135 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله المشجري وعبدالملك وأحمد بن علي وناجي الصيعري وعلي الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
١٣٥ – قال الإمام أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله (ج ١٠ ص ٣١٠): حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَن زَائِدَةَ، عَن مَنْصُورٍ، عَن طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُنَّ لَهُ كَعَدْلِ نَسَمَةٍ».
هذا حديث صحيحٌ.
ـــــــ
أولاً: دراسة الحديث رواية:
جاء أنها تعدل رقبة من ولد إسماعيل:
6404 – حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا عمر بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: «من قال عشرا، كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل» البخاري
863 – حدثنا محمد بن إسماعيل أبو إسماعيل الترمذي، حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال، حدثني أبو بكر عبد الحميد بن عبد الله بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن سهيل عن أبيه، عن ابن عياش برجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” من قال حين يصبح: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب له بها عشر حسنات، ومحي عنه بها عشر سيئات، وكان له عدل رقبة يعتقها من ولد إسماعيل، وكانت له حرزا من الشيطان ليلته حتى يصبح فكان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينكرون ذلك على ابن عياش، ويقولون: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فرأى رجل ممن ينكر ذلك على ابن عياش في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أصدق ابن عياش؟ أنت قلت كذا وكذا؟ فقص عليه الحديث، فقال: صدق ابن عياش، صدق ابن عياش فصدقه عشر مرات ”
مكارم الأخلاق للخرائطي (ص281)
ما جاء في أنها تعدل رقبة واحدة من غير ذكر ولد إسماعيل:
في مسند أحمد:
18518 – حدثنا عفان، حدثنا شعبة، قال: طلحة أخبرني، قال: سمعت عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ” من منح منحة ورق، أو منح ورقا، أو هدى زقاقا، أو سقى لبنا، كان له عدل رقبة، أو نسمة. ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كان له كعدل رقبة، أو نسمة ”
مسند أحمد (30/ 482 ط الرسالة) وراجع مسند أحمد ١٨٥١٦ و ١٨٥٠٧ و ١٨٦١٦ و ١٨٧٠٤
وهو في الصحيح المسند 133 وتقدم شرحه
وجاء أنها تعدل أربع رقاب من ولد إسماعيل:
جاء في صحيح مسلم:
(2693) حدثنا سليمان بن عبيد الله أبو أيوب الغيلاني، حدثنا أبو عامر يعني العقدي، حدثنا عمر وهو ابن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: ” من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرار كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل ”
وعزاه المنذري كما في صحيح الترغيب 1534 إلى البخاري أيضا
وهو في صحيحه
٦٤٠٤ – حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنا عُمَرُ بْنُ أبِي زائِدَةَ، عَنْ أبِي إسْحاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قالَ: «مَن قالَ عَشْرًا، كانَ كَمَن أعْتَقَ رَقَبَةً مِن ولَدِ إسْماعِيلَ» قالَ عُمَرُ بْنُ أبِي زائِدَةَ: وحَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، مِثْلَهُ. فَقُلْتُ لِلرَّبِيعِ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ فَقالَ: مِن عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، فَأتَيْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، فَقُلْتُ: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ فَقالَ: مِنَ ابْنِ أبِي لَيْلى، فَأتَيْتُ ابْنَ أبِي لَيْلى، فَقُلْتُ: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ فَقالَ: مِن أبِي أيُّوبَ الأنْصارِيِّ، يُحَدِّثَهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وقالَ إبْراهِيمُ بْنُ يُوسُفَ: عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي إسْحاقَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي لَيْلى، عَنْ أبِي أيُّوبَ قَوْلَهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وقالَ مُوسى، حَدَّثَنا وُهَيْبٌ، عَنْ داوُدَ، عَنْ عامِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي لَيْلى، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وقالَ إسْماعِيلُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلَهُ. وقالَ آدَمُ: حَدَّثَنا شُعْبَةُ، حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، سَمِعْتُ هِلاَلَ بْنَ يَسافٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، وعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَوْلَهُ. وقالَ الأعْمَشُ، وحُصَيْنٌ: عَنْ هِلاَلٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَوْلَهُ. ورَواهُ أبُو مُحَمَّدٍ الحَضْرَمِيُّ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «كانَ كَمَن أعْتَقَ رَقَبَةً مِن ولَدِ إسْماعِيلَ» قالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ: «والصَّحِيحُ قَوْلُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عَمْرٍو»
علق الألباني على صحيح الترغيب :وأما رواية (عشر رقاب … ) المذكورة عقب هذه في الأصل فهي شاذة لا تصح كما حققته في الضعيفة ٥١٢٦ ولذلك أوردتها في صحيح الترغيب.
وورد أنها تعدل أربعة أنفس من غير ذكر أولاد إسماعيل كما في مسند أحمد:
23518 – حدثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي، حدثنا سلمة بن الفضل، حدثني محمد بن إسحاق، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن القاسم بن مخيمرة، عن عبد الله بن يعيش، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من قال إذا صلى الصبح: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير عشر مرات، كن كعدل أربع رقاب، وكتب له بهن عشر حسنات، ومحي عنه بهن عشر سيئات، ورفع له بهن عشر درجات، وكن له حرسا من الشيطان حتى يمسي، وإذا قالها بعد المغرب فمثل ذلك ” وصححه محققو المسند
وجاء أنها تعدل عشر رقاب من ولد إسماعيل:
3906 – حدثنا نصر بن مرزوق، قال: حدثنا الخصيب بن ناصح، قال: حدثنا وهيب، عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي أيوب الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ” من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير عشر مرات، كتب له بقدر عشر محررين من ولد إسماعيل صلى الله عليه وسلم أو قال: عدل محرر ”
شرح مشكل الآثار (10/ 52)
وجاء أنها تعدل عشر رقاب من غير ذكر ولد إسماعيل:
ففي صحيح البخاري
٦٤٠٣ – حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «مَن قالَ: لاَ إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقابٍ، وكُتِبَ -[٨٦]- لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، ومُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وكانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطانِ، يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتّى يُمْسِيَ، ولَمْ يَأْتِ أحَدٌ بِأفْضَلَ مِمّا جاءَ إلّا رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِنهُ»
وفي مسلم
– (٢٦٩١) حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ يَحْيى، قالَ: قَرَأْتُ عَلى مالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، قالَ: «مَن قالَ: لا إلَهَ إلّا اللهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقابٍ، وكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ ومُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وكانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطانِ، يَوْمَهُ ذَلِكَ، حَتّى يُمْسِيَ ولَمْ يَأْتِ أحَدٌ أفْضَلَ مِمّا جاءَ بِهِ إلّا أحَدٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِن ذَلِكَ، ومَن قالَ: سُبْحانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطاياهُ ولَوْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ»
وفي مسند أحمد تقييد ذلك بالصباح والمساء وعدد الذكر عشر مرات وأشار النسائي الى مخالفة عبدالله بن سعيد للإمام مالك ورواية مالك هي التي في الصحيحين
ورد في حديث البراء ومن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فهو كعتق نسمة
يعني مرة واحدة كعتق نسمة
قال ابن حجر في حديث أبي هريرة هذا الأجر قبل المضاعفة ويكون لكل مرة بالمضاعفة رقبة
وفي مسند أحمد
23546 – حدثنا يزيد، أخبرنا داود، عن عامر، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي أيوب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كن له كعدل عتق عشر رقاب ” أو ” رقبة ” وقال محققو المسند على شرط مسلم
23568 – حدثنا أبو اليمان، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن خالد بن معدان، عن أبي رهم السمعي عن أبي أيوب الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” من قال حين يصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كتب الله له بكل واحدة قالها عشر حسنات، وحط الله عنه بها عشر سيئات، ورفعه الله بها عشر درجات، وكن له كعشر رقاب، وكن له مسلحة من أول النهار إلى آخره، ولم يعمل يومئذ عملا يقهرهن، فإن قال حين يمسي، فمثل ذلك ” وصححه محققو المسند
3534 – حدثنا قتيبة ، قال: حدثنا الليث ، عن الجلاح أبي كثير ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عمارة بن شبيب السبئي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له»، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات على إثر المغرب، بعث الله له مسلحة يحفظونه من الشيطان حتى يصبح، وكتب الله له بها عشر حسنات موجبات، ومحا عنه عشر سيئات موبقات، وكانت له بعدل عشر رقاب مؤمنات.
هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ليث بن سعد، ولا نعرف لعمارة بن شبيب سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم.
سنن الترمذي (5/ 504 ت بشار)
قلت سيف بن دورة: فيه انقطاع
* قال الهيثمي في مجمع الزوائد 16818 في حديث أبي أيوب ” ﻗﻠﺖ: ﻟﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻏﻴﺮ ﻫﺬا ﻓﻴﻤﻦ ﻗﺎﻟها ﻋﺸﺮا.
ﺭﻭاﻩ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ، ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ اﻟﻄﺮﻕ: ” ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻛﻌﺪﻝ ﻋﺸﺮ ﺭﻗﺎﺏ ﻣﻦ ﻭﻟﺪ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ – ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ – “. ﻭﻟﻢ ﻳﺸﻚ، ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺃﺣﻤﺪ ﺭﺟﺎﻝ اﻟﺼﺤﻴﺢ، ﻭﻓﻲ ﺭﺟﺎﻝ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ اﻟﺤﺠﺎﺝ ﺑﻦ ﻧﺼﻴﺮ، ﻭﻗﺪ ﺿﻌﻔﻪ اﻟﺠﻤﻬﻮﺭ، ﻭﺫﻛﺮﻩ اﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﺕ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻳﺨﻄﺊ ﻭﻳﻬﻢ، ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﺛﻘﺎﺕ.”
* حديث أبي أيوب عزاه محققو المسند 29 /515
للبخاري ٦٤٠٤ ومسلم ٢٦٩٣ وفي رواية عند النسائي عين دبر صلاة الغداة . وأخرجه غير واحد دون تعيين الوقت . وراجع تخريج الترغيب والترهيب لسيف بن دورة وفيه الكلام على حديث معاذ بن جبل ٤٧٥ و٤٧٧ حيث نقل :
٤٧٧ – (٦) وعن عبد الرحمن بن غَنْمٍ عن النبي – ﷺ -؛ أنه قال:
«من قال قَبل أنْ ينصرفَ ويَثنيَ رجلَيه من صلاةِ المغربِ والصبحِ: (لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملك، وله الحمدُ، يحيي ويميت، وهو على كل شيءٍ قدير -عشرَ مرات-)؛ كتب الله له بكل واحدةٍ عشرَ حسناتٍ، ومحا عنه عشرَ سيئات، ورَفَعَ له عشرَ درجاتٍ، وكانت حِرزًا من كل مكروه، وحِرزًا من الشيطان الرجيم، ولم يَحِلَّ لذنبٍ أنْ يُدركه إلا الشركُ، وكان من أفضل الناس عَمَلًا، إلا رجلًا يَفضلُهُ، يقول أفضلَ مما قال».
رواه أحمد، ورجاله رجال «الصحيح»؛ غير شهر بن حوشب ، وعبد الرحمن بن غَنْم مختلف في صحبته.
وقد رُوي هذا الحديث عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
——‘
جمع باحث طرقه وقال :
والناظر لجميع الطرق يجد مدارها على شهر بن حوشب، وقد اضطرب فيها اضطرابًا شديدًا، (فمرة يرويه عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر، ومرة عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ، ومرة عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي هريرة، ومرة عن عبد الرحمن بن غنم مرسلًا، ومرة عن أبي أمامة، ومرة عن أم سلمة، هذا غير التفاوت في المتن).
وقد قال الدارقطني في (العلل) [٦/ ٢٤٨]: ويشبه أن يكون الاضطراب فيه من شهر والله أعلم والصحيح عن بن أبي حسين المرسل بن غنم عن النبي ؟
وورد من حديث أبي أيوب :
حديث أبي أيوب رضي الله عنه- هذا – له طرق كثيرة جدًا، وهي عندي مخرجة، واكتفيت هنا بذكر الخلاف عن الشعبي، حتى أحرر زيادة (من قال دبر صلاة الغداة ودبر صلاة المغرب) التي لم تأتِ عن الشعبي إلا من طريق محمد بن أبي ليلى، وهي زيادة منكرة كما سبق بيانه، وكذلك ذكرت طريق عبد الله بن يعيش عن أبي أيوب رضي الله عنه لأن فيه تلك الزيادة (مَن قالَ إذا صَلّى الصُّبْحَ) وهي أيضًا زيادة منكرة، وأهملت كل الطرق -عمدًا – عن أبي أيوب رضي الله عنه التي ليس فيها هذه الزيادة، لأنها محل بحثي. والله أعلم
انتهى من بحث لبعض الباحثين في الشبكة وخلص الباحث أن طرقه لا تتقوى
* جاء في السلسلة الضعيفة 5126 – (ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ، ﻟﻪ اﻟﻤﻠﻚ ﻭﻟﻪ اﻟﺤﻤﺪ، ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗﺪﻳﺮ – ﻋﺸﺮ ﻣﺮاﺕ -؛ ﻛﻦ ﻟﻪ ﻛﻌﺪﻝ ﻋﺘﻖ ﻋﺸﺮ ﺭﻗﺎﺏ، ﺃﻭ ﺭﻗﺒﺔ) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله: ” ﺷﺎﺫ
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ (5/ 418) ، ﻭﻳﻌﻘﻮﺏ اﻟﻔﺴﻮﻱ ﻓﻲ “اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭاﻟﺘﺎﺭﻳﺦ” (3/ 129) ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ “اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮ” (1/ 201/ 1) ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻓﻲ “ﺷﻌﺐ اﻹﻳﻤﺎﻥ” (1/ 344) ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺩاﻭﺩ ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻳﻮﺏ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ ﺑﻪ.
ﻗﻠﺖ: ﻭﻫﻮ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻁ ﻣﺴﻠﻢ؛ ﻟﻮﻻ اﻟﺸﻚ اﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﺁﺧﺮﻩ.
ﻭﻧﺤﻮﻩ: ﻣﺎ ﺭﻭاﻩ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﻋﻦ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﻨﺪ ﺑﻪ؛ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ:
“ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻛﻌﺪﻝ ﻣﺤﺮﺭ ﺃﻭ ﻣﺤﺮﺭﻳﻦ”.
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ (4/ 196/ 4017) ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ.
ﻭاﻟﺮﻭاﻳﺔ اﻷﻭﻟﻰ ﺃﺻﺢ؛ ﻷﻥ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺘﻪ ﻋﻦ ﻏﻴﺮ ﺛﺎﺑﺖ اﻟﺒﻨﺎﻧﻲ ﻏﻴﺮﻩ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻨﻪ!
ﻭﺃﻭﻫﻰ ﻣﻤﺎ ﻣﻀﻰ: ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﺣﺠﺎﺝ ﺑﻦ ﻧﺼﻴﺮ: ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺷﻌﺒﺔ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻝﻟﻪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﺴﻔﺮ ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﻪ؛ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ:
” … ﻛﻦ ﻟﻪ ﻛﻌﺪﻝ ﻋﺸﺮ ﺭﻗﺎﺏ ﻣﻦ ﻭﻟﺪ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ”.
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ.
ﻗﻠﺖ: ﻭﺣﺠﺎﺝ ﺑﻦ ﻧﺼﻴﺮ؛ ﻗﺎﻝ اﻟﺤﺎﻓﻆ:
“ﺿﻌﻴﻒ، ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺘﻠﻘﻴﻦ”.
ﻭاﻟﺼﺤﻴﺢ اﻟﻤﺤﻔﻮﻅ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ؛ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺑﻠﻔﻆ:
” … ﻛﺎﻥ ﻛﻤﻦ ﺃﻋﺘﻖ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻧﻔﺲ ﻣﻦ ﻭﻟﺪ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ”.
“ﺑﻌﺪ اﻟﺼﺒﺢ”.
ﻭﺳﻨﺪﻫﺎ ﺻﺤﻴﺢ؛ لكنه ﻟﻢ ﻳﺼﺮﺡ ﺑﺮﻓﻌﻪ؛ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﻤﺮﻓﻮﻉ.
* قال محققو المسند (٥٢٦/٣٨-٥٢٧): ” ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻁ ﻣﺴﻠﻢ، ﺭﺟﺎﻟﻪ ﺛﻘﺎﺕ ﺭﺟﺎﻝ اﻟﺸﻴﺨﻴﻦ ﻏﻴﺮ ﺩاﻭﺩ -ﻭﻫﻮ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﻨﺪ- ﻓﻤﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﻣﺴﻠﻢ. ﻳﺰﻳﺪ: ﻫﻮ اﺑﻦ ﻫﺎﺭﻭﻥ، ﻭﻋﺎﻣﺮ: ﻫﻮ اﺑﻦ ﺷﺮاﺣﻴﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ.
ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ 10/301 ﻭ13/460، ﻭﺣﺴﻴﻦ اﻟﻤﺮﻭﺯﻱ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺩاﺗﻪ ﻋﻠﻰ “ﺯﻫﺪ” اﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ (1124) ، ﻭاﻟﺸﺎﺷﻲ ﻓﻲ “ﻣﺴﻨﺪﻩ” (1098) ﻭ (1099) ﻭ (1101) ﻭ (1102) ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ “اﻟﻜﺒﻴﺮ” (4016) ﻭ (4019) ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻓﻲ “اﻟﺪﻋﻮاﺕ” (118) ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻫﺎﺭﻭﻥ، ﺑﻬﺬا اﻹﺳﻨﺎﺩ.
ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ ﺣﺴﻴﻦ اﻟﻤﺮﻭﺯﻱ (1125) ، ﻭاﻟﻄﺤﺎﻭﻱ ﻓﻲ “ﺷﺮﺡ ﻣﺸﻜﻞ اﻵﺛﺎﺭ” (3906) ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ (4016) ﻭ (4017) ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻓﻲ “ﺷﻌﺐ اﻹﻳﻤﺎﻥ” (593) ﻣﻦ ﻃﺮﻕ ﻋﻦ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﻨﺪ، ﺑﻪ.
ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ (4018) ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ، ﻋﻦ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﻨﺪ، ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ، ﻋﻦ اﻟﺮﺑﻴﻊ ﺑﻦ ﺧﺜﻴﻢ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ ﺑﻨﺤﻮ ﻣﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﺑﺈﺛﺮ اﻟﺮﻭاﻳﺔ (23583) .
ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺘﺮﻣﺬﻱ (3553) ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻓﻲ “ﻋﻤﻞ اﻟﻴﻮﻡ ﻭاﻟﻠﻴﻠﺔ” (112) ، ﻭاﻟﺸﺎﺷﻲ (1097) ﻭ (1100) ﻭ (1104) ، ﻭاﻟﺒﻐﻮﻱ ﻓﻲ “ﺷﺮﺡ اﻟﺴﻨﺔ” (1275) ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ، ﻭاﻟﺸﺎﺷﻲ (1103) ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ، ﻛﻼﻫﻤﺎ، ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻳﻮﺏ. ﻭﻓﻴﻪ: “ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻋﺪﻝ ﺃﺭﺑﻊ ﺭﻗﺎﺏ ﻣﻦ ﻭﻟﺪ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ” ﻭﻗﻴﺪ ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻟﺬﻛﺮ ﺑﻌﺪ ﺻﻼﺓ اﻟﻐﺪاﺓ.
ﻭاﻧﻈﺮ ﻣﺎ ﺳﻠﻒ ﺑﺮﻗﻢ (23516) .
وورد في التهليل فضل آخر
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله: «من قال (سُبْحانَ اللهِ) مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، كان أفضل من مائة بدنة.
ومن قال (الحَمْدُ للهِ) مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، كان أفضل من مائة فرس يحمل عليها.
ومن قال (اللهُ أكْبَرُ) مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، كان أفضل من عتق مائة رقبة.
ومن قال (لا إلَهَ إلّا الله، وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، ولَهُ الحَمْدُ، وهُوَ عَلىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيِرٍ) مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، لم يجيء يوم القيامة أحد بعمل أفضل من عمله إلا من قال قوله أو زاد» رواه النسائي في الكبرى [رقم ١٠٦٥٧] وغيره. [صحيح الترغيب والترهيب: رقم:٦٥٨]
ثانياً: دراسة الحديث دراية:
معنى النسمة:
قال ابن عبدالبر:
وأما قوله: “نسمة المؤمن” والنسمة هاهنا الروح، يدلك على ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث نفسه: “حتى يرجعه الله إلى جسده يوم القيامة”. وقيل: النسمة: النفس، والروح، والبدن، وأصل هذه اللفظة، أعني النسمة، الإنسان بعينه، وإنما قيل للإنسان نسمة، والله أعلم، لأن حياة الإنسان بروحه، فإذا فارقته، عدم، أو صار كالمعدم.
والدليل على أن النسمة الإنسان، قوله – صلى الله عليه وسلم -: “من أعتق نسمة مؤمنة”، وقول علي رضي الله عنه: لا والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة.
قال الشاعر:
بأعظم منك يقي في الحساب … إذا النسمات نفضن الغبارا
يعني إذا بعث الناس من قبورهم يوم القيامة.
وقال الخليل بن أحمد: النسمة الإنسان. قال: والنسم نفس الروح، والنسيم هبوب الريح
التمهيد – ابن عبد البر (7/ 199 ت بشار)
* روى البخاري (3293) ومسلم (2691) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ؛ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ ، وَكُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ ، إِلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ ) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم(17/17) . :”وَظَاهِرُ إِطْلَاقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُحَصِّلُ هَذَا الْأَجْرَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ هَذَا التَّهْلِيلَ مِائَةَ مَرَّةٍ فِي يَوْمِهِ سَوَاءٌ قَالَهُا مُتَوَالِيَةً ، أَوْ مُتَفَرِّقَةً فِي مَجَالِسَ ، أَوْ بَعْضَهَا أَوَّلَ النَّهَارِ وَبَعْضَهَا آخِرَهُ .
لَكِنَّ الْأَفْضَلَ : أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مُتَوَالِيَةً ، فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ؛ لِيَكُونَ حِرْزًا لَهُ فِي جَمِيعِ نَهَارِهِ” انتهى
وورد:
– عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :” من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير بعدما يصلي الغداة عشر مرات كتب الله عز و جل له عشر حسنات و محى عنه عشر سيئات و رفع له عشر درجات و كن له بعدل عتق رقبتين من ولد إسماعيل ، فإن قالها حين يمسي كان له مثل ذلك و كن له حجابا من الشيطان حتى يصبح ” . الصحيحة (113) .
فضيلة عتق الرقاب:
* وردت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالترغيب في العتق والحث عليه ، ومن ذلك :
ما رواه البخاري (6715) ومسلم (1509) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْ النَّارِ ، حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ ) .
وروى أحمد (15417) عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من أعان مُكَاتَبًا فِي رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ .
* قال ابن رجب رحمه الله كما في لطائف المعارف (ص283):
” تحقيق كلمة التوحيد يوجب عتق الرقاب ، وعتق الرقاب يوجب العتق من النار ، كما ثبت في الصحيح: أن من قالها مائة مرة كان له عدل عشر رقاب .
وثبت أيضا: أن من قالها عشر مرات كان كمن اعتق أربعة من ولد إسماعيل .
وفي سنن أبي دواد وغيره عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم أني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك أعتق الله ربعه من النار ومن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار ومن قالها ثلاث مرات أعتق الله ثلاثة أرباعه ومن قالها أربع مرار أعتقه الله من النار) “.
* قال الشيخ عبدالرزاق العباد حفظه الله في فقه الأدعية والأذكار (١/١٦٧ وما بعدها):
” ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ
ﻛﺎﻥ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺣﻮﻝ ﺫﻛﺮ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮﺹ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻞ اﻟﻜﻠﻤﺎﺕ اﻷﺭﺑﻊ: ﺳﺒﺤﺎﻥ اﻟﻠﻪ، ﻭاﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ، ﻭﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ، ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻛﺒﺮ، ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﺳﻴﻜﻮﻥ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ ﺫﻛﺮ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ، اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﻓﻀﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﻜﻠﻤﺎﺕ اﻷﺭﺑﻊ، ﻭﺃﺟﻠﻬﻦ ﻭﺃﻋﻈﻤﻬﻦ؛ ﻓﻸﺟﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺧﻠﻘﺖ اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ، ﻭﺃﺭﺳﻠﺖ اﻟﺮﺳﻞ، ﻭﺃﻧﺰﻟﺖ اﻟﻜﺘﺐ، ﻭﺑﻬﺎ اﻓﺘﺮﻕ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﻛﻔﺎﺭ، ﻭﺳﻌﺪاء ﺃﻫﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻭﺃﺷﻘﻴﺎء ﺃﻫﻞ اﻟﻨﺎﺭ، ﻓﻬﻲ اﻟﻌﺮﻭﺓ اﻟﻮﺛﻘﻰ، ﻭﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭﻫﻲ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺭﻛﺎﻥ اﻟﺪﻳﻦ ﻭﺃﻫﻢ ﺷﻌﺐ اﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻫﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﻭاﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺭ، ﻭﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺸﻬﺎﺩﺓ، ﻭﻣﻔﺘﺎﺡ ﺩاﺭ اﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﻭﺃﺻﻞ اﻟﺪﻳﻦ ﻭﺃﺳﺎﺳﻪ ﻭﺭﺃﺱ ﺃﻣﺮﻩ، ﻭﻓﻀﺎﺋﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻮﻕ ﻣﺎ ﻳﺼﻔﻪ اﻟﻮاﺻﻔﻮﻥ ﻭﻳﻌﺮﻓﻪ اﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ {ﺷﻬﺪ اﻟﻠﻪ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ ﻭاﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺃﻭﻟﻮ اﻟﻌﻠﻢ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺑﺎﻟﻘﺴﻂ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﺤﻜﻴﻢ}.
ﺇﻥ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻋﻈﻴﻤﺔ، ﻭﻓﻮاﺿﻞ ﻛﺮﻳﻤﺔ، ﻭﻣﺰاﻳﺎ ﺟﻤﺔ، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﺣﺪ اﺳﺘﻘﺼﺎﺅﻫﺎ، ﻭﻣﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﻓﻀﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺃﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺯﺑﺪﺓ ﺩﻋﻮﺓ اﻟﺮﺳﻞ، ﻭﺧﻼﺻﺔ ﺭﺳﺎﻻﺗﻬﻢ، ﻗﺎﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭﻣﺎ ﺃﺭﺳﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻚ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺇﻻ ﻧﻮﺣﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﺎ ﻓﺎﻋﺒﺪﻭﻥ}، ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭﻟﻘﺪ ﺑﻌﺜﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﻣﺔ ﺭﺳﻮﻻ ﺃﻥ اﻋﺒﺪﻭا اﻟﻠﻪ ﻭاﺟﺘﻨﺒﻮا اﻟﻄﺎﻏﻮﺕ}، ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺳﻮﺭﺓ اﻟﻨﺤﻞ: {ﻳﻨﺰﻝ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﺎﻟﺮﻭﺡ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺸﺎء ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺃﻥ ﺃﻧﺬﺭﻭا ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﺎ ﻓﺎﺗﻘﻮﻥ}، ﻭﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﻫﻲ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻋﺪﺩ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺴﻮﺭﺓ، ﻓﺪﻝ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻟﺬﻟﻚ ﻫﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﻧﻌﻢ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﺃﺳﺒﻐﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: {ﻭﺃﺳﺒﻎ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻧﻌﻤﻪ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻭﺑﺎﻃﻨﺔ}. ﻗﺎﻝ ﻣﺠﺎﻫﺪ: “ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ”.
ﻭﻗﺎﻝ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻴﻴﻨﺔ: “ﻣﺎ ﺃﻧﻌﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎﺩ ﻧﻌﻤﺔ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻋﺮﻓﻬﻢ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ”.
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ: ﺃﻥ اﻟﻠﻪ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺄﻧﻬﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻄﻴﺒﺔ، ﻗﺎﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﺃﻟﻢ ﺗﺮ ﻛﻴﻒ ﺿﺮﺏ اﻟﻠﻪ ﻣﺜﻼ ﻛﻠﻤﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﻛﺸﺠﺮﺓ ﻃﻴﺒﺔ ﺃﺻﻠﻬﺎ ﺛﺎﺑﺖ ﻭﻓﺮﻋﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺗﺆﺗﻲ ﺃﻛﻠﻬﺎ ﻛﻞ ﺣﻴﻦ ﺑﺈﺫﻥ ﺭﺑﻬﺎ ﻭﻳﻀﺮﺏ اﻟﻠﻪ اﻷﻣﺜﺎﻝ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺘﺬﻛﺮﻭﻥ}.
ـ ﻭﻫﻲ اﻟﻘﻮﻝ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻳﺜﺒﺖ اﻟﻠﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎﺓ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻓﻲ اﻵﺧﺮﺓ ﻭﻳﻀﻞ اﻟﻠﻪ اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﻳﻔﻌﻞ اﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻳﺸﺎء}.
ﻭﻫﻲ اﻟﻌﻬﺪ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ اﻟﺸﻔﺎﻋﺔ ﺇﻻ ﻣﻦ اﺗﺨﺬ ﻋﻨﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﻬﺪا}، ﺭﻭﻱ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: “اﻟﻌﻬﺪ: ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ، ﻭﻳﺘﺒﺮﺃ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﻮﻝ ﻭاﻟﻘﻮﺓ، ﻭﻫﻲ ﺭﺃﺱ ﻛﻞ ﺗﻘﻮﻯ”.
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ: ﺃﻧﻬﺎ اﻟﻌﺮﻭﺓ اﻟﻮﺛﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺗﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ ﻧﺠﺎ، ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ ﻫﻠﻚ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻓﻤﻦ ﻳﻜﻔﺮ ﺑﺎﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﻭﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻌﺮﻭﺓ اﻟﻮﺛﻘﻰ}، ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭﻣﻦ ﻳﺴﻠﻢ ﻭﺟﻬﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﺤﺴﻦ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻌﺮﻭﺓ اﻟﻮﺛﻘﻰ}.
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ: ﺃﻧﻬﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺨﻠﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﻋﻘﺒﻪ ﻟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺮﺟﻌﻮﻥ، ﻗﺎﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭﺇﺫ ﻗﺎﻝ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻷﺑﻴﻪ ﻭﻗﻮﻣﻪ ﺇﻧﻨﻲ ﺑﺮﺁء ﻣﻤﺎ ﺗﻌﺒﺪﻭﻥ ﺇﻻ اﻟﺬﻱ ﻓﻄﺮﻧﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﻬﺪﻳﻦ ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﺒﻪ ﻟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺮﺟﻌﻮﻥ}.
ـ ﻭﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﻘﻮﻯ اﻟﺘﻲ ﺃﻟﺰﻣﻬﺎ اﻟﻠﻪ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻛﺎﻧﻮا ﺃﺣﻖ ﺑﻬﺎ ﻭﺃﻫﻠﻬﺎ، ﻗﺎﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﺇﺫ ﺟﻌﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮﻭا ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ اﻟﺤﻤﻴﺔ ﺣﻤﻴﺔ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻓﺄﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ ﺳﻜﻴﻨﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﻋﻠﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺃﻟﺰﻣﻬﻢ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﻛﺎﻧﻮا ﺃﺣﻖ ﺑﻬﺎ ﻭﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭﻛﺎﻥ اﻟﻠﻪ ﺑﻜﻞ ﺷﻲء ﻋﻠﻴﻤﺎ}.
ﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ اﻟﺴﺒﻴﻌﻲ، ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻣﻴﻤﻮﻥ ﻗﺎﻝ: ﻣﺎ ﺗﻜﻠﻢ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺸﻲء ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺎﺽ: “ﺃﺗﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ؟ ﻫﻲ ﻭاﻟﻠﻪ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﻘﻮﻯ ﺃﻟﺰﻣﻬﺎ اﻟﻠﻪ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻛﺎﻧﻮا ﺃﺣﻖ ﺑﻬﺎ ﻭﺃﻫﻠﻬﺎ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ”.
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺔ: ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻨﺘﻬﻰ اﻟﺼﻮاﺏ ﻭﻏﺎﻳﺘﻪ، ﻗﺎﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻳﻮﻡ ﻳﻘﻮﻡ اﻟﺮﻭﺡ ﻭاﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺻﻔﺎ ﻻ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺃﺫﻥ ﻟﻪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻮاﺑﺎ}.
ﺭﻭﻯ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻃﻠﺤﺔ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﺇﻻ ﻣﻦ ﺃﺫﻥ ﻟﻪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻮاﺑﺎ}
ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: “ﺇﻻ ﻣﻦ ﺃﺫﻥ ﻟﻪ اﻟﺮﺏ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ، ﻭﻫﻲ ﻣﻨﺘﻬﻰ اﻟﺼﻮاﺏ”.
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻜﺮﻣﺔ: “اﻟﺼﻮاﺏ: ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ”.
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ: ﺃﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﺩﻋﻮﺓ اﻟﺤﻖ اﻟﻤﺮاﺩﺓ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻟﻪ ﺩﻋﻮﺓ اﻟﺤﻖ ﻭاﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﻣﻦ ﺩﻭﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﺠﻴﺒﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﺑﺸﻲء ﺇﻻ ﻛﺒﺎﺳﻂ ﻛﻔﻴﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﻤاء ﻟﻴﺒﻠﻎ ﻓﺎﻩ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﺒﺎﻟﻐﻪ ﻭﻣﺎ ﺩﻋﺂء اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺿﻼﻝ}.
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ: ﺃﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺟﺘﻤﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻫﻞ ﺩﻳﻦ اﻹﺳﻼﻡ، ﻓﻌﻠﻴﻬﺎ ﻳﻮاﻟﻮﻥ ﻭﻳﻌﺎﺩﻭﻥ، ﻭﺑﻬﺎ ﻳﺤﺒﻮﻥ ﻭﻳﺒﻐﻀﻮﻥ، ﻭﺑﺴﺒﺒﻬﺎ ﺃﺻﺒﺢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻛﺎﻟﺠﺴﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ﻭﻛﺎﻟﺒﻨﻴﺎﻥ اﻟﻤﺮﺻﻮﺹ ﻳﺸﺪ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ.
ﻗﺎﻝ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ اﻷﻣﻴﻦ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺃﺿﻮاء اﻟﺒﻴﺎﻥ: “ﻭاﻟﺤﺎﺻﻞ ﺃﻥ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ اﻟﻤﻔﺘﺮﻕ ﻭﺗﺆﻟﻒ اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﻫﻲ ﺭاﺑﻄﺔ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ، ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﻠﻪ ﻛﺄﻧﻪ ﺟﺴﺪ ﻭاﺣﺪ، ﻭﺗﺠﻌﻠﻪ ﻛﺎﻟﺒﻨﻴﺎﻥ ﻳﺸﺪ ﺑﻌﻀﻪ ﺑﻌﻀﺎ، ﻋﻄﻔﺖ ﻗﻠﻮﺏ ﺣﻤﻠﺔ اﻟﻌﺮﺵ ﻭﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﻼﻑ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ اﻟﻌﺮﺵ ﻭﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻳﺴﺒﺤﻮﻥ ﺑﺤﻤﺪ ﺭﺑﻬﻢ ﻭﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﻪ ﻭﻳﺴﺘﻐﻔﺮﻭﻥ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا ﺭﺑﻨﺎ ﻭﺳﻌﺖ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺭﺣﻤﺔ ﻭﻋﻠﻤﺎ، ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﺗﺎﺑﻮا ﻭاﺗﺒﻌﻮا ﺳﺒﻴﻠﻚ ﻭﻗﻬﻢ ﻋﺬاﺏ اﻟﺠﺤﻴﻢ ﺭﺑﻨﺎ ﻭﺃﺩﺧﻠﻬﻢ ﺟﻨﺎﺕ ﻋﺪﻥ اﻟﺘﻲ ﻭﻋﺪﺗﻬﻢ ﻭﻣﻦ ﺻﻠﺢ ﻣﻦ ﺁﺑﺎﺋﻬﻢ ﻭﺃﺯﻭاﺟﻬﻢ ﻭﺫﺭﻳﺎﺗﻬﻢ ﺇﻧﻚ ﺃﻧﺖ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﺤﻜﻴﻢ ﻭﻗﻬﻢ اﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﻭﻣﻦ ﺗﻖ اﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻓﻘﺪ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﻭﺫﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﻔﻮﺯ اﻟﻌﻈﻴﻢ}، ﻓﻘﺪ ﺃﺷﺎﺭ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺭﺑﻄﺖ ﺑﻴﻦ ﺣﻤﻠﺔ اﻟﻌﺮﺵ ﻭﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﺣﺘﻰ ﺩﻋﻮا اﻟﻠﻪ ﻟﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﺪﻋﺎء اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ اﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ.
ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ: ﻭﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﻓﻼ ﺧﻼﻑ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻥ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﺃﻓﺮاﺩ ﺃﻫﻞ اﻷﺭﺽ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ ﻭﺗﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ ﺃﻫﻞ اﻷﺭﺽ ﻭاﻟﺴﻤﺎء ﻫﻲ ﺭاﺑﻄﺔ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻟﺒﺘﺔ اﻟﻨﺪاء ﺑﺮاﺑﻄﺔ ﻏﻴﺮﻫﺎ” اهـ
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺔ: ﺃﻧﻬﺎ ﺃﻓﻀﻞ اﻟﺤﺴﻨﺎﺕ، ﻗﺎﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻣﻦ ﺟﺎء ﺑﺎﻟﺤﺴﻨﺔ ﻓﻠﻪ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ}.
ﻭﻗﺪ ﻭﺭﺩ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻭاﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﻭﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ: ﺃﻥ اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﺎﻟﺤﺴﻨﺔ: “ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ”، ﻭﻋﻦ ﻋﻜﺮﻣﺔ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻗﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: {ﻣﻦ ﺟﺎء ﺑﺎﻟﺤﺴﻨﺔ ﻓﻠﻪ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ}
ﻗﺎﻝ: “ﻗﻮﻝ: ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ. ﻗﺎﻝ: ﻟﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﻴﺮ؛ ﻷﻧﻪ ﻻ ﺷﻲء ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ”.
ﻭﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻨﺪ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺫﺭ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻤﻨﻲ ﻋﻤﻼ ﻳﻘﺮﺑﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ ﻭﻳﺒﺎﻋﺪﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺭ. ﻓﻘﺎﻝ: “ﺇﺫا ﻋﻤﻠﺖ ﺳﻴﺌﺔ ﻓﺎﻋﻤﻞ ﺣﺴﻨﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻋﺸﺮ ﺃﻣﺜﺎﻟﻬﺎ”. ﻗﻠﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺃﻓﻤﻦ اﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ: “ﻧﻌﻢ ﻫﻲ ﺃﺣﺴﻦ اﻟﺤﺴﻨﺎﺕ”.
ﻓﻬﺬﻩ ﺑﻌﺾ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ اﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﺳﻮﻑ ﻧﺴﺘﻜﻤﻞ ﺫﻛﺮ ﺑﻌﺾ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭاﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﻴﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ.
ـ ﻓﻤﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ في السنة : ﺃﻧﻬﺎ ﺃﻓﻀﻞ اﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﺗﻀﻌﻴﻔﺎ، ﻭﺗﻌﺪﻝ ﻋﺘﻖ اﻟﺮﻗﺎﺏ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﻟﻘﺎﺋﻠﻬﺎ ﺣﺮﺯا ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ: ” ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ، ﻟﻪ اﻟﻤﻠﻚ ﻭﻟﻪ اﻟﺤﻤﺪ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗﺪﻳﺮ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻋﺪﻝ ﻋﺸﺮ ﺭﻗﺎﺏ، ﻭﻛﺘﺐ ﻟﻪ ﻣﺎﺋﺔ ﺣﺴﻨﺔ، ﻭﻣﺤﻲ ﻋﻨﻪ ﻣﺎﺋﺔ ﺳﻴﺌﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺕ ﺃﺣﺪ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣﻤﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ، ﺇﻻ ﺃﺣﺪ ﻋﻤﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ”.
ﻭﻓﻴﻬﻤﺎ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻳﻮﺏ اﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ: “ﻣﻦ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻋﺸﺮ ﻣﺮاﺕ ﻛﺎﻥ ﻛﻤﻦ ﺃﻋﺘﻖ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻧﻔﺲ ﻣﻦ ﻭﻟﺪ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ”.
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ: ﺃﻧﻬﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﻨﺒﻴﻮﻥ، ﻟﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: “ﺃﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﺃﻧﺎ ﻭاﻟﻨﺒﻴﻮﻥ ﻋﺸﻴﺔ ﻋﺮﻓﺔ: ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ، ﻟﻪ اﻟﻤﻠﻚ ﻭﻟﻪ اﻟﺤﻤﺪ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗﺪﻳﺮ”، ﻭﻓﻲ ﻟﻔﻆ: “ﺧﻴﺮ اﻟﺪﻋﺎء ﺩﻋﺎء ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ، ﻭﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﻗﻠﺘﻪ ﺃﻧﺎ ﻭاﻟﻨﺒﻴﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻲ: ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ، ﻟﻪ اﻟﻤﻠﻚ ﻭﻟﻪ اﻟﺤﻤﺪ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗﺪﻳﺮ”.
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ: ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺮﺟﺢ ﺑﺼﺤﺎﺋﻒ اﻟﺬﻧﻮﺏ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ اﻟﻌﺎﺹ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ اﻟﻤﺨﺮﺝ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻨﺪ، ﻭﺳﻨﻦ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺟﻴﺪ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: “ﻳﺼﺎﺡ ﺑﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻣﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺱ اﻟﺨﻼﺋﻖ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻓﻴﻨﺸﺮ ﻟﻪ ﺗﺴﻌﺔ ﻭﺗﺴﻌﻮﻥ ﺳﺠﻼ، ﻛﻞ ﺳﺠﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺪ اﻟﺒﺼﺮ، ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻪ: ﺃﺗﻨﻜﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا ﺷﻴﺌﺎ؟ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻻ ﻳﺎ ﺭﺏ. ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: ﺃﻟﻚ ﻋﺬﺭ ﺃﻭ ﺣﺴﻨﺔ؟ ﻓﻴﻬﺎﺏ اﻟﺮﺟﻞ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻻ ﻳﺎ ﺭﺏ. ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: ﺑﻠﻰ ﺇﻥ ﻟﻚ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺣﺴﻨﺔ، ﻭﺇﻧﻪ ﻻ ﻇﻠﻢ ﻋﻠﻴﻚ، ﻓﺘﺨﺮﺝ ﻟﻪ ﺑﻄﺎﻗﺔ ﻓﻴﻬﺎ: ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪا ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻳﺎ ﺭﺏ ﻣﺎ ﻫﺬﻩ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ اﻟﺴﺠﻼﺕ؟ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: ﺇﻧﻚ ﻻ ﺗﻈﻠﻢ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺘﻮﺿﻊ اﻟﺴﺠﻼﺕ ﻓﻲ ﻛﻔﺔ ﻭاﻟﺒﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﻛﻔﺔ، ﻓﻄﺎﺷﺖ اﻟﺴﺠﻼﺕ ﻭﺛﻘﻠﺖ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ”.
ﻭﻻ ﺭﻳﺐ ﺃﻥ ﻫﺬا ﻗﺪ ﻗﺎﻡ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﻣﻦ اﻹﻳﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺑﻄﺎﻗﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﺗﻄﻴﺶ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺴﺠﻼﺕ، ﺇﺫ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﺘﻔﺎﺿﻠﻮﻥ ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎﻝ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻘﻠﻮﺑﻬﻢ ﻣﻦ اﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺇﻻ ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﻟﻀﻌﻒ ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ، ﻓﻘﺪ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: “ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺭ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﺯﻥ ﺷﻌﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ، ﻭﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺭ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﺯﻥ ﺑﺮﺓ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ، ﻭﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺭ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﺯﻥ ﺫﺭﺓ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ”، ﻓﺪﻝ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻫﻞ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﺇﻳﻤﺎﻥ.
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺔ: ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻮ ﻭﺯﻧﺖ ﺑﺎﻟﺴﻤﻮاﺕ ﻭاﻷﺭﺽ ﺭﺟﺤﺖ ﺑﻬﻦ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻨﺪ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ” ﺃﻥ ﻧﻮﺣﺎ ﻗﺎﻝ ﻻﺑﻨﻪ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﺗﻪ: ﺁﻣﺮﻙ ﺑﻼ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ، ﻓﺈﻥ اﻟﺴﻤﻮاﺕ اﻟﺴﺒﻊ ﻭاﻷﺭﺿﻴﻦ اﻟﺴﺒﻊ ﻟﻮ ﻭﺿﻌﺖ ﻓﻲ ﻛﻔﺔ، ﻭﻭﺿﻌﺖ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﻔﺔ ﺭﺟﺤﺖ ﺑﻬﻦ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ، ﻭﻟﻮ ﺃﻥ اﻟﺴﻤﻮاﺕ اﻟﺴﺒﻊ ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﺒﻬﻤﺔ ﻟﻘﺼﻤﺘﻬﻦ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ”.
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ: ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺩﻭﻥ اﻟﻠﻪ ﺣﺠﺎﺏ، ﺑﻞ ﺗﺨﺮﻕ اﻟﺤﺠﺐ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﻓﻔﻲ اﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ” ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻣﺨﻠﺼﺎ ﺇﻻ ﻓﺘﺤﺖ ﻟﻪ ﺃﺑﻮاﺏ اﻟﺴﻤﺎء ﺣﺘﻰ ﺗﻔﻀﻲ ﺇﻟﻰ اﻟﻌﺮﺵ ﻣﺎ اﺟﺘﻨﺐ اﻟﻜﺒﺎﺋﺮ”.
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ: ﺃﻧﻬﺎ ﻧﺠﺎﺓ ﻟﻘﺎﺋﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺭ، ﻓﻔﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ: ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺳﻤﻊ ﻣﺆﺫﻧﺎ ﻳﻘﻮﻝ: ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ، ﻓﻘﺎﻝ: “ﺧﺮﺝ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺭ” ، ﻭﻓﻲ اﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺘﺒﺎﻥ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: “ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﺣﺮﻡ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﺭ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻳﺒﺘﻐﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﺟﻪ اﻟﻠﻪ” .
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺔ: ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﺷﻌﺐ اﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻓﻔﻲ اﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ: ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ: “اﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻀﻊ ﻭﺳﺒﻌﻮﻥ ﺷﻌﺒﺔ، ﺃﻋﻼﻫﺎ ﻗﻮﻝ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ، ﻭﺃﺩﻧﺎﻫﺎ ﺇﻣﺎﻃﺔ اﻷﺫﻯ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ”.
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ: ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺧﺒﺮ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﻓﻀﻞ اﻟﺬﻛﺮ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ: “ﺃﻓﻀﻞ اﻟﺬﻛﺮ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ، ﻭﺃﻓﻀﻞ اﻟﺪﻋﺎء اﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ”.
ـ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ: ﺃﻥ ﻣﻦ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺳﻌﺪ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺸﻔﺎﻋﺔ اﻟﺮﺳﻮﻝ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ﻗﻴﻞ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﻌﺪ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺸﻔﺎﻋﺘﻚ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ؟ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: “ﻟﻘﺪ ﻇﻨﻨﺖ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﺄﻟﻨﻲ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﺣﺪ ﺃﻭﻝ ﻣﻨﻚ ﻟﻤﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﻣﻦ ﺣﺮﺻﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺃﺳﻌﺪ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺸﻔﺎﻋﺘﻲ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﺃﻭ ﻧﻔﺴﻪ”.
ﻭﻓﻲ ﻗﻮﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ: ” ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ” ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﻗﻮﻟﻪ ﻟﻬﺎ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﺳﺘﻴﻔﺎء ﺷﺮﻭﻃﻬﺎ ﻭاﻹﺗﻴﺎﻥ ﺑﻘﻴﻮﺩﻫﺎ اﻟﻮاﺭﺩﺓ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭاﻟﺴﻨﺔ، ﺇﺫ ﻫﻲ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ ﺇﻻ ﺑﺬﻟﻚ.
– وثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((من قال: لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله. من قالها في مرضه، ثم مات لم تطعمه النار)) .
– وعن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء)) .
– وعن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أيضاً قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله. قال أشهد أن لا إله إلا الله. ثم قال أشهد أن محمداً رسول الله. قال أشهد أن محمداً رسول الله. ثم قال حي على الصلاة. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال حي على الفلاح. قال لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال الله أكبر الله أكبر. قال الله أكبر الله أكبر، ثم قال لا إله إلا الله. قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة)) .
– وعن عتبان بن مالك – رضي الله عنه – يرفعه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -: (( .. فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله))
– وعن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله. رضيت بالله رباً، وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً غفر له ذنبه))
– وعن عبد الله بن بريدة الأسلمي عن أبيه قال سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – رجلاً يدعو وهو يقول: ((اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد، الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد))، فقال: ((والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعيَ به أجاب، وإذا سُئل به أعطى))
– وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قولُ لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)) .
– وعن أبي ذر – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة))
– وعن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، وأن النار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)) وفي رواية: ((أدخله الله الجنة من أي أبواب الجنة الثمانية شاء))
– قتل أسامة – رضي الله عنه – رجلاً بعد أن قال لا إله إلا الله، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((يا أسامة، قتلته بعد أن قال لا إله إلا الله))؟ قال: يا رسول الله إنما قالها خوفاً من السلاح. قال: ((أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا))؟ وفي رواية: ((كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة)) قال: يا رسول الله استغفر لي، قال: ((وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة)) فجعل لا يزيده على أن يقول: ((كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة))؟ قال أسامة – رضي الله عنه -: فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ
وللتوسع في فضائل كلمة التوحيد راجع الصحيح المسند:
1280– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنب الكبائر.
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
– كيف التوفيق بين دخول الجنة بقول لا إله إلا الله من أول وهلة وأنه يحرم على النار وبين الأحاديث المتواترة أن من هذه الأمة أقوام تطهرهم النار بسبب معاصي ارتكبوها ؟
قال بعض لجان الفتوى :
فللعلماء في معنى الحديث قولان:
الأول: أن من ختم بكلمة التوحيد دخل الجنة، أي لا بد له من دخولها: إما معجلًا معافى، وإما مؤخرًا بعد عقابه.
وعلى هذا المعنى فلا يختص ذلك بمن ختم له بهذه الكلمة. ولا عبرة بمفهوم المخالفة لأنه سيعارض نصوصًا منطوقة كثيرة، والمنطوق مقدم على المفهوم.
الثاني: أن من ختم له بلا إله إلا الله، وكانت خاتمة لفظه -وإن كان قبل ذلك مخلطًا- كان ذلك سببًا لرحمة الله تعالى إياه، ونجاته رأسًا من النار، وتحريمه عليها، بخلاف من لم يكن ذلك آخر كلامه من الموحدين المخلطين، فإنه تحت مشيئة الله سبحانه، إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة بلا عذاب، وإن شاء عذبه بذنبه ثم أدخله الجنة.
والله أعلم. انتهى
وهذه الأحاديث دلّت على أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة، ولكن لابد من استكمال شروطها، وأركانها، ومقتضاها، والابتعاد عن نواقضها، فمن أتى بهذه الكلمة وقد سلم من أنواع الظلم الثلاثة: ظلم الشرك، وظلم العباد، وظلم العبد نفسه بالمعاصي فيما دون الشرك فله الأمن التام والهداية التامة، ويدخل الجنة برحمة الله وفضله بغير حساب، ومن جاء بهذه الكلمة وقد نقصها بالذنوب التي لم يتب منها؛ فإن كانت صغائر كُفِّرت باجتناب الكبائر كما في قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا} ، وإن كانت كبائر فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ثم أدخله الجنة .
وأحسن ما قيل في هذه الأحاديث ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية كما جاء في الدرر السنية:
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية، : تواترت الأحاديث، بأنه يحرم على النار من قال: لا إله إلا الله، ومن شهد: أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، لكن جاءت مقيدة بالإخلاص واليقين، والموت عليها، وكلها مقيدة بالقيود الثقال؛ وأكثر من يقولها، لا يعرف الإخلاص، ولا
اليقين؛ وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد واقتداء بأمثالهم، وهم أقرب الناس من قول الله تعالى، حاكيًا عن المشركين: ﴿إنّا وجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وإنّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [سورة الزخرف آية: ٢٣]، وحينئذ، فلا منافاة بين الأحاديث؛ فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين، ومات على ذلك، امتنع أن تكون سيئاته راجحة على حسناته، بل كانت حسناته راجحة، فيحرم على النار، لأنه إذا قالها بإخلاص ويقين تام، لم يكن في هذه الحال مصرًا على ذنب، فإن كمال الإخلاص ويقينه، موجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء سواه، وأخوف عنده من كل شيء، فلا يبقى في قلبه يومئذ إرادة لما حرم الله، ولا كراهة لما أمر الله. فهذا هو الذي يحرم على النار، وإن كان له ذنوب قبل ذلك؛ فهذا الإيمان، وهذه التوبة، وهذا الإخلاص، وهذه المحبة، وهذا اليقين والكراهة، لا يتركن له
ذنبًا إلا محي عنه، كما يمحو النهار الليل. فمن قالها على وجه الكمال، المانع من الشرك الأكبر والأصغر، فهذا غير مصر على ذنب أصلًا، فيغفر له، ويحرم على النار. وإن قالها على وجه خلص به من الشرك الأكبر دون الأصغر، ولم يأت بعدها بما يناقض ذلك، فهذه الحسنات لا يقاومها شيء من السيئات، فيرجح بها ميزان الحسنات، كما في حديث البطاقة.
جاء في فتح المجيد شرح كتاب التوحيد:
قال: “ولهما في حديث عتبان: فإنَّ الله حرَّم على النار مَن قال: “لا إله إلا الله” يبتغي بذلك وجه الله”.
قوله: “ولهما” أي: البخاري ومسلم في “صحيحيهما” بكماله، وهذا طرفٌ من حديثٍ طويلٍ أخرجه الشيخان.
و”عِتبان” بكسر المهملة، بعدها مُثناة فوقية، ثم مُوحدة، ابن مالك بن عمرو بن العجلان، الأنصاري، من بني سالم بن عوف، صحابي مشهور، مات في خلافة معاوية.
وأخرج البخاري في “صحيحه” بسنده عن قتادةَ قال: حدَّثنا أنس بن مالك: أنَّ النبي ﷺ ومعاذ رديفه على الرَّحْل قال: يا معاذ، قال: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: يا معاذ، قال: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: يا معاذ، قال: لبيك يا رسول الله وسعديك -ثلاثًا- قال: ما من أحدٍ يشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله صدقًا من قلبه إلا حرَّمه الله تعالى على النار، قال: يا رسول الله، أفلا أُخبر به الناس فيستبشروا؟ قال: إذًا يتَّكِلوا. فأخبر بها معاذٌ عند موته تأثُّـمًا.
وساق بسندٍ آخر: حدَّثنا مُعتمر قال: سمعتُ أبي قال: سمعتُ أنسًا قال: ذكر لي أنَّ النبي ﷺ قال لمعاذ بن جبل: مَن لقي الله لا يُشرك به شيئًا دخل الجنة، قال: ألا أُبشر الناس؟ قال: لا؛ إني أخاف أن يتَّكلوا.
قلتُ: فتبين بهذا السياق معنى شهادة “أن لا إله إلا الله”، وأنها تتضمن ترك الشِّرك لمن قالها بصدقٍ ويقينٍ وإخلاصٍ.
قال شيخُ الإسلام وغيره في هذا الحديث ونحوه: أنها فيمَن قالها ومات عليها، كما جاءت مُقيدةً بقوله: “خالصًا من قلبه، غير شاكٍّ فيها، بصدقٍ ويقينٍ”، فإنَّ حقيقة التوحيد: انجذاب الروح إلى الله تعالى جملةً، فمَن شهد أن لا إله إلا الله خالصًا من قلبه دخل الجنة؛ لأنَّ الإخلاص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى بأن يتوب من الذنوب توبةً نصوحًا، فإذا مات على تلك الحال نال ذلك، فإنه قد تواترت الأحاديثُ بأنه: “يخرج من النار مَن قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرةً، وما يزن خردلةً، وما يزن ذرَّةً”.
وتواترت بأنَّ كثيرًا ممن يقول: “لا إله إلا الله” يدخل النار ثم يخرج منها، وتواترت بأنَّ الله حرَّم على النار أن تأكل أثر السُّجود من ابن آدم، فهؤلاء كانوا يُصلون ويسجدون لله، وتواترت بأنه يحرم على النار مَن قال: لا إله إلا الله، ومَن شهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، لكن جاءت مُقيدةً بالقيود الثِّقال، وأكثر مَن يقولها لا يعرف الإخلاص، وأكثر مَن يقولها إنما يقولها تقليدًا أو عادةً، ولم تُخالط حلاوةُ الإيمان بشاشةَ قلبه.
وغالب مَن يُفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء، كما في الحديث: سمعتُ الناس يقولون شيئًا فقلتُه.
وغالب أعمال هؤلاء إنما هي تقليد واقتداء بأمثالهم، وهم من أقرب الناس من قوله تعالى: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف:23].
وحينئذٍ فلا مُنافاة بين الأحاديث؛ فإنه إذا قالها بإخلاصٍ ويقينٍ تامٍّ لم يكن في هذه الحال مُصرًّا على ذنبٍ أصلًا، فإنَّ كمال إخلاصه ويقينه يُوجب أن يكون الله أحبَّ إليه من كل شيءٍ، فإذا لا يبقى في قلبه إرادة لما حرَّم الله، ولا كراهة لما أمر الله. وهذا هو الذي يحرم على النار، وإن كانت له ذنوب قبل ذلك، فإنَّ هذا الإيمان وهذا الإخلاص وهذه التوبة وهذه المحبَّة وهذا اليقين لا تترك له ذنبًا إلا مُحي عنه، كما يمحو الليلُ النهارَ، فإذا قالها على وجه الكمال المانع من الشِّرك الأكبر والأصغر، فهذا غير مُصرٍّ على ذنبٍ أصلًا، فيغفر له، ويحرم على النار. وإن قالها على وجهٍ خلص به من الشِّرك الأكبر دون الأصغر، ولم يأتِ بعدها بما يُناقض ذلك، فهذه الحسنة لا يُقاومها شيء من السّيئات، فيرجح بها ميزان الحسنات كما في حديث البطاقة، فيحرم على النار، ولكن تنقص درجته في الجنة بقدر ذنوبه.
وهذا بخلاف مَن رجحت سيئاته بحسناته، ومات مُصرًّا على ذلك؛ فإنه يستوجب النار وإن قال: “لا إله إلا الله” وخلص بها من الشِّرك الأكبر، ولكنه لم يمت على ذلك، بل أتى بعدها بسيئات رجحت على حسنة توحيده، فإنه في حال قولها كان مُخلصًا، لكنه أتى بذنوبٍ أوهنت ذلك التوحيد والإخلاص فأضعفته، وقويت نارُ الذنوب حتى أحرقت ذلك، بخلاف المخلص المستيقن؛ فإنَّ حسناته لا تكون إلا راجحةً على سيئاته، ولا يكون مُصرًّا على سيئات، فإن مات على ذلك دخل الجنَّة.
وإنما يُخاف على المخلص أن يأتي بسيئةٍ راجحةٍ فيضعف إيمانه، فلا يقولها بإخلاصٍ ويقينٍ مانع من جميع السَّيئات، ويُخشى عليه من الشِّرك الأكبر والأصغر، فإن سلم من الأكبر بقي معه من الأصغر، فيُضيف إلى ذلك سيئات تنضم إلى هذا الشرك، فيرجح جانب السّيئات، فإنَّ السيئات تُضعف الإيمان واليقين، فيضعف قول “لا إله إلا الله”، فيمتنع الإخلاص بالقلب، فيصير المتكلم بها كالهاذي أو النَّائم، أو مَن يُحسن صوته بالآية من القرآن من غير ذوق طعمٍ وحلاوةٍ، فهؤلاء لم يقولوها بكمال الصِّدق واليقين، بل يأتون بعدها بسيئات تنقض ذلك، بل يقولونها من غير يقينٍ وصدقٍ، ويحيون على ذلك، ويموتون على ذلك، ولهم سيئات كثيرة تمنعهم من دخول الجنة، فإذا كثرت الذنوب ثقل على اللسان قولها، وقسا القلب عن قولها، وكره العمل الصالح، وثقل عليه سماع القرآن، واستبشر بذكر غير الله، واطمأنَّ إلى الباطل، واستحلى الرَّفث ومخالطة أهل الغفلة، وكره مُخالطة أهل الحقِّ، فمثل هذا إذا قالها قال بلسانه ما ليس في قلبه، وبفيه ما لا يصدقه عمله.
قال الحسن: “ليس الإيمانُ بالتَّحلي ولا بالتَّمني، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال، فمَن قال خيرًا وعمل خيرًا قبل منه، ومَن قال خيرًا وعمل شرًّا لم يُقبل منه”.
وقال بكر بن عبدالله المزني: “ما سبقهم أبو بكر بكثرة صيامٍ ولا صلاةٍ، ولكن بشيءٍ وقر في قلبه”.
فمَن قال: “لا إله إلا الله” ولم يقم بمُوجبها، بل اكتسب مع ذلك ذنوبًا، وكان صادقًا في قولها، مُوقِنًا بها، لكن له ذنوب أضعفت صدقه ويقينه، وانضاف إلى ذلك الشِّرك الأصغر العملي، فرجحت هذه السّيئات على هذه الحسنة، ومات مُصرًّا على الذنوب، بخلاف مَن يقولها بيقينٍ وصدقٍ، فإنه إما أن لا يكون مُصرًّا على سيئةٍ أصلًا، ويكون توحيده المتضمن لصدقه ويقينه رجح حسناته.
والذين يدخلون النار ممن يقولها: إما أنهم لم يقولوها بالصدق واليقين التام المنافيين للسّيئات أو لرجحانها، أو قالوها واكتسبوا بعد ذلك سيئات رجحت على حسناتهم، ثم ضعف لذلك صدقهم ويقينهم، ثم لم يقولوها بعد ذلك بصدقٍ ويقينٍ تام؛ لأنَّ الذنوب قد أضعفت ذلك الصدق واليقين من قلوبهم، فقولها من مثل هؤلاء لا يقوى على محو السّيئات، فترجح سيئاتهم على حسناتهم. انتهى مُلخَّصًا.
علق الشيخ ابن باز رحمه الله كما في موقعه الرسمي على ما ذكره صاحب فتح المجيد بقوله:
” وهذا الكلام يُوضح أنَّ الأحاديث المطلقة يجب أن تُفسر بالأحاديث والآيات المقيدة، وهكذا الشأن في جميع الفضائل، وأخبار الفضائل، والترغيب والترهيب، كلها تُفسر بالآيات والأحاديث المحكمة المقيدة؛ لأنه ثبت في الأحاديث الصَّحيحة وفي القرآن الكريم ما يدل على أنَّ بعض أهل التوحيد يُعذَّبون ويُصيبهم ما يُصيب الناس من العقوبات بسبب اقتراف السّيئات والإصرار عليها؛ ولهذا قال جلَّ وعلا: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، ما دون الشرك من أهل التوحيد، فإذا كان أتى بالتوحيد الخالص المتضمن التوبة من جميع السّيئات فهذا يدخل الجنةَ من أول وهلةٍ، أما إذا أتى بالتوحيد ولكن مع اقتراف السّيئات والمعاصي فهذا تحت المشيئة، ولا يكون من أهل النَّجاة مطلقًا، بل إن عفا الله عنه دخل الجنة، وإلا عُذِّب بقدر المعاصي التي مات عليها ولم يتب منها.
فالمقصود أنَّ النصوص المحكمة هي التي تُفسر هذه النصوص المطلقة في الأعمال وفي التوحيد، فمَن مات على التوحيد الخالص بصدقٍ وإخلاصٍ تضمن توبته وندمه وإقلاعه من السيئات دخل الجنةَ من أول وهلةٍ، أما إذا أتى بالتوحيد والذكر، ولكن هو مصرٌّ على السيئات والكبائر، فهذا تحت مشيئة الله، لا يدخل الجنةَ من أول وهلةٍ، بل هو على خطرٍ، فقد يدخل ويُعفا عنه، وقد يُعذَّب على قدر معاصيه، ثم بعد التَّطهير والتَّمحيص يُخرجه الله من النار.
وقال ابن باز: هذا البحث في التوحيد، أما الكافر فهذا إلى النار من أول وهلةٍ، نسأل الله العافية. انتهى كلام ابن باز
فتبين بذلك أن لا إله إلا الله لابد من استكمال جميع شروطها، وأركانها، ومقتضاها، والابتعاد عن نواقضها، ونواقصها من المعاصي؛ ولهذا قال وهب بن منبه لمن سأله: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؛ قال: بلى، ولكن ليس مفتاح إلاَّ وله أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح وإلا لم يفتح .
مسألة:
لماذا لا يحرم الإسلام الرق؟
جاء فتاوى اللجنة الدائمة:
السؤال الأول من الفتوى رقم (1977)
س1: يقولون: لماذا لا يحرم الإسلام الرقيق – تعالى الله عما يقولون؟
ج1: لله سبحانه كمال العلم والحكمة، واللطف والرحمة، فهو عليم بشئون خلقه، رحيم بعباده، حكيم في خلقه وتشريعه، فشرع للناس ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة، وما يكفل لهم السعادة الحقة والحرية والمساواة، لكن في نطاق عادل، وهدي شامل، وفي حدود لا تضيع معها حقوق الله ولا حقوق العباد، وأرسل بهذا التشريع رسله، مبشرين ومنذرين، فمن اتبع سبيله، واهتدى بهدي رسله؛ كان أهلا للكرامة، ونال الفوز والسعادة، ومن أبى أن يسلك طريق الاستقامة نزل به ما يكره من قتل أو استرقاق؛ إقامة للعدل، وتحقيقا للأمن والسلام، ومحافظة على النفوس والأعراض والأموال، من أجل ذلك شرع الجهاد؛ أخذا على يد العتاة وقضاء على عناصر الفساد، وتطهيرا للأرض من الظالمين، ومن وقع منهم أسيرا في يد المسلمين كان الإمام مخيرا فيه بين القتل إن فحش شره ولم يرج صلاحه، وبين العفو عنه أو قبول الفدية منه إن كان المعروف يملكه، ويسهل به إلى خير، وبين أن يسترقه إن رأى أن بقاءه بين أظهر المسلمين يصلح نفسه، ويقوم اعوجاجه، ويكسبه معرفة بطرق الهدي والرشاد، وإيمانا بها، واستسلاما لها؛ لما يراه من عدل المسلمين معه، وحسن عشرتهم، وجميل معاملتهم له، ولما يسمعه من نصوص التشريع في أحكام الإسلام وآدابه، فينشرح صدره للإسلام، ويحبب الله إليه الإيمان، ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، وعند ذلك يبدأ حياة جديدة مع المسلمين، يكون بها أهلا لكسب الحرية بطريق الكتابة، كما قال تعالى: {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} أو بطريق العتق في كفارة يمين أو ظهار أو نذر ونحو ذلك، أو بطريق العتق؛ ابتغاء وجه الله، ورجاء المثوبة يوم القيامة، إلى غير ذلك من أنواع التحرير. وبهذا يعلم أن أصل الاسترقاق إنما هو عن طريق الأسر أو السبي في جهاد الكافرين لإصلاح من استرقوا بعزلهم عن بيئة الشر، وعيشتهم في مجتمع إسلامي يهديهم سبيل الخير، وينقذهم من براثن الشر، ويطهرهم من أدران الكفر والضلال، ويجعلهم أهلا لحياة حرة يتمتع فيها بالأمن والسلام، فالاسترقاق في حكم الإسلام كأنه مطهرة أو سون حمام يدخله من استرقوا من باب ليغسلوا ما بهم من أوساخ، ثم يخرجوا من باب آخر في نقاء وطهارة وسلامة من الآفات. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله لي صحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى (16/ 570)