: 1225 – 1224 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
—————“———“———
باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة
1224 – حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله ابن بحينة رضي الله عنه أنه قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم فسجد سجدتين وهو جالس ثم سلم
1225 – حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله ابن بحينة رضي الله عنه أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما فلم يجلس بينهما فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك.
——–‘——–‘———-
فوائد الباب:
1 – قوله (كتاب السهو) لم يشر إليه الحافظ في الشرح فكأنها ساقطة من عدة نسخ وذكر بعضهم قوله (أبواب ما جاء في السهو). أي هذا كتاب أحكام السهو في الصلاة.
2 – قوله (باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة) أي فماذا يفعل وقوله (ركعتي الفريضة) لأن النافلة عادة ركعتان فقط ليس فيها تشهد أوسط والله أعلم.
3 – السّهو في الصلاة: الغفلة عن شيء منها قاله ابن سيده في المخصص.
4 – حديث ابن بحينة أخرجه أصحاب الكتب الستة.
5 – وَعَبْدُ اللهِ ابْنُ بُحَيْنَةَ هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَالِكٍ ابْنُ بُحَيْنَةَ مَالِكٌ أَبُوهُ، وَبُحَيْنَةُ أُمُّهُ. قاله علي بن المديني. وعند البخاري من طريق شعيب (وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم).قلت قال ابن سعد أسلم قديما، قلت له أربعة أحاديث في الكتب الستة كما في تحفة الأشراف.
6 – قوله (صلى لنا) وعند البخاري من طريق شعيب (صلى بهم) ومن طريق ابن أبي ذئب (صلى بنا) وكذا من طريق جعفر بن ربيعة.
7 – قوله (من بعض الصلوات) صرح البخاري من طريق شعيب والليث عن الزهري وكذا يحيى بن سعيد أنها الظهر وهي في ثاني حديثي الباب.
8 – قوله (ثم قام فلم يجلس) أي للتشهد الأول وعند الشيخين من طريق الليث (وعليه جلوس). وعند أحمد في مسنده من طريق يحيى بن سعيد (نسي الجلوس)
9 – وعند النسائي من طريق يحيى بن سعيد (فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَسَبَّحُوا) وفي رواية عند النسائي في الكبرى (فسبحنا) أي قالوا سبحان الله للتنبيه. وعند النسائي أيضا (فاستتم قائما).
10 – قوله (فقام الناس معه) أي ويلزم المأموم متابعة إمامه، قال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ وهذا أحد الأشياء التي يتحملها عنه الإمام كما في شرح آداب المشي إلى الصلاة.
11 – وعند البخاري من طريق ابن أبي ذئب (فمضى في صلاته) أي لم يرجع.
12 – قوله (فلما قضى صلاته) وعند البخاري من طريق جعفر بن ربيعة (فلما كان في آخر صلاته) أي أوشك على قضائها ولم يبق إلا التسليم ولذلك قال (ونظرنا تسليمه) وعند البخاري من طريق شعيب (وانتظر الناس تسليمه)، وعند ابن ماجه من طريق يحيى بن سعيد (حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ) وعند الحاكم في المستدرك من طريق الضحاك بن عثمان عن الأعرج (حتى فرغ من صلاته ولم يبق إلا السلام).
13 – … قوله (كبر قبل التسليم) وعند البخاري من طريق الليث (سجد سجدتين فكبر في كل سجدة وهو جالس).
14 – وزاد في طريق الليث عند البخاري (سجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس)
15 – فيه دليل على أن جلسة التشهد الأول ليست بركن وذلك لأنه لم يرجع إليها. مع أننا نقول بوجوبها لقوله عند الشيخين من طريق الليث (وعليه جلوس)، ولم يتركه النبي صلى الله عليه وسلم ذاكرا وقال صلوا كما رأيتموني أصلي.
16 – أن الوهم والنسيان لا يسلم منه أحد من المخلوقين قاله ابن عبد البر في التمهيد.
17 – أن المصلي إذا قام من اثنتين واعتدل قائما لم يكن له أن يرجع قاله ابن عبد البر في التمهيد.
18 – العَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ: عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مَضَى فِي صَلاَتِهِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قاله الترمذي.
19 – قلت ويسجد في مثل هذه الحالة قبل السلام.
20 – فيه التكبير في كل سجدة من سجدتي السهو قاله النسائي.
21 – فيه مشروعية التشهد الأول والأمر به دال على وجوبه وعدم رجوعه صلى الله عليه وسلم عند تسبيح أصحابه دال على عدم ركنيته.
22 – زاد الليث في حديثه (وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس) كما عند البخاري.
23 – قوله (حدثنا عبد الله بن يوسف) تابعه يحيى بن يحيى عند مسلم والقعنبي عند أبي داود، وقتيبة بن سعيد عند النسائي في سننه.
24 – قوله (أخبرنا مالك بن أنس) وأخرجه مالك في الموطأ، تابعه شعيب عند البخاري و أبي داود، وتابعهما الليث بن سعد عند البخاري ومسلم و الترمذي والنسائي، وتابعهم ابن أبي ذئب عند البخاري وتابعهم سفيان بن عيينة عند ابن ماجه، وتابعهم عَمْرٌو بن الحارث، وَيُونُسُ بن يزيد، عند النسائي وتابعهم ابن جريج علقه البخاري في صحيحه ووصله الإمام أحمد في مسنده.
25 – قوله (عن ابن شهاب) هو الزهري، وعند النسائي (أن ابن شهاب أخبرهم)، وتابعه يحيى بن سعيد الأنصاري عند البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وتابعهما جعفر بن ربيعة عند البخاري.
26 – قوله (عن عبد الرحمن الأعرج) وعند البخاري من طريق شعيب (حدثني عبد الرحمن بن هرمز)، تابعه محمد بن يحيى بن حبان كما عند النسائي لكنه قال عن مالك بن بحينة قال النسائي وهذا خطأ والصواب عبد الله بن مالك بن بحينة.
27 – قوله (عن عبد الله ابن بحينة) وعند ابن ماجه من طريق يحيى بن سعيد (أَنَّ ابْنَ بُحَيْنَةَ أَخْبَرَهُ).
28 – عن عبدالرحمن بن شماسة قال: صلى بنا عقبة بن عامر فقام وعليه جلوس, فقال الناس وراءه: سبحان الله, فلم يجلس, فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين وهو جالس , فقال: اني أسمعكم تقولون: سبحان الله , كيما أجلس, وليس تلك سنة, انما السنة التي صنعته. أخرجه ابن حبان في صحيحه وأودعه الشيخ مقبل في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين.
29 – صلى عمرو بن العاص رضي الله عنه بالناس فقام عن تشهده فصاح به الناس فقالوا سبحان الله سبحان الله فصلى كما هو فلما أتم صلاته سجد سجدتين ثم قال ” أيها الناس إنه لم يخف علي الذي أردتم ولم يمنعني من الجلوس إلا الذي صنعت من السنة.
30 – أخرجه ابن أبي عمر في مسنده كما في المطالب العالية لابن حجر وإتحاف الخيرة المهرة للبوصيري، وأودعه الشيخ مقبل في الصحيح المسند وقال هذا حديث صحيح.
31 – قلت أعل أبو زرعة وابن أبي حاتم كما في العلل لابن أبي حاتم 511 حديث عمرو بن العاص وقالا إنما هو حديث عقبة فيصلح حديث عمرو بن العاص في الذيل على أحاديث معلة ظاهرها الصحة.
32 – عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ، فَإِذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا فَلَا يَجْلِسْ وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ» أخرجه ابن ماجه وفيه جابر الجعفي هو علة الحديث
33 – عن سعد بن أبي وقاص: أنه نهض في الركعتين فسبحوا به فاستتم ثم سجد سجدتي السهو حين انصرف ثم قال: أكنتم تروني أجلس إنما صنعت كما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يصنع. أخرجه ابن خزيمة و قال: لا أظن أبا معاوية إلا وهم في لفظ هذا الإسناد قلت ورواه جمع غير أبي معاوية فأوقفوه فالظاهر أن رفعه شاذ ويصلح في الذيل على أحاديث معلة ظاهرها الصحة.
———-‘———-‘———
باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة
1. جواز السهو من الأنبياء عليهم السلام في أفعالهم البلاغية، إلا أنهم لا يُقَرُّونَ عليه. أما الأقوال البلاغية فالسهو فيها ممتنع على الأنبياء، ونقل في ذلك الإجماع.
2. الحِكَمُ والأسرار التي تترب على هذا السهو، من بيان التشريع والتخفيف عن الأمة بالعفو عن النسيان منهم.
3. أن سهو الإمام لاحِقٌ للمأمومين لتمام المتابعة والاقتداء، ولأن ما طرأ على صلاة الإمام من النقص يلحق من خلفه من المصلين.
4. اختلف في حكم سجود السهو ورجح ابن حجر الوجوب لحديث قوله صلى الله عليه وسلم “صلوا كما رأيتموني أصلي”، والأمر للوجوب
5. قوله (صلى لنا) أي بنا أو لأجلنا
6. فيه رد على من زعم أن جميعه – أي سجود السهو- بعد السلام كالحنفية.
7. استدل بعض الحنفية بهذا الحديث على أن التسليم ليس بواجب، قالوا: لأنه قال: “حتى قضى الصلاة”، ثم قال: ” قبل أن يسلم” فدل ذلك على أن التسليم ليس من أجزاء الصلاة، وأجيب عن هذا بأنه ثبت أن السلام جزء من الصلاة كما في حديث ” وتحليلها التسليم” وبأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليه ولم يعهد عنه تركه.
8. فيه مشروعية سجود السهو وأنه سجدتان فلو اقتصر على سجدة واحدة ساهيا لم يلزمه شيء أو عامدا بطلت صلاته
9. أهمية متابعة الإمام، حيث أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على متابعته وتركهم الجلوس مع علمهم بذلك. فقد زاد النسائي وابن خزيمة والحاكم: “فسبحوا به، فمضى حتى فرغ من صلاته”.
10. أن سهو الإمام لاحق للمأمومين، لأنهم تركوا التشهد عمداً، والمتعمد ليس عليه سهو لترك الواجب، وإنما تبطل صلاته في غير مثل هذه الصورة.
11. قوله (ونظرنا تسليمه) أي انتظرنا
12. أن تعدد السهو يكفي له في سجدتان، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ترك -هنا- الجلوس والتشهد معاً.
قلت سيف: وتعقب ذلك ابن حجر: بأنه ينبني على ثبوت مشروعية السجود لترك ما ذكر ….. نعم حديث ذي اليدين دال لذلك كما سيأتي. انتهى كلام ابن حجر.
13. أن المأموم يسجد مع الإمام إذا سها الإمام وإن لم يسه المأموم ونقل بن حزم فيه الإجماع
14. وفيه أن سجود السهو لا تشهد بعده إذا كان قبل السلام، قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس في شيء من أقواله صلى الله عليه وسلم أمر بالتشهد بعد السجود، ولا في الأحاديث الصحيحة المتلقاة بالقبول أن يتشهد بعد السجود، فلو كان تشهد لذكر ذلك من ذكر أنه تشهد. وعمدة من أثبت التشهد حديث عمران، وهو غريب، ليس لمن رواه متابع، وهذا يوهي الحديث.
قلت سيف: وبوب البخاري باب من لم يتشهد في سجدتي السهو بعد بابين.
15. لو تعمد المصلي الرجوع بعد تلبسه بالركن بطلت صلاته عند الشافعي خلافا للجمهور.
16. وأن محل سجود السهو آخر الصلاة فلو سجد للسهو قبل أن يتشهد ساهيا أعاد عند من يوجب التشهد الأخير وهم الجمهور
17. اختلف الفقهاء في محل سجدتي السهو خمسة أقوال: الحنفية عندهم السجود بعد السلام في كل الحالات، والشافعية عندهم أن السجود قبل السلام في كل الحالات، مذهب المالكية إن كان للنقصان فقبل السلام وإن كان للزيادة فبعد السلام وهو قول للشافعي. وأما الحنابلة فأنه يسجد قبل السلام في المواضع التي سجد فيها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبعد السلام في المواضع التي سجد فيها بعد السلام وما كان من السجود في غير تلك المواضع يسجد له أبدا قبل السلام. والخامس مذهب الظاهرية أنه لا يسجد للسهو إلا في المواضع التي سجد فيها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقط وغير ذلك إن كان فرضا أتى به وإن كان ندبا فليس عليه شيء.
قلت سيف: سيأتي تبويبات البخاري لبيان كل حالة. وسيأتي باب السهو في الفرض والتطوع.
- المواضع التي سجد فيها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خمسة. أحدها قام من ثنتين على ما جاء به في حديث ابن بحينة. والثاني سلم من ثنتين كما جاء في حديث ذي اليدين. والثالث سلم من ثلاث كما جاء به في حديث عمران بن حصين. والرابع أنه صلى خمسا كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه. والخامس السجود على الشك كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري.
19. من سها في سجدتي السهو لا سهو عليه قاله النخعي والحكم وحماد والمغيرة وابن أبي ليلى والحسن
————‘———–‘– اختلف أهل العلم فيمن نسي التشهد الأول على اقوال:
(1) – إذا استتم قائما، واستقل من ا رض ف يرجع، وليمض فى ص ته، وإن لم يستو قائما جلس.
(2) – إذا فارقت أليته ا رض، وإن لم يعتدل، ف يرجع ويتمادى، ويسجد قبل الس م.
(3) – يقعد وإن كان استتم قائما.
(4) – يجلس ما لم يفتتح القراءة.
(5) – يجلس ما لم يركع.– قال الطبرى: والصواب قول من قال: إذا استوى قائما يمضى فى ص ته و يقعد، فإذا فرغ سجد سجدتى السهو، لحديث ابن بحينة.
– فى حديث ابن بحينة حجة لمن جعل سجود السهود فى النقص قبل الس م.
قال العثيمين في تعليقاته على البخاري (1224):
– فيه جواز السهو على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه بشر، وقد قال إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، وأما من قال إنه ينسى ليسُن فقوله في غاية الضعف، لأنه صلى الله عليه وسلم يمكنه أن يسن بالقول من دون أن يضيع شيئا من واجبات الصلاةواركانها.
– فيه قوة استسلام الصحابة رضي الله عنهم في متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم قاموا معه.
– فيه أن الإنسان إذا قام الثالثة ولم يجلس فإنه لا يرجع إلى الجلوس بل يستمر، أما إذا ذكر قبل أن يستتم قائما فليرجع، ثم إن لزم من هذا القيام زيادة سجد للسهو وإن لم يلزم فلا سجود، ويلزم إذا فارق الجلوس وكان بين القيام والقعود؛ فإنه قد زاد صفة فوق الجلوس فيجسد لها، أما إذا كان همَّ أن ينهض ولكن لم يخرج عن حد الجلوس فإنه لا شيء عليه.
– فيه أن السجود لترك التشهد يكون قبل السلام، والحكمة هنا ظاهرة لأن الخلل في الصلاة هنا نقص فكان من الحكمة أن يكون الجابر قبل السلام حتى لا يخرج من الصلاة إلا وقد أكمل الخلل، وعلى هذا فنقول كلما كان سجود السهو عن نقص واجب فإن محله قبل السلام.
– فيه وجوب التكبير لسجود السهو لقوله: كبر قبل التسليم، فسجدتا السهو واجبتان في محل وجوبهما، والتكبير فيهما واجب عند السجود وعند الرفع من السجود.
* للشيخ العثيمين رسالة في سجود السهو.
—–‘—–
* قال الشيخ الألباني في صفة الصلاة: وجوبُ التشهد الأول، ومشروعيةُ الدعاءِ فيه
1 – ثم ” كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في كل ركعتين (التحية) ” وهو قطعة من حديث عائشة بلفظ: وكان يقول في كل ركعتين التحية.
وهو وإن كان معلولاً – كما سبق بيانه -؛ فالمعنى صحيح؛ يشهد له ما بعده. .
2 – {و ” كان أول ما يتكلم به عند القعدة: (التحيات لله) “} رواه البيهقي من رواية عائشة بإسناد جيد – كما قال ابن الملقن (28/ 2).
3 – و” كان إذا نسيها في الركعتين الأوليين؛ يسجد للسهو ” فيه إشارة إلى أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يواظب على التشهد دائماً، ولعل هذا هو مستند قول ابن القيم في ” الهدي النبوي ” (1/ 87):” ثم كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتشهد دائماً “.
وإلا؛ فإني لم أقف على نص صريح في ذلك. والله أعلم.
وقد استدل بعض العلماء بالأحاديث المتقدمة – في عدم رجوعه إلى التشهد حينما ذُكِّر – على أن التشهد الأول غير واجب. قال الحافظ (2/ 247):
” ووجهه؛ أنه لو كان واجباً؛ لرجع إليه لمَّا سبحوا به بعد أن قام. وممن قال بوجوبه الليث وإسحاق وأحمد في المشهور، وهو قول للشافعي، وفي رواية للحنفية “.
قلت: وفي هذا التوجيه نظر؛ فإن لقائل أن يقول: عدم رجوعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما هو لوجود مانع شرعي؛ وهو الاستتمام قائماً – كما سبق في حديث المغيرة -، ولو أنه لم يستتم قائماً؛ لرجع صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ولذلك أمر بالرجوع في هذه الحالة، فهو وحده دليل مستقل على وجوب التشهد هذا. وهو الحق. وقد ثبت الأمر به في غير ما حديث – كما يأتي -. وقال الشوكاني (2/ 228):” وتجبيره بالسجود دائماً يكون دليلاً على عدم الوجوب؛ إذا سلمنا أن سجود السهو إنما يُجبر به المسنون دون الواجب؛ وهو غير مسلّم “.
تنبيه: حديث المغيرة مرفوعا (إذا قام الإمام في الركعتين فإن ذكر قبل أن يستوي قائما فليجلس فإن استوى قائما فلا يجلس ويسجد السهو) أخرجه أبوداود 1032 وفيه جابر الجعفي. وهو ضعيف جدا.
قال ابن حجر في البلوغ 331 أخرجه أبوداود وابن ماجه والدارقطني بسند ضعيف.
لكن الراجح أن التشهد الأول واجب خلافا لمن قال أنه مستحب واختار الوجوب الثوري وأحمد في ظاهر مذهبه وإسحاق وأبو ثور وداود وغيرهم وحكاه الطحاوي عن مالك لحديث: إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات. … وهو حديث صحيح. واستدلوا بمداومة النبي صلى الله عليه وسلم. وحديث ابن بحينه الذي استدل به من قال بالاستحاب إنما يدل على سقوطه بالسهو ويجبره بالسجدتين.
راجع فتح الباري 5/ 166، لابن رجب.
وذهب بعض مشايخنا أن التشهد الأخير أيضا واجب وهو قول الزهري والثوري وحكي عن الأوزاعي وهو رواية عن أحمد
واستدلوا بالأدلة السابقة.
إذا تعمد المصلي تركه بطلت صلاته في أصح قولي العلماء إذا كان عالما بالحكم ذاكراً، فإن كان جاهلاً فلا شيء عليه وإن تركه ناسياً وجب عليه السجود للسهو
أما إذا نسي وسلم قبل أن يسجد ثم نبه أو ذكر فإنه يجب عليه أن يسجد بعد السلام للسهو ثم يسلم كالحال في سجود السهو الذي محله بعد السلام فإن لم يفعل فقد اختلف في بطلان الصلاة بذلك أي بترك سجود السهو بعد السلام، سواء كان محله بعد السلام أو قبله فنسيه فصار بعد السلام قال أبو محمد ابن قدامة رحمه الله في المغني: (فإن ترك الواجب عمداً فإن كان قبل السلام بطلت صلاته لأنه أخل بواجب في الصلاة عمداً، وإن ترك الواجب بعد السلام لم تبطل صلاته لأنه جبر للعبادة خارج منها فلم تبطل بتركه كجبرانات الحج وسواء كان محله بعد السلام أو قبله فنسيه فصار بعد السلام، وقد نقل عن أحمد ما يدل على بطلان الصلاة ونقل عنه التوقف). انتهى المقصود.
هل تبطل صلاته اذا استتم قائما ثم رجع:
قال ابن رجب: في الفتح 6/ 444: وحكى ابن عبدالبر عن جمهور القائلين بأنه لا يرجع اذا تم قيامه أنه إذا رجع لم تفسد صلاته؛ لأن الأصل ما فعله وترك الرجوع له رخصة، وحكى عن بعض المتأخرين أنه تفسد صلاته قال: وهو ضعيف. كذا قال، ومذهب الشافعي أنه إن رجع عالما بالحال بطلت صلاته، والجمهور على كراهة الرجوع وإن لم تفسد به الصلاة عند من يرى ذلك، وإنما الخلاف في كراهته عن أحمد. انتهى
وهذه مسألة أخرى لأحد الاخوة:
وهي أن الراجح أنه لا يشرع تشهد بعد سجود السهو:
قال الحافظ ابن رجب في الفتح: ” وأما السجود قبل السلام، فلا يتشهد فيه عند أحد من العلماء، إلا رواية عن مالك، رواها عنه ابن وهب”، والصحيح ما رواه أشهب عن مالك أنه لا يتشهد في القبلي كما نقله ابن بطَّال وحكى ذلك عنه ابن رشد في “البداية”.
والأمر في البعدي كذلك، مع وجود خلاف قد يقوى، الراجح فيه أنَّه لاتشهد فيه أيضاً.
وهو ما روي عن سعد بن أبى وقاص، وعمَّار، وابن أبى ليلى، وابن سيرين، وقد حكاه الطحاوي عن الأوزاعى والشافعى: “ليس فيهما تشهد”.
وممن يرى بأنَّه لا تشهد فيهما أنس، وطاوس، والحسن، والشعبى”
قال الخطابي: “. . . لا يتشهد لسجدتي السهو وإن سجدهما بعد السلام”.
قال الجوزجاني: ” لا نعلم في شيء من فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في سجدتي السهو قبل السلام وبعده، أنه يتشهد بعدهما.
وقال – أيضا-: ليس في التشهد في سجود السهو سُنَّة قائمة تتبع”
قال أبو عمر: ” أما السلام من التي بعد السلام، فثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلَّم-؛ وأما التشهد فلا أحفظه من وجه ثابت”
قال ابن المنذر: ” التسليم فى سجدتى السهو ثابت عن النبى – صلى الله عليه وسلم – من غير وجه، وفى ثبوت التشهد عنه – صلى الله عليه وسلم – فيهما نظر”
قال شيخ الإسلام: ” وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَقْوَالِهِ أَمْرٌ بِالتَّشَهُّدِ ….. وسبق نقله
وقال:
وَمِثْلُ هَذَا مِمَّا يُحْفَظُ وَيُضْبَطُ وَتَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ
قال ابن دقيق العيد: ” لَمْ يَذْكُرْ التَّشَهُّدَ بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ؛ وَفِيهِ خِلَافٌ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي السُّجُودِ الَّذِي بَعْدَ السَّلَامِ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِتَرْكِهِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِهِ فِي الْحُكْمِ، كَمَا فَعَلُوا فِي مِثْلِهِ كَثِيرًا، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَوْ كَانَ؛ لَذُكِرَ ظَاهِرًا”.
قالت اللَّجْنَةُ الدَّائِمَة: ” لاَ يشْرُعُ التَّشَهُّدُ بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ إِذَا كَانَ قَبْلَ السَّلاَمِ بِلاَ رَيْبٍ، أَمَّا السُّجُودُ بَعْدَ السَّلاَمِ فَفِيهِ خِلاَفٌ بَيْنَ أَهْلِ العِلْمِ وَالأَرْجَحُ عَدَمُ شَرْعِيَّتِهِ؛ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ”.
قال ابن عثيمين: ” إِنْ كَانَ سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلاَمِ فِإِنَّهُ لاَ تَشَهُّدَ فِيهِ؛ وِإنْ كَانَ سُجُودُ السَّهْوِ بّعْدَ السَّلاَمِ فَإِنَّ القَوْلَ الرَّاجِحَ أنَّهُ لاَ تَشَهُّدَ فِيهِ وَإِنَّمَا فِيهِ التَّسْلِيمُ”.
قلت سيف: استدل من قال بالتشهد بحديث عمران أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم أخرجه أبوداود 1039.
لكن لفظ التشهد شذ بها اشعث بن عبد الملك الحمراني وقد ضعف هذه الزيادة ابن عبدالبر وابن المنذر والبيهقي وابن حجر. وراجع فتح العلام شرح بلوغ المرام 1/ 818. وتحقيق البلوغ ط الآثار
تنبيه: حديث ثوبان: لكل سهو سجدتان بعدما يسلم رواه أبوداود وابن ماجه، وتعقب العلائي على من ضعفه وصححه بمجموع الطرق.
تنبيه: حديث المغيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا شك أحدكم، فقام في الركعتين، فاستتم قائما، فليمض، وليسجد سجدتين، وإن لم يستتم قائما فليجلس، ولا سهو عليه. قال ابن حجر في البلوغ رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني بسند ضعيف.
ففيه جابر الجعفي وهو متروك.
ولعل حديث عقبة يعطي بعض معناه لكن حديث المغيرة فيه أنه إذا لم يستتم أنه يرجع وهو ترجيح الطبري كما سبق في مشاركة الأخوة.
وراجع تعليقنا على الصحيح المسند 1014 و 941
——-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وإن نسي سجود السهو: سجد ولو طال الفصل، أو تكلم، أو خرج من المسجد. وهو رواية عن أحمد.
الأخبار العلمية من الإختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية. تأليف علاء الدين البعلي الحنبلي ص:94.