1362 – تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف ومراجعة سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف عبد الله الديني)
وشارك معه: عبدربه، وعبدالرحمن المشجري وعبدالفتاح الصومالي وعبدالله البلوشي
_._._. _._._. _._._. _._._. _.
1362 – قال الامام أبو داود رحمه الله
(ج 9 ص485):حدثنا نصر بن علي، أخبرنا فضيل بن سليمان، حدثنا عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبي هـريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين ”
هذا حديث حسن
الحديث أخرجه الترمذي (ج4 ص555) وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
وأخرجه ابن ماجه (ج2 ص744) من طريق عبد الله بن جعفر وهو المخرمي عن عثمان بن محمد وهو الأخنسي عن المقبري … به.
وهذا سند حسن، فيكون الحديث صحيحا لغيره.
وقال الإمام أحمد رحمه الله (ج12 ص131): حدثنا صفوان بن عيسى، أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي هـند، عن سعيد المقبري، عن أبي هـريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من جعل قاضيا بين الناس، فقد ذبح بغير سكين ”
هذا حديث صحيح رجاله رجال الصحيح، وأحسن من جمع طرقه فيما اطلعت عليه محمد بن خلف الملقب بوكيع في ” أخبار القضاة ”
—————————————
القضاء بالمد لغة: إحكام الأمر والفراغ منه. قال تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سبْعَ سَموَات فى يَوْمَيْن} يعنى أحكمهن وفرغ منهن.
وفى الشرع: تبيين الحكم الشرعي والإلزام به وفصل الخصومات.
و ا لأصل في القضاء ومشروعيته، الكتاب، والسنة، والإجماع، و القياس.
فأما الكتاب: فمثل قوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَ الناس بِالْحَق ولا تَتَّبع الْهَوَى} وقوله: {وأنِ احكم بَيْنَهُمْ بما أنزل الله} وغيرهما.
وأما السنة، فكثيرة، ومنها:- ما جاء في الصحيحين عن عمرو ابن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فاخطأ فله أجر”.
وأجمع المسلمون على مشروعيته.
ويقتضيه القياس، فلا تستقيم ًالأحوال إلا به، وهو فرض كفاية.
قال في (المغنى): [وفيه فضل عظيم لِمن قَوِىَ على القيام به، وأداء الحق فيه، ولذلك جعل الله فيه أجراً مع الخطأ، وأسقط عنه حكم الخطأ، ولأن فيه أمرا بالمعروف، ونصرة للمظلوم، وأداء الحق إلى مستحقه وردعاً للظالم عن ظلمه، وإصلاحا بين الناس، وتخليصا لبعضهم من بعض، وذلك من أبواب القرب.
ولذلك تولاه النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله، فكانوا يحكمون لأممهم.
وبعث صلى الله عليه وسلم عَلِيا إلى اليمن قاضيا، وبعث مُعَاذاً قاضيا.
وقد روى عن ابن مسعود أنه قال: لأنْ أجلس قاضيا بين اثنين، أحب. إلى من عبادة سبعين سنة.
وفيه خطر عظيم ووزر كبير، لمن لم يؤدِّ الحق فيه. ولذلك كان السلف رحمة اللّه عليهم يمتنعون منه أشد الامتناع، ويخشون على أنفسهم خطره].
وقال الإمام أحمد: ” لابد للناس من حاكم، أتذهب حقوق الناس؟ “.
ولولا القضاء وفصل الخصومات، ورد المظالم، وتبيين الحق، لصارت الحياة فوضى. فيكفى أنه ضرورة من ضرورات الحياة.
راجع: ” تيسر العلام شرح عمدة الأحكام ”
للشيخ عبد الله البسام.
أما معنى الحديث:
بوب الإمام أبو داود رحمه الله:
باب في طلب القضاء
قال الشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله:
قوله: [أول كتاب الأقضية] والأقضية جمع قضاء، والمراد به الإخبار بالحق على وجه الإلزام به. أي: أن فيه إخباراً وإلزاماً، وذكر الإلزام فيه تمييز بينه وبين الفتوى؛ لأن الفتوى إخبار بالحق من غير إلزام به، والقضاء إخبار بالحق مع الإلزام به.
إذاً: كل من الفتوى والقضاء فيه بيان للحق وإخبار بالحق، ثم يتميز القضاء عن الفتوى بأن مع بيان الحق إلزاماً به، والفتوى ليس مع بيان الحق إلزام به.
قوله: [باب في طلب القضاء] يعني: كون الإنسان يسعى ليحصل القضاء ويطلب القضاء فهذا غير محمود؛ لأن الإنسان قد لا يعان عليه إذا حرص عليه ورغب فيه، ولكن إذا كلف به وطلب منه فهو مظنة لأن يعان عليه وأن يوفق ويسدد، وهذا مثل الولايات كما جاء في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، في الذين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهم ثلاثة من الأشعريين وبينهم أبو موسى الأشعري، وكان لا يعرف مهمة هؤلاء وما أرادوه من الكلام عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إنهم طلبوا أن يولوا العمالة على الصدقة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنا لا نولي هذا الأمر أحداً طلبه).
أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين) وهذا فيه بيان خطورة القضاء وشدته، وأنه ليس بالأمر الهين، وأن الإنسان قد يفتتن فيه، وقد يحصل له فيه ما لا تحمد عاقبته، لاسيما إذا كان برغبة منه وبطلب منه، ففي ذلك تحذير من ولاية القضاء، ومعلوم أن هذا حيث لا يتعين على الإنسان، وأما إذا تعين عليه فإنه لابد للناس من قضاة يقضون بينهم ويحكمون بينهم، ولو تركوا بدون قضاة لحصل من الشر ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، أما من يكلف بالقضاء فإن ذلك حَري أن يعان، ولكن إذا وجد غيره ممن يقوم مقامه وحصل على السلامة منه فلا شك أن ذلك خير كثير؛ لأنه جاء فيه هذا الذي يدل على شدته وعلى خطورته، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين) والمقصود منه: أن فيه خطراً على دين الإنسان، والذبح المقصود به الهلاك، فهو ليس كالذبح بالسكين الذي به تلف الجسم وذهابه، ولكن فيه خطورة على دين الإنسان؛ لأنه قد يحصل منه الجور ويحصل منه الحيف ويحصل منه الميل عن الحق، ويترتب على ذلك ضرر كبير للإنسان، وهذا هو المقصود من قوله: (قد ذبح بغير سكين).
{شرح سنن أبي داود للعباد}.
* وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله:
ما ورد من أن من تولى القضاء فقد ذبح بغير سكين؟
الجواب:
هذا حديث لا بأس به جيد ومعروف رواه أحمد وأهل السنن، لكن ما يمنع من القضاء، وإنما هو تحذير للعناية بالقضاء والحرص على السلامة من توابعه وأخطاره، فالذبح بغير سكين شيء يؤذي الحيوان ويؤخر في موته، فالقاضي قد يتأذى بالقضاء ويتعب فيه، ولكن مع الصبر والجد يزول هذا، وإنما يتعب ويكون كالمذبوح بغير سكين إذا ضل علمه أو تنكر الطريق السوي أو غفل عن الاستعانة بالله.
ولا يخفى عليكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو إمام القضاة، وهو إمام العلماء، وهو قدوة القضاة، وهو القاضي، وهو المعلم صلى الله عليه وسلم فهو قاضٍ وداعٍ وآمر بالمعروف، كلها مجتمعة فيه عليه السلام، فالقضاة والدعاة والعلماء يتأسون به في صبره وحلمه، وقد يغضب بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، وهو سيد الأمة وإمامهم وسيد المتواضعين، ولكن قد يلجأه الخصوم إلى الغضب.
لكن القاضي يتأسى بنبيه عليه السلام بالصبر، وتعاطي أسباب الصبر، لعله يوفق لذلك، وكل أحد لابد أن يحصل له شيء من التعب، ولكن كلما كان القاضي أعلم وأصبر وأحلم وأكثر دعاءً لله لطلب التوفيق والهداية كانت مشاكله أقل.
{موقع الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله}
قال الخطابي في ” معالم السنن “:
وقوله: (بغير سكين) يحتمل وجهين:
أحدهـما:
أن الذبح إنما يكون في ظاهـر العرف بالسكين فعدل به عليه الس?م عن غير ظاهـر العرف وصرفه عن سنن العادة إلى غيرهـا ليعلم أن الذي أراده بهذا القول إنما هـو ما يخاف عليه من هـ?ك دينه دون هـ?ك بدنه.
والوجه ا?خر:
أن الذبح الوجيء الذي يقع به إزهـاق الروح وإراحة الذبيحة وخ?صها من طول ا?لم وشدته إنما يكون بالسكين ?نه يجهز عليه، وإذا ذبح بغير السكين كان ذبحه خنقا وتعذيبا فضرب المثل في ذلك ليكون أبلغ.
****************