1376 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف ومراجعة سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
مجموعة عبدالله الديني
1376 قال الإمام أحمد رحمه الله (ج2 ص 441) حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن عمور عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بها لمم، فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يشفيني، قال: إن شئت دعوت الله أن يشفيك، وإن شئت فاصبري، ولا حساب عليك) قالت: بل أصبر ولا حساب علي.
اللمم: نوع من الجنون على شكل نوبات وليس بلازم.
وصححه محققو المسند 15/ 431
وجاء بنحوه في الصحيحين في قصة المرأة السوداء، عن عطاء بن أبي رباح، قال: قال لي ابن عباس: أل أريك امرأة من أهـل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هـذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: إني أصرع وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: ” إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك” قالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف فادع الله أن ل أتكشف فدعا لها.
قوله: وإني أتكشف بمثناة وتشديد المعجمة من التكشف وبالنون الساكنة مخففا من النكشاف والمراد أنها خشيت أن تظهر عورتها وهـي ل تشعر. (الفتح)
قال الحافظ:
وفي الحديث فضل من يصرع وأن الصبر على بليا الدنيا يورث الجنة وأن الخذ بالشدة أفضل من الخذ بالرخصة لمن علم من نفسه الطاقة ولم يضعف عن التزام الشدة وفيه دليل على جواز ترك التداوي وفيه أن علج المراض كلها بالدعاء واللتجاء إلى الله أنجع وأنفع من العلج بالعقاقير وأن تأثير ذلك وانفعال البدن عنه أعظم من تأثير الدوية البدنية ولكن إنما ينجع بأمرين أحدهـما من جهة العليل وهـو صدق القصد والخر من جهة المداوي وهـو قوة توجهه وقوة قلبه بالتقوى والتوكل والله أعلم.
لمنْ فوائد هذا الحديث:
1– أن العبرة بتقوى الله لا بألوان ولا بأجناس الناس.
2 – كرامة تلك المرأة على الله، حيث تمشي على الأرض وتعلم أنها من أهل الجنة.
3 – إثبات الصّرع، وهو على نوعين:
أ – صرع طبيعي (نتيجة مرض)
ب – صرع نتيجة المس (وهذا يُنكره كثير من النفسانيين)!
قلت سيف: وهناك بحوث في الرد عليهم.
4 – الذي أهمّ تلك المرأة أنها تتكشّف!
5 – جواز طلب الدعاء من الآخرين.
6 – الجنة لمن صبر على ما يُصاب به، مع الإيمان بالله.
7 – تصبّر المرأة على ما تُصاب به، وهو الصَّرَع، في مقابل سلعة الله الغالية (الجنة).
8 – هوان الدنيا في أعين أهل الإيمان
فما هذه الدنيا وإن جَلّ قدرها سوى مُهلة نأتي لها ونروحُ
9 – حرص تلك المرأة على أن لا تتكشّف حتى وهي في حالة فقدان الوعي أو بعضه.
أين هذا من حرص بعض نساء المسلمين اليوم على التّكشّف والتّعرّي وهن في أتم صحة وعافية، وأكمل نضارة وشباب!
10 أهل الجنة ينقسمون إلى قسمين قسم نشهد لهم بالجنة بأوصافهم وقسم نشهد لهم بالجنة بأعيانهم.
1 أما الذين نشهد لهم بالجنة بأوصافهم فكل مؤمن بالله متق فإننا نشهد له أنه من أهل الجنة.
كما قال الله سبحانه وتعالى في الجنة أعدت للمتقين وقال {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً} فكل مؤمن متق يعمل الصالحات فإننا نشهد أنه من أهل الجنة.
ولكن لا نقول هو فلان وفلان لأننا لا ندري ما يختم له ولا ندري هل باطنه كظاهره فلذلك لا نشهد له بعينه.
نقول مثلا إذا مات رجل مشهود له بالخير قلنا نرجوا أن يكون من أهل الجنة لكن ما نشهد أنه من أهل الجنة.
2 قسم آخر نشهد له بعينه وهم الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم في الجنة مثل العشرة المبشرين بالجنة.
وهناك مبحث للصرع لأحد الباحثين:
1. … الجنون، اللمم، المس، الطيف
2. … أنواع الصرع (صرع الإغماء)
3. … الفرق بين الصرعين العضوي والروحي
الجنون، اللمم، المس، الطيف
الجنون: اختلال القوة المميزة بين الأمور الحسنة والقبيحة المدركة للعواقب، بأن لا تظهر آثارها وتتعطل أفعالها، إمالنقصان جبل عليه دماغه في أَصْل الخلقة، وإما لخروج مزاج الدماغ عن الاعتدال بسبب خلط أو آفة، وإما لاستيلاء الشَّيطان عليه وإلقاء الخيالات الفاسدة إليه بحيثُ يفرح ويفزع من غير ما يَصْلح سبباً ا. هـ” حاشية رد المحتاركتاب الطلاق”.
اللَّمَمُ: الجُنُون ُ، وصِغارُ الذنُوبِ. والمَلْمومُ: المَجْنُونُ، وأصابَتْه من الجِنِّ لَمَّةٌ، أي: مَسٌّ؛ والعينُ اللاَّمَّةُ: المُصِيبةُ بسوءٍ. أخرج أبو داود والحاكم عن عائشة قالت: «كَانَتْ جَمِيلَةُ امْرَأَةُ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ وَكَانَ امْرَأً بِهِ لَمَمٌ فَإِذَا اشْتَدَّ لَمَمُهُ ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ».
المس: يقال: مَسِسْتُ الشيء أمَسّه مَسّاً، إذا لَمسْتَه بيدك، ثم استُعير للأخْذِ والضرب لأنهما باليد، واستعير للجماع لأنه لمْسٌ، وللجنون كأنّ الجِنّ مَسّتْه. يقال: به مَسّ من جُنونٍ ” انظرالنهاية في غريب الحديث والأثر”.
الطيف: يقال قد أصَابَ هذا الغلامَ لَمَمٌ أو طَيْفٌ من الجن، أي عَرَض له عارِضٌ منهم. وأصْلُ الطيْف: الجُنُونُ. ثم استُعْمِل في الغَضب، ومَسّ الشيطان ووسْوسَته. ويقال له طائف، وقد قُراءبهما قوله تعالى:} إنّ الّذين اتّقَوْا إذا مسّهُمْ طيْفٌ مِنَ الشّيطانِ {يقال طاف يَطِيف ويَطُوف طيْفاً وطوْفاً، فهو طائِف، ثم سُمّي بالمَصْدر. ومنه طيْفُ الخيَال الذي يَرَاه النائمُ.
فهذه كلمات مترادفة المعنى في مفهومها، ويتلخص تعريفها بان شيطاناً من الجن قد تسلط على عقل أو قلب أو جسد الإنسي، ويقول بعض العوام أن إنسان به ضرر أو معه تابعه أو معه قرينه أو فيه زار يعنون أنه مصاب بمس من الجن بسبب أو آخر.
وعندما تطلق كلمة الصرع عند البعض في هذه الايام فهي تعني الاغماء الذي يحصل لبعض الناس والذي من بعض صفاته تشنج الاعضاء وخروج الزبد في بعض الاحيان .. الخ.
يقول ابن القيم: لو كشف الغطاء لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعى مع هذه الارواح الخبيثة، وهي في أسرها وقبضتها تسوقها حيث شاءت ولا يمكن الامتناع عنها ولا مخالفتها ومنها الصرع الاعظم الذي لا يفيق صاحبه الا عند المفارقة والمعاينة فهناك يتحقق أنه مصروع حقيقة” زاد المعاد الجزء الثالث”.
وقد تطلق كلمة الصرع على من يصاب بالجنون والتخبط بالقول والفعل بسبب المس في أوقات متفرقة.
أنواع الصرع (صرع الإغماء):
صرع الاخلاط: هو عبارة عن نشاط كهربائي وتهيج في بعض خلايا المخ يحصل بين الحين والاخر، وهذا الصرع يمكن التعرف عليه عن طريق تخطيط المخ أو رسم الدماغ بالكومبيوتر لوجود بؤر صرعية في المخ في الغالب، ويمكن معالجته عندالاطباء.
صرع الارواح الخبيثة: وهو عبارة عن تسلط الشيطان على مخ المصروع واحداث بعض الارتباك في توليد وتوصيل وضخ الكهربية من المخ الى باقي أعضاء الجسم فيحدث الصرع حسب تحكم الشيطان في جوارح الإنسان الجزئى والكلي، وعلاج هذا النوع من الصرع يكون بنفس علاج المس وقد يحتاج ان يعالج المصاب وقت النوبة لاحتمال ان يكون المس من نوع المس العارض.
عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَلا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ أَصْبِرُ فَقَالَتْ إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا.
ولخص الأخ عبدالملك كلام ابن القيم:
قال ابن القيم رحمه الله تعالى فى كتابه (الطب النبوي): فصل: هديه صَل الله عليه وسلم: في علاج الصرع …
فصل: أما الصرع الإختلاط، فهو علة تمنع الأعضاء النفسية عن الأفعال والحركة والإنتصاب منعا غير تام، وسببه خلط غليظ لزج يسد منافذ بُطُون الدماغ سدة غير تامة، فيمتنع نفوذ الحس والحركة فيه وفي الأعضاء نفوذ تاما من انقطاع بالكلية … !!! ثم ذكر العلة وأنها قد تعد من جملة الأمراض المزمنة باعتبار طول مكثها، وعسر بئرها، ولا سيما إن تجاوز فى السن خمسا وعشرين سنة، وهذه العلة في دماغه، وخاصة في جوهره، فإن صرع هؤلاء يكون لازما .. ونقل عن الأبقراط أنه قال: إن الصرع يبقى في هؤلاء حتى يموتوا … ثم ذكر رحمه الله تعالى انه إذا عرف هذا، فهذه المرأة التي جاء الحديث أنها كانت تصرع وتتكشف، يجوز أن يكون صرعها من هذا النوع. فوعدها النبي صَل الله عليه و سلم الجنة بصبرها على هذا المرض، ودعا لها أن لا تتكشف، وخيرها بين الصبر والجنة، وبين الدعاء لها بالشفاء من غير ضمان، فاختارت الصبر والجنة … !!! صفحة: (58). من كتاب: الطب النبوي لابن القيم رحمه الله .. دار الغد الجديد …
فقول الشيخ رحمه الله: من غير ضمان: تثبيت على ما نقله عن الأبقراط، وهو بقى المرض حتى الموت … والله اعلم وأعلى وصل الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه …
الفرق بين الصرعين العضوي والروحي:
الذي به صرع من الجن يعاني في الغالب من أعراض المس ويمكن الكشف عليه بقراءة الرقية الشرعية، وسؤاله عن أعرض المس في اليقضة والمنام، والذي به صرع من الجن لا يستفيد من علاج الأطباء إلا من باب الاستدراج والمكر من الجني. وأما الذي به صرع طبي فإنه يستجيب لعلاج الأطباء وتتحسن حالته إذا ما داوم على تعاطي بعض الأدوية في الغالب، ومن الملاحظ أن الذي به صرع طبي لا يستطيع أن يحرك أي عضو من جسده بإرادته وقت الصرع لأنه لا يعي شيئا ويكون في فترة من الإغماء وعدم الإدراك والتميز التي قد تدوم إلى نصف ساعة. وبعض من به صرع طبي يخرج من فمه الزبد وقت الصرع وربما كان مخلوطا بالدم بسبب عض اللسان أحيانا، وتتشنج أطرافه الأربعة، ويحصل له انقلاب في العينين ويكون بياض عينيه ناصعا، ويحصل له التواء في الوجه، وهذا ما يسميه الأطباء بالصرع التشنجي.
يذكر باحث أن من أعراض صرع الأخلاط.
اصفرار الوجه وربما يميل للزرقة.
شخوص العينين ويغلب عليها اللون الأبيض.
يخرج زبد من الفم وأحيانا يكون الزبد مخلوطا بالدم لقرص اللسان بالأسنان.
يسكت عن الكلام.
تحرك الفكان وقد يعض المرء لسانه.
تتصلب الأطراف.
يتلو الإغماء عادة فترة فقد الإدراك وهي تدوم حوالي نصف ساعة.
متى ثاب المصروع إلى رشده بعد انتهاء النوبة ينام إذا ترك وشأنه ولكن إذا استيقظ كان شديد التهيج لمدة ساعة أو أكثر أ. هـ.
تنبيه: خروج الزبد من الفم يحصل أيضا لمن به مس من الجن
ولمزيد من التفاصيل راجع الكتب التي ألفت حول هذا الموضوع
قلت سيف: تنبيه:
ورد في رواية عند البزار 5073، أن المصروعة قالت (أخاف الخبيث أن يجردني) ويميل البزار لتحسينه، لكن صدقة بن موسى الراجح ضعفه، وكذلك فرقد السبخي.
وورد في مرسل طاووس أن النبي صلى الله عليه وسلم ضربها في صدرها فلم يخرج شيطانها، لذا يرجح ابن حجر أن الذي بها كان صرع الجن. انتهى
لكن هذا مرسل ثم هو مخالف لما في الصحيح أنها قالت أصبر، وفيه نكارة حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يمس النساء. وزجر عن ذلك.