1342 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وسيف بن غدير وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا).
———”’——–”——–”
——–‘——‘——–
قال البخاري رحمه الله تعالى:
باب من يدخل قبر المرأة
1342 – حدثنا محمد بن سنان حدثنا فليح بن سليمان حدثنا هلال بن علي عن أنس رضي الله عنه قال شهدنا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر فرأيت عينيه تدمعان فقال هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة فقال أبو طلحة أنا قال فانزل في قبرها فنزل في قبرها فقبرها قال ابن مبارك قال فليح أراه يعني الذنب * قال أبو عبد الله {ليقترفوا} أي ليكتسبوا
———–‘———‘
فوائد الباب:
1 – قوله (باب من يدخل قبر المرأة) من الرجال وما ضابطه؟
2 – قال الشافعي: ولا يدخل الميت قبره إلا الرجال ما كانوا موجودين، ويدخله فيه أفقههم، وأقربهم رحما …. نقله البغوي في شرح السنة.
3 – حديث أنس أخرجه البخاري من أصحاب الكتب الستة، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده والترمذي في الشمائل المحمدية والطحاوي في شرح مشكل الآثار، وأخرجه الحاكم في المستدرك فوهم كما ترى.
4 – سبق الحديث في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته. وذكرنا بعض فوائده هناك.
5 – قوله (شهدنا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم) هي أم كلثوم رضي الله عنها زوجة عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد رقية التي توفيت يوم بدر ورسول الله صلى الله عليه وسلم خارج المدينة. وقال الطبري توفيت أم كلثوم سنة تسع من الهجرة
6 – عن أنس، أن رقية لما ماتت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لا يدخل القبر رجل قارف أهله “. فلم يدخل عثمان بن عفان القبر أخرجه الإمام أحمد في مسنده 13398 و 13853 والبخاري في التاريخ الأوسط 52 والطحاوي في شرح مشكل الآثار 2512 والحاكم في المستدرك 6852 والبيهقي في السنن الكبرى 6852 من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم
7 – قال البخاري:” لا أدرى ما هذا والنبى (صلى الله عليه وسلم) لم يشهد رقية” نقله ابن بطال في شرحه، وقال الحافظ في الفتح فإن رقية ماتت والنبي صلى الله عليه و سلم ببدر لم يشهدها” ثم قال قلت وهم حماد في تسميتها فقط. وقال ابن عبد البر” وَهَذَا الْحَدِيثُ خَطَأٌ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَشْهَدْ دَفْنَ رُقَيَّةَ ابْنَتَهُ، وَلا كَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنْهُ فِي رُقَيَّةَ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنْهُ فِي أُمِّ كُلْثُومٍ”قاله في الاستيعاب.
8 – وقال الطحاوي في شرح مشكل الآثار: فابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه هي أم كلثوم، توفيت وكانت وفاتها رضي الله عنها في سنة تسع من الهجرة.
9 – قوله (ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر) الفارغ، “أي: على جانب القبر وهو الظاهر” قاله العيني في عمدة القارئ.
10 – قوله (فرأيت عينيه تدمعان) فيه ما يرخص من البكاء في غير نوح، قاله البخاري في صحيحه.
11 – فيه بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله الترمذي في الشمائل المحمدية.
12 – قوله (هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة؟) وزاد الطحاوي في شرح مشكل الآثار 2514 من طريق أبي مالك العقدي وموسى بن داود كلاهما عن فليح به بلفظ (هل منكم أحد لم يقارف أهله الليلة؟) وكذا الحاكم في المستدرك 6853 من طريق يونس بن محمد عن فليح به بلفظ (هل منكم رجل لم يقارف الليلة أهله؟) وعند الطحاوي أيضا في شرح مشكل الآثار 2512 والبيهقي في السنن الكبرى 6852 من طريق حماد عن ثابت عن أنس (لا يدخل القبر أحد قارف أهله الليلة) قال الألباني كما في مختصر صحيح البخاري له:” أي لم يجامع، وهو الصواب بدليل زيادة أحمد وغيره وهي: “الليلة أهله”، فإنها لا تقبل التأويل الذي ذهب إليه راوي الحديث فليح.”
13 – قوله (يقارف الليلة) قال القاسم بن سلام كما في غريب الحديث له: “قرف” في حديث عائشة كان النبي يُصبح جُنبا في شهر رمضان من قِراف من غير احتلام ثم يصوم. القِرافُ ههنا الجماع وكل شيء خالطته وواقعته فقد قارفته.
14 – قوله (صلى الله عليه وسلم): (يقارف الليلة) “أراد الجماع، وليس كما قال فليح أنه الذنب، لأن المقارفة أيضا عند العرب: المجامعة. قاله ابن بطال قي شرح صحيح البخاري.
15 – قوله (وقال ابن المبارك عن فليح) هكذا علقه البخاري وقد وصله يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ عن عبد الله بن عثمان والبيهقي في السنن الكبرى من طريق عبدان كلاهما عن عبد الله أنبأنا فليح بن سليمان به فذكر الحديث وفيه قال فليح: فظننت أنه يعني الذنب.
16 – قول البغوي كما في شرح السنة: ” قال رحمه الله: أوّل فليح قوله: «لم يقارف» أي: لم يذنب، وقيل: أي لم يقرب أهله، بدليل أنه ذكر الليل، والغالب من ذلك الفعل وقوعه بالليل”
17 – فيه الحث على عدم نزول من جامع أهله قبر المرأة، “وعلل ذلك بعضهم بأنه حينئذ يأمن من أن يذكره الشيطان بما كان منه تلك الليلة” قاله الحافظ ابن حجر في الفتح. وقال الشيخ ملا على القاري” لَعَلَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَكُونَ النَّازِلُ فِيهِ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِمُخَالَطَةِ النِّسَاءِ لِتَكُونَ نَفْسُهُ مُطَمْئِنَةً سَاكِنَةً كَالنَّاسِيَةِ لِلشَّهْوَة” كما في جمع الوسائل في شرح الشمائل.
18 – قال الخطابي: وفيه أن للرجل أن يتولى دخول قبر الطفلة، ويصلح من شأن دفنها ويشبه أن يكون الميت بنتا لبعض بناته عليه السلام، فنسبت إليه. قلت وفيه بعد.
19 – قوله (قال أبو عبد الله {ليقترفوا} أي ليكتسبوا) أبو عبد الله هو الإمام البخاري وقد وصله الطبري في تفسيره عن ابن عباس: (وليقترفوا ما هم مقترفون)، وليكتسبوا ما هم مكتسبون. وفيه علي بن أبي طلحة ولم يسمع من ابن عباس رضي الله عنهما.
20 – حكي عن العرب سماعًا منها:”خرج يقترف لأهله”، بمعنى يكسب لهم. ومنه قيل:”قارف فلان هذا الأمر”، إذا واقعه وعمله. قاله الإمام الطبري في تفسيره
21 – قلت وقال تعالى: (ومن يقترف حسنة) (الشورى، 23) أي يكتسب.
22 – وفيه: إيثار البعيد العهد عن الملاذ في مواراة الميت، ولو كان امرأة على الأب والزوج. قاله العيني في عمدة القارئ.
ولعل الفائدة لابن حجر ونقلها العيني.
23 – فيه أَنه لَو أَرَادَ الذَّنب كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكبار الْمُهَاجِرين أَحَق بذلك قاله ابن الجوزي في كشف مشكل الصحيحين.
24 – فيه منقبة لعثمان رضي الله عنه فلم يجد غضاضة في أن لا ينزل لأن متابعة أحكام الشرع أحب إليه من الحرج الذي قد يقع فيه وهو الحيي رضي الله عنه، ومن أراد أن ينتقص من عثمان نقول له إن سوء ظنك سيضعك في موضع المسيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينزل في قبر ابنته وهو معذور في ذلك.
25 – ودل سكوت عثمان وتركه المشاحة فى إلحاد أهله أنه قد كان قارف تلك الليلة بعض خدمه، لأنه لو لم يقارف لقال: أنا لم أقارف فأتولى إلحاد أهلى، بل كان يحتسب خدمته فى ذلك من أزكى أعماله عند الله، وكان أولى من أبى طلحة لو ساواه فى ترك المقارفة. قاله ابن بطال في شرحه على البخاري.
26 – يجوز للزوج أن يتولى دفن زوجته بنفسه … ولا يشترط لمن تولى الدفن أن يكون من المحارم.
27 – قوله (حدثنا محمد بن سنان) تابعه أبو عامر العقدي أخرجه البخاري 1285 والإمام أحمد في مسنده 12275 والترمذي في الشمائل المحمدية 310 والبزار في مسنده 6225 والطحاوي في شرح مشكل الآثار 2514، تابعه يونس بن محمد أخرجه الإمام أحمد في مسنده 13383 والحاكم في المستدرك 6853 والبيهقي في السنن الكبرى 7046 والبغوي في شرح السنة 1513 وتابعه سريج أخرجه الإمام أحمد في مسنده 13383 تابعه موسى بن داود أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار 2514 تابعه عبد الله بن المبارك أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7047 وعلقه البخاري في صحيحه 1342
—–
رياح المسك
باب من يدخل قبر المرأة
علق العثيمين على قول البخاري: “ليقترفوا: أي: يكتسبوا قائلا:
كأن البخاري يرجح لم يقارف: أي الذنب، لكنه بعيد من حيث المعنى أن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: لم يذنب البارحة! ثم يتقدم رجل فيقول أنا! هذا بعيد، وإذا كان لنفي الذني فأقرب الناس نفيا لذنبه تلك الليلة هو الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن المقصود لم يجامع. اهـ
قلت (أحمد): قد ورد صريحا صحيحا أن المراد الجماع فقد أورد الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس رضي الله عنه قال لما ماتت رقية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لا يدخل القبر رجل قارف أهله “. فلم يدخل عثمان بن عفان القبر.
قال محققو المسند: على شرط مسلم.
ثم قال محققو المسند: … وقيل: معناه لم يجامع تلك الليلة، وبه جزم ابن حزم، وقال: معاذ الله أن يتبجح أبو طلحة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأنه لم يذنب تلك الليلة انتهى. ويقويه أن في رواية ثابت المذكورة بلفظ: لا يدخل القبر أحد قارف أهله البارحة، فتنحى عثمان. اهـ
– قال ابن بطال أيضا:
وذهب العلماء إلى أن زوج المرأة أولى بإلحادها من الأب والولد، ولا خلاف بينهم أنه يجوز للفاضل غير الولى أن يلحد المرأة إذا عدم الولى.
– ودل سكوت عثمان وتركه المشاحة فى إلحاد أهله أنه قد كان قارف تلك الليلة بعض خدمه.
——–‘——‘——
تبويبات الأئمة لحديث الباب:
-باب الميت يدخله قبره الرجال ومن يكون منهم أفقه وأقرب بالميت رحما
قاله أبو بكر البيهقي في السنن الكبرى.
-باب نزول الرجل قبر المرأة قاله البغوي في شرح السنة.
– أنكر البخاري أن البنت هي رقية.
وذكر الطبري أنها أم كلثوم فحصل في حديث الطبري التبيين. ومن قال: كانت رقية فقد وهم.
وراجع المواهب اللدنية بالمنح
المحمديةللقسطلاني. … وشرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية.
و الغوامض الأسماء المبهمة الواقعة في متون الأحاديث المسندة. لابن بشكوال.
وقال ابن حجر:
بنت رسول صلى الله عليه وسلم أي: أم كلثوم
– وماتت أم كلثوم سنة تسع من الهجرة، وصلى عليها- صلى الله عليه وسلم- ونزل فى حفرتها على والفضل وأسامة بن زيد. وفى البخارى (جلس- صلى الله عليه وسلم- على القبر وعيناه تذرفان وقال: «هل فيكم أحد لم يقارف الليلة» فقال أبو طلحة:
أنا، فقال: «انزل قبرها» فنزل)
4 – المسألةالرابعة: من أحق الناس بالنزول إلى قبر المرأة؟
وجاء في “المحلّى” (5/ 214 – تحت المسألة: 585):
“وأحقُّ الناس بإِنزال المرأة في قبرها: من لم يطأ تلك الليلة، وإِن كان أجنبيّاً؛ حضر زوجها أو أولياؤها أو لم يحضروا، وأحقهم بإِنزال الرجل أولياؤه.
مسألة:
لا خلاف بين أهل العلم في أن أولى الناس بإدخال المرأة قبرها محرمها، وهو من كان يحل له النظر إليها في حياتها، ولها السفر معه.
قاله ابن قدامة في المغني.
مسألة:
يستحب أن يسجى القبر بثوب عند الدفن سواء كان الميت رجلا أو امرأة هذا هو المشهور الذي قطع به الأصحاب قالوا والمرأة آكد وحكى الرافعي وجها أن الاستحباب مختص بالمرأة واختاره أبو الفضل بن عبدان من أصحابنا وهو مذهب أبي حنيفة واحتجوا للمذهب بالحديث لكنه ضعيف ولأنه أستر فربما ظهر ما يستحب اخفاوه والله أعلم.
قاله النووي في المجموع شرح المهذب ((مع تكملة السبكي والمطيعي))
فائدة: بعض الباحثين جمع المواقف التي بكى فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم رتبها على فصول:
الاول: بكاء النبي صلى الله عليه و سلم في الصلاة و قيام الليل
الثاني: بكاء النبي صلى الله عليه و سلم عند سماع القرآن وعند تلاوته
الثالث: بكاء النبي صلى الله عليه و سلم عند فقد الاحبة
الرابع: بكاء النبي صلى الله عليه و سلم عند تذكر الاحبة
الخامس: بكاء النبي صلى الله عليه و سلم عند المريض
السادس: بكاء النبي صلى الله عليه و سلم عند القبر
السابع: بكاء النبي صلى الله عليه و سلم يوم بدر و بعده
الثامن: بكاء النبي صلى الله عليه و سلم شفقة على امته
التاسع: بكاء النبي صلى الله عليه و سلم عند حدوث الآيات الكونية
ثم افرد المؤلف قسم في نهاية الكتاب جمع فيه ما لا يصح من هذه المواقف.
المسألة الخامسة: فوائد الحديث:
-وفيه دلالة على الوقوف على شفير القبر عند الدفن.
قاله الحسين بن محمد بن سعيد اللاعيّ، المعروف بالمَغرِبي في البدرُ التمام شرح بلوغ المرام.
المسألة السادسة: فتاوى متفرقة للعلماء.
سئلت اللجنة الدائمة: هل يشترط في إنزال المرأة في القبر أن يكون الداخل في القبر والمنزل لها فيه من المحارم؟
ج 2: لا يشترط فيمن ينزل المرأة في قبرها أن يكون محرما لها، فعن أنس رضي الله عنه قال: «شهدنا بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – جالس على القبر، فرأيت عينيه تدمعان، فقال: هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة: أنا، قال: فانزل في قبرها فنزل في قبرها فقبرها» رواه البخاري.
-سئل الشيخ عبدالمحسن العباد عن: قول النبي صلى الله عليه وسلم عند دفن إحدى بناته: (أيكم لم يقارف الليلة؟) هل يؤخذ منه حكم خاص؟
الجواب
نعم، فإنه يدل على أن الذي حصل منه مجامعة فإنه لا ينزل في القبر.
شرح سنن أبي داود (مفرغ)
وقول البخاري: (قال ابن المبارك قال فليح: أراه يعني: الذنب).
قال أبو علي الجياني كذا في النسخ: (قال ابن المبارك). وفي أصل أبي الحسن القابسي: قال أبو المبارك.
قال أبو الحسن: هو أبو المبارك محمد بن سنان. يعني: شيخ البخاري في هذا الحديث هنا.
قال الجياني: وهذا وهم، محمد بن سنان لا أعلم بينهم خلافا أنه يكنى أبا بكر، وكان في نسخة عن أبي زيد كما عند سائر الرواة على الصواب.
قاله ابن الملقن في التوضيح.
المسألة السابعة: مسائل متفرقة:
101 – ويجوز للزوج أن أن يتولى بنفسه دفن زوجته، لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ” دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه، فقلت، وارسأه، فقال: وددت أن ذلك كان وأنا حي، فهيأتك ودفنتك، قالت: فقلت غيري: كأني بك في ذلك اليوم عروسا ببعض نسائك قال: وأنا وارأساه ادعي لي أباك وأخاك حتي أكتب لأبي بكر كتابا فإني أخاف أن يقول قائل ويتمنى متمن: أنا أولى ويأبى الله عز وجل والمؤمنون إلا أبا بكر “.
أخرجه أحمد (6/ 144) بإسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو في “صحيح البخاري” بنحوه (10/ 101 /، 102)، ومسلم (7/ 110) مختصرا، وله طريق أخرى عن عائشة تقدم (ص 50) (2)
قاله الألباني في أحكام الجنائز.
قال النووي في ” المجموع ” (5/ 289):
” هذا الحديث من الاحاديث التي يحتج بها في كون الرجال هم الذين يتولن الدفن وإن كان الميت امرأة، قال: ومعلوم أن أبا طلحة رضي الله عنه أجنبي عن بنات النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان من صالحي الحاضرين، ولم يكن هناك رجل محرم إلا النبي صلى الله عليه وسلم، فلعله كان له عذر في نزول قبرها، وكذا زوجها، ومعلوم أنها أختها فاطمة وغيرها من محارمها وغيرهن هناك، فدل على أنه لا مدخل للنساء في إدخال القبر والدفن “.
قلت: والحديث ظاهر الدلالة على ما ترجمنا له، وبه قال ابن حزم رحمه الله (5/ 144 – 145)، ومن الغرائب أن عامة كتب الفقه التي كنت وقفت عليها، أو راجعتها بهذه المناسبة لم تتعرض لهذه المسألة، لا نفيا ولا إثباتا، وهذا دليل من أدلة كثيرة على أنه لا غنى للفقيه عن كتب السنة خلافا لما يظنه المتعصبة للمذاهب أن كتب الفقه تغني عن كتب الحديث بل وعن كتاب الله تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
أنظر ” سلسلة الاحاديث الصحيحة ” (ج 1 ص 128 – 129 طبع المكتب الاسلامي).
وجدنا في الفروع لابن مفلح رحمه الله:
“ويقدم من الرجال خصي ثم شيخ، ثم الأفضل دينًا ومعرفةً. ومن بعد عهده بجماع أولى ممن قرب.”
مسألة:
هل يشرع ستر المرأة عند إدخالها القبر.
نعم، مستحب، ولا أدري هو من فعل الصحابة أم بأمره – صلى الله عليه وسلم -. فقلت: له: في المعنى عن الصحابة فقال: يحتاج إلى تأمل.
قلت في هذا بحث في مشروعية ستر قبر المرأة عند الدفن: روى عبد الرازق في مصنفه (3/ 498) عن معمر عن أبي إسحاق قال: حضرت جنازة الحارث الأعور الحوتي وكان من أصحاب علي وابن مسعود – رضي الله عنهما – فرأيت عبد الله بن يزيد الأنصاري كشف ثوب النعش عنه حين أدخل القبر وقال: إنما هو رجل، وقال: رأيت الذريرة على كفنه، واستله من نحو رجل القبر، ثم قال: هكذا (السنة) ورواه من طريق الثوري عن أبي إسحاق نحوه (3/ 500).
ورواه البيهقي من طريق زهير عن أبي إسحاق أنه حضر جنازة الحارث الأعور فأبي عبد الله بن يزيد أن يبسطوا عليه ثوبًا، وقال إنه رجل قال أبو إسحاق وكان عبد الله بن يزيد قد رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – وهذا إسناد صحيح وإن كان موقوفًا رواه جماعة عن أبي إسحاق. اه-كلام البيهقي (4/ 54).
قال الحافظ في التلخيص: (إسناده صحيح) (2/ 129).
ورواه مختصرًا ابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 16).
قلت: وعبد الله بن يزيد روى عنه أبو إسحاق كما في التهذيب وفي التقريب صحابي صغير ولي الكوفة لابن الزبير.
وروى البيهقي في سنته (1/ 54) عن علي بن الحكم عن رجل من أهل الكوفة عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أنه أتاهم قال: ونحن ندفن ميتًا وقد بسط الثوب على قبره فجذب الثوب من القبر وقال: إنما يصنع هذا بالنساء، ثم أسنده البيهقي وقال: هو في معنى المنقطع لجهالة الرجل من أهل الكوفة.
قال الحافظ في التلخيص (2/ 129): «وروى أبو يوسف القاضي بإسناده له عن رجل عن علي … » مثله.
وروى البيهقي في سننه (4/ 54) من طريق يحيى بن عقبة عن علي بن بذيمة الجزري عن مقسم عن ابن عباس – رضي الله عنه – قال: «جلل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قبر سعد بثوبه». وقال عقبة: «لا أحفظه إلا من حديث يحيى بن عقبة بن أبي العيزار وهو ضعيف» اه-وضعفه البغوي في شرح السنة (5/ 399).
ورواه من وجه آخر مرسل ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 16).
قلت: «يحيى بن عقبة: قال ابن معين فيه ليس بشيء، وقال أبو حاتم: متروك الحديث، وضعفه أبو زرعة».
ورواه عبد الرازق في مصنفه (3/ 500) عن ابن جريج عن رجل عن الشعبي أن زيد بن مالك قال: «أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بثوب فستر على القبر حين دلى سعد بن معاذ فيه …. » الحديث، وقد ضعفه النووي في المجموع (5/ 255).
وذكر ابن أبي شيبة آثارًا عن شريح والحسن في المنع من ستر قبر الرجل بثوب.
قال في المغني .. مسألة قال (والمرأة يخمر قبرها بثوب).
قال: لا نعلم في استحباب هذا بين أهل العلم خلافًا وقد روى ابن سيرين أن عمر كان يغطي قبر المرأة .. ثم ذكر أثر على المتقدم وذكر مثله عن أنس – رضي الله عنه – قال: ولأن المرأة لا يؤمن أن يبدو منها شيء فيراه الحاضرون فإن كان الميت رجلًا كره ستر قبره لما ذكرنا … ثم قال: ولأن كشفه أمكن وأبعد من التشبه بالنساء مع ما فيه من إتباع أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – اه- (3/ 429).
وفي المجموع (5/ 255) قال: «ويستحب أن يسجى القبر بثوب عند الدفن سواء كان رجلًا أو امرأة، هذا هو المشهور الذي قطع به الأصحاب قالوا: والمرأة آكد، وحكي الرافعي وجهًا أن الاستحباب مختص بالمرأة، واختاره ابن عبدان أبو الفضل من أصحابنا، وهو مذهب أبي حنيفة» اهـ.
قلت: فأصبح ستر قبر المرأة هو قول الجمهور، وفيه أثر عبد الله بن يزيد وهو جيد، وأثر عمر وعلي وأنس، وأثر على ضعيف، وأثر عمر وأنس لم أرهما، وفيه آثار لبعض التابعين، والله أعلم.
* قرئ على شيخنا فقال لي: هذا بحث جيد وحديث عبد الله بن يزيد لا بأس به. فجزاك الله خيرًا. اه-بحروفه.
* وهذه القصة لم تتكرر إلا واحدة؛ (وكأنه يهون من العمل بحكمها [نزول المقارف القبر].
قاله ابن باز في الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري.
——-
سبق في أن شرح حديث رقم 1285 من صحيح البخاري وهو حديث نزول أبي طلحة لقبر ابنة النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الذي في هذا الباب:
فوائد حديث (1285):
فيه أنه يجوز للأجانب إنزال الميت في القبر عند الحاجة، وإن كان الأولى هو الزوج والأقارب.
قلت سيف بن دورة:
في هذا الحديث وجه تقديم أبي طلحة – وهو أجنبي عن المتوفاة – على عثمان زوج أم كلثوم رضي الله عنها، فقالوا في الإجابة عن هذا الإشكال:
أولاً: يقول ابن حجر رحمه الله: “يحتمل أن عثمان لفرط الحزن والأسف لم يثق من نفسه بإحكام الدفن فأذن، أو أنه صلى الله عليه وسلم رأى عليه آثار العجز عن ذلك، فقدم أبا طلحة من غير إذنه، وخصه لكونه لم يقارف تلك الليلة” تحفة المحتاج (3/ 169).
ثانياً: قد يكون لم يحضر من محارمها أحد، ولا حتى زوجها عثمان رضي الله عنه؛ لانشغالهم بأمور أعظم، ذكره الطحاوي في “بيان مشكل الآثار”. انتهى نقلا من دار الإفتاء بالأردن.
فيه دلالة على أنه ليس بذي محرم منها، وإن لم يكن ذو محرم فيختار منهم من يدليها، قاله ابن التين، قال: وقد يحتمل أن يكون – صلى الله عليه وسلم – نزل في قبرها واستعان بمن دلاها معه.