1378 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف ومراجعة سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
مجموعة عبدالله الديني
1378قال الامام أحمد رحمه الله: حدثنا وكيع، عن محمد بن شريك، قال: حدثنا عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛؛ نعم الإبل الثلاثون، يحمل على نجيبها، وتعير أداتها، وتمنح غزيرتها، ويجبيها يوم وردها في أعطانها
مشاركة أصحاب عبدالله الديني:
صححه محققو المسند وقالوا: وفي الباب عن سلمة بن الكوع مرفوعا عند الطبراني في “الكبير” (6276): “نعم البل الثلثون يخرج منها في زكاتها واحدة، ويرحل منها في سبيل الله واحدة، ويمنح منها واحدة، وهـي خير من الربعين والخمسين والستين والسبعين والثمانين والتسعين والمئة، وويل لصاحب المئة من المئة”، وإسناده ضعيف.
بوب ابن أبي شيبة في مصنفه: ما جاء في ثواب القرض والمنيحة.
بعض معاني المفردات:
• قوله: “تحمل على نجيبها”، قال السندي: النجيب من البل: القوي السريع، ويقال: ناقة نجيب ونجيبة.
• “تعير أداتها”: كالدلو.
• “وتمنح غزيرتها”، أي: تعطي كثيرة اللبن منها للفقير ليشرب لبنها ما دام فيها لبن.
• “يوم وردهـا” بكسر الواو، أي: في اليوم الذي تأتي فيه للشرب.
• “أعطانها”، أي: مبارك البل حول الماء.: وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخرج الدابة، فتسم الناس على خراطيمهم ثم يُعَمِّرُنَ فيكم حتى يشتري الرجل البعير فيقال: ممن اشتريته؟ فيقول: اشتريته من أحد المخطمين)
أما في باب زكاة الإبل ورد العديد من الأحاديث:
1 عن أبي سعيد الخدري أن أعرابياً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الهجرة فقال: ويحك! إن شأنها شديد، فهل لك من إبل تؤدي صدقتها؟ قال: نعم. قال: فاعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئاً (رواه البخاري في كتاب الزكاة).
2 عن أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البر صدقته) (رواه أبو داود في كتاب الديات).
3 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد مسلم ينفق من كل مال له زوجين في سبيل الله، إلا استقبلته حجبة الجنة، كلهم يدعوه إلى ما عنده، قلت: كيف ذلك؟ قال: إن كانت إبلاً فبعيرين، وإن كانت بقراً فبقرتين.
4 عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت إذا هو لم يعط فيها حقها، تطؤه بأخفافها، وتأتي الغنم على صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها، تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها. قال: ومن حقها أن تحلب على الماء. قال: ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاه يحملها على رقبته لها يعار. فيقول: يا محمد، فيقول: لا أملك لك شيئاً، قد بلغت، ولا يأتي ببعير يحمله على رقبته له رغاء. فيقول: يا محمد فأقول: لا أملك لك شيئاً قد بلغت) (رواه البخاري في كتاب الزكاة). (اليعار: صياح الغنم، الرغاء: صياح الإبل).
لقد ذكر في كتب الفقه أن زكاة الإبل تجب إذا بلغ عدد الإبل خمس وحال عليها الحول أي بلغت في ملك صاحبها سنة كاملة فإذا حققت ذلك وجب فيها (شاه) وهنا شرط فإذا كان جذع من الضأن بلغ ثمانية أشهر فما فوق، أو ثني من الماعز أتم من العمر سنة فما فوق. وهكذا كلما زادت خمسة وجب فيها شاة. حتى إذا بلغت خمساً وعشرين وجب فيها بنت مخاض وهي التي أتمت سنة ودخلت في الثانية أو ابنة لبون الذي أتم سنتان ودخل في الثالثة، وإذا بلغت ستاً وثلاثين وجب فيه ابنة لبون، وإذا بلغت ستة وأربعين يجب فيها حقه التي لها ثلاث سنين ودخلت الرابعة، وإذا بلغ عددها (61) وجب فيها جذعه وهي التي لها أربعة سنين ودخلت في الخامسة، وإذا بلغ عددها ست وسبعين يجب فيها بنت لبون، وإذا بلغت إحدى وتسعين يجب فيها حقتان حتى تبلغ مائة وعشرين وزكاتها حقتان، فإذا زادت عن مائة وعشرين وجب في كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة (فقه السنة).
ولقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يصحح بعض المفاهيم والتصرفات والعادات السائدة عند العرب في الجاهلية، فعمل على تهذيب بعضها وتغيير بعضها الآخر وتحريم جزء منها. ومن هذه العادات أنهم كانوا يذبحون أول نتاج لإبلهم ولا يملكونه رجاء البركة في الأم وكثرة نسلها كما ذكر ذلك البخاري ومسلم والترمذي وكانوا يسمونه الفرع وجاء قوله صلى الله عليه وسلم بإلغاء هذه العادة حيث قال: (لا فرع ولا عتيرة).
الفرع: أول نتاج كان ينتج لهم فيذبحونه.
العتيرة: ذبيحة يذبحونها في العشر الأوئل من رجب.
وكان عند العرب أيضاً عادات أخرى تتعلق بالإبل. فالناقة التي تنجب خمسة بطون آخرها ذكراً بحروا آذانها. بعدها يرفضون ذبحها وتحميلها بالأحمال ومنحوها الفرصة كاملة للشرب عند ورودها للماء، ويطلقون على مثل هذه الناقة البحيره.
كما كانوا ينذرون لآلهتهم إحدى النياق فيتركونها فلا يتعرضون لها ويسمونها السائبة والناقة التي تلد سبعة أو عشرة بطون، يقومون بعد ذلك بجذعها قائلين بأنها وصلت فلا تذبح ولا تهان وتدعى (الوصيلة).
أما الفحل الذي لقح ولد ولده فكانوا يتركونه فلا ينتفع منه بشيء ولا يمنع عن ماء ولا رعي ويطلقون عليه اسم حام أي حمى ظهره فلا يركب ولا يجز له وبر ولا يمنع عن مرعى.
وجميع هذه المعتقدات حرمها الله تعالى تحريماً مطلقاً في الآية (103) من سورة المائدة (ما جعل الله من بحيره ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون) صدق الله العظيم.
قلت سيف:
حديث (لا فرع ولا عتيرة) هو في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وورد في سنن أبي داود (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل خمسين شاة شاة) وورد عند الحاكم بلفظ في كل خمسه واحده.
والاضطراب من ابن خثيم خاصة أن ابن المديني قال: منكر الحديث، وقبله آخرون، المهم هو في هذا الحديث اضطرب.
وحسنه محققو المسند بلفظ (الفرع حق) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وشرطه عدم مشابهة أهل الجاهلية لذا ورد في سنن أبي داود تفصيل ذلك 1149 عن نبيشة
(نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب فما تأمرنا قال اذبحوا لله في أي شهر كان وبروا الله عز وجل وأطعموا قال: إنا كنا نفرع فرعا في الجاهلية فما تأمرنا قال: في كل سائمة فرع تغذوه ماشيتك حتى إذا استحمل قال نصر: استحمل للحجيج ذبحته، فتصدقت بلحمه قال خالد أحسبه قال على ابن السبيل فإن ذلك خير)
قال خالد قلت لأبي قلابة كم السائمة قال مائة.
وهو في الصحيح المسند 1149، وقال
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
وقال محققو المسند 11/ 323 في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: وفيه ( …. والفرع حق) وحسنوه:
وأما الفرع والعتيرة، فقد ورد النهي عنهما في حديث أبي هريرة الآتي (9301)، ولفظه: “نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الفرع والعتيرة”. وهو عند البخاري (5473) و (5474)، ومسلم (1976) (38) بلفظ: “لا فرع ولا عتيرة”.
وورد التخيير في فعلهما في حديث الحارث بن عمرو الآتي 3/ 485 بلفظ: “من شاء عتر، ومن شاء لم يعْتر، ومن شاء فرع، ومن شاء لم يفرع”.
والفرع: أول ما تلده الناقة أو الشاة.
وقوله: “الفرع حق”، أي: ليس بباطل، وحديث: “لا فرع” محمول على نفي الوجوب، فلا تعارض، قاله السندي. وذكر الحافظ في “الفتح” 9/ 567 أن حديث: “لا فرع” محمول على ما إذا كانوا يذبحونه لطواغيتهم، ثم قال: واستنبط الشافعي الجواز إذا كان الذبح لله، قال: جمعاً بينه وبين حديث: “الفرع حق”.
ثم نقل الحافظ عن الشافعي قوله فيما نقله البيهقي من طريق المزني عنه الفرع شيء كان أهل الجاهلية يذبحونه يطلبون به البركة في أموالهم، فكان أحدهم يذبح بكر ناقته أو شاته رجاء البركة فيما يأتي بعده، فسألوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن حكمها، فأعلمهم أنه لا كراهة عليهم فيه، وأمرهم استحباباً أن يتركوه حتى يُحمل عليه في سبيل الله.
ثم نقل الحافظ عن النووي قوله: نص الشافعي على أن الفرع العتيرة مستحبان، ويؤيده ما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وصححه الحاكم وابن المنذر عن نُبيشة …. ففي هذا الحديث أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يبطل الفرع والعتيرة من أصلهما، وإنما أبطل صفة من كل منهما، فمن الفرع كونه يُذبح أول ما يولد، ومن العتيرة خصوص الذبح في شهر رجب.
ورد في بعض ألفاظ حديث عبدالله بن عمرو في مسند أحمد: (وأن تتركه حتى يكون شُغْزُباً أو شغزوبا ابن مخاض أو ابن لبون فتحمل عليه في سبيل الله) فقوله (شغزبا) قال السندي: قيل: هكذا الرواية، والصواب: زُخْرُباً، بزاي معجمة مضمومة، وخاء معجمة ساكنة، ثم راء مهملة، ثم باء مشددة، بمعنى الغليظ. قال الخطابي: يحتمل أن الزاي أبدلت شيئاً، والخاء غيناً، أي: لقرب المخرج، فصحف، وهذا من غريب الإبدال. وقد رد هذا القول الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على “المسند” وذكر أن مادة الشغزبة ترجع في أصلها إلى القوة والجلد وما إليهما. انتهى