1277 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2، والمدارسة، والتخريج رقم 1،والاستفادة
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف عبد الله الديني)
_._._. _._._. _._._. _._._. _.
1277 – قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا عبد الرزاق وأبو عاصم عن ابن جريج أخبرني زياد عن هلال بن أسامة أن أبا ميمونة سلمى مولى من أهل المدينة رجل صدق قال:
بينما أنا جالس مع أبي هريرة جاءته امرأة فارسية معها ابن لها فادعياه، وقد طلقها زوجها فقالت: يا أبا هريرة -ورطنت له بالفارسية- زوجي يريد أن يذهب بابني فقال أبو هريرة استهما عليه ورطن لها بذلك فجاء زوجها فقال: من يحاقني في ولدي، فقال أبو هريرة: اللهم إني لا أقول هذا إلا أني سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعد عنده فقالت: يا رسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عنبة وقد نفعني فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم استهما عليه فقال: زوجها من يحاقني في ولدي فقال: النبي صلى الله عليه وسلم هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت فأخذ بيد أمه فانطلقت به.
هذا حديث صحيح.
* قال الإمام الترمذي رحمه الله: حدثنا نصر بن علي حدثنا سفيان عن زياد بن سعد عن هلال بن أبي ميمونة الثعلبي عن أبي ميمونة عن أبي هريرة
أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح وأبو ميمونة اسمه سليم.
قال أبو عبدالرحمن: هذا حديث صحيح.
———————————————–
الفوائد:
(رطنت له بالفارسية)
: في النهاية الرطانة بفتح الراء وكسرها والتراطن كلام لا يفهمه الجمهور، وإنما هو مواضعة بين اثنين أو جماعة، والعرب تخص بالرطانة غالب كلام العجم، وفي الصحاح: رطنت له إذا كلمته بالعجمية، فالمعنى تكلمت بالفارسية.
(من يحاقني)
: بالحاء المهملة والقاف المشددة أي من ينازعني.
(من بئر أبي عنبة)
: بعين مهملة مكسورة فنون مفتوحة فموحدة أظهرت حاجتها إلى الولد، ولعل محمل الحديث بعد الحضانة مع ظهور حاجة الأم إلى الولد واستغناء الأب عنه مع إرادته إصلاح الولد. قاله السندي.
” راجع عون المعبود شرح سنن أبي داود ”
(3/ 460)
– هذا الحديث يدخل تحت باب الحضانة، ومن أحق بها، لهذا بوب أبوداود على هذا الحديث باب من أحق بالولد.
– والأم أحق بالولد ما لم تتزوج لحديث: ((أنت أحق به ما لم تنكحي)) أخرجه أبو داود 2267 وحسنه الألباني راجع الصحيحة 368، وهذا قول أكثر أهل العلم، وأكثرهم على اعتبار ذلك بالعقد، واعتبره مالك بالدخول.
راجع ” فتح العلام ” (5/ 51).
– واختلفوا في علة أحقية الأم بالحضانة، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ولكن ما ذكره فقهاؤنا رحمهم الله ـ وهو أقرب التعليلات ـ أن العلة كون هذا الزوج الجديد أجنبياً من المحضون، وإذا كان أجنبياً ربما لا يرحمه ولا يبالي به ضاع أم استقام.
“الشرح الممتع” (13/ 540)
– وحقها بالحضانة ما لم يستغن، وحَدَّه بعضهم بالتمييز رجحه الشيخ عبد المحسن العباد كما في شرح سنن أبي داود، وقال: وهذا الحديث يدل على الاستهام إذا وافقوا واتفقوا عليه ورضوا بأن يأخذه من تخرج له القرعة؛ لأن الحق لهما لا يعدوهما، فإذا اتفقا عليه فلا بأس بذلك، وإذا لم يحصل اتفاق على ذلك فإنه يخير بين أبيه وأمه، لكن ينبغي أن يعلم أن مثل هذا التخيير ومثل هذا الاستهام إنما يكون فيما إذا كان كل من الأب والأم فيه سلامة، وأن وجوده عند أي واحد منهما يكون في صالحه، وأما إذا عرف أن أحدهما سيئ وأنه ليس أهلاً لأن يكون معه، وأن الثاني أولى فإنه يلحق بمن كان أولى؛ لئلا يضيع مع من كان سيئاً، وأما إذا كان في زمن الحضانة فأمه أولى به؛ لأنها هي التي تقوم بإرضاعه، والصبر عليه، وتحمل المشاق في سبيل تنشئته وراحته.
– وهل تشترط العدالة في الحضانة؟ راجع كلام ابن القيم في زاد المعاد (5/ 411).
– قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: أما إذا كان الزوج من أقارب المحضون فإن حضانة الأم لا تسقط.
والدليل على أن التزوج بغير الأجنبي لا يسقط الحضانة قصة ابنة حمزة رضي الله عنهما حينما خرجت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم تنادي: يا عم يا عم، فأخذها علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأعطاها فاطمة، فقال لها: دونك ابنة عمك، فنازعه في ذلك جعفر بن أبي طالب، ونازعهما زيد بن حارثة فقال علي: إنها ابنة عمي وأنا أحق بها، وقال جعفر: إنها ابنة عمي، وخالتها تحتي، وقال زيد: إنها ابنة أخي، لأنه صلّى الله عليه وسلّم آخى بينه وبين حمزة بن عبد المطلب، فقضى بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لخالتها، وقال: «الخالة بمنزلة الأم» فأخرجها عن كل الثلاثة، ولكن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحسن خلقه طيَّب نفس كل واحد منهم، فقال لعلي بن أبي طالب: «أنت مني وأنا منك»، وقال لجعفر: «أشبهت خَلْقِي وخُلُقِي»، وقال لزيد: «أنت أخونا ومولانا».
وهذا لا يعارض قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أنت أحق به ما لم تنكحي» رواه البخاري 2699؛ لأن الجمع ممكن فيحمل حديث ابنة حمزة على أن الزوج ليس أجنبياً من المحضون، لأنه ابن عمها، وأما حديث: «أنت أحق به ما لم تنكحي»، فهذا إذا كان الزوج أجنبياً من المحضون، وبهذا تجتمع الأدلة، وما أكثر ما تتأيم المرأة لأجل طفل واحد فلا تتزوج خوفا من أن يأخذه الأب، وهذا في الحقيقة من نقص عقل المرأة … والذي أتى بالولد الأول يأتي بأولاد آخرين يلقي الله في قلبها من محبتهم أكثر من الطفل الثاني، وربما أن الأب لا يطالب بالولد، وربما يوجد من يتوسط بينهما.
” الشرح الممتع ” (13/ 540).
– قال ابن قدامة رحمه الله: فَإِنْ كَانَ رَجُلًا- أي المحضون-، فَلَهُ الِانْفِرَادُ بِنَفْسِهِ، لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُمَا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْفَرِدَ عَنْهُمَا، وَلَا يَقْطَعَ بِرَّهُ عَنْهُمَا وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً لَمْ يَكُنْ لَهَا الِانْفِرَادُ وَلِأَبِيهَا مَنْعُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مَنْ يُفْسِدُهَا، وَيُلْحِقُ الْعَارَ بِهَا وَبِأَهْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ، فَلِوَلِيِّهَا وَأَهْلِهَا مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ.” المغني ” (18/ 224).
قلت (سيف): أبوميمونة قيل الفارسي وقيل الأبار، وقيل هما واحد،
وفي مشروع الذيل قلت في حديث 7932 من مسند أحمد وهل هو على شرط الذيل على الصحيح المسند أم لا -.
الجواب:
قال ابن حجر فرق البخاري وأبوحاتم ومسلم والحاكم ابواحمد بين أبي ميمونة الأبار الذي روى عن أبي هريرة وعنه قتادة، وبين أبي ميمونة الفارسي اسمه سليم روى عنه ابوالنضر وغيره.
قال الدارقطني: ابوميمونة عن أبي هريرة وعنه قتادة متروك.
وقال ابن معين: ابوميمونة الأبار: صالح.
قال النسائي: ابوميمونة ثقه.
والحديث ضعفه الألباني بابي ميمونة، ونقل كلام الدارقطني (الضعيفة 1324).
وتعقب باحث ابن حجر وقال: كلام ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل:2/ 284 أسامة الفارسي ابوميمونة روى عن أبي هريرة روى عنه ابنه هلال بن أبي ميمونة ويحيى بن أبي كثير وقتادة سمعت أبي يقول ذلك) يعني أن الفارسي هو الذي روى عنه قتادة، وقال في 4/ 212 سليم ابوميمونة روى عنه هلال بن أبي ميمونة وأبو النضر سمعت أبي يقول ذلك.
والبخاري ليس في كلامه ما يدل على التفريق ففي التاريخ الكبير 4/ 129 سليم أبو ميمونة أراه الفارسي سمع أبا هريرة روى عنه هلال بن أبي ميمونة
قال: ولم أقف على كلام مسلم والحاكم. انتهى
قلت: وسأل أحمد عن حديث يرويه يحي بن أبي كثير عن أبي ميمونة عن أبي هريرة جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد طلقها زوجها، قال: لا أرى يحي سمعه إلا من هلال بن أسامة، عن أبي ميمونة، قلت: فأبوميمونة هو الذي روى عنه قتادة؟ قال: أراه (العلل 624)
يدل أن الإمام أحمد يفرق بينهما وأن الذي روى عنه يحيى بن أبي كثير هو الذي روى عنه قتادة فهو يؤيد كلام أبي حاتم ويرجح قول أبي حاتم فيكون قول الباحث قوي وأن ابن حجر خلط بينهما. انتهى كلامي