(1245) فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ومحمد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند [2/ رقم (1245)]:
مسند أبي فاطمة رضي الله عنه
قال النسائي رحمه الله (ج (7) ص (145)): أخْبَرَنِي هارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكّارِ بْنِ بِلاَلٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ -وهُوَ ابْنُ عِيسى بْنِ سُمَيْعٍ- قالَ: حَدَّثَنا زَيْدُ بْنُ واقِدٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، أنَّ أبا فاطِمَةَ حَدَّثَهُ، أنَّهُ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، حَدِّثْنِي بِعَمَلٍ، أسْتَقِيمُ عَلَيْهِ، وأعْمَلُهُ، قالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: ((عَلَيْكَ بِالهِجْرَةِ، فَإنَّهُ لاَ مِثْلَ لَها)).
هذا حديث حسنٌ.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الأول:
أورد الحديث الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي رحمه الله في سننه، (45) – كِتابُ البَيْعَةِ، الحَثُّ عَلى الهِجْرَةِ، ((7742)).
قال الألباني رحمه الله: حسن صحيح في الصحيحة (1937) و (159). وصححه محققو المسند (24) / (287)
وفي الصحيحة (1937) المتن كالتالي: (عليك بالهجرة فإنه لا مثل لها ….. عليك بالصوم فإنه لا مثل له، عليك بالسجود فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله …. )
أسقط عليك بالجهاد ….. لعدم الشاهد
وعند أحمد يا أبا فاطمة أكثر من السجود فإنه ليس من رجل يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة.
ويشهد لها حديث ثوبين عند مسلم (488) (عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحطَّ عنك بها خطيئة).
والوادعي رحمه الله جعله في جامعه:
(30) – كتاب الهجرة، (1) – فضل الهجرة، ((3452)).
والثاني: شرح الحديث
(عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ: أنَّ أبا فاطِمَةَ) رضي الله عنه، الليثيّ، ويقال: الأزديّ الدوسيّ، له صحبة، قيل: اسمه أُنيس، وقيل: عبد الله بن أُنيس، شهد فتح مصر، وسكن الشام.
رَوى عن: النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم، وعنه: كثير بن قليب الصدفيّ، وكثير بن مرّة، وأبو عبد الرحمن الحبلي، ومسلمة بن عبد الله الجهنيّ، مرسلًا. ذكره ابن سُميع، وأبو زرعة الدمشقيّ فيمن نزل الشام منْ الصحابة.
وقالَ المفضّل الغَلابيّ: أبو فاطمة الأزديّ قبره بالشام إلى جنب قبر فضالة بن عُبيد.
وجعله أبو أحمد الحاكم اثنين، فقال: أبو فاطمة الليثيّ مصريٌّ، ثم قالَ: أبو فاطمة الأزديّ شاميّ، وتبعه ابن عبد البرّ وغيره.
روى له النسائي، وأبو داود، وابن ماجه، وله عند النسائي فِي هَذا الكتاب حديث الباب فقط. والله تعالى أعلم.
و (حَدَّثَهُ) أي: حدّث كثير بن مرّة، (أنّهُ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، حَدِّثْنِي بِعَمَلٍ، أسْتَقِيمُ عَلَيْهِ) أي: أثبُت عليه، (وأعْمَلُهُ) أي: أداوم عليه، وله بقاء، (قالَ لهُ رسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: ((عَلَيْكَ بِالهِجْرَةِ فَإنَّهُ)) الضمير للشأن، أي: فإن الأمر والشأن (لا مِثْلَ لَها) أي: فِي ذلك الوقت، أو فِي حقّ ذلك الرجل. قاله السنديّ.
[تنبيه]: هَذا الحديث هنا، وفي «الكبرى» فِي هَذا الموضع مختصرٌ، وقَدْ ساقه فِي «السير» منْ «الكبرى»، مطوّلًا، بهذا السند، ولفظه:
عن كثير بن مرّة، أن أبا فاطمة حدّثهم أنه قالَ له رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم: «عليك بالهجرة، فإنه لا مثل لها»، قالَ: يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، حدّثني بعمل أستقيم عليه، وأعمله، قالَ: عليك بالصبر، فإنه لا مثل له، قالَ: يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حدّثني بعلم [هكذا وقع فِي نسخة «الكبرى» بلفظ: «بعلم»، وهو غلطٌ، والصواب «بعمل»، كما هو عند ابن ماجه برقم (1422)، وعند الطبرانى فِي «المعجم الكبير» (22) / (322) – رقم (809) و (810)] أستقيم عليه، وأعمله، قالَ: «عليك بالسجود، فإنك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجة، وحطّ عنك بها خطيئة». انتهى [راجع «الكبرى» (5) / (213) رقم (8698)]. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قالَ الإتيوبي عفا الله تعالى عنه: حديث أبي فاطمة رضي الله تعالى عنه هَذا صحيح، ومحمد بن عيسى، وإن كانَ مدلّسًا، غير أنه صرّح بالتحديث هنا، وهو بهذا السياق منْ أفراد المصنّف رحمه الله تعالى، أخرجه هنا – (14) / (4169) -، وفي «الكبرى» (17) / (7790)، وفي «السير» (80) / (8698).
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. [ذخيرة العقبى، بتصرف يسير].
والثالث: مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى):
الهجرة: وهو ضدُّ الوصل، ثم غلب على الخروج من أرض إلى أرض، وترك الأُولى للثانية، قاله في «النهاية، لابن الأثير»، وفي «العباب»: الهَجْرُ: ضدّ الوصل، وقد هَجَره يهجُرُه، بالضمّ هَجْرًا، وهِجْرانًا، والاسم الهِجْرة، ويقال: الهِجْرة: التركُ، والمراد بها هنا ترك الوطن، والانتقال إلى غيره، وهي في الشرع: مُفارقةُ دار الكفر إلى دار الإسلام خوفَ الفتنة، وطلبَ.
وفي الحقيقة مفارقة ما يكرهه الله تعالى إلى ما يحبه، ومن ذلك سُمِّيَ الذين تركوا مكة، وتحوَّلوا إلى المدينة من الصحابة – رضي الله عنهم – بالمهاجرين؛ لذلك، قاله في «العمدة». أي: من كانت رحلته من بلد إلى بلد آخر.
فقد علم من ههنا أنه لابد في معنى الهجرة من أمرين: (الأول) الخروج من أرض إلى أرض، (والثاني) ترك الأولى للثانية.
(المسألة الثانية): ثمانية أقسام للهجرة
وقال ابن دقيق العيد – رحمه الله -: الهجرة تقع على أمور:
الهجرة الأولى: إلى أرض الحبشة.
الثانية: من مكة إلى المدينة.
الثالثة: هجرة القبائل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
الرابعة: هجرة من أسلم من أهل مكة.
الخامسة: هجرة ما نهى الله عنه،
قال: ومعنى الحديث، وحُكمه يتناول الجميع. [«إحكام الأحكام» (1) / (78)].
وقال العراقيّ – رحمه الله -: بقي عليه من أقسام الهجرة ثلاثة أقسام:
وهي الهجرة الثانية إلى الحبشة، فإنهم هاجروا إلى الحبشة مرتين، كما هو معروف في السِّيَر، ولا يقال: كلاهما هجرة إلى الحبشة، فاكتَفى بذكر الهجرة إليها مرة، فإنه عَدَّد الهجرة إلى المدينة في الأقسام لِتعدّدها.
والثانية: هجرة من كان مقيمًا ببلاد الكفر، ولا يقدر على إظهار الدِّين، فإنه يجب عليه أن يهاجر إلى بلاد الإسلام.
والثالثة: الهجرة إلى الشام في آخر الزمان عند ظهور الفتن، كما رواه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «ستكون هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مُهاجَر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها» الحديث، ورواه أحمد في «مسنده»، فجعله من حديث عبد الله بن عمر، قال صاحب «النهاية»: يريد به الشام؛ لأن إبراهيم لمّا خرج من العراق مضى إلى الشام وأقام به. انتهى.
وروى أبو داود أيضًا من حديث أبي الدرداء أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغُوطَة إلى جانب مدينة يقال لها: دمشق، من خير مدائن الشام»، فهذه ثمانية أقسام للهجرة. انتهى.
وقال الحافظ ابن رجب – رحمه الله -: وقوله – صلى الله عليه وسلم -: «فمن كان هجرته … » إلخ، لمّا ذكر النبيّ – صلى الله عليه وسلم – أن الأعمال بحسب النيات، وأن حظ العامل من عمله نيّته من خير أو شر، وهاتان الكلمتان جامعتان وقاعدتان كليتان لا يخرج عنهما شيء، ذَكَر بعد ذلك مَثَلًا من الأمثال والأعمال التي صُورَتُها واحدة ويختلف صلاحها وفسادها باختلاف النيات، وكأنه يقول: سائر الأعمال على حذو هذا المثال.
وأصل الهجرة: هجران بلد الشرك، والانتقال منه إلى دار الإسلام، كما كان المهاجرون قبل فتح مكة يهاجرون منها إلى مدينة النبيّ – صلى الله عليه وسلم – المدينة المنورة، وقد هاجر من هاجر منهم قبل ذلك إلى أرض الحبشة إلى النجاشيّ، فأخبر – صلى الله عليه وسلم – أن الهجرة تختلف باختلاف المقاصد والنيات بها.
فمن هاجر إلى دار الإسلام حبًّا لله ورسوله، ورغبة في تعلم دين الإسلام وإظهار دِينه حيث كان يعجز عنه في دار الشرك، فهذا هو المهاجر إلى الله ورسوله حقًّا، وكفاه شرفًا وفخرًا أنه حصل له ما نواه من هجرته إلى الله ورسوله، ولهذا المعنى اقتصر في جواب هذا الشرط على إعادته بلفظه؛ لأن حصول ما نواه بهجرته نهاية المطلوب في الدنيا والآخرة، ومن كانت هجرته من دار الشرك إلى دار الإسلام ليطلب دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها في دار الإسلام فهجرته إلى ما هاجر إليه من ذلك، فالأول تاجر يريد الدنيا. والثاني خاطب، وليس بواحد منهما مهاجر، وفي قوله: «إلى ما هاجر إليه» تحقير لِما طلبه من أمر الدنيا، واستهانة به حيث لم يذكر بلفظه، وأيضًا أن الهجرة إلى الله ورسوله واحدة فلا تعدد فيها، فلذلك أعاد الجواب فيها بلفظ الشرط، والهجرة لأمور الدنيا لا تنحصر، فقد يهاجر الإنسان لطلب دنيا مباحةً تارة، ومحرمةً تارة، فلذلك قال: «فهجرته إلى ما هاجر إليه»؛ يعني: كائنًا ما كان.
وقد رُوي عن ابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله تعالى: {إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ} [الممتحنة (10)] قال: كانت المرأة إذا أتت النبيّ – صلى الله عليه وسلم – حلّفها بالله ما خرجت من بُغض زوج، وبالله ما خرجت رغبة بأرض عن أرض، وبالله ما خرجت التماس دنيا، وبالله ما خرجت إلا حبًا لله ورسوله، أخرجه ابن أبي حاتم، وابن جرير، والبزار في «مسنده».
وخرّجه الترمذيّ في بعض نُسخ كتابه مختصرًا.
وقد روى وكيع في كتابه عن الأعمش، عن شقيق – هو أبو وائل – قال: خطب أعرابي من الحيّ امرأة يقال لها: أم قيس، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فهاجر، فتزوجته، فكنا نسميه مهاجر أم قيس، قال: فقال عبد الله – يعني: ابن مسعود -: من هاجر يبتغي شيئًا فهو له، وهذا السياق يقتضي أن هذا لم يكن في عهد النبيّ – صلى الله عليه وسلم -، إنما كان في عهد عبد الله بن مسعود، قال: كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها: أم قيس، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فهاجر وتزوجها، وكنا نسميه مهاجِر أم قيس، قال ابن مسعود: من هاجر لشيء فهو له.
وقد اشتَهَر أن قصة مهاجر أم قيس كانت هي سبب قول النبيّ – صلى الله عليه وسلم -: «من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها»، وذكر ذلك كثير من المتأخرين في كتبهم، ولم نر لذلك أصلًا يصح، والله أعلم.
وسائر الأعمال كالهجرة في هذا المعنى، فصلاحها وفسادها بحسب النية الباعثة عليها كالجهاد والحج وغيرهما.
وقد سئل النبيّ – صلى الله عليه وسلم – عن اختلاف الناس في الجهاد، وما يُقصد به من الرياء وإظهار الشجاعة والعصبية وغير ذلك: أيُّ ذلك في سبيل الله؟ فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله»، فخرج بهذا كل ما سألوه عنه من المقاصد الدنيوية، ففي «الصحيحين» عن أبي موسى الأشعري: أن أعرابيًّا أتى النبيّ – صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذِّكر، والرجل يقاتل ليُرى مكانه فمن قاتل في سبيل الله؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله»، وخرج مسلم بنحوه. وخرّج النسائي من حديث أبي أمامة قال: جاء رجل إلى النبيّ – صلى الله عليه وسلم -، فقال: أرأيت رجلًا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «لا شيء»، ثم قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا، وابتغي به وجهه».
وخرّج أبو داود من حديث أبي هريرة: أن رجلًا قال: يا رسول الله، رجل يريد الجهاد وهو يريد عَرَضًا من عَرَض الدنيا، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «لا أجر له»، فأعاد عليه ثلاثًا، والنبيّ – صلى الله عليه وسلم – يقول: لا أجر له «. وأخرج الإمام أحمد، وأبو داود من حديث معاذ بن جبل عن النبيّ – صلى الله عليه وسلم – قال:» الغزو غزوان؛ فأما من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، وياسَرَ الشريك، واجتنب الفساد، فإن نومه ونَبْهَه أجرٌ كله، وأما من غزا فخرًا ورياءً وسمعة، وعصى الإمام، وأفسد في الأرض، فإنه لم يرجع بالكفاف».
وخرَّج أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الجهاد والغزو، فقال: «إن قاتلت صابرًا محتسبًا بعثك الله صابرًا محتسبًا، وإن قاتلت مرائيًا مكاثرًا بعثك الله مرائيًا مكاثرًا، على أيّ حال قاتلت أو قُتلْت بعثك الله بتلك الحال».
(المسألة الثالثة): قال الحافظ العراقيّ – رحمه الله -: اختلفت الأحاديث الواردة في الهجرة هل انقطعت بفتح مكة، أم هي باقية؟
ففي «الصحيحين» من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استُنْفِرتم فانفروا».
وروى البخاريّ عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قوله: «لا هجرة بعد الفتح»، وفي رواية له: «لا هجرة اليوم، أو بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -»، ورَوى البخاريّ أيضًا عن عُبيد بن عُمير سأل عائشة – رضي الله عنها – عن الهجرة، فقالت: لا هجرة اليوم، كان المؤمنون يفرُّ أحدهم بدينه إلى الله وإلى رسوله – صلى الله عليه وسلم – مخافة أن يُفتَن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، والمؤمن يعبد ربه حيث شاء، ولكن جهاد ونية.
وروى البخاريّ ومسلم أيضًا عن مجاشع بن مسعود قال: انطلقت بأبي معبد إلى النبيّ – صلى الله عليه وسلم – ليبايعه على الهجرة، قال: «مضت الهجرة لأهلها، أبايعه على الإسلام والجهاد»، وفي رواية أنه جاء بأخيه مُجالِد.
ورَوى أحمد من حديث أبي سعيد الخدريّ، ورافع بن خَدِيج، وزيد بن ثابت أيضًا: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية».
فهذه الأحاديث دالة على انقطاع الهجرة.
وروى أبو داود، والنسائيّ من حديث معاوية قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها».
وروى أحمد من حديث ابن السعدي مرفوعًا: «لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل».
ورَوى أيضًا من حديث جنادة بن أبي أمية مرفوعًا: «إن الهجرة لا تنقطع ما كان الجهاد».
وجمع الخطابيّ في «المعالم» بين هذا الاختلاف:
بأن الهجرة كانت في أول الإسلام فرضًا، ثم صارت بعد فتح مكة مندوبًا إليها غير مفروضة، قال: فالمنقطعة منها هي الفرض، والباقية منها هي الندب، قال: فهذا وجه الجمع بين الحديثين على أن بين الإسنادين ما بينهما، حديث ابن عباس متصل صحيح، وحديث معاوية فيه مقال. انتهى.
وقالَ فِي «شرح السنة»: يحتمل الجمع بأن يكون معنى قوله: «لا هجرة بعد الفتح» أي منْ مكة إلى المدينة، وقوله: «لا تنقطع» أي منْ دار الكفر فِي حق منْ أسلم إلى دار الإسلام. انتهى.
قالَ الإتيوبي عفا الله تعالى عنه: هَذا الذي قاله فِي «شرح السنّة» هو الذي يؤيّده حديث عبد الله وقدان السعديّ رضي الله تعالى عنه المذكور هنا، حيث قيّد النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم بقاء الهجرة ببقاء قتال الكفار، فدلّ عَلى أن المراد بالهجرة الهجرة المطلقة، فِي أي وقت، حيث لا يتمكن المسلم منْ إقامة دينه، فيجب عليه أن يهاجر، وإلا فيُستحبّ له عَلى حسب الدواعي لذلك. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
وقال صاحب «النهاية»: إن الجمع بينهما أن الهجرة هجرتان:
إحداهما: التي وعد الله عليه بالجنة كان الرجل يأتي النبيّ – صلى الله عليه وسلم -، ويَدَع أهله وماله، ولا يرجع في شيء منه، فلما فُتحت مكة انقطعت هذه الهجرة.
والثانية: من هاجر من الأعراب، وغزا مع المسلمين، ولم يفعل كما فعل أصحاب الهجرة، وهو المراد بقوله:» لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة «. انتهى.
وفي حديث آخر ما يدلّ على أن المراد بالباقية هجر السيئات، كما رواه أحمد في» مسنده «من حديث معاوية، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهم -، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:» الهجرة هجرتان؛ إحداهما تهجر السيئات، والأخرى تهاجر إلى الله وإلى رسوله، ولا تنقطع الهجرة ما تُقبِّلت التوبة، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب، فإذا طلعت طُبع على كل قلب بما فيه، وكُفيَ الناسُ العملَ «.
ورَوى أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال:» جاء رجل أعرابي جاف جريء، فقال: يا رسول الله أين الهجرة إليك؟ حيث كنتَ، أم إلى أرض معلومة، أو لقوم خاصة، أم إذا متَّ انقطعت؟ قال: فسكت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ساعة ثم قال: «أين السائل عن الهجرة؟»، قال: ها أنا ذا يا رسول الله، قال: «إذا أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، فأنت مهاجر، وإن متَّ بالحضرمة»، قال: يعني أرضًا باليمامة، وفي رواية له: «الهجرة أن تهجر الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، ثم أنت مهاجر وإن مت بالحضر». انتهى كلام العراقيّ – رحمه الله -[«طرح التثريب» (2) / (24)]، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.
وقالَ أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى: أي لا وجوب هجرة بعد فتح مكّة، وإنما سقط فرضها إذ ذاك؛ لقوّة المسلمين، وظهورهم عَلى عدوّهم، ولعدم فتنة أهل مكة لمن كانَ بها منْ المسلمين،
بخلاف ما كانَ قبل الفتح، فإن الهجرة كانت واجبةً؛ لأمور: سلامة دين المهاجرين منْ الفتنة، ونُصرة النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم، وتعلّم الدين، وإظهاره.
قالَ: ولم يُختلف فِي وجوبها عَلى منْ كانَ بغيرها،
فقيل: كانت واجبةً عَلى كل منْ أسلم؛ تمسّكًا بمطلق الأمر بالهجرة، وذمّ منْ لم يهاجر، وببيعة النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم عَلى الهجرة، كما جاء فِي حديث مجاشع [هو ما أخرجه الشيخان منْ طريق أبي عثمان النهدي، عن مجاشع بن مسعود، قالَ: جاء مجاشع باخيه مجالد بن مسعود، إلى النبيّ – صلى الله عليه وسلم -، فقال: هَذا مجالد يبايعك عَلى الهجرة، فقال: «لا هجرة بعد فتح مكة، ولكن أبايعه عَلى الإسلام»، لفظ البخاريّ، ولفظ مسلم: «إن الهجرة قد مضت لأهلها، ولكن عَلى الإسلام، والجهاد، والخير»]،
وقيل: بل كانت مندوبًا إليها فِي حقّ غير أهل مكة. حكاه أبو عبيد. ويُستدلّ لهذا القول بقول النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم للأعرابيّ الذي استشاره فِي الهجرة: «إن شأنها لشديد»، ولم يأمره بها، بل أذن له فِي ملازمة مكانه، وبدليل أنه لم يأمر الوفود عليه قبل الفتح بالهجرة.
وقيل: إنما كانت واجبة عَلى منْ لم يُسلم جميع أهل بلده؛ لئلا يبقى تحت أحكام الشرك، ويخاف الفتنة عَلى دينه.
قالَ: ولا يُختلف فِي أنه لا يحلّ لمسلم المقام فِي بلاد الكفر مع التمكّن منْ الخروج منها؛ لجريان أحكام الكفر عليه، ولخوف الفتنة عَلى نفسه، وهذا حكم ثابتٌ مؤبّدٌ إلى يوم القيامة، وعلى هَذا، فلا يجوز لمسلم دخول بلاد الكفر لتجارة، أو غيرها، مما لا يكون ضروريًا فِي الدين كالرسل، وكافتكاك المسلم، وقَدْ أبطل مالك رحمه الله تعالى شهادة منْ دخل بلاد الهند للتجارة. انتهى كلام القرطبيّ [«المفهم» (4) / (69) – (70). «كتاب الإمارة»].
وقالَ فِي «الفتح»: «لا هجرة بعد الفتح»: أي بعد فتح مكة، أو المراد ما هو أعمّ منْ ذلك، إشارة إلى أن حكم غير مكة فِي ذلك حكمها، فلا تجب الهجرة منْ بلد قد فتحه المسلمون، أما قبل فتح البلد، فمن به منْ المسلمين أحد ثلاثة:
[الأول]: قادر عَلى الهجرة منها، لا يمكنه إظهار دينه، ولا أداء واجباته، فالهجرة منه واجبة.
[الثاني]: قادرٌ لكنه يمكنه إظهار دينه، وأداء واجباته، فمستحبّةٌ؛ لتكثير المسلمين بها، ومعونتهم، وجهاد الكفّار، والأمن منْ غدرهم، والراحة منْ رؤية المنكر بينهم.
[الثالث]: عاجزٌ يُعذر منْ أسر، أو مرض، أو غيرهما، فتجوز له الإقامة، فإن حمل عَلى نفسه، وتكلّف الخروج منها أُجر. انتهى [«فتح» (6) / (307) – (308). «كتاب الجهاد والسير»].
وقالَ النوويّ رحمه الله تعالى: قالَ أصحابنا وغيرهم منْ العلماء: الهجرة منْ دار الحرب إلى دار الإسلام باقية إلى يوم القيامة، وتأوّلوا هَذا الحديث تأويلين:
[أحدهما]: لا هجرة بعد الفتح منْ مكة؛ لأنها صارت دار إسلام، فلا تتصوّر منها الهجرة.
[والثاني]: وهو الأصحّ: أن معناه أن الهجرة الفاضلة المهمة المطلوبة التي يمتاز بها أهلها امتيازًا ظاهرًا، انقطعت بفتح مكة، ومضت لأهلها الذين هاجروا قبل فتح مكة؛ لأن الإسلام قوي، وعزّ بعد فتح مكة عزّا ظاهرًا، بخلاف ما قبله. انتهى كلام النوويّ [«شرح مسلم» (13) / (10) – (11)].
(المسألة الرابعة): أسباب تقديم الأسبق في الهجرة
ففي قوله صلى الله عليه وسلم: (فَإنْ كانُوا فِي السُّنَّةِ سَواءً، فَأقدَمُهُمْ هِجْرَةً) عطف على «أعلمهم بالسنّة»، والفاء للترتيب، أي يؤم القوم أقدمهم في الهجرة، يعني أن الأسبق في الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، يكون أولى بالإمامة ممن تأخر في ذلك.
وإنما قُدِّمَ؛ إما لأن القِدَم في الهجرة شرفٌ يقتضي التقديم، أو لأن من تقدمت هجرته لا يخلو غالبًا عن كثرة العلم بالنسبة إلى من تأخر، قاله السنديّ.
ثم إن الهجرة المقدَّم بها في الإمامة لا تختص بالهجرة في عصره – صلى الله عليه وسلم -، بل هي التي لا تنقطع إلى يوم القيامة، كما وردت بذلك الأحاديث، وقال به الجمهور، وأما حديث: «لا هجرة بعد الفتح»، متّفقٌ عليه، فالمراد به الهجرة من مكة إلى المدينة، أو لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح، وهذا لا بُدّ منه للجمع بين الأحاديث، قاله الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال أصحابنا -يعني الشافعية-: يدخل فيه طائفتان:
[أحدهما]: الذين يهاجرون اليوم من دار الكفر إلى دار الإسلام، فإن الهجرة باقية إلى يوم القيامة عندنا، وعند جمهور العلماء، وقوله – صلى الله عليه وسلم -: «لا هجرة بعد الفتح»؛ أي لا هجرة من مكة؛ لأنها صارت دار إسلام، أو لا هجرة فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح.
[الطائفة الثانية]: أولاد المهاجرين إلى رسول اللَّه – صلى الله عليه وسلم -، فإذا استوى اثنان في الفقه والقراءة، وأحدهما من أولاد من تقدمت هجرته، والآخر من أولاد من تأخرت هجرته قدم الأول. انتهى.
قال الإتيوبي عفا اللَّه تعالى عنه: وفي الاستدلال بحديث الباب على الطائفة الثانية بُعْد لا يخفى، فتأمّله بإنصاف.
وقال بعضهم: المعتبر اليوم الهجرة المعنوية، وهي هجرة المعاصي، فيكون الأورع أولى. انتهى.
قال الإتيوبي عفا اللَّه عنه: تخصيصه باليوم فيه نظرٌ، بل الظاهر حمل الحديث على ما يعم الهجرتين مطلقًا، في أيّ زمن كان؛ لأن هجرة المعاصي هي الهجرة الحقيقية؛ لحديث عبد اللَّه بن عمرو بالمتفق عليه مرفوعًا: «والمهاجر من هجر ما نهى اللَّه عنه».
فيكون المعنى: أنه يُقَدَّم في الإمامة من كان أسبق للَّهجرة، أي الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، أو أسبق لهجران المعاصي على من تأخر في ذلك، واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه]: في رواية مسلم هنا تقديم الأعلم بالسنّة على الأقدم في الهجرة، وقد ساقه من رواية أبي خالد الأحمر، عن الأعمش، ثم من رواية أبي معاوية، وجرير، وابن فضيل، وسفيان كلهم عن الأعمش، وهكذا عند أبي داود، والترمذيّ، وأحمد في «مسنده»، وابن خزيمة في «صحيحه».
وقع عند النسائيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في «المجتبى» ((3) / (780))، وفي «الكبرى» ((3) / (855)) من رواية فضيل بن عياض، عن الأعمش، تقديم الأقدم في الهجرة على الأعلم بالسنّة.
قال الإتيوبي عفا اللَّه عنه: الذي يظهر لي أن ما وقع عند النسائيّ خطأ، والصواب ما عند هؤلاء، لاتفاق هؤلاء الحفاظ عليه، ومخالفة فضيل لهم، وقد حقّقت ذلك في «شرح النسائيّ» فراجعه [راجع: «ذخيرة العقبى» (9) / (346) – (347)] تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.
[البحر المحيط الثجاج و ذخيرة العقبى في شرح المجتبى للإتيوبي].
(المسألة الخامسة): فقه وفوائد الباب:
1 – (منها): بيان انقطاع الهجرة، ويُجمع بينه، وبين حديث: «لا تنقطع الهجرة» الآتي بأن المنقطعة هي التي كانت فرضًا فِي أول الإسلام قبل فتح مكة، فلما فتحت، وصارت دار إسلام، انقطعت الهجرة، وأما الهجرة الباقية، فهي الهجرة منْ دار الحرب إلى دار الإسلام، فِي أي عصر كانَ، فإنها باقية إلى يوم القيامة.
2 – (ومنها): أنه استُدلّ به عَلى أن الجهاد ليس فرض عين، بل هو فرض كفاية، إذا فعله منْ تحصل بهم الكفاية سقط الحرج عن الباقين، وإن تركوه كلّهم أثموا كلّهم.
قالَ النوويّ: قالَ أصحابنا: الجهاد اليوم فرض كفاية، إلا أن ينزل الكفّار ببلد المسلمين، فيتعيّن عليهم الجهاد، فإن لم يكن فِي أهل ذلك البلد كفايةٌ، وجب عَلى منْ يليهم تتميم الكفاية، وأما فِي زمن النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم فالأصحّ عند أصحابنا أنه كانَ أيضًا فرض كفاية. والثاني: أنه كانَ فرض عين، واحتجّ القائلون بأنه كانَ فرض كفاية بأنه كانَ تغزو السرايا، وفيها بعضهم، دون بعض. انتهى [«شرح مسلم» (13) / (11) – (12). «كتاب الإمارة»].
3 – (ومنها): ما قاله القرطبيّ: إنه يدلّ عَلى استمرار حكم الجهاد إلى يوم القيامة، وأنه لم يُنسخ، لكنه يجب عَلى الكفاية، وإنما يتعيّن إذا دهم العدوّ بلدًا منْ بلاد المسلمين، فيتعين عَلى كلّ منْ تمكن منْ نصرتهم. انتهى [«المفهم» (4) / (70). «كتاب الإمارة»].
(4) – (ومنها): ما قاله القاضي عياض – رحمه الله -: أجمعت الأمة على تحريم ترك المهاجر هجرته، ورجوعه إلى وطنه، وعلى أن ارتداد المهاجر أعرابيًّا من الكبائر، قال: ولهذا أشار الحجاج إلى أن أعْلَمَه سلمة أن خروجه إلى البادية إنما هو بإذن النبيّ – صلى الله عليه وسلم -، قال: ولعله رجع إلى غير وطنه، أو لأن الغرض في ملازمة المهاجر أرضه التي هاجر إليها، وفُرِض ذلك عليه إنما كان في زمن النبيّ – صلى الله عليه وسلم -؛ لنصرته، أو ليكون معه، أو لأن ذلك إنما كان قبل فتح مكة، فلما كان الفتح، وأظهر الله الإسلام على الدين كله، وأذَلّ الكفر، وأعز المسلمين سقط فرض الهجرة، فقال النبيّ – صلى الله عليه وسلم -: «لا هجرة بعد الفتح»، وقال أيضًا: «مَضَت الهجرة لأهلها»؛ أي: الذين هاجروا من ديارهم، وأموالهم قبل فتح مكة؛ لمواساة النبيّ – صلى الله عليه وسلم -، ومؤازرته، ونصرة دينه، وضبط شريعته.
قال القاضي عياض: ولم يَختلف العلماء في وجوب الهجرة على أهل مكة، قبل الفتح، واختُلف في غيرهم، فقيل: لم تكن واجبة على غيرهم، بل كانت ندبًا، ذكره أبو عبيد في كتاب الأموال؛ لأنه – صلى الله عليه وسلم – لم يأمر الوفود عليه قبل الفتح بالهجرة، وقيل: إنما كانت واجبة على من لم يُسلم كل أهل بلده؛ لئلا يبقى في طلوع أحكام الكفار. انتهى [«شرح النوويّ» (13) / (6) – (7)]، والله تعالى أعلم. []
تنويه: سبق ذكر أحكام الهجرة وأنواعه بغير ما ذكر في التعليق على الصحيح المسند (2/ 1102)، وغير ذلك.