1310 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ ( من المجلد الثاني)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة ،والاستفادة
( من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا )
( جمع وتأليف سيف بن دورة الكعبي )
_._._. _._._. _._._. _._._. _.
1310- قال الإمام النسائي رحمه الله في عمل اليوم والليلة : أخبرني زكريا بن يحيى قال حدثنا عبد الأعلى قال حدثنا بشر بن منصور عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: دعا رجل من الأنصار من أهل قباء النبي صلى الله عليه و سلم فانطلقنا معه فلما طعم وغسل يده أو يديه قال الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم من علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء حسن أبلانا الحمد لله غير مودع ولا مكافا ولا مكفور ولا مستغني عنه الحمد لله الذي أطعم من الطعام وسقى من الشراب وكسا من العري وهدى من الضلالة وبصر من العمى وفضل على كثير من خلقه تفضيلا الحمد لله رب العالمين.
هذا حديث حسن على شرط مسلم.
—————-
-الحديث أخرجه البخاري برقم (5458) من حديث أبي أمامة بلفظ: كان إذا رفع مائدته قال ((الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مكفور ولا مودوع ولا مستغن عنه ربنا) والمائدة تطلق على الخوان الذي يأكل فيه الواحد والجماعة، وقد ذكر ابن كثير في ((تفسيره)) عند قوله تعالى عن عيسى عليه السلام؟ اللهم ربنا أنزل علينا مائدة؟ عن جمع من السلف أن المائدة طعام يأكله جماعة وذكر نحو هذا ابن منظور في ((اللسان)).
وبوب عليه البخاري ( [ 3849 ] باب ما يقول إذا طعم ) أي إذا فرغ من الطعام.
قال ابن بطال :اتفقوا على استحباب الحمد بعد الطعام ووردت في ذلك أنواع يعني لا يتعين شيء منها.
شرح معاني حديث الباب والحديث الذي أخرجه البخاري :
-ففي عون المعبود :
قوله ( إذا رفعت المائدة ) أي من بين يديه وقد ثبت في الحديث الصحيح برواية أنس رضي الله عنه( إنه صلى الله عليه و سلم لم يأكل على خوان قط) والمائدة هي خوان عليه طعام فأجاب بعضهم بأن أنسا ما رأى ذلك ورآه غيره والمثبت يقدم على النافي. قال في الفتح وقد تطلق المائدة ويراد بها نفس الطعام
وقد نقل عن البخاري أنه قال إذا أكل الطعام على شيء ثم رفع قيل رفعت المائدة انتهى.
قلت – يعني صاحب العون :والتحقيق في ذلك أن المائدة هي ما يبسط للطعام سواء كان من ثوب أو جلد أو حصير أو خشب أو غير ذلك فالمائدة عام لها أنواع منها السفرة ومنها الخوان وغيره فالخوان بضم الخاء يكون من خشب وتكون تحته قوائم من كل جانب والأكل عليه من دأب المترفين لئلا يفتقر إلى الإنحناء فالذي نفي بحديث أنس هو الخوان والذي أثبت هو نحو السفرة وغيره والله أعلم.
( طيبا ) أي خالصا من الرياء والسمعة ( مباركا ) بفتح الراء هو وما قبله صفات لحمدا مقدرا ( فيه ) الضمير راجع إلى الحمد أي حمدا ذا بركة دائما لا ينقطع؛ لأن نعمه لا تنقطع عنا فينبغي أن يكون حمدنا غير منقطع أيضا ولو نية واعتقادا ( غير مكفي ) بنصب غير ورفعه ومكفيٍّ بفتح الميم وسكون الكاف وتشديد التحتية من كفأت أي غير مردود ولا مقلوب والضمير راجع إلى الطعام الدال عليه السياق أو هو من الكفاية فيكون من المعتل يعني أنه تعالى هو المطعم لعباده والكافي لهم فالضمير راجع إلى الله تعالى
قال العيني :هو من الكفاية وهو اسم مفعول أصله مكفوى على وزن مفعول فلما اجتمعت الواو والياء قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء ثم أبدلت ضمة الفاء كسرة لأجل الياء والمعنى هذا الذي أكلناه ليس فيه كفاية عما بعده بحيث ينقطع بل نعمك مستمرة لنا طول أعمارنا غير منقطعة وقيل الضمير راجع إلى الحمد أي أن الحمد غير مكفي الخ كذا قال القسطلاني في شرح البخاري ( ولا مودع ) بفتح الدال الثقيلة أي غير متروك ويحتمل كسرها على أنه حال من القائل أي غير تارك ( ولا مستغنى عنه ) بفتح النون وبالتنوين أي غير مطروح ولا معرض عنه بل محتاج إليه ( ربنا ) بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو ربنا أو على أنه مبتدأ وخبر مقدم عليه ويجوز النصب على المدح أو الاختصاص أو إضمارا عني
قال بن التين ويجوز الجر على أنه بدل من الضمير في عنه وقال غيره على البدل من الاسم في قوله الحمدلله
وقال ابن الجوزى ربنا بالنصب على النداء مع حذف أداة النداء .انتهى من العون
وفيه من الفوائد:
-غسل اليدين بعد الفراغ من الطعام.
-إضافة النعمة لله سبحانه، فقال تعالى( وما بكم من نعمة فمن الله) .
-وبوب النسائي على الحديث باب ما يقول إذا غسل يديه.
-فضيلة الدعاء، والحديث ذكره شرف الدين علي بن المفضل المقدسي في كتاب الأربعين في فضل الدعاء
– فضيلة شكر النعمة والحديث ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر وسيأتي الكلام على فضل الشكر
تتمات :
-ما يقوله قبل الطعام” بسم الله ”
رواه البخاري (5376) ومسلم (2022) عن عمر بن أبى سلمة يقول كنت غلامًا فى حجر رسول الله؟ وكانت يدى تطيش فى الصحفة فقال لى رسول الله؟ : ” يا غلام سم الله ، وكل بيمينك وكل مما يليك “. فما زالت تلك طعمتي بعد.
-ماذا يقول من أراد الطعام أو الشراب
” اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني “. وفيه حديث رواه مسلم (2055) عن المقداد
وفيه قول المقداد : والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك من أصابها من الناس.
-ما يقول من نسي في أوله” بسم الله في أوله وآخره ” .المعجم الكبير للطبراني (10200) عبد الله بن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”من نسي أن يذكر اسم الله في أول طعامه فليقل حين يذكر: بسم الله في أوله وآخره، فإنه يستقبل طعامًا جديدًا، ويمنع الخبيث ما كان يصيب منه”.وفيه عبدالرحمن بن عبدالله اختلط لكن يشهد له حديث عائشة في سنن أبي داود 3761، وفيه أم كلثوم مجهوله، وفي بعض الروايات بإسقاطها.( انتهى من تحقيقنا لسنن أبي داود )
-الدعاء عند الفراغ من الطعام
” الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه , غير [ مكفي ولا ] مودع , ولا مستغنى عنه ربنا ”
رواه البخاري (5459) عن أبى أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من طعامه وفي رواية: إذا رفع مائدته – قال ” الحمد لله الذى كفانا وأروانا ، غير مكفى ، ولا مكفورٍ”.
وفي رواية: ” الحمد لله ربنا ، غير مكفى ، ولا مودعٍ – ولا مستغنًى ، ربنا “.
وفي رواية: كان إذا رفع مائدته قال: ” الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ، غير مكفي ، ولا مودعٍ ولا مستغنًى عنه، ربنا ” .
وكذلك يقول – ” الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجا”
رواه أبو داود (3851) عن أبي أيوب الأنصاري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أكل أو شرب قال:” الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجا ” .
قال الشيخ الألباني : صحيح .
قلت :وهو في الصحيح المسند للإمام الوادعي رحمه الله.
-دعاء الضيف لصاحب الطعام :
1- “اللهم بارك لهم فيما رزقتهم , واغفر لهم وارحمهم”.
رواه مسلم (2042) عن عبدالله بن بسر قال : نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي قال فقربنا إليه طعاما ووطبة فأكل منها ثم أتي بتمر فكان يأكله ويلقي النوى بين إصبعيه ويجمع السبابة والوسطى، ثم أتي بشراب فشربه ثم ناوله الذي عن يمينه قال فقال أبي وأخذ بلجام دابته ادع الله لنا فقال:” اللهم بارك لهم فيما رزقتهم , واغفر لهم وارحمهم “.
وكذلك يقول : ” أكل طعامكم الأبرار وأفطر عندكم الصائمون وصلت عليكم الملائكة “.
رواه الطحاوي مشكل الآثار (112) بسند صحيح عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار فإذا جاء إلى دور الأنصار جاء صبيان الأنصار يدورون حوله فيدعو لهم ويمسح رءوسهم ويسلم عليهم فأتى إلى باب سعد بن عبادة فسلم عليهم ، فقال : ” السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ” فرد سعد فلم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد فوق ثلاث تسليمات ، فإن أذن له وإلا انصرف فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فجاء سعد مبادرا ، فقال : يا رسول الله ما سلمت تسليمة إلا قد سمعتها ورددتها ولكن أردت أن تكثر علينا من السلام والرحمة فادخل يا رسول الله ، فدخل ، فجلس فقرب إليه سعد طعاما فأصاب منه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينصرف قال : ” أكل طعامكم الأبرار وأفطر عندكم الصائمون وصلت عليكم الملائكة “.
– ” جعل الله عليكم صلاة قوم أبرار ، يقومون الليل ، ويصومون النهار ، ليسوا بأثمة ولا فجار ” وهو في الصحيح المسند 92،وعزاه لعبد بن حميد في المنتخب وفي تعليقنا عليه ذكرنا أوجه الخلاف في رفعه ووقفه ولم نرجح.
قال باحث :رواه عبد بن حميد (3 /483) عن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد لأحد في الدعاء قال : ” جعل الله عليكم صلاة قوم أبرار ، يقومون الليل ، ويصومون النهار ، ليسوا بأثمة ولا فجار “. ورجاله ثقات لكن الصواب أنه موقوف على أنس والوهم فيه من عبد بن حميد كما قال أبو الفضل الشهيد .
رواه البخاري في الأدب المفرد (631) باب دعاء الاخ بظهر الغيب وذكر أحاديث ثم ذكر باب بدون عنوان عن ثابت قال : كان أنس إذا دعا لأخيه يقول جعل الله عليه صلاة قوم أبرار ليسوا بظلمة ولا فجار يقومون الليل ويصومون النهار. وباقي من رواه من المحدثين رحمهم الله بلفظ كان يقول بعضهم لبعض..
-دعاء من دعي إلى وليمة وهو صائم
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا دعي أحدكم فليجب , فإن كان صائما فليصل وإن كان مفطرا فليطعم “. رواه مسلم (1431)
-كيف نصل إلى منزلة العبد الشكور :
منها: هذه العبادة التي دلنا عليها صلى الله عليه وسلم، وهي الذكر.
-ومنها الدعاء، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يقول: (رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر هداي إلي، وانصرني على من بغى علي، اللهم اجعلني لك شاكراً -وفي رواية: شكاراً- لك ذاكراً، لك راهباً، لك مطواعاً، إليك مخبتاً، إليك أواهاً منيباً، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهدِ قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي) حديث صحيح.
وعلم معاذاً دعاءً عظيماً، فقال: (يا معاذ! والله إني لأحبك، أوصيك يا معاذ! لا تدع في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك). فالوصول إلى منزلة العبد الشكور لا بد فيها من الاستعانة بالله والدعاء والإلتجاء، وإلا فهي منزلة صعبة، وسليمان عليه الصلاة والسلام قال:( رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ …) الآية [النمل:19] فبدون المعونة من الله لا يمكن أن يصل الإنسان إلى منزلة العبد الشكور. ومن الأمور التي ينبغي معرفتها: أن الشكر يحفظ النعم، قال الله سبحانه وتعالى:( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم:7] فهو ليس فقط يحفظ النعمة وإنما يزيدها.
ومن الأشياء التي يبلغ بها العبد درجة الشكور:
أن يحدث بنعم الله عليه، قال الله عز وجل: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى:11]. وتحديث العبد بنعمة الله عليه له عدة معانٍ: منها: أن يرى أثر النعمة عليك،
فمن لم يذكر النعم ويتسخط فإنه يدخل في معنى الكنود في سورة العاديات ، وفيه شبه بالنساء اللواتي يكفرن العشير.
-ومنها معرفة أن الموفِّق للشكر هو الله.
-ومنها نسبة النعمة إلى المنعم؛ لأن كثيراً من الناس إذا سئل عن هذا، قال: هذا باجتهادي، فإذا سئل عن ماله؟ قال: هذا بذكائي.
-ومنها شكر الله على النعم بالنعم نفسها
أعطاك مالاً فاشكره بالمال، وتصدق منه، أعطاك جوارح فاشكره بالجوارح.
-ومنها سجود العبد لله شكراً عند تجدد النعمة
فقد جاء في الحديث الصحيح: (أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه أمر يسره خر لله ساجداً شكراً له عز وجل).
-ومنها دعاء العبد بالمأثور عند رؤية مبتلى
-ومنها نظر العبد إلى من دونه في أمور الدنيا
قال صلى الله عليه وسلم: (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم).
-ومنها اعتناء العبد بالنعمة وحفاظه عليها.
-ومنها شكر الناس على إحسانهم.
انتهى من بحث لأحد الباحثين باختصار وتصرف.