126 جامع الأجوبة الفقهية ص 164
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري وعامر الراشدي.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
– مسألة: تخليل اللحية الكثيفة
– مسألة: ضابط اللحية الخفيفة والكثيفة.
– مسألة: إذا كان اللحية بعضها خفيف وبعضها كثيف.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
في هذا البحث سنتكلم بإذن الله عن ثلاث مسائل متعلقة بأحكام اللحية على النحو التالي:
– المسألة الأولى: تخليل اللحية الكثيفة:-
اختلف العلماء في حكم تخليل اللحية هل هي واجبة أم مستحبة، وسبب هذا الاختلاف هو اختلافهم في الأحاديث الواردة، وقد احتج من ذهب إلى الإيجاب بحديث أنس رضي الله عنه
(أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته وقال: “هكذا أمرني ربي عز وجل”). صححه الألباني في مشكاة المصابيح (1/ 88)
واحتج من ذهب إلى الندب بحديث ابن عباس رضي الله عنهما- (أنه توضأ فغسل وجهه، فأخذ غرفة من ماء فتمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بها وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح رأسه، ثم أخذ غرفة من ماء فرش بها على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها رجله اليسرى، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ) أخرجه البخاري (1/ 240)
– قال في بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/ 23):
(وأما) تخليل اللحية فعند أبي حنيفة، ومحمد من الآداب، وعند أبي يوسف سنة، هكذا ذكر محمد في كتاب الآثار لأبي يوسف ما روي أن «رسول الله – صلى الله عليه وسلم – توضأ، وشبك أصابعه في لحيته كأنها أسنان المشط»، ولهما أن الذين حكوا وضوء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما خللوا لحاهم، وما رواه أبو يوسف فهو حكاية فعله – صلى الله عليه وسلم – ذلك اتفاقا لا بطريق المواظبة، وهذا لا يدل على السنة.
– قال ابن عبد البر في الاستذكار (ص: 395):
واختلف في تخليل اللحية والذقنه فذهب مالك والشافعي والثوري والأوزاعي أن تخليل اللحية ليس بواجب في الوضوء، وقال مالك وأكثر أصحابه وطائفة من أهل المدينة ولا في غسل الجنابة.
وذكر بن عبد الحكم عن مالك أن الجنب يخلل لحيته ويستحب ذلك له وليس ذلك على المتوضئ # قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلل أصول شعره في غسله من الجنابة.
وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري والأوزاعي والليث بن سعيد وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وداود والطبري ومن قال بقوله تخليل اللحية في غسل الجنابة واجب وهذا على من احتاج إلى ذلك لكثرة شعره ليصل الماء إلى بشرته. انتهى
– قال صاحب القوانين الفقهية (ص: 19): ويجب تخليل ما على الوجه من شعر خفيف واختلف في الكثيف ويجب إمرار اليد على اللحية وفي وجوب تخليلها قولان.
– قال النووي في المجموع شرح المهذب (1/ 374)
اللحية الكثيفة يجب غسل ظاهرها بلا خلاف ولا يجب غسل باطنها ولا البشرة تحته هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي نص عليه الشافعي رحمه الله وقطع به جمهور الأصحاب في الطرق كلها وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين … وإن كانت اللحية خفيفة وجب غسل ظاهرها وباطنها والبشرة تحتها بلا خلاف عندنا.
– قال ابن قدامة في المغني (1/ 78):
وتخليل اللحية وجملة ذلك: أن اللحية إن كانت خفيفة تصف البشرة وجب غسل باطنها. وإن كانت كثيفة لم يجب غسل ما تحتها، ويستحب تخليلها. وممن روي عنه أنه كان يخلل لحيته: ابن عمر، وابن عباس، والحسن، وأنس، وابن أبي ليلى وعطاء بن السائب … وقال عطاء وأبو ثور: يجب غسل باطن شعور الوجه وإن كان كثيفا كما يجب في الجنابة؛ ولأنه مأمور بغسل الوجه في الوضوء كما أمر بغسله في الجنابة، فما وجب في أحدهما وجب في الآخر مثله. انتهى
– وفي فتاوى اللجنة الدائمة – 1 (5/ 222)
السؤال الأول من الفتوى رقم 8891
س 1: هل معنى تخليل اللحية في الوضوء هو وجوب وصول الماء إلى بشرة اللحية؟
جـ 1: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
يجب غسل ظاهر اللحية الكثيفة ولا يجب غسل باطنها ولا البشرة التي تحته ولكن يشرع تخليلها، قال النووي رحمه الله تعالى: لا خلاف في وجوب غسل اللحية الكثيفة ولا يجب غسل باطنها ولا البشرة التي تحته اتفاقا، وهو مذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وقال ابن رشد: (هذا أمر لا أعلم فيه خلافا) انتهى. وأما اللحية الخفيفة التي تبين منها البشرة فإنه يجب غسل باطنها وظاهرها.
– المسألة الثانية: ضابط اللحية الخفيفة والكثيفة.
للتفريق بين اللحية الخفيفة والكثيفة عند العلماء ثلاثة أوجه:
– الوجه الأول: أن مرد ذلك إلى العرف، فما عده العرف كثاً فهو كث، وهي لحية كثيفة.
وما عده العرف يسيراً وخفيفاً فهو لحية خفيفة
– الوجه الثاني: ما وصل الماء إلى تحته بلا مشقة، فهو خفيف وإلا فكثيف.
– الوجه الثالث: أن الضابط في ذلك رؤية البشرة، فإذا كان الشعر الذي على اللحية يسيراً بحيث يمكنك أن ترى البشرة فإنها يسيرة وخفيفة، وأما إذا كان الشعر كثيراً بحيث يستر البشرة ولا يمكنك أن ترى لونها من تحت الشعر فإنها لحية كثة.
– قال النووي في المجموع شرح المهذب (1/ 375)
في ضبط اللحية الكثيفة والخفيفة أوجه أحدها ما عده الناس خفيفا فخفيف وما عدوه كثيفا فهو كثيف ذكره القاضي حسين في تعليقه وهو غريب والثاني ما وصل الماء إلى ما تحته بلا مشقة فهو خفيف وما لا فكثيف حكاه الخراسانيون والثالث وهو الصحيح وبه قطع العراقيون والبغوي وآخرون وصححه الباقون وهو ظاهر نص الشافعي أن ما ستر البشرة عن الناظر في مجلس التخاطب فهو كثيف وما لا فخفيف
– قال ابن سيد الناس في النفح الشذي شرح جامع الترمذي (1/ 327)
والمذهب الأول: قال الرافعي: وعبارة أكثر الأصحاب أنَّ الخفيف ما تتراءى البشرةُ من خلاله في مَجْلس التخاطُب، والكثيف ما يستُر ويمنع الرُّؤية، هذا ما يُشعر به لفظ الشافعي، وقال بعض الأصحاب: الخفيف: ما يصل الماء إلى منبته من غير مبالغة واستقصاء، والكثيف: ما يفتقر إليه.
– قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه “زاد المستقنع”: ” قوله: ” وما فيه من شعرٍ خفيف، والظَّاهرَ الكثيف ” الخفيفُ: ما تُرى من ورائه البشرةُ، والكثيف: ما لا تُرى من ورائه.
فالخفيفُ: يجب غسله وما تحته؛ لأن ما تحته إذا كان يُرى فإنَّه تَحصُلُ به المواجهة، والكثيف يجب غسلُ ظاهرهِ دونَ باطنهِ؛ لأنَّ المواجهةَ لا تكون إلا في ظاهر الكثيف. انتهى من “الشرح الممتع” (1/ 212).
– المسألة الثالثة: إذا كان اللحية بعضها خفيف وبعضها كثيف:
قال النووي في المجموع شرح المهذب (1/ 375)
وإن كان بعضها خفيفا وبعضها كثيفا فلكل بعض منهما حكمه لو كان متمحضا فللكثيف حكم اللحية الكثيفة وللخفيف حكم اللحية الخفيفة هذا هو المذهب الصحيح وبه قطع الأصحاب في الطرق وقال الماوردي إن كان الكثيف متفرقا بين الخفيف لا يمتاز ولا ينفرد عنه وجب إيصال الماء إلى جميع الشعر والبشرة وحكى الرافعي وجها أن للجميع حكم الخفيف مطلقا. انتهى
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
– قلت: أما مسألة تخليل اللحية الكثيفة
اختلف المحدثون في الأحاديث الواردة في مشروعيتها:
قال ابن حجر في تلخيص الحبير ((1) / (87)): فائدة: قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس في تخليل اللحية شيء صحيح. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا يثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في تخليل اللحية شيء.
(علل ابن أبي حاتم (45/ 1).
وقال الشيخ عبدالله البسام: وقد ضعف أحاديث التخليل بعض المحدثين، وتكلموا في أسانيدها؛ كالعقيلي، وابن حزم، والزيلعي.
قال الإمام أحمد وأبو حاتم: ليس في تخليل اللحية شيء صحيح.
(توضيح الأحكام للبسام)
وقال القاضي عياض: لم يجاء في هذه الأحاديث تخليل شعر اللحية فدل على أنه غير مشروع، وبهذا
احتج مالك على عدم تخليلها في مشهور قوله.
ولكن الحديث صححه بعض أهل العلم بطرقه وشواهده ودرجته صحيح لغيره وممن صحح الحديث من المعاصرين الشيخ الالباني والشيخ محمد علي آدم في ذخيرة العقبى)
والحديث أخرجه أبو داود “صحيح سنن أبي داود” ((132))، وغيره، وهو صحيح بطرقه وشواهده، وانظر (المشكاة” ((408)).
وأما حكم العمل به للاستحباب وهو قول اكثر أهل العلم وذكر بعضهم الاتفاق على استحباب تخليل اللحية الكثيفة التي لا تصف البشرة،
نقل القرطبي عن ابن خويز منداد اتفاق الفقهاء عليه إلا شيء روي عن سعيد بن جبير،
ونقل عن الإمام أحمد عدم وجوب تخليل اللحية: صالح في مسائله (1) / (481) ((351))، وأبو داود في مسائله ص (7).
والمذهب موافق لهذه الرواية في اللحية الكثيفة، حيث يستحب تخليلها، أما إن كانت خفيفة تصف البشرة، فيجب غسل باطنها.
انظر: الكافي (1) / (33)، الفروع (1) / (74)، (75)، كشاف القناع (1) / (107)، (108).
واما اللحية غير الكثيفة، فهذا يجب غسله، وغسل ما تحته من البشرة،
قال الشيخ البسام: وهذا التفصيل والبيان جاء من التتبع، والاستقراء للوضوء الشرعي، فما ظهر من الوجه يجب غسله، ومنه ما تحت الشعر الخفيف، وما استتر منه لكثافة الشعر، كلحيته -صلى الله عليه وسلم-، فالمشروع تخليلها.
(توضيح الأحكام للبسام)
وقال الشيخ محمد علي آدم: الحاصل أن تخليل اللحية مستحب لثبوت الأحاديث الدالة عليه، وأما إثبات الوجوب فمحل نظر، والله أعلم.
(ذخيرة العقبى)
واختلفوا هل يجب إمرار الماء على المسترسل من اللحية؟
فروي عن مالك وأحمد وجوبه، وللشافعي قولان. واختلف عن أبي حنيفة أيضا، فروي عنه: أنه لا يجب وروي وجوبه.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
إن كانت اللِّحيةُ خفيفةً- تصِف البَشَرة- فإنَّه يجبُ غَسلُ ظاهِرِها وباطِنِها (ما تحتها)، وإن كانت كثيفةً، وجَب غسْلُ ظاهِرِها، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة (18)، والمالكيَّة (19)، والشَّافعيَّة (20)، والحنابلة (21)، وبه قال جماهيرُ العُلَماءِ مِن الصَّحابة والتَّابعين (22).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
عمومُ قَولِ الله تعالى: فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة: 6].
وجه الدَّلالة:
أنَّ الوجهَ اسمٌ لِما تقع به المواجهةُ، وقد خرج ما تحت الشَّعرِ عن المواجهة، وانتقلتِ المواجهةُ إلى ما ظهَر مِن الشَّعر (23).
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((توضَّأ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّةً مرَّة)) (24).
وجه الدَّلالة:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان كثَّ اللِّحيةِ (25)، ومعلوم أنَّ الغَرْفةَ الواحدةَ لا تكفي لغَسلِ الوجهِ وتخليلِ اللِّحية والبَشَرةِ التي تحتَها (26).
ثالثًا: أنَّ ما كان تحت شَعر اللِّحية والشَّاربين قد كان وجهًا يجِبُ غَسلُه قبل نبات الشَّعرِ، فكذلك بعد نباتِه، واستُثني غَسلُ باطن الشَّعرِ الكثيف؛ لِما يشقُّ من إيصالِ الماءِ إلى أصول الشَّعر (27).
رابعًا: إجماعُهم على أنَّ العينينِ مِن الوجه، ومع ذلك إنَّما يجبُ غَسلُ ما علاهما من أجفانِهما دون إيصالِ الماء إلى ما تحت الأجفانِ
——-
جواب سيف الكعبي:
سبق ذكرنا تخريج حديث عثمان في تخليل اللحية تحت المسألة السابقة. وفي آخر التخريج قلنا:
فإن كان حديث عثمان رضي الله عنه حسن كما ذهب البخاري.
فيستحب التخليل.
وهذه العبارة يستعملها الشافعي إن صح الحديث قلنا به.
أما مسألة ضابط الخفيفة من الثقيلة فقول من قال إن ظهرت البشرة فخفيفة وإن لم تظهر فكثيفة فهو قول قوي.
وإن كان اللحية بعضها خفيف وبعضها كثيف فيعامل كل مكان بحسبه.