1288 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2، والمدارسة، والتخريج رقم 1،والاستفادة
مسجد سعيد الشبلي
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف سيف بن دورة الكعبي)
وممن شارك الأخ أبومعاذ يوسف البلوشي
_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_
1288 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا الوليد حدثنا الأوزاعي حدثني الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه وسلم ما من نبي ولا وال الا وله بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وبطانة لا تألوه خبالا ومن وقى شرهما فقد وقى وهو مع التي تغلب عليه منهما.
هذا حديث صحيح.
* وأخرجه الترمذي في آخر حديث طويل: حدثنا محمد بن إسمعيل حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شيبان أبومعاوية حدثنا عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة به ولفظه: إن الله لم يبعث نبيا ولا خليفة إلا وله بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وبطانة لا تألوه خبالا ومن يوق بطانة السوء فقد وقي.
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب.
——————————–
التعليق:
-يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَالُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران:118].
– أخرج البخاري عن أبي سعيد، وأبي هريرة رصي الله عنهما، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ، بِطَانَةٌ تَامُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَامُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ».
وفي «الصحيح المسند» هنا عن أبي هريرة رضي الله عنه نحوه، وزاد «وهو مع التي تغلب عليه منهما».
والبطانة: هم خاصة الرجل الذين يعرفون أسراره لثقته بهم، شبهَّهم ببطانة الثوب؛ لأن البطانة مما يلي الجسد من الداخل، فشبه الخاصة وأهل سره وأهل ثقته بالبطانة من قربهم بالرجل ومن علمهم بباطنه وحقيقة أمره وأسراره.
قال الراغب في المفردات: قال عز وجل: {لا تتخذوا بطانة من دونكم} أي مختصا بكم يستبطن أموركم وذلك استعارة من بطانة الثوب بدلالة قولهم لبست فلانا إذا اختصصته وفلان شعاري ودثاري.
ثم قال: (بطانة تأمره بالمعروف) وهو ما عرفه الشرع، وحكم بحسنه (وتنهاه عن المنكر) وهو ما أنكره الشرع ونهى عن فعله، (وبطانة لا تألوه خبالاً) يعني: لا تقصر في إفساد أمره؛ كقوله -تعالى-: ((لا يألونكم خبالاً)) ([3]) يعني يأمرونهم بالشر، ويسعون في إفسادهم (ومن يوق بطانة السوء فقد وقي) [الصحيحة 1641، والصحيح المسند 1404].
وهل كان النبي – عليه الصلاة والسلام – له بطانتان؟ قيل: إن المراد بالبطانتين في حقه – صلى الله عليه وسلم- الملك وشيطان النبي – عليه الصلاة والسلام – ولكن الله أعانه عليه فدخل في الإسلام، وقيل: أسلم، يعني: سلم من شره، فما من نبي ولا غيره من الخلفاء إلا وله بطانتان، وقال – عليه الصلاة والسلام -: (من ولي منكم عملاً فأراد الله به خيراً جعل له وزيراً صالحاً، إن نسي ذكره، وإذا ذَكَرَ أعانه) ولو أن الإنسان لم يوجد له بطانة من أهل الخير، فإن نفسه أمارة بالسوء، فقد وقى الشر كله.
لكن الأنبياء وقاهم الله أن يلازمهم شياطين الأنس ولو أهل النفاق، فلا يكونون لهم بطانه؛ لأن الله عصمهم.
أما شياطين الجن فمدحوضون، مدحورون، مطرودون، فما دام الشيطان، لا يلق عمر في فج إلا سلك فجاً غير فجه فالأنبياء من باب أولى.
نقل ابن حجر: يحتمل أن يكون المراد بالبطانتين الوزيرين ويحتمل أن يكون الملك والشيطان ” وقال الكرماني ” يحتمل أن يكون المراد بالبطانتين النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة المحرضة على الخير ” إذ لكل منهما قوة ملكية وقوة حيوانية انتهى.
والحمل على الجميع أولى إلا أنه جائز أن لا يكون لبعضهم إلا البعض.
قال ابن كثير: وقد روى البخاري، والنسائي، وغيرهما، من حديث جماعة، منهم: يونس، ويحيى بن سعيد، وموسى بن عقبة، وابن أبي عتيق -عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِي وَلا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَة إلا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَامُرُهُ بِالْخيرِ وتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَامُرُهُ بِالسُّوءِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَم اللهُ “.
وقد رواه الأوزاعي ومعاوية بن سلام، عن الزهري، عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا بنحوه فيحتمل أنه عند الزهري عن أبي سلمة عنهما. وأخرجه النسائي عن الزهري أيضا وعلقه البخاري في صحيحه فقال: وقال عبيد الله بن أبي جعفر، عن صَفْوان بن سليم، عن أبي سلمة، عن أبي أيوب الأنصاري، فذكره. فيحتمل أنه عند أبي سلمة عن ثلاثة من الصحابة والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو أيوب محمد بن الوَزَّان، حدثنا عيسى بن يونس، عن أبي حَيّان التيمي عن أبي الزِّنْباع، عن ابن أبي الدِّهْقانة قال: قيل لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه: إن هاهنا غُلاما من أهل الحِيرة، حافظ كاتب، فلو اتخذته كاتبا؟ فقال: قد اتخذت إذًا بطانة من دون المؤمنين.
ففي هذا الأثر مع هذه الآية دلالة على أن أهل الذَّمَّة لا يجوز استعمالهم في الكتابة، التي فيها استطالة على المسلمين واطِّلاع على دَوَاخل أمُورهم التي يُخْشَى أن يُفْشوها إلى الأعداء من أهل الحرب؛ ولهذا قال تعالى: {لا يَالُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ}.
قال صاحب الحاوي: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَكْتِبَ ذِمِّيًا وَإِنْ كَانَ كَافِيًا؛ لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا بِفِسْقِهِمْ فِي الدِّينِ عَنْ قَبُولِ قَوْلِهِمْ فِيهِ.
وراجع الموسوعة الكويتية
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فيجب على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل (راجع السياسة الشرعية)
تنبيه: تعقب الدارقطني البخاري في هذا الحديث كما في التتبع:
واجاب عنه ابن حجر في الهدي الحديث الخامس بعد المائة قال الدارقطني وأخرج البخاري حديث يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله من نبي إلا كان له بطانتان وتابعه يحيى وابن أبي عتيق وكذا قال بن أبي حسين وسعيد بن زياد عن أبي سلمة وقال شعيب عن الزهري مثله إلا أنه وقفه وقال الأوزاعي ومعاوية بن سلام عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقال صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن أبي أيوب.
قلت: حكى البخاري هذه الأوجه كلها وكأنه ترجح عنده طريق أبي سلمة عن أبي سعيد فإن أكثر أصحاب الزهري رووه كذلك ولأن الزهري أحفظ من صفوان بن سليم والله أعلم. انتهى
-بيان خطورة البطانة:
قال بعض الباحثين: وترجع خطورة البطانة للآتي:
أولاً: لأنهم يعرفون أسرار الإنسان.
ثانياً: لأن العادة – في الغالب – أنه يتأثر منهم، ويقتنع بإشارتهم, ويعمل برأيهم.
-اختيار الخليل الصالح خاصة في شؤون سياسة الأمة، وانظر لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم والسلف كيف اتخذوا وزراء أمناء.
-أهل الشر يحكمون التخطيط للشر: (وبطانة لا تألوه خبالاً) كما قال -تعالى-: ((بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً)).
-خطر وزراء السوء وبطانة السوء على الراعى والرعية فى دينهم ودنياهم ولهذا عندما احتضن المأمون والمعتصم والواثق بعض علماء السوء وقرَّبوهم إليهم، أمثال ابن أبي دؤاد وبشر المريسي أزاغوهم عن مذهب أهل السنة والجماعة، وابتدعوا لهم مذهباً شيطانياً، مذهب الإعتزال، وزينوه لهم حتى تبنوه، وامتحنوا العلماء الأخيار والأئمة الكبار، وسجنوا وعذبوا وقتلوا بعض الأطهار.
وقد بين علماؤنا المعاصرون الألباني وابن باز وابن عثيمين كثير من دعاة الفتن وعلماء السوء؛ وبعضهم يحاول أن يكون من المقربين للملوك والأمراء، ليكون بطانة سوء ويلبس على الحكام والأمراء، لكن ولله الحمد تبصر بهم ولاة الأمر، فنحوهم، وبقي منهم باقية قليلة في الدول الإسلامية، نسأل الله أن يلحقوا بأصحابهم في التنحية ويقينا الله شرهم.
وأكثر من فضح علماء السوء الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ومشايخ المدينة.
-قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحذيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة)) رواه البخاري (5534) ومسلم (6692)، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((وفِرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد)) رواه البخاري (5707)، وفي حلية الأولياء لأبي نعيم (5/ 336) عن الأوزاعي قال: قال عمر بن عبد العزيز لجلسائه: ((من صحبني منكم فليصحبني بخمس خصال: يدلني من العدل إلى ما لا أهتدي إليه، ويكون لي على الخير عوناً، ويبلغني حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ولا يغتاب عندي أحداً، ويؤدي الأمانة التي حملها مني ومن الناس، فإذا كان كذلك فحيهلا به، وإلا فهو في حرج من صحبتي والدخول علي))
– الشر محيط بنا سواء من شياطين الإنس أو الجن. ونسأل الله أن يحفظنا منهم
قال صاحبنا أبومعاذ يوسف البلوشي:
ومن خطورة البطانة:
الخيانة التي تقع بسبب فساد الدين، ولذلك شُرع للمؤمن الاستعاذة من الخيانة لأنها بئست البطانة،
روى أصحاب السنن عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْه قَالَ: كَانَ رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ، فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ»
وحسّنه الألباني رحمه الله
قال العيني في شرح سنن أبي داود: بطانة الرجل: صاحب سره وداخلة أمره، الذي يشاوره في أمره وأحواله. ا. هـ
وفي سنن النسائي:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَا مِنْ وَالٍ إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ … » الحديث
قال الشيخ محمد علي آدم الأثيوبي:
«مَا مِنْ وَالٍ» وهي أعم. ا. هـ من “ذخيرة العقبى ج (32) ص (316) ”
وفي معنى حديث الباب:
حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً:
«مَنْ وَلِي مِنْكُمْ عَمَلًا، فَأَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَزِيرًا صَالِحًا إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ، وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ»
أخرجه النسائي وغيره