1297تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2، والمدارسة، والاستفادة
مسجد سعيد الشبلي
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف سيف بن دورة الكعبي)
_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-
1298 – قال أبو الترمذي رحمه الله: أخبرني محمد بن إسمعيل حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا إسحق بن جعفر بن محمد حدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد الأخنسي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون.
——————
– الحديث فيه الأمر بالاجتماع وبعض صوره في الكتاب والسنة (وراجع نضرة النعيم)
ومما ورد فيه الأمر بالاجتماع صلاة الجماعة، والاجتماع في الحجّ.
– الحديث يدل أن على المسلم أن يصوم مع الدولة التي هو فيها ويفطر معها لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) ((الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون))
والمراد الأمر بالصوم، والفطر إذا ثبتت الرؤية بالعين المجردة أو بالوسائل التي تعين العين على الرؤية للحديث الذي معنا.
من صام في دولة ثم صام بقية الشهر في بلاده أو غيرها فيفطرون بإفطارهم ولو زاد ذلك على ثلاثين يوماً للحديث الذي في الباب، لكن إن لم تكملوا تسعة وعشرين يوماً فعليكم إكمال ذلك؛ لأن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين يوماً.
– قلت: كثر السؤال عمن كان في دولة أخرى تخالف في إعلان دخول شهر رمضان وخروجه نقول:
يذكر بعض أهل العلم أن لبعض الدول مطلع واحد فإذا أعلنت دولة دخول الشهر أو خروجه يجب على البقية اتباعها، ولكي لا تكون فتنه ولزوم طاعة ولي الأمر فالأصل اتباعه إلا إذا علم أنه لا يتبع الأحكام الشرعية، ويتقصد المخالفة، فهنا يطبق حديث أبي ذرٍّ؛ قال: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كيف أنت إذا كانت عليك أمراءُ يُؤخِّرونَ الصلاةَ عن وقتِها، أو يُميتونَ الصلاةَ عن وقتِها؟ قال قلتُ: فما تأمرني؟ قال صَلِّ الصلاةَ لوقتِها. فإن أدركتَها معهم فصلِّ. فإنها لكَ نافلةً).
فكذلك هؤلاء إذا تيقنوا دخول الشهر فاليصوموا في خاصة أنفسهم ولا يجاهروا بمخالفة الإمام وكذلك صلاة العيد يصلوها سرا في بيوتهم ثم يصلوها مع الإمام فإنها لهم نافلة.
وإن تابعوا إمامهم فهم يطبقون حديث (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)؛ لأنه من الصعب إثبات أن الإمام يتعمد إيقاع الخلل في عبادة الناس فإن تيقن ذلك فاليطبق ما ذكرناه سابقا.
قالت بعض لجان الفتوى: هذا إذا كان البلد يعتمد في صيامه وإفطاره على رؤية الهلال، وليس على الحساب الفلكي، أما إن كان يعتمد على الحساب الفلكي فيمكنك الاعتماد على رؤية نفسك، أو رؤية من حولك من المؤمنين ممن يتحرون الهلال، أو رؤية بلد مجاور عند تعذر ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته” فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين”
قلت: ويكون ذلك سراً درءاً للفتنة.
– مسألة:
من رأى هلال رمضان وحده، أو رأى هلال شوال وحده، وأخبر به القاضي أو أهل البلد فلم يأخذوا بشهادته، فهل يصوم وحده، أو لا يصوم إلا مع الناس؟ في ذلك ثلاثة أقوال لأهل العلم:
القول الأول: أنه يعمل برؤية نفسه في الموضعين، فيصوم في أول الشهر ويفطر في آخره منفرداً، وهو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله.
غير أنه يفعل ذلك سراً حتى لا يعلن بمخالفة الناس، وحتى لا يؤدي ذلك إلى إساءة الظن به، حيث يراه الناس مفطراً، وهم صائمون.
القول الثاني: أنه يعمل برؤية نفسه في أول الشهر، فيصوم منفرداً، أما في آخر الشهر، فلا يعمل برؤية نفسه وإنما يفطر مع الناس.
وهذا مذهب جمهور العلماء منهم (أبو حنيفة ومالك وأحمد رحمهم
الله).
وقد اختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، قال: ” وهذا من باب الاحتياط، فنكون قد احتطنا في الصوم والفطر. ففي الصوم قلنا له: صم، وفي
الفطر قلنا له: لا تفطر بل صم ” انتهى من الشرح الممتع ” (6/ 330).
والقول الثالث: أنه لا يعمل برؤية نفسه في الموضعين، فيصوم ويفطر مع الناس.
وإليه ذهب الإمام أحمد رحمه الله في رواية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدل له بأدلة كثيرة، قال رحمه الله: ” والثالث: يصوم مع الناس
ويفطر مع الناس، وهذا أظهر الأقوال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم … وذكر حديث الباب
وقال: لِهَذَا قَالَ أَحْمَد فِي رِوَايَتِهِ: يَصُومُ مَعَ الْإِمَامِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ. قَالَ أَحْمَد: يَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ.
مَنْ كَانَ فِي مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ إذَا رَأَىهُ صَامَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ غَيْرُهُ. وَعَلَى هَذَا فَلَوْ أَفْطَرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ رُئِيَ فِي مَكَانٍ آخَرَ أَوْ ثَبَتَ نِصْفَ النَّهَارِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد. فَإِنَّهُ إنَّمَا صَارَ شَهْرًا فِي حَقِّهِمْ مِنْ حِينِ ظَهَرَ وَاشْتَهَرَ. وَمِنْ حِينَئِذٍ وَجَبَ الْإِمْسَاكُ كَأَهْلِ عَاشُورَاءَ: الَّذِينَ أُمِرُوا بِالصَّوْمِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالْقَضَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ وَحَدِيثُ الْقَضَاءِ ضَعِيفٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
واستدل أيضا:
بأنه لو رأى هلال ذي الحجة منفرداً فلم يقل أحد من العلماء إنه يقف في عرفة وحده.
وذكر أن أصل المسألة هو ” أن الله سبحانه وتعالى علق الحكم بالهلال والشهر فقال تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج)
والهلال: اسم لما يُستهل به، أي يُعلن به ويُجهر به. فإذا طلع في السماء ولم يعرفه الناس ويستهلوا لم يكن هلالا، وكذا الشَهر مأخوذ من الشُّهرة، فإن لم يشتهر بين الناس لم يكن الشهر قد دخل. وإنما يغلط كثير من الناس في مثل هذه المسألة لظنهم أنه إذا طلع في السماء كان تلك الليلة أول الشهر، سواء ظهر ذلك للناس واستهلوا به أو لا. وليس
كذلك، بل ظهوره للناس واستهلالهم به لابد منه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صومكم يوم تصومون … ) أي هذا اليوم الذي تعلمون أنه وقت الصوم والفطر والأضحى، فإذا لم تعلموه لم يترتب عليه حكم “انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (25/ 202)
وهذا القول أفتى به الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله. وهو في ” مجموع فتاوى الشيخ ” (15/ 72).
ونقل الألباني رحمه الله في السلسة 1/ 392: عن الترمذي والصنعاني أنه يكون مع عظم الناس.
وانظر مذاهب الفقهاء في: ” المغني ” (3/ 47، 49)، ” والمجموع ” (6/ 290)،”والموسوعة الفقهية ” (28/ 18)
والله أعلم.
-مسألة:
نقلت بعض لجان الفتوى أن الخطابي قال:
في معنى الحديث: إن الخطأ مرفوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قوما اجتهدوا فلم يروا الهلال إلا بعد ثلاثين فلم يفطروا حتى استوفوا العدد، ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعا وعشرين، فإن صومهم وفطرهم ماضٍ لا شيء عليهم من وزر أو عيب، وكذلك هذا في الحج إذا أخطأوا يوم عرفة، فإنه ليس عليهم إعادته.
وإذا صاموا أقل من تسعة وعشرين يوما، فيجب عليهم قضاء ما يكمل به رمضان تسعة وعشرين يوما؛ لأن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين يوما كما هو معلوم.
– نقل بعض لجان الفتوى أن الذي عليه المحققون من أهل العلم أن الاختلاف في المطالع معتبر، ويكون ذلك في كل الشهور، ومن المعلوم أن بين المطالع تفاوتاً ملحوظاً، ومما يشهد لهذا الاعتبار ما رواه مسلم في صحيحه من حديث كريب مولى ابن عباس أن أم الفضل بنت الحارث بعثته في حاجة إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه يوم الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: فلا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعليه، فلا لوم على المسلمين في أن يختلفوا في بداية الصوم ونهايته، وفي تحديد يوم عرفة ويوم العيد ما دامت مطالعهم مختلفة؛ لأن العبرة في دخول الشهر بالرؤية أو بإتمام الشهر ثلاثين يوماً، ويكون يوم عرفة ويوم العيد بالنسبة لمن بمكة غير يوم عرفة ويوم العيد بالنسبة لغيرهم ممن يختلف مطلعهم عنهم كالشام أو غيرها، وإذا تأخرت رؤيتهم للهلال عن رؤية أهل مكة مثلاً فلا يقال إنهم صاموا يوم عرفة في يوم العيد وصومه ممنوع؛ لأنه لم يكن قد دخل يوم العيد عندهم حتى يقال عنهم إنهم صاموا يوم العيد، وأما أهل البلد الواحد المتحد المطلع فيلزمهم أن يتحدوا في الصوم والعيد إذا رأوا الهلال أو أتموا الشهر فيصوموا أو يضحوا في يوم واحد باعتبار ثبوت الهلال لديهم، أو إكمال عدة الشهر، ولا يصح أن يوافقوا أهل البلد الآخر، ولا يصح أن يختلفوا ويتفرقوا في هذه الحالة، لما ثبت في سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون.
والله أعلم.
– قال ابن عثيمين في بعض فتاويه على بعض الأسئلة:
ذهب بعض أهل العلم: إلى أن الأمر معلق بولي الأمر في هذه المسألة؛ فمتى رأى وجوب الصوم أو الفطر مستنداً بذلك إلى مستند شرعي فإنه يعمل بمقتضاه، لئلا يختلف الناس ويتفرقوا تحت ولاية واحدة. واستدل هؤلاء بعموم الحديث: الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ [3]
وهناك أقوال أخرى ذكرها أهل العلم الذين ينقلون الخلاف في هذه المسألة.
وأما كيف يصوم المسلمون في بعض بلاد الكفار التي ليس بها رؤية شرعية؟ فإن هؤلاء يمكنهم أن يثبتوا الهلال عن طريق شرعي، وذلك بأن يتراءوا الهلال إذا أمكنهم ذلك، فإن لم يمكنهم هذا فإنه متى ثبتت رؤية الهلال في بلد إسلامي فإنهم يعملون بمقتضى هذه الرؤية؛ سواء رأوه أو لم يروه.
وإن قلنا بالقول الثاني – وهو اعتبار كل بلد بنفسه، إذا كان يخالف البلد الآخر في مطالع الهلال، ولم يتمكنوا من تحقيق الرؤية في البلد التي هم فيها – فإنهم يعتبرون أقرب البلاد الإسلامية إليهم؛ لأن هذا أعلى ما يمكنهم العمل به.
– مسألة:
قال الإمام النووي في “شرح صحيح مسلم”: “باب: بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وصغره، وأن اللَّه أمده للرؤية فإن غم فليكمل ثلاثين”. وقال أبو وائل شقيق بن سلمة: أتانا كتاب عمر بن الخطاب أن الأهلة بعضها أكبر من بعض. فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى يشهد رجلان مسلمان أنهما رأياه بالأمس.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين. فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا”