135 جامع الأجوبة الفقهية ص 173
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله. ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين أجمعين)
“”””””””””””””””””
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ. فمسح بناصيته، وعلى العمامة والخفين. أخرجه مسلم
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
مسألة: هل يشترط لبسها على طهارة
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
بعد أن ذكرنا فيما سبق خلاف العلماء في حكم المسح على العمامة، وأنهم اختلفوا على قولين، منهم من منع ومنهم من أجاز، واختلف المجيزون في مسألة اشتراط لبسها على طهارة أو عدمه على قولين أيضاً:
– الأول: أنه يشترط أن تلبس على طهارة، وهذا قول أبو ثور والمشهور من مذهب الحنابلة ورجحه ابن باز.
-الثاني: أنه لا يشترط وهو رواية عن الإمام أحمد، واختاره ابن حزم، ورجحه ابن تيمية وابن عثيمين
وانظر المغني (1/ 176) الإنصاف (1/ 172)، الفروع (1/ 166)، المحلى (1/ 309)، نيل الأوطار (1/ 209)
– الاستدلال:
– دليل أصحاب القول الأول هو اشتراط الطهارة:
– الدليل الأول:
القياس على الخف، فإذا كان يشترط للمسح على الخف الطهارة فكذلك في المسح على العمامة، بجامع أن كلاً منهما ممسوح على عضو من أعضاء الوضوء، كان الواجب مباشرة ذلك العضو لولا هذا الحائل.
-وأجيب:
بأن القياس على الخف فيه نظر؛ لأن طهارة القدم هي الغسل وطهارة الرأس هو المسح فافترقا، فطهارة الرأس أخف من طهارة الخف، ثم إن العمامة تمسح كلها، والخف يمسح ظاهره على الصحيح، وفرق آخر عندكم: هو أن ظهور شيء من القدم يبطل المسح، وظهور شيء من الرأس كالناصية، وجوانب الرأس لا يبطل المسح على العمامة، ثم إن القياس في مثل هذه الأمور من أضعف الأقيسة.
– دليل أصحاب القول الثاني وهو عدم الاشتراط:
– الدليل الأول:
عدم الدليل على الاشتراط، وهذا كاف في نفيه؛ لأن من اشترط شيئاً طلب منه الدليل، ولا دليل على الاشتراط.
– الدليل الثاني:
أن الأحاديث ليس فيها إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم – مسح على العمامة، ولم تشترط للمسح عليها لبسها على طهارة كالمسح على الخف، فنقف عند حدود النص، ولا نقيد أو نخصص إلا بدليل.
– الدليل الثالث:
العادة أن من توضأ مسح رأسه، ورفع العمامة، ثم أعادها، ولا يبقى مكشوف الرأس إلى آخر الوضوء.
-قلت سعيد الجابري:
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية فائدة في هذه المسألة وقال: ويتوجه أن يقال في العمامة: لا يشترط فيها ابتداء اللباس على طهارة بل يكفي فيها الطهارة المستدامة؛ لأن العادة الجارية أن الإنسان إذا توضأ رفع العمامة ومسح برأسه ثم أعادها، ولم تجر العادة بأن يبقى مكشوف الرأس إلى آخر الوضوء ولا أن يجعلها بعد وضوئه ثم يلبسها بخلاف الخف. أنتهى كلامه.
(شرح العمدة لابن تيمية)
– أقوال العلماء في المسألة:
– قال الشوكاني في نيل الأوطار:
واختلفوا هل يحتاج الماسح على العمامة إلى لبسها على طهارة أو لا يحتاج؟ فقال أبو ثور: لا يمسح على العمامة والخمار إلا من لبسهما على طهارة قياسا على الخفين، ولم يشترط ذلك الباقون
– قال الشيخ ابن باز رحمه الله في فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (5/ 191)
134 – حكم المسح على العمامة والربطة للنساء وشرط ذلك
س: هل تشترط الطهارة عند المسح على العمامة أو الربطة بالنسبة للمرأة؟ وكيفية المسح عليها؟، جزاكم الله خيرا
ج: العمامة كالخفين لا بد من الطهارة، فإذا لبس العمامة المحنكة على طهارة مسح عليها يوما وليلة، وهكذا المرأة إذا أرادت الخمار على رأسها وشق عليها نزعه تمسح يوما وليلة، إذا كانت لبستها على طهارة كالخفين سواء، أما إذا كان لا يشد كالعمامة العادية، أو الغترة فهذه ليس عليها مسح؛ لأن خلعها لا يكلف، كذلك الخمار العادي.
-وجاء في المحلى: (1/ 309)
في هذه المسألة: قال أبو محمد: وسواء لبس ما ذكرنا على طهارة أو غير طهارة قال أبو ثور: لا يمسح على العمامة والخمار إلا من لبسهما على طهارة، قياسا على الخفين، وقال أصحابنا كما قلنا قال علي: القياس باطل، وليس هنا علة جامعة بين حكم المسح على العمامة والخمار والمسح على الخفين، وإنما نص رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في اللباس على الطهارة، على الخفين، ولم ينص ذلك في العمامة والخمار، قال الله تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل: 44] {وما كان ربك نسيا} [مريم: 64] فلو وجب هذا في العمامة والخمار لبينه – عليه السلام كما بين ذلك في الخفين، ومدعي المساواة في ذلك بين العمامة والخمار وبين الخفين، مدع بلا دليل، ويكلف البرهان على صحة دعواه في ذلك، فيقال له من أين وجب، إذ نص – عليه السلام – في المسح على الخفين أنه لبسهما على طهارة، أن يجب هذا الحكم في العمامة والخمار ولا سبيل له إليه أصلا بأكثر من قضية من رأيه، وهذا لا معنى له قال الله تعالى: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} [البقرة: 111]. انتهى.
– ورجح الشيخ ابن عثيمين القول بعدم الاشتراط كما في شرحه لبلوغ المرام (1/ 199):
في المبحث الرابع وقال: وهل يشترط أن يلبسها على طهارة؟ في هذا قولان:
القول الأول: أنه يشترط أن يلبسها على طهارة قياسا على الخفين.
-والقول الثاني: لا يشترط؛ لأن الشرط لابد له من دليل، ولا دليل على هذا، ولا يصح أن تقاس على الرجلين ذلك؛ لأن طهارة العضو الذي عليه هذه العمامة طهارة مخففة وهي المسح، والمسح على العمامة من جنس المسح على الرأس كلاهما واحد، فالطهارة لا تشترط، أما الخف فإن العضو الذي عليه الخف طهارته الغسل فهو أشد، ثم إن مسح الخف ليس من جنس غسل الرجل، فهو طهارة من جنس آخر، وهذا القول أصح، بمعنى: أنه لا يشترط في العمامة أن يلبسها على طهارة؛ لأننا إذا تجاوزنا وقلنا بجواز القياس في العبادات فالقياس لابد من اتفاق الأصل والفرع فيه، وهنا لم يتفق الأصل والفرع.
وقال في موضع أخر في نفس الكتاب:
ذكر الفقهاء – رحمهم الله- أنه يشترط أن يلبسها على طهارة قياسا على الخف، فإن الخف لابد أن يلبسه على طهارة، قالوا: فكذلك العمامة، ولكن هذا قياس غير صحيح لأمرين:
الأمر الأول: أنه لم يذكر عن الرسول – عليه الصلاة والسلام- أنه أمر الإنسان أن يلبس العمامة على طهارة مع أنه لو كان شرطا لكان مما تتوفر الدواعي على نقله، فلما لم يرد قلنا: الأصل عدم الاشتراط.
الأمر الثاني: أن القياس لابد فيه من مساواة الفرع للأصل، وهنا لا توجد مساواة، وذلك بأن الرجل مغسولة والرأس ممسوح، فتطهير الرأس قد سهل فيه من أصله حيث إنه مسح، فإذا كان سهل فيه من أصله، فلا يمكن أن يقاس الأسهل على ما هو أصعب منه، فيقال: كما سهل في أصله – أصل تطهير الرأس- كذلك يسهل في الفرع وهي العمامة التي تلبس عليه. انتهى
-ورجح هذا القول صاحب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (2/ 599):
قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله أبو محمَّد ابن حزم رحمه الله حسن جدًا
وحاصله أن المسح على العمامة ونحوها جائز سواء لبسها على طهارة أم لا، وسواء مسح بعض رأسه بماء أم لا، وذلك بلا توقيت، وهذا هو المذهب الراجح، لوضوح الأدلة فيه. انتهى
والله أعلم ….