1286 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2، والمدارسة، والتخريج رقم 1،والاستفادة
مسجد سعيد الشبلي
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف سيف بن دورة الكعبي)
_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_
1286 – قال الإمام الترمذي رحمه الله: حدثنا محمود بن غيلان حدثنا النضر بن شميل أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
ثم قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
———————
مما ورد في حقوق الزوج:
-أخرج مسلم 1436 عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح).
-وروى الطبراني في الأوسط وغيره: عن حُصين بن مُحصن، قال: حدثتني عمتي قالت: أتيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في بعض الحاجة، فقال:” أي هذه أذاتُ بعلٍ؟ “. قلت: نعم، قال:” كيف أنتِ له؟ ” قالت: ما آلوه، إلا ماعجزت عنه، قال:” فانظري أين أنت منه؛ فإنما هو جنَّتُكِ ونارُكِ”.
قلت: يميل الدارقطني إلى أن الراجح فيه الإرسال 15/ 419 ثم حصين بن محصن مجهول حال.
-وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل – أي ضيف – يوشك ان يفارقك إلينا) صححه الألباني كما صحيح الترمذي 1174، والصحيحة 173،وأخرجه أحمد وقلنا هو على شرط كتابنا الذيل على الصحيح المسند.
– وأخرج أحمد 12614 – حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حَفْصٍ، عَنْ عَمِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يَسْنُونَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْجَمَلَ اسْتُصْعِبَ عَلَيْهِمْ، فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ …. فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ نَحْوَهُ، حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ، حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ. فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، هَذِهِ بَهِيمَةٌ لَا تَعْقِلُ تَسْجُدُ لَكَ وَنَحْنُ نَعْقِلُ، فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ، فَقَالَ: ” لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مَفْرِقِ رَاسِهِ قُرْحَةٌ تَنْبَجِسُ بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ تَلْحَسُهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ ”
قال محققو المسند: صحيح لغيره دون قوله: “والذي نفسي بيده لو كان من قدمه … الخ”، وهذا الحرف تفرد به حسين المرُّوذي عن خلف بن خليفة، وخلف كان قد اختلط قبل موته.
وذكروا شواهد لباقيه، وكذلك الشيخ الألباني في الصحيحة 3490 ذكر شواهد لقصة سجود الجمل فقد ذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما في سجود الفحلين للنبي صلى الله عليه وسلم أخرجه الطبراني 12003 ونقل قول ابن كثير: إسناد غريب ومتن غريب ثم تعقبه بالمتابعات والشواهد. وراجع دلائل النبوة للبيهقي2275 فقد ذكر الحديث عن عدد من الصحابة، وكذلك تاريخ الإسلام للذهبي ذكر طرقه وحكم على بعضها 1/ 100
سادسًا: حقوق الزوجين (ملخصة من رسالة لأحد المشايخ مع بعض الإضافات اليسيرة):
-يجب على المسلم تعلم الحقوق الواجبه عليه فمن الحقوق ما يختص ببعض أفراد المجتمع من الوالدين والأرحام، والجار، وأما في جانب الحقوق الزوجية، فقد ركز الإسلام على هذا الجانب حتى تنشيء أسرة محافظة على أمور دينها، وتربية أولادها، خلافاً لما عليه الأمم الكافرة فعوائلهم مشتته، وحياتهم غير مستقرة، فقال سبحانه مبينًا قوامة الرجل على المرأة.
وبين رسول الله صلى كيفية حسن العشرة في المضاجعة، وخطورة عصيان الزوجة.
قال ابن تيمية: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها وطاعة زوجها عليها أوجب
مجموع الفتاوى 32/ 261 – 264
وقال رحمه الله (والمرأة المتزوجة طاعتها لزوجها أفضل من طاعتها لأبويها ; بخلاف الأيمة فإنها مأمورة بطاعة أبويها) مجموع الفتاوى 10/ 428.
وقال أيضاً كما في «مجموع الفتاوى» (32/ 275): وليس على المرأة بعد حق الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أوجب من حق الزوج.
والآن إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى نذكر ما تيسر من الحقوق.
أولاً: القوامة عليها:
لقول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ} [النساء:34].
قال ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في تفسيره: الرجل قَيّم على المرأة، أي: هو رئيسها، وكبيرها، والحاكم عليها، ومؤدبها إذا اعوجَّت.
ثانيًا: طاعته مطلقًا بحسب الاستطاعة، وفي غير معصية:
للأدلة السابقة، ولقول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ} [النساء:34].
ولما رواه أحمد (15/ 411) فقال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، قَالَ سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ، وَلَا تُخَالِفُهُ فِيمَا يَكْرَهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ». سنده حسن.
ثالثًا: طاعته في الفراش، وأنّ امتناعها عن ذلك لغير عذر حرامٌ عليها:
لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ». رواه البخاري (5193)، ورواه مسلم تحت رقم (1436) وفيه زيادة «فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا».
رابعًا: أن لا تصوم تطوعًا وهو حاضر إلا بإذنه:
فعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ» الحديث. رواه البخاري (5195)، ومسلم (1026) وفي خارج الصحيح زيادة: «غَيْرَ رَمَضَانَ»، «سِوَى شَهْرِ رَمَضَانَ» انظر «الإرواء» (2004) وهذا النفي بمعنى النهي، وهو للتحريم
خامسًا: أن تقر في بيته ولا تخرج منه إلا بإذنه:
الأصل في المرأة أن تقر في بيتها؛ عملًا بقول الله {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: 33] ولو طلقت المرأة من زوجها طلاقًا رجعيًّا، ما دامت في العدة، لا يجوز لها الخروج من بيت زوجها إذ في خروجها تضييع لحقه، وأيضًا بقاؤها من دواعي رجعتها، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَاتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق: 1].
وإن دعت الحاجة لخروجها استأذنت؛ لحديث عبدالله بن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اسْتَاذَنَتِ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ إِلَى المَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا». رواه البخاري (5238)، ومسلم (442).
أن لا تأذن لأحد في دخول بيته والجلوس على فراشه إلا بإذنه:
فعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَاذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ». رواه البخاري (5195)، ومسلم (1026).
المراد ببيت زوجها سكنه، سواء كان ملكه أو لا. قاله الحافظ.
سابعًا: أن تقوم بخدمته وشئون بيته بحسب استطاعتها:
روى الإمام البخاري رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى (5224) ومسلم برقم (2182).: عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ، وَلَا مَمْلُوكٍ، وَلَا شَيْءٍ، غَيْرَ نَاضِحٍ، وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ، وَأَسْتَقِي المَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ، وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنَ الْأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَاسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ: إِخْ إِخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، … الحديث.
وروى البخاري (5361): عن عَلِيٌّ، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهِمَا السَّلَام أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ، فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقَالَ: «عَلَى مَكَانِكُمَا» فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي، فَقَالَ: «أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ». وأخرجه مسلم (2727).
وعَنْ سَهْلٍ بن سعدٍ قَالَ: لَمَّا عَرَّسَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ، فَمَا صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا وَلَا قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ إِلَّا امْرَأَتُهُ أُمُّ أُسَيْدٍ، بَلَّتْ تَمَرَاتٍ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الطَّعَامِ، أَمَاثَتْهُ لَهُ، فَسَقَتْهُ تُتْحِفُهُ بِذَلِكَ. رواه البخاري (5182)، ومسلم (2006) وعنده: (فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ، وَهِيَ الْعَرُوسُ).
قال الحافظ في «الفتح»: في الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه، ولا يخفى أنّ محل ذلك عند أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر، وجواز استخدام الرجل امرأته في مثل ذلك. اهـ المراد
وقال الحافظ عند شرحه لحديث علي بن أبي طالب: قَالَ الطَّبَرِيُّ: يُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ كُلّ مَنْ كَانَتْ لَهَا طَاقَة مِنَ النِّسَاء عَلَى خِدْمَة بَيْتهَا فِي خَبْز أَوْ طَحْن أَوْ غَيْر ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَم الزَّوْج إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا أَنَّ مِثْلهَا يَلِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ. وَوَجْه الْأَخْذ أَنَّ فَاطِمَة لَمَّا سَأَلَتْ أَبَاهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ الخَادِم لَمْ يَامُر زَوْجهَا بِأَنْ يَكْفِيهَا ذَلِكَ، إِمَّا بِإِخْدَامِهَا خَادِمًا، أَوْ بِاسْتِئْجَارِ مَنْ يَقُوم بِذَلِكَ، … وَلِذَلِكَ أَلْزَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِالْخِدْمَةِ الْبَاطِنَة وَعَلِيًّا بِالْخِدْمَةِ الظَّاهِرَة. اهـ المراد
قلت: -قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وَقِيلَ – وَهُوَ الصَّوَابُ – وُجُوبُ الْخِدْمَةِ؛ فَإِنَّ الزَّوْجَ سَيِّدُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؛ وَهِيَ عَانِيَةٌ عِنْدَهُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَعَلَى الْعَانِي وَالْعَبْدِ الْخِدْمَةُ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ. ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ قَالَ: تَجِبُ الْخِدْمَةُ الْيَسِيرَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: تَجِبُ الْخِدْمَةُ بِالْمَعْرُوفِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَخْدُمَهُ الْخِدْمَةَ الْمَعْرُوفَةَ مِنْ مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ، وَيَتَنَوَّعُ ذَلِكَ بِتَنَوُّعِ الْأَحْوَالِ: فَخِدْمَةُ الْبَدْوِيَّةِ لَيْسَتْ كَخِدْمَةِ الْقَرَوِيَّةِ، وَخِدْمَةُ الْقَوِيَّةِ لَيْسَتْ كَخِدْمَةِ الضَّعِيفَةِ. انتهى
وقال ابن القيم في زاد المعاد كأنه 5/ 118: احتج من أوجب الخدمة، بأن هذا هو المعروف عند من خاطبهم الله سبحانه بكلامه، وأما ترفيهُ المرأةِ، وخدمةُ الزوج، وكنسُه، وطحنُه، وعجنُه، وغسيلُه، وفرشُه، وقيامُه بخدمة البيت، فَمِنَ المنكر، والله تعالى يقول: {ولَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَليْهنَّ بِالمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] وقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلى النِّسَاءِ} [النساء: 34] وإذا لم تخدِمْه المرأةُ، بل يكون هو الخادِمَ لها، فهى القَوَّامَةُ عليه.
وأيضاً: فإن المهر فى مقابلة البُضع، وكُلٌّ مِن الزوجين يقضى وطرَه مِن صاحبه فإنما أوجبَ الله سبحانه نفقتَها وكُسوتها ومسكنَها فى مقابلة استمتاعه بها وخدمتها، وما جرت به عادةُ الأزواج.
وأيضاً فإن العقود المطلقة إنما تُنَزَّلُ على العرف، والعُرفُ خدمةُ المرأة، وقيامُها بمصالح البيت الداخلة، وقولُهم: إن خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرعاً وإحساناً يردُّه أن فاطمة كانت تشتكى ما تلقى مِن الخِدمة، فلم يَقُلْ لعلتى: لا خِدمة عليها، وإنما هى عليك، وهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُحابى فى الحكم أحداً، ولما رأى أسماء والعلفُ على رأسها، والزبيرُ معه، يقل له: لا خِدمةَ عليها، وأن هذا ظلمٌ لها، بل أقرَّه على استخدامها، وأقرَّ سائِرَ أصحابه على استخدام أزواجهم مع علمه بأن منهن الكارِهَة والراضية، هذا أمر لا ريب فيه.
ولا يَصِحُّ التفريقُ بين شريفة ودنيئة، وفقيرةٍ وغنية، فهذه أشرفُ نساء العالمين كانت تَخْدِمُ زوجها، وجاءته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تشكُو إليه الخدمة، فلم يُشْكِهَا، وقد سمَّى النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الحديث الصحيح المرأة عانيَةُ، فقال: “اتَّقُوا اللهَ فى النّساءِ، فإِنَّهُنَّ عَوانٍ عِنْدَكُم”. والعانى: الأسير، ومرتبة الأسير خدمةُ من هو تحت يده، ولا ريبَ أن النكاح نوعٌ من الرِّق، كما قال بعضُ السلف: النكاح رِق، فلينظر أحدُكم عند من يُرِقُّ كريمته، ولا يخفى على المنصف الراجحُ من المذهبين، والأقوى من الدليلين. انتهى
ثامنًا: تربي أولاده تربية صالحة وترعاهم:
عَنْ عَبْدِاللهِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ». رواه البخاري (7138)، ومسلم (4724).
تاسعًا: أن تحفظ زوجها في نفسها وماله:
قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ} [النساء: 34].
قوله: (فالصالحات) أي: من النساء، (قانتات) أي: مطيعات لله ولأزواجهن، (حافظات للغيب) أي: يحفظن أزواجهن عند غيبتهم في أنفسهن وأموالهم، ويدل على صحة هذا المعنى حديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: (خَيْرُ النِّسَاءِ الَّتِي إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا سَرَّتْكَ، وَإِذَا أَمَرْتَهَا أَطَاعَتْكَ، وَإِذَا غِبْتَ عَنْهَا حَفِظَتْكَ فِي نَفْسِهَا وَمَالِكَ)
عاشرًا: التودد، وهو التحبب:
فعَنْ مَعْقِلِ بن يَسَارٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ قَالَ: «لَا» ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ». رواه أبوداود (2050) وغيره وهو حديث صحيح، وله شاهد عن أنس رواه أحمد (3/ 158، 245) وغيره.
حادي عشر: أن تُحِدَّ عليه إذا مات أربعة أشهر وعشراً.
ثاني عشر: حق الزوج من تركة زوجته
– أما حق الزوجة (وهذا أوردته مختصراً من بحث آخر) ولعلنا نتوسع في إن شاءالله في مكان آخر:
فقد قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19]. وقال: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء:129].
وبيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المرأة قد يحصل منها بعض الاعوجاج والمعارضة للزوج، ولكن على الزوج أن يكون معها على خير.
كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء خيرًا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء)). متفق عليه.
واستنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب المرأة لغير ما بئس، لما في حديث عبد الله بن زمعة رضي الله عنه: ((يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد، فلعله يضجعها من آخر يومه)). متفق عليه.
وأمر الرجل بالإحسان إلى امرأته إن رأى منها خلق يبغضه: ((لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر))، أو قال: ((غيره))، رواه مسلم، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم)). أخرجه الترمذي، وهو حسن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وبين ما يجب لها من الكسوة، والإطعام كما في حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه، عند الإمام أبي داود قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوج أحدنا عليه؟ قال: ((أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح إلا في بيت)).
وفي الحديث الذي في حجة الوداع، قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن حمد الله، وأثنى عليه، وذكر ووعظ، ثم قال: واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فأهجروهن في المضاجع، وأضربوهن ضربًا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا، ألا إن لكم على نسائكم حقًا، ولهن عليكم حقًا، فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيتوكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سيد الخلق، وخاتم الأنبياء، يكون في خدمة أهله، ويداعبهن، وحسن االعشرة معهن، فانظر إلى سمات هذا الدين في شموليته وكماله.