1341 – تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف ومراجعة سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف عبد الله المشجري)
_._._. _._._. _._._. _._._. _.
1341 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا صفوان بن عيسى أخبرنا محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صُقِل قلبه، وإن زاد زادت حتى يعلوَ قلبه ذاك الرين الذي ذكر الله عز و جل في القرآن {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}.
قال الشيخ مقبل الوادعي – رحمه الله – هذا حديث حسن.
——————
أولاً: ما يتعلق بسند الحديث:
* قال محققو المسند (13/ 334): إسناده قوي بسبب محمد بن عجلان فهو صدوق قوي الحديث وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح.
* وأخرجه الترمذي برقم 2654 وابن ماجه 4234 بنحوه من حديث أبي هريرة أيضا وحسنه الألباني والوادعي في الصحيح المسند برقم 1430.
ثانياً: ما يتعلق بمتن الحديث:
* قوله: (إذا أذنب): وفي رواية: (إن العبد إذا أخطأ خطيئة).
* قوله: (كانت نكتة سوداء في قلبه): قال المباركفوري في تحفة الأحوذي (النكت هو في الأصل أن تضرب في الأرض بقضيب فيؤثر فيها نكتة سوداء أي جعلت في قلبه نكتة سوداء أي: أثر قليل كالنقطة شبه الوسخ في المرآة والسيف ونحوهما.
وقال القاريء: أي كقطرة مداد تقطر في القرطاس، ويختلف على حسب المعصية وقدرها والحمل على الحقيقة أولى من جعله من باب التمثيل والتشبيه حيث قيل: شُبه القلب بثوب في غاية النقاء والبياض.
والمعصية بشيء في غاية السواد أصاب ذلك الأبيض فبالضرورة أنه يذهب ذلك الجمال منه وكذلك الانسان إذا أصاب المعصية صار كأنه حصل ذلك السواد في ذلك البياض).
* قوله: (فإن تاب ونزع واستغفر صُقِل قلبه): قال في القاموس: السقل الصقل وقال فيه صقله جلاه انتهى. والمعنى نظف وصفى مرآة قلبه لأن التوبة بمنزلة المصقلة تمحو وسخ القلب وسواده حقيقيا أو تمثيليا (تحفة الأحوذي).
* قوله: (وإن زاد زادت حتى يعلوَ قلبه ذاك الرين .. ) قال ابن كثير: والرَّيْن يعتري قلوبَ الكافرين، والغَيْم للأبرار، والغَيْن للمقربين. ا. ه
وقال أبو إسحاق: والغين مثل الرَّين، ولكن خطَّأه ابن القيم فقال: (قلت: أخطأ أبو إسحاق فالغين ألطف شيء وأرقه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((وإنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة)) وأما الرين والران فهو من أغلظ الحجب على القلب وأكثفها) (التفسير القيم لابن القيم (1/ 161).
أما أقوال العلماء في معنى (الران أو الرَّين) فهي كالتالي:
# عن حذيفة قال: القلب بمنزلة الكف فإذا أذنب ينقبض ثم يذنب فينقبض حتى يجتمع؛ فإذا اجتمع طبع عليه فإذا سمع خيرا دخل في أذنيه حتى يأتي قلبه فلا يجد منه مدخلا فذلك قوله عز وجل: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} (شعب الإيمان (4|441).
# عن إبراهيم بن أدهم قال: قلب المؤمن أبيض نقي مجلي مثل المرآة فلا يأتيه الشيطان من ناحية من النواحي بشيء من المعاصي إلا نظر إليه كما ينظر إلى وجهه في المرآة وإذا أذنب ذنبا نكت في قلبه نكته سوداء فإن تاب من ذنبه محيت النكتة من قلبه وانجلى وإن لم يتب وعاود أيضا وتتابعت الذنوب ذنب بعد ذنب نكت في قلبه نكتة نكتة حتى يسود القلب وهو قول الله عز وجل ” كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ” قال: الذنب بعد الذنب حتى يسود القلب فما أبطأ ما تنجع في القلب المواعظ فإن تاب إلى الله وانجلى عن قلبه الله وانجلى عن قلبه كجلاء المرآة (تاريخ دمشق 6/ 297).
# نقل الشوكاني في (فتح القدير (7/ 442) كلام جمع من أهل العلم في معنى الرين ومن تلك الأقوال:
# قال أبو عبيدة: ران على قلوبهم: غلب عليها ريناً، وريوناً، وكل ما غلبك، وعلاك فقد ران بك، وران عليك.
# قال الفرّاء: هو أنها كثرت منهم المعاصي والذنوب، فأحاطت بقلوبهم، فذلك الرين عليها.
# قال الحسن: هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب.
# قال مجاهد: القلب مثل الكف، ورفع كفه فإذا أذنب انقبض، وضم إصبعه، فإذا أذنب ذنباً آخر انقبض، وضم أخرى حتى ضم أصابعه كلها حتى يطبع على قلبه. قال: وكانوا يرون أن ذلك هو الرين. ثم قرأ هذه الآية.
# قال أبو زيد: يقال قد رين بالرجل ريناً: إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه، ولا قبل له به.
# وقال أبو معاذ النحوي: الرين أن يسودّ القلب من الذنوب، والطبع أن يطبع على القلب، وهو أشدّ من الرين، والإقفال أشدّ من الطبع.
# قال الزجاج: الرين هو كالصدأ يغشى القلب كالغيم الرقيق، ومثله الغين.
# وقال بكر بن عبدالله: إن العبد إذا أذنب صار في قلبه كوخزة الإبرة، ثم صار إذا أذنب ثانيا صار كذلك، ثم إذا كثرت الذنوب صار القلب كالمنخل، أو كالغربال، حتى لا يعي خيرا، ولا يثبت فيه صلاح. (تفسير القرطبي (19/ 260)).
* أخرج مسلم في (صحيحه) 144 من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه.”
قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث:
• وقوله ((كالحصير)) أي: كما ينسج الحصير عودا عودا وشظية بعد أخرى … وذلك أن ناسج الحصير عند العرب كلما صنع عودا أخذ آخر ونسجه فشبه عرض الفتن على القلوب واحدة بعد أخرى بعرض قضبان الحصير على صانعها واحدا بعد واحد قال القاضي وهذا معنى الحديث عندي وهو الذي يدل عليه سياق لفظه وصحة تشبيهه والله أعلم.
• قوله صلى الله عليه و سلم (فأي قلب أشربها) معنى أشربها: دخلت فيه دخولا تاما وألزمها وحلت منه محل الشراب؛ ومنه قوله تعالى {وأشربوا في قلوبهم العجل} أي: حب العجل، ومنه قولهم ثوب مشرب بحمرة أي خالطته الحمرة مخالطة لا انفكاك لها
• قوله ((نكت نكتة)) نقط نقطة وهى بالتاء المثناة في آخره، قال بن دريد وغيره كل نقطة في شيء بخلاف لونه فهو نكت ومعنى أنكرها ردها والله اعلم.
• وقوله صلى الله عليه و سلم (حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض) قال القاضي عياض رحمه الله: ليس تشبيهه بالصفا بياناً لبياضه لكن صفة أخرى لشدته على عقد الإيمان وسلامته من الخلل وأن الفتن لم تلصق به ولم تؤثر فيه كالصفا وهو الحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء.
• وقوله: (مرباداً): أي: شبه البياض في سواد.
- وقوله: (مجخيا) فهو بميم مضمومة ثم جيم مفتوحة ثم خاء معجمة مكسورة معناه: مائلا كذا قاله الهروي وغيره وفسره الراوي في الكتاب بقوله: منكوساً وهو قريب من معنى المائل قال القاضي عياض: قال لي بن سراج: ليس قوله ((كالكوز مجخيا)) تشبيها لما تقدم من سواده بل هو وصف آخر من أوصافه؛ بأنه قلب ونكس حتى لا يعلق به خير ولا حكمة ومثله بالكوز المجخى، وبيّنه بقوله ((لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا)) قال القاضي رحمه الله: شبه القلب الذي لا يعي خيرا بالكوز المنحرف الذي لا يثبت الماء فيه، وقال صاحب التحرير: معنى الحديث أنَّ الرجل إذا تبع هواه وارتكب المعاصي دخل قلبه بكل معصية يتعاطاها ظلمة وإذا صار كذلك افتتن وزال عنه نور الإسلام والقلب مثل الكوز فإذا انكب انصب ما فيه ولم يدخله شيء بعد ذلك).
(2015) / (10) / (12)، (8): (43) ص – سيف الكعبي: ———–
ثالثاً: ما يتعلق بفقه الحديث:
فسيكون الكلام في فقه هذا الحديث من خلال عدة مسائل كالتالي:
@ المسألة الأولى: تعريف المعاصي أو العصيان:
لغة: اسم من عصى يعصي عصيا وعصيانا ومعصية، وتدلّ مادّته على أصلين متباينين، يدلّ أحدهما على التّجمّع، ويدلّ الآخر على الفرقة.
فمن الأوّل: العصا، وسمّيت بذلك لاشتمال يد ممسكها عليها.
والأصل الآخر: العصيان والمعصية، يقال عصا، وهو عاص.
اصطلاحاً: قال الجرجانيّ: العصيان هو ترك الانقياد [التعريفات ص 195] (لما أمر اللّه به أو نهى عنه).
وقال المناويّ: هو الامتناع عن الانقياد (لما أمر اللّه به) أو نهى عنه.
قال الكفوي في كتاب [الكليات] ص 41 والعصيان: بحسب اللغة هو المخالفة لمطلق الأمر لا المخالفة للأمر التكليفي خاصة.
@ المسألة الثانية: أنواع المعاصي:
1 – الذنوب المُلكيّة: أن يتعاطى العبد ما لا يصلح له من صفات الرّبوبيّة، كالعظمة، والكبرياء، والجبروت، والقهر، والعلوّ، واستعباد الخلق، ونحو ذلك.
ويدخل فيه الشرك بأنواعه والقول على الله بلا علم، وهذا القسم أعظم الأقسام وأخطرها.
2 – الذنوب الشيطانية: هو التّشبّه بالشّيطان في الحسد، والبغي، والغشّ، والغلّ، والخداع، والمكر، والأمر بمعاصي اللّه، وتحسينها، والنّهي عن طاعته، وتهجينها، والابتداع في دينه، والدّعوة إلى البدع والضّلال، وهذا القسم يلي القسم السابق في الخطورة.
3 – الذنوب السَّبعية: هو العدوان، والغضب، وسفك الدماء، والتوثّب على الضعفاء والعاجزين، ويتولّد منها أنواع أذى النّوع الإنسانيّ، والجرأة على الظلم والعدوان.
4 – الذنوب البهيمية: فمثل الشّره، والحرص على قضاء شهوة البطن والفرج، ومنها يتولّد الزّنى، والسّرقة، وأكل أموال اليتامى، والبخل، والشّحّ، والجبن، والهلع، والجزع، وغير ذلك، وهذا القسم أكثر ذنوب الخلق لعجزهم عن الذّنوب السّبعيّة والملكيّة، ومنه يدخلون إلى سائر الأقسام.
@ الأدلة الواردة في ذم الذنوب والمعاصي:
أولاً: الآيات الواردة في المعاصي قسّمها أصحاب نضرة النعيم إلى خمسة أقسام:
• آيات العصيان فيها سبب عقوبة: ذكروا فيها عشر آيات منها قوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ}.
• آيات العصيان فيها في سياق الإعراض والنجوى: ذكروا فيه سبع آيات منها قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}.
- آيات العصيان فيها في سياق الخوف من عذاب اللّه: ذكروا فيه ست آيات منها قوله تعالى {وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14) قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)}.
• آيات العصيان فيها في سياق التهديد أو التوبيخ: ذكروا فيه أربع آيات منها قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ}.
• آيات العصيان فيها في سياق التنزه عنه: ذكروا فيه خمس آيات منها قوله تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}.
ثانياً: الأحاديث الواردة في التحذير من الذنوب والمعاصي:
ذكر أصحاب نضرة النعيم 65 حديثاً في التحذير من المعاصي؛ 25 منها فيها التحذير من المعاصي نصاً، والباقي في ذم المعاصي بالمعنى سأكتفي بذكر الشاهد من الأحاديث التي نصت على التحذير من المعاصي، وهي كالتالي:
1 – حديث محاجة موسى وآدم عليهما السلام وفيه ((قال آدم: فهل وجدت فيها: {وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى} (طه/ 121). قال: نعم. قال: أفتلومني على أن عملت عملا كتبه اللّه عليّ أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ .. )).
2 – حديث الشفاعة الطويل وفيه قول آدم ((وإنّه نهاني عن الشّجرة فعصيته)).
3 – حديث الذي قتل تسعة وتسعين نفساً.
4 – وحديث الخطيب الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم ((بئس الخطيب أنت)) وفيه ((قل: ومن يعص اللّه ورسوله)).
5 – قول النبي صلى الله عليه وسلم ((من أمركم منهم بمعصية اللّه فلا تطيعوه)).
6 – قول النبي صلى الله عليه وسلم ((وأهل النّار خمسة: الضّعيف الّذي لا زبر له، الّذين هم فيكم تبعا لا يتبعون أهلا ولا مالا. والخائن الّذي لا يخفى له طمع وإن دقّ إلّا خانه. ورجل لا يصبح ولا يمسي إلّا وهو يخادعك عن أهلك ومالك». وذكر البخل أو الكذب، «والشّنظير الفحّاش»)
7 – حديث ((بايعوني على أن لا تشركوا باللّه شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف)).
8 – حديث ((فمن عصى نبيّه كان من الضالّين، ومن أطاع نبيّه كان من المهتدين)).
9 – حديث النذير العريان وفيه ((وكذّبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني فاتّبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذّب بما جئت به من الحقّ)).
10 – حديث (( … فالدّار الجنّة، والداعي محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم، فمن أطاع محمّدا صلّى اللّه عليه وسلّم فقد أطاع اللّه ومن عصى محمّدا صلّى اللّه عليه وسلّم فقد عصى اللّه، ومحمّد فرّق بين النّاس)).
11 – حديث ((دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على الّذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحا يدعو على رعل وذكوان ولحيان وعصيّة عصت اللّه ورسوله)).
12 – حديث ((ومن لم يجب الدّعوة فقد عصى اللّه ورسوله)).
13 – حديث ((وأمّا من غزا رياء وسمعة، وعصى الإمام، وأفسد في الأرض فإنّه لا يرجع بالكفاف)).
14 – حديث ((السّمع والطّاعة على المرء المسلم فيما أحبّ وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)).
15 – كان المطيع بن الأسود اسمه العاصي فسمّاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مطيعا.
16 – قالوا: يا رسول اللّه إنّ دوسا عصت وأبت فادع اللّه عليها- فقيل: هلكت دوس- قال: «اللّهمّ اهد دوسا وأت بهم».
17 – حديث ((من أطاعني دخل الجنّة، ومن عصاني فقد أبى)).
18 – كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ((اللّهمّ اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك)).
19 – حديث ((أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)).
20 – حديث ((من أطاعني فقد أطاع اللّه، ومن عصاني فقد عصى اللّه ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني)).
21 – حديث ((من علم الرّمي ثمّ تركه فليس منّا، أو قد عصى)).
22 – حديث ((من نذر أن يطيع اللّه فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه)).
23 – حديث ((يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة- فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك)).
@ المسألة الرابعة: من مضار العصيان:
(1) حرمان العلم، فإنّ العلم نور يقذفه اللّه في القلب، والمعصية تطفأ ذلك النّور.
(2) حرمان الرّزق، فكما أنّ التّقوى مجلبة للرّزق، فترك التّقوى مجلبة للفقر.
(3) حرمان الطّاعة، فلو لم يكن للذّنب عقوبة إلّا أن يصدّ عن الطّاعة لكان في ذلك كفاية من الحرمان.
(4) أنّ المعاصي توهن القلب والبدن.
(5) أنّ المعاصي تقصّر العمر، وتمحق البركة.
(6) أنّ المعاصي تزرع أمثالها، ويولّد بعضها بعضا.
(7) أنّ الذّنوب تضعف القلب عن إرادته، فتقوى إرادة المعصية وتضعف إرادة التّوبة شيئا فشيئا إلى أن تنسلخ من القلب إرادة التّوبة بالكلّيّة.
(8) أنّ كلّ معصية من المعاصي فهي ميراث عن أمّة من الأمم الّتي أهلكها اللّه- عزّ وجلّ.
(9) أنّ المعصية سبب لهوان العبد على ربّه.
(10) أنّ غير المذنب من النّاس والدوابّ يعود عليه شؤم ذنبه فيحترق هو وغيره بشؤم الذّنوب والظّلم.
(11) أنّ العبد لا يزال يرتكب الذّنب حتّى يهون عليه ويصغر في قلبه وذلك علامة الهلاك، فإنّ الذّنب كلّما صغر في عين العبد عظم عند اللّه.
(12) أنّ المعصية تورث الذّلّ، والعزّ كلّ العزّ في طاعة اللّه.
(13) أنّ المعاصي تفسد العقل، فإنّ للعقل نورا، والمعصية تطفأ نور العقل، وإذا طفاء نوره ضعف ونقص.
(14) أنّ الذّنوب إذا تكاثرت طبع على قلب صاحبها فكان من الغافلين، قال اللّه تعالى: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ.
(15) أنّ الذنوب تحدث في الأرض أنواعا من الفساد في المياه والهواء والزّروع والثمار والمساكن، قال تعالى: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الروم/ 41).
(16) ذهاب الحياء الّذي هو مادّة حياة القلب، وهو أصل كلّ خير وذهابه ذهاب الخير أجمعه، وقد صحّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «الحياء خير كلّه» رواه البخاريّ ومسلم.
(17) أنّ الذنوب دليل ضعف إيمان العبد، وجرأته على ارتكاب المعاصي دليل على ظلمة قلبه، وانعدام بصيرته، وحرمانه من توقير ربّه سبحانه وتعالى واستشعار عظمته.
(18) أنّها تستدعي نسيان اللّه لعبده وتركه وتخليته بينه وبين نفسه وشيطانه. وهناك الهلاك الّذي لا يرجى معه نجاة.
(19) أنّ الذّنوب تخرج العبد من دائرة الإحسان وتمنعه ثواب المحسنين، فإنّ الإحسان إذا باشر القلب منعه من المعاصي.
(20) أنّها تزيل النّعم وتحلّ النّقم، فما زالت عن العبد نعمة إلّا بذنب ولا حلّت به نقمة إلّا بذنب، قال عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه: «ما نزل بلاء إلّا بذنب وما رفع إلّا بتوبة».
قال تعالى: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (الشورى/ 30).
وقوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ (الأنفال/ 53). (ويراجع في هذا كتاب ” الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ” لابن القيم).
* وقد قال ابن القيم رحمه الله: ممّا ينبغي أن يعلم أنّ الذّنوب والمعاصي تضرّ، ولا بدّ أنّ ضررها في القلب كضرر السّموم في الأبدان، على اختلاف درجاتها في الضّرر.
وهل في الدّنيا والآخرة شرّ وداء إلّا بسبب الذّنوب والمعاصي؟
• فما الّذي أخرج الأبوين من الجنّة، دار اللّذّة والنّعمة والبهجة والسّرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب؟
• وما الّذي أخرج إبليس من ملكوت السّماء وطرده ولعنه ومسخ ظاهره وباطنه فجعل صورته أقبح صورة وأشنعها، وباطنه أقبح من صورته وأشنع، وبدّل بالقرب بعدا، وبالرّحمة لعنة، وبالجمال قبحا، وبالجنّة نارا تلظّى، وبالإيمان كفرا؟
• وما الّذي أغرق أهل الأرض كلّهم حتّى علا الماء فوق رؤوس الجبال؟.
• وما الّذي سلّط الرّيح على قوم عاد حتّى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنّهم أعجاز نخل خاوية، ودمّرت ما مرّت عليه من ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابّهم حتّى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة؟
• وما الّذي أرسل على قوم ثمود الصّيحة حتّى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم؟
• وما الّذي رفع اللّوطيّة حتّى سمعت الملائكة نبيح كلابهم، ثمّ قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها، فأهلكهم جميعا؟
• وما الّذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظّلل، فلمّا صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم نارا تلظّى؟
• وما الّذي أغرق فرعون وقومه في البحر ثمّ نقلت أرواحهم إلى جهنّم، والأجساد للغرق، والأرواح للحرق؟.
• وما الّذي خسف بقارون وداره وماله وأهله؟
- وما الّذي أهلك القرون من بعد نوح بأنواع العقوبات ودمّرها تدميرا؟
• وما الّذي أهلك قوم صاحب يس بالصّيحة حتّى خمدوا عن آخرهم؟
• وما الّذي بعث على بني إسرائيل قوما أولي بأس شديد، فجاسوا خلال الدّيار وقتلوا الرّجال، وسبوا الذرّيّة والنّساء، وأحرقوا الدّيار، ونهبوا الأموال، ثمّ بعثهم عليهم مرّة ثانية فأهلكوا ما قدروا عليه وتبّروا ما علوا تتبيرا؟.