1329 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة، والسلف الصالح، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف سيف بن دورة الكعبي)
راجعه سيف بن غدير النعيمي
_._._. _._._. _._._. _._._. _.
1329 – قال الإمام أبو عبدالله بن ماجه رحمه الله: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا معتمر عن أبيه عن بركة عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة
أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى حتى رأيت أو رئي بياض إبطيه.
قال معتمر أراه في الاستسقاء.
هذا حديث صحيح.
—————-
تخريج ألفاظ أحاديث الباب:
هذا الحديث أخرج (البخاري ومسلم) بمعناه: فبوب النووي في شرحه لمسلم:
باب رفع اليدين بالدعاء في الاستسقاء
وأورد مسلم عدة أحاديث
منها 895 عن أنس قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدعاء حتى يرى بياض إبطيه) أخرجه البخاري 6341
وفي رواية (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه غير أن عبد الأعلى قال يرى بياض إبطه أو بياض إبطيه) وأخرجه البخاري 1031
وفي لفظ آخر عن أنس بن مالك (أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء)
أما البخاري فبوب باب في “صحيحه -فتح الباري” 11/ 141 في الدعوات: رفع الأيدي في الدعاء، وأورد فيه عن أبي موسى الأشعري وابن عمر وأنس تعليقاً، وصلها في أماكن أخرى من “صحيحه”، وكذلك بوَّب مثل هذا الباب في “الأدب المفرد” برقم (276)، وروى بضعة أحاديث في “رفع اليدين” ص175 وما بعدها.
وفي مسند أحمد 19/ 76 سُئِلَ أَنَسٌ: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ؟ فَقَالَ: قِيلَ لَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَحَطَ الْمَطَرُ، وَأَجْدَبَتِ الْأَرْضُ، وَهَلَكَ الْمَالُ. قَالَ: فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، فَاسْتَسْقَى، وَلَقَدْ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَمَا يُرَى فِي السَّمَاءِ سَحَابَةً، فَمَا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ حَتَّى إِنَّ قَرِيبَ الدَّارِ الشَّابَّ لَيُهِمُّهُ الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الَّتِي تَلِيهَا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، وَاحْتُبِسَ الرُّكْبَانُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سُرْعَةِ مَلَالَةِ ابْنِ آدَمَ. وَقَالَ: ” اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا ” فَتَكَشَّطَتْ عَنِ الْمَدِينَة
وأخرجه بنحوه مالك في “الموطأ” 1/ 191، والبخاري في “صحيحه” (1013) و (1014) و (1016) و (1017) و (1019)، ومسلم (897) (8)، وأبو داود (1175)، والنسائي 3/ 154 – 155 و159 – 160 و161 – 163،
ونسوق ألفاظ البخاري، ففي بعض ألفاظ البخاري 932، 3582 (فمد يديه ودعا) وفي 1029 ( … فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ورفع الناس أيديهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون … ) وفي رواية معلقة عند البخاري.
1030وقال الأويسي حدثني جعفر عن يحيى بن سعيد وشريك سمعا (أنسا عن النبي صلى الله عليه وسلم: رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه)
وورد في سنن أبي داود 1168 عن عمير مولى آبي اللحم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء قائما يدعو يستسقي رافعا يديه قبل وجهه لا يجاوز بهما رأسه) وهو في الصحيح المسند، وفي رواية لأبي داود 1172 (باسطا كفيه) وصححها الألباني، وفي رواية لأحمد (مقبل بباطن كفيه إلى وجهه)
وورد عند أبي داود عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستسقي هكذا – يعني ومد يديه وجعل بطونهما مما يلي الأرض حتى رأيت بياض إبطيه) أخرجه مسلم مختصرا، وسبق في أول التخريج.
و أخرج البزار (3148 – كشف الأستار) من طريق الأعمش، عن أنس قال: رفع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يديه بعرفة يدعو، فقال أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هذا الابتهال. ثم حاصت به الناقة، ففتح إحدى يديه فأخذها، وهو رافع الأخرى.
وقال محققو المسند: إسناده منقطع.
قلت في تحقيقنا لكشف الأستار 3148:حسن لغيره، والإنقطاع أن الأعمش لم يسمع من أنس، لكن ابن كثير في البداية والنهاية عزاه لأحمد 5/ 209 ثنا هشيم انبأنا عبدالملك حدثنا عطاء قال: قال أسامة بن زيد نحوه، وهكذا رواه النسائي عن يعقوب بن إبراهيم عن هشيم قال الشيخ الألباني: صحيح الإسناد.
قلت: لكن عطاء لم يسمع من اسامه بن زيد قاله أبوزرعة كما في تحفة التحصيل، وأبو حاتم كما في تهذيب التهذيب.
والحديث يتقوى بمجموع الطريقين.
قلت: وأما من غير حديث أنس فقد روي نفي رفع اليدين عن سهل بن سعد، وحديثه في المسند 5/ 337، ولفظه: ما رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاهراً يديه قط يدعو على منبر ولا غيره، ما كان يدعو إلا يضع يديه حذْو منكبيه، ويشير بأصبعه إشارة. وإسناده ضعيف.
وأما رفع اليدين في الدعاء فقد رويت فيه أحاديث كثيرة صحيحة، وقد سرد النووي بعض هذه الأحاديث في “الأذكار”، وفي “المجموع” 3/ 507 – 511، وأفردها كلٌّ من المنذري والسيوطي في جزء.
-قال أحد المشايخ:
الأصل هو رفعَ اليدين حالَ الدُّعاء مطلقاً؛ وذلك إظهارا ًللذُّلِّ والانكسار، والفقر إلى الله – سبحانه – وتَضَرُّعاً واستجداءً لنَوَالِهِ، وهو من آداب الدعاء المتفق عليها، وأسباب إجابته؛ لما فيه من إظهار صدق اللجوء إلى الله عز وجل والافتقار إليه؛ كما يُشِير إليه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((إنَّ الله طَيِّبٌ لا يَقبل إلا طَيِّباً))، وفيه: ((ثم ذَكَرَ الرَّجُلَ يطيل السَّفَر، أشعثَ أغْبَرَ، يمدُّ يديْهِ إلى السماء: يا رب، يا رب))؛ رواه مسلم.- قال العلامةُ ابنُ رجبٍ الحنبلي: هذا الكلام أشار فيه – صلى الله عليه وسلم – إلى آداب الدعاء، وإلى الأسباب التي تقتضي إجابَته، وإلى ما يمنع من إجابته، فذكر من الأسباب التي تقتضي إجابَةَ الدُّعاءِ أربعة … قال: الثالث: مدُّ يديه إلى السَّماء، وهو من آداب الدُّعاء التي يُرجى بسببها إجابتُه، وفي حديث سلمانَ عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله حَيِيٌّ كريم يستحْيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يرُدَّهُما صفراً خائبتين))؛ خرَّجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه. ورُوِيَ نحوه من حديث أنسٍ وجابرٍ وغيرِهِما.
وكان النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – يرفع يديه في الاستسقاء حتى يُرى بياضُ إبطيه، ورَفَعَ يديه يومَ بدرٍ يستنصرُ على المشركين حتى سقط رداؤه عن مَنْكِبيه، وقد رُوِي عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – في صفة رفع يديه في الدُّعاء أنواعٌ متعددة … ومنها: رفع يديه، جعل كفَّيه إلى السَّماء وظهورهما إلى الأرض. وقد ورد الأمرُ بذلك في سُؤال الله – عز وجل – في غير حديث، وعن ابن عمر، وأبي هريرة، وابن سيرين: “أنَّ هذا هو الدُّعاء والسُّؤال لله – عز وجل”.
– وقال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في “الفتاوى الكبرى”: “ويُسَنُّ للداعي رفع يديه والابتداء بالحمد لله والثناء عليه، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأن يختِمَهُ بذلك كله بالتأمين”. وقال: “وأما رفع النبي – صلى الله عليه وسلم – يديه في الدعاء: فقد جاء فيه أحاديث كثيرة صحيحة”.- وصحَّ عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يرفع يديه كُلَّمَا دَعَا؛ ففي “الصحيحين” وغيرهما عن أبي موسى الأشعري قال: ((فدعا النبي – صلى الله عليه وسلم – بماء فتوضأ ثم رفع يديه ثم قال: اللهم اغفر لعبيد أبي عامر، حتى رأيت بياض إبطيه)) الحديث.
– وفي صحيح البخاري عن ابن عمر – رضي الله عنهما – في قصة خالد لما أمر أصحابه بقتل ما بأيديهم من أسرى – وفيه: فلَمَّا أُخبر النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – بذلك رفع يديه فقال: ((اللهُمَّ إني أبرأ إليك مما صنع خالد “مرتين”)).
– وقد بَوَّبَ البُخَارِي في “صحيحه” أيضاً لهذه المسألة فقال: “باب رفع الأيدي في الدعاء”، وأشار ضمن هذه الترجمة لهذين الحديثين وغيرهما.
– وقال الإمام النَّوَوِي في “شرح مسلم”: “قد ثبت رفع يديه في الدعاء في مواطن، وهي أكثر من أن تُحْصَى. قال: وقد جَمَعْتُ منها نحواً من ثلاثين حديثاً من “الصحيحين”.
ومن المعلوم أن رَفْعَ اليدين في الدعاء ثابت بأحاديث بلغت مبلغ التَّواتُر المعنوي.
وهذا الذي قلناه إنما هو بالنسبة للدعاء مطلقًا، غير المقيد بعبادة من العبادات التي نقلت صفتها، ولم يذكر فيها رفع اليدين؛ كخطبة الجمعة؛ لأنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم، ولا عن صحابته رضي الله عنهم، مع كثرة الجُمَع التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته.
وأخرج مسلم من حديث عمارة بن رُوَيبة: “أنه رأى بشر بن مروان يرفع يديه, فأنكر ذلك وقال: قَبَّحَ اللهُ هاتين اليدين؛ لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يَزِيدُ على أن يقول بيده هكذا. وأشار بإصبعه المُسَبِّحَة).
وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه: ((لم يكن النبي – صلى الله عليه وسلم – يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء)).
ويشبه أن يريد أنس رفع الأيدي لصلاة أو كما قال الحافظ ابن حجر: “إن المنفي صفة خاصة لا أصل الرفع … وحاصله: أن الرفع في الاستسقاء يُخَالِفُ غيره، إما بالمبالغة إلى أن تصير اليدان في حذو الوجه – مثلاً – وفي الدعاء إلى حذو المنكبين, ولا يُعَكِّر على ذلك أنه ثبت في كل منهما: ((حتى يُرَى بياض إبطيه))، بل يجمع بأن تكون رؤية البياض في الاستسقاء أبلغ منها في غيره, وإما أن الكفين في الاستسقاء يليان الأرض وفي الدعاء يليان السماء”.
وقال شيخ الإسلام في “الفتاوى”: “ويُكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة وهو أَصَحُّ الوجهين لأصحابنا؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – إنما كان يشير بأصبعه إذا دعا، وأما في الاستسقاء فرفع يديه لما استسقى على المنبر”،، والله أعلم.
مختلف الحديث:
ورد في مسلم والبخاري (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه غير أن عبد الأعلى قال يرى بياض إبطه أو بياض إبطيه) وهذا النفي يعارض انه ثبت رفع اليدين في الدعاء في أحاديث كثيرة؟
فالجواب:
سبق توجيه ابن حجر للحديثين، وقال النووي في “شرح مسلم” 6/ 190: ويُتأوَّل حديث أنس على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث يُرى بياضُ إبطيه إلا في الاستسقاء، أو أن المراد: لم أره رفع، وقد رآه غيره رفع، فيقدَّم المثبتون في مواضع كثيرة، وهم جماعات، على واحد لم يحضر ذلك، ولا بد من تأويله لما ذكرناه، والله أعلم. وانظر “فتح الباري” 11/ 142 – 143.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في (الشرح الممتع) المراد: أنه حال الخطبة لا يرفع يديه إلا إذا دعا للإستسقاء، وكذلك المستمعون يرفعون أيديهم؛ لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم: لمَّا رَفَعَ يديه حين استسقى في خُطبة الجُمعة رَفَعَ الناس أيديهم [رواه البخاري].
وينبغي لهذا الرفع أن يبالغ فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبالغ فيه حتى يُرى بياض إبطيه، ولا يرى البياض إلا مع الرفع الشديد؛ حتى إنه جاء في صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم: “جَعَلَ ظُهُورَهُمَا نَحو السماء”. أخرجه مسلم برقم (896) عن أنس رضي الله عنه.
واختلف العلماء في تأويله: فقال بعض العلماء: يجعل ظهورهما نحو السماء، وقال بعض العلماء: بل رفعهما رفعاً شديداً حتى كان الرائي يرى ظهورهما نحو السماء؛ لأنه إذا رفع رفعاً شديداً صارت ظهورهما نحو السماء. وهذا هو الأقرب، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وذلك أن الرافع يديه عند الدعاء يستجدي ويطلب، ومعلوم أن الطلب إنما يكون بباطن الكف لا بظاهره).انظر كتابه: «بيان تلبيس الجهمية» (2/ 444).
هل يصح أن كل دعاء لرفع بلاء كالقحط ونحوه أن يرفع يديه ويجعل ظاهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء؟
-ذكر النووي – رحمه الله- عن جماعة من أصحابه أنه من السنة، وقد قال به جماعة من الأئمة كمالك وأصحاب الشافعي، وبعض أصحاب أحمد، استدلالاً بظاهر حديث أنس -رضي الله عنه- في صحيح الإمام مسلم (896)، بل جاء عند أبي داود (1164)، ( … وجعل بطونهما مما يلي الأرض، حتى رأيت بياض إبطيه).
وقد ورد في الباب أحاديث وآثار تدل على هذا المراد إلا أن في أسانيدها مقال، وذكر بعض أصحاب أحمد، كابن حمدان وغيره وجهاً آخر وهو أن دعاء الاستسقاء كغيره، في كونه يجعل بطون كفيه نحو السماء، وهذا هو الظاهر في كلام كثير من أصحاب أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-،وقال: صار كفَّاه نحو السماء لشدة الرفع، لا قصداً له؛ لأنه إذا رفع رفعاً شديداً صار ظهورهما نحو السماء وهذا قول قوي.
وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أن الحكمة في الإشارة بظهر الكفين نحو السماء في الاستسقاء دون غيره التفاؤل بتقلب الحال كما قيل ذلك في تحويل الرداء. والله أعلم.
والوارد عن النبي – صلى الله عليه وسلم- في رفع اليدين في الدعاء، هو أن يرفع الداعي يديه إلى منكبيه، أو نحوهما ضاماً لهما غير مفرقتين باسطاً بطونهما نحو السماء، وظهورها نحو الأرض، وإن شاء قنع بهما وجهه وظهورهما نحو القبلة.
والسنة في الاستسقاء وفي حال الشدة والرهبة كحال الجدب، والنازلة بتسلط العدو، ونحو ذلك من مقامات الرهب، أن يبالغ في رفع اليدين حتى ترى عفرة إبطيه، أي بياضهما. وعليه يحمل حديث أنس -رضي الله عنه-متفق عليه عند البخاري (1031)، ومسلم (895)
لكن قال الصنعاني في شرح حديث أنس: أن النبي صلي الله عليه وسلم استسقي فأشار بظهر كفيه إلى السماء. أخرجه مسلم. فيه دلالة أنه إذا أريد بالدعاء رفع البلاء فإنه يرفع يديه ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء، وقد ورد صريحا في حديث خلاد بن السائب عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا سأل جعل بطن كفيه إلى السماء، وإذا استعاذ جعل ظهرهما إليها). وإن كان قد ورد من حديث ابن عباس رضي الله عنه: سلوا الله ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها. وإن كان ضعيفا فالجمع بينهما أن حديث ابن عباس يختص بما إذا كان السؤال بحصول شيء لا لدفع بلاء، وقد فسر قوله تعالى (ويدعوننا رغبا ورهبا). أن الرغب بالبطون والرهب بالظهور. انتهى.
قلت: تفسير الآية بهذا المعنى إنما عزاه السمعاني من قول خصيف
وفي نيل الأوطار:
ونقل عن ابن حجر كلام النووي السابق في التفريق بين الرهب والرغب، ونقل الحكمة في التفريق وقال: وقد أخرج أحمد من حديث السائب بن خلاد عن أبيه (أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا سأل جعل باطن كفيه إليه، وإذا استعاذ جعل ظهرهما إليه) في إسناده ابن لهيعة وفيه مقال مشهور. انتهي.
قلت: فعلى هذا لا يشرع التفريق