1341 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وسيف بن غدير
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا).
———”’——–”——–”
———‘———‘———-
باب بناء المسجد على القبر
1341 – حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت لما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت بعض نسائه كنيسة رأينها بأرض الحبشة يقال لها مارية وكانت أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أتتا أرض الحبشة فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها فرفع رأسه فقال أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تلك الصورة أولئك شرار الخلق عند الله
———-‘——–‘———-
فوائد الباب:
1 – حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
2 – تقدم بعض فوائد الباب في باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور.
3 – قولها (لما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم) الظاهر أنه في مرضه الذي مات فيه كما في حديث عائشة من طريق هلال الوزان عن عروة عنها عند البخاري 1330.
4 – كانوا قديما إذا مات فيهم نبى أو رجل صالح صوروا صورته وبنوا عليه مسجدا ليأنسوا برؤية صورته، ويتعظوا لمصيره ويعبدوا الله عنده، فمضت على ذلك أزمان، وجاء بعدهم خلف رأوا أفعالهم وعباداتهم عند تلك الصور ولم يفهموا أغراضهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم، وألقى إليهم أنهم كانوا يعبدونها فعبدوها. قاله القاضي عياض كما في إكمال المعلم بفوائد مسلم.
5 – “إنما ذمهم – صلى الله عليه وسلم – وجعلهم شرار الخلق؛ لأنهم كانوا يعبدون تلك القبور، وقد سلف أنه خشي أن يتخذ قبره مسجدًا؛ ولهذا لم يبرز، سدًّا للذريعة في ذلك؛ لئلا يعبد قبره” قاله ابن الملقن في التوضيح.
6 – قوله (أولئك هم شرار الخلق). لأنهم كانوا يعبدون تلك القبور، ولذلك نهى (صلى الله عليه وسلم) أن يتخذوا قبره مسجدا، قطعا للذريعة فى ذلك لئلا يعبد الجاهل قبره. قاله ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري.
7 – هذا الحَدِيْث: يدل على تحريم التصوير في المساجد المبنيه على القبور، والصور التي في البيع والكنائس في معناها؛ لأنها صور مصورة على صور أنبيائهم وصالحيهم للتبرك بها – في زعمهم – قاله ابن رجب في فتح الباري له.
8 – فيه كمال نصح النبي صلى الله عليه وسلم إذ لم يصرفه عن الموعظة ما يقاسيه من الألم.
9 – فيه هجرة الحبشة.
10 – فيه الحذر من الغلو والابتداع في الدين.
11 – قوله (حدثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس.
12 – قوله (حدثني مالك) أي ابن أنس إمام دار الهجرة وقد ورد هذا الحديث في بعض نسخ الموطأ، تابعه يحيى بن سعيد القطان كما عند البخاري 427و 3873 ومسلم 528و النسائي في الصغرى 704، وتابعه عبدة كما عند البخاري 434، تابعه وكيع كما عند مسلم 528، وتابعه أبو معاوية كما عند مسلم 528، تابعه أنس بن عياض كما عند البيهقي في السنن الكبرى 7220، تابعه عبد الله بن نمير كما عند ابن سعد في الطبقات الكبرى.
13 – قوله (عن هشام) وعند مسلم في رواية (حدثنا هشام بن عروة).
14 – قوله (عن أبيه) وعند البخاري في رواية (أخبرني أبي).
—–‘—-
باب بناء المسجد على القبر
قال الألباني في تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد:
– فقد أشار بذلك إلى أن النهي عن اتخاذ القبور مسجدا يلزم منه النهي عن بناء المساجد عليه وهذا أمر واضح وقد صرح به المناوي آنفا.
– وهذا المعنى هو الذي أشارت إليه السيدة عائشة رضي الله عنها بقولها في آخر الحديث الأول:
– فلولا ذاك أبرز قبره غير انه خشي أن يتخذ مسجدا
– إذ المعنى فلولا ذاك اللعن الذي استحقه اليهود والنصارى بسبب اتتخاذهم القبور مساجد المستلزم البناء عليها لجعل قبره صلى الله عليه وسلم في أرض بارزة مكشوفة ولكن الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك خشية أن بينى عليه مسجد من بعض من يأتي بعدهم فتشملهم اللعنة.
– ويؤيد هذا ماروى ابن سعد (2/ 241) بسند صحيح عن الحسن وهو (البصري) قال: ائتمنروا (37) أن يدفنوه صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان واضعا رأسه في حجري إذ قال: قاتل الله أقواما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد واجتمع رأيهم أن يدفنوه حيث قبض في بيت عائشة
– قلت: هذه الرواية على إرسالها تدل على أمرين اثنين:
– أحدهما: أن السيدة عائشة فهمت من الاتخاذ المذكور في الحديث انه يشمل المسجد الذي قد يدخل فيه القبر فبالأحرى أن يشمل المسجد الذي بني على القبر.
– الثاني: أن الصحابة أقروها على هذا الفهم ولذلك رجعوا إلى رأيها فدفنوه صلى الله عليه وسلم في بيتها
– فهذا يدل على أنه لا فرق بين بناء المسجد على القبر أو إدخال القبر في المسجد فالكل حرام لأن المحذور واحد ولذلك قال الحافظ العراقي: فلو بنى مسجدا يقصد أن يدفن في بعضه دخل في اللعنة بل يحرم الدفن في المسجد وإن شرط ان يدفن فيه لم يصح الشرط لمخالفة وقفه مسجدا.
– قلت: وفي هذا إشارة إلى أن المسجد والقبر لا يجتمعان في دين الإسلام كما تقدم ويأتي
– ويشهد لهذا المعنى الحديث الخامس المتقدم بلفظ: أولئك قوم إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا. . . أولئك شرار الخلق. . .) فهو نص صريح في تحريم بناء المسجد على قبور الأنبياء والصالحين لأنه صرح أنه من أسباب كونهم من شرار الخق عند الله تعالى
– ويؤيده حديث جابر رضي الله عنهـ قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه انتهى كلام الألباني
——-
سبق الكلام على منع اتخاذ القبور مساجد في:
باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور
و ذكر ابن حجر نقلا عن ابن المنير: أنه في باب يكره من اتخاذ المساجد على القبور قصد البخاري بالترجمة اتخاذ المساجد في المقبرة لأجل القبور بحيث لولا تجدد القبر ما اتخذ المسجد. ويؤيد بناء المسجد في المقبرة على حدته لئلا يحتاج إلى الصلاة فيوجد مكان يصلى فيه سوى المقبرة. فلذلك نحا به منحى الجواز. انتهى. وقد تقدم أن المنع إنما هو حال خشية أن يصنع بالقبر كما صنع أولئك الذين لعنوا. وأما إذا أمن ذلك فلا امتناع وقد يقول بالمنع مطلقا من يرى سد الذريعة وهو هنا متجه قوي.
قال ابن باز في حاشيته على الفتح: هذا هو الحق لعموم الأحاديث الواردة بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد، ولعن من فعل ذلك ولأن بناء المساجد على القبور من أعظم وسائل الشرك بالمقبورين فيها. والله أعلم.