127 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————–
مسند أحمد
9301 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ “، قَالَ مُحَمَّدٌ: ” وَقَدْ سَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ مَعْمَرٍ ”
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند.
الحديث في البخاري ومسلم من طريق معمر بلفظ (لا فرع … ) فلعله محفوظ باللفظين.
——–
الفرع و العتيرة
قال النووي على مسلم: (لا فرع ولا عتيرة) قال أهل اللغة وغيرهم الفرع ويقال فيه الفرعة بالهاء قد فسره هنا بأنه أول النتاج كانوا يذبحونه قال الشافعي وأصحابه وآخرون هو أول نتاج البهيمة كانوا يذبحونه ولا يملكونه رجاء البركة في الأم وكثرة نسلها وهكذا فسره كثيرون من أهل اللغة وغيرهم وقال كثيرون منهم هو أول النتاج كانوا يذبحونه لآلهتهم وهي طواغيتهم وكذا جاء هذا التفسير في صحيح البخاري وسنن أبي داود وقيل هو أول النتاج لمن بلغت إبله مائة يذبحونه قالوا والعتيرة ذبيحة كانوا يذبحونها في العشر الأول من رجب ويسمونها الرجبية أيضا واتفق العلماء على تفسير العتيرة بهذا ومعنى الحديث لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة قال الإمام النووي وادعى القاضي عياض أن جماهير العلماء على نسخ الأمر بالفرع والعتيرة].
قال العلامة العباد: والقول بأنها كانت في الجاهلية وجاءت في أول الإسلام ثم نسخت هو الأقرب. شرح سنن أبي داود.
[خرج الإلباني في “الإرواء” حديث] أبي هريرة مرفوعًا «لا فرع ولا عتيره». متفق عليه
[ثم خرج] حديث الحارث بن عمرو أنه (لقي رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – في حجة الوداع قال: فقال رجل: يا رسول الله الفرائع والعتائر؟ قال: من شاء فَرَع ومن شاء لم يَفْرَع، ومن شاء عتر ومن شاء لم يعتر في الغنم الأضحية).رواه أحمد والنسائي) [وحكم عليه بأنه] ضعيف.
[ثم قال]:
لكن يشهد لمعنى الحديث أحاديث أخرى.
الأول: عن داود بن قيس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: (وسئل عن الفرع؟ قال: والفرع حق وأن تتركوه حتى يكون بكرًا شفزيًّا (أي غليظا) ابن مخاض أو ابن لبون فتحعطيه أرملة، أو تحمل عليه في سبيل الله خير من أن تذبحه فيلزق لحمه بوبره وتكفأ إناءك وتوله ناقتك) زاد في رواية: (قال: وسئل عن العتيرة؟ فقال: العتيرة حق. قال بعض القوم لعمرو ابن شعيب: ما العتيرة؟ قال: كانوا يذبحون في رجب شاة فيطبخون ويأكلون ويطعمون) …
الثاني: عن نَبيشة الهذلي قال: (قالوا: يا رسول الله إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية فما تأمرنا؟ قال: “اذبحوا لله عز وجل في أي شهر ما كان، وبروا الله تبارك وتعالى، وأطعموا” قالوا: يا رسول الله إنا كنا نفرع في الجاهلية فرعا فما تأمرنا؟
قال: «في كل سائمة فرع تغذوه ماشيتك، حتى إذا استحمل ذبحته فتصدقت بلحمه- قال خالد: أراه قال: على ابن السبيل- فإن ذلك هو خير».
[إلى أن قال]:
هذا وقد أفادت هذه الأحاديث مشروعية الفرع وهو الذبح أول النتاج على أن يكون لله تعالى ومشروعية الذبح في رجب وغيره بدون تمييز وتخصيص لرجب على ما سواه من الأشهر، فلا تعارض بينها وبين الحديث المتقدم (لا فرع ولا عتيرة)؛ لأنه إنما أبطل – صلى الله عليه وآله وسلم – به الفرع الذي كان أهل الجاهلية [يفعلونه] لأصنامهم، والعتيرة وهى الذبيحة التى يخصون بها رجبًا. والله أعلم
“إرواء الغليل” (4/ 409 – 413).
قال الحافظ في الفتح (9/ 597): ففي هذا الحديث أنه صلى الله عليه و سلم لم يبطل الفرع والعتيرة من أصلهما وإنما أبطل صفة من كل منهما فمن الفرع كونه يذبح أول ما يولد ومن العتيرة خصوص الذبح في شهر رجب.
قال الشوكاني في النيل (5/ 166): وقد اختلف في الجمع بين الأحاديث المذكورة والأحاديث الآتية القاضية بالمنع من الفرع والعتيرة، فقيل: إنه يجمع بينها بحمل هذه الأحاديث على الندب وحمل الأحاديث الآتية على عدم الوجوب، ذكر ذلك جماعة منهم الشافعي والبيهقي وغيرهما فيكون المراد بقوله: لا فرع ولا عتيرة أي: لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة، وهذا لا بد منه عدم مع عدم العلم بالتاريخ؛ لأن المصير إلى الترجيح مع إمكان الجمع لا يجوز كما تقرر في موضعه.
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن هذه الأحاديث منسوخة بالأحاديث الآتية. وادعى القاضي عياض أن جماهير العلماء على ذلك ولكنه لا يجوز الجزم به إلا بعد ثبوت أنها متأخرة ولم يثبت.
قال الشيخ محمد بن آدم الأثيوبي في شرح المجتبى (32/ 384): والحاصل أن القول بمشروعيّة الْفَرَع والعتيرة هو الحقّ. والله تعالى أعلم بالصواب