127 لطائف التفسير والمعاني
شارك أحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——-‘——-‘
لطائف التفسير والمعاني:
المرضع قد تكون ترضع وإن لم تباشر بعكس المرضعة لابد أن تكون تباشر:
قال تعالى:
(يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَاكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد)
[سورة الحج 2]
فالتعبير بمرضعة أشد كأنها أخذت ثديها من فم صغيرها لشدة الهول
قال البغوي في تفسيره: قوله تعالى {كل مرضعة عما أرضعت}
أي: كل امرأة معها ولد ترضعه، يقال: امرأة مرضع، بلا هـاء، إذا أريد به الصفة، مثل حائض وحامل، فإذا أرادوا الفعل أدخلوا الهاء. {وتضع كل ذات حمل حملها}
أي: تسقط ولدهـا من هـول ذلك اليوم. انتهى
قال ابن كثير:
ثم قال تعالى: {يوم ترونها}
: هـذا من باب ضمير الشأن؛ ولهذا قال مفسرا له: {تذهـل كل مرضعة عما أرضعت}
أي: تشتغل لهول ما ترى عن أحب الناس إليها، والتي هـي أشفق الناس عليه، تدهـش عنه في حال إرضاعها له؛ ولهذا قال: {كل مرضعة}
، ولم يقل: “مرضع” وقال: {عما أرضعت}
أي: عن رضيعها قبل فطامه.
تفسير ابن كثير
وفي إعراب القرآن وبيانه:
«يوم ترونها تذهـل كل مرضعة عما أرضعت» بأن المرضع هـي التي من شأنها الإرضاع والمرضعة هـي التي في حالة الإرضاع ملقمة ثديها للصبي فانظره هـناك.
وكان بعض نحويي الكوفيين يقول: إذا أثبتت الهاء في المرضعة فإنما يراد أم الصبي المرضع، وإذا أسقطت فإنه يراد المرأة التي معها صبي ترضعه , لانه أريد الفعل بها. قالوا: ولو أريد بها الصفة فيما يرى لقال مرضع. قال: وكذلك كل مفعل أو فاعل يكون لأنثى ولا يكون للذكر، فهو بغير هـاء، نحو: نقرب، وموقر، ومشدن، وحامل، وحائض. قال أبو جعفر: وهـذا القول عندي أولى بالصواب في ذلك , لأن العرب من شأنها إسقاط هـاء التأنيث من كل فاعل ومفعل إذا وصفوا المؤنث به , ولو لم يكن للمذكر فيه حظ، فإذا أرادوا الخبر عنها أنها ستفعله ولم تفعله، أثبتوا هـاء التأنيث , ليفرقوا بين الصفة والفعل. منه قول الأعشى فيما هـو واقع ولم.
تفسير الطبري
وربما أثبتوا الهاء في الحالتين , وربما أسقطوهـما فيهما , غير أن الفصيح من كلامهم ما وصفت. فتأويل الكلام إذن: يوم ترون أيها الناس زلزلة الساعة، تنسى وتترك كل والدة مولود ترضع ولدهـا عما أرضعت.
منه
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهـب، قال: قال ابن زيد، في قوله: {يوم ترونها تذهـل كل مرضعة عما أرضعت} [الحج: 2]
قال: «تترك ولدهـا للكرب الذي نزل بها»
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر، عن الحسن: {تذهـل كل مرضعة عما أرضعت}
[الحج: 2]
قال: ” ذهـلت عن أولادهـا بغير فطام. {وتضع كل ذات حمل حملها}
منه
قال ابن القيم:
قوله تعالى: 22: 2 (يوم ترونها تذهـل كل مرضعة عما أرضعت)
فهذا وصف يختص به الاناث وقد جاء بالتاء قلت: ليس في هـذا ولله الحمد رد لهذا المذهـب ولا إبطال له، فإن دخول التاء هـاهـنا يتضمن فائدة لا تحصل بدونها فتعين الاتيان بها، وهـي أن المراد بالمرضعة فاعلة الرضاع، فالمراد الفعل لا مجرد الوصف ولا أريد الوصف المجرد بكونها من أهـل الارضاع لقيل: مرضع كحائض وطامث ألا ترى إلى
قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار»
فإن المراد به الموصوفة بكونها من أهـل الحيض لا من يجري دمها فالحائض والمرضع وصف عام يقال على من لها ذلك وصفا وإن لم يكن قائما بها، ويقال على من قام بها بالفعل أدخلت التاء هـاهـنا إيذانا بأن المراد من تفعل الرضاع فإنها تذهـل عما ترضعه لشدة هـول زلزلة الساعة.
وأكد هـذا المعنى بقوله: عما أرضعت
فعلم أن المراد المرضعة التي ترضع بالفعل لا بالقوة والتهيؤ. وترجيح هـذا المذهـب له موضع غير هـذا.
التفسير القيم لابن القيم
: وقال بعض أهل التفسير اللغويين: في تفسير هـذه الاية الكريمة: فإن قلت: لم قيل: (مرضعة) دون (مرضع)؟
قلت: المرضعة التي هـي في حال الارضاع ملقمة ثديها الصبي. والمرضع: التي شأنها أن ترضع، وإن لم تباشر الارضاع في حال وصفها به، فقيل: (مرضعة)، فيدل على أن ذلك الهول إذا فوجئت به هـذه وقد ألقمت الرضيع ثديها: نزعته عن فيه ; لما يلحقها من الدهـشة. وقوله تعالى: عما أرضعت الظاهـر أن «ما» موصولة، والعائد محذوف؛ أي: أرضعته، على حد قوله في الخلاصة:
والحذف عندهـم كثير منجلي
في عائد متصل إن انتصب بفعل أو وصف كمن نرجو يهب
وقال بعض العلماء: هـي مصدرية؛ أي: تذهـل كل مرضعة عن إرضاعها.
قال أبو حيان في البحر: ويقوي كونها موصولة تعدي «وضع» إلى المفعول به في قوله: حملها لا إلى المصدر.
أضواء البيان