوب الهيثمي على حديث ((لتقمصن بكم … ))
باب كيف تفعل الأرض بالناس كما في كشف الأستار
ومعنى لتقمصن الزلزلة
وورد إن من أشراط الساعة: كثرة الزلازل
من أشراط الساعة: كثرة الزلازل
أقسام أشراط الساعة
تنقسم أشراط الساعة إلى قسمين:
أشراط صغرى: وهي التي تتقدم الساعة
بأزمان متطاولة وتكون من نوع المعتاد:
كقبض العلم وظهور الجهل والتطاول في البنيان .. وقد يظهر بعضها مصاحبًا للأشراط الكبرى أو بعدها.
أشراط كبرى: وهي التي تقارب قيام الساعة مقاربة وشيكة سريعة وتكون في ذاتها غير معتادة الوقوع: كظهور الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج يأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها.
وقسم بعض أهل العلم أشراط الساعة من
حيث ظهورها إلى ثلاثة أقسام:
قسم ظهر وانقضى ووقع وفق ما قال النبي
صلى الله عليه وسلم مثل ظهور الفتن، وقتال الترك، …
قسم وقعت مباديه ولم يستحكم ولا يزال يتتابع ويكثر مثل: خروج الدجالين، وكثرة الزلازل.
قسم لم يقع منه شيء ولكنه سيقع.
وأما القسم الثالث فيشترك فيه الأشراط
الكبرى، وبعض الأشراط الصغر
ومن هنا يتضح أن “كثرة الزلازل” من أشراط
الساعة الصغرى التي ظهرت بدايتها ولا تزال تتابع وتكثر حتى تستحكم وحتى يطلق على بعض الأوقات “سنوات الزلازل” كما سيأتي بيانه في الأحاديث الثابتة عن النبي – صلى الله عليه وسلم.
الزلازل وهل هذا وقتها؟!
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي
صلى الله عليه وسلم: “لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج – وهو القتل – وحتى يكثر فيكم المال فيفيض.
التنبيه إلى وقت تكاثر الزلازل ومدى ارتباطه بتفشي المعاصي وظهور المنكرات من قبض العلم، وتقارب الزمان، وظهور الفتن، وكثرة القتل ..
و أن المراد بكثرة الزلازل هو أن يتوافر فيها صفتان: الشمول، والاستمرار والدوام. قال الحافظ ابن حجر: “قد وقع في كثير من البلاد الشمالية والشرقية والغربية كثير من الزلازل، ولكن الذي يظهر أن المراد بكثرتها: شمولها، ودوامها” ا. هـ
وفي المنتظم لابن الجوزي، والكامل في
التاريخ لابن الأثير، وتاريخ الأمم والملوك للطبري، والبداية والنهاية لابن كثير، وكتاب شذرات الذهب لابن العماد، وكتاب السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي، وإنباء الغمر بأبناء العمر لابن حجر، والنجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة. ذكروا كثير ما وقع من الزلازل
وكذا عقد الحافظ ابن الجوزي فصلًا في كتابه
“المدهش” [5] في بعض الآيات والزلازل من سنة 20ه حتى سنة 552هـ.
وكذا دون الحافظ السيوطي في كتابه “كشف
الصلصلة عن وصف الزلزلة” طرفًا من الزلازل الواقعة من سنة (20هـ – 641م) حتى عام (910هـ – 1505م).
ثم زاد عليه تلميذه الداودي حتى عام 940هـ،
وكذا تلميذه عبدالقادر الشاذلي المؤذن حتى عام 990هـ[6].
حدث في العالم منذ بداية العشرين حتى الآن
50 زلزالًا خطيرًا وقعت في بلاد ومناطق تمتد في جميع القارات تقريبًا وإن كانت القارة الإفريقية أقل القارات في عدد الزلازل الخطيرة في القرن الحالي.
جاء عن عبدالله بن حوالة رضي الله عنه قال:
وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده
على رأسي – أو على هامتي – فقال: “يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة قد نزلت أرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك”.
وهو في صحيح أبي داود 2286 باب في الرجل يغزو يلتمس الأجر والغنيمة
وقد انتقلت الخلافة لأرض الشام في إمارة
بني أمية – قاله القاري -.
” قال الخطابي: البلابل الهموم والأحزان،
وبلبلة الصدر: وسواس الهموم واضطرابها، قال: وإنما أنذر أيام بني أمية وما حدث من الفتن زمانهم. ا. هـ
– وعن سلمة بن نفيل السكوني قال: كنا جلوسًا عند النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو يوحى إليه فقال: “إني غير لابث فيكم، ولستم لابثين بعدي إلا قليلًا، وستأتوني أفنادًا، يفني بعضكم بعضًا، وبين يدي الساعة موتان شديد، وبعده
سنوات الزلازل وهو في الصحيح المسند
وقال الارنأوط إسناده صحيح إسناده ثقات على غرابة في متنة 16964، وصححه الألباني في الصحيحة 1635
أفنادًا”: الأفناد الفرق المختلفين
موتان: الموت الكثير الوقوع.
وبوب ابن حبان على الحديث بقوله: “ذكر
الإخبار عن وجود كثرة الزلازل في آخر الزمان
يتقارب الزمان:
قال ابن بطال: “معناه تقارب أحوال أهله في قلة الدين حتى لا يكون فيهم من يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر لغلبة الفسق وظهور أهله”. وقال البيضاوي: “يحتمل أن يكون المراد تسارع الدول إلى الانقضاء والقرون إلى الانقراض فيتقارب زمانهم وتتدانى أيامهم” الفتح (13/ 18، 19) وقال الشيخ ابن باز:
الأقرب تفسير التقارب المذكور في الحديث
بما وقع في هذا العصر من تقارب ما بين المدن والأقاليم وقصر زمن المسافة بينها بسبب اختراع الطائرات والسيارات والإذاعة وما ذلك والله أعلم” ا. هـ فتح الباري (2/ 606) بتعليق ابن باز
هل يُقنت بسبب الزلزال
في حاشية الجمل:
(لنازلة) كوباء وقحط وعدو ….. وروى الشيخان في القنوت للنازلة {أنه صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يدعو على قاتلي أصحابه القراء ببئر معونة} ويقاس بالعدو غيره.
وقد قال قوم بمشروعية الصلاة للزلازل كصلاة الكسوف، وآخرون بعدم مشروعية صلاة الكسوف، وإنما مطلق الصلاة فيصلي ركعتين أو أكثر منفردا أو يقتصر الناس على الدعاء فرادى، ولعل حجة من استحب الصلاة حديث (كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصلاة)، وأما استحباب الدعاء فدليله عموم نحو قوله تعالى (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) فالزلازل ضرورة حلت وسوء نزل.
قال الإمام الشافعي في الأم:
ولا آمر بصلاة جماعة في زلزلة ولا ظلمة ولا لصواعق ولا ريح ولا غير ذلك من الآيات وآمر بالصلاة منفردين كما تصلى سائر الصلوات.
وقال صاحب تحفة الحبيب على شرح الخطيب:
يسن لكل أحد أن يتضرع بالدعاء ونحوه عند الزلازل ونحوها، كالصواعق والريح الشديدة والخسف، وأن يصلي في بيته منفردا كما قاله ابن المقري لئلا يكون غافلا لأنه صلى الله عليه وسلم {كان إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به، اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا} …. إلى أن قال: وقد وقعت الزلزلة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم في عهد عمر ثم في عهد علي. وكان ابن عباس أميرا على البصرة في خلافة علي. اهـ
القنوت عند الزلازل فلم يصح فيه شي والله أعلم
قال الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الكسوف
باب ما قيل في الزلازل والآيات
عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم
(لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل القتل حتى يكثر فيكم المال فيفيض)
عن ابن عمر قال (اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا قال قالوا وفي نجدنا قال قال اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا قال قالوا وفي نجدنا قال قال هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان)
قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث
فتح الباري (2\ 521)
قوله (باب ما قيل في الزلازل والآيات)
قيل لما كان هبوب الريح الشديدة يوجب التخوف المفضى إلى الخشوع والإنابة كانت الزلزلة ونحوها من الآيات أولى بذلك لا سيما وقد نص في الخبر على أن أكثر الزلازل من أشراط الساعة
وقال الزين بن المنير وجه إدخال هذه الترجمة في أبواب الاستسقاء أن وجود الزلزلة ونحوها يقع غالبا مع نزول المطر وقد تقدم لنزول المطر دعاء يخصه ((فأراد المصنف أن يبين أنه لم يثبت على شرطه في القول عند الزلازل ونحوها شيء))
وبعض الباحثين قرر أن هناك فرق:
بين صلا ة النازلة وبين قنوت النازلة
فيشترط لقنوت النازلة شرطان:
1 – أن تكون النازلة عامة وليست على أفراد
2 – -أن يكون للخلق فيها يد، كعدو مثلا، فإن لم يكن للمخلوقين فيها يد وإنما قدر محض كالزلازل والفيضانا ت فلا يشرع لها قنوت
ثم الزلزال شبيه بالطاعون إذ لم يثبت عن السلف القنوت فيه؟
-وهل يصلي عند وجودها؟
حكى ابن المنذر فيه الاختلاف وبه قال أحمد وإسحاق وجماعة وعلق الشافعي القول به على صحة الحديث عن علي وصح ذلك عن ابن عباس أخرجه عبد الرزاق وغيره
وروى ابن حبان في صحيحه من طريق عبيد بن عمير عن عائشة مرفوعا صلاة الآيات ست ركعات وأربع سجدات) انتهى كلام الحافظ رحمه الله.
لكن من الأدلة على الصلاة عند الزلزال
ماروى أبو داود في سننه (1198) عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سجد لموت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم و قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إذا رأيتم آية فاسجدوا)
ولاشك أن الزلازل من الآيات
والآيات يصلى عندها، كما في صلاة الكسوف والخسوف (وهما آيتان من آيات الله)
ومما يدل على أن المقصود بالصلاة للآيات أوسع من كونها للكسوف والخسوف فقط عدة أدلة منها
منها ما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما صلى بالناس صلاة الخسوف قال بعدها (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله وإنهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فكبروا وادعوا الله وصلوا وتصدقوا)
وجاء عن عائشة كما عند البخاري في كتاب العلم
عن أسماء قالت أتيت عائشة وهي تصلي فقلت ما شأن الناس فأشارت إلى السماء فإذا الناس قيام فقالت سبحان الله
قلت آية فأشارت برأسها أي نعم
وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه كما عند عبدالرزاق في المصنف (3\ 98 – 104) أنه صلى في الزلزلة بالبصرة فأطال القنوت ثم ركع، ثم رفع رأسه فأطال القنوت ثم ركع ثم سجد ثم صلى الثانية، وكذلك فصارت صلاته ثلاث /ركعات وأربع سجدات، وقال هكذا صلاة الآيات
قال البيهقي في السنن الكبرى (3\ 343) (هو عن ابن عباس ثابت).
وجاء في مصنف ابن أبي شيبة (2\ 220)
في الصلاة في الزلزلة
حدثنا الثقفي عن خالد عن عبد الله بن الحارث أن ابن عباس صلى بهم في زلزلة كانت أربع سجدات فيها ست ركعات
حدثنا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن صفية ابنة أبي عبيد قال زلزلت الأرض على عهد عمر حتى اصطفقت السرر فوافق ذلك عبد الله بن عمر وهو يصلي فلم يدر قال فخطب عمر للناس فقال أحدهما لقد عجلتم قال ولا أعلمه إلا قال لئن عادت لأخرجن من بين ظهرانيكم
وقد تكلم على هذه المسألة الحافظ ابن رجب في فتح الباري (9\ 244 – 255) بكلام نفيس
ومما ذكر (وقد اختلف العلماء في الصلاة للآيات، فقالت طائفة: لايصلي لشيء منها سوى الشمس والقمر، وهو قول مالك والشافعي
وقالت طائفة: يصلي لجميع الايات في البيوت فرادى، وهو قول سفيان، وأبي حنيفة، وأصحابه، وكذلك (نقل) إسماعيل بن سعيد الشالنجي، عن أحمد قال: صلاة الايات وصلاة الكسوف واحد، والذي نقله الجوزجاني في كتاب المترجم عن إسماعيل بن سعيد قال سألت أحمد عن صلاة كسوف الشمس والقمر والزلازل؟ قال: تصلى ثمان ركعات وأربع سجدات، وكذلك الزلزلة، قال وبذلك قال أبو أيوب -يعني سليمان بن داود الهاشمي-وأبو خيثمة
قال ابن أبي شيبة: نرى فيها الخطبة وجماعة
فالمنصوص عن أحمد إنما يدل على الصلاة للزلزلة خاصة، وهو الذي عليه عامة اصحابنا، وخصوه بالزلزلة الدائمة التي يتمكن من الصلاة مع وجودها
وروى عن ابن عباس أنه صلى للزلزلة بعد سكونها وانقضائها
وحكى بعض اصحاب الشافعي قولا أنه يصلي للزلزلة، ومنهم من حكاه في جميع الآيات
وحكى ابن عبدالبر عن أحمد وإسحاق وأبي ثور الصلاة للزلزلة والطامة والريح الشديدة
وهذا يدل على استحبابها لكل آية كالظلمة في النهار، والضياء المشبه للنهار بالليل سواء في السماء أو انتثار الكواكب وغير ذلك، وهو اختيار ابن أبي موسى من أصحابنا وظاهر كلام أبي بكر عبدالعزيز في الشافي أيضا
وروي عن طائفة من علماء الشام أنهم كانوا يأمرون عند الزلزلة بالتوبة والاستغفار ويجتمعون لذلك، وربما وعظهم علمائهم وأمرهم ونهاهم، واستحسن ذلك الإمام) انتهى
والله تعالى أعلم.
قال الشيخ محمد العثيمين في ” الشرح الممتع “:
قوله: ” أو كانت آية غير الزلزلة لم يصل “، أي: إذا وُجدت آية تخويف كالصواعق، والرياح الشديدة، وبياض الليل، وسواد النهار، والحمم، وغير ذلك فإنه لا تصلى صلاة الكسوف إلا الزلزلة، فإنه إذا زلزلت الأرض فإنهم يصلون صلاة الكسوف حتى تتوقف. والمراد بالزلزلة: الزلزلة الدائمة.
وهذه المسألة اختلف فيها العلماء على أقوال ثلاثة:
القول الأول: ما مشى عليه المؤلف أنه لا يصلى لأي آية تخويف إلا الزلزلة.
وحجة هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت توجد في عهده الرياح العواصف، والأمطار الكثيرة، وغير ذلك مما يكون مخيفاً ولم يصل، وأما الزلزلة فدليلهم في ذلك أنه روي عن عبد الله بن عباس، وعلي بن أبي طالب – -: أنهما كانا يصليان للزلزلة، فتكون حجة الصلاة في الزلزلة هي فعل الصحابة.
القول الثاني: أنه لا يصلى إلا للشمس والقمر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: “فإذا رأيتموهما فصلوا”، ولا يصلى لغيرهما من آيات التخويف.
وما يروى عن ابن عباس أو علي فإنه – إن صح – اجتهاد في مقابلة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من ترك الصلاة للأشياء المُخيفة.
القول الثالث: يصلى لكل آية تخويف.
واستدلوا بما يلي:
– عموم العلة وهي قوله صلى الله عليه وسلم: “إنهما آيتان من آيات الله يخوِّف الله بهما عباده”، قالوا: فكل آية يكون فيها التخويف، فإنه يصلى لها.
– أن الكربة التي تحصل في بعض الآيات أشد من الكربة التي تحصل في الكسوف.
– أن ما يروى عن ابن عباس وعلي – – يدل على أنه لا يقتصر في ذلك على الكسوف وأن كل شيء فيه التخويف فإنه يصلى له.
– أن النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة”، أي: إذا كربه وأهمه؛ وإن كان الحديث ضعيفاً لكنه مقتضى قوله تعالى: {وإستعينوا بالصبر والصلاة} [البقرة: 45.
وأما ما ذكر من أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت توجد في عهده العواصف، وقواصف الرعد، فإن هذا لا يدل على ما قلنا؛ لأنه قد تكون هذه رياحاً معتادة، والشيء المعتاد لا يخوِّفُ وإن كان شديداً، فمثلاً في أيام الصيف اعتاد الناس أن الرياح تهب بشدة وتكثر، ولا يعدُّون هذا شيئاً مخيفاً.
صحيح أنه أحياناً قد توجد صواعق عظيمة متتابعة تخيف الناس، فهل الصواعق التي وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كهذه؟ لا يستطيع أحد أن يثبت أن هناك صواعق في عهد النبي عليه الصلاة والسلام خرجت عن المعتاد، لكن لو وجدت صواعق عظيمة متتابعة، فإن الناس لا شك سيخافون، وفي هذه الحال يفزعون إلى ربهم – عز وجل – بالصلاة.
وهذا الأخير هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، له قوة عظيمة. وهذا هو الراجح.
قال المرداوي في الإنصاف:
“قد يقال ظاهر كلام المصنف وغيره أنه يقنت لرفع الوباء لأنه شبيه بالنازلة وهو ظاهر ما قدمه في الفروع، وقال: ويتوجه أنه لا يقنت لرفعه في ألأظهر، لأنه لم يثبت القنوت في طاعون عمواس ولا في غيره، ولأنه شهادة للأخيار فلا يسأل رفعه”.
تنبيه1:لا يجوز إنزال أحاديث اشراط الساعة على حوادث الزمان بالتخمين والتخرص
تنبيه 2:هو أنه لا يجوز للمسلم أن ينزل الأحاديث التي ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما سيحدث فيما سيأتي من الزمان، على كلام علماء الطبيعة والفلك، الذين قد يكون كلامهم تخريصا أو تخمينا.
وفي كتاب العراق في أحاديث وآثار الفتن:
في بيان أنّ العراق تهيّج منها الفتن،
وصلتها بأهمّ فتن هذا العصر
أخرج البخاري في «صحيحه» في كتاب الاستسقاء (باب ما قيل في الزلازل والفتن) (رقم 1037) وكتاب الفتن (باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الفتنة من قبل المشرق») (رقم 7094)، ومسلم في «صحيحه» في كتاب الفتن وأشراط الساعة (باب الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان) (رقم 2905) بسنديهما إلى نافع، عن ابن عمر، قال:
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا. قالوا: يا رسول الله! وفي نجدنا؟! قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا. قالوا: يا رسول الله! وفي نجدنا؟! -فأظنه قال في الثالثة-: «هنالك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان» لفظ البخاري.
ولفظ مسلم (2905) بعد (45) من طريق الليث، عن نافع به: «أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مستقبل المشرق، يقول: ألا إن الفتنة ها هنا، ألا إن الفتنة ها هنا؛ من حيث يطلع قرن الشيطان»
عن نافع به: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عند باب حفصة، فقال بيده نحو المشرق: الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان» قالها مرتين أو ثلاثاً.
وفي لفظ له ولأحمد (2/ 18): «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند باب عائشة»، وفي لفظ للبخاري في كتاب فرض الخمس (باب ما جاء في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهن) (رقم 3104): «قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً، فأشار نحو مسكن عائشة، فقال: هنا الفتنة -ثلاثاً- من حيث يطلع قرن الشيطان».
وهنالك ألفاظ عن نافع في الحديث لا بد من إيرادها؛ لتعلّقها بموضوع بحثنا، ولأنها توضح المراد بلفظة (نجد) الواردة في رواية البخاري السابقة، هي:
ما أخرجه الطبراني في «الكبير» (12/ 384 رقم 13422) من طريق إسماعيل بن مسعود: ثنا عبيد الله بن عبد الله بن عون، عن أبيه، عن نافع، به. ولفظه:
«اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك في يمننا، فقالها مراراً، فلما كان في الثالثة أو الرابعة، قالوا: يا رسول الله! وفي عراقنا؟ قال: «إنّ بها الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان».
و علل بعضهم لفظة (وفي عراقنا) بمخالفة لما في الصحيحين بلفظ (نجد) خاصة أنه ورد في رواية (حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر)، وفي رواية (عند أذناب الإبل) وبوب ابن حبان على أحاديث الفتنة من قبل المشرق أن المقصود البحرين، وأول فتنة لمسيلمة، والعراق ليست مرتفعة، فلا تسمى نجد، لكن ذكر بعضهم أن بعض الصحابة كان يذم أهل العراق، وأكثر الفتن من جهتها التتار وغيرها من الفتن، وأكثر العلماء حملوا ذلك على العراق. ابن حجر والخطابي وابن تيمية والالباني. صحح رواية (وفي عراقنا) كما في الصحيحة.