1379 ( مصحح ١) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ ( من المجلد الثاني)
بإشراف ومراجعة سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة ،والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
( من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا )
مجموعة عبدالله المشجري وهاشم السوري
—————
1379- قال الإمام أحمد رحمه الله : ثنا وكيع ثنا الأعمش قال أرى أبا صالح عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن فلانا يصلي بالليل، فإذا أصبح سرق قال (( إنه سينهاه ما تقول )) .
قال الشيخ مقبل الوادعي حفظــه الله : هذا حديث صحيح رجاله رجال الصحيح.
——————
شرح الحديث مجموعة عبدالله المشجري وهاشم السوري :
أولاً : ما يتعلق بسند الحديث :
* قال محققو المسند ( 15/483) : إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، والشك من أبي صالح هو في صحابي الحديث هل هو عن أبي هريرة أو جابر بن عبدالله رضي الله عنهم .
* أخرج الحديث أيضاً ابن حبان في صحيحه برقم 2560 قال الأرناؤوط : إسناده قوي .
* صححه الشيخ الألباني في الصحيحة برقم 3482 .
* قال الألباني وقد تابع وكيعاً : جماعةٌ من الثقات ، ولكنهم قالوا : عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة … فذكروه على الجادة .
* قال الألباني : فالظاهر من مجموع ما تقدم : أن الأعمش كان يتردد في إسناده بين أبي هريرة وجابر ، وذلك مما لا يضر إن شاء الله تعالى ؛ لأن كلاً منهما صحابي جليل، والله سبحانه وتعالى أعلم .
ثانياً : ما يتعلق بمتن الحديث :
* قال ابن حبان : ( سينهاه ما تقول ) مما نقول في كتبنا : إن العرب تضيف الفعل إلى الفعل نفسه كما تضيف إلى الفاعل أراد صلى الله عليه و سلم : أن الصلاة إذا كانت على الحقيقة في الابتداء والانتهاء يكون المصلي مجانباً للمحظورات معها كقوله عز و جل : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } .
* في رواية ابن حبان زيادة : ( إن فلاناً يصلي الليل كله ) .
* وردت رواية من حديث جابر ( إن رجلا يقرأ القرآن الليل كله … ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ستنهاه قراءته) . [ مسند ابن الجعد 2069 ] .
* ذكر الطحاوي هذا الحديث في مشكل الآثار (5/300) ثم قال :
( فَتَأَمَّلْنَا هذا الحديث فَوَجَدْنَا اللَّهَ عز وجل قد قال في كِتَابِهِ الْعَزِيزِ إنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عن الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ أَيْ أنها تَنْهَى عن أَضْدَادِهَا إذَا كان أَهْلُهَا يَأْتُونَهَا على الأَحْوَالِ التي أُمِرُوا أَنْ يَأْتُوا بها عليها من الطَّهَارَةِ لها وَمِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ عِنْدَهَا وَمِنْ الْخُشُوعِ لها وَتَوْفِيَتِهَا ما يَجِبُ أَنْ تُوَفَّاهُ وكان اللَّهُ عز وجل قد وَعَدَ أَهْلَهَا بِمَا في الآيَةِ التي تَلَوْنَا فَكَانَتْ السَّرِقَةُ ضِدًّا لها وَهِيَ تَنْهَى عن أَضْدَادِهَا وَيَرُدُّ اللَّهُ عز وجل أَهْلَهَا إلَيْهَا وَيَنْفِي عَنْهُمْ أَضْدَادَهَا حتى يُوَفِّيَهُمْ ثَوَابَهَا وَحَتَّى يُنْزِلَهُمْ الْمَنْزِلَةَ التي يُنْزِلُهَا أَهْلَهَا وفي ذلك ما يَدُلُّ على أَنَّهُ عز وجل بِمَنِّهِ وَلُطْفِهِ وَسِعَةِ رَحْمَتِهِ يُبْرِئُ ذلك السَّارِقَ مِمَّا كان سَرَقَ وَيَرُدُّهُ إلَى أَهْلِهِ حتى يَلْقَاهُ يوم يَلْقَاهُ وَلاَ تَبِعَةَ قَبْلَهُ تَمْنَعُهُ من دُخُولِ جَنَّتِهِ بِمَنِّهِ وَقُدْرَتِهِ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ وَأَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ من أَهْلِ الْمَنْزِلَةِ التي أَنْزَلَهَا أَهْلَ الصَّلاَةِ الْمَقْبُولَةِ وَصَلَّى اللَّهُ على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وسلم) .
* إشكال : كيف الجمع بين هذا الحديث والذي فيه أن الصلاة تنهاه عن المنكر وبين حديث المرأة التي كانت تصوم النهار وتقوم الليل وتؤذي جيرانها فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( إنها في النار ))
أجاب عن ذلك الكلاباذي في كتابه [ بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخيار ] ص 208 بكلام نفيس فقال رحمه الله :
يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم علم من التي تؤذي جيرانها إعجابا بعملها من صوم نهارها ، وقيام ليلها ، وأنها إنما كانت تؤذي جيرانها ازدراء بهم ، وتصغيرا لهم ، وتحقيرا إياهم برؤية الفضل لها عليهم ، فاستوجبت النار بذلك ، والذي كان يقوم الليل ويسرق إذا أصبح ينظر إلى نفسه بعين التقصير ، ويعلم أن ما يأتيه من السرقة معصية يجب عليه التوبة منها ، والرجوع عنها ، وأن قيامه بالليل لرؤية افتقاره إلى الله تعالى وطلبا للخلاص مما يرى أنه لو يستوجب بسرقته هذا من الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، وقد أوجب الله تعالى التوبة عليهم بقوله عز وجل {عسى الله أن يتوب عليهم } ، وعسى من الله واجب ، وأما التي تؤذي جيرانها ، فإنها لا ترى أذاها منها لهم معصية ، فترى عليها توبة منها ؛ لأنها إنما كان أذاها لجيرانها على معنى استدعائها منهم تعظيما ، ورفع قدرها ، وتحمل مؤنها لرؤية الفضل لها عليهم ، فباينها موتها وهي مصرة ، فتستوجب النار ، فيجوز أن تكون المؤذية جيرانها إنما أعجبت بصلاتها وصيامها ، أحبط أعمالها إعجابها ، فلم يحصل لها عمل يعود ببركته عنها ، فينهاها عن إيذائها جيرانها ، والذي يسرق إذا أصبح حصل له عمله افتقاره إلى الله تعالى ، وإشفاقه على نفسه ، فعادت بركة ما حصل له من صالح عمله الذي خلطه بسيئه ، فنهاه صالح عمله عن سيئه .
* قوله : ( سرق ) : ولو بالتطفيف ونحوه .
* قال الطيبي في معنى الحديث : ( فاعل سينهاه يعني أن قولك يدل على أنه محافظ على الصلوات ، فإن من لا يدع الصلاة بالليل لا يدعها بالنهار ، فمثل تلك الصلاة سينهي عن الفحشاء والمنكر فيتوب عن السرقة. ومعنى السين التأكيد في الإثبات أي بالنسبة إلى عدمها) .
* وقال ابن حجر : ( فمثل هذه الصلاة لا محالة تنهاه فيتوب عن السرقة قريباً ، فالسين على أصلها من التنفيس ، إذ لا بد من مزاولة الصلاة زمناً حتى يجد منها حالة في قلبه تمنعه من الإثم ) .
* وفي الحديث إيماء إلى قوله تعالى : {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } أي أن مواظبتها تحمل على ترك ذلك.
* جاء في غذاء الألباب شرح منظومة الآداب للسفاريني (2/389) كلام جميل جداً وجمع لكثير من الفضائل الواردة في قيام الليل ، وبوب عليه مَطْلَبٌ : فِي التَّهَجُّدِ وَمَا وَرَدَ فِي فَضْلِهِ .
وقام بتلخيصه الأخ هاشم السوري كالتالي :
( مطلب فِي التَّهَجُّدِ وَمَا وَرَدَ فِي فَضْلِهِ )
( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا )
يُقَالُ : هَجَدَ وَتَهَجَّدَ أَيْ نَامَ وَسَهِرَ فَهُوَ مِنْ الأَضْدَادِ يُطْلَقُ عَلَى النَّوْمِ وَضِدِّهِ
قَالَ عُلَمَاؤُنَا : التَّهَجُّدُ لا يَكُونُ إلا بَعْدَ النَّوْمِ .
وَالنَّاشِئَةُ لا تَكُونُ إلا بَعْدَ رَقْدَةٍ , وَصَلاةُ اللَّيْلِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ , فَهِيَ مَا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ , وَهِيَ سُنَّةٌ مُرَغَّبٌ فِيهَا , وَأَفْضَلُ مِنْ صَلاةِ النَّهَارِ , قَدْ وَرَدَتْ بِهَا الأَخْبَارُ , وَتَظَافَرَتْ بِالْحَثِّ عَلَيْهَا الآثَارُ وَأَفْضَلُ اللَّيْلِ نِصْفُهُ الأَخِيرِ , وَأَفْضَلُهُ ثُلُثُهُ الأَوَّلِ , وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ أَفْضَلُ اللَّيْلِ الثُّلُثُ بَعْدَ النِّصْفِ.
وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) : ( أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ , وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ )
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ , بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ , وَالْحَاكِمُ , وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : ( فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةٌ يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا , وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا , فَقَالَ أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ : لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لِمَنْ أَطَابَ الْكَلامَ , وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ , وَبَاتَ قَائِمًا وَالنَّاسُ نِيَامٌ )
قال الشيخ الألباني: حسن صحيح. (صحيح الترغيب 617)
قال سيف :وحسنه محققو المسند 11/186
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ أَوَّلُ مَا سُمِعَ مِنْ كَلامِهِ – صلى الله عليه وسلم – أَنْ قَالَ : ( أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلامَ , وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ , وَصِلُوا الأَرْحَامَ , وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ , تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ ) ,
قال الشيخ الألباني: حسن صحيح. (صحيح الترغيب 616)
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : ( أَحَبُّ الصَّلاةِ إلَى اللَّهِ صَلاةُ داود , وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إلَى اللَّهِ صِيَامُ داود , كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ , وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا ) .
وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ( عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ , وَمَقْرَبَةٌ لَكُمْ إلَى رَبِّكُمْ , ومكفرة لِلسَّيِّئَاتِ , ومنهاة عَنْ الإِثْمِ , وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنْ الْجَسَدِ ) رَوَاهُ َالتِّرْمِذِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ جَامِعِهِ .
حسن بشواهده. وراجع (المشكاة 1227)
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ يُوجِبُ صِحَّةَ الْجَسَدِ وَيَطْرُدُ عَنْهُ الدَّاءَ .
قلت سيف : وتراجع الألباني عن تصحيح لفظة( ومطردة للداء عن الجسد ) كما في الضعيفه 5348
بل ذكر أبوحاتم في العلل في العلل 346 : أنه منكر، والحديث يرجع لمحمد بن سعيد الشامي الأزدي.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : فَضْلُ صَلاةِ اللَّيْلِ عَلَى صَلاةِ النَّهَارِ كَفَضْلِ صَدَقَةِ السِّرِّ عَلَى صَدَقَةِ الْعَلانِيَةِ .
وروي مرفوعاً، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ : وَالْمَحْفُوظُ وَقْفُهُ .
قال الشيخ الألباني: ضعيف. وراجع (ضعيف الترغيب 360)
وَإِنَّمَا فُضِّلَتْ صَلاةُ اللَّيْلِ عَلَى صَلاةِ النَّهَارِ ; لأَنَّهَا أَبْلَغُ فِي الإِسْرَارِ وَأَقْرَبُ إلَى الإِخْلاصِ . وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَجْتَهِدُونَ عَلَى إخْفَاءِ أَسْرَارِهِمْ . قالَ الْحَسَنُ : كَانَ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ زُوَّارُهُ فَيَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ فَيُصَلِّي لا يَعْلَمُ بِهِ زُوَّارُهُ . وَكَانُوا يَجْتَهِدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَلا يُسْمَعُ لَهُمْ صَوْتٌ . وَكَانَ الرَّجُلُ يَنَامُ مَعَ امْرَأَتِهِ عَلَى وِسَادَةٍ فَيَبْكِي طُولَ لَيْلِهِ وَهِيَ لا تَشْعُرُ ; وَلأَنَّ صَلاةَ اللَّيْلِ أَشَقُّ عَلَى النُّفُوسِ , فَإِنَّ اللَّيْلَ مَحَلُّ النَّوْمِ وَالرَّاحَةِ مِنْ التَّعَبِ بِالنَّهَارِ .فَتَرْكُ النَّوْمِ مَعَ مَيْلِ النَّفْسِ إلَيْهِ مُجَاهَدَةٌ عَظِيمَةٌ . قَالَ بَعْضُهُمْ : أَفْضَلُ الأَعْمَالِ مَا أُكْرِهَتْ عَلَيْهِ النُّفُوسُ .
1 . وَلأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي صَلاةِ اللَّيْلِ أَقْرَبُ إلَى التَّدَبُّرِ لِقَطْعِ الشَّوَاغِلِ عَنْ الْقَلْبِ بِاللَّيْلِ فَيَحْضُرُ الْقَلْبُ وَيَتَوَاطَأُ هُوَ وَاللِّسَانُ عَلَى الْفَهْمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
(إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلا) وَلِهَذَا الْمَعْنَى أُمِرَ بِتَرْتِيلِ الْقُرْآنِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ تَرْتِيلا.
وَلِهَذَا كَانَتْ صَلاةُ اللَّيْلِ منهاة عَنْ الإِثْمِ كَمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ .
قال بعض السلف : قيام الليل يهون طول قيام يوم القيامة ، وإذا كان أهله يسبقون إلى الجنة بغير حساب فقد استراح أهله من طول الموقف والحساب .
وفي حديث المنام المشهور الذي أخرجه الإمام أحمد والترمذي أن الملأ الأعلى يختصمون في الدرجات والكفارات . وفيه أن الدرجات إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام . فثبت بهذا أن قيام الليل كما أنه تكفير للسيئات فهو يرفع الدرجات أيضاً .
قلت سيف :
تنبيه : قال صاحبنا حسين :
حديث اختصام الملأ الأعلى، وقول النبي صلى الله عليه وسلم رأيت ربي في أحسن صورة طلبنا بحثه، فأرسل صاحبنا حسين هذه الخلاصة :
ضعفه الدارقطني والعقيلي
وصححه الترمذي والبخاري ونقل عن الإمام أحمد وابن عبد البر تصحيحه
. قلنا في تخريجنا للترغيب والترهيب :
408(7) (صحيح لغيره) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أتاني الليلة آت من ربي
وفي رواية
رأيت ربي في أحسن صورة فقال لي يا محمد
قلت لبيك رب وسعديك
قال هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لا أعلم فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي أو قال في نحري فعلمت ما في السموات وما في الأرض أو قال ما بين المشرق والمغرب
قال يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى قلت نعم
في الدرجات والكفارات ونقل الأقدام إلى الجماعات
وإسباغ الوضوء في السبرات وانتظار الصلاة ومن حافظ عليهن عاش بخير ومات بخير وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه
قال يا محمد قلت لبيك وسعديك فقال إذا صليت قل اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون
قال والدرجات إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام
رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب
الملأ الأعلى هم الملائكة المقربون
والسبرات بفتح السين المهملة وسكون الباء الموحدة جمع سبرة وهي شدة البرد
——
ورد من حديث معاذ ضعفه الدارقطني والعقيلي وصححه الترمذي والبخاري ونقل عن الإمام أحمد وابن عبد البر تصحيحه قال الدارقطني ليس فيها صحيح وكلها مضطربة العلل (6/57) ونقل محققوا المسند ممن ضعفه الذهبي والبيهقي ومحمد بن نصر وابن الجوزي وذكروا الشواهد وبينوا أنها شديدة الضعف تحقيق المسند (5/540) لكن قال البخاري هذا حديث حسن صحيح ، نقله عنه الترمذي في سننه ، وصححه أحمد كما في الكامل (6/549) وكما في تهذيب التهذيب (6/205) قال ابن عبد البر في التمهيد ( /325) حديث حسن رواه الثقات
أما حديث ابن عباس ذكرناه كشاهد لحديث معاذ وقلنا في نضرة النعيم له طرق كثيرة عند الدارقطني في كتابه الرؤية لكن الأئمة يرجحون حديث معاذ وكان الألباني يضعف حديث معاذ ثم تراجع فصححه تراجعات الألباني ( ) قال البخاري حديث معاذ فيه أصح ، وقال الدارقطني : وهم من قال ابن عباس إنما هو خالد بن اللجلاج رواه عن عبد الرحمن بن عائش وعبد الرحمن بن عائش لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما روى عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل العلل (12/135) قال ابن عدي الحديث له طرق وقد رأيت أحمد بن حنبل صحح طريق يحيى بن أبي كثير من حديث معاذ قال هذا أصحها وذهب ابن خزيمة إلى أن طريق يحيى بن أبي كثير أصح وهي معلة لأنه أحد المدلسين .
ومن فضائل التهجد أن الله عزَّ وجلَّ يحب أهله ويباهي بهم الملائكة ويستجيب دعاءهم . فقد روى الطبراني وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ‘ ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم ‘ فذكر منهم الذي له امرأة حسناء وفراش حسن فيقوم من الليل ، فيقول الله تعالى : يذر شهوته فيذكرني ولو شاء رقد . والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا فقام من السحر في ضراء أو سراء .
قلت سيف راجع الصحيحة 3478، وراجع سنن أبي داود 2536
قال الحافظ ابن رجب في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى : ومما يجزى به المتهجدون في الليل كثرة الأزواج من الحور العين في الجنة ، فإن المتهجد قد ترك لذة النوم بالليل ولذة التمتع بأزواجه طلباً لما عند الله عزَّ وجلَّ ، فعوضه الله تعالى خيراً مما تركه وهو الحور العين في الجنة . ومن هنا قال بعضهم : طول التهجد مهور الحور العين في الجنة . كان بعض السلف يحيي الليل في صلاة ففتر عن ذلك فأتاه آت في منامه فقال له : قد كنت يا فلان تدأب في الخطبة فما الذي قصر بك عن ذلك ، قال : وما ذاك ؟ قال كنت تقوم من الليل أو ما علمت أن المتجهد إذا قام إلى التهجد قالت الملائكة قد قام الخاطب إلى خطبته .
ورأى بعضهم في منامه امرأة لا تشبه نساء الدنيا ، فقال لها : من أنت ؟ قالت حوراء أمة الله ، فقال لها : زوجيني نفسك ، قالت : اخطبني إلى سيدي وأمهرني ، قال وما مهرك ؟ قالت : طول التهجد .
ورأى بعض المتهجدين ذات ليلة فرأى في منامه حوراء تنشده :
أتخطب مثلي وعني تنام ونوم المحبين عنا حرام
لأنا خلقنا لكل امرىء كثير الصلاة براه الصيام
وكان أبو سليمان يقول : أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ، ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا . وقال : إذا جن الليل وخلا كل حبيب بحبيبه افترش أهل المحبة أقدامهم ، وجرت دموعهم على خدورهم….
وقال الإمام المحقق ابن القيم في روضة المحبين : العبد إذا رزق حظاً من صلاة الليل فإنها تنور الوجه وتحسنه . قال : وقد كان بعض النساء تكثر صلاة الليل ، فقيل لها في ذلك ، فقالت إنها تحسن الوجه وأنا أحب أن يحسن وجهي . انتهى .
قال الحافظ ابن رجب في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى : سئل الحسن البصري لم كان المتهجدون أحسن الناس وجوهاً ؟ قال لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره .
فإن قلت : لم لم تذكر حديث : ‘ من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ‘ في الاستدلال لذلك ؟ .
قلت : لأنه موضوع من غير قصد . قال بعض أهل الحديث : اتفق أئمة الحديث على أنه من قول شريك لثابت لما دخل عليه وإن رواه ابن ماجة من حديث جابر . والعجب من الجلال السيوطي مع إطلاعه على وضعه كيف أودعه في كتابه الجامع الصغير . وقصة الحديث مشهورة فلا نطيل الكلام عليه والله أعلم .
( خَاتِمَةٌ ) قِيلَ لابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : مَا نَسْتَطِيعُ قِيَامَ اللَّيْلِ , قَالَ : أَبْعَدَتْكُمْ ذُنُوبُكُمْ .
وَقِيلَ لِلْحَسَنِ : أَعْجَزَنَا قِيَامُ اللَّيْلِ , قَالَ : قَيَّدَتْكُمْ خَطَايَاكُمْ .
وَقَالَ : إنَّ الْعَبْدَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُحْرَمُ بِهِ قِيَامَ اللَّيْلِ .
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : أَذْنَبْت ذَنْبًا فَحُرِمْت بِهِ قِيَامَ اللَّيْلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ .
( تنبيه ) في قول الناظم رحمه الله تعالى وخذ بنصيب إلى آخره إشارة إلى أنه لا يطلب قيام كل الليل .
وفي الغنية : يستحب ثلثاه والأقل سدسه ، ثم ذكر أن قيام الليل كله عمل الأقوياء الذين سبقت لهم العناية فجعل لهم موهبة.
وقد روي أن عثمان قامه بركعة يختم فيها . قال وصح عن أربعين من التابعين ، ومراده وتابعيهم ، وظاهر كلامهم لا يقومه كله ولا ليالي العشر ،
فيكون قول عائشة رضي الله عنها : ‘ أحيا الليل ‘ أي كثيراً منه أو أكثره . قال ويتوجه بظاهره احتمال وتخريج من ليلة العيد ، ويكون قولها ما علمت أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قام ليلة حتى الصباح أي غير العشر أو لم يكثر ذلك منه . قال واستحنه شيخنا وقال قيام بعض الليالي كلها مما جاءت به السنة .
قال في الإقناع : وتكره مداومة قيامه كله .
قال الحجاوي في حاشيته على التنقيح : يعني استيعاب كل ليلة بالقيام من أولها إلى آخرها ، بل يقوم من كل ليلة بعضها وهو ما وردت به السنة .
* الأحاديث الواردة في ذم السرقة الشاهد منها :
1- حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث طويل : (( وحتّى رأيت فيها صاحب المحجن يجرّ قصبه في النّار، كان يسرق الحاجّ بمحجنه )) .
قلت سيف : متفق عليه
2- حديث عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : (( أبايعكم على أن لا تشركوا باللّه شيئا، ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ، ولا تزنوا ولا تسرقوا ولا تشربوا مسكرا، فمن فعل من ذلك شيئا فأقيم عليه حدّه فهو كفّارة، ومن ستر اللّه عليه فحسابه على اللّه- عزّ وجلّ-، ومن لم يفعل من ذلك شيئا ضمنت له على اللّه الجنّة )) . رواه الطبراني في الأوسط 1/503 عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد
والاحسن إيراد حديث عبادة بن الصامت في الصحيحين بمعناه
3- حديث عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم امرأة سرقت ليفدوها : (( اقطعوا يدها )) فقطعت يدها اليمنى فقالت المرأة: هل لي من توبة يا رسول اللّه؟ قال: «نعم، أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمّك )) .أخرجه أحمد، 11/237، وضعفه محققو المسند بابن لهيعة، وقصتها ثابته في الصحيحين
4- حديث صفوان بن أمية قال ( إنّ رجلا سرق بردة له، فرفعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمر بقطعه، فقال: يا رسول اللّه قد تجاوزت عنه، فقال: (( أبا وهب أفلا كان قبل أن تأتينا )) فقطعه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم .
قلت سيف : قلنا في تخريجنا لمسند أحمد 15306 صحيح لغيره
5- وحديث عائشة وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم (( يا أيّها النّاس، إنّما ضلّ من كان قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق الشّريف تركوه، وإذا سرق الضّعيف فيهم أقاموا عليه الحدّ، وايم اللّه لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطع محمّد يدها )) .
قلت سيف : أخرجه البخاري 4304، ومسلم 1688
6- عن سلمة بن قيس- رضي اللّه عنه- أنّه قال: إنّما هي أربع، فما أنا بأشحّ منّي عليهنّ يوم سمعتهنّ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (( ألّا تشركوا باللّه شيئا ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ، ولا تزنوا، ولا تسرقوا )) .
قلت سيف : أخرجه أحمد 4/339 وهو في الصحيح المسند 449
7- حديث الباب .
8- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «رأى عيسى ابن مريم عليه السّلام رجلا يسرق، فقال له: أسرقت؟ قال: كلّا واللّه الّذي لا إله إلّا هو. فقال عيسى: آمنت باللّه، وكذّبت عينيّ »
قلت سيف : أخرجه البخاري 3444، ومسلم 2368 وعنده( نفسي ) بدل( عيني )
9- عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم (( … ومن سرق شيئا منه بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجنّ فعليه القطع، ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة )) .
قلت سيف :أخرجه أبوداود وقلنا ظاهر إسناده الحسن وانظر صحيح أبي داود 1511، والارواء 2413، وتحقيق المسند 6683
10- حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الرجل الذي تصدق على سارق وفيه : (( ولعلّ السّارق يستعفّ بها عن سرقته )) .
قلت سيف : أخرجه مسلم 1022
11- عن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- أنّه قال: قطع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يد سارق في مجنّ ثمنه ثلاثة دراهم.
قلت سيف :أخرجه البخاري 6796، ومسلم 1686
12- حديث عبادة بن الصامت في مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة وفيها (( ولا تسرقوا )) وفيها (( ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدّنيا فهو كفّارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثمّ ستره اللّه فهو إلى اللّه، إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه )) فبايعناه على ذلك .
قلت سيف : أخرجه البخاري 7213، ومسلم 1009 وراجع الصحيحة 2999
13- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (( لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع النّاس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن ))
قلت سيف :أخرجه البخاري 2475، ومسلم 57 .
14- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (( لعن اللّه السّارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده )) .
قلت سيف :متفق عليه
* قوله روي أن فتى من الأنصار كان يصلي مع رسول الله الصلوات ولا يدع شيئا من الفواحش إلا ارتكبه فوصف له فقال إن صلاته ستنهاه فلم يلبث أن تاب
قال الحافظ ابن حجر لم أجده
قال الولي العراقي لم أقف عليه .
* ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً ) ذكر ابن كثير هذا الأثر في تفسيره (3/414) في تفسير قوله تعالى : {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} من سورة العنكبوت، وذكر الاختلاف فيه عن ابن مسعود، حيث جاء عنه مرفوعًا، و موقوفًا، ثم صحح – رحمه الله تعالى – الرواية الموقوفة. [ قرر ذلك بعض الباحثين ] .
حكم العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله – على الحديث بالبطلان في ” الضعيفة ” مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : باطل . وهو مع اشتهاره على الألسنة لا يصح من قبل إسناده ، ولا من جهة متنه .ا.هـ.
ثم بين بطلانه من السند . ولكن الشيخ قال عن أثر ابن مسعود : وسنده صحيح كما قال الحافظ العراقي ، فرجع الحديث إلى أنه موقوف .ا.هـ.
ثم قال الشيخ : وجملة القول : أن الحديث لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما صح من قول ابن مسعود ، والحسن البصري ، وروي عن ابن عباس . ولهذا لم يذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في ” كتاب الإيمان ” ( ص 12) إلا موقوفا على ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما .ا.هـ.
ونقل الشيخ كلام ابن كثير في التفسير .
ثم قال : وأما متن الحديث فإنه لا يصح ، لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها ، وأركانها بحيث أن الشرع يحكم عليها بالصحة ، وإن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض المعاصي ، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعدا ؟! هذا مما لا يعقل ولا تشهد له الشريعة ، ولهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله :
وقوله : ” لم يزدد إلا بعدا ” إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله ، أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل ” .
وهذا بعيد عندي ، لأن ترك الواجب الأعظم منها ، معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة إلا به كالشروط والأركان ، وحينئذ فليس له صلاة شرعا ، ولا يبدو أن هذه الصلاة هي المرادة في الحديث المرفوع والموقوف ، بل المراد الصلاة الصحيحة التي لن تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله : ” إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ” [ العنكبوت : 45] ، وأكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له : ” إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق ؛ فقال : سينهاه ما تقول ، أو قال : ستمنعه صلاته ” .
رواه أحمد والبزار والطحاوي … بإسندا صحيح من حديث أبي هريرة .
فأنت ترى النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب صلاته – إذا كانت على الوجه الأكمل طبعا كالخشوع فيها والتدبر في قراءتها – ولم يقل أنه ” لا يزداد بها إلا بعدا ” مع أنه لما ينته عن السرقة .
فثبت بما تقدم ضعف الجديث سندا ومتنا .ا.هـ.
قال الشيخ في الحاشية (1) : قال عبد الحق الإشبيلي في ” التهجد ” : ” يريد عليه السلام أن المصلي على الحقيقة المحافظ على صلاته الملازم لها تنهاه صلاته عن ارتكاب المحارم والوقوع في المحارم .ا.هـ.
وذكر الشيخ الألباني الحديث مرفوعا من حديث عمران بن حصين في ” الضعيفة ” (985)، وقال : ” منكر ” .
* قال الشيخ الألباني في الضعيفة برقم 2 : ( ثم رأيت الشيخ أحمد بن محمد عز الدين بن عبد السلام نقل أثر ابن عباس هذا في كتابه ” النصيحة بما أبدته القريحة ” ( ق 32 / 1 ) عن تفسير الجاربردي وقال : ومثل هذا ينبغي أن يحمل على التهديد لما تقرر أن ذلك ليس من الأركان والشرائط ثم استدل على ذلك بالحديث المتقدم : ” ستمنعه صلاته ” واستصوب الشيخ أحمد كلام الجاربردي هذا وقال : لا يصح حمله على ظاهره ، لأن ظاهره معارض بما ثبت في الأحاديث الصحيحة المتقدمة من أن الصلاة مكفرة للذنوب ، فكيف تكون مكفرة ويزداد بها بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل ! ثم قال : قلت : وحمل الحديث على المبالغة والتهديد ممكن على اعتبار أنه موقوف على ابن عباس أو غيره وأما على اعتباره من كلامه صلى الله عليه وسلم فهو بعيد عندي والله أعلم .
قال : ويشهد لذلك ما ثبت في البخاري أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى { إن الحسنات يذهبن السيئات } .
ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قال في بعض فتاواه : هذا الحديث ليس بثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر كما ذكر الله في كتابه ، وبكل حال فالصلاة لا تزيد صاحبها بعدا ، بل الذي يصلي خير من الذي لا يصلي وأقرب إلى الله منه وإن كان فاسقا .
قلت : فكأنه يشير إلى تضعيف الحديث من حيث معناه أيضا وهو الحق وكلامه المذكور رأيته في مخطوط محفوظ في الظاهرية ( فقه حنبلى 3 / 12 / 1 – 2 ) وقد نقل الذهبي في ” الميزان ” ( 3 / 293 ) عن ابن الجنيد أنه قال في هذا الحديث : كذب وزور .
* قال ابن كثير في حديث “من صلى صلاة لم تنهه عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد بها من الله إلا بُعْدا” .
والأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود، وابن عباس، والحسن وقتادة، والأعمش وغيرهم، والله أعلم