125 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
125_قال الإمام الطحاوي رحمه الله في مشكل الآثار ج14ص466: حدثنا عبد الله بن وهب حدثني معاوية بن صالح عن عيسى بن عاصم عن زر بن حبيش عن أنس بن مالك قال صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فبينما هو في الصلاة مد يده ثم أخرها فلما فرغ من الصلاة قلنا يا رسول الله صنعت في صلاتك هذه ما لم تكن تصنعه في صلاة قبلها قال رأيت الجنة عرضت علي ورأيت فيها حبلة قطوفها دانية حبها كالدباء فأردت أن أتناول منها فأوحي إليها أن استأخري فاستأخرت ثم عرضت علي النار بيني وبينكم حتى رأيت ظلي وظلكم فأومأت إليكم أن استأخروا فأوحي إلي أن أقرهم فإنك أسلمت وأسلموا وهاجرت وهاجروا فلم أر لي عليكم فضلا إلا النبوة.
……………………………….
قال في النهاية : الحَبَلَة- بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْبَاءِ، وَرُبَّمَا سُكِّنت- الأصْل أَوِ القَضِيب مِنْ شَجَرِ الأعْناب.
( قطوفها ) جمع قِطفُ بالكسرِ : العُنْقُودُ واسْمٌ للثِمارِ المَقْطوفَة . ( دانية ) أي قريبة سهلة المتناول .
( حبها ) أي في حجمه ( كالدباء ) القَرْعُ، واحدها دُبَّاءَةٌ .( رأيت الجنة عرضت علي … ) في الصحيح
وقوله: (“ممثلتين في قبلة هذا الجدار”) يحتمل أن وقع ذلك وهما في مكانهما، وظاهر الحديث أنهما أدنيا له.
( عرضت علي النار بيني وبينكم ) أمامي وأمامكم . ( أقرهم ) ثبتهم وسكنهم في مكانهم فإنها لن تصيبهم وهذا لفضلهم . ففيه فضيلة للمهاجرين .
وجاء بمعناه في الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خُسِفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مَعَهُ فَذَكَرَ الصَّلَاةَ، وَفِيهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ هَذَا ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ، قَالَ: «إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدنيا».
وروى أَبُو يَعْلَى: عن ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ إِذْ تَقَدَّمُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَقَدَّمْنَا مَعَهُ، ثُمَّ تَنَاوَلَ شَيْئًا لِيَاخُذَهُ ثُمَّ تَأَخَّرَ، فَلَمَّا قضى الصلاة قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتَ الْيَوْمَ فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا مَا كُنْتَ تَصْنَعُهُ، قَالَ: «إِنَّهُ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَمَا فِيهَا مِنَ الزَّهْرَةِ وَالنَّضْرَةِ، فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ لِآتِيَكُمْ بِهِ فَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَلَوْ أَتَيْتُكُمْ بِهِ لَأَكَلَ مِنْهُ مِنْ بَيْنِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا ينقص منه» وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ ولفظه :
عن جابر بن عبد الله، قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فأطال القيام، حتى جعلوا يخرون، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم سجد سجدتين، ثم قام فصنع نحوا من ذاك، فكانت أربع ركعات، وأربع سجدات، ثم قال: ” إنه عرض علي كل شيء تولجونه، فعرضت علي الجنة، حتى لو تناولت منها قطفا أخذته – أو قال: تناولت منها قطفا – فقصرت يدي عنه، وعرضت علي النار، فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل تعذب في هرة لها، ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، ورأيت أبا ثمامة عمرو بن مالك يجر قصبه في النار، وإنهم كانوا يقولون: إن الشمس والقمر لا يخسفان إلا لموت عظيم، وإنهما آيتان من آيات الله يريكموهما، فإذا خسفا فصلوا حتى تنجلي “.
قال النووي : وذلك إما بأن يخلق الله تعالى مكان كل حبة تقتطف حبة أخرى , كما هو المروي في خواص ثمر الجنة , أو بأن يتولد منه مثله بالزرع , فيبقى نوعه ما بقيت , فيؤكل منه.
قال ابن رجب في الفتح : وقوله: ((لأكلتم مِنْهُ مَا بقيت الدنيا)) إشارة إلى أن مَا فِي الجنة لا ينفد؛ فإنه كُلَّمَا أكل مِنْهُ استخلف فِي الحال مثلاه .
مسألة : وجود الجنة والنار قبل يوم القيامة .
ينكر الخوارج وجود الجنة والنار قبل يوم القيامة، يقولون إن خلقهما لا يتم إلا في الدار الآخرة، وهذا ما ذكره ابن حزم عنهم بقوله: “ذهبت طائفة من المعتزلة والخوارج إلى أن الجنة والنار لم يخلقا بعد”.
ويقول عن أدلتهم على دعواهم هذه: ” وما نعلم لمن قال إنهما لم يخلقا بعد حجة أصلاً أكثر من أن بعضهم قال: قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال وذكر أشياء من أعمال البر من عملها غرس له في الجنة كذا وكذا شجرة، ويقول الله تعالى حاكياً عن امرأة فرعون أنها قالت: رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ. قالوا: ولو كانت مخلوقة لم يكن في الدعاء في استئناف البناء والغرس معنى” .
والواقع أن الجدال في كونهما موجودتين الآن أو غير موجودتين جدال لا ينبغي أن يحتدم بهذه الحدة بين أولئك النافين لوجودهما الآن سواء كانوا من الخوارج أو من غيرهم، فالجنة والنار موجودتان قد أعدت كل منهما لأهلها كما تقرره الآيات البينات والأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو مذهب جمهور المسلمين كما حكاه ابن حزم .
وأما ما احتج به المنكرون سابقاً من أن الجنة لو كانت موجودة الآن لما ذكر في الأحاديث أن الأعمال الصالحة يغرس بها لصاحبها شجر في الجنة، فهو قول غير صحيح إذ أن البيت الجميل المتكامل البناء والحسن لا يمنع أن يزداد فيه من أنواع التحسينات والنقوش والزخرفة ما يزده جمالاً وحسناً.
وأما الأدلة على وجودهما الآن فهي كثيرة جداً من الكتاب والسنة، وقد ذكر العلماء كثيراً من تلك الأدلة، ومن ذلك قوله تعالى عن الجنة إنها أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران: 133]، وعن النار إنها أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ [آل عمران: 131]، وقوله تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى [النجم: 13].
ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء والمعراج: (( ثم انطلق بي جبرائيل حتى أتى سدرة المنتهى فغشيها ألوان لا أدري ما هي. قال: ثم دخلت الجنة فإذا هي جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك)) .
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (( إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة )) .
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه رأى الجنة وتناول منها عنقوداً وقال لهم: (( ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا)) .
وعن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء)) .
وفي حديث آخر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم)) إلى آخر ما ورد من الأحاديث في هذا الباب تدحض رأي القائلين بعدم وجود الجنة والنار الآن كالخوارج ومن قال بقولهم من المعتزلة والقدرية.