1277 – 1276 – 1275 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم)
———-‘———‘———-
باب إذا لم يوجد إلا ثوب واحد
1275 – حدثنا محمد بن مقاتل أخبرنا عبد الله أخبرنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أتي بطعام وكان صائما فقال قتل مصعب بن عمير وهو خير مني كفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه وإن غطي رجلاه بدا رأسه وأراه قال وقتل حمزة وهو خير مني ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط أو قال أعطينا من الدنيا ما أعطينا وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام
فوائد الباب:
1 – سبق تخريج الحديث في الباب السابق، وأخرجه عبد الله بن المبارك في كتاب الزهد له عن شعبة به.
2 – قوله (إذا لم يوجد إلا ثوب واحد) أي للميت عند إرادة دفنه، فيكفن فيه.
3 – لم يذكر البخاري جوابا للشرط اكتفاءا بالحديث المذكور في الباب.
4 – فيه جواز التكفين في ثوب واحد قاله البيهقي في السنن الكبرى.
5 – فيه الإسراع بدفن الميت.
6 – من استحب أن يكفن في ثيابه التي قتل فيها بعد أن ينزع عنه الحديد والجلود وما لم يكن من عام لبوس الناس قاله البيهقي في السنن الكبرى.
7 – قوله (أخبرنا عبد الله) هو ابن المبارك وقد أخرجه في كتاب الزهد له 521
8 – قوله (كفن في بردة) وعند ابن المبارك في الزهد (في بردته).
9 – عن عروة قال أخبرني أبي الزبير رضي الله عنه أنه لما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى حتى إذا كادت أن تشرف على القتلى قال فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن تراهم فقال المرأة المرأة قال الزبير رضي الله عنه فتوسمت أنها أمي صفية قال فخرجت أسعى إليها فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى قال فلدمت في صدري وكانت امرأة جلدة قالت إليك لا أرض لك قال فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك قال فوقفت وأخرجت ثوبين معها فقالت هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة فقد بلغني مقتله فكفنوه فيهما قال فجئنا بالثوبين لنكفن فيهما حمزة فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار قتيل قد فعل به كما فعل بحمزة قال فوجدنا غضاضة وحياء أن نكفن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له فقلنا لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب فقدرناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر فأقرعنا بينهما فكفنا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له
أخرجه أخرجه الإمام أحمد في مسنده وقال ابن كثير كما في جامع المسانيد تفرد به. قلت وأورده الضياء في المختارة وقال …. إِسْنَاده حسن. قلت وأخرجه البزار في مسنده 1797 وقال
قَالَ الْبَزَّارُ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْن أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ.
قلت تابعه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: أنبأ هشام بن عروة، عن أبيه، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6684. وتابعه يونس بن بكير عن هشام عن عروة به مرسلا أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 1173
قال الألباني كما في أحكام الجنائز:
“أخرجه أحمد (1418) والسياق له بسند حسن، والبيهقي وسنده صحيح”
قلت سيف: حديث بن أبي الزناد عن هشام أخرجه أحمد 1418 وقلنا: هو على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند. فالشيخ مقبل يصحح لعبدالرحمن بن أبي الزناد عن هشام. وبعض طلاب الشيخ مقبل يضعف عبدالرحمن بن أبي الزناد مطلقا.
المهم يناسب وضعه على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند خاصة أن يونس رواه عن هشام عن عروة مرسلا.
وتابعه يحيى بن زكريا كما سبق.
أما حديث إني أخاف على عقلها. فوضع يده على صدرها ودعا لها فاسترجعت وبكت ثم جاء فقام عليه وقد مثل به. فقال: لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من حواصل الطير وبطون السباع. قال ثم أمر بالقتلى فجعل يصلي عليهم، قال: فيضع تسعة وحمزة فيكبر عليهم سبعا ثم يرفعون ويترك حمزة. ….
فقد ضعفه الذهبي والبيهقي بسبب أبي بكر بن عياش عن يزيد قال الذهبي: ليسا بمعتمدين. قال البيهقي: غير حافظين.
10 – في حديث الزبير أعلاه من الفوائد كيف كان الصحابة وقافين عند حدود الله حيث وقفت صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بذلك.
11 – وفيه ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الأخلاق العالية في جميع الأوقات حيث أقرعوا بين حمزة والأنصاري رضي الله عنهما.
بَابُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ
قال القسطلاني في إرشاد الساري:
(أتي بطعام) في الشمائل للترمذي أنه كان خبزًا ولحمًا (وكان صائمًا) وعند أبي عمر وكان في مرض موته (فقال: قتل مصعب بن عمير) مصغرًا يوم وقعة أُحُد قتله ابن قميئة بفتح القاف وكسر الميم وسكون الياء بعدها همزة بوزن سفينة قيل اسمه عبد الله وقيل عمرو حكاهما في النبراس ظانًّا أنه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد أن قاتل دون رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دفع إليه اللواء كما قيل.
(وهو خير مني) قاله تواضعًا أو قبل العلم بكونه من العشرة المبشرة بالجنة. اهـ
قال ابن الملقن في التوضيح:
وفيه: جواز التكفين في ثوب واحد عند عدم غيره، كما ترجم له بعد، والأصل: ستر العورة، وإنما استحب لهما – صلى الله عليه وسلم – التكفين في تلك الثياب التي ليست بسابغة؛ لأنهم فيها قتلوا وفيها يبعثون إن شاء الله. اهـ
قال ابن علان في دليل الفالحين:
(عجلت لنا) أي عجل لنا جزاؤها فلا نقدم على ثواب مدخر جملة مستأنفة استئنافاً بيانياً وهذا منه من مزيد خوفه من الله تعالى وشدة خشيته له، خشي أن يكون ما هو فيه من اليسار من جزاء طاعته التي فعلها مع أن ذلك اليسار من أسباب عمله الصالح ومتجره الأخروي ……
الرابح كما علم من إنفاقه في سبيل الله تعالى وتصدقه على عباد الله ومع ذلك لعدم نظره لعمله واعتداده خشي أن يكون ما يدخره سواه من أسباب إبعاده عن مولاه (ثم جعل يبكي) خوفاً من ذلك وأن يكون صفر اليدين من صالح الأعمال في المآل. اهـ
قال العثيمين في شرح رياض الصالحين:
دليلٌ على البكاء من خشية الله ومخافة عقابه. اهـ
قال الكرماني في الكواكب الدراري:
قال ابن بطال:
إنما استحب صلى الله عليه وسلّم له التكفين في تلك البردة لأنه قتل فيها وفيها يبعث.
وفي ذكر عبد الرحمن حالهما وحال نفسه دلالة أن العالم ينبغي له أن يذكر سير الصالحين وتقللهم من الدنيا لتقل رغبته فيها وإنما كان يبكي شفقة أن لا يلحق بمن تقدمه وحزناً على تأخره عنهم.
وفيه أنه ينبغي المرء أن يتذكر نعم الله ويعترف بالتقصير عن أداء شكرها ويتخوف أن يتقاص بها في الآخرة ويذهب بتنعمه فيها. اهـ
===============
باب إذا لم يجد كفنا إلا ما يواري رأسه أو قدميه غطى رأسه
1276 – حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا شقيق حدثنا خباب رضي الله عنه قال هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نلتمس وجه الله فوقع أجرنا على الله فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا منهم مصعب بن عمير ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها قتل يوم أحد فلم نجد ما نكفنه إلا بردة إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه وإذا غطينا رجليه خرج رأسه فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه
————‘———–
فوائد الباب:
1 – حديث خباب بن الأرت أخرجه الستة إلا ابن ماجه من طرق عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن خباب بن الأرت به
2 – أحاديثه في الكتب الستة تكاد تجاوز العشرة.
3 – فيه مناقب مصعب بن عمير رضي الله عنه. عن البراء رضي الله عنه قال أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم فجعلا يقرئاننا القرآن أخرجه البخاري 4941
4 – قوله (هاجرنا) فيه فضيلة الهجرة وإثباتها لخباب ومصعب رضي الله عنهما
5 – قوله (هاجرنا مع النبي صلى الله عليه و سلم) إلى المدينة أي بأمره وإذنه أو المراد بالمعية الاشتراك في حكم الهجرة إذ لم يكن معه حسا إلا الصديق وعامر بن فهيرة. قاله الحافظ في الفتح.
6 – قوله (فلم نجد ما نكفنه إلا بردة) ومن طريق زهير عن الأعمش عند البخاري 4046 (لم يترك إلا نمرة)
7 – قال المهلب: إنما أمره (صلى الله عليه وسلم) بتغطية الأفضل إذا أمكن ذلك بعد ستر العورة، ولو ضاق الثوب عن تغطية رأسه وعورته لغطيت بذلك عورته، وجعل على سائره من الإذخر، لأن ستر العورة واجب فى حال الموت والحياة، والنظر إليها ومباشرتها باليد تحرم إلا من أحل الله له ذلك من الزوجين نقله ابن بطال في شرحه.
8 – يدل الحديث على أن الثوب الذي يكفن فيه لو أضاق فتغطية رأسه أولى أن يبدا به من غيره. قاله ابن المنذر في الأوسط.
9 – فيه الِاسْتِدْلَالِ بِأَنَّ الْكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ قاله ابن خزيمة في التوحيد، وقال خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذَا الْخَبَرِ فِي كِتَابِ الْجَنَائِز
10 – فيه كيف كان عيش المهاجرين خاصة قبل فتح خيبر.
11 – غزوة أحد وهي من أشهر الغزوات واستشهد فيها من الصحابة من كان لهم قدم صدق وسابقة.
12 – فيه إخلاص النية لله سبحانه، وهل ينقص أجر الحصول على الغنائم من أجر الآخرة؟ أقول كان الصحابة يخشون ذلك، ويراقبون أنفسهم في ذلك فكيف بالذي يقاتل من أجل ذلك فقط!
13 – قوله (نلتمس وجه الله) فيه إثبات الوجه لله تعالى قاله ابن خزيمة في التوحيد. قلت ووقع في رواية (ابتغاء مرضاة الله) أخرجها ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير له 677 عن زهير عن ابن عيينة به.
14 – قوله (فوقع أجرنا على الله) أي ثبت ووجب
15 – فيه أن فتنة الغنى قد تكون أشد من فتنة الفقر.
16 – فيه ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها قاله البخاري في صحيحه.
17 – يقظة قلوب الصحابة وخوفهم من نقص أجورهم بعد الفتوحات فلم تغرهم الدنيا رضي الله عنهم.
18 – فيه عيادة المريض لقوله (عدنا خبابا) أخرجه البخاري 3897 من طريق الثوري به وفي رواية (أتينا خبابا نعوده) أخرجها أبو نعيم في مستخرجه على صحيح مسلم من طريق عن الأعمش به. وأخرجها ابن حبان في صحيحه 7019 من طريق سفيان بن عيينة به.
19 – وفيه: أن الصبر على مكابدة الفقر وصعوبته من منازل الأبرار. قاله صاحب تطريز رياض الصالحين.
20 – … قوله (أينعت): أدركت. يقال: أينعت الثَّمَرة ويَنَعت ….. وهو اليَنْع واليُنْع. ومنه قول اللّه جلَّ وعزَّ: انْظُرُوا الى ثَمَرِه اذَا أَثْمَر وَيَنْعِه، وقوله (يَهْدِبُها) أي: يجنيها من ثَمَرها يقال: هَدَبها يَهْدِبُها هَدْباً اذا اجْتناها. و هَدَبَ النَّاقة هَدْباً إذا احْتَلبَها. قاله ابن قتيبة في غريب الحديث.
21 – قوله (أينعت) أي أدركت و (يهدبها) أي يخترف ثمرها، يهدبها أيضا يحلبها، والهدب ضرب من الحلب وهدبها اجتناها. قاله أبو نعيم الأصبهاني في المسند المستخرج على صحيح مسلم، وقال النووي كما في رياض الصالحين وهذه استعارة لما فتح الله تَعَالَى عليهم من الدنيا وتمكنوا فِيهَا.
22 – قوله (حدثنا أبي) أي حفص بن غياث تابعه زهير عند البخاري 4047 تابعه أبو معاوية عند مسلم 940 تابعه سفيان الثوري عند البخاري 5ثغل أبي داود 2876 والترمذي 3853 تابعه سفيان بن عيينة عند البخاري 3897 و مسلم 940تابعه جرير عند مسلم 940 تابعه عيسى بن يونس عند مسلم 940 تابعه علي بن مسهر عند مسلم 940 تابعه عبد الله بن إدريس عند الترمذي 3853 تابعه يحيى بن سعيد القطان عند البخاري 3914 و النسائي في الصغرى 1903
23 – تنبيه أخرج البخاري الحديث من طريق محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان به وسفيان هو الثوري، ولم يذكر المزي أن ابن عيينة من شيوخ محمد بن كثير ومع ذلك قال العيني أنه ابن عيينة وكذا القسطلاني فوهما. قلت وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات 668 الحديث من طريق محمد ين كثير حدثنا سفيان بن سعيد به أي الثوري
========
باب من استعد الكفن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه
1277 – حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل رضي الله عنه أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتها أتدرون ما البردة قالوا الشملة قال نعم قالت نسجتها بيدي فجئت لأكسوكها فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها فخرج إلينا وإنها إزاره فحسنها فلان فقال اكسنيها ما أحسنها قال القوم ما أحسنت لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها ثم سألته وعلمت أنه لا يرد قال إني والله ما سألته لألبسه إنما سألته لتكون كفني قال سهل فكانت كفنه
‘———-‘—–
في الحديث معنى قوله تعالى:
قال الله تبارك وتعالى: (والّذين تبوّءُوا الدّار والإيمان من قبلهم يُحبُّون من هاجر إليهم ولا يجدُون في صُدُورهم حاجةً ممّا أُوتُوا ويُؤثرُون على أنفُسهم ولو كان بهم خصاصةٌ ومن يُوق شُحّ نفسه فأُولئك هُمُ المُفلحُون) [الحشر: 9]
وقال الله تعالى: (لن تنالُوا البرّ حتّى تُنفقُوا ممّا تُحبُّون وما تُنفقُوا من شيءٍ فإنّ اللّه به عليمٌ) [آل عمران: 92].
يقول السعدي: يعني: (لن تنالوا وتدركوا البر، الذي هو اسم جامع للخيرات، وهو الطريق الموصل إلى الجنة، حتى تنفقوا مما تحبون، من أطيب أموالكم وأزكاها. فإن النفقة من الطيب المحبوب للنفوس، من أكبر الأدلة على سماحة النفس، واتصافها بمكارم الأخلاق، ورحمتها ورقتها, ومن أدل الدلائل على محبة الله، وتقديم محبته على محبة الأموال، التي جبلت النفوس على قوة التعلق بها، فمن آثر محبة الله على محبة نفسه، فقد بلغ الذروة العليا من الكمال، وكذلك من أنفق الطيبات، وأحسن إلى عباد الله، أحسن الله إليه ووفقه أعمالا وأخلاقا، لا تحصل بدون هذه الحالة)
– وفيه الاستعداد للموت بالكفن، ومقصود الصحابي نيل بركة النبي صلى الله عليه وسلم.
فيكون الاستعداد لنا بالإكثار من الأعمال الصالحة والمنافسة في الخيرات .. ، والتخلص من حقوق العباد …. ونحو ذلك.
أما إعداد الإنسان كفنه ليس مستحباً، ولم يرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه أمر جائز، ورد فعله عن بعض الصحابة رضي الله عنهم
وجاء في “أسنى المطالب” (1/ 310): ” ولا يندب أن يَعُدَّ لنفسه كفناً … إلا أن يكون من جهة حل … فحسن إعداده، وقد صح عن بعض الصحابة فعله ” انتهى
قال ابن عثيمين: الاحتفاظ بالكفن ليس من السنة إلا لأمر مشروع، كما فعل الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبة أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فليس من السنة أن يعد الإنسان كفنه، ولا أن يعد مدفنه؛ أي قبره، وإذا كان في قبرة مسبلة، كان إعداد القبر حراماً؛ لأنه يتحجر به مكاناً غيره أحق به؛ لأن المقبرة لمن مات أولاً، ولا يحل لأحد أن يحفر في مقبرة مسبلة قبراً له، ثم إنه لا يدري هل يموت في هذه الأرض، أو يموت في أرض أخرى
– جاء في (شرح فتح القدير ج2 ص149): ” … ومن حفر قبراً في مقبرة ليدفن فيه فدفن غيره لا ينبش لكن يضمن قيمة الحفر “.
– ذكر الإمام الخطيب الشربيني – رحمه الله تعالى – في (مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ج2 ص53): ” … لو حفر شخص قبراً في مقبرة لم يكن أحق به من ميت آخر يحضر? لأنه لا يدري بأي أرض يموت لكن الأولى أن لا يزاحم عليه “.
وفي الحديث:
– تشجيع الصناع بقبول هداياهم.
– بوب البخاري باب ذكر النّساج
– كان جوده صلى الله عليه وسلم كله لله وفي ابتغاء مرضاته فإنه كان يبذل المال إما لفقير أو محتاج أو ينفقه في سبيل الله أو يتألف به على الإسلام من يقوي الإسلام بإسلامه وكان يؤثر على نفسه وأهله وأولاده فيعطي عطاء يعجز عنه الملوك مثل كسرى وقيصر (لطائف المعارف)
– في الحديث:
ما من غازية أو سرية تغزو في سبيل الله فيسلمون ويصيبون؛ إ? [كانوا قد]
تعجلوا ثلثي أجرهـم، وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب؛ إ? تم أجرهـم”
أخرجه مسلم 4960 من حديث عبدالله بن عمرو
فالصحابة كانوا يخافون من أن يكونوا تعجلوا أجرهم.
——‘
فوائد الحديث:
1 حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أخرجه البخاري، والنسائي مختصرا وابن ماجه.
2 ذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين أن الحديث من أفراد البخاري.
3 فعل الصحابي زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه يتضمن إقرار النبي صلى الله عليه وسلم.
4 كانت النساء يهدين النبي صلى الله عليه وسلم فيقبل منهن.
5 فيه مشروعية شراء المرء في حال حياته كفنه وتوابعه.
6 قوله (أتدرون ما البردة؟) قائل ذلك هو الصحابي سهل بن سعد صرح به البخاري 5810 و 6036 والنسائي5321.
7 فيه مشروعية الإنكار عند مخالفة الأدب ظاهرا، وإن لم يبلغ المنكر درجة التحريم. قاله العيني كما في عمدة القارئ.
8 فيه حسن الخلق والسخاء قاله البخاري في الصحيح.
9 فيه الإيثار والمواساة قاله النووي كما في رياض الصالحين.
10 فيه: ما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يعطي حتَّى لا يجد شيئًا فيدخل بذلك في جملة المؤثرين عَلَى أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. قاله ابن الملقن في التوضيح شرح الجامع الصحيح.
11 فيه علو أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان لا يرد سائلا.
12 شدة عيش النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان محتاجا للشملة.
13 مشروعية التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم. فقد قال الصحابي كما رواه البخاري 6036 من طريق أبي غسان (رجوت بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لعلي أكفن فيها)
14 محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم.
15 فيه ذكر النساج وكانت من الحرف زمن الصحابة رضي الله عنهم.
16 فيه جواز الاعتماد على القرائن. لقولهم (محتاجا إليها)، فعرفوا بقرينة الحال.
17 قوله (أن امرأة جاءت) قال الحافظ في الفتح لم أقف على اسمها.
18 قوله (فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها) أي قبل هديتها.
19 قوله (فخرج إلينا وإنها إزاره) وعند البخاري من طريق أبي غسان (فلبسها) أي فدخل فلبسها ثم خرج.
20 قوله (فحسنها) وفِي رواية (فجسها) أي لمسها ليختبرها، أي تأكد من حسنها وتلفظ به.
21 قوله (فحسنها فلان) جاء في آخر رواية الطبراني في الكبير من طريق قتيبة بن سعيد قال قتيبة كان (هو) سعد بن أبي وقاص، قلت وقيل عبد الرحمن بن عوف، وقيل أعرابي أخرج الأخير الطبراني في الكبير بسند آخر من طريق زمعة بن صالح وضعفه الحافظ ابن حجر.
22 قوله (والله ما سألته لألبسه) فيه جواز الحلف وإن لم يطلب منه ذلك.
23 قوله (حدثنا عبد الله بن مسلمة) هو القعنبي تابعه هشام بن عمار عند ابن ماجه 3555
24 قوله (حدثنا ابن أبي حازم) هو عبد العزيز تابعه يعقوب بن عبد الرحمن اخرجه البخاري 2093و 5810والنسائي في السنن الصغرى 5321 و تابعه أبو غسان عند البخاري 6036.
25 قوله (عن أبيه) هو أبو حازم سلمة بن دينار مشهور بكنيته ومشهور بالرواية عن سهل بن سعد. وصرح أبو غسان بتحديث أبي حازم إياه حيث قال حدثني أبو حازم كما عند البخاري 6036.
——-
بَابُ مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَنَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ
قال ابن الملقن في التوضيح:
وفيه هدية المرأة إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وقبول السلطان إياها من الفقير.
وفيه: جواز المسألة بالمعروف، وأنه لم يكن يرد سائلا.
وفيه: بركة ما لبسه الشارع بما يلي جسده.
وفيه: جواز إعداد الشيء قبل وقت الحاجة إليه. اهـ
قال الأثيوبي في ذخيرة العقبى في تعداد فوائد الحديث:
(ومنها): الترغيب فِي المصنوع بالنسبة إلى صانعه، إذا كَانَ ماهرا، ويحتمل أن تكون أرادت بنسبته إليها، إزالة ما يخشى منْ التدليس.
(ومنها): جواز استحسان الإنسان ما يراه عَلَى غيره، منْ الملابس، وغيرها، إما لِيُعرّفه قدرها، وإما لِيُعَرِّض له بطلبه منه، حيث يسوغ له ذلك.
(ومنها): أنّ فيه مشروعية الإنكار عند مخالفة الأدب ظاهرا، وإن لم يبلغ المنكر درجة التحريم. (ومنها): التبرك بآثار النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.