1306 التعليق على الصحيح المسند
قام بجمع سيف الكعبي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2؛3 والاستفادة والمدارسة
—–
الصحيح المسند
1306 ابن ماجه 2/ 1287 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت رأسي ضرب فرأيته يتدهده فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يعمد الشيطان إلى أحدكم فيتهول له، ثم يغدو يخبر الناس)
——-
الأحلام ثلاثة أنواع منها رحماني ومنها نفساني ومنها شيطاني وقال النبي صلى الله عليه وسلم “الرؤيا ثلاثة رؤيا من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث به الرجل نفسه في اليقظة فيراه في المنام”. (البخاري 6499 ومسلم 4200)
يجب أن نفرق بين الحلم والرؤيا فالحلم من الشيطان أي تخويفه وتهويله فيظل الرائي متخوف، وهو لو طبق الآداب ولم يباله دحر الشيطان، كما قال أبوسلمة (إن كنت أرى الرؤيا هي أثقل علي من الجبل فلما سمعت هذا الحديث كنت لا أباليها)، أما الرؤيا فورد حديث (إن الرؤيا تقع على ما تعبر) صححه الشيخ الألباني 120، وكذلك صححها بعض الباحثين، وورد كذلك حديث (لا تقصوا الرؤيا إلا على عالم أو ناصح) صححه الألباني الصحيحة 119
قال النووي: وأما كون لا يخبر بها من لا يحب فربما حمله الحسد والبغض على تفسيرها بمكروه، فقد يقع على تلك الصفة وإلا فيحصل له في الحال حزن ونكد من سوء تفسيرها.
وبعض الباحثين فرق بين الرؤيا الصالحة والصادقة فقال: الرؤيا الصالحة هي المبشرة، وليست هي الرؤيا الصادقة التي تتحقق بخير أو شر، وذلك لعدة أسباب:
أ- وصفها بأنها من المبشرات، وهل المنبئات بالشر تعتبر مبشرات؟
قلت: قد يكون فيها تنبيه وتبشير، فابن عمر رضي الله عنهما (رأى أنه يساق إلى بئر فيها نار، فقيل: إنك لست من أهلها …. قال: النبي صلى الله عليه وسلم: نعم العبد عبدالله لو كان يقوم من الليل فكان عبدالله لا يدع قيام الليل) كذا من حفظي، فحصل له خير من هذه الرؤية.
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم بقراً تذبح، وقال: (والله خير) فإذا البقر ما أصاب المسلمون في غزوة أحد …
ب- ورد (تُرى له) تدل على أن غير الرائي يستبشر بها أيضا.
ج- صدق الرؤيا يقع للكافر كما يقع للمسلم، ومنه قوله تعالى (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَاكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43))،وكذلك رؤيا السجينين وبوب عليه البخاري في صحيحه باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك
د- ورد (لم تكد) تدل أن بعض الرؤى ليست صادقة والراجح نفي الكذب عنها أصلاً؛ لأن حرف النفي الداخل على (كاد) ينفي قرب وصوله كقوله تعالى: (إذا أخرج يده لم يكد يراها)، يعني لم يرها ولا يكاد، نقله ابن حجر عن الطيبي في باب القيد في المنام من شرحه للصحيح، وكذلك القرطبي في تفسير الآية نقله عن الزجاج وأبي عبيدة لكن ورد (وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً) ينبغي أن يقال الرؤيا التي لا تكذب هي تمييزاً لها عن أضغاث الأحلام وهذا مقيد بأنها تأتي بأمر حسن، وأن ظاهرها ليس فيه ما يكره الرائي أو يقلقه، لأنها لو كانت فيها مثل هذا كانت حلم من الشيطان.
قلت: كذا قيدها، ولا يخفى أن هناك رأى تخوف منها النبي صلى الله عليه وسلم، لكن علم أن عاقبتها إلى خير وسيأتي في باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الباحث: وقد يحمل هذا على حقيقتها كما جاءت في المنام وقد تصح بتأويل ودرجة تأويلها تختلف حسب وضوحها فيكون هذا هو المراد بأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً فيكون الصدق هنا عائد على وضوح الرؤيا للتعبير.
قلت: الحديث سبق في أحاديث الباب (َ إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّة) وحمله بعض العلماء، أن الله عوض هذه الأمة المتأخرة التي ابتعدت عن بشارات الوحي بهذه الرؤى، وبعضهم قال: هذا في زمن عيسى ابن مريم. كما ذكر ابن حجر والقرطبي.
فائدة: قال بعض الأفاضل: من الرؤى التي رآها الصحابة وتحققت:
عن يحيى بن سعيد أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت رأيت ثلاثة أقمار سقطن في حجري (أو) حجرتي فقصصت رؤياي على أبي بكر الصديق، قالت فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن في بيتها، قال لها أبو بكر هذا أحد أقمارك، وهو خيرها. وهذا منقطع قال أبو عمر يوسف ابن عبد البر كما في التمهيد:
هكذا هذا الحديث في الموطأ عند يحيى والقعنبي وابن وهب وأكثر رواته. ورواه قتيبة بن سعيد عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عائشة …
ذكره أبو داود عن قتيبة. انتهى
قلت: تابعه معن، وسويد عن مالك أخرجه ابن المظفر في غرائب مالك.
وتابع مالكا؛ يحيى أي القطان ويزيد بن هارون، وسفيان بن عيينة، والليث بن سعد، ويحيى بن أيوب، وعمرو بن الحارث انتهى
قلت: وكذلك قصة عمر لما رأى أن ديكاً نقره وهو في صحيح مسلم 567، وقصة عبدالله بن سلام لَمَّا رأى العروة الوثقى، وقصة الصحابية التي رأت كأنها دخلت الجنة فرأت أنه جيء بفلان بن فلان .. وفلان بن فلان حتى عدت إثني عشر رجلا وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل ذلك قالت فجيئ بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم …. وهو في الصحيح المسند 53.
2. والرؤيا مبدأ الوحي (البخاري 3، ومسلم 231)
3. وصدقها بحسب صدق الرائي، وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا. (مسلم 4200)
4. وهي عند اقتراب الزمان لا تكاد تخطاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لبعد العهد بالنبوة وآثارها فيكون للمؤمنين شيء من العوض بالرؤيا التي فيها بشارة لهم أو تصبير وتثبيت على الدّين. (البخاري 6499 وسلم 4200)
ونظير هذا الكرامات التي ظهرت بعد عصر الصحابة ولم تظهر عليهم لاستغنائهم عنها بقوة إيمانهم واحتياج من بعدهم إليها لضعف إيمانهم.
فائدة: ذكرها لي بعض الأفاضل:
قال شيخ الاسلام ابن تيمية كما في “الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياءالشيطان”
“ومما ينبغي أن يعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل، فإذا احتاج إليها الضعيف الايمان أو المحتاج أتاه منها ما يقوي إيمانه، ويسد حاجته، ولهذا كانت هذه الامور في التابعين أكثر منها في الصحابة، بخلاف من يجري على يديه الخوارق لهدي الخلق ولحاجتهم، فهؤلاء أعظم درجة”