: 13 – الأجوبة المفيدة في مسائل العقيدة
مسألة الصراط.
جمع حسين البلوشي
وشارك مجموعة عبدالحميد البلوشي. وإبراهيم البلوشي وطارق أبي تيسير. ونورس. ومحمد البلوشي. وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———‘——–‘——-
الأجوبة المفيدة في مسائل العقيدة
مسألة: الصراط
قال السفاريني: قال العلماء الصراط في اللغة الطريق الواضح ومنه قول جرير:
أميرُ المؤمنينَ على صراطٍ *** إذا اعوجَّ المواردُ مستقيمِ …
وفي الشرع: جسر ممدود على متن جهنم يرده الأولون والآخرون اهـ. (لوائح الأنوار:2/ 221)
وهو يستعمل بلفظ الصاد أو السين أو الزاي
قال ابن ابي العز في شرح الطحاوية: ونؤمن بالصراط: وهو جسر على جهنم إذا انتهى الناس بعد مفارقتهم الموقف إلى الظلمة التي دون الجسر
· الأدلة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجَسْرُ قَالَ مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلَالِيبُ وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ الْمُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا] أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد
[وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ وَبِهِ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ أَمَا رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ] قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ [فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهَا لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ مِنْهُمْ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمْ الْمُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو] متفق عليه من حديث أبي هريرة
· الإجماع على إثبات الصراط.
قال الرازييان في عقيدتهما: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم … والصراط حق اهـ.
قال السفاريني: اتفقت الكلمة على إثبات الصراط في الجملة لكن أهل الحق يثبتونه على ظاهر ما ورد من كونه جسرا ممدودا على متن جهنم أحد من السيف وأدق من الشعرة وأحمى من الجمرة (لوائح الانوار:2/ 215)
وممن نقل الإجماع في إثبات الصراط أبو عمرو الداني في الرسالة الوافية (78)
قال ابن القطان: وأجمعوا أن الصراط جسر ممدود على جهنم يجوز عليه العباد بقدر أعمالهم وأنهم يتفاوتون بالإبطاء والسرعة على قدر ذلك (الاقناع في مسائل الاجماع:1/ 52)
· حال الناس على الصراط.
– النور الذي يعطونه.
{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)}
قال الشيخ ربيع المدخلي: ويعطي الله المؤمنين عند مرورهم على الصراط نورا على قدر إيمانهم وأعمالهم ويستمر هذا النور.
وأما المنافقون فهم يدخلون الصراط ومعهم نور حتى إذا توسطوا الصراط أطفأ الله نور المنافقين (قرة العينين بتوضيح معاني عقيدة الرازيين:81)
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة، ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم، وأدناهم نورا من نوره أعلى إبهامه فيطفأ مرة ويَقِدُ مرة. أخرجه الطبري: 27/ 223
قال الإمام البغوي رحمه الله: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ} يعني على الصراط {بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} يعني عن أيمانهم. قال بعضهم: أراد جميع جوانبهم، فعبر بالبعض عن الكل وذلك دليلهم إلى الجنة. اهـ.
{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)}
قال الإمام البغوي في تفسيره: {نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} نستضيء من نوركم، وذلك أن الله تعالى يعطي المؤمنين نورًا على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط، ويعطي المنافقين أيضا نورًا خديعةً لهم، وهو قوله عز وجل “وهو خادعهم” (النساء -141) فبيناهم يمشون إذ بعث الله عليهم ريحًا وظلمة فأطفأت نور
المنافقين، فذلك قوله: “يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا” (التحريم -8) مخافة أن يسلبوا نورهم كما سلب نور المنافقين. وقال الكلبي: بل يستضيء المنافقون بنور المؤمنين، ولا يعطون النور، فإذا سبقهم المؤمنون وبقوا في الظلمة قالوا للمؤمنين، انظرونا نقتبس من نوركم اهـ.
– المرور بحسب أعمالهم.
[الْمُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا] وجاء في الحديث [تجري بهم أعمالهم]
وفي هذا بيان حال الناس على الصراط وأن سرعتهم مقيدة بالأعمال لا بسرعتهم في الدنيا فالأمر راجع إلى أعمال العبد لا إلى قوته البدنية في الدنيا
والناس منهم من يؤخذ ويخطف فليسوا على سواسية.
وجاء في الحديث المتفق عليه [فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو] (فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم من يخردل) كلا الفعلين على بناء المجهول، يقال: أوبقه أهلكه، ويروى بالثاء المثلثة من أوثقه قيده. ويخردل -بالخاء المعجمة-: فعن الخليل: خردله ألقاه وطرحه. وقيل: قطعه قِطعًا صغارًا كحب الخردل الَّذي هو مَثَلٌ في الصغر. وهذا أوفق بالكلاليب.
– أصناف المارين على الصراط
قال بن أبي جمرة يؤخذ منه أن المارين على الصراط ثلاثة أصناف ناج بلا خدوش وهالك من أول وهلة ومتوسط بينهما يصاب ثم ينجو وكل قسم منها ينقسم أقساما تعرف بقوله: بقدر أعمالهم. انظر ” فتح الباري” ((11) / (454))
· وصف الصراط
– أنه كحد الشعرة والسيف. كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
– في حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به
كما جاء في الحديث [في حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به] الكلوب: مفرد الكلاليب وهو حديدة معوجة الرأس تشبه الخطاف
– وجاء في وصفها وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ تَكُونُ بِنَجْدٍ، يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ
كما هو لفظ الحديث و الحسك
حسك السعدان جمع حسكة وهي شوكة حديدة صلبة (تفسير غريب ما في الصحيحين للأزدي:96)
المُفَلْطَح: الذي فيه عَرْض واتِّساع (النهاية في غريب الحديث:3/ 918)
– دحض مزلة قيل يا رسول الله وما الجسر قال [دحض مزلة]
الزلق يقال مكان دحض أي زلق (تفسير غريب ما في الصحيحين للأزدي:60)
قال الإمام القاسم بن سلام: الدَّحض: الزَّلَق والمَزِلة والمزَلة [مثله -] لغتان (غريب الحديث:4/ 41)
– أنه ذو حرارة.
ذكره بعض أهل العلم ولم أجد حديثا صحيحا فيه إنما ورد حديث قال صلى الله عليه وسلم: “نعم حين يوضع الصراط، ولا أملك لأحد فيها شفاعة، حتى أعلم أين يسلك بي؟ ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه، حتى أنظر ماذا يفعل بي -أو قال: يوحى-وعند الجسر حين يستحد ويستحر” فقالت: وما يستحد وما يستحر؟ قال: “يستحد حتى يكون مثل شفرة السيف، ويستحر حتى يكون مثل الجمرة … ] قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: هذا حديث غريب [جدا]، وفيه ألفاظ منكر رفعها، وفي الإسناد من لم يُسَمّ، ومثله لا يحتج به.
ومن وجد في ذلك حديثا صحيحا يفيدنا مشكورا مأجورا
– أنه صراط عظيم.
ويتبيين عظم الصراط في معرفة وصف النار فالصراط منصوب على متن جهنم يعني على ظهرها، و يؤتى بجهنم يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها فمن تأمل هذا علم عظم هذا الصراط.
· أول من يمر على الصراط.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وأول من يعبر الصراط المستقيم من الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ومن الأمم أمته لقول النبي صلى الله عليه وسلم [فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعاء الرسل يومئذ اللهم سلم سلم] اهـ (شرح لمعة الاعتقاد:104)
· متى خلق الصراط.
قال السفاريني بعد أن ذكر ما هو الصراط: وخلق من حين خلقت جهنم اهـ (لوائح الأنوار:2/ 221)
وقال مرة: الحق أن الصراط مخلوق الآن ونقل بعض العلماء عن بعض أهل التحقيق أنه يجوز أن يخلقه الله تعالى حين يضرب على متن جهنم ويجوز أن يكون خلقه حين خلق جهنم ونحوه في كلام القاضي عياض (لوائح الأنوار: 2/ 218)
والصحيح أنه لا يقال بقول من الأقوال إلا إذا ثبت النص به إذ أنه أمر غيبي لا يعلم باجتهاد.
· هل القنطرة من الصراط أم أنه صراط آخر.
جاء في الحديث [يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا] أخرجه البخاري6535
قال الحافظ في الفتح: واختلف في القنطرة المذكورة فقيل هي من تتمة الصراط وهي طرفه الذي يلي الجنة.
وقيل إنها صراط آخر وبه جزم القرطبي (فتح الباري:11/ 406)
وقوله صلى الله عليه وسلم: (فيحبسون)
قال القرطبي: هذا في حق من لم يدخل النار من عصاة الموحدين أما من دخلها ثم أخرج منها فإنهم لا يحبسون (التذكرة:408)
6/ 13
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: في قوله يخلص المؤمنون من النار:
ينجون من السقوط فيها بمجاوزة الصراط فيها اهـ
· الصراط المعنوي.
والصراط الذي ذكر في الكتاب والسنة صراطان: أحدهما معنوي، وهو في الدنيا، وهو دين الله وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن استقام على هذا الصراط المعنوي فإنه يستقيم على ذلك الصراط
· إثبات كون الصراط كحد السيف وحد الشعرة
1_ جاء في مسلم عن أبي سعيد–إلى آخر الحديث- قال أبو سعيد بلغني أن الجسر أدق من الشعرة وأحد من السيف.
تكلم بعضهم في هذه الرواية من جهة سويد بن سعيد بكلام ابن معين فيه وغيره والجواب:
أن الرواية في مسلم ليس من طريق سويد إنما من طريق عيسى بن حماد وهو ثقة فلا مطعن في الإسناد
ولو كان من طريق سويد لكان الجواب:
أن الأئمة بينوا أنه لما كبر عمي فتلقن وما قبله فصدوق قال الحاكم أبو أحمد: عمى فى أخر عمره فربما لقن ما ليس من حديثه، فمن سمع
منه و هو بصير فحديثه عنه أحسن اهـ. ويحمل من هذا حاله واخرج له مسلم على أمرين:1أن مسلما انتقى من أحاديثهم فلا يروي عنهم كل ما جاء عنهم 2 أن يكون الضعف المنتقد الذي احتج به طرأ بعد أخذه عنه. كما هو مبين في كتب مصطلح الحديث.
ولكن هنا علة لم ينتبه لها المنتقدون وهي مخالفة يحيى بن عبد الله بن بكير كما عند الدارقطني وأبو صالح كاتب الليث فروياه بلفظ قال سعيد بن أبي هلال: بلغني أن الجسر أدق من الشعرة، وأحد من السيف.
2_ قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لَهِيعة، عن خالد بن أبي عِمْران، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، هل يذكر الحبيب حبيبه يوم القيامة؟ قال: “يا عائشة، أما عند ثلاث فلا …… ولجهنم جسر أدق من الشعر وأحد من السيف.
ابن لهيعة ضعيف
3_ جاء موقوفا عن ابن مسعود ومرفوعا: [ويمرون على الصراط والصراط كحد السيف دحض مزلة]
عند الحاكم فيه يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد صدوق يخطى كثيرا ويدلس وقد صرح وتابعه زيد بن أبى أنيسة كما في السنة لعبد الله بن الامام أحمد ورجح الدارقطني الرفع علل (854) قال الإمام ابن رجب في تخويف أهل النار خرجه الحاكم وصححه هو وغيره من الحفاظ
7/ 13
4_ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم [ثم يضرب الصراط بين ظهراني جهنم، وهو كحد السيف بحافتيه حسك، وسعدان] أخرجه الدارقطني في الرؤية
إسناده حسن من حديث الزهري عن الأغر به وورد عن أبي هريرة بنحوه في اللفظ في مسند احمد بن المنيع نقلا عن الحافظ وفيه نجيح وهو ضعيف فالإسناد الأول كاف ومع هذه تزداد قوة وورد في حديث الصور عن أبي هريرة وإسناده ضعيف.
5_ عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ” يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السموات و الأرض لوسعت، فتقول
الملائكة: يا رب لمن يزن هذا؟ فيقول الله تعالى: لمن شئت من خلقي، فتقول
الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، و يوضع الصراط مثل حد الموسى، فتقول
الملائكة: من تجيز على هذا؟ فيقول: من شئت من خلقي، فيقولون: سبحانك ما
عبدناك حق عبادتك “.
قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة: و قد رواه الآجري في ” الشريعة ” (382) عن عبيد الله
بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حماد بن سلمة به موقوفا على سلمان.
و إسناده صحيح، و له حكم المرفوع، لأنه لا يقال من قبل الرأي.
6_ عن أنس بن مالك، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” الصراط كحد الشعرة، وكحد السيف، وإن الملائكة تحجز المؤمنين والمؤمنات، وأن جبريل عليه الصلاة والسلام يحجزني، وإني لأقول: يا رب: سلم سلم: فالزالون والزالاّت يومئذ كثير “.
جاء في الفتن والملاحم نقلا عن البيهقي وفي إسناده زياد النميري وهو ضعيف إذا روى عنه ثقة وإذا روى عنه غير الثقات فيشتد ضعفه قال ابن عدي: ذا روى عن زياد النميرى ثقة فلا بأس بحديثه وقال: و لزياد النميرى غير ما ذكرت من الحديث عن أنس، و الذى ذكرت له من الحديث من يرويه عنه فيه نظر، و البلاء منهم لا منه اهـ. والراوي عنه أبو سعيد المؤدب صدوق يهم والمؤدب عامة العلماء على توثيقه لكن كلام البخاري فيه شديد فليراجع.
وله إسناد آخر لكنه شديد الضعف
الخلاصة:
الحديث صح عن أبي هريرة وابن مسعود مرفوعا وسلمان في حكم الرفع
وحديث أنس يتقوى بحديث عائشة وحديث أبي هريرة عند ابن المنيع
8/ 13
وأما الموقوف على أبي سعيد لعل الأقرب أنه من قول سعيد بن أبي هلال.
– ما جاء عن بعض العلماء أن ماهية الصراط شعرة من شعر جفون مالك خازن النار:
فيقول فيه السفاريني: من الخرافات الباردة … فهو كلام تنبؤ عنه الأفهام وتمجه الأوهام وإن نقله مثل الحافظ برهان الدين الحلبي فلا يلتفت إليه ولا يعول عليه (لوائح الأنوار:2/ 218)
– آثار التابعين.
قال مجاهد: «الصراط كحد السيف – أو كحرف السيف – دحض مزلة، بجنبتيه ملائكة معهم كلاليب (3)، يقولون: اللهم سلم سلم. قال: فيمر الناس عليه كالبرق، وكالطير، وكالريح، وكأجود الخيل، والراكب، فمن مسلم ناج، ومن مخدوش ناج، ومن مركوس في النار» أخرجه أسد بن موسى في الزهد وإسناده حسن.
وعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: الصِّرَاطُ دَحْضٌ مَزَلَّة كَحَدِّ السَّيْفِ يَتَكَفَّأُ، وَالْمَلاَئِكَةُ مَعَهُمَ الْكَلاَلِيبُ، وَالأَنْبِيَاءُ قِيَامٌ يَقُولُونَ حَوْلَهُ: رَبَّنَا سَلِّمْ سَلِّمْ، فَبَيْنَ مَخْدُوشٍ، وَمُكَرْدَسٍ فِي النَّارِ، وَنَاجٍ مُسَلَّمٍ. أخرجه ابن أبي شيبة وغيره وهو صحيح عنه.
قال سعيد بن أبي هلال: بلغني أن الجسر أدق من الشعرة، وأحد من السيف. كما سبق وهو من أتباع التابعين وقوله بلغني إما عن التابعين أو عمن فوقهم.
– الإجماع على ذلك
قال النووي – رحمه الله -: “مذهب أهل الحق أنه جسر ممدود على متن جهنم يمر عليه الناس كلهم؛ فالمؤمنون ينجُون على حسب أعمالهم ومنازلهم، والآخرون يسقطون فيها، عافانا اللهُ الكريم، والسلف يقولون: إنه أدقُّ من الشعر، وأحدُّ من السيف، وهكذا جاء في رواية أبي سعيد” نقلاً من مرقاة المفاتيح (6/ 133).
9/ 13
قال السفاريني: اتفقت الكلمة على إثبات الصراط في الجملة لكن أهل الحق يثبتونه على ظاهر ما ورد من كونه جسرا ممدودا على متن جهنم أحد من السيف وأدق من الشعرة وأحمى من الجمرة (لوائح الانوار:2/ 215)
وذكر عن بعض السلف أنه يختلف باختلاف الناس إلا أن هذا يحتاج أولا إلى ثبوته عن السلف ويحتاج أيضا إلى نص صحيح يدل عليه إذ الأدلة لا تدل على ذلك
– من شبهات منكري كون الصراط أدق من الشعر
وهذا القول أي إنكار كون الصراط كحد السيف قال به غير واحد من المتكلمين كالقرافي الأشعري وشيخه العز بن عبد السلام الأشعري كما في (لوائح الأنوار: 2/ 216 – 127)
1_ قال منكرو الصراط:
هذه الزيادات لم تتفق فيما بينها: فمرة جاءت الزيادة بلفظ”أدق من الشعرة وأحد من السيف”ومرة سقطت دقة الشعر، وبعضها بلفظ “كحد السيف”
ويقال هذا يوجب الضعف فهي متقاربة المعنى وإن أبى المخالف فيقال له يصار هنا إلى الترجيح لا إلى تضعيف كل ما ورد وهذا المسلك لا يسلكه العلماء إلا عند عدم امكانية الترجيح فيحكم بالاضطراب ولا يمكن هنا الحكم بالاضطراب لأمرين:
1_ أن الروايات ليست من رواية راو واحد بل هي أحاديث متفرقة عن عدة من الصحابة.
2_ الأمر الثاني أن الترجيح هنا ممكن فلا يصار إلى التضعيف.
2_ ومن شبههم: أن الأحاديث ضعيفة في الباب
وأما ضعف الأحاديث فقد أجبنا بالتفصيل وخرجنا الأحاديث وتبين مما سبق من الأحاديث هناك أحاديث حسنة لا مطعن فيها.
3_ وقالوا: أن مثل هذا لا يعقل.
والجواب:
10/ 13
قال السفاريني: وليس العبور على الصراط بأعجب من المشي على الماء أو الطيران في الهواء أو الوقوف فيه
وقد أجاب النبي صلى الله عليه وسلم عن سؤال حشر الكافر على وجهه بأن القدرة صالحة لذلك (لوائح الأنوار:2/ 216) يشير إلى ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادر على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة]
وقال القرطبي رحمه الله، في الرد على من تأول ما ورد في وصف الصراط:
” … القادر على إمساك الطير في الهواء، قادر على أن يمسك عليه المؤمن، فيجريه أو يمشيه، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا عند الإستحالة، ولا استحالة في ذلك، للآثار الواردة في ذلك، وثباتها بنقل الأئمة العدول (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور) ” انتهى من “التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة” (ص:758)،
· هل الكفار يمرون على الصراط.
قال الشيخ ربيع المدخلي: الكفار يدخلون جهنم دون أن يمروا على الصراط
(قرة العينين بتوضيح معاني عقيدة الرازيين:81)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لا يعبر الصراط إلا المؤمنون على قدر أعمالهم (شرح لمعة الاعتقاد:104)
قال الشيخ صالح الفوزان: يمر عليه المؤمنون والكفار والمنافقون وكل الخلق يمرون على هذا الصراط (اتحاف القاري بالتعليقات على شرح السنة للإمام البربهاري:1/ 174)
ولعل الراجح أن الكفار يؤخذون إلى النار مباشرة إنما يبقى أهل الإيمان وأهل النفاق الأكبر
· منكري الصراط.
ذهب جمهور الإباضية إلى إنكار الصراط وخالفهم في ذلك طائفة قليلة منهم إسماعيل في قناطره، وهود بن محكم الهواري في تفسيره، والقطب في هيميانه فذهب هؤلاء إلى أن الصراط جسر على متن جهنم.
11/ 13
وكذا اختلف في ذلك المعتزلة يقول شيخ الإسلام في شرح العقيدة الأصبهانية ص59:”
وكلام أئمة السنة في ذم هؤلاء وكلام متكلمة الصفاتية كالأشعري وغيره في ذلك مشهور معروف فإن قيل: فالمعتزلة لا تقر بمنكر ونكير والصراط والميزان ونحو ذلك مما ذكره هذا المصنف قيل: المعتزلة في ذلك على قولين منهم من يثبت ذلك ومنهم من ينفيه”؟
يقول السفاريني: وأنكره أكثر المعتزلة كالقاضي عبد الجبار المعتزلي وكثير من أتباعه (لوائح الأنوار: 2/ 215)
قال القاضي عبد الجبار الهمداني المعتزلي في شرح الأصول الخمسة ص 737:” ومن جملة ما يجب الإقرار به واعتقاده الصراط، وهو طريق بين الجنة والنار يتسع على أهل الجنة، ويضيق على أهل النار إذا راموا المرور عليه، وقد دل عليه القرآن قال الله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم) فلسنا نقول في الصراط ما يقوله الحشوية من أن ذلك أدق من الشعر وأحد من السيف “؟
والآية التي استدل بها لا تدل على أن الصراط (طريق بين الجنة والنار يتسع على أهل الجنة، ويضيق على أهل النار إذا راموا المرور عليه)، وإنما يعرف ذلك بدليل آخر مستقل وإن كان أصل الصراط قد تدل عليه هذه الأية
فالتناقض لازمٌ له، ويلزمه الإيمان بما أنكره من أن الصراط أدق من الشعرة وأحد من السيف كما دلت الأدلة
– تنبيه: من قال منهم أنه يوجد صراط وأن الناس يمرون عليه يعتقدون أن من دخل النار لا يخرج منها كما هو عقيدة الخوارج والمعتزلة في أهل الكبيرة
· من شبهات منكري الصراط:
1_ حملوا هذه الأحاديث على التمثيل
والجواب:
كثير من النصوص صريح لا يحتمل غير ذاك المعنى الذي ينكره المتعمقون، و الكلام الذي غير الظاهر احتمالاً قريباً لا يصرف عن الظاهر إلا بقرينة، و من شرط القرينة أن يكون من شأنها أن لا تخفى على المخاطب، فإن لم يتحمل غير ظاهره أو احتمله و لا قرينة فزعم أن ظاهره باطل تكذيب له و لابد (المعلمي)
12/ 13
- معنى قول الله عز وجل {وإن منكم إلا واردها}
اختلف أهل العلم في هذه الآية:
فمنهم من ذهب أن المقصد بالورود هو دخول جهنم إلا أنه يكون بردا وسلاما على المؤمنينقال الإمام ابن أبي زمنين في تفسيره: وتفسير الحسن إلا واردها إلا داخلها فيجعلها الله على المؤمنين بردا وسلاما كما جعلها على إبراهيم اهـ. وروي هذا القول عن ابن عباس رضي الله عنهما.
– فإن قلت إذا لم يكن على المؤمنين عذاب فما فائدة دخولهم النار.
قلت فيه وجوه , أحدها: أن ذلك مما يزيدهم سروراً إذا علموا الخلاص منه
وثانيها: أن فيه مزيد غم على أهل النار , حيث يرون المؤمنين يتخلصون منها وهم باقون فيها
وثالثها: أنهم إذا شاهدوا ذلك العذاب الذي على الكفار صار ذلك سبباً لمزيد التذاذهم بنعيم الجنة.
ومنهم من ذهب إلى أن المقصود المرور على الصراط.
ومنهم من ذهب إلى أن المقصود حضورها للخلائق كلهم، حتى يحصل الانزعاج من كل أحد، ثم بعد، ينجي الله المتقين.
واستدل من قال بالقول الأول:
بقوله تعالى: {ثم ننجي الذين اتقوا} والنجاة إنما تكون مما دخلت فيه
قال أبو بكر الأنباري: فثم تدل على نجاء بعد الدخول (الجامع لأحكام القرآن:11/ 49)
قال الشيخ الشنقيطي: دليل على أنهم وقعوا فيما من شأنه أنه هلكة ولذا عطف على قوله {وإن منكم إلا واردها} قوله {ثم ننجي الذين اتقوا} اهـ أضواء البيان
يقول ابن الجوزي: ويؤكده قوله تعالى: {ونذر الظالمين فيها جثيا} اهـ.
13/ 13
قال الشيخ الشنقيطي: أي نترك الظالمين فيها دليل على أن ورودهم لها دخولهم فيها إذ لو لم يدخلوها لم يقل {ونذر الظالمين فيها} بل يقول وندخل الظالمين اهـ أضواء البيان
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (لا يموت لأحد من المؤمنين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم) وفي رواية (فيلج النار إلا تحلة القسم) أخرجاه في الصحيحين
واستدل أصحاب القول الثالث بأنه: يذكر الورود بمعنى الحضور، قال الله تعالى: (ولما ورد ماء مدين) أي: حضر.
وقال زهير شعرا:
فلمّا وردن الماء زُرْقاً جِمامُه … وضعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ7
والقول الأول هو الصواب وهو ترجيح الإمام السمعاني بعد ذكر الأقوال قال: وأولى الأقاويل هو القول الأول
7 فما هنّ إلاّ أن يَردْنَ هذا الماء الصافِيَ الرقراق الذي تكتظّ به هذه البئر الثَّرَّةُ؛ وإذا هنّ يُبْهَرْنَ بما في هذا الماء الزّلال من جمال، وعذوبة، وصفاء، وشفافة: فيقرّرِن الإضراب عن المسير، ويُزمعن على الثواء من حوله: فيُطَنِبْنَ الخيام، ويُزَمِعْنَ المُقام.