1313 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف عبد الله الديني وسيف بن دورة الكعبي)
_._._. _._._. _._._. _._._. _
1313 – قال الإمام أبو عبدالله بن ماجه رحمه الله: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال
مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثني عليها خيرا في مناقب الخير فقال وجبت ثم مروا عليه بأخرى فأثني عليها شرا في مناقب الشر فقال وجبت إنكم شهداء الله في الأرض.
هذا حديث حسن.
——————-
الحديث ورد في البخاري 1267، ومسلم 949 و عن أنس بن مالك بنحوه وبوب عليه البخاري، باب ثناء الناس على الميت، وكذلك أخرجه 2643 باب تعديل كم، وذكر فيه حديث عمر بنحوه وفيه (أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ قُلْنَا وَثَلَاثَةٌ قَالَ وَثَلَاثَةٌ قُلْتُ وَاثْنَانِ قَالَ وَاثْنَانِ ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنْ الْوَاحِدِ)
قال (الديني):وأخرجه الترمذي من حديث أنس وقال: وفي الباب عن عمر وكعب بن عجرة وأبي هريرة.
وأخرج أحمد 6/ 357 عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنْتُ، وَإِذَا أَسَاتُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِذَا سَمِعْتَ جِيرَانَكَ يَقُولُونَ: قَدْ أَحْسَنْتَ، فَقَدْ أَحْسَنْتَ، وَإِذَا سَمِعْتَهُمْ يَقُولُونَ: قَدْ أَسَاتَ، فَقَدْ أَسَاتَ ” وأخرجه أبوعوانه ثم قال: في هذا الحديث نظر في صحته وتوهينه!
وروى أبو يعلى وابن حبان فى صحيحه عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال “ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة أهل أبيات من جيرانه الأدنين انهم لا يعلمون إلا خيرا، إلا قال الله: قد قبلت علمكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون “.
وأخرجه الخرائطي في “مكارم الأخلاق” ص 42 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود. ولم نجده في “مصنف عبد الرزاق” من هذا الطريق. انتهى
قال الديني: (وجبت) أي الجنة لذي الخير، والنار لذي الشر، والمراد بالوجوب الثبوت إذ هو في صحة الوقوع كالشيء الواجب. الفتح
-ورد عن اللجنة الدائمة جواب عن التأبين:
تأبين الميت ورثاؤه، على الطريقة الموجودة اليوم من الاجتماع لذلك والغلو في الثناء عليه لا يجوز لما رواه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم من حديث عبد الله بن أبي أوفى قال نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن المراثي لما في ذكر أوصاف الميت من الفخر غالباً وتجديد اللوعة وتهييج الحزن وأما مجرد الثناء عليه عند ذكره أو مرور جنازته أو للتعريف به بذكر أعماله الجليلة ونحو ذلك مما يشبه رثاء بعض الصحابة لقتلى أحد وغيرهم فجائز.
قلت (سيف) حديث (نهى عن المراثي) ضعفه الألباني كما في الضعيفه 4724. لكن معناه صحيح لأن هناك مراثي تهييج الأحزان وفيها مبالغة.
قال ابن حجر: رثاء النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن خولة ليس معارضا لنهيه عن المراثي التي هي أوصاف الميت الباعثة على تهييج الحزن وتجديد اللوعة.
-سأل أعضاء الجنة الدائمة عن الغيبة فقالوا:
الغيبة محرمة، شديدة التحريم، لقوله تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَاكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} ولما ثبت عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، قلت: من هؤلاء يا جبرائيل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم. رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد صحيح.
قلت (سيف) الحديث في الصحيح المسند 112
قالوا: وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة بأنها ذكرك أخاك بما يكره.
وتجوز في مواضع معدودة دلت عليها الأدلة الشرعية إذا دعت الحاجة إلى ذلك؛ كأن يستشيرك أحد في تزويجه أو مشاركته أو يشتكيه أحد إلى السلطان لكف ظلمه والأخذ على يده- فلا بأس بذكره حينئذ بما يكره؛ لأجل المصلحة الراجحة في ذلك. وقد جمع بعضهم المواضع التي تجوز فيها الغيبة في بيتين فقال: الذم ليس بغيبة في ستة … متظلم ومعرف ومحذر
ولمظهر فسقا ومستفت ومن … طلب الإعانة في إزالة منكر
أما إذا لم يكن هناك مصلحة راجحة في ذكره بما يكره فإنه يكون من الغيبة المحرمة.
وأما السؤال عن لفظ: «لا غيبة لفاسق» هل هو حديث أو لا؟ فقد قال الإمام أحمد: منكر، وقال الحاكم والدارقطني والخطيب: باطل.
ولكن دل على أنه لا غيبة لفاسق قد أظهر المعصية وذكروا هذا الحديث.
-من فضل الله تعالى أن المؤمن قد يغفر الله له ذنوبه إذا لم يكن من المجاهرين بها في الدنيا كما في الحديث: إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا فيقول نعم أي رب حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك، قال سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته
متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه) رواه البخاري
وأما إذا كان المرء من المجاهرين بالمعاصي فيعملها أمام الناس ويحدث بها تبجحاً فإنها لا تموت معه وإنما يذكره الناس بها بعد موته وربما شهدوا عليه بالسوء فيدخل النار.
أما الشوكاني فقال في الجمع بين هذا الحديث وأحاديث النهي عن سب الأموات تحت باب الكف عن ذكر مساوئ الأموات من نيل الأوطار: وفيه حديثين أحدهما: عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا. رواه أحمد والبخاري والنسائي. والثاني: عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا. رواه أحمد والنسائي … ثم علق عليهما مبيناً معناهما … وقيل: إن اللام في الأموات عهدية والمراد بهم المسلمون لأن الكفار مما يتقرب إلى الله عز وجل بسبهم.
ويدل على ذلك قوله في حديث ابن عباس المذكور: لا تسبوا أمواتنا … وقال القرطبي في الكلام على حديث وجبت أنه يحتمل أجوبة، الأول: أن الذي كان يحدث عنه بالشر كان مستظهراً به فيكون من باب ألا غيبة لفاسق أو كان منافقاً، أو يحمل النهي على ما بعد الدفن والجواز على ما قبله ليتعظ به من يسمعه, أو يكون هذا النهي العام متأخراً فيكون ناسخاً، قال الحافظ: وهذا ضعيف.
وقال ابن رشيد ما محصله: أن السب يكون في حق الكافر وفي حق المسلم، أما في حق الكافر فيمتنع إذا تأذى به الحي المسلم، وأما المسلم فحيث تدعو الضرورة إلى ذلك كأن يصير من قبيل الشهادة عليه، وقد يجب في بعض المواضع وقد تكون مصلحة للميت، كمن علم أنه أخذ مالا بشهادة زور ومات الشاهد، فإن ذكر ذلك ينفع الميت إن علم أن من بيده المال يرده إلى صاحبه، والثناء على الميت بالخير والشر من باب الشهادة لا من باب السب. انتهى
والوجه تبقية الحديث على عمومه إلا ما خصه دليل كالثناء على الميت بالشر، وجرح المجروحين من الرواة أحياء وأمواتاً جائز لإجماع العلماء على جواز ذلك، وذكر مساوئ الكفار والفساق للتحذير منهم والتنفير عنهم، قال ابن بطال: سب الأموات يجري مجرى الغيبة، فإن كان أغلب أحوال المرء الخير وقد تكون منه الفلتة فالاغتياب له ممنوع، وإن كان فاسقاً معلنا فلا غيبة له وكذلك الميت. انتهى. ويتعقب بِأَنَّ ذِكْرَ الرَّجُلِ بِمَا فِيهِ حَالَ حَيَاتِهِ قَدْ يَكُونُ لِقَصْدِ زَجْرِهِ وَرَدْعِهِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ أَوْ لِقَصْدِ تَحْذِيرِ النَّاسِ مِنْهُ وَتَنْفِيرِهِمْ وَبَعْدَ مَوْتِهِ قَدْ أَفْضَى إلَى مَا قَدَّمَ فَلَا سَوَاءَ، وَقَدْ عَمِلَتْ عَائِشَةُ رِوَايَةُ هَذَا الْحَدِيثِ بِذَلِكَ فِي حَقِّ مِنْ اسْتَحَقَّ عِنْدَهَا اللَّعْنَ فَكَانَتْ تَلْعَنُهُ وَهُوَ حَيٌّ، فَلَمَّا مَاتَ تَرَكَتْ ذَلِكَ وَنَهَتْ عَنْ لَعْنِهِ، كَمَا رَوَى ذَلِكَ عَنْهَا عُمَرُ بْنَ شَبَّةَ فِي كِتَابِ أَخْبَارِ الْبَصْرَةِ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخِرَ وَصَحَّحَهُ، وَالْمُتَحَرِّي لِدِينِهِ فِي اشْتِغَالِهِ بِعُيُوبِ نَفْسِهِ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ نَشْرِ مَثَالِبِ الْأَمْوَاتِ، وَسَبِّ مَنْ لَا يَدْرِي كَيْفَ حَالُهُ عِنْدَ بَارِئِ الْبَرِّيَّاتِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَمْزِيقَ عِرْضِ مَنْ قَدَّمَ عَلَى مَا قَدَّمَ وَجَثَا بَيْنَ يَدَيْ مَنْ هُوَ بِمَا تُكِنُّهُ الضَّمَائِرُ أَعْلَمُ مَعَ عَدَمِ مَا يَحْمِلُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ أُحْمُوقَةٌ لَا تَقَعُ لِمُتَيَقِّظٍ وَلَا يُصَابُ بِمِثْلِهَا مُتَدَيِّنٌ بِمَذْهَبٍ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ بِالْحَسَنَاتِ وَيَتَضَاعَفُ عِنْدَ وَبِيلِ عِقَابِهَا الْحَسَرَاتُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا …
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إلَى مَا قَدَّمُوا) أَيْ وَصَلُوا إلَى مَا عَمِلُوا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَالرَّبْطُ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ مِنْ مُقْتَضِيَاتِ الْحَمْلِ عَلَى الْعُمُومِ قَوْلُهُ: (فَتُؤْذُوا الْأَحْيَاءَ) أَيْ فَيَتَسَبَّبُ عَنْ سَبِّهِمْ أَذِيَّةُ الْأَحْيَاءِ مِنْ قَرَابَاتِهِمْ، وَلَا يَدُلُّ هَذَا عَلَى جَوَازِ سَبِّ الْأَمْوَاتِ عِنْدَ عَدَمِ تَأَذِّي الْأَحْيَاءِ كَمَنْ لَا قَرَابَةَ لَهُ أَوْ كَانُوا وَلَكِنْ لَا يَبْلُغُهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ سَبَّ الْأَمْوَاتِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلِكَوْنِهِ مِنْ الْغِيبَةِ الَّتِي وَرَدَتْ الْأَحَادِيثُ بِتَحْرِيمِهَا، فَإِنْ كَانَ سَبَبًا لِأَذِيَّةِ الْأَحْيَاءِ فَيَكُونُ مُحَرَّمًا مِنْ جِهَتَيْنِ وَإِلَّا كَانَ مُحَرَّمًا مِنْ جِهَةٍ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اُذْكُرُوا مَحَاسِنَ أَمْوَاتِكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ» وَفِي إسْنَادِهِ عِمْرَانُ بْنُ أَنَسٍ الْمَكِّيُّ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ وَقَالَ الْكَرَابِيسِيُّ: حَدِيثُهُ لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ. انتهى كلام الشوكاني
وقال الإمام محمد بن حزم في المحلى: ولا يحل سب الأموات على القصد بالأذى، وأما تحذير من كفر أو من عمل فاسد فمباح. انتهى
فيكون الذي أثنوا عليه شرا إما أن يكون كافراً أو منافق أو نشر فساداً لا يمكن التحذير منه إلا بذكره.