1303تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2، والمدارسة، والاستفادة
مسجد سعيد الشبلي
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
وممن شارك الأخ سيف بن غدير النعيمي
(جمع وتأليف سيف بن دورة الكعبي)
_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-
1303 أخرج أبوداود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إذا لبستم، وإذا توضأتم فابدوا بأيامنكم))
-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_
– قال ابن مفلح في الفروع: إسناده جيد.
والحديث أخرجه الترمذي بلفظ (كان إذا لبس قميصا بدأ بميامنه) لكن أعله الترمذي بتفرد عبدالصمد عن شعبة بالرفع، وذكر ذلك الشيخ مقبل لكن بدون ذكر لفظ الحديث وذكر أن طريق الأعمش عند أبي داود لا تدخل في التعليل؛ لأنها طريق أخرى.
– يدل حديث الباب على استحباب التيامن في اللباس.
أما التيامن في الوضوء:
– قسم الماوردي أعضاء الوضوء إلى ثلاثة أقسام: قسم يكون الترتيب فيه واجباً، وهو الأعضاء الأربعة، وقسم يكون الترتيب فيه مسنوناً وهو تقديم اليمني على اليسرى، وقسم مختلف فيه وهو الأعضاء المسنونة في وجوب الترتيب.
قلت: أما التيامن في الوضوء:
فذهب الفقهاء إلى أن التيامن في الوضوء سنة من سننه
وقيل: إن الترتيب بين اليمنى واليسرى واجب، نُسِب هذا القول للإمام الشافعي وأحمد، ولا يثبت عنهما
أدلة الاستحباب:
الدليل الأول: الإجماع:
قال ابن المنذر: “أجمعوا على أن لا إعادة على من بدأ بيساره قبل يمينه”.
وقال النووي: “وأجمع العلماء على أن تقديم اليمين على اليسار من اليدين والرجلين في الوضوء سنة، لو خالفهما فاته الفضل، وصح وضوءُه” ا. هـ.
وسبق في كلام الماوردي ما يدل على الإجماع.
ونقل الإجماع كذلك ابن قدامة.
ونقل الإجماع أيضاً الشوكاني وسيأتي كلامه.
الدليل الثاني:
ما رواه البخاري عن عائشة قالت: كان النبي يعجبه التيمن في تنعله وترجُّله وطهوره، في شأنه كله.
الدليل الثالث:
أحاديث الصحابة – رضي الله عنهم – التي وصفت وضوءه في الصحيحين وفي غيرهما، كلها اتفقت على تقديم اليد اليمنى على اليد اليسرى، والرِّجل اليمنى على الرجل اليسرى؛ كحديث عثمان وعبدالله بن زيد – رضي الله عنهما – وهما في الصحيحين، وحديث ابن عباس وهو في البخاري، وحديث علي – رضي الله عنه.
الدليل الرابع:
وكذلك ورد عن أبي العبيدين، أن ناسًا سألوا ابن مسعود عن الرجل يبدأ بمياسره قبل ميامنه في الوضوء، فقال: لا بأس به.
الدليل الخامس:
قال – تعالى -: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6]، وقال: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] فجمع هذه الأعضاء، فتقديم الأيسر على الأيمن أو العكس لا يؤثِّر.
دليل من قال بالوجوب:
(884 – 113) استدل بما رواه أحمد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((إذا لبستم وإذا توضأتم، فابدؤوا بأيامنكم))
وجه الدلالة: أن الأمر يفيد الوجوب لكن سبق الصارف للوجوب ما نقل من الأحاديث والإجماع على استحباب تقديم اليمين على اليسار
فالراجح: القول بالسنية، أن الوجوب مصروف بالأدلة السابقة، وأن من قدم يساره على يمينه في الوضوء فليس عليه إعادة.
قال الشوكاني في الدراري في كلامه على الغسل:
وأما التيامن فلثبوته عنه صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا عموما وخصوصا فمن العموم ما ثبت في الصحيح فذكر حديث عائشة، ومن الخصوص ما ثبت في الصحيحين وغيرهما “أنه بدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر في الغسل” وقد ثبت من قوله: ما يفيد ذلك ولا خلاف في استحباب التيامن.
فائدة: قال ابن عثيمين رحمه الله (التيامن خاص بالأعضاء الأربعة فقط , وهما اليدان و الرجلان). الممتع ص: 176ج/1.
قلت: إلا إذا استعمل يد واحدة لمسح الرأس مثلاً لإعاقة فهنا نقول يبدأ باليمين للأدلة العامة.
تنبيه:
أما ما رواه حفص بن غياث، عن إسماعيل، عن زياد، قال: قال علي: ما أبالي لو بدأت بالشمال قبل اليمين، إذا توضأت، ورواه عوف، عن عبدالله بن عمرو بن هند، قال: قال علي: ما أبالي إذا أتممت وضوئي بأي أعضائي بدأت.
ذكر ابن معين أن زياد لا شئ
ورواه عوف، عن عبدالله بن عمرو بن هند، قال: قال علي: ما أبالي إذا أتممت وضوئي بأي أعضائي بدأت.
قال عوف لم يسمعه منه أخرجه أحمد
-كذلك مما ورد النص فيه لاستحباب التيامن:
ما روي ِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَا بِالْيَمِينِ وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَا بِالشِّمَالِ لِتَكُنِ الْيَمِينُ أَوَّلَهُمَا يَنْتَعِلُ وَآخِرَهُمَا يَنْزِعُ».
أخرجه البخاري، وأخرجه مسلم2097 بمعناه لكن بدون (ولتكن اليمين أولهما تنعل وآخرهما تنزع) ونقل ابن حجر عن ابن وضاح أن ابن التين قال: أن قوله (ولتكن اليمين أولهما تنعل وآخرهما تنزع) مدرج، ولعل مسلم حذفها عمداً، وهي في الموطأ وإنما أخرجها مسلم من طريقه.
قلت: ولعل من أوردها من الأئمة كالبخاري يظن أن إدراجها واضح. فلا يحتاج للتنبيه.
تنبيه: ورد عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِى شَانِهِ كُلِّهِ فِى طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَنَعْلِهِ. قَالَ مُسْلِمٌ وَسِوَاكِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِى شَانِهِ كُلِّهِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ مُعَاذٌ وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَاكَهُ.
أخرجه البخاري ومسلم لكن بدون لفظة وسواكه، وبين الشيخ الألباني في الضعيفة 5854 شذوذها.
قلت: نقل بعض الباحثين أن مسلم بن إبراهيم الفراهيدي خالف سبعة عشر راويا عن شعبة لم يذكروها، وكذلك تابع شعبة سبعة من الرواة لم يذكروها.
وكأن أبا داود يشير لشذوذها.
-التيامن عند دخول المسجد:
بوب البخاري على حديث عائشة رضي الله عنه … باب – التيمن في دخول المسجد وغيره وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَبْدَأُ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى فَإِذَا خَرَجَ بَدَأَ بِرِجْلِهِ الْيُسْرَى
-وبوب البخاري أيضاً:
بَاب التَّيَمُّنِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغَسْلِ
ثم ذكر حديثْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُنَّ فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ ابْدَانَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا
وذكر حديث عائشة رضي الله عنهما
– وبوب البخاري أيضاً:
بَاب التَّيَمُّنِ فِي الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلْ بِيَمِينِكَ.
– يمكن أن يستنبط استحباب التسبيح باليمين:
وورد حديث صريح عن عبدالله بن عمرو بن العاص وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم. كان يعقد التسبيح بيده وفي روايه (بيمينه) وهذه اللفظة بيمينه لم يذكرها إلا محمد بن قدامة بن أعين وهو ثقة، وتحتاج لبحث لمعرفة هل هي محفوظة لكن لعل عموم حديث عائشة يساعد على هذا الاستنباط
وورد كذلك عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم. اليمنى لطهوره وطعامه وكانت اليسرى لخلائه وما كان من أذى اخرجه أبو داود رقم 33 وسنده صحيح.
وأيد استحباب التسبيح باليمين أعضاء اللجنة الدائمة.
والعقد يكون بطبق الأصابع على الكف
-يستحب أن يمتخط بيده اليسرى؛ وسبق حديث عَائِشَةَ قَالَتْ: (كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْيُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ، وَكَانَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى لِخَلائِهِ وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى) صحيح أبي داود (26).
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (1/ 160):هَذِهِ قَاعِدَة مُسْتَمِرَّة فِي الشَّرْع , وَهِيَ أّنَّ مَا كَانَ مِنْ بَاب التَّكْرِيم وَالتَّشْرِيف كَلُبْسِ الثَّوْب وَالسَّرَاوِيل وَالْخُفّ وَدُخُول الْمَسْجِد وَالسِّوَاك وَالاكْتِحَال , وَتَقْلِيم الأَظْفَار , وَقَصّ الشَّارِب، وَتَرْجِيل الشَّعْر وَهُوَ مَشْطُهُ – يعني: تسريح الشعر – وَنَتْف الإِبِط ,وَحَلْق الرَّاس , وَالسَّلام مِنْ الصَّلاة , وَغَسْل أَعْضَاء الطَّهَارَة ,وَالْخُرُوج مِنْ الْخَلاء , وَالأَكْل وَالشُّرْب , وَالْمُصَافَحَة , وَاسْتِلام الْحَجَر الأَسْوَد , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ يُسْتَحَبّ التَّيَامُن فِيهِ. وَأَمَّا مَا كَانَ بِضِدِّهِ كَدُخُولِ الْخَلاء وَالخروج مِنْ الْمَسْجِد وَالامْتِخَاط وَالاسْتِنْجَاء وَخَلْعِ الثَّوْب وَالسَّرَاوِيل وَالْخُفّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , فَيُسْتَحَبّ التَّيَاسُر فِيهِ, وَذَلِكَ كُلّه لكَرَامَةِ الْيَمِين وَشَرَفهَا. وَاَللَّه أَعْلَم اهـ.
وقال بعض لجان الفتوى: يستحب التيامن في رمي الجمار ولبس الساعة والذبح لعموم الحديث،
قلت: وكذلك في الأخذ والعطاء، وفي المصافحة، وفي الأكل والشرب، وفي الحلق.
-ويستحب في إدارة الماء البدء باليمين فعن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله أتى بلبن قد شيب بماء، وعن يمينه إعرابي، وعن يساره أبو بكر، فشرب ثم أعطى الإعرابي وقال: (الأيمن فالأيمن). أخرجه مسلم (2029). وبوب عليه الإمام النووي رحمه الله (باب استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما عن يمين المبتدأ)
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشربه، وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: لا، والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً فقال: فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيده. أخرجه البخاري ومسلم.
تنبيه: ذكر علماء اللجنة أنه يستحب في صفوف الصلاة التيامن: فقد أخرج أبو داود والنسائي بإسناد صحيح عن البراء بن عازب رضي الله عنه قوله: «كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه» وزاد أبو داود: «فيقبل علينا بوجهه صلى الله عليه وسلم» وهذه الأفضلية داخلة في عموم أفضلية التيمن، وذكروا حديث عائشة رضي الله عنها.
تنبيه: حديث (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف) ضعيف
-هل يستحب ترتيب معين في قلم الأظافر:
قال العراقي رحمه الله في “طرح التثريب” (2/ 77): ” لم يثبت في كيفية تقليم الأظفار حديث يعمل به ” انتهى.
وقال ابن حجر في “فتح الباري” (10/ 345):
“لم يثبت في ترتيب الأصابع عند القص شيء من الأحاديث …. ثم قال: وقد أنكر ابن دقيق العيد الهيئة التي ذكرها الغزالي ومن تبعه وقال: كل ذلك لا أصل له، وإحداث استحباب لا دليل عليه، وهو قبيح عندي بالعالم، ولو تخيل متخيل أن البداءة بمسبحة اليمنى من أجل شرفها فبقية الهيئة لا يتخيل فيه ذلك. نعم، البداءة بيمنى اليدين ويمنى الرجلين له أصل وهو (كان يعجبه التيامن) ” انتهى باختصار.
والله أعلم.
-اختلف الفقهاء في الاستياك هل يكون باليد اليمنى أو باليد اليسرى؟
فذهبت طائفة وهم الجمهور إلى أن الأفضل الاستياك باليد اليمنى لعموم حديث عائشة رضي الله عنها؛ ولأن السواك طاعة وقربة لله تعالى فلا يكون باليسرى. وذهبت طائفة أخرى من العلماء إلى استحباب الاستياك باليد اليسرى؛ لأنه من باب إزالة الأذى وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وفصّل بعض أهل العلم بأن المتسوك إن كان يقصد تحصيل السنة فيستاك باليد اليمنى وإن كان يستاك لإزالة الأذى فباليسرى، والراجح أن الأمر في هذا واسع لعدم ثبوت النص الخاص في المسألة ولكل قول وجهه.