1364 – تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف ومراجعة سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف عبد الله الديني)
وشارك معه: عبدربه، وعبدالرحمن المشجري وعبدالفتاح الصومالي وعبدالله البلوشي
_._._. _._._. _._._. _._._. _.
1364 – قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا حماد أخبرنا علي بن الحكم عن عطاء عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة.
هذا حديث حسن رجاله رجال الصحيح.
الحديث أخرجه الترمذي (ج7 ص408) وقال: حديث حسن.
وللحديث علة غير قادحة ذكرها الحاكم في ” المستدرك ” (ج1 ص101) وردها، حاصلها: أنه جاء عن عطاء، عن رجل، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخلص إلى أن الذي لم يزد المبهم أرجح، وأن الذي زاده واهم، والله أعلم.
وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة (ج9 ص55) فقال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا عمارة بن زاذان، قال حدثنا علي بن الحكم .. به.
وأخرجه الامام أحمد (ج2 ص263) فقال: حدثنا أبو كامل، ثنا حماد، عن علي بن الحكم .. به.
وص (495) فقال رحمه الله: ثنا بن نمير، قال: عمارة بن زاذان، عن علي بن الحكم .. به.
……………………………………………
وصحح الحديث الألباني في سنن أبي داود (3658)
وصححه محققو المسند (13/ 18).
وسبق الحديث في الصحيح المسند (789) في مسند عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
ذكر ابن عبد البر في ” جامع بيان العلم وفضله ” ( … هذا الحديث وبعض الآثار منها:
1 – قال الحسن: «دخلنا فاغتممنا وخرجنا فلم نزدد إلا غما: اللهم إليك نشكو هذا الغثاء الذي كنا نحدث عنه، إن أجبناهم لم يفقهوا وإن سكتنا عنهم وكلناهم إلى عي شديد، والله لولا ما أخذ الله على العلماء في علمهم ما أنبأناهم بشيء أبدا»
2 – عن أبي هريرة، أنه كان يقول: «لولا آيتان في كتاب الله عز وجل ما حدثتكم شيئا، إن الله تعالى يقول (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى (1)) هذه الآية والتي تليها ثم قال: إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة»، وذكر الحديث.
3 – عن يزيد بن هرمز قال: كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن خمس خلال، فقال ابن عباس: «إن الناس يقولون: إن ابن عباس يكاتب الحرورية ولولا أني أخاف أن أكتم علما ما كتبت إليه» وذكر الحديث
قال الخطابي في ” معالم السنن “:
الممسك عن الكلام مُمَثَّل بمن ألجم نفسه كما يقال التقى ملجم وكقول الناس كلم فلان فلاناً فاحتج عليه بحجة ألجمته أي أسكتته. والمعنى أن الملجم لسانه عن قول الحق والاخبار عن العلم والاظهار له يعاقب في الآخرة بلجام من نار.
وخرج هذا على معنى مشاكلة العقوبة الذنب كقوله تعالى {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلاّ كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} [البقرة: 275].
قال وهذا في العلم الذي يلزمه تعليمه إياه ويتعين عليه فرضه كمن رأى كافراً يريد الإسلام يقول علموني ما الإسلام وما الدين. وكمن يرى رجلاً حديث العهد بالإسلام لا يحسن الصلاة وقد حضر وقتها يقول علموني كيف أصلي. وكمن جاء مستفتياً في حلال أو حرام يقول افتوني وارشدوني فإنه يلزم في مثل هذه الأمور أن لا يمنعوا الجواب عما سألوا عنه من العلم، فمن فعل ذلك آثماً مستحقاً للوعيد والعقوبة وليس كذلك الأمر في نوافل العلم التي لا ضرورة بالناس إلى معرفتها.
قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله ” شرح سنن أبي داود “:
” أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في كراهية منع العلم، يعني: عدم بذله عند الحاجة إليه، فالشخص إذا حصلت له واقعة وأراد أن يعرف حكم الله تعالى فيها ليعمل به، ورجع إلى عالم فإن ذلك العالم عليه أن يفتيه إذا كان عنده علم، وإذا لم يكن عنده علم يدله على ذلك ويكون عوناً له على ذلك أو يقول له: اسأل غيري. فإذا كان المفتي ليس عنده معرفة الجواب أو الاطمئنان إلى الجواب فإنه يحيله إلى غيره، وإن كان عنده الجواب فإنه يجيبه ولا يتأخر في ذلك، فإذا كان عنده الجواب وهو يعرف الجواب فيجيبه في ذلك. فالعلم فائدته: أن يعمل به ويبذله للغير، بمعنى: أن الإنسان يفيد نفسه ويفيد غيره، وقد ذكرنا في الدرس الماضي الحديث الذي فيه فضل العلم وهو قوله صلى الله عليه وسلم: فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب) لأن علم العالم له ولغيره حيث يستفيد منه الناس ببذله، والعابد عبادته له لا تتعداه إلى غيره، فصار العالم مثل القمر، والعابد مثل الكوكب الذي ضوءه شيء يسير بالنسبة إلى ضوء القمر.
وقال: والمقصود بالعلم العلم الشرعي … وقوله: (من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة) يعني: يكون اللجام على فمه مماثلة للعمل الذي حصل منه، وهو كونه لم يتكلم بالعلم ولم يبد العلم، ولم يحدث به ولم يخبر به وإنما منعه، فصار الجزاء من جنس العمل، فكما أنه لم يحرك فمه بالنطق بالحق، وإنما أغلقه وأقفله فإنه يوم القيامة يلجم بلجام من نار، يعني: أن الجزاء من جنس العمل … وأما بعض الأشياء التي إخفاؤها يكون فيه مصلحة فهذا المصلحة في إخفائها حتى لا يحصل من الناس التساهل في الأمور؛ مثال ذلك جاء في حديث معاذ رضي الله عنه لما قال: (أفلا أبشر الناس؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تبشرهم فيتكلوا)، فإن بعض الأشياء قد يكون فيها تهاون من الناس إذا علموا بحكمها؛ فكونهم يرغبون في جانب الوعد ويغفلون عن جانب الوعيد ليس من الحكمة وليس من المصلحة، فمن العلم ما ينبغي إخفاؤه، وهو ما يترتب على إظهاره مضرة.
· ذكر ابن القيم رحمه الله في ” إعلام الموقعين ” (7/ 248) فوائد تتعلق بالفتوى منها:
فإن سأل السائل عن الحكم فللمسئول حالتان إحداهما أن يكون عالما به والثانية أن يكون جاهلا به حرم عليه الإفتاء بلا علم فإن فعل فعليه إثمة وإثم المستفتى فإن كان يعرف في المسألة ما قاله الناس ولم يتبين له الصواب من أقوالهم فله أن يذكر له ذلك فيقول فيها اختلاف بين العلماء ويحكيه إن أمكنه للسائل وإن كان عالما بالحكم فللسائل حالتان إجداهما أن يكون قد حضره وقت العمل احتاج إلى السؤال فيجب على المفتى المبادرة على الفور إلى جوابه فلا يجوز له تأخير بيان الحكم له عن وقت الحاجة والحالة الثانية ان يكون قد سأل عن الحادثة قبل وقوعها فهذا لا يجب على المفتى أن يجيبه عنها وقد كان السلف الطيب إذا سئل أحدهم عن مسألة يقول للسائل هل كانت أووقعت فإن قال لا لم يجبه وقال دعنا في عافية وهذا لأن الفتوى بالرأي لا تجوز إلا عند الضرورة تبيحه كما تبيح الميتة عند الاضطرار وهذا إنما هو في مسألة لا نص فيها ولا إجماع فإن كان فيها نص أواجماع فعليه تبلغيه بحسب الإمكان فمن سئل عن علم فكتمه ألجمة الله يوم القيامة بلجام من نار هذا إذا أمن المفتى غائله الفتوى فإن لم يأمن غائلتها وخاف من ترتب شر أكثر من الإمساك عنها امسك عنها ترجيحا لدفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما وقد أمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن نقص الكعبة وإعادتها على قواعد إبراهيم لأجل حدثان عهد قريش بالإسلام وأن ذلك ربما نفرهم عنه بعد الدخول فيه وكذلك إن كان عقل السائل لا يحتمل الجواب عما سأل عنه وخاف المسئول إن يكون فتنة له أمسك عن جوابه قال ابن عباس رضى الله عنه لرجل سأله عن تفسير آية وما يؤمنك أني لو أخبرتك يتفسيرها كفرت به أي جحدته وأنكرته وكفرت به ولم يرد أنك تكفر بالله ورسوله
يجوز للمفتي أن يعدل عن السؤال إلى ما هو أنفع.