130 لطائف التفسير والمعاني
عبدالله المشجري وعدنان البلوشي وسعيد الصومالي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——-‘——-‘
لطائف التفسير والمعاني
القرطبي ذكر (وجه اتصال) بين بعض الآيات.
وهذه بعض الآيات التي ذكر القرطبي وجه الإتصال بالبحث السريع:
قال تعالى
(وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْب مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَة مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَا ءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)
[سورة البقرة 23]
قوله تعالى: (وإن كنتم في ريب) أي في شك. (مما نزلنا) يعني القرآن، والمراد المشركون الذين تحدوا، فإنهم لما سمعوا القرآن قالوا: ما يشبه هـذا كلام الله، وإنا لفي شك منه، فنزلت اية. *ووجه اتصالهـا* بما قبلها أن الله سبحانه لما ذكر في اية اولى الدلالة على وحدانيته وقدرته ذكر بعدهـا الدلالة على نبوة نبيه، وأن ما جاء به ليس مفترى من عنده.
—–
قال تعالى (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)
[سورة آل عمران 109]
قوله تعالى: (تلك آيات الله) ابتداء وخبر، يعني القرآن. (نتلوهـا عليك) يعني ننزل عليك جبريل فيقرؤهـا عليك. (بالحق) أي بالصدق. وقال الزجاج:” تلك آيات الله” المذكورة حجج الله ودلائله. وقيل:” تلك” بمعنى هـذه ولكنها لما انقضت صارت كأنها بعدت فقيل” تلك” ويجوز أن تكون” آيات الله” بدلا من” تلك” ولا تكون نعتا، لأن المبهم لا ينعت بالمضاف. (وما الله يريد ظلما للعالمين) يعني أنه لا يعذبهم بغير ذنب. (ولله ما في السماوات وما في الأرض) قال المهدوي: *وجه اتصال* هـذا بما قبله أنه لما ذكر أحوال المؤمنين والكافرين وأنه لا يريد ظلما للعالمين، وصله بذكر اتساع قدرته وغناه عن الظلم لكون ما في السموات وما في الأرض في قبضته
—–
قال تعالى
(* وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا)
[سورة النساء 36]:
*ووجه الاتصال* والنظم بما قبله أنه قال سبحانه وتعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا (. ثم ذكر بعد الإيمان الصلاة التي هـي رأس العبادات، ولذلك يقتل تاركها ولا يسقط فرضها، وانجر الكلام إلى ذكر شروطها التي لا تصح إلا بها.
—-
قال تعالى:
(* وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)
[سورة المائدة 27]
فيه مسألتان: الأولى- قوله تعالى: (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق) الأية. *وجه اتصال* هـذه الأية بما قبلها التنبيه من الله تعالى على أن ظلم اليهود، ونقضهم المواثيق والعهود كظلم ابن آدم لأخيه.
——
قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
[سورة المائدة 105]
فيه أربع مسائل: الأولى- قال علماؤنا: *وجه اتصال* هـذه الأية بما قبلها التحذير مما يجب أن يحذر منه، وهـو حال من تقدمت صفته ممن ركن في دينه إلى تقليد آبائه وأسلافه.
—–
قال تعالى ((* يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)
[سورة المائدة 109]
يقال ما (وجه اتِّصال) هذه الآية بما قبلها. فالجواب: إن اتصال الزجر عن الإظهار خلاف الابطان في وصية، أو غيرها مما ينباء أن المجازي عليه عالم به. و (يَوْمَ) ظرف زمان. والتقدير: واتقوا يوم يجمع الله الرسل، عن الزجاج. انتهى
—-
قال تعالى: (* وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّات مَّعْرُوشَات وَغَيْرَ مَعْرُوشَات وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِها وَغَيْرَ مُتَشَابِه كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُو ا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)
[سورة الأنعام 141]
الثالثة- قوله تعالى: (والزيتون والرمان) عطف عليه (متشابها وغير متشابه) نصب على الحال، وفي هـذه أدلة ثلاثة، أحدهـا ما تقدم من قيام الدليل على أن المتغيرات لا بدلها من مغير. الثاني على المنة منه سبحانه علينا، فلو شاء إذ خلقنا ألا يخلق لنا غذاء، إذ خلقه ألا يكون جميل المنظر طيب الطعم، وإذ خلقه كذلك ألا يكون سهل الجني، فلم يكن عليه أن يفعل ذلك ابتداء، لأنه لا يجب عليه شي. الثالث على القدرة في أن يكون الماء الذي من شأنه الرسوب يصعد بقدرة الله الواحد علام الغيوب من أسافل الشجرة إلى أعاليها، حتى إذا انتهى إلى آخرهـا نشأ فيها أوراق ليست من جنسها، وثمر خارج من صفته الجرم الوافر، واللون الزاهـر، والجني الجديد، والطعم اللذيذ، فأين الطبائع وأجناسها، وأين الفلاسفة وأناسها، هـل في قدرة الطبيعة أن تتقن هـذا الإتقان، أو ترتب هـذا الترتيب العجيب! كلا! لا يتم ذلك في العقول إلا لحي عالم قدير مريد. فسبحان من له في كل شي آية ونهاية! *ووجه اتصال* هـذا بما قبله أن الكفار لما افتروا على الله الكذب وأشركوا معه وحللوا وحرموا دلهم على وحدانيته بأنه خالق الأشياء، وأنه جعل هـذه الأشياء أرزاقا لهم.
—–
قال تعالى:
(إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)
[سورة النحل 124]
*ووجه الاتصال* بما قبله أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتباع الحق، وحذر الله الأمة من الاختلاف عليه فيشدد عليهم كما شدد على اليهود.
—–
قال تعالى:
(وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْها وَوَضَعَتْهُ كُرْها وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَة قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
[سورة الأحقاف 15]
فيه سبع مسائل: الأولى- قوله تعالى:” ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا” بين اختلاف حال الإنسان مع أبويه، فقد يطيعهما وقد يخالفهما، أي فلا يبعد مثل هـذا في حق النبي صلى الله عليه وسلم وقومه حتى يستجيب له البعض ويكفر البعض. فهذا *وجه اتصال* الكلام بعضه ببعض، قاله القشيري.
—-
قال تعالى:
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَواةُ الدُّنْيَا لَعِب وَلَهْو وَزِينَة وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُر فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَاما وَفِي الْآخِرَةِ عَذَاب شَدِيد وَمَغْفِرَة مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَان وَمَا الْحَيَواةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَة مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَا ءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَالِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَا ءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)
[سورة الحديد 20 – 21]
قوله تعالى: (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو) *وجه الاتصال* أن الإنسان قد يترك الجهاد خوفا على نفسه من القتل، وخوفا من لزوم الموت، فبين أن الحياة الدنيا منقضية فلا ينبغي أن يترك أمر الله محافظة على ما لا يبقى.
—-
قال تعالى:
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلا فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورا وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَة وَأَصِيلا وَمِنَ الَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلا طَوِيلًا)
[سورة الإنسان 23 – 26]
قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا) ما افتريته ولا جئت به من عندك، ولا من تلقاء نفسك، كما يدعيه المشركون. *ووجه اتصال* هـذه الأية بنا قبل أنه سبحانه لما ذكر أصناف الوعد والوعيد، بين أن هـذا الكتاب يتضمن ما بالناس حاجة إليه، فليس بسحر ولا كهانة، ولا شعر، وأنه حق.
——
قال تعالى:
(فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّاء دَافِق يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائبِ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِر)
[سورة الطارق 5 – 8]
قوله تعالى: (فلينظر الإنسان) أي ابن آدم مم خلق *وجه الاتصال* بما قبله توصية الإنسان بالنظر في أول أمره وسنته الأولى، حتى يعلم أن من أنشأه قادر على إعادته وجزائه، فيعمل ليوم الإعادة والجزاء، ولا يملي على حافظه إلا ما يسره في عاقبة أمره.
——