1368.1367.1366 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وسيف بن غدير النعيمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا).
=======
صحيح البخاري
ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
1366 – حدثنا يحيى بن بكير حدثني الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أنه قال لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول دعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت إليه فقلت يا رسول الله أتصلي على ابن أبي وقد قال يوم كذا وكذا، كذا وكذا أعدد عليه قوله فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أخر عني يا عمر فلما أكثرت عليه قال إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على السبعين فغفر له لزدت عليها قال فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا- إلى – وهم فاسقون} قال فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ والله ورسوله أعلم.
——-‘——-‘——-‘
فوائد الباب:
1 – قوله (ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين) الكراهة ههنا أعم من الكراهة في اصطلاح الفقهاء، وهي هنا بمعنى التحريم والله أعلم وقد تشتمل على كراهة التنزيه حين تظن في شخص ميله إلى المنافقين أو المشركين.
2 – قوله (رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم) كأنه يشير إلى حديثه الذي سبق في باب “الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف ومن كفن بغير قميص” وفيه قول ابن عبد الله بن أبي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ” وصل عليه واستغفر له” … فنزلت {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا}
3 – حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخرجه البخاري والترمذي والنسائي من طريق عبيد الله بن عبد الله به.
4 – قوله (وثبت إليه) فيه تصوير ردة فعل عمر رضي الله عنه
5 – قوله (وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا أعدد عليه قوله) أي القبيح في حق النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والمؤمنين. قاله القسطلاني في إرشاد الساري. قلت كما ورد في الصحيحين عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال كنت مع عمي فسمعت عبد الله بن أبي ابن سلول يقول لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وقال أيضا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
6 – قوله (قوله فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أخر عني يا عمر) كان صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وإذا تذكرنا – إضافة إلى ما سبق أعلاه -حادثة الإفك حيث تولى كبرها ابن سلول علمنا رحمته بأمته ما لم ينه عنه.
7 – وتبسمه إشارة إلى قوة حجة عمر رضي الله عنه لولا المعارض الذي رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيأتي إن شاء الله.
8 – قوله (إني خيرت فاخترت) وزاد الترمذي ” قَدْ قِيلَ لِي: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} “، وصرح به كذلك في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، ويؤيده قوله عقبه (لو أعلم أني إن زدت على السبعين فغفر له لزدت عليها).
9 – قوله (لو أعلم أني إن زدت على السبعين فغفر له لزدت عليها) فيه تقديم الرحمة على الغضب ما لم يكن حراما.
10 – قوله (فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ) وهذا من موافقات عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقوله (فعجبت) أي لم يكن من شأن عمر مع النبي صلى الله عليه وسلم قول مثل ذلك وإنما كانت ردة فعل عفوية مفاجئة.
11 – قوله (فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان) وهي قوله تعالى ” وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84) ” فالحديث فيه أسباب النزول.
12 – وزاد الترمذي: “فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق، ولا قام على قبره، حتى قَبضَهُ الله”.
13 – وفي إقدام عمر على مراجعة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الصلاة عليه من الفقه أن الوزير الفاضل الناصح لا حرج عليه في أن يخبر سلطانه بما عنده من الرأي وإن كان مخالفًا لرأيه. قاله ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح.
14 – وَإِنَّمَا فعل هَذَا رَسُول الله لثَلَاثَة معَان: أَحدهَا: لسعة حلمه عَمَّن يُؤْذِيه. وَالثَّانِي: لرحمة الْخلق عِنْد تلمح جَرَيَان الأقدار عَلَيْهِم. وَالثَّالِث: لإكرام وَلَده، وَكَانَ وَلَده اسْمه عبد الله أَيْضا، وَقد شهد بَدْرًا. قاله ابن الجوزي في كشف المشكل. وسبقه إلى نحو ذلك أبو سليمان الخطابي.
15 – فيه رواية تابعي عن تابعي، وصحابي عن صحابي.
16 – من ثبت نفاقه ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم ومات على ذلك لا يعد من الصحابة لأن من شرط الصحبة أن يكون المرء مؤمنا بالنبي صلى الله عليه وسلم ويموت على ذلك، لذلك ليس لعبد الله بن أبي ذكر في كتب الصحابة.
17 – قوله (قال الله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 84] الآية) فلما نهى الله نبيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عليهم والقيام على قبورهم – لأجل كفرهم – دل ذلك بطريق التعليل والمفهوم على أن المؤمن يصلى عليه ويقام على قبره. ولهذا في السنن: أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا دفن الرجل من أصحابه يقوم على قبره، ثم يقول: ” سلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل» قاله شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله تعالى كما في اقتضاء الصراط المستقيم. والحديث المذكور أخرجه أبو داود في سننه وصححه الألباني.
18 – فيه تلطف العالم مع طلبته الأقوياء ومسامحتهم إذا بدر منهم نوع مخالفة في الرأي لحسن الظن بهم.
19 – قوله (والله ورسوله أعلم) الظاهر أنه من قول عمر قاله لأنه يعرف قدره ومنزله.
20 – قوله (حدثنا يحيى بن بكير) تابعه حجين بن المثنى كما عند النسائي في السنن الصغرى 1966 تابعه عبد الله بن صالح كما عند القاسم بن سلام في الناسخ والمنسوخ 523والطبري في تفسيره 17057 والطحاوي في شرح مشكل الآثار 68 تابعه آدمُ بنُ أبي إياسٍ كما عند عبد الخالق الدمشقي أبو محمد الحنفي في معجمه- لكنه أسقط عقيلا من الإسناد-.
21 – والحديث علقه البخاري أيضا في كتاب التفسير بعد أن أورده من هذه الطريق فقال “و قال غيره حدثني الليث” قال الحافظ المزي في تحفة الأشراف قيل: إن قول البخاري وقال غيره كناية عن عبد الله بن صالح – كاتب الليث. انتهى
22 – قوله (عن عقيل) وعند الطبري في تفسيره “حدثني عقيل” وكذلك البخاري في تفسيره وإن لم يصرح باسم القائل كما أشرنا قبل، تابعه مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ كما عند عبد بن حميد في مسنده 19نقلا عن المنتخب وعنه الترمذي 3097، والإمام أحمد في مسنده 95،والبزار في مسنده 193،وابن حبان في صحيحه 3196 وقد صرح ابن إسحق بالتحديث.
23 – قال البزار وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق قلت بل تابعه عقيل كما ترى.
24 – قوله (عن عبيد الله بن عبد الله) وعند البخاري في التفسير وكذلك الطبري في تفسيره (أخبرني عبيد الله بن عبد الله). هو أحد الفقهاء السبعة.
و25 – ولأن بعض المنافقين كانوا معروفين زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقد تضمنهم النهي، وأما في زماننا فلا يعرفون ويبقى من ظهر منه السوء يتجنب الصلاة عليه الأمراء والعلماء ونحوهم من الكبراء
———
رياح المسك
باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين
قال ابن بطال في شرح البخاري 3/ 352:
قال الطبرى: وفيه الإبانة عن نهي الله رسوله عن الصلاة على المنافقين، لاعتقادهم وإن كانوا يظهرون الإسلام اعتصاما به وحقنا لدمائهم، فأما القيام على قبورهم فغير محرم على غير رسول الله، بل جائز لوليه القيام عليه لإصلاحه ودفنه، وبذلك صح الخبر عن الرسول، وعمل به أهل العلم بعده، فدل ذلك أن القيام على قبره كان مخصوصا بتحريمه رسول الله. والدليل على صحة ذلك ما حدثنا إسماعيل بن موسى، حدثنا شريك بن عبد الله، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن علي، قال: لما مات أبو طالب أتيت النبي، فقلت له: إن عمك الضال قد هلك، قال: اذهب فواره، ولا تحدثن شيئا، فأتيته، فأمرني أن اغتسل، ودعا لي بدعوات ما يسرني أن لي بها حمر النعم …
ثم أورد آثارا عن الصحابة والسلف ما يدل عليه.
قال أيضا: فإن قيل: إن إبراهيم استغفر لأبيه وهو كافر، فالجواب: أن الله قد بين عذره فى ذلك، فقال: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه) [التوبة: 114]، فدعا له وهو يرجو إجابته ورجوعه إلى الإيمان) فلما تبين له أنه عدو الله تبرأ منه) [التوبة: 114]. ففى هذا من الفقه: أنه جائز أن يدعى لكل من يرجى من الكفار إنابته بالهداية ما دام حيا … اهـ
وفي ذخيرة العقبى:
وإنما لم يأخذ النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم – بقول عمر، وصلى عليه، إجراء له على ظاهر حكم الإسلام، واستصحابا لظاهر الحكم، ولما فيه من إكرام ولده الذي تحقّقت صلاحيته، ومصلحة الاستئلاف لقومه، ودفع المفسدة، وكان النبي – صلى اللَّه عليه وسلم – في أول الأمر يصبر على أذى المشركين، ويعفو، ويصفح، ثم أمر بقتال المشركين، فاستمرّ صفحه، وعفوه عمن يظهر الإسلام، ولو كان باطنه على خلاف ذلك، لمصلحة الاستئلاف، وعدم التنفير عنه، ولذلك قال: “لا يتحدّث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه”، فلما حصل الفتح، ودخل المشركون في الإسلام، وقلّ أهل الكفر، وذَلُّوا، أمر بمجاهرة المنافقين، وحملهم على حكم مُرّ الحقّ، ولا سيما، وقد كان ذلك قبل نزول النهي الصريح عن الصلاة على المنافقين، وغير ذلك، مما أمر فيه بمجاهرتهم.
من فوائده:
منها: أن فيه جواز الشهادة على المرء بما كان عليه حيّا وميتًا، لقول عمر: “إن عبد اللَّه منافق”، ولم ينكر النبي – صلى اللَّه عليه وسلم – عليه قوله.
ومنها: أنه يؤخذ منه أن المنهيّ عن سبّ الأموات ما قُصد به الشتم، لا التعريف.
ومنها: أن المنافق تجرى عليه أحكام الإسلام الظاهرة.
ومنها: أن الإعلام بوفاة الميت مجرّدًا لا يدخل في النعي المنهيّ عنه.
ومنها: رعاية الحيّ المطيع بالإحسان إلى الميت العاصي.
ومنها: جواز التكفين بالمخيط.
ومنها: جواز تأخير البيان عن وقت النزول إلى وقت الحاجة.
ومنها: العمل بالظاهر إذا كان النصّ محتملًا.
ومنها: تنبيه المفضول للفاضل على ما يظنّ أنه سها فيه.
ومنها: تنبيه الفاضل المفضول على ما يشكل عليه.
ومنها: استفسار السائل المسؤول، وعكسه عما يحتمل ما دار بينهما.
ومنها: جواز التبسّم في حضور الجنازة عند وجود ما يقتضيه، وقد استحبّ أهل العلم عدم التبسّم من أجل تمام الخشوع، فيستثنى منه ما تدعو إليه الحاجة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. اهـ
======
======
======
باب ثناء الناس على الميت
1367 – حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا عبد العزيز بن صهيب قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وجبت ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال وجبت فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما وجبت قال هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض
1368 – حدثنا عفان بن مسلم حدثنا داود بن أبي الفرات عن عبد الله بن بريدة عن أبي الأسود قال قدمت المدينة وقد وقع بها مرض فجلست إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فمرت بهم جنازة فأثني على صاحبها خيرا فقال عمر رضي الله عنه وجبت ثم مر بأخرى فأثني على صاحبها خيرا فقال عمر رضي الله عنه وجبت ثم مر بالثالثة فأثني على صاحبها شرا فقال وجبت فقال أبو الأسود فقلت وما وجبت يا أمير المؤمنين قال قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة فقلنا وثلاثة قال وثلاثة فقلنا واثنان قال واثنان ثم لم نسأله عن الواحد
——–‘——–‘
فوائد الباب:
1 – قوله (باب ثناء الناس على الميت) أي مشروعيته وجوازه.
2 – حديث أنس أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.
3 – قوله (فأثنوا عليها خيرا) زاد الطحاوي في شرح مشكل الآثارمن طريق حميد عن أنس (فتتابعت الألسن لها بالخير)
4 – وعند الحاكم في المستدرك 1397 والبيهقي في شعب الإيمان8876 والضياء في المختارة 2697″كان يحب الله و رسوله و يعمل بطاعة الله و يسعى فيها” وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم وأورده العلامة الألباني في الصحيحة 1694وقال الضياء المقدسي عقبه إسناده صحيح
5 – إن “ثناءهم الواقع كالدعاء والشفاعة بوعده الحق الذي لا يخلف” قاله ابن علان كما في دليل الفالحين شرح رياض الصالحين. قلت وهو شهادة منهم وتزكية وتعديل كما في ظاهر بعض الروايات.
6 – وعند مسلم والنسائي في الصغرى (فقال عمر فدى لك أبي وأمي)
7 – قوله (أنتم شهداء الله في الأرض) وفي رواية لمسلم كررها ثلاثا، وعند البخاري 2642 وابن ماجة 1491 من طريق ثابت البناني (وَالْمُؤْمِنُونَ شُهُودُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ) أي ليس خاصة بالصحابة رضي الله عنهم. وعند البيهقي في شعب الإيمان (إن لله ملائكة في الأرض تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير و الشر).
8 – النهي عن ذكر مساوي الموتى في غير الكافر، والمنافق، والمتجاهر بالفسق للتحريم، فانطلاق الألسنة بالثناء الحسن من المؤمنين علامة على صلاح العبد، وانطلاق الألسنة بالثناء القبيح علامة على فساده. قاله الشيخ فيصل النجدي كما في تطريز رياض الصالحين.
9 – عن عبدالله بن السائب قال مرت جنازة على عبدالله بن مسعود فقال لرجل قم فانظر أمن أهل الجنة أو من أهل النار فقال الرجل وما يدريني أمن أهل الجنة هو أو من أهل النار قال انظر في ثناء الناس عليه فإنهم شهداء الله في الأرض أخرجه هناد في الزهد له 70 عن اسحاق الرازي عن أبي سنان عن عبدالله بن السائب به. ولا أدري إن كان عبد الله بن السائب سمع ابن مسعود.
10 – عن أبي هريرة قال مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثني عليها خيرا في مناقب الخير فقال وجبت ثم مروا عليه بأخرى فأثني عليها شرا في مناقب الشر فقال وجبت إنكم شهداء الله في الأرض.
أخرجه ابن ماجة في سننه والإمام أحمد في مسنده 7552 وأورده الشيخ مقبل في الصحيح المسند 1313 وقال حديث حسن.
11 – المراد أن من أثنى الناس عليه خيرا فهو دليل حسن صحيفته في الآخرة ومن أثني عليه شر فهو دليل قبح صحيفته قاله الأمير الصنعاني كما في التنوير شرح الجامع الصغير.
12 – فيه دلالة على جواز ذكر المرء بما يعلمه إذا وقعت الحاجة إليه نحو سؤال القاضي المزكي ونحوه قاله البيهقي.
13 – استعمال الثناء في الشر لغة شاذة، لكنه استعمل هنا للمشاكلة لقوله: فأثنوا عليها خيرًا قاله القسطلاني في إرشاد الساري.
14 – والثاني كأنه والله أعلم من المنافقين والمنافقون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم موجودون في المدينة بكثرة يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر والعياذ بالله والمنافقون في الدرك الأسفل من النار إلا من تاب قاله العلامة ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين. قلت ويؤيده ما ورد عند الحاكم والبيهقي من طريق النضر بن أنس في وصفه (كان يبغض الله ورسوله، ويعمل بمعصية الله ويسعى فيها)، وعند البيهقي في السنن الكبرى 7185 من طريق ثابت البناني (قالوا: بئس المرء كان في دين الله)
15 – قال أبو جعفر الداودى: معنى هذا الحديث عند الفقهاء إذا أثنى عليه أهل الفضل والصدق، لأن الفسقة قد يثنون على الفاسق، فلا يدخلون فى معنى هذا الحديث. قاله ابن بطال في شرحه.
16 – كان وجه ذلك عندنا والله أعلم أن الشهادة بالخير لمن شهد له به ستر من الله عز وجل عليه في الدنيا، ومن ستره الله عز وجل في الدنيا لم يرفع عنه ستره في الآخرة قاله الطحاوي في شرح مشكل الآثار.
17 – قال ابن القاسم وسمعت مالكاً يقول “ابن آدم إعمل وأغلق عليك سبعين باباً يخرج الله عملك إِلى الناس” نقله ابن العربي المالكي كما في القبس شرح موطأ مالك بن أنس.
18 – ومهما تكن عند امراء من خليقة … ولو خالها تخفى على الناس تعلم. من شعر زهير بن أبي سلمى
19 – قول في حديث أنس (حدثنا شعبة) تابعه إسماعيل بن علية كما عند مسلم 949 والنسائي في الصغرى 1932
20 – قوله (حدثنا عبد العزيز بن صهيب) تابعه ثابت كما عند مسلم 949 وابن ماجة 1491 تابعه حميد كما عند الترمذي 1058 تابعه النضر ابن أنس كما عند البيهقي في شعب الإيمان 9318
——-‘——–
حديث 1368
فوائد الحديث:
1 – حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخرجه البخاري والترمذي والنسائي.
2 – ” ذكره البخاري مسندًا عن شيخه عفان بن مسلم، ووقع في البيهقي أنه رواه معلقًا عنه، وأسنده الإسماعيلي أيضًا وأبو نعيم من طريق ابن أبي شيبة عنه، وأسنده البيهقي من حديث الصغاني عن عفان” قاله ابن الملقن في التوضيح قلت تابعه موسى بن إسماعيل عن داود كما عند البخاري 2643 تابعه أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ كما عند الترمذي 1059 تابعه هشام بن عبد الملك وعبد الله بن يزيد كما عند النسائي في السنن الصغرى 1934
3 – وكأن سبب تخصيص المسلم بهذا سعة مظاهر الفضل والرحمة
للمؤمنين، وأن الله تعالى يعطيهم من خير ما عنده بأدنى سبب أو دعاء أو شفاعة.
4 – إن رحمة الله سبقت غضبه فمن شهد له أربعة أو ثلاثة أو اثنان من المؤمنين فليبشر، وفيه حث على إصلاح السرائر، فإن المؤمنين ينظرون بنور الله.
5 – المصائب تقع على المؤمن والمنافق.
====
باب ثناء الناس على الميت
قال ابن بطال في شرح البخاري:
قال عبد الواحد: إن قال قائل: حديث أنس يعارضه قوله (صلى الله عليه وسلم) فى باب ما ينهى عنه من سب الأموات: (لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا). قيل له: حديث أنس هذا يجرى مجرى الغيبة فى الأحياء، فإن كان الرجل أغلب أحواله الخير، وقد تكون منه الفلتة، فالاغتياب له محرم، وإن كان فاسقا معلنا فلا غيبة فيه. فكذلك الميت …. ويؤيد ذلك ما أجمع عليه أهل العلم من ذكر الكذابين وتجريح المجرحين.
وفيه وجه آخر: وهو أن حديث: (لا تسبوا الأموات) عام، وسببه ما روى عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (أمسكوا عن ذى قبر)، فيحتمل أن يكون (صلى الله عليه وسلم) أباح ذكر الميت بما فيه من غالب الشر عند موته خاصة، ليتعظ بذلك فساق الأحياء، فإذا صار الميت فى قبره وجب الإمساك عنه لإفضائه إلى ما قدم كما قال (صلى الله عليه وسلم)، فسقط التعارض …. اهـ
قال القسطلاني في إرشاد الساري:
وإنما مكنوا من الثناء بالشر مع الحديث الصحيح في البخاري في النهي عن سب الأموات لأن النهي عن سبهم إنما هو في حق غير المنافقين، والكفار، وغير المتظاهر بالفسق، والبدعة. وأما هؤلاء فلا يحرم سبهم، للتحذير من طريقتهم، ومن الاقتداء بآثارهم، والتخلق بأخلاقهم. قاله النووي.
وقال أيضا:
وقال النووي: قال بعضهم: معنى الحديث أن الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل، وكان ذلك مطابقًا للواقع، فهو من أهل الجنة، وإن كان غير مطابق فلا، وكذا عكسه. قال: والصحيح أنه على عمومه، وأن من مات فألهم الله الناس الثناء عليه بخير كان دليلاً على أنه من أهل الجنة، سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا، فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة، وهذا الإلهام يستدل به على تعيينها، أو بهذا تظهر فائدة الثناء اهـ.
قال الصنعاني ةفي سبل السلام:
ولا يقال: إن الذي أثنوا عليه شرا ليس بمؤمن؛ لأنه قد أخرج الحاكم في ذمه: ” بئس المرء كان لقد كان فظا غليظا ” والظاهر أنه مسلم إذ لو كان كافرا لما تعرضوا لذمه بغير كفره وقد أجاب القرطبي عن سبهم له وإقراره – صلى الله عليه وسلم – لهم بأنه يحتمل أنه كان مستظهرا بالشر ليكون من باب لا غيبة لفاسق أو بأنه يحمل النهي عن سب الأموات على ما بعد الدفن (قلت): وهو الذي يناسب التعليل بإفضائهم إلى ما قدموا فإن الإفضاء الحقيقي بعد الدفن.
قال العثيمين في شرح رياض الصالحين:
وفي هذا دليل على أن المسلمين إذا أثنوا على الميت خيرا دل ذلك على أنه من أهل الجنة فوجبت له الجنة وإذا أثنوا عليه شرا دل ذلك على أنه من أهل النار فوجبت له النار ولا فرق في هذا بين أن تكون الشهادة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو بعده لأن حديث أبي الأسود مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم وقد تنازل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن ذكر من شهد له اثنان بخير كان من أهل الجنة ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أننا لا نشهد لأحد بجنة أو نار إلا من يشهد له النبي صلى الله عليه وسلم فنشهد لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة ونشهد بالنار لمن شهد له بالنار. اهـ
قال العباد في شرح سنن أبي داود:
لكن هذا لا يعني أن كل من يثنى عليه بالخير أو بالشر يكون كذلك، وأنه تجب له الجنة أو النار، فإن العلم عند الله عز وجل، وأما هذا الذي حصل من النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: (وجبت) فأمره واضح، فقد أيده النبي صلى الله عليه وسلم وصدقه، وقال: (وجبت). وأما غيره: فإذا أثنى الناس على أحد بخير أو بشر فلا يقال: وجبت له الجنة، أو وجبت له النار، وإنما يقال: يرجى للمحسن، ويُخاف على المسيء. ومما يوضح هذا المعنى ما جاء في الحديث الصحيح: (أن رجلاً كان في إحدى الغزوات، وكان قد أبلى بلاء عظيماً في سبيل الله، فأثنوا عليه ثناء عظيماً، وأنه لم يترك شيئاً فيه نكاية بالعدو إلا وعمله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هو من أهل النار)، ومع ذلك فإنهم كانوا قد شهدوا له بالعمل وبالجهد العظيم، ومع ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (هو في النار)، فصار على خلاف ما ظهر لهم منه … فهذا الذي أثنوا عليه خيراً وذلك الذي أثنوا عليه شراً فقال عليه الصلاة والسلام: (وجبت) لا شك أنه قد وجب له ذلك، وأما غيره ممن يثنى عليه سواء كان في زمن الصحابة أو بعد زمن الصحابة فلا يقطع له بجنة ولا نار، ولكنه يرجى للمحسن ويخاف على المسيء. ومما يوضح هذا المعنى أيضاً ما جاء في بعض الروايات أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (توشكون أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار، قالوا: بم ذلك يا رسول الله؟! قال: بالثناء الحسن والثناء السيئ)، ومعنى (توشكون): تقربون، أي: أنه ليس شيئاً محققاً، وإنما شيء مقارب، والمعنى: أنه لا يجزم به، وعلى هذا: فإن من أثني عليه خير فيرجى له الخير والثواب العظيم من الله، ومن أثني عليه شر فيخشى عليه، والعلم بالحقائق إنما هو عند الله سبحانه وتعالى. اهـ
====
النقل عن النووي بأن ذلك إذا كان مطابقا للواقع يقصد مطابقا لحال المشهود له. هو الذي يمكن أن نوجه به قول عمر (وجبت) فبه تجتمع النصوص لكن يبقى عندنا حديث أنس (إن لله ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير و الشر) وحسنته في بعض شروحي.
بينما ضعف باحث هذه الزيادة بالشذوذ فقال:
قال الحاكم في المستدرك 1398: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ بِبَغْدَادَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سَلَّامٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كُنْتُ قَاعِدًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُرَّ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟
قَالُوا: جِنَازَةُ فُلَانِيِّ الْفُلَانِ كَانَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَيَسْعَى فِيهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ.
وَمُرَّ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى، قَالُوا: جِنَازَةُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ كَانَ يُبْغِضُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيَعْمَلُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَيَسْعَى فِيهَا، فَقَالَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ.
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْلُكَ فِي الْجِنَازَةِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهَا أُثْنِيَ عَلَى الْأَوَّلِ خَيْرٌ، وَعَلَى الْآخَرِ شَرٌّ فَقُلْتَ فِيهَا وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ.
فَقَالَ: نَعَمْ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً تَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَةِ بَنِي آدَمَ بِمَا فِي الْمَرْءِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.
حرب بن ميمون صدوق وقال ابن حبان:” يخطيء ”
قوله (نَعَمْ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً تَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَةِ بَنِي آدَمَ بِمَا فِي الْمَرْءِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ) قد تفرد بهذه الزيادة حرب والحديث في الصحيحين بدونها
وليس لحرب في في صحيح مسلم إلا حديثاً واحداً متابعة فليس حديثه على شرط مسلم انتهى
بينما قال الألباني:
قال الحاكم: ” صحيح على شرط مسلم “.
و وافقه الذهبي، و هو كما قالا. و هو في ” الصحيحين ” و غيرهما من طرق أخرى
عن أنس نحوه، يزيد بعضهم على بعض، و قد جمعت الزيادات الثابتة منها، و سقتها
في سياق واحد في ” أحكام الجنائز ” (ص 44)، و فيه بحث هام حول الشهادة للميت
بالخير. فراجعه.
وراجع السلسلة الصحيحة 1694
قال الألباني: “واعلم أن مجموع هذه الأحاديث الثلاثة السابقة، يدل على أن الشهادة لا تختص بالصحابة، بل هي أيضا لمن بعدهم من المؤمنين الذين هم على طريقتهم في الإيمان والعلم والصدق، وبهذا جزم الحافظ ابن حجر رحمه الله”.
قال الشيخ: “وأما قول بعض الناس عقب صلاة الجنازة: ما تشهدون فيه؟ اشهدوا له بالخير، فيجيبونهم بقوله: صالح، من أهل الخير، أو نحو ذلك، فليس هو المراد بالحديث قطعًا، بل هو بدعة قبيحة؛ لأنه لم يكن من عمل السلف، ولأن الذي يشهدون بذلك لا يعرفون الميت في الغالب، بل قد يشهدون بخلاف ما يعرفون، استجابة لرغبة طالب الشهادة بالخير ظنًا أن ذلك ينفع الميت، وجهلاً منهم بأن الشهادة النافعة إنما هي التي توافق الواقع؛ كما يدل عليه الحديث: إن لله ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر [تلخيص أحكام الجنائز، للألباني، ص: 26].
وقد ذكر شيخ الإسلام في “مجموع الفتاوى”: أن في المسألة أقوالاً ثلاثة:
الأول: الشهادة بالجنة لمعين لا تجوز عند كثير من العلماء أو أكثرهم لغير من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة.
الثاني: وذهب طائفة من السلف كابن الحنفية وعلي بن المديني إلى أنه لا يشهد بذلك لغير النبي صلى الله عليه وسلم.
الثالث: وقال بعضهم بل من استفاض في المسلمين الثناء عليه شهد له بذلك
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “فمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة شهدنا له بالجنة، وأما من لم يشهد له بالجنة، فقد قال طائفة من أهل العلم: لا يشهد له بالجنة، ولا نشهد أن الله يحبه، وقال طائفة: بل من استفاض من بين الناس إيمانه وتقواه، واتفق المسلمون على الثناء عليه؛ كعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وسفيان الثوري، وأبا حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، والفضيل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، وعبد الله بن المبارك رضي الله تعالى عنهم، وغيرهم؛ شهدنا له بالجنة؛ لأن في الصحيح”. [مجموع الفتاوى: 11/ 518].
وذكر الحديث: وجبت وجبت
و قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في فتاواه ومقالاته: “لا تجوز الشهادة لمعين بجنة أو نار …..
قال المناوي: “لم تزل سنة الله جارية في عبيده بإطلاق الألسنة
فالحكم عام كما قال ابن حجر لا يخص الصحابة ففي رواية: (المؤمنون شهداء الله في الأرض)
وكذلك لا يخص جنازة معينة ففي رواية مسلم (من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنه) فمن عام قال إنما هو خبر عن حكم أعلمه الله به انتهى معنى كلامه يقصد حكم شرعي ثابت لكل من أثني عليه خيرا وكل من أثني عليه شرا.
المهم إن ضعفنا حديث (إن لله ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر) بالشذوذ فلا إشكال أو نقول أن ثناءهم عليه مؤقت ثم بين الله عزوجل سوء الخاتمه مثل الذي أصابه سهم فظنوه شهيدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الشملة التي غلها لتشتعل عليه نارا. وكذلك الذي كان يقاتل فاحسنوا فيه الظن فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو في النار. …. فقتل نفسه.
فإنما نطقت الملائكة آخرا اما أولا فالصحابة حكموا عليه بظاهر الحال.
فكلام العباد، وقول من قال ان ذلك إذا وافق الواقع قوي
تنبيه 1: حديث جابر الذي أورده ابن حجر وعزاه للحاكم وفيه: (لقد كان عفيفا مسلما) وفيه أيضا … (بئس المرء كان إن كان لفظا غليظا). فيه مصعب بن ثابت الراوي عن محمد بن كعب القرظي ومصعب لين. والحديث عزاه ابن كثير للحاكم وابن مردويه من طريق مصعب بن ثابت به.
تنبيه2: قول ابن حجر:
وبن بُرَيْدَةَ وُلِدَ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَقَدْ أَدْرَكَ أَبَا الْأَسْوَدِ بِلَا رَيْبٍ لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ لَا يكْتَفى بالمعاصرة فَلَعَلَّهُ أَخْرَجَهُ شَاهِدًا وَاكْتَفَى لِلْأَصْلِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي قَبْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
واعترض ابن باز عليه بأنه ثبت سماعه كما في تهذيب الكمال وتهذيب التهذيب ورواية البخاري هنا.
والجواب انه إنما ذكرا مطلق الرواية ولم يذكرا السماع في التهذيبين. أما عن رواية البخاري فهي في الشواهد.
====
أهل القبلة هم من يوصف بالإسلام وهم أنواع:
*الأول:* المؤمنون الصالحون فيصلى عليهم وتشهد جنازتهم.
*الثاني:* مسلم له فجور بمعاص مختلفة كمن خلط عملا صالحا وآخر سيئا ولم يدع إليها فيصلى عليه.
*الثالث:* مسلم له فجور خاصة بالكبائر فيصلي عليه الناس ويترك الصلاة عليه أهل الشارة والعلم
*الرابع:* أهل النفاق وهم على قسمين:
– نفاق ظاهر يعلمه كل أحد فلا يصلى عليه.
-نفاق خفي يعلمه البعض ولا يعلمه البعض فهذا من علم نفاقه يقينا لا يصلي عليه والبقية يصلون عليه ويدل عليه أثر عمر عندما كان ينظر حذيفة يصلي على من ويترك الصلاة على من.
*قال رحمه الله: ولا ننزل أحدا منهم جنة ولا نارا*
*فيه مسائل:*
*المسألة الأولى:* أن أهل السنة والجماعة يتبعون في الأمور الغيبية ما دل عليه الدليل ولا يتجاوزونه قال تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم}.
*المسألة الثانية:* أن هذا الحكم في أهل الإسلام أما الكافر كالنصراني أو اليهودي أو الوثني إلخ فيشهد عليه بالنار إن مات على ذلك.
قال النبي صلى الله عليه وسلم (حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار) وهو الموافق للأصل والقواعد المقررة تقضي بإتباع واستصحاب الأصل.
*المسألة الثالثة:* وأما أهل القبلة فاختلف العلماء فيهم على أقوال:
*القول الأول:* لا نشهد لأحد مطلقا وإنما نشهد للوصف فنقول المؤمن في الجنة والظالم في النار لأن الحكم بالخاتمة أمر غيبي.
*القول الثاني:* قول جمهور أهل الحديث والسنة أن من دل الدليل على أنه في الجنة أو النار نشهد له بذلك , وقد جاءت الشهادة بالجنة لجمع من الصحابة كأبي بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما. وهذا القول هو مراد الطحاوي.
*القول الثالث:* مثل الثاني لكنه زاد عليه أن من اشتهر بالخير وأثني عليه أو بالشر فيشهد له بالجنة أو النار والقول الثاني أقوى وما استدل به أصحاب القول الثالث فهو على سبيل الشفاعة عندما قال النبي صلى عليه وسلم (وجبت).
*المسألة الرابعة:* أن المقصود بعدم الشهادة أي للمعين لا الجنس والنوع فنشهد للجنس والنوع دون تنزيله على معين.
*المسألة الخامسة:* أننا مع ذلك كله فإننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء ومن رجاء أهل السنة الدعاء للمحسنين ومن رحمتهم الدعاء للمسيء ولهذا يدعو المسلم لجميع المسلمين ويستغفر لهم.
*المسألة السادسة:* وهي مسألة الشهادة بما يدل على الشهادة بالجنة كقول فلان شهيد أو مغفور له أو المرحوم أو النفس المطمئنة أو نحو ذلك , فلا يشهد للمعين بمثل هذا لأنه أمر غيبي وقد جاء عن عمر أنه قال: (إنكم تقولون لمن مات في معارككم فلان شهيد فلان شهيد والله أعلم بمن يُكْلَمُ في سبيله والله أعلم بمن يقتل في سبيله) ذكره البخاري.
لكن نرجو له الشهادة
*قال المؤلف رحمه الله: ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق ما لم يظهر منهم شيء من ذلك ونذر سرائرهم إلى الله تعالى*
*فيه مسائل*
*المسألة الأولى:* أن المعين من أهل القبلة قد يجتمع فيه إيمان وكفر ويجتمع فيه إسلام وشرك وإيمان ونفاق هذا هو المتقرر عند الأئمة تبعا لما دل عليه الدليل ولا يعني من وجود بعض خصال الكفر في المعين أن يحكم عليه بالكفر مثاله قول النبي صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر).
*المسألة الثانية:* من ظهر منه بعض خصال الكفر أو النفاق فيجوز لنا الشهادة بما ظهر منه وجواز الشهادة عليهم منوط بالمصلحة لأنها من باب التعزير فإذا لم يكن هناك مصلحة فإن الأصل على المسلم أنه لا يشهد عليه بل يستر عليه.
*المسألة الثالثة:* هذا كله في أهل القبلة أما من خرج من الإسلام بالكفر أو الشرك أو بردة وقامت عليه الحجة فإنه يشهد عليه بعينه.
====
– بوب الطحاوي: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ ما رُوِيَ عنه عليه السلام مِمَّا كان منه في عبد اللهِ بن أُبَيٍّ بن (ابن) سَلُولَ رَاسِ الْمُنَافِقِينَ بَعْدَ مَوْتِهِ من صَلاَتِهِ عليه وَمِمَّا يَدُلُّ على خِلاَفِ ذلك كان منه فيه.
قلت: ثم ذكر الأحاديث التي اعتبرها مشكلة فأورد حديث عمر وابن عمر رضي الله عنهما ثم ذكر وجه الجمع بينهما كعادته فقال:
فَفِي حديث ابْنِ عُمَرَ هذا قَوْلُ عُمَرَ لِرَسُولِ اللهِ عليه السلام أَتُصَلِّي عليه وقد نَهَاك اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ على الْمُنَافِقِينَ في حديث يحيى بن سَعِيدٍ وفي حديث أبي أُسَامَةَ وقد نَهَاك اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عليه وَلَيْسَ ذلك في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ الذي رَوَيْنَاهُ وَمَكَانُ ذلك في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ اتصلي عليه وقد قال يوم (قوم) كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَاَلَّذِي في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ من هذا أَوْلَى عِنْدَنَا مِمَّا في حديث ابْنِ عُمَرَ لأَنَّ مُحَالاً أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى يَنْهَى نَبِيَّهُ عن شَيْءٍ ثُمَّ يَفْعَلُ ذلك الشَّيْءَ وَلاَ نَرَى هذا إِلاَّ وَهْمًا من بَعْضِ رُوَاةِ هذا الحديث وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشكل الآثار للطحاوي.
-” وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْكَافِرِ ”
قاله النووي رحمه الله-في”المجموع ” (5/ 258).
قلت: وممن نقل الإجماع أيضا الكاساني في بدائع الصنائع: (1/ 303)
-قوله: (فتبسم رسول الله – -) تعجبًا من صلابة عمر وبغضه للمنافقين وتأنيسًا له وتطييبًا لقلبه كالمعتذر له عن ترك قبول كلامه.
قاله القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري.
-فيه: تصحيح القول بدليل الخطاب لاستعمال النبي – -، وذلك أن إخباره تعالى أنه لا يغفر له، ولو استغفر سبعين مرة، يحتمل أنه لو زاد عليها أنه يغفر له، لكن لما شهد الله تعالى أنه كافر بقوله {ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله} [التوبة: 80] دلت هذه الآية على تغليب أحد الاحتمالين، وهو أنه لا يغفر له لكفره، فلذلك أمسك – – عن الدعاء له.
-في هذا الحديث من الفقه ما يدل على أن الإمام إذا وادع من يسر له السوء وينافقه في الدين، إلا أنه لا يظاهره؛ من أجل أن لا يحدث ما يثير الفرقة، فإن ذلك جائز.
-وفيه ما يدل على فضيلة الشدة في الدين، وعداوة المنافقين، حتى نزل القرآن بما كان قد ذكره عمر.
-وفيه أيضًا أن عمر لما سكن عنه ما وجد به على المنافقين عجب من جرأته على رسول الله – -.
قاله في الإفصاح عن معاني الصحاح ليحيى بن (هُبَيْرَة).
فالغيرة على الدين قد تحملك على الشدة في الموقف ثم تتعجب من شدتك وتود أن لم تكن شديد.
-سُئل الشيخ ابن باز عن حكم الصلاة على الساحر ودفنه في مقابر المسلمين بعد قتله.
فأجاب: ” إذا قتل لا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، يدفن في مقابر الكفرة، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يصلى عليه، ولا يغسل ولا يكفن “.
انتهى من ” مجموع فتاوى ابن باز ” (8/ 111)
-قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
“النفاق نوعان:
نفاق اعتقادي، ونفاق عملي
فالنفاق الاعتقادي محله القلب، ولا يعلم به إلا الله، ولهذا بعض الصحابة الذين حصل منهم المخالفة، فقال عمر: إنه نافق، فعارضه الرسول.
فالنفاق الاعتقادي محله القلب، ولا يجوز أن يرمي الإنسان به أحداً من المسلمين، وأهل الولاء لله ورسوله إلا ببينة واضحة.
والنفاق العملي: أن يأتي الإنسان خصلة من خصال المنافقين، فلا بأس أن تقول: هذا منافق لهذا الفعل، فإذا رأينا الرجل يحدث ويكذب؛ قلنا: هذا منافق نفاقاً عملياً في هذه المسألة، وإذا رأيناه قام إلى الصلاة وهو كسلان؛ نقول: هذا فيه خصلة من خصال المنافقين؛ لأنه أشبه بالمنافقين في قيامه إلى الصلاة على وجه الكسل، فالنفاق العملي واسع؛ فكل من وافق المنافقين في خصلة من خصالهم، فإنه منافق في هذا العمل خاصة، وكما قال الرسول : (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان).
هذه علامة المنافق، لكن هذه العلامات قد يقوم بها أناس من المسلمين؛ فنقول: هو منافق في هذه المسألة.
” انتهى من ” لقاء الباب المفتوح ” (32/ 21) بترقيم الشاملة.
مسألة: صلاةُ الجِنازة في حالةِ اشتباهِ موتَى المُسلمِينَ بموتى الكافِرينَ:
إذا اشتَبَه موتى المُسلِمينَ بموتى الكافِرينَ يجبُ غُسلُ الجميعِ، والصَّلاةُ عليهم، سواءٌ كان عددُ المسلمين أقلَّ أو أكثرَ، وهذا مذهبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ داودَ الظاهريِّ؛ وذلك لأنَّ هذه الأمورَ واجبةٌ في المسلمينَ، وهؤلاءِ فيهم مُسلمونَ، ولا يُتوصَّلُ إلى أداءِ الواجبِ إلَّا باستيعابِ الجميعِ.
وبهذا افتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. وراجع مجموع الفتاوى في الجنائز.