137 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله المشجري وعبدالملك وأحمد بن علي وناجي الصيعري وعلي الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
١٣٧ – قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج ٩ ص ١٥٢): حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ أخبرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي قَوْلِهِ {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} (١) قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ حَمْدِي زَيْنٌ وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «ذَاكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ».
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
_________
(١) سورة الحجرات، الآية: ٤.
ــــــــــ
أولًا: دراسة الحديث رواية:
* صححه الشيخ الألباني في سنن الترمذي 3267.
* الحديث في المختارة برقم 1500 من مسند الأقرع بن حابس.
* الحديث في مسند أحمد 15991 ﻋﻦ اﻷﻗﺮﻉ ﺑﻦ ﺣﺎﺑﺲ، ﺃﻧﻪ ﻧﺎﺩﻯ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻭﺭاء اﻟﺤﺠﺮاﺕ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺒﻪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺃﻻ ﺇﻥ ﺣﻤﺪﻱ ﺯﻳﻦ، ﻭﺇﻥ ﺫﻣﻲ ﺷﻴﻦ ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﻛﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﺃﺑﻮ ﺳﻠﻤﺔ: ” ﺫاﻙ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ”
قال محققو المسند: ” ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺿﻌﻴﻒ ﻻﻧﻘﻄﺎﻋﻪ، ﺃﺑﻮ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ- ﻭﻫﻮ اﺑﻦ ﻋﻮﻑ اﻟﻘﺮﺷﻲ- ﻟﻢ ﻳﺜﺒﺖ ﺳﻤﺎﻋﻪ ﻣﻦ اﻷﻗﺮﻉ ﺑﻦ ﺣﺎﺑﺲ، ﻓﻘﺪ ﻧﻘﻞ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﻓﻲ “اﻹﺻﺎﺑﺔ” – ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻷﻗﺮﻉ- ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﻨﺪﻩ ﻗﻮﻟﻪ: ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺃﻥ اﻷﻗﺮﻉ ﺑﻦ ﺣﺎﺑﺲ ﻧﺎﺩﻯ، ﻓﺬﻛﺮﻩ ﻣﺮﺳﻼ، ﻭﻫﻮ اﻷﺻﺢ، ﻗﺎﻝ اﻟﺤﺎﻓﻆ: ﻭﻛﺬا ﺭﻭاﻩ اﻟﺮﻭﻳﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻤﺮﺭ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﻗﺎﻝ: ﻧﺎﺩﻯ اﻷﻗﺮﻉ. ﻓﺬﻛﺮﻩ ﻣﺮﺳﻼ، ﻭﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ ﺟﺮﻳﺮ اﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﺴﻤﺎﻉ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﻣﻦ اﻷﻗﺮﻉ، ﻓﻬﺬا ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺗﺄﺧﺮ. ﻗﻠﻨﺎ: ﻭﺳﻴﺄﺗﻲ ﻣﺮﺳﻼ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﻭاﻳﺔ 6/394. ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﻓﻲ “اﻟﺘﻌﺠﻴﻞ”: ﻭﺭﻭاﻳﺔ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﻋﻦ اﻷﻗﺮﻉ ﻣﻨﻘﻄﻌﺔ، ﻭﺑﺎﻗﻲ ﺭﺟﺎﻝ اﻹﺳﻨﺎﺩ ﺛﻘﺎﺕ ﺭﺟﺎﻝ اﻟﺸﻴﺨﻴﻦ. ﻋﻔﺎﻥ: ﻫﻮ اﺑﻦ ﻣﺴﻠﻢ، ﻭﻭﻫﻴﺐ: ﻫﻮ اﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ.
ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺎﺻﻢ ﻓﻲ “اﻵﺣﺎﺩ ﻭاﻟﻤﺜﺎﻧﻲ” (1178) ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ “اﻟﻜﺒﻴﺮ” (878) ، ﻭﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ ﻓﻲ “اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ” (1033) ، ﻭاﺑﻦ اﻷﺛﻴﺮ ﻓﻲ “ﺃﺳﺪ اﻟﻐﺎﺑﺔ” 1/130 ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻔﺎﻥ، ﺑﻬﺬا اﻹﺳﻨﺎﺩ.
ﻭﺃﻭﺭﺩﻩ اﻟﻬﻴﺜﻤﻲ ﻓﻲ “اﻟﻤﺠﻤﻊ” 7/108، ﻭﻗﺎﻝ: ﺭﻭاﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ، ﻭﺃﺣﺪ ﺇﺳﻨﺎﺩﻱ ﺃﺣﻤﺪ ﺭﺟﺎﻝ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺳﻠﻤﺔ ﺳﻤﻊ ﻣﻦ اﻷﻗﺮﻉ، ﻭﺇﻻ ﻓﻬﻮ ﻣﺮﺳﻞ ﻛﺈﺳﻨﺎﺩ ﺃﺣﻤﺪ اﻵﺧﺮ.
ﻭﺳﻴﺄﺗﻲ ﻣﻜﺮﺭا ﺳﻨﺪا ﻭﻣﺘﻨﺎ 6/393-394.
ﻭﻟﻪ ﺷﺎﻫﺪ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺒﺮاء ﺑﻦ ﻋﺎﺯﺏ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺮﻣﺬﻱ (3267) ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻓﻲ “اﻟﻜﺒﺮﻯ” (11515) ، ﻭاﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ 26/121، ﻭﺃﺑﻲ ﻧﻌﻴﻢ ﻓﻲ “ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺃﺻﺒﻬﺎﻥ” 2/296
ﻗﺎﻝ اﻟﺴﻨﺪﻱ: ﻗﻮﻟﻪ: “ﺯﻳﻦ” ﺑﻔﺘﺢ ﻓﺴﻜﻮﻥ، ﻭﻛﺬا “اﻟﺸﻴﻦ”، ﺛﻢ الزﻳﻦ ﻧﻘﻴﺾ اﻟﺸﻴﻦ، ﻭاﻟﺸﻴﻦ: ﻫﻮ اﻟﻌﻴﺐ.
ثانيًا: دراسة الحديث دراية:
* جاء في تحفة الأحوذي: ” ﻗﻮﻟﻪ (ﻓﻘﺎﻝ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺇﻥ ﺣﻤﺪﻱ ﺯﻳﻦ ﻭﺇﻥ ﺫﻣﻲ ﺷﻴﻦ) ﻣﻘﺼﻮﺩ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﻮﻝ ﻣﺪﺡ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺇﻇﻬﺎﺭ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﻳﻌﻨﻲ ﺇﻥ ﻣﺪﺣﺖ ﺭﺟﻼ ﻓﻬﻮ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻭمزﻳﻦ ﻭﺇﻥ ﺫﻣﻤﺖ ﺭﺟﻼ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻣﻮﻡ ﻭﻣﻌﻴﺐ ﺫاﻙ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻱ اﻟﺬﻱ ﺣﻤﺪﻩ ﺯﻳﻦ ﻭﺫﻣﻪ ﺷﻴﻦ ﻫﻮ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻭﺭﻭﻯ اﻟﻄﺒﺮﻱ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻌﻤﺮ ﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺮﺳﻼ ﻭﺯاﺩ ﻓﺄﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ ﺇﻥ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺎﺩﻭﻧﻚ ﻣﻦ ﻭﺭاء اﻟﺤﺠﺮاﺕ اﻵﻳﺔ ﻭﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﺴﻦ ﻧﺤﻮﻩ ﻭﺭﻭﻯ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻋﻘﺒﺔ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﻗﺎﻝ ﺣﺪﺛﻨﻲ اﻷﻗﺮﻉ ﺑﻦ ﺣﺎﺑﺲ اﻟﺘﻤﻴﻤﻲ ﺃﻧﻪ ﺃﺗﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ اﺧﺮﺝ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻓﻨﺰﻟﺖ (ﺇﻥ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺎﺩﻭﻧﻚ ﻣﻦ ﻭﺭاء اﻟﺤﺠﺮاﺕ) اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺭﻭاﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺑﻠﻔﻆ ﺃﻧﻪ ﻧﺎﺩﻯ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺒﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺇﻥ ﺣﻤﺪﻱ ﻟﺯﻳﻦ ﻭﺇﻥ ﺫﻣﻲ ﻟﺸﻴﻦ
* قال ابن حجر في فتح الباري في شرح ( ﺑﺎﺏ ﺇﻥ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺎﺩﻭﻧﻚ ﻣﻦ ﻭﺭاء اﻟﺤﺠﺮاﺕ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﻻ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ)
ﺫﻛﺮ ﻓﻴﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﺷﺮﺣﻪ ﻓﻲ اﻟﺬﻱ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﺭﻭﻯ اﻟﻄﺒﺮﻱ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺠﺎﻫﺪ ﻗﺎﻝ ﻫﻢ ﺃﻋﺮاﺏ ﺑﻨﻲ ﺗﻤﻴﻢ ﻭﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﻋﻦ اﻟﺒﺮاء ﻗﺎﻝ ﺟﺎء ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺇﻥ ﺣﻤﺪﻱ ﺯﻳﻦ ﻭﺇﻥ ﺫﻣﻲ ﺷﻴﻦ ﻓﻘﺎﻝ ﺫاﻙ اﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺭﻭﻱ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻌﻤﺮ ﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺮﺳﻼ ﻭﺯاﺩ ﻓﺄﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ (ﺇﻥ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺎﺩﻭﻧﻚ ﻣﻦ ﻭﺭاء اﻟﺤﺠﺮاﺕ) اﻵﻳﺔ ﻭﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﺴﻦ ﻧﺤﻮﻩ.
حديث ابن الزبير المقصود هو ما ورد في البخاري ما يشير إلى ذلك:
4847 – حدثنا الحسن بن محمد، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرني ابن أبي مليكة : أن عبد الله بن الزبير أخبرهم: أنه «قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أمِّر القعقاع بن معبد، وقال عمر: بل أمِّر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردت إلى – أو: إلا – خلافي، فقال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل
في ذلك: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} حتى انقضت الآية.»
{ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم}
«صحيح البخاري – ط السلطانية» (6/ 137)
قال محقق تفسير البغوي بعد أن ذكر طرق الحديث وتعليلاتها:
الخلاصة: أكثر هذه الروايات يذكر فيها الأقرع بن حابس، والظاهر أنه قدم معه وفد، فتارة يذكر الرواة الوفد، وتارة يذكرون الأقرع ويسمونه لأنه أمير الوفد من بني تميم، فالحديث أصله محفوظ وقد جود ابن كثير أحد طرقه كما تقدم، وتقدم أيضا أسبابا أخرى لنزول هذه الآيات، والظاهر تعدد الأسباب، والله أعلم
«تفسير البغوي – إحياء التراث» (4/ 256)
قال ابن الأثير:
باب الهمزة والقاف وما يثلثهما
– الأقرع بن حابس
(ب د ع) الأقرع بن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، ساقوا هذا النسب إلا أن ابن منده وأبا نعيم قالا: عؤلى النبي صلى الله عليه وسلم مع عطارد بن حاجب بن زرارة، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم وغيرهم من أشراف تميم بعد فتح مكة، وقد كان الأقرع بن حابس التميمي، وعيينة بن حصن الفزاري شهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة، وحنينا، وحضرا الطائف.
فلما قدم وفد تميم كان معهم، فلما قدموا المدينة قال الأقرع بن حابس، حين نادى: يا محمد، إن إن حمدي زين، وإن ذمي شين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلكم الله سبحانه وقيل: بل الوفد كلهم نادوا بذلك، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ذلكم الله، فما تريدون؟ قالوا: نحن ناس من تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا لنشاعرك ونفاخرك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بالشعر بعثنا ولا بالفخار أمرنا، ولكن هاتوا، فقال الأقرع بن حابس لشاب منهم: قم يا فلان [1] فاذكر فضلك وقومك …..
فقام الأقرع بن حابس فقال: يا هؤلاء، ما أدري ما هذا الأمر؟ تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أرفع صوتا، وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أرفع صوتا، وأحسن قولا، ثم دنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يضرك ما كان قبل هذا» .
وفي وفد بني تميم نزل قوله تعالى: إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون 49: 4 [1] . تفرد برواية هذا الحديث مطولا بأشعاره المعلى بن عبد الرحمن بن الحكم الواسطي.
تنبيه : في تاريخ الإسلام ت بشار (5/ 200)
366 – ق: معلى بن عبد الرحمن الواسطي. [الوفاة: 201 – 210 ه]
عَنْ: الأعمش، وابن أَبِي ذئب، ومنصور بْن أَبِي الأسود، وعبد الحميد بْن جعفر، وشُعْبة، والثَّوْريّ، وجماعة.
وَعَنْهُ: الحَسَن بْن عليّ الحَلْوانيّ، وعلي بن أحمد الجواربي، ومحمد بْن إِسْحَاق الصَّاغانيّ، وخلف الواسطيّ كردوس، وإبراهيم بْن دنوقا، وجماعة.
قَالَ أبو داود: سَمِعْتُ يحيى بْن مَعِين، وسُئل عَنِ المعلى بْن عَبْد الرَّحْمَن، فقال: أحسن أحواله عندي أَنَّهُ قِيلَ لَهُ عند موته: ألا تستغفر اللَّه؟ فقال: ألا أرجو أنّ يغفر لي وقد وضعت في فضل عليّ بْن أَبِي طَالِب سبعين حديثًا.
وذهب ابن المَدِينيّ إلى أَنَّهُ كَانَ يكذب.
وقال أبو زُرْعة: ذاهب الحديث.
وقال الدَّارَقُطْنيّ: كذاب.
وأما ابن عديّ فقال: أرجو أَنَّهُ لا بأس بِهِ.
قلت: لَهُ حديث في ” سنن ابن ماجة “.
تتمة النقل عن ابن الأثير:
أخبرنا إسماعيل بن عبيد الله بن علي، وإبراهيم بن محمد بن مهران، وأبو جعفر بن السمين بإسنادهم إلى محمد بن عيسى بن سورة قال: حدثنا ابن أبي عمر، وسعيد بن عبد الرحمن، قالا: أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال «أبصر الأقرع بن حابس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقبل الحسن، وقال ابن أبي عمر: أو الحسين، فقال: إن لي من الولد عشرة ما قبلت واحدا منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يرحم» . وأخبرنا يحيى بن محمود بن سعد الأصفهاني إجازة بإسناده إلى أبي بكر بن أبي عاصم قال: حدثنا عفان، أخبرنا وهيب، أخبرنا موسى بن عقبة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن الأقرع بن حابس أنه نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات، فقال: «يا محمد إن مدحي زين، وإن ذمي شين فقال:
ذلكم الله عز وجل» كما حدث أبو سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وشهد الأقرع بن حابس مع خالد بن الوليد حرب أهل العراق، وشهد معه فتح الأنبار، وهو كان على مقدمة خالد بن الوليد.
قال ابن دريد: اسم الأقرع: فراس، ولقب الأقرع لقرع كان به في رأسه، والقرع: انحصاص [2] الشعر، وكان شريفا في الجاهلية والإسلام، واستعمله عبد الله بن عامر على جيش سيره إلى خراسان، فأصيب بالجوزجان هو والجيش
«أسد الغابة في معرفة الصحابة ط الفكر» (1/ 128)
قال الطبري:
القول في تأويل قوله تعالى: {ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم (5) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن الذين ينادونك يا محمد من وراء حجراتك، والحجرات: جمع حجرة، والثلاث: حجر، ثم تجمع الحجر فيقال: حجرات وحجرات، وقد تجمع بعض العرب الحجر حجرات بفتح الجيم، وكذلك كل جمع كان من ثلاثة إلى عشرة على فعل يجمعونه على فعلات بفتح ثانيه، والرفع أفصح وأجود; ومنه قول الشاعر:
أما كان عباد كفيئا لدارم … بلى، ولأبيات بها الحجرات (1) يقول: بلى ولبني هاشم.
وذكر أن هذه الآية والتي بعدها نزلت في قوم من الأعراب جاءوا ينادون رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء حجراته: يا محمد اخرج إلينا.
* ذكر الرواية بذلك:
حدثنا أبو عمار المروزي، والحسن بن الحارث، قالا ثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد إن حمدي زين، وإن ذمي شين، فقال: “ذاك الله تبارك وتعالى”.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن أبي إسحاق، عن البراء بمثله، إلا أنه قال: ذاكم الله عز وجل
حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا المعتمر بن سليمان التيمي، قال: سمعت داود الطفاوي يقول: سمعت أبا مسلم البجلي يحدث عن زيد بن أرقم، قال: جاء أناس من العرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل، فإن يكن نبيا فنحن أسعد الناس به، وإن يكن ملكا نعش في جناحه; قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بذلك، قال: ثم جاءوا إلى حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلوا ينادونه. يا محمد، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون) قال: فأخذ نبي الله بأذني فمدها، فجعل يقول: ” قد صدق الله قولك يا زيد، قد صدق الله قولك يا زيد”.
حدثنا الحسن بن أبي يحيى المقدمي، قال: ثنا عفان، قال: ثنا وهيب، قال: ثنا موسى بن عقبة، عن أبي سلمة، قال: ثني الأقرع بن حابس التميمي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فناداه، فقال: يا محمد إن مدحي زين، وإن شتمي شين; فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ويلك ذلك الله، فأنزل الله (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) … الآية.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) : أعراب بني تميم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة “أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فناداه من وراء الحجر، فقال: يا محمد إن مدحي زين، وإن شتمي شين; فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ويلك ذلك الله، فأنزل الله (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون) .
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) … الآية، ذكر لنا أن رجلا جعل ينادي يا نبي الله يا محمد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما شأنك؟ فقال: والله إن حمده لزين، وإن ذمه لشين، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ذاكم الله، فأدبر الرجل، وذكر لنا أن الرجل كان شاعرا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن حبيب بن أبي عمرة، قال: كان بشر بن غالب ولبيد بن عطارد، أو بشر بن عطارد ولبيد بن غالب، وهما عند الحجاج جالسان، يقول بشر بن غالب للبيد بن عطارد نزلت في قومك بني تميم (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) فذكرت ذلك لسعيد بن جبير، فقال: أما إنه لو علم بآخر الآية، أجابه (يمنون عليك أن أسلموا) قالوا: أسلمنا، ولم يقاتلك بنو أسد.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: “أتى أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجراته، فقال: يا محمد، يا محمد; فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مالك؟ مالك؟، فقال: تعلم أن مدحي لزين، وأن ذمي لشين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاكم الله، فنزلت (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) “.
واختلفت القراء في قراءة قوله (من وراء الحجرات) فقرأته قراء الأمصار بضم الحاء والجيم من الحجرات، سوى أبي جعفر القارئ، فإنه قرأ بضم الحاء وفتح الجيم على ما وصفت من جمع الحجرة حجر، ثم جمع الحجر: حجرات”.
والصواب من القراءة عندنا الضم في الحرفين كليهما لما وصفت قبل.
وقوله (أكثرهم لا يعقلون) يقول: أكثرهم جهال بدين الله، واللازم لهم من حقك وتعظيمك
«تفسير الطبري = جامع البيان ط دار التربية والتراث» (22/ 282)
قال ابن تيمية:
فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر الصوتين الأحمقين الفاجرين: الصوت الذي يوجب الاعتداء في الفرح حتى يصير الإنسان فرحا فخورا؛ والصوت الذي يوجب الجزع. وأما الصوت الذي يثير الغضب لله: كالأصوات التي تقال في الجهاد من الأشعار المنشدة: فتلك لم تكن بآلات وكذلك أصوات الشهوة في الفرح؛ فرخص منها فيما وردت به السنة من الضرب بالدف في الأعراس والأفراح للنساء والصبيان. وعامة الأشعار التي تنشد بالأصوات لتحريك النفوس هي من هذه الأقسام الأربعة وهي التشبيب؛ وأشعار الغضب والحمية؛ وهي الحماسة والهجاء. وأشعار المصائب كالمراثي وأشعار النعم والفرح وهي المدائح. والشعراء جرت عادتهم أن يمشوا مع الطبع؛ كما قال الله تعالى: {ألم تر أنهم في كل واد يهيمون} {وأنهم يقولون ما لا يفعلون} ولهذا أخبر أنهم يتبعهم الغاوون والغاوي: هو الذي يتبع هواه بغير علم؛ وهذا هو الغي؛ وهو خلاف الرشد. كما أن الضال الذي لا يعلم مصلحته هو خلاف المهتدي قال الله سبحانه وتعالى: {والنجم إذا هوى} {ما ضل صاحبكم وما غوى} ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم {عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي} . فلهذا تجدهم يمدحون جنس الشجاعة وجنس السماحة؛ إذ كان عدم هذين مذموما على الإطلاق وأما وجودهما فبه تحصل مقاصد النفوس على الإطلاق؛ لكن العاقبة في ذلك للمتقين. وأما غير المتقين فلهم عاجلة لا عاقبة والعاقبة وإن كانت في الآخرة فتكون في الدنيا أيضا؛ كما قال تعالى لما ذكر قصة نوح ونجاته بالسفينة: {قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم} إلى قوله: {فاصبر إن العاقبة للمتقين} . وقال {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين}.
والفرقان: أن يحمد من ذلك ما حمده الله ورسوله؛ فإن الله تعالى هو الذي حمده زين وذمه شين؛ دون غيره من الشعراء والخطباء وغيرهم؛ ولهذا لما قال القائل من بني تميم للنبي صلى الله عليه وسلم إن حمدي زين وذمي شين قال له: ” ذاك الله “. والله سبحانه حمد الشجاعة والسماحة في سبيله؛ كما في الصحيح عن {أبي موسى قال: قيل: يا رسول الله الرجل يقاتل شجاعة؛ ويقاتل حمية؛ ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله} . وقد قال سبحانه: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} وذلك أن هذا هو المقصود الذي خلق الخلق له؛ كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} فكل ما كان لأجل الغاية التي خلق لها الخلق كان محمودا عند الله وهو الذي يبقى لصاحبه وهذه الأعمال الصالحات…
«مجموع الفتاوى» (28/ 162)
وراجع أيضا كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص: ٤٧: لابن تيمية
قال ابن حجر:
قوله فارتفعت أصواتهما: في رواية بن جريج فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما
وله فأنزل الله في رواية بن جريج فنزل في ذلك قوله يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم الآية زاد وكيع كما سيأتي في الاعتصام إلى قوله عظيم وفي رواية بن جريج فنزلت يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله إلى قوله ولو أنهم صبروا
وقد استشكل ذلك قال بن عطية الصحيح أن سبب نزول هذه الآية كلام جفاة الأعراب قلت لا يعارض ذلك هذا الحديث فإن الذي يتعلق بقصة الشيخين في تخالفهما في التأمير هو أول السورة لا تقدموا ولكن لما اتصل بها قوله لا ترفعوا تمسك عمر منها بخفض صوته وجفاة الأعراب الذين نزلت فيهم هم من بني تميم والذي يختص بهم قوله إن الذين ينادونك من وراء الحجرات قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات فقال يا محمد إن مدحي زين وإن شتمي شين فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذاك الله عز وجل ونزلت قلت ولا مانع أن تنزل الآية لأسباب تتقدمها فلا يعدل للترجيح مع ظهور الجمع وصحة الطرق ولعل البخاري استشعر ذلك فأورد قصة ثابت بن قيس عقب هذا ليبين ما أشرت إليه من الجمع ثم عقب ذلك كله بترجمة باب قوله ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم إشارة إلى قصة جفاة الأعراب من بني تميم لكنه لم يذكر في الترجمة حديثا كما سأبينه قريبا وكأنه ذكر حديث ثابت لأنه هو الذي كان الخطيب لما وقع الكلام في المفاخرة بين بني تميم المذكورين كما أورده بن إسحاق في المغازي مطولا
«فتح الباري لابن حجر» (8/ 591)
قال في تحفة الأحوذي:
قوله (فقال يا رسول الله إن حمدي زين وإن ذمي شين) مقصود الرجل من هذا القول مدح نفسه وإظهار عظمته يعني إن مدحت رجلا فهو محمود ومزين وإن ذممت رجلا فهو مذموم ومعيب
(ذاك الله عز وجل) أي الذي حمده زين وذمه شين هو الله سبحانه وتعالى
«تحفة الأحوذي» (9/ 109)
* أما ثمامة بن أثال لما كان كلامه ليس في المدح المذموم أو لم يتعد في المدح حق الله في قوله (إن تقتل تقتل ذا دم ) تسامح معه النبي صلى الله عليه وسلم وأطلق سراحه: وذكر الشراح توجيهات وضبطوا لفظة (إن تقتل تقتل ذا دم ) قال النووي :
( إن تقتل تقتل ذا دم ) اختلفوا في معناه ، فقال القاضي عياض في المشارق وأشار إليه في شرح مسلم معناه : إن تقتل تقتل صاحب دم ، لدمه موقع يشتفي بقتله قاتله ، ويدرك قاتله به ثأره . أي : لرياسته وفضيلته ، وحذف هذا لأنهم يفهمونه في عرفهم . وقال آخرون : معناه تقتل من عليه دم ومطلوب به ، وهو مستحق عليه فلا عتب عليك في قتله . ورواه بعضهم في سنن أبي داود وغيره : ” ” ذا ذم ” بالذال المعجمة وتشديد الميم ، أي : ذا ذمام وحرمة في قومه ، ومن إذا عقد ذمة وفى بها ، قال القاضي : هذه الرواية ضعيفة لأنها تقلب المعنى ، فإن من له حرمة لا يستوجب القتل ، قلت : ويمكن تصحيحها على معنى التفسير الأول ، أي : تقتل رجلا جليلا يحتفل قاتله بقتله بخلاف ما إذا قتل ضعيفا مهينا فإنه لا فضيلة في قتله ولا يدرك به قاتله ثأره .
شرح مسلم للنووي
قال ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري
قوله: ( إن تقتلني تقتل ذا دم ) كذا للأكثر بمهملة مخففة الميم، وللكشميهني ” ذم ” بمعجمة مثقل الميم، قال النووي: معنى رواية الأكثر إن تقتل تقتل ذا دم أي صاحب دم، لدمه موقع يشتفي قاتله بقتله ويدرك ثأره لرياسته وعظمته، ويحتمل أن يكون المعنى أنه عليه دم وهو مطلوب به فلا لوم عليك في قتله.