123 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة أبي عيسى عبدالله البلوشي وعبدالله المشجري وعبدالملك وأحمد بن علي وناجي الصيعري وعلي الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
123 – قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 7 ص 288): حَدَّثَنَا هَنَّادٌ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «مَنْ سَأَلَ اللهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ [ص: 107] قَالَتْ الْجَنَّةُ اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ اسْتَجَارَ مِنْ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ النَّارُ اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ النَّارِ».
قَالَ هَكَذَا رَوَى يُونُسُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قوله. اهـ
وأخرجه النسائي (ج 8 ص 279) فقال رحمه الله: أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص به.
وأخرجه ابن ماجه (ج 2 ص 1453) فقال رحمه الله: حدثنا هناد بن السري، ثنا أبو الأحوص به.
وأخرجه الإمام أحمد رحمه الله (ج 3 ص 117) فقال رحمه الله: ثنا قران بن تمام عن يونس عن أبي إسحاق به.
* وقال الإمام أحمد رحمه الله (ج 3 ص 141): حدثنا يحيى بن آدم حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «ما يسأل رجل مسلم الله الجنة ثلاثًا إلا قالت الجنة اللهم أدخله ولا استجار رجل مسلم الله من النار ثلاثًا إلا قالت النار اللهم أجره».
هذا حديث صحيحٌ.
وقال الإمام أحمد رحمه الله (ج 3 ص 155): ثنا أسود بن عامر، ثنا يونس يعني ابن أبي إسحاق به.
وقال رحمه الله (ج 3 ص 262): ثنا أبو نعيم، ثنا يونس به.
[ص: 108] وأخرجه ابن حبان كما في “الإحسان” (ج 3 ص 293) من حديث يونس بن أبي إسحاق قال بريد بن أبي مريم به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (ج 10 ص 421) فقال رحمه الله: حدثنا محمد بن فضيل عن يونس بن عمرو عن بريد بن أبي مريم به.
ويونس بن عمرو هو يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعِيُّ، إذ هو اسم أبي إسحاق.
فَعُلم بحمد الله صحة الحديث، ولا يضره قول الترمذي: إنه روي عن أبي إسحاق عن بريد عن أنس بن مالك قوله، إذ قد صح الرفع من طريق أبي إسحاق، ومن طريق يونس بن بريد. ولا يضر أيضًا أن يونس رواه عن أبيه عن بريد، ورواه عن بريد مباشرة، فيونس قد شارك أباه في كثير من شيوخه، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولاً: دراسة الحديث رواية:
* قال الترمذي بعد إخراجه للحديث في سننه 2572: ” هَكَذَا رَوَى يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، هَذَا الحَدِيثَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، مَوْقُوفًا أَيْضًا ”
* أخرجه المقدسي في المختارة 1558.
* صححه الألباني في سنن ابن ماجه 4340 وفي سنن الترمذي 2572.
* قال محققو سنن ابن ماجه (5/ 389): ” إسناده صحيح. أبو الأحوص: هو سلام بن سليم الكوفي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وهو في “الزهد” لهناد (173)، وعنه أخرجه الترمذي (2745).وأخرجه النسائي 8/ 279 عن قتيبة بن سعيد، عن أبي الأحوص، به. وهو في “مسند أحمد” (12170) و (13173)، و”صحيح ابن حبان” (1514) و (1034) “.
قال محققو المسند: إسناد حسن من أجل يونس. اهـ
وصححه الألباني في صحيح الترغيب 3654 –
قال الترمذي هكذا رواه يونس بن أبي إسحاق. وقد روي عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أنس موقوفا أيضا.
قال الإتيوبي:
الحديث أوره النسائي في سننه5523 –
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- هَذَا صحيح.
[ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (40/ 76)]
ثانيًا: دراسة الحديث دراية:
1 – تبويبات الأئمة على أحاديث الباب:
* بوب النسائي على هذا الحديث 5521 باب الاستعاذة من حر النار، ومما أورده في الباب:
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَرَبَّ إِسْرَافِيلَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ حَرِّ النَّارِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»
- … عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سِنَانٍ الْمُزَنِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: «هَذَا الصَّوَابُ»
· … حديث الباب.* بوب الترمذي على الحديث باب صفة أنهار الجنة، وأما ابن ماجه فبوب عليه وعلى غيره باب صفة الجنة.
* بوب ابن حبان على الحديث في صحيحه 1034 باب ذِكْرُ سُؤَالِ النَّارِ رَبَّهَا أَنْ يُجِيرَ مَنِ اسْتَجَارَ بِهِ مِنَ النَّارِ.
وهذا من الأحاديث الجوامع وهو في الأربعين في دعاء رب العالمين.2 – شرح الحديث:
* يراجع مجموعة السلام الأجوبة المفيدة في مسائل العقيدة رقم 8 وفيها الكلام عن:
الجنة والنار مخلوقتان الآن
· … بقاء الجنة
· … النار لا تفنى
وذكر الأدلة عليها من الكتاب والسنة والإجماع ونقل لكلام السلف في ذلك، ورد الشُبه الواردة في هذا الباب.
وسيأتي نقل كلام الحافظ الحكمي وبعض النصوص الواردة في ذلك
* قال المناوي في فيض القدير (6/ 145): ” قالت النار وجاء في رواية ذكر العدد في الاستجارة من النار ثلاثا وحذفه في سؤال الجنة وهو تنبيه على أن الرحمة تغلب الغضب وعلى أن عذابه شديد {إن الله شديد العقاب} فيكفي في طلب الجنة السؤال الواحد بخلاف الاستجارة من النار قال السمهودي: لك أن تقول ما الحكمة في تخصيص الثلاث مع أن الحسن بن سفيان روى عن أبي هريرة مرفوعا ما سأل الله عز وجل عبد الجنة في يوم سبع مرات إلا قالت الجنة يا رب إن عبدك فلانا سألني فأدخله وفي رواية لأبي يعلى بإسناد على شرط الشيخين ما استجار عبد من النار سبع مرات إلا قالت النار يا رب إن عبدك فلانا استعاذ بك مني فأعذه وأدخله الجنة وفي رواية للطيالسي من قال أسأل الله الجنة سبعا قالت الجنة اللهم أدخله الجنة وفي رواية له إن العبد إذا أكثر مسألة الله الجنة قالت الجنة يا رب إن عبدك هذا سألنيك فأسكنه إياي الحديث. وأجيب بأنه خص الثلاث في هذا الحديث لأنها أول مراتب الكثرة والسبعة في غيرها لأنها أول مراتب النهاية في الكثرة لاشتمالها على أقل الجمع من الأفراد وأقل الجمع من الأزواج”.
* قال الصنعاني رحمه الله كما في التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 248): ” (من سأل الله الجنة ثلاث مرات) أي سأل الله أن يدخله إياها بصدق ورغبة. (قالت الجنة) قولًا حقيقيًّا كما هو الظاهر. (اللهم أدخله الجنة) أي وفقه لأعمال الداخلين أو تفضل عليه بها إن قصر عمله عنها. (ومن استجار من النار) سأل الله أن يجيره منها. (ثلاث مرات) ظاهره ولو مرة في عمره. (قالت النار: اللهم أجره من النار) ورد في حديث أخرجه الحسن بن سفيان من حديث أبي هريرة: “ما سأل الله عبد الجنة في يوم سبع مرات إلا قالت الجنة: إن عبدك فلانًا سألني فأدخله ومثله في النار” (1) فيحتمل أنَّ ذلك ينقض لهذا، ولهذا يحتمل أن بالسبع يكون منازله أشرف من صاحب سؤال الثلاث وذلك أنه لا يسأل الله الجنة ويستجير به من النار إلا من عنده يقين بالله وبالدارين (ت ن ك (2) عن أنس) رمز المصنف لصحته، قال الحاكم: صحيح وسكت عليه الذهبي”.
* قال المباركفوري في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 241): ” قوله (من سأل الله الجنة)، أي دخولها بصدق وإيقان وحسن نية بأن قال: اللهم إني أسالك الجنة أو قال اللهم أدخلني الجنة (ثلاث مرات)، أي كرره في مجالس أو في مجلس بطريق الإلحاح على ما ثبت أنه من آداب الدعاء (قالت الجنة) ببيان الحال أو بلسان القال لقدرته تعالى على إنطاق الجمادات وهو الظاهر، وقيل: المراد أهل الجنة من الحور والولدان أو خزنتها (اللهم أدخله الجنة)، أي دخولاً أوليًا أو لحوقًا آخريًا (ومن استجار)، أي استحفظ (من النار) بأن قال اللهم أجرني من النار (قالت النار اللهم أجره)، أي احفظه أو أنقذه (من النار)، أي من دخوله أو خلوده فيها. قال الطيبي: وفي وضع الجنة والنار موضع ضمير المتكلم تجريد ونوع من الالتفات، ثم قال وقول الجنة والنار يجوز أن يكون حقيقة ولا بعد فيه كما في قوله تعالى: {وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} (50: 30) ويجوز أن يكون استعارة شبه استحقاق العبد بوعد الله ووعيده بالجنة والنار في تحققهما وثبوتهما بنطق الناطق كأن الجنة مشتاقة إليه سائلة داعية دخوله والنار نافرة منه داعية له بالبعد منها، فأطلق القول وأراد التحقق والثبوت، ويجوز أن يقدر مضاف، أي قال خزنتهما فالقول إذًا حقيقي. قال القاري: لكن الإسناد مجازي. قال ابن حجر: الحمل على لسان الحال وتقدير المضاف مخالف للقواعد المقررة أن كل ما ورد في الكتاب والسنة ولم يحل العقل حمله على ظاهره لم يصرف عنه إلا بدليل، ونطق الجمادات بالعرف واقع كتسبيح الحصى في يده – صلى الله عليه وسلم – وحنين الجذع وغيره – انتهى. قلت: حمل القول على الحقيقة هو الظاهر الراجح ولا وجه للعدول عنه. وفي الحديث حث على كثرة سؤال الجنة والتعوذ من النار”.
=====
قال حافظ حكمي:
س: ما دليل الإيمان بالجنة والنار؟
جـ: قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ – وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة: 24 – 25] الآية، وغيرها ما لا يحصى. وفي الصحيح من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل: «ولك الحمد، أنت الحق ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، النبيون حق، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق، والساعة حق». الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل». أخرجاه، وفي رواية: «من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء»
[معنى الإيمان بالجنة والنار]
س: ما معنى الإيمان بالجنة والنار؟
جـ: معناه التصديق الجازم بوجودهما وأنهما مخلوقتان الآن، وأنهما باقيتان بإبقاء الله لهما لا تفنيان أبدا، ويدخل في ذلك كل ما احتوت عليه هذه من النعيم وتلك من العذاب.
[الدليل على وجود الجنة والنار الآن]
س: ما الدليل على وجودهما الآن؟
جـ: أخبرنا الله عز وجل أنهما معدتان، فقال في الجنة: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133] وقال في النار: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24] وأخبرنا أنه تعالى أسكن آدم وزوجه الجنة قبل أكلهما من الشجرة، وأخبرنا تعالى بأن الكفار يعرضون على النار غدوا وعشيا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء». الحديث، وتقدم في فتنة وعذاب القبر: «إذا مات أحدكم يعرض عليه مقعده» الحديث، وقال صلى الله عليه وسلم: «أبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم» وقال صلى الله عليه وسلم: «اشتكت النار إلى ربها عز وجل فقالت: ربي أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فأشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير» وقال صلى الله عليه وسلم: «الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء» وقال صلى الله عليه وسلم: «لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل إلى الجنة فقال: اذهب فانظر إليها». الحديث، وقد عرضتا عليه صلى الله عليه وسلم في مقامه يوم كسفت الشمس وعرضت عليه ليلة الإسراء، وفي ذلك من الأحاديث الصحيحة ما لا يحصى.
[الدليل على بقاء الجنة والنار وأنهما لا يفنيان]
س: ما الدليل على بقائهما لا تفنيان أبدا؟
جـ: قال الله تعالى في الجنة: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100] وقال تعالى: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: 48] وقال تعالى فيها: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: 108] وقال تعالى: {لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 33] وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} [ص: 54] وقال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} [الدخان: 51] إلى قوله: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56] وغيرها من الآيات، فأخبر تعالى بأبديتها وأبدية حياة أهلها، وعدم انقطاعها عنهم وعدم خروجهم منها، وكذلك النار قال تعالى فيها: {إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: 169] وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا – خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [الأحزاب: 64 – 65] وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: 23] وقال تعالى: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 167] وقال تعالى: {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} [الزخرف: 75] وقال تعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: 36] وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَاتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} [طه: 74] وغير ذلك من الآيات، فأخبرنا تعالى في هذه الآيات وأمثالها أن أهل النار الذين هم أهلها خلقت لهم وخلقوا لها، أنهم خالدون فيها أبدا، فنفى تعالى خروجهم منها بقوله: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 167] ونفى انقطاعها عنهم بقوله: {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} [الزخرف: 75] ونفى
فناءهم فيها بقوله: {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} [الأعلى: 13] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” «أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون». الحديث، وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار ثم يذبح ثم ينادي منادٍ: يا أهل الجنة لا موت، يا أهل النار لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم» وفي لفظ: كل خالد فيما هو فيه، وفي رواية: «ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39]»، وهي في الصحيح، وفي ذلك أحاديث غير ما ذكرنا
[أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة = 200 سؤال وجواب في العقيدة الاسلامية (ص70)]
ملحقات النصوص الواردة في إثبات النار والجنة من السنة:
وفي صحيح البخاري
4850 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ، وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ، وَالْمُتَجَبِّرِينَ. وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ. قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي. وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ. فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا “.
– وفي السلسلة الصحيحة برقم 2506 – ” ما استجار عبد من النار سبع مرات في يوم إلا قالت النار: يا رب إن عبدك فلانا قد استجارك مني فأجره، و لا يسأل الله عبد الجنة في يوم سبع مرات إلا قالت الجنة: يا رب! إن عبدك فلانا سألني فأدخله الجنة “.
– وفي الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين
1406 – قال الإمام الترمذي رحمه الله: حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هـريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تخرج عنق من النار يوم القيامة لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول إني وكلت بثلاثة بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين.
قال أبو عيسى هـذا حديث حسن غريب.
قال أبو عبدالرحمن: هـذا حديث صحي ورجاله ثقات.
– وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة – ” يخرج عنق من النار يوم القيامة لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان
ينطق يقول: إني وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله إلها آخر
وبالمصورين ”
[سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها 2/ 39]
– وفي الدعاء للنبي: 158 – حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْثِرُوا مَسْأَلَةَ اللَّهِ الْجَنَّةَ، وَاسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، فَإِنَّهُمَا شَافِعَانِ مُشَفَّعَانِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَكْثَرَ اسْتِعَاذَةً بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، قَالَتِ النَّارُ: يَا رَبُّ، عَبْدُكَ هَذَا الَّذِي اسْتَعَاذَكَ مِنِّي فَأَعِذْهُ مِنِّي، وَتَقُولُ الْجَنَّةُ: يَا رَبُّ، عَبْدُكَ هَذَا الَّذِي سَأَلَكَ، أَسْكِنْهُ إِيَّايَ»
[الدعاء للضبي ص363]
_____
ومما ورد في الدعاء:
قال السعدي في قوله تعالى:
{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف (55)]
الدعاء يدخل فيه دعاء المسألة، ودعاء العبادة، فأمر بدعائه {تَضَرُّعًا} أي: إلحاحا في المسألة، ودُءُوبا في العبادة، {وَخُفْيَةً} أي: لا جهرا وعلانية، يخاف منه الرياء، بل خفية وإخلاصا للّه تعالى.
{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} أي: المتجاوزين للحد في كل الأمور، ومن الاعتداء كون العبد يسأل اللّه مسائل لا تصلح له، أو يتنطع في السؤال، أو يبالغ في رفع صوته بالدعاء، فكل هذا داخل في الاعتداء المنهي عنه.
أما الطبري وغيره من المفسرين قالوا: “تضرعًا”، يقول: تذلُّلا واستكانة لطاعته.
وقال الترمذي
[3573 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ “، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِذَنْ نُكْثِرَ، قَالَ: ” اللَّهُ أَكْثَرُ “.
ورواه أحمد في مسنده: 11133 – حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ” قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: ” اللهُ أَكْثَرُ ”
[مسند أحمد 17/ 213 ط الرسالة]
وهو في [صحيح الأدب المفرد ص264]
وفي الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين
332 حدثنا إبراهـيم بن إسحاق حدثنا عبد الله بن المبارك عن يحيى بن حسان من أهـل بيت المقدس وكان شيخا كبيرا حسن الفهم عن ربيعة بن عامر قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام)
وصححه الألباني كما في صحيح الجامع
—-
مسألة: نطق الجمادات
ورد في البخاري:
من حديث عبد الله، قال: كنا نعد الآيات بركة، وأنتم تعدونها تخويفا، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فقل الماء، فقال: «اطلبوا فضلة من ماء» فجاءوا بإناء فيه ماء قليل فأدخل يده في الإناء، ثم قال: «حي على الطهور المبارك، والبركة من الله» فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل
[صحيح البخاري (4/ 194)]
وفي البخاري أيضا:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار، أو رجل: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبرا؟ قال: «إن شئتم»، فجعلوا له منبرا، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمه إليه، تئن أنين الصبي الذي يسكن. قال: «كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها»
[صحيح البخاري (4/ 195)]
وفي صحيح مسلم:
عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن»
[صحيح مسلم (4/ 1782)]
وفي صحيح مسلم أيضا:
(3012) سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديا أفيح، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته، فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: «انقادي علي بإذن الله» فانقادت معه كالبعير المخشوش، الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: «انقادي علي بإذن الله» فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما، لأم بينهما – يعني جمعهما – فقال: «التئما علي بإذن الله» فالتأمتا
[صحيح مسلم (4/ 2306)]
وفي الصحيحين «أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» خ 1482، م 1392
وفي الصحيحة:
2670 – ” كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله
جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله ”
[سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (6/ 371)]
وفي سنن الدارمي:
68 – أخبرنا جعفر بن عون، أنبأنا محمد بن عمرو الليثي، عن أبي سلمة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الهدية، ولا يقبل الصدقة، فأهدت له امرأة من يهود خيبر شاة مصلية فتناول منها، وتناول منها بشر بن البراء، ثم رفع النبي صلى الله عليه وسلم يده، ثم قال: «إن هذه تخبرني أنها مسمومة»، فمات بشر بن البراء، فأرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم: «ما حملك على ما صنعت؟» فقالت: إن كنت نبيا لم يضرك شيء، وإن كنت ملكا، أرحت الناس منك، فقال في مرضه: «ما زلت من الأكلة التي أكلت بخيبر، فهذا أوان انقطاع أبهري»
[تعليق المحقق] إسناده حسن وهو مرسل
[سنن الدارمي (1/ 207)]
وفي سنن الدارمي أيضا:
عن ابن عمر، رضي الله عنهما قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في سفر فأقبل أعرابي فلما دنا منه، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين تريد؟» قال: إلى أهلي قال: «هل لك في خير؟» قال: وما هو؟ قال: «تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله» فقال: ومن يشهد على ما تقول؟ قال: «هذه السلمة» فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بشاطئ الوادي فأقبلت تخد الأرض خدا حتى قامت بين يديه، فاستشهدها ثلاثا، فشهدت ثلاثا أنه كما قال، ثم رجعت إلى منبتها ورجع الأعرابي إلى قومه، وقال: إن اتبعوني أتيتك بهم، وإلا رجعت، فكنت معك
[تعليق المحقق] حديث صحيح
[سنن الدارمي (1/ 167)]