1362 رياح المسك العطرةبمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا).
——–‘——–‘——–
——–‘——-‘——–
صحيح البخاري
باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه
حوله {يخرجون من الأجداث} الأجداث القبور {بعثرت} أثيرت بعثرت حوضي أي جعلت أسفله أعلاه الإيفاض الإسراع وقرأ الأعمش {إلى نصب} إلى شيء منصوب يستبقون إليه والنصب واحد والنصب مصدر {يوم الخروج} من القبور {ينسلون} يخرجون
1362 – حدثنا عثمان قال حدثني جرير عن منصور عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه قال كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته ثم قال ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار وإلا قد كتب شقية أو سعيدة فقال رجل يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة وأما من كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة قال أما أهل السعادة فييسرون لعمل السعادة وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل الشقاوة ثم قرأ {فأما من أعطى واتقى} الآية
———‘——–
فوائد الباب:
1 – (موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله) أي جواز ذلك وهذا الجلوس عند القبر وليس عليه، والموعظة مناسبة للحال حيث كان السلف يعتبرون من هذا الموقف الذي سيدخلونه لا محالة، والمصنف بعد أن انتهى من الحديث عن تجهيز الميت، وتغسيله، والصلاة عليه، ودفنه لم يخل كتابه هذا من موعظة الأحياء.
2 – قوله (“يخرجون من الأجداث” الأجداث القبور) يشير إلى قوله تعالى (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) (سورة المعارج: 43)، وقوله (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) (سورة يس: 51)
3 – وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طريق علي بن أبي طلحة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَإِذا هم من الأجداث} يَعْنِي من الْقُبُور {إِلَى رَبهم يَنْسلونَ} قَالَ: يخرجُون. نقلت تفسير ابن أبي حاتم من تغليق التعليق للحافظ ابن حجر.
4 – عن قتادة (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعًا): أي من القبور سراعا أخرجه الطبري في تفسيره من طريقين عن قتادة وإسناده صحيح.
5 – قوله ({بعثرت} أثيرت، بعثرت حوضي أي جعلت أسفله أعلاه) قاله أبوعبيدة معمر بن المثنى كما في مجاز القرآن:
6 – أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} أي: بُحثت
7 – قوله (الإيفاض الإسراع وقرأ الأعمش {إلى نصب} إلى شيء منصوب يستبقون إليه والنصب واحد والنصب مصدر) قاله الفراء في معاني القرآن وزاد ” والجمع أنصاب”
8 – وعَن مُجَاهِد: {يوفضون} قَالَ: يَسْتَبقُونَ أخرجه الطبري في تفسيره من طريقين عن ابن أبي نجيج عن مجاهد به. إسناده صحيح.
9 – عن أبي العالية، أنه قال في هذه الآية (كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) قال: إلى علامات يستبقون. أخرجه الإمام الطبري في تفسيره بإسناد صحيح
10 – وقد استطرد المؤلّف بعد الترجمة بذكر تفسير بعض ألفاظ من القرآن مناسبة لما ترجم له على عادته، تكثيرًا لفرائد الفوائد. قاله القسطلاني في إرشاد الساري.
11 – حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخرجه الستة إلا النسائي وقد أخرجه في السنن الكبرى.
12 – موضع الشاهد منه قوله (فقعد وقعدنا حوله) وقوله (فجعل ينكت بمخصرته ثم قال) فوعظهم.
13 – فيه الإيمان بالقدر.
14 – فيه مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ الِاتِّكَالِ عَلَى قَضَاءِ اللَّهِ دُونَ التَّشْمِيرِ فِيمَا يُقَرِّبُهُ إِلَيْهِ قاله ابن حبان في صحيحه
15 – … وَإِذَا طَلَبْتَ لِهَذَا الشَّانِ نَظِيرًا يَجْمَعُ لَكَ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، فَاطْلُبْهُ فِي بَابِ أَمْرِ الرِّزْقِ الْمَقْسُومِ مَعَ الْأَمْرِ بِالْكَسْبِ، وَأَمْرِ الْأَجَلِ الْمَصْرُوفِ فِي الْعُمُرِ مَعَ الصَّالِحِ بِالطَّلَبِ قاله أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى.
16 – قوله (ومعه مخصرة) قال أبو عبيد: “المخصرة ما اختصر الإنسان بيده، وأمسكه من عصا أو عنزة أو عكازة، ومنه أن يمسك الرجل بيد صاحبه، فيقال: فلان مخاصر فلان …. قال الفراء: يقال: خرج القوم متخاصرين إذا كان بعضهم آخذا بيد بعض”. كما في غريب الحديث له
17 – قوله (ثم قرأ) وفي رواية عند مسلم (ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم).
18 – قوله (ثم قرأ {فأما من أعطى واتقى} الآية) وفي رواية لمسلم “ثم قرأ (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى) ”
19 – قوله (حدثنا عثمان) هو ابن أبي شيبة صرح به البخاري في صحيحه 4948ومسلم في صحيحه 2647 تابعه زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم عند مسلم 2647
20 – قوله (حدثني جرير) هو ابن عبد الحميد صرح به البخاري في صحيحه 4948 تابعه شعبة عند البخاري 6217و 7552 ومسلم 2647 تابعه المعتمر بن سليمان أخرجه أبو داود 4694والنسائي في السنن الكبرى 11614تابعه أبو الأحوص أخرجه مسلم 2647 تابعه زائدة بن قدامة أخرجه الترمذي 3344
21 – قوله (عن منصور) هو ابن المعتمر تابعه الأعمش عند البخاري 4945 و 4946و 4949 و 6217و 6605 و 7552ومسلم 2647 والنسائي في الكبرى 11615 وابن ماجة 78
22 – قوله (عن سعد بن عبيدة) وعند البخاري 7552 سمعا (أي منصور والأعمش) سعد بن عبيدة
23 – قوله (عن أبي عبد الرحمن) أي السلمي صرح بذلك البخاري 4945 وهو عبد الله بن حبيب.
——‘——‘——-
باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحبه حوله
قال العثيمين في التعليق على البخاري:
– في هذا الحديث بيان الموعظة عند القبر إذا كان هناك فرصة، مثل أن يكونوا ينتظرون تلحيد القبر، فيجلس الناس إلى الواعظ ويعظهم لأن الوقت مناسب، وهذه الموعظة ليست هي الخطبة التي صار بعض الناس يفعلها الآن، يقوم الرجل خطيبا واقفا ويتكلم بلهجة الخطبة ويستدل بهذا الحديث!
والحقيقة أنه لا دليل فيه.
فلا يصح أن نقول إن البخاري رحمه الله يرى أن يقوم الإنسان خطيباً في الناس عند الدفن حينما ترجم باب الموعظة عند القبر لأنه رحمه الله لم يقل باب الخطبة عند القبر وفرقٌ بين هذا وهذا
– فيه دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن يتكل على ما كتب أولا، بل عليه أن يعمل، ثم إن هذا الاتكال ليس بصحيح لأنك لا تدري ما كتب لك، فلو قال قائل أنا سأتكل على كتابي، قلنا ما الذي أدراك أنه كتاب التيسير لليسرى، إذ لا يعلم الإنسان عما كتب إلا بعد وقوعه. اهـ
سئل العباد من حكم الموعظة عند القبر؟
السؤال: اعتاد الناس في بلدنا بعدما يدفنون الميت أن يقوم أحدهم فيعظ الناس ويذكرهم، فهل هذا من السنة؟ الجواب: لا نعلم شيئاً يدل عليه إلا قصة البراء بن عازب وقصة البراء بن عازب كان الجلوس فيها لحاجة، وليس الأمر أن يجيء الناس للجنازة، ثم يتجمعون ويتحلقون ويوعظون ويذكرون، وإنما جلس النبي وأصحابه لأن القبر لم يكمل، فهم إذن بحاجة إلى الجلوس حتى يكتمل الدفن، فلما جلسوا وعظهم الرسول صلى الله عليه وسلم وذكرهم، فلا يتخذ مثل هذا سنة، نعم لو وُجد شيء يقتضي التأخير وقام أحد يذكر الناس فلا بأس بذلك. اهـ
قال ابن باز في مجموع الفتاوى:
حكم الوعظ عند القبر
س: ما حكم الموعظة عند القبر؟
ج: لا بأس بذلك عند القبر قبل الدفن وليست بدعة , وقد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث علي والبراء بن عازب رضي الله عنهما.
قال الألباني:
الأمر العاشر: الموعظة عند القبر أمر لا بأس به؛ لحديث علي – رضي الله عنه -، قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد … اهـ
لكن كما علمت أن الموعظة في زمن متيسر ليس كالخطبة والله أعلم بالصواب.
وقد نقل باحث أن الألباني يرى أن لا تكون الموعظة كخطبة الجمعة. إنما اذا جلس العالم وجلس حوله أصحابه فلا بأس أن يذكرهم. كما في بعض الأشرطة
—–
– ذكر ابن حجر أنه لا بأس من القعود في المقبرة إذا كان هناك حاجة. (الفتح)
– وفي كتاب النوادر لابن أبي زيد القيرواني رحمه الله (الاستكانة في الجنازة) , قال ابن حبيب: ويكره الضحك والاشتغال بالحديث والخوض , وكان يُرى على النبي صلى الله عليه وسلم فيها كآبة , ويرون أنه يحدث نفسه بأمر الموت , وما هو صائر إليه , وسمع فيها أبو قلابة صوت قاص فقال:” كانوا يعظمون الموت بالسكينة ” , قال مطرف بن عبد الله: ” وكان الرجل يلقى الخاص من إخوانه في الجنازة له عنده عهد , فما يزيده على التسليم , ثم يعرض عنه , حتى كأن له عليه موجدة , اشتغالاً بما هو فيه , فإذا خرج من الجنازة ساءله عن حاله ولاطفه , وكان من أحسن ما كان يعهد “.
– ونقل الحسن أن السلف كانوا يحبون خفض الصوت في ثلاثة فذكر منها الجنائز.
وهو يدل على أنه لم يكونوا يرفعون أصواتهم بشيء لا بموعظة ولا غيرها
-قال ابن القيم في بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم: (وكان إذا فرغ من دفن الميت قام على قبره هو وأصحابه وسأل له التثبيت، وأمرهم أن يسألوا له التثبيت.) انتهى
وهو يشير بذلك إلى ما أخرجه أبو داود عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: “استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يُسأل).
وقد علق شيخ الإسلام ابن تيمية على هذا الحديث قائلاً: وهذا من معنى قوله تعالى: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) [التوبة:84].
فإنه لما نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على المنافقين وعن القيام على قبورهم، كان دليل الخطاب أن المؤمن يصلى عليه قبل الدفن، ويقام على قبره بعد الدفن) انتهى
لكن يقتصر في ذلك على المشروع والمأثور، لأن الدعاء عبادة والعبادات مبناها على التوقيف، فلا يعبد الله إلا بما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم، والدعاء والتأمين بشكل جماعي بعد دفن الميت بدعة محدثة
– ما ثبت أنه صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم حدَّثهُم قائمًا على قبر إحدى بناتِه وهي تُدْفَن، وهذه الحالات المنقولةُ عنه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم إنَّما صدَرَتْ منه على وجه تعليمِ حُكْمٍ، أو نصيحةٍ بفعل أو إرشادٍ إلى اعتقادٍ؛ فلم تَجْرِ على هيئةِ الخُطَب الدينية التي شأنُها البسط.
وإلا الوارد أنه قال لأصحابه عن بعض من دفنوه: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل.
بوب النووي في خلاصة الأحكام؛ باب استحباب الموعظة ومذاكرة العلم والخير عند القبر وانتظار دفنه وأورد حديث علي بن أبي طالب
وبوب في رياض الصالحين باب الموعظة عند القبر.
وقال ابن بطال في شرحه للبخاري: فيه جواز القعود عند القبور والتحدث عندها بالعلم والمواعظ.
– إذا مر على قبور فله موعظة أصحابه:
عن ابن عباس رضي الله عنهما:” مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستتر منالبول وأما الثاني فكان يمشي بالنميمة
وقال مرة لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم ما أسمع.
– المواعظ العارضة لا بأس بها:
وقال هانئ مولى عثمان بن عفان كان عثمان رضي الله عنه اذا وقف على
: قبر يبكي حتى يبل لحيته، فيقال له تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتذكر القبر:” فتبكي فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول القبر أول
منزل من منازل الآخرة فان نجا منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فمابعده أشد.
– ومن المواعظ العارضة ما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم. قال في قتلى بدر من الكفار: ما أنتم بأسمع لما اقول منهم.
– ومنه حديث أنه صلى الله عليه وسلم مرَّ على إمرأة وهي تبكي عند قبر فقال: اتقي الله واصبري وبوب عليه البخاري باب قول الرجل للمرأة عند القبر اصبري
– وحديث البراء جلس صلى الله عليه وسلم. على شفير. وهو في الصحيح المسند 141. ونقلنا في بعض بحوثنا أن ابن حبان أعله بالانقطاع فليراجع. وسأذكر كلامه في التنبيه.
– توسعنا في حكم المواعظ في مجالس التعزية في باب من جلس يعرف فيه الحزن من صحيح البخاري.
تنبيه:
قال المفضل بن غسان الغلابي سمعت يحيى بن معين وذكر حديث الأعمش عن المنهال بن عمرو وكان يحيى يضع من شأن منهال بن عمرو
وقال في موضع آخر: ذم يحيى المنهال بن عمرو. تهذيب الكمال 28/ 571
وقال ابن حبان: خبر الأعمش عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء سمعه الأعمش عن الحسن بن عمارة عن المنهال بن عمرو. وزاذان لم يسمعه من البراء. فلذلك لم أخرجه. صحيحه 3117
وهو السند الذي ذكره الشيخ مقبل في الصحيح المسند 141 وعزاه لأبي بكر ابن شيبة
وتوبع الأعمش عليه تابعه يونس وعمرو بن قيس … . بقي قول ابن حبان لم يسمعه من زاذان.