130 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله المشجري وعبدالملك وأحمد بن علي وناجي الصيعري وعلي الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسند البراء بن عازب رضي الله عنهما
130 – قال أبو داود رحمه الله (ج 4 ص 341): حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أخبرَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ».
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح، إلا عبد الرحمن بن عوسجة، وقد وثَّقه النسائي.
الحديث أخرجه النسائي (ج 2 ص 179).
وابن ماجه (ج 1 ص 426)، كلاهما من حديث شعبة، عن طلحة بن مُصَرِّفٍ به.
وأخرجه أحمد (ج 4 ص 283 و 285)، والحاكم في “المستدرك” (ج 1 ص 71) وقد استفاض من طرقه إلى (ص 75) فجزاه الله خيرًا.
ولعبد الرحمن بن عوسجة متابع، قال الدارمي رحمه الله (ج 2 ص 565): حدثنا محمد بن بكر، ثنا صدقة بن أبي عمران، عن علقمة مَرْثَدٍ، عن زاذان أبي عمر، عن البراء بن عازب به.
وهذا السند صالح في الشواهد والمتابعات؛ صدقة بن أبي عمران مختلف فيه، والظاهر أنه يصلح في الشواهد والمتابعات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولاً: دراسة الحديث رواية:
* سئل الدارقطني في العلل 1939 عن حديث أبي صالح، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: زينوا القرآن بأصواتكم.
فقال: يرويه الأعمش، واختلف عنه؛ فرواه علي بن الحسن الذهلي، عن أسباط بن محمد، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، ووهم فيه.
والصحيح: عن الأعمش، عن طلحة، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء.
* قال ابن الملقن في البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير (9/ 638): ” وخرج طرقه الحاكم في «مستدركه» من حديث البراء بن عازب من عشرين طريقا عند ذكر ذلك كله بأسانيد واضحة”.
* صححه الألباني في سنن أبي داود 1468.
* وقال محققو سنن أبي داود (2/ 594 – 595): ” إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، والأعمش: هو سليمان ابن مهران، وطلحة: هر ابن مُصرِّف بن عمرو اليامي. وأخرجه النسائي في “الكبرى” (1089) و (7996) عن علي بن حُجر، عن جرير، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1342)، والنسائي (1090) من طريق شعبة، عن طلحة، به. وعلقه البخاري في “صحيحه” كتاب التوحيد بإثر الحديث (7543)، فقال: باب قول النبي – صلَّى الله عليه وسلم -: “الماهر بالقرآن مع الكرام البررة، وزينوا القرآن بأصواتكم”. وهو في “مسند أحمد” (18494)، و”صحيح ابن حبان” (749).”
* صحح إسناده محقق سنن الدارمي 3543 حسين سليم أسد.
* جاء في الصحيح المسند برقم 1442 من مسند أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” زينوا القرآن بأصواتكم “.
* جاء عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ».
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 171) برقم 11704: رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ صَالِحُ بْنُ مُوسَى وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
* مما ورد في معنى الحديث:
قال البخاري:
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة» وزينوا القرآن بأصواتكم ”
ثم أورد بسند عن عن أبي هريرة، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به» 7544
ثم حديث عدي بن ثابت، أراه قال: سمعت البراء، قال: ” سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء: والتين والزيتون فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه ”
وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «يا أبا موسى، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود».
صحيح البخاري – ط السلطانية (6/ 195)
عن عبد الله بن مغفل قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ وهو على ناقته، أو جمله، وهي تسير به، وهو يقرأ سورة الفتح، أو من سورة الفتح، قراءة لينة، يقرأ وهو يرجع»
صحيح البخاري – ط السلطانية (6/ 195)
عن عمرو بن الحارث رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» وقال ميسرة، مولى فضالة، عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الله أشد إذنا إلى رجل حسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته»
خلق أفعال العباد للبخاري (ص68)
عن أبي موسى رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” إني لأعرف رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالليل من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار: ومنهم حكيم إذا لقي الخيل أو قال العدو، قال لهم: إن أصحابي يأمرونكم أن تنظروهم ”
خلق أفعال العباد للبخاري (ص68)
ومن حديث أبي لبابة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن»، قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت؟ قال: «يحسنه ما استطاع».
[حكم الألباني]: حسن صحيح
سنن أبي داود ت محيي الدين عبد الحميد (2/ 75)
وحديث ” إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن: الذي إذا سمعتموه يقرأ؛
حسبتموه يخشى الله ” حيث صحيح.
أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 575)
وحديث – ” زينوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا ”
سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (2/ 401)
عن إبراهيم، قال: قرأ علقمة على عبد الله، وكان حسن الصوت، فقال عبد الله: ((رتل فداك أبي، وأمي، فإنه زين القرآن))
سنن سعيد بن منصور – بداية التفسير 1 – 5 ت الحميد (1/ 225)
ومما يدل على تدبر القرآن:
عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ علي، قال: قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري، قال: فقرأت النساء حتى إذا بلغت: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} قال لي: كف، أو أمسك، فرأيت عينيه تذرفان»
صحيح البخاري – ط السلطانية (6/ 197)
عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ القرآن في شهر، قلت: إني أجد قوة، حتى قال: فاقرأه في سبع، ولا تزد على ذلك»
* جاء في السلسلة الضعيفة 5326 زينوا أصواتكم بالقرآن، قال الشيخ الألباني رحمه الله: ” منكر مقلوب وقال: أقول: ففي هذه الطرق والمتابعات والشواهد دلالة قاطعة على أن حديث الترجمة منكر مقلوب؛ لمخالفة راويه هذه الروايات، والنكارة تثبت بأقل من ذلك؛ كما لا يخفى على المشتغلين بهذا العلم الشريف.
وأما المعنى: فقال الخطابي، في الحديث المحفوظ: زينوا القرآن بأصواتكم”،: معناه: زينوا أصواتكم بالقرآن! من باب المقلوب كما قالوا: عرضت الناقة على الحوض؛ أي: عرضت الحوض على الناقة. وكقولهم: إذا طلعت الشعرى واستوى العود على الحرباء؛ أي: استوى الحرباء على العود. ثم روى بإسناده الصحيح عن شعبة قال: نهاني أيوب أن أحدث: زينوا القرآن بأصواتكم”. ثم قال: قلت: ورواه معمر عن منصور عن طلحة، فقدم الأصوات على القرآن، وهو الصحيح”، ثم ساق إسناده إلى الدبري بسنده المتقدم. ثم قال: والمعنى: اشغلوا أصواتكم بالقرآن، والهجوا بقراءته، واتخذوه شعارًا وزينة.
والجواب من وجوه: أولًا: أن القلب المدعى خلاف الأصل؛ فالواجب التمسك بالأصل ما دام ممكنًا، وهو كذلك هنا عند الجمهور؛ كما سيأتي.
ثانيًا: ما رواه عن شعبة أن أيوب نهاه أن يحدث بحديث: زينوا القرآن … “؛ ليس لأنه حديث مقلوب كما يدعي الخطابي، وإنما خشية أن يتأوله المبتدعة بما يخالفون به السنة؛ فقد رواه أبو عبيد القاسم بن سلام أيضًا بإسناده الصحيح عن شعبة به، وقال عقبه: وإنما كره أيوب، فيما نرى، أن يتأول الناس بهذا الحديث الرخصة من رسول الله صلي الله عليه وسلم في الألحان المبتدعة، فلهذا نهاه أن يحدث به.
ذكره ابن كثير في “فضائل القرآن” (ص 56)، ثم قال عقبه: قلت: ثم إن شعبة رحمه الله روى الحديث متوكلًا على الله كما روي له، ولو ترك كل حديث يتأوله مبطل؛ لترك من السنة شيء كثير، بل قد تطرقوا إلى تأويل آيات كثيرة من القرآن، وحملوها على غير محاملها الشرعية المرادة، وبالله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثالثًا: ما عزاه لغير واحد من أئمة الحديث من أن المعنى: زينوا أصواتكم بالقرآن”! فهو، مع أنه لم يسنده إليهم، ولا سمى واحدًا منهم،؛ فهو مردود بما في “غريب ابن الأثير”؛ فإنه ذكر هذا المعنى المقلوب (!) ولم يعزه لأحد، ثم أتبعه بقوله: وقيل: أراد ب- القرآن): القراءة، فهو مصدر (قرأ يقرأ قراءة وقرآنًا)؛ أي: زينوا قراءتكم القرآن بأصواتكم، ويشهد لصحة هذا، وأن القلب لا وجه له،: حديث أبي موسى: أن النبي صلي الله عليه وسلم استمع إلى قراءته فقال: لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود”، فقال: لو علمت أنك تستمع؛ لحبرته لك تحبيرًا؛ أي: حسنت قراءته وزينتها، ويؤيد ذلك، تأييدًا لا شبهة فيه، حديث ابن عباس: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: لكل شيء حلية، وحلية القرآن حسن الصوت”. والله أعلم.
قلت: حديث ابن عباس هذا ضعيف الإسناد لا تقوم به حجة، كما تقدم بيانه برقم (4322)، فالأولى الاستدلال بالزيادة المتقدمة في بعض طرق حديث البراء المحفوظ بلفظ: فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا.
ويشهد أيضًا لصحة ما تقدم حديث: ليس منا من لم يتغن بالقرآن”؛ فإن المراد به وبأمثاله تحسين الصوت، وبذلك فسره جماعة من السلف؛ منهم ابن أبي مليكة، والراوي عنه بهذا الحديث، وهو عبدالجبار بن الورد،؛ فإنه قال عقب الحديث: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد! أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت؟ قال: يحسنه ما استطاع.
أخرجه أبو داود، وهو في “صحيحه” برقم (1322،1323). قال ابن كثير عقبه: فقد فهم من هذا أن السلف رضي الله عنهم إنما فهموا من التغني بالقرآن إنما هو تحسين الصوت به وتحزينه؛ كما قال الأئمة رحمهم الله.
ويشهد له أيضًا حديث أبي هريرة مرفوعًا: ما أذن الله بشيء ما أذن (وفي لفظ: كأذنه) لنبي [حسن الصوت (وفي لفظ: حسن الترنم)]، يتغنى بالقرآن [يجهر به].
قال الحافظ في “الفتح” بعد أن ذكر الخلاف في تفسير التغني لغة (9/ 63): ظواهر الأخبار ترجح أن المراد: تحسين الصوت، ويؤيده قوله: يجهر به”؛ فإنها إن كات مرفوعة قامت الحجة به، وإن كانت غير مرفوعة؛ فالراوي أعرف بمعنى الخبر من غيره؛ لا سيما إذا كان فقيهًا. ولا شك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم؛ لأن للتطريب تأثيرًا في رقة القلب، وإجراء الدمع، وكان بين السلف اختلاف في جواز القرآن بالألحان، أما تحسين لصوت، وتقديم حسن الصوت على غيره؛ فلا نزاع في ذلك … ومحل هذا الاختلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه، فلو تغير؛ قال النووي في “التبيان”: أجمعوا على تحريمه. ولفظه: أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقرآن؛ ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن خرج حتى زاد حرفًا أو أخفاه؛ حرم. ثم ذكر (9/ 80) أن ابن أبي داود أخرج من طريق ابن أبي مشجعة قال: كان عمر يقدم الشاب الحسن الصوت؛ لحسن صوته بين يدي القوم.
ومن طريق أبي عثمان النهدي قال: دخلت دار أبي موسى الأشعري، فما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا ناي أحسن من صوته. وقال الحافظ: سنده صحيح؛ وهو في “الحلية” لأبي نعيم [1/ 258].
وجملة القول: أن الخطابي أخطأ خطأ فاحشًا في تصحيحه لحديث الترجمة، وترجيحه إياه على اللفظ الصحيح المخالف له، مع كثرة طرقه وشواهده، وتفرد أحد الرواة برواية معارضه، كما أخطأ في ادعائه أن معنى الحديث على القلب، والكمال لله تعالى وحده.
فإن قيل: فإن لحديث الترجمة شاهدًا من حديث ابن عباس مرفوعًا بلفظ: زينوا أصواتكم بالقرآن … “؛ مثل حديث الترجمة. وفي رواية: أحسنوا الأصوات بالقرآن”
أوردهما الهيثمي في “مجمع الزوائد” (7/ 170)، وقال: رواه الطبراني بإسنادين، وفي إحدهما عبدالله بن خراش، وثقه ابن حبان وقال: ربما أخطأ”، ووثقه البخاري وغيره، وبقية رجاله رجال (الصحيح) “!
فأقول: كلا الإسنادين ضعيف جدًّا؛ فلا يفرح بهما ولا يستشهد بهما مطلقًا؛ لشدة ضعف رواتهما؛ فكيف مع المخالفة لأحاديث الثقات، كما هو الشأن هنا؟!
– وأورده العقيلي في “الضعفاء” (201 – 202)، وساق له أحاديث منكرة، وقال عقبها: كلها غير محفوظة، ولا يتابعه إلا من هو دونه أو مثله.
وله اسناد آخر
أخرجه ابن عدي (ق 156/ 1) في ترجمة البقال، مشيرًا إلى أنه هو علة الحديث”. انتهى ملخصا من الفتح
* جاء في السلسلة الصحيحة 771 ” زينوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا “.
* ترجمة راوي الحديث: البراء بن عازب رضي الله عنه.
قال ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 411): ” 618 – البراء بن عازب بن الحارث بن عديّ بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاريّ الأوسيّ، يكنى أبا عمارة. ويقال أبو عمرو.
له ولأبيه صحبة، ولم يذكر ابن الكلبي في نسبه مجدعة وهو أصوب.
قال أحمد: حدثنا يزيد عن شريك، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: استصغرني رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يوم بدر أنا وابن عمر، فردّنا فلم يشهدها.
وقال أبو داود الطّيالسيّ في مسندة: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق، سمع البراء يقول:
استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر.
ورواه عبد الرّحمن بن عوسجة عن البراء نحوه، وزاد: وشهدت أحدا. أخرجه السّراج.
وروي عنه أنه غزا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أربع عشرة غزوة. وفي رواية خمس عشرة. إسناده صحيح.
وشهد غزوة تستر مع أبي موسى، وشهد البراء مع علي الجمل وصفّين، وقتال الخوارج، ونزل الكوفة وابتنى بها دارا، ومات في إمارة مصعب بن الزبير.
وأرّخه ابن حبّان سنة اثنتين وسبعين.
وقد روى عن النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم جملة من الأحاديث، وعن أبيه وأبي بكر وعمر وغيرهما من أكابر الصحابة: أبو جحيفة، وعبد اللَّه بن يزيد الخطميّ، وجماعة آخرهم أبو إسحاق السبيعي.
ثانيًا: دراسة الحديث دراية:
1 – تبويبات الأئمة على أحاديث الباب:
* بوب البخاري رحمه الله في صحيحه بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المَاهِرُ بِالقُرْآنِ مَعَ الكِرَامِ البَرَرَةِ» وَزَيِّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ ” وأورد تحته من الأحاديث ما يأتي:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ»
· … عن عَائِشَةَ، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، وَكُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ، قَالَتْ: ” فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ يُبَرِّئُنِي، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ فِي شَانِي وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَانِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} العَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا.
· … عن البَرَاء، قَالَ: ” سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي العِشَاءِ: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ ”
· … عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ” كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَارِيًا بِمَكَّةَ، وَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، فَإِذَا سَمِعَ المُشْرِكُونَ سَبُّوا القُرْآنَ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {[ص:159] وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] ”
- … عن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لَهُ: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ لِلصَّلاَةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ: «لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ، وَلاَ شَيْءٌ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ»، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
· … عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ القُرْآنَ وَرَاسُهُ فِي حَجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ»
* بوب النووي في صحيح مسلم بَابُ اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، وأورد الإمام مسلم عدة أحاديث منها غير ما تقدم:
من رواية حديث أبي هريرة المتقدم «مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ، يَجْهَرُ بِهِ».
· … عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ أَو الْأَشْعَرِيَّ أُعْطِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ».
· … عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي مُوسَى: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ».
* بوب أبو داود في سننه 1470 باب اسْتِحْبَابِ التَّرْتِيلِ فِى الْقِرَاءَةِ، وأورد تحته من الأحاديث: - … عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَا وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِى الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا» [قال الألباني: حسن صحيح، وصححه محققو سنن أبي داود لغيره].
· … عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ كَانَ يَمُدُّ مَدًّا. [البخاري (5045)]
· … عَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَصَلاَتِهِ فَقَالَتْ وَمَا لَكُمْ وَصَلاَتَهُ كَانَ يُصَلِّى وَيَنَامُ قَدْرَ مَا صَلَّى ثُمَّ يُصَلِّى قَدْرَ مَا نَامَ ثُمَّ يَنَامُ قَدْرَ مَا صَلَّى حَتَّى يُصْبِحَ وَنَعَتَتْ قِرَاءَتَهُ فَإِذَا هِىَ تَنْعَتُ قِرَاءَتَهُ حَرْفًا حَرْفًا. [ضعفه الألباني، وصححه محققو سنن أبي داود لغيره وإسناده ضعيف على اختلاف في متنه]
· … عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ عَلَى نَاقَةٍ يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفَتْحِ وَهُوَ يُرَجِّعُ. [أخرجه البخاري (4281) و (4835) و (5034) و (5047) و (7540)، ومسلم (794) الترجيع: هر تقاربُ ضروب الحركات في القراءة، وأصله: الترديد، وترجيع الصوت: ترديده في الحلق. سنن أبي داود ت الأرنؤوط (2/ 594)]
حديث الباب. - … عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ وَقَالَ قُتَيْبَةُ هُوَ فِى كِتَابِى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ». [صححه الألباني، وقال محققو سنن أبي داود: إسناده صحيح. وقد اختلف فيه على ابن أبي مليكة كما أشار إليه البزار بإثر الحديث (2192)، والصحيح ما رواه عن عبد الله – أو عبيد الله – بن أبي نهيك، عن سعد بن أبي وقاص كما هو عبد المصنف هنا، كذلك رواه الليث بن سعد هنا وسفيان ابن عيينة في الطريق الآتي بعده، وكذلك رواه سعيد بن حسان المخزومي، ثلاثتهم عن ابن أبي مليكة. وقد صححه من هذا الطريق المزي في “الأطراف” 3/ 304، والذهبي في “تجريد أسماء الصحابة” 1/ 222، وابن حجر في “الإصابة” 3/ 287.]
· … عَنْ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِثْلَهُ. [صححه الألباني] - … قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى يَزِيدَ مَرَّ بِنَا أَبُو لُبَابَةَ فَاتَّبَعْنَاهُ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَإِذَا رَجُلٌ رَثُّ الْبَيْتِ رَثُّ الْهَيْئَةِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ». قَالَ فَقُلْتُ لاِبْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوْتِ قَالَ يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ. [قال الألباني حسن صحيح، وقال محققو سنن أبي داود: حديث صحيح لكن من رواية ابن أبي مليكة، عن ابن أبي نهيك، عن سعد ابن أبي وقاص، كما في الطريقين السالفين قبله. وهذا إسناد رجاله ثقات غير إنه إن صح ذكر عبيد الله بن أبي يزيد في إسناده، ففي سماعه من أبي لبابة وقفة، فقد قال ابن معين في رواية الدوري 2/ 384: لا أدري سمع من أبي لبابة أم لا. وقد انفرد عبد الجبار ابن الورد في تسمية عبيد الله بن أبي يزيد في هذا الإسناد. وعبد الجبار هذا – وإن وثقه الأكثرون – ذكر البخاري أنه يخالف في بعض حديثه، ولهذا قال الطحاوي في “شرح المشكل” بعد إيراده من هذا الطريق (1308): هكذا قال، وإنما هو ابن أبي نهيك. ثم أسنده من طريق آخر عن عبد الجبار بن الورد (1309)، فسماه على الصواب.]
· … قَالَ وَكِيعٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ يَعْنِى يَسْتَغْنِى بِهِ.
* بوب ابن ماجه في سننه بَابٌ فِي حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، وأورد تحته من الأحاديث غير ما تقدم: - … عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِابْنِ أَخِي، بَلَغَنِي أَنَّكَ حَسَنُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ، فَإِذَا قَرَاتُمُوهُ فَابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا، وَتَغَنَّوْا بِهِ فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنَّا» [ضعفه الألباني، وقال البوصيري في الزوائد: في إسناده أبو رافع. اسمه إسماعيل بن رافع ضعيف متروك، وضعف إسناده محققو سنن ابن ماجه]
· … عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: أَبْطَاتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً بَعْدَ الْعِشَاءِ، ثُمَّ جِئْتُ فَقَالَ: «أَيْنَ كُنْتِ؟» قُلْتُ: كُنْتُ أَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِكَ لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ وَصَوْتِهِ مِنْ أَحَدٍ، قَالَتْ: فَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ حَتَّى اسْتَمَعَ لَهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: «هَذَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مِثْلَ هَذَا» [صححه الألباني، وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات، وحسنه محققو سنن ابن ماجه وقالوا: وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن عبد الرحمن بن سابط كثير الإرسال، لكنه متابع] - … عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ، الَّذِي إِذَا سَمِعْتُمُوهُ يَقْرَأُ، حَسِبْتُمُوهُ يَخْشَى اللَّهَ» [صححه الألباني، وقال البوصيري: إسناده ضعيف لضعف إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع والراوي عنه، وقال محققو سنن ابن ماجه: حسن لغيره إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن جعفر وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع. وفي الباب عن طاووس مرسلًا عند ابن المبارك في “الزهد” (113)، وابن أبي شيبة 10/ 464، والدارمي (3489)، وإسناد الدارمي إلى طاووس صحيح.]
· … عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَلَّهُ أَشَدُّ أَذَنًا إِلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ، مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِ» [ضعفه الألباني، وقال البوصيري: إسناده حسن، وقال محققو سنن ابن ماجه: إسناده ضعيف لجهالة ميسرة مولى فضالة]
* بوب ابن حبان في صحيحه 749 ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَحْسِينِ الْمَرْءِ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ
* بوب محمد بن نصر المروزي في مختصر قيام الليل بَابُ تَحْزِينِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَتَحْسِينِهِ2 – شرح الحديث:
* ينظر شرح الصحيح المسند (1442) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (زينوا القرآن بأصواتكم) في مجموعة السلام (3/ 183).
*و ينظر شرح الصحيح المسند في مجموعة السلام 1271 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا حسن حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال صلى الله عليه وسلم لقد أعطى أبو موسى مزامير داود.
* ينظر: مختلف الحديث رقم: (58) كيف التوفيق بين حديث ((أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الأصغر – فسئل عنه فقال: الرياء)) رواه الطبراني (4/ 253) (4301).
راجع الصحيحة 951، وتخريجنا لمسند أحمد 23636 حيث قلنا ان إسناد الطبري على شرط كتابنا الذيل على الصحيح المسند
من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه. قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/ 225): رجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن شبيب بن خالد، وهو ثقة.
وبين حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى: (لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود، فقال أبو موسى: أكنت تستمع لي يا رسول الله؟
قال: نعم، قال: لو أعلم أنك تستمع لي لحبرته لك تحبيراً)
رواه البخاري و مسلم.
قال ابن تيمية:
يذكر عن إياس بن معاوية أن رجلا قال له ما تقول في الماء قال حلال قال والتمر قال حلال قال فالنبيذ قال ماء وتمر
فقال له إياس بن معاوية أرأيت لو ضربتك بكف من تراب أكنت أقتلك قال لا قال فإن ضربتك بكف من تبن أكنت أقتلك قال لا قال فإن ضربتك بماء أكنت أقتلك قال لا قال فإن أخذت الماء والتبن والتراب فجعلتهما طينا وتركته حتى جف وضربتك به أقتلك قال نعم فقال كذلك النبيذ يقول إن القاتل هو القوة الحاصلة بالتركيب والمفسد للعقل هو القوة المسكرة الحاصلة بالتركيب
وكذلك هنا الذي يسكر النفوس ويلهيها ويصدها عن ذكر الله وعن الصلاة قد يكون في التركيب وليست الأصوات المجتمعة في استفزارها للنفوس وإزعاجها إما بنياحة وتحزين وإما بإطراب وإسكار وإما بإغضاب وحمية بمنزلة الصوت الواحد
وهذا القرآن الذي هو كلام الله وقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى تحسين الصوت به وقال زينوا القرآن بأصواتكم وقال لأبي موسى لقد مررت بك البارحة وأنت تقرأ فجعلت أستمع لقراءتك فقال لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيرا
وكان عمر يقول يا أبا موسى ذكرنا ربنا فيقرأ أبو موسى وهم يستمعون وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أذن الله لشئ كأذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن ويجهر به
وقال لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته
ومع هذا فلا يسوغ أن يقرأ القرآن بألحان الغناء ولا أن يقرن به من الألحان ما يقرن بالغناء من الآلات وغيرها لا عند من يقول بإباحة ذلك ولا عند من يحرمه بل المسلمون متفقون على الإنكار لأن يقرن بتحسين الصوت بالقرآن الآلات المطربة بالفم كالمزامير وباليد كالغرابيل
فلو قال قائل النبي صلى الله عليه وسلم قد قرأ القرآن وقد استقرأه من ابن مسعود وقد استمع لقراءة أبي موسى وقال لقد أوتى مزمارا من مزامير داود فإذا قال قائل إذا جاز ذلك بغير هذه الألحان فلا بتغير الحكم بأن يسمع بالألحان كان هذا منكرا من القول وزورا بأفاق الناس.
الاستقامة (1/ 244)
وقال ابن تيمية أيضا:
والله قد خلق الصوت الحسن وجعل النفوس تحبه وتلتذ به فإذا استعنا بذلك في استماع ما امرنا باستماعه وهو كتابه وفي تحسين الصوت به كما أمرنا بذلك حيث قال زينوا القرآن باصواتكم وكما كان يفعل أصحابه بحضرته مثل أبي موسى وغيره كنا قد استعملنا النعمة في الطاعة وكان هذا حسنا مأمورا به كما كان عمر بن الخطاب يقول لأبي موسى يا أبا موسى ذكرنا ربنا فيقرأ وهم يستمعون وكان أصحاب محمد ص إذا اجتمعوا أمروا واحدا منهم أن يقرأ والباقي يستمعون
فهذا كان استماعهم وفي مثل هذا السماع كانوا يستعملون الصوت الحسن ويجعلون التذاذهم بالصوت الحسن عونا لهم على طاعة الله وعبادته باستماع كتابه فيثابون على هذا الالتذاذ إذ اللذة المأمور بها المسلم يثاب عليها كما يثاب على أكله وشربه ونكاحه وكما يثاب على لذات قلبه بالعلم والإيمان فإنها أعظم اللذات وحلاوة ذلك أعظم الحلاوات
ونفس التذاذه وإن كان متولدا عن سعته وهو في نفسه ثواب فالمسلم يثاب على عمله وعمل ما يتلود عن عمله ويثاب عما يلتذ به من ذلك مما هو أعظم لذة منه فيكون متقلبا في نعمة ربه وفضله
فأما أن يستدل بمجرد استلذاذ الإنسان للصوت أو ميل الطفل إليه أو استراحة البهائم به على جواز أو استحباب في الدين فهو من أعظم الضلال وهو كثير فيمن يعبد الله بغير العلم المشروع
الاستقامة (1/ 342)
* وقال ابن القيم: وقال – لا -: «زينوا القرآن بأصواتكم» وغلط من قال: إن هذا من المقلوب، وإن المراد: زينوا أصواتكم بالقرآن، وإن كان حقًا، فالمراد تحسين الصوت بالقرآن. اهـ. «روضة المحبين» ص (281)
قال ابن قدامة المقدسي في الشرح الكبير (12/ 55) Lاما قراءته من غير تلحين فلا بأس بها وإن حسن صوته به فهو أفضل فإن النبي لا قال (زينوا أصواتكم بالقرآن)
قال أيضا رحمه الله: ” واتفق أهل العلم على أنه تستحب قراءة القرآن بالتحزين والترتيل والتحسين وروى بريدة قال: قال رسول الله لا (اقرءو القرآن بالحزن فإنه نزل بالحزن) ”
الشرح الكبير (12/ 55)
قال النووي رحمه اللهLإنَّ النَّبِيَّ لا قَرَأ ورَجَّعَ فِي قِراءَتِهِ
قالَ القاضِي أجْمَعَ العُلَماءُ عَلى اسْتِحْبابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالقِراءَةِ وتَرْتِيلِها
قالَ أبُو عُبَيْدٍ والأحادِيثُ الوارِدَةُ فِي ذَلِكَ مَحْمُولَةٌ عَلى التَّشْوِيقِ
قالَ واخْتَلَفُوا فِي القِراءَةِ بِالألْحانِ فَكَرِهَها مالِكٌ والجُمْهُورُ لِخُرُوجِها عَمّا جاءَ القُرْآنُ لَهُ مِنَ الخُشُوعِ والتَفَّهُمِ وأباحَها أبُو حَنِيفَةَ وجَماعَةٌ مِنَ السَّلَفِ لِلْأحادِيثِ ولِأنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِلرِّقَّةِ وإثارَةِ الخَشْيَةِ وإقْبالِ النُّفُوسِ عَلى اسْتِماعِهِ
قُلْتُ قالَ الشّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ أكْرَهُ القِراءَةَ بِالألْحانِ وقالَ فِي مَوْضِعٍ لا أكْرَهُها
قالَ أصْحابُنا لَيْسَ لَهُ فِيها خِلافٌ وإنَّما هُوَ اخْتِلافُ حالَيْنِ فَحَيْثُ كَرِهَها أرادَ إذا مَطَّطَ وأخْرَجَ الكَلامَ عَنْ مَوْضِعِهِ بِزِيادَةٍ أوْ نَقْصٍ أوْ مَدِّ غَيْرِ مَمْدُودٍ أوْ إدْغامِ ما لا يَجُوزُ إدْغامُهُ ونَحْوِ ذَلِكَ وحَيْثُ أباحَها أرادَ إذا لَمْ يَكُنْ فِيها تَغَيُّرٌ لِمَوْضُوعِ الكَلامِ واللَّهُ أعْلَمُ).
* قال في “شرح السنة” 4/ 486: قيل: معنى التغني: هو الاستغناء، وإليه ذهب سفيان بن عيينة، فمعناه: ليس منا من لم يستغن بالقرآن عن غيره، وسئل ابن الأعرابي عن هذا فقال: كانت العرب تتغنى إذا ركبت الإبل، وإذا جلست في الأخبية، وعلى أكثر أحوالها، فلما نزل القرآن أحب أن يكون القرآن هجيراهم مكان التغني.
* قال الشافعي: لو كان معني”يتغني بالقرآن” على الاستغناء، لكان: “يتغانى” وتحسين الصوت هو يتغنى، قال الشافعي: فلا بأس بالقراءة بالألحان وتحسين الصوت بأي وجه ما كان، وأحب ما يقَرأ إليّ حدراً وتحزيناً.
* قال الحافظ ابن حجر: وكان بين السلف والخلف اختلاف في جواز القرآن بالألحان، أما تحسين الصوت وتقديم حسن الصوت على غيره، فلا نزاع في ذلك، فحكى عبد الوهاب المالكي عن مالك تحريم القرآن بالألحان، وحكاه أبو الطيب الطبري والماوردي وابن حمدان الحنبلي عن جماعةٍ من أهل العلم، وحكى ابن بطال وعياض والقرطبي من المالكية، والماوردي والبندنيجي والغزالي من الشافعية، وصاحب “الذخيرة” من الحنفية الكراهة، واختاره أبو يعلى وابن عقيل من الحنابلة.
* وحكى ابن بطال عن جماعة من الصحابة والتابعين الجواز، وهو المنصوص للشافعي، ونقله الطحاوي عن الحنفية.
وقال الفوراني من الشافعية في “الإبانه”: يجوز بل يستحب، ومحل هذا الاختلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه، فلو تغير، قال النووي في “التبيان”: أجمعوا على تحريمه، ولفظه: أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقرآن ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن خرج حتى زاد حرفاً أو أخفاه حرم، وأما القراءة بالألحان فقد نص الشافعي في مواضع على كراهته، وقال في موضع آخر: لا بأس به، فقال أصحابه: ليس على اختلاف قولين بل على اختلاف حالين، فإن لم يخرج بالألحان على النهج القويم جاز، وإلا حرم، وحكى الماوردي عن الشافعي أن القراءة بالألحان إذا انتهت إلى إخراج بعض الألفاظ عن مخارجها حرم، وكذا حكى ابن حمدان في “الرعاية”
* قال ابن حبان في صحيحه (3/ 26) بعد إخراجه حديث الباب: ” هَذِهِ اللَّفْظَةُ مِنْ أَلْفَاظِ الْأَضْدَادِ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ لَا زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ”
ثم علق محقق صحيح ابن حبان: ” أي: أن الزينة للصوت لا للقرآن، فهو على القلب كعرضت الإبل على الحوض وأدخلت القلنسوة في رأسي، قال ابن الأثير في “النهاية” 2/ 325: “زينوا القرآن بأصواتكم” قيل: هو مقلوب: أي: زينوا أصواتكم بالقرآن، والمعنى: الهجوا بقراءته وتزينوا به، وليس ذلك على تطريب القول والتحزين، كقوله: ليس منا من لم يتغن بالقرآن، أي: يلهج بتلاوته كما يلهج سائر الناس بالغناء والطرب، هكذا قال الهروي والخطابي ومن تقدمهما، وقال آخرون: لا حاجة إلى القلب، وإنما معناه الحث على الترتيل الذي أمر به في قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} فكأن الزينة للمرتل لا للقرآن، كما يقال: ويل للشعر من رواية السوء، فهو راجع إلى الراوي لا للشعر، فكأنه تنبيه للمقصر في الرواية على ما يعاب عليه من اللحن والتصحيف وسوء الأداء، وحث لغيره على التوقي من ذلك، فكذلك قوله: “زينوا القرآن” يدل على ما يزين به من الترتيل والتدبر ومراعاة الإعراب.
وقيل: أراد بالقرآن القراءة، فهو مصدر يقرا قراءة وقرآناً، أي: زينوا قراءتكم القرآن بأصواتكم، ويشهد لصحة هذا وأن القلب لا وجه له حديث أبي موسى أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم استمع إلى قراءته، فقال: لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود، فقال: لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيراً، أي: حسنت قراءته وزينتها.
قلت: ومما يؤيد تأييداً لا شبهة فيه أن الحديث على بابه وليس للقلب وجه فيه ما أخرجه الدارمي 2/ 474، والحاكم 1/ 575 من حديث البراء مرفوعاً “زينوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً” وسنده قوي، وما أخرجه ابن سعد في “الطبقات” 6/ 90 وابن نصر في “قيام الليل” ص 58 من طريق سعيد بن زربي، حدثنا حماد عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس، قال: كنت رجلاً قد أعطاني اللَّه حسن صوت في القرآن، فكان عبد اللَّه يستقرئني، ويقول: اقرأ فداك أبي وأمي، فإني سمعت النبي صلى اللَّه عليه وسلم يقول: “حسن الصوت تزيين للقرآن” وسعيد بن زربي منكر الحديث، وباقي رجاله ثقات.”.
وممن قرر أن المراد المقروء الشيخ عبدالمحسن العباد وسبق نقل كلامه في شرحنا للحديث رقم (1442) من الصحيح المسند
جاء في كتاب أخلاق حملة القرآن للآجري (ص: 88)
(82) وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ ثَنَا أبُو قُدَامَةَ وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالا: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ».
(83) حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الصَّنْدَلِيُّ ثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» مَا مَعْنَاهُ؟، قَالَ: التَّزْيِينُ أَنْ يُحَسِّنَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: يَنْبَغِي لِمَنْ رَزَقَهُ اللهُ حُسْنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ خَصَّهُ بِخَيْرٍ عَظِيمٍ، فَلْيَعْرِفْ قَدَرَ مَا خَصَّهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَلْيَقْرَاهُ للهِ، لا لِلْمَخْلُوقِينَ، وَلِيَحْذَرْ مِنْ الْمَيْلِ إِلَى أَنْ يُسْتَمَعَ مِنْهُ لِيَحْظَى بِهِ عِنْدَ السَّامِعِينَ، رَغْبَةً فِي الدُّنْيَا، وَالْمَيْلِ إِلَى الثَّنَاءِ، وَالْجَاهِ عِنْدَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، وَالصَّلاةِ بِالْمُلُوكِ دُونَ الصَّلاةِ بِعَوَامِّ النَّاسِ.
فَمَنْ مَالَتْ نَفْسُهُ إَلَى مَا نَهَيْتُهُ عَنْهُ خِفْتُ أَنْ يَكُونَ حُسْنَ صَوْتِهِ فِتْنَةً عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ حُسْنُ صَوْتِهِ إِذَا خَشِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ، وَكَانَ مُرَادُهُ أَنْ يُسْتَمَعَ مِنْهُ الْقُرْآنُ لِيَنْتَبِهَ أَهْلُ الْغَفْلَةِ عَنْ غَفْلَتِهِمْ، فَيَرْغَبُوا فِيمَا رَغَّبَهُمْ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَنْتَهُوا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ. فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ انْتَفَعَ بِحُسْنِ صَوْتِهِ، وَانْتَفَعَ بِهِ النَّاسُ.
* قال النووي في شرحه على مسلم (6/ 78): ” قوله يتغنى بالقرآن معناه عند الشافعي وأصحابه وأكثر العلماء من الطوائف وأصحاب الفنون يحسن صوته به وعند سفيان بن عيينة يستغني به قيل يستغني به عن الناس وقيل عن غيره من الأحاديث والكتب قال القاضي عياض القولان منقولان عن بن عيينة قال يقال تغنيت وتغانيت بمعنى استغنيت وقال الشافعي وموافقوه معناه تحزين القراءة وترقيقها واستدلوا بالحديث الآخر زينوا القرآن بأصواتكم قال الهروي معنى يتغنى به يجهر به وأنكر أبو جعفر الطبري تفسير من قال يستغني به وخطأه من حيث اللغة والمعنى والخلاف جار في الحديث الآخر ليس منا من لم يتغن بالقرآن والصحيح أنه من تحسين الصوت ويؤيده الرواية الأخرى يتغنى بالقرآن يجهر به”.
* قال السندي في حاشيته على النسائي (2/ 179): ” زينوا القرآن بأصواتكم أي بتحسين أصواتكم عند القراءة فإن الكلام الحسن يزيد حسنا وزينة بالصوت الحسن وهذا مشاهد ولما رأى بعضهم أن القرآن أعظم من أن يحسن بالصوت بل الصوت أحق بأن يحسن بالقرآن قال معناه زينوا أصواتكم بالقرآن هكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث وزعموا أنه من باب القلب وقال شعبة نهاني أيوب أن أحدث زينوا القرآن بأصواتكم ورواه معمر عن منصور عن طلحة زينوا أصواتكم بالقرآن وهو الصحيح والمعنى اشتغلوا بالقرآن واتخذوه شعارا وزينة”.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
(جاء في السنة الصحيحة الحث على التغني بالقرآن؛ يعني: تحسين الصوت به، وليس معناه أن يأتي به كالغناء، وإنما المعنى تحسين الصوت بالتلاوة، ومنه الحديث الصحيح: (ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به)، وحديث: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن يجهر به)، ومعناه: تحسين الصوت بذلك كما تقدم.
ومعنى الحديث المتقدم: (ما أذن الله)؛ أي: ما استمع الله (كإذنه)؛ أي: كاستماعه، وهذا استماع يليق بالله لا يشابه صفات خلقه -مثل سائر الصفات- يقال في استماعه سبحانه وإذنه مثل ما يقال في بقية الصفات على الوجه اللائق بالله عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11].
والتغني: الجهر به مع تحسين الصوت والخشوع فيه؛ حتى يحرك القلوب؛ لأن المقصود تحريك القلوب بهذا القرآن؛ حتى تخشع وحتى تطمئن وحتى تستفيد.
ومن هذا قصة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه لما مر عليه النبي لا وهو يقرأ فجعل يستمع له عليه الصلاة والسلام وقال: (لقد أوتي مزمارًا من مزامير آل داود)، فلما جاء أبو موسى أخبره النبي عليه الصلاة والسلام بذلك، قال أبو موسى: “لو علمت يا رسول الله أنك تستمع إلي لحبرتّه لك تحبيرًا”.
ولم ينكر عليه النبي عليه الصلاة والسلام ذلك؛ فدل على أن تحبير الصوت وتحسين الصوت والعناية بالقرآن أمر مطلوب؛ ليخشع القارئ والمستمع، ويستفيد هذا وهذا.
مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 24/ 378
مقدار الجهر:
قال ابن بطال:
قوله (صلى الله عليه وسلم) (زينوا القرآن بأصواتكم) فأحال (صلى الله عليه وسلم) على الأصوات التى تتزين بها التلاوة فى الأسماع، لا الأصوات التى تمجها الأسماع لإنكارها، وجفائها على حاسة السمع، وتألمها بقرع الصوت المنكر وقد قال تعالى: (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) لجهارته والله أعلم وشدة قرعه للسمع، وفى اتباعه أيضا لهذا المعنى بقوله: (ما أذن الله لشاء ما أذن لنبى حسن الصوت بالقرآن) ما يقوى قولنا ويشهد له، وقد تقدم فى فضائل القرآن، ونزيده هاهنا وضوحا، فنقول: إن الجهر المراد فى قوله: (يجهر به) هو إخراج الحروف فى التلاوة عن مساق المحادثة بالأخبار، بإلذاذ أسماعهم بحسن الصوت وترجيعه لا الجهر المنهى عنه الجافى على السامع، كما قال عز وجل للنبى (صلى الله عليه وسلم): (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا) [الإسراء: 110]، وكما قال تعالى فى النبى: (ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض) [الحجرات: 2]، وقوله: (أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) [الحجرات: 2]، دليل أن رفع الصوت على المتكلم بأكثر من صوته من الأذى له، والأذى خطيئة. ويدل على أن المقاومة فى مقدار المتكلمين معافاة من الخطأ، إلا فى النبى (صلى الله عليه وسلم) وحده، فمنع الله من مقاومته فى الآية، توقيرا له وإعظاما.
شرح صحيح البخارى لابن بطال (10/ 542)
قال الشيخ محمد علي آدم الإتيوبي في ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (13/ 12): ” (عن البراء) بن عازب – رضي الله عنهما -، أنه (قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زينوا القرآن بأصواتكم) أي زينوا القرآن بتحسين أصواتكم عند القراءة، فإن الكلام الحسن يزداد حسنا وزينة بالصوت الحسن. ويؤيده ما رواه ابن نصر، والحاكم عن البراء رضي الله عنه أيضًا مرفوعًا: “حسنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا”. (1)
وروى أيضا من طريق علقمة، قال: كنت رجلًا قد أعطاني الله حسن صوت بالقرآن، فكان عبد الله بن مسعود يستقرئني، ويقول لي: اقرأ، فداك أبي وأمي، فإني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: “إن حسن الصوت تزيين للقرآن”. (2)
والحديث يدل على تحسين التلاوة بالصوت. والحكمة في ذلك المبالغة في تدبر المعاني، والتفطن لما تضمنته الآيات من الأوامر، والنواهي، والوعد، والوعيد؛ لأن النفس ميّالة طبعا إلى استحسان الأصوات، وربما يتفرغ الفكر مع حسن الصوت عن الشوائب، فيكون الفكر مجتمعًا، وإذا اجتمع حصل المطلوب من الخشوع والخضوع ….. إلى آخر كلامه رحمه حيث نقل كلام ابن حجر السابق وتعقبه على الخطابي
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
* سئلت اللجنة الدائمة س2: حكم تحسين الصوت في القرآن والأذان؟
ج2: إن كان تحسين الصوت بهما لا يصل إلى حد الغناء بهما فذلك حسن، قال ابن القيم رحمه الله: كان صلى الله عليه وسلم يحب حسن الصوت بالأذان والقرآن ويستمع إليه، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن ويجهر به» متفق عليه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «زينوا القرآن بأصواتكم» رواه أحمد وأصحاب السنن إلا الترمذي وابن حبان والحاكم عن البراء، وزاد الحاكم: «فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا».
قال بعض أهل العلم: معنى يتغنى بالقرآن: يحسن قراءته ويترنم به ويرفع صوته به، كما قال أبو موسى للنبي صلى الله عليه وسلم: لو علمت أنك تسمع قراءتي لحبرته لك تحبيرا وأما أداؤهما بالألحان والغناء فذلك غير جائز، قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه [المغني]: (وكره أبو عبد الله القراءة بالألحان وقال: هي بدعة. . .) إلى أن قال: (وكلام أحمد محمول على الإفراط في ذلك، بحيث يجعل الحركات حروفا ويمد في غير موضعه) (1). اهـ.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
تنبيه: لفظة (التحزين) وردت عن عدد من السلف خلافا لمن منعها من المعاصرين:
عن أبي هريرة “أنه قرأ سورة فحزنها شبه الرثي”
أخرجه ابن أبي داود بإسناد حسن.
قال في مختصر المزني:
وأحب أن يقرأ حدرا وتحزينا
#ابن_حجر “الفتح” (9) / (70)
وقال البيهقي:
1957 – أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن الوليد، أخبرني أبي، حدثنا الأوزاعي، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله بن المهاجر، عن فضالة بن عبيد الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لله أشد إذنا للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته ” قال البيهقي رحمه الله: إنما أراد والله أعلم الاستماع له، وقوله لنبي يتغنى بالقرآن ” يريد به تحسين القارئ صوته به غير أنه يميل به نحو التحزين دون التطريب
شعب الإيمان (3/ 465)
وقال ولي الدين العراقي في طرح التثريب:» (الثّالِثَةُ) فِيهِ اسْتِحْبابُ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالقِراءَةِ وهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ قالَ أصْحابُنا وذَلِكَ يَكُونُ بِالتَّرْتِيلِ وهُوَ التَّأنِّي فِي التِّلاوَةِ وبِالحَدْرِ والتَّحْزِينِ.
وسبق في شرح الصحيح المسند حديث (1442) و (931) أن ابن قدامة و ابن القيّم وابن كثير نقلا مشروعية التحزين