1218 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير ومحمد البلوشي وكديم وعبدالحميد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل الوادعي في الصحيح المسند (ج2/ رقم 1218):
مسند أبي حَدْرَدٍ رضي الله عنه
(1218) – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج (3) ص (448)): حدثنا وكيع عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي حدرد الأسلمي: أنه أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستفتيه في مهر امرأة، فقال «كم أمهرتها؟» قال: مائتي درهم. فقال: «لو كنتم تغرفون من بطحان ما زدتم».
حدثنا عبد الرزاق، حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، قال: حدثنا أبو حدرد الأسلمي: أن رجلًا جاء … فذكر مثله.
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح.
===================
تكلمنا على أسس اختيار الزوجة في الصحيح المسند 99 – قال الإمام النسائي رحمه الله (ج 6 ص 69): أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنْبَأَنَا النَّضْرُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَنَسٍ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا تَتَزَوَّجُ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ قَالَ «إِنَّ فِيهِمْ لَغَيْرَةً شَدِيدَةً».
هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم.
وتكلمنا على المغالاة في المهور ونقلنا بحوث وفتاوى لهيئة كبار العلماء في خطر المغالاة في المهور وأن تحديد المهور له ايجابياته وسلبياته والأفضل في العلاج ترغيب الناس في شرحنا للصحيح المسند
98 – قال الإمام النسائي رحمه الله (ج 6 ص 114): أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تَزَوَّجَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَكَانَ صِدَاقُ مَا بَيْنَهُمَا الْإِسْلَامَ أَسْلَمَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ قَبْلَ أَبِي طَلْحَةَ فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ فَإِنْ أَسْلَمْتَ نَكَحْتُكَ فَأَسْلَمَ فَكَانَ صِدَاقَ مَا بَيْنَهُمَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ مُسَاوِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَقَالَتْ وَاللهِ مَا مِثْلُكَ يَا أَبَا طَلْحَةَ يُرَدُّ وَلَكِنَّكَ رَجُلٌ كَافِرٌ وَأَنَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ وَلَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَتَزَوَّجَكَ فَإِنْ تُسْلِمْ فَذَاكَ مَهْرِي وَمَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ فَأَسْلَمَ فَكَانَ ذَلِكَ مَهْرَهَا.
قَالَ ثَابِتٌ: فَمَا سَمِعْتُ بِامْرَأَةٍ قَطُّ كَانَتْ أَكْرَمَ مَهْرًا مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ الْإِسْلَامَ فَدَخَلَ بِهَا فَوَلَدَتْ لَهُ.
الحديث سيكون من وجوه:
الوادعي رحمه الله جعله في الجامع:
11 – كتاب النكاح والطلاق وشيء من أحكام النساء، (15) – يجزيء ما تيسر من المهر، (1790).
قالو محققو المسند -ط: الرسالة- عن الإسناد الأول:
“إسناده ضعيف لانقطاعه، محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من أبي حدرد، فقد نقل يعقوبُ بنُ سفيان في «المعرفة» (1) / (436) عن البخاري قوله: سألتُ عليًا (يعني ابن المديني): لقي محمدُ بنُ إبراهيم التيمي أحدًا من أصحاب النبي ?؟ قال: أنس بن مالك، ورأى ابن عمر. اهـ.
وقال ابن محرز- كما في «سؤالاته» الورقة (13) -: قيل ليحيى بن معين: لقي أحدًا من أصحاب النبي ?؟ فقال: لم أسمعه.
وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين.
وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو الثوري، ويحى بن سعيد: هو الأنصاري.
وأخرجه ابن الأثير في «أسد الغابة» (6) / (70) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (22) / ((882)) من طريق أبي نعيم، عن سفيان، به. وأخرجه الطيالسي ((1300))، وسعيد بن منصور في «السنن» ((604))، وابن أبي شيبة (4) / (189)، وابن سعد في «الطبقات» (4) / (310)، والطبراني في «الكبير» (22) / ((883))، والحاكم (2) / (178)، والبيهقي في «السنن» (7) / (235) من طرق عن يحيى بن سعيد، به.
وعند من تقدم جميعًا وفي «أطراف المسند» (6) / (125): يستعينه بدل يستفتيه الوارد في نسخ «المسند» عندنا، قال السندي: قوله: يستفتيه، كذا في نسخ «المسند» من الاستفتاء، وفي غير «المسند»: يستعينه من الاستعانة، وهو الأظهر.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» ((7559))، وفي «الكبير» (22) / ((884)) من طريق عمر بن سهل المازني، عن عمر بن صهبان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي حدرد، به، وفيه أنه أصدق خمسة أواق. قال الطبراني في «الأوسط»: لم يرو هذا الحديث عن زيد بن أسلم إلا عمر بن صهبان، تفرد به عمر بن سهل.
والمشهور من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي حدرد. قلنا: عمر بن صهبان متروك الحديث.
وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (4) / (282)، وقال: رواه أحمد والطبراني في «الكبير» و «الأوسط»، ورجال أحمد رجال الصحيح.
وقد ذكر الحافظ في «أطراف المسند» (6) / (125) أن الصواب أن الذي استعان في مهر امرأته إنما هو ابن أبي حدرد لا أبوه، ونقل ذلك ابن سعد عن الواقدي، وأن ذكر أبي حدرد خطأ.
وسترد رواية ابن أبي حدرد (6) / (11) – (12) (الطبعة الميمنية).
وفي الرواية الآتية برقم ((15707)) أن الذي جاء إلى رسول الله ? يستعينه في مهر امرأة، إنما هو رجل آخر لا أبو حدرد ولا ابنه، وروى ذلك أبو حدرد نفسه، ولم يشر إلى ذلك الحافظ في «أطراف المسند» (6) / (126).
وتقدم ذكر أحاديث تخفيف المهور في مسند عامر بن ربيعة الرواية ((15676)). انتهى المراد. [المسند ((15706))]
وقالوا عن الإسناد التالي:
“إسناده منقطع، وهو إسناد الذي قبله، إلا أن شيخ أحمد هنا هو عبد الرزاق، والحديث في «مصنفه» برقم ((10409))، ومن طريقه أخرجه الطبراني في «الكبير» (22) / ((882)) لكنه لم يذكر فيه أن الرجل هو الذي جاء يستعين برسول الله ? في مهر امرأة، إذ جمع إسناد عبد الرزاق مع إسناد سفيان عن يحيى بن سعيد الذي فيه أن أبا حدرد هو الذي جاء رسول الله ?.
وانظر تفصيل ذلك فيما قبله”. انتهى. [المسند ((15707))].
الأول: شرح الحديث:
قال السندي: «تغْرفون» كيضرب وينصر: أي تأخذون الدراهم بأيديكم كما يؤخذ الماء.
«من بُطْحان» بضم باء وسكون طاء في رواية أهل الحديث، وقيده أهل اللغة بفتح فكسر: واد في المدينة. [“وهو أحد أوديتها الثلاثة العقيق وبطحان وقناة، نزله بني النضير من اليهود”. «معجم البلدان»: ((1) / (446)).]
«ما زدتم»: أي: ما كان لائقًا بكم أن تزيدوا، فكيف تزيدون وهي لا تحصل إلا بتعب. ويحتمل أن تكون «ما» استفهامية، أي: لزدتم أي زيادة. انتهى. [المسند ط: الرسالة ((15706))].
وقوله: ” (لو كنتم تغرفون) بغين معجمة، (من بطحان ما زدتم) بضم الباء وسكون الطاء، اسم واد في المدينة، من منازل بني النضير اليهود كما في المشترك لياقوت سمي به لسعته وانبساطه من البطح وهو البسط، وخص بالذكر؛ لأنه أقرب المواضع التي تقام بها أسواق المدينة كذا ذكره القاضي في شرح المصابيح، وما ذكره من ضم أوله غير صواب ففي معجم ما استعجم هو بفتح أوله وكسر ثانيه وهاء مهملة على وزن فعلان، قال: ولا يجوز غيره اهـ بنصه لكن القاضي تبع ابن قرقول حيث قال: هو في رواية المحدثين بضم الباء وحكى أهل اللغة فتحها وكسر الطاء اهـ
(حم ك) في النكاح (عن أبي حدرد) الأسلمي وسببه أنه أتى النبي ? يستعينه في مهر فقال: كم أمهرتها؟ قال: مائتي درهم فذكره قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح”. قاله المناوي رحمه الله في فيض القدير [5/ 330].
قال السخاوي رحمه الله: “والتغالي في المهور وإغفال «لو كنتم تغرفون من بطحان ما زدتم»، وكون [التيسير] السبب في دوام الألفة غالبًا”. انتهى. [القناعة في ما يحسن الإحاطة من أشراط الساعة].
قال الشيخ د. محمد بن عبد الوهاب العقيل في الحاشية:” يقصد رحمه الله أن من أشراط الساعة التغالي في مهور النساء، وقد ورد النهي عن ذلك في حديث أبي حدرد الأسلمي – رضي الله عنه – … ، وتغافل الناس عن ما جرت به العادة من أن التيسير في المهر يزيد الألفة بين الزوجين، بل قد ورد في ذلك بعض الأحاديث منها حديث عائشة – رضي الله عنها – أن النبي ? قال: «إن من أعظم النساء بركة أيسرهن صداقًا». رواه البيهقي في «السنن»: ((7) / (235)).
وعنها – رضي الله عنها – أن النبي ? قال: «من يمن المرأة أن تتيسر خطبتها، وأن يتيسر صداقها، وأن يتيسر رحمها». قال عروة: أي يتيسر رحمها للولادة، قال: وأنا أقول من عندي: من أول شؤمها أن يكثر صداقها. رواه البيهقي في» السنن «: ((7) / (235)).
والحاكم في» المستدرك «((2) / (182))، وقال: على شرط مسلم ووافقه الذهبي”. انتهى.
الثاني: مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى):
ما جاء في الجامع الصحيح للوادعي رحمه الله في المهر:
(14) – المهر على عهد رسول الله ?
(1788) – قال النسائي رحمه الله (ج (6) ص (117)): أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا داود بن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة قال: كان الصداق إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عشرة أواق.
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح. ورواه الإمام أحمد (ج (2) ص (367)) ح فقال: حدثنا إسماعيل بن عمر، قال: حدثنا داود بن قيس … به.
(15) – يجزيء ما تيسر من المهر
(1789) – قال أبو داود رحمه الله (ج (6) ص (162)): حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني أخبرنا عبدة أخبرنا سعيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما تزوج علي فاطمة، قال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أعطها شيئًا» قال: ما عندي شيء. قال: «أين درعك الحطمية؟».
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح، إلا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، وقد وثَّقه ابن معين وغيره، كما في «تهذيب التهذيب». الحديث أخرجه النسائي (ج (6) ص (129)) فقال: أخبرنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا هشام بن عبد الملك، قال: حدثنا حماد، عن أيوب به.
ثم قال: أخبرنا هارون بن إسحاق، عن عَبْدَة، أخبرنا سعيد، عن أيوب، به.
(1790) – [ذكر حديث الباب]
(16) – يجزيء أن يدفع المهر رجل آخر
* قال أبو داود رحمه الله (ج (6) ص (136)): حدثنا حجاج بن أبي يعقوب الثقفي حدثنا معلى بن منصور حدثنا ابن المبارك أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة، عن أم حبيبة: أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش، فمات بأرض الحبشة، فزوجها النجاشي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأمهرها عنه أربعة آلاف، وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع شرحبيل ابن حسنة.
قال أبو داود: حسنة هي أمه. هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الشيخين، إلا حجاج بن أبي يعقوب فمن رجال مسلم.
الحديث أخرجه النسائي (ج (6) ص (119)) فقال: أخبرنا العباس بن محمد الدَّوْرِيُّ، قال: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن معمر … به.
* وقال أبو داود رحمه الله (ج (6) ص (154)): حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أم حبيبة: أنها كانت عند ابن جحش فهلك عنها، وكان فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، فزوجها النجاشي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي عندهم.
هذا حديث صحيحٌ على شرط البخاري. لأن معمرًا أرجح من يونس في الزهري. … وقد رواه يونس عن الزهري مرسلًا، كما في «السنن» (ج (6) ص (138)) ولا يضر.
(17) – تأخير الصداق في ذمة الزوج إذا لم يجد
(1792) – قال أبو داود رحمه الله (ج (6) ص (150)): حدثنا محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ومحمد بن المثنى وعمر بن الخطاب قال محمد حدثني أبو الأصبغ الجزري عبد العزيز بن يحيى أنبأنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد عن زيد بن أبي أنيسة عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله عن عقبة بن عامر: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لرجل «أترضى أن أزوجك فلانة؟» قال نعم. وقال للمرأة: «أترضين أن أزوجك فلانًا؟» قالت: نعم. فزوج أحدهما صاحبه فدخل بها الرجل، ولم يفرض لها صداقًا، ولم يعطها شيئًا، وكان ممن شهد الحديبية، وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر، فلما حضرته الوفاة، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقًا، ولم أعطها شيئًا، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهمًا فباعته بمائة ألف.
هذا حديث حسنٌ، وقول أبي داود رحمه الله: يخاف أن يكون هذا الحديث ملزقًا؛ لأن الأمر على خلافه. فيه نظر، ولا عبرة بمن خالف الحديث الثابت.
قلت سيف: لا يرد تعليل أئمة العلل إلا بتصحيح إمام آخر يكافئه
(18) – للمرأة صداق المثل إذا لم يفرض لها
(1793) – وقال الإمام أحمد رحمه الله (ج (3) ص (480)): حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال: أتي عبد الله في امرأة تزوجها رجل، ثم مات عنها، ولم يفرض لها صداقًا، ولم يكن دخل بها، قال فاختلفوا إليه، فقال: أرى لها مثل صداق نسائها، ولها الميراث وعليها العدة.
فشهد معقل بن سنان الأشجعي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قضى في بروع بنة واشق بمثل ما قضى. … هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح.
* وقال أبو داود رحمه الله (ج (6) ص (148)): حدثنا عبيد الله بن عمر أخبرنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن خلاس وأبي حسان عن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن عبد الله بن مسعود أتي في رجل بهذا الخبر قال فاختلفوا إليه شهرًا -أو قال: مرات- قال: فإني أقول فيها إن لها صداقًا كصداق نسائها لا وكس ولا شطط وإن لها الميراث وعليها العدة فإن يك صوابًا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان. فقام ناس من أشجع فيهم الجراح وأبو سنان فقالوا: يا ابن مسعود نحن نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قضاها فينا في بروع بنت واشق وإن زوجها هلال بن مرة الأشجعي كما قضيت. قال: ففرح عبد الله بن مسعود فرحًا شديدًا حين وافق قضاؤه قضاء رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح.
الحديث أخرجه الترمذي (ج (4) ص (299)) وقال: حسن صحيح، وأخرجه النسائي (ج (6) ص (121) و (122)).
* وقال أبو داود رحمه الله (ج (6) ص (147)): حدثنا عثمان بن أبي شيبة أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله في رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها الصداق فقال: لها الصداق كاملًا وعليها العدة ولها الميراث. فقال معقل بن سنان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قضى به في بروع بنت واشق.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة أخبرنا يزيد بن هارون وابن مهدي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، وساق عثمان مثله. هذا حديث صحيحٌ على شرط الشَّيخين ولم يخرجاه.
الحديث أخرجه النسائي (ج (6) ص (198))، وابن ماجه (ج (1) ص (609))، والترمذي (ج (4) ص (299)) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه عبد الرزاق (ج (6) ص (479)).
(19) – صداق أم سليم – رضي الله عنها –
(1794) – قال الإمام النسائي رحمه الله (ج (6) ص (114)): أخْبَرَنا قُتَيْبَةُ قالَ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسى عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبِي طَلْحَةَ عَنْ أنَسٍ قالَ: تَزَوَّجَ أبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَكانَ صِداقُ ما بَيْنَهُما الإسْلامَ أسْلَمَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ قَبْلَ أبِي طَلْحَةَ فَخَطَبَها فَقالَتْ إنِّي قَدْ أسْلَمْتُ فَإنْ أسْلَمْتَ نَكَحْتُكَ فَأسْلَمَ فَكانَ صِداقَ ما بَيْنَهُما.
أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ مُساوِرٍ قالَ أنْبَأنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمانَ عَنْ ثابِتٍ عَنْ أنَسٍ قالَ: خَطَبَ أبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَقالَتْ واللهِ ما مِثْلُكَ يا أبا طَلْحَةَ يُرَدُّ ولَكِنَّكَ رَجُلٌ كافِرٌ وأنا امْرَأةٌ مُسْلِمَةٌ ولا يَحِلُّ لِي أنْ أتَزَوَّجَكَ فَإنْ تُسْلِمْ فَذاكَ مَهْرِي وما أسْألُكَ غَيْرَهُ فَأسْلَمَ فَكانَ ذَلِكَ مَهْرَها.
قالَ ثابِتٌ: فَما سَمِعْتُ بِامْرَأةٍ قَطُّ كانَتْ أكْرَمَ مَهْرًا مِن أُمِّ سُلَيْمٍ الإسْلامَ فَدَخَلَ بِها فَوَلَدَتْ لَهُ. هذا حديث صحيحٌ. وقال الحافظ في «الإصابة» في ترجمة أم سليم: ولهذا الحديث طرق متعددة.
(20) – تحريم مهر البغي
(1795) – قال الإمام أحمد رحمه الله ((2094)): حَدَّثَنا وكِيعٌ حَدَّثَنا إسْرائِيلُ عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ الجَزَرِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ حَبْتَرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَهى رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ عَنْ مَهْرِ البَغِيِّ وثَمَنِ الكَلْبِ وثَمَنِ الخَمْرِ.
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح، إلا قيس بن حبتر، وقد وثَّقه أبو زرعة والنسائي، كما في «تهذيب التهذيب» “. انتهى من الجامع.
(المسألة الثانية): حكم الصداق ومقداره
أولاً: تعريف الصَّداق:
“قال الفيّوميّ: صداق المرأةِ فيه لغاتٌ، أكثرُها فتح الصّاد، والثانيةُ كسرها، والجمعُ صُدُقٌ- بضمّتين-، والثالثةُ لغةُ الحجاز: صَدُقةٌ -أي بفتح، فضم- وتُجمَعُ على لفظها صَدُقات، وفي التنزيل: {وآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ} الآية. والرابعةُ لغةُ تميم: صُدْقَةٌ -أي بضمّ، فسكون- والجمعُ صُدُقات، مثلُ غرفة وغُرُفات في وجوهها، وصَدْقَةٌ -أي بفتح، فسكون- لغةٌ خامسةٌ، وجمعُها صُدَقٌ، مثلُ قَرْيَةٍ وقُرى انتهى.
[تنبيه]: الصداق هو ما تستحقّه المرأة بدلًا في النكاح، قال ابن قدامة -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعالَي-: وله تسعة أسماء: الصّداقُ، والصّدُقَةُ، والمهر، والنِّحْلة، والفريضة، والأجر، والعَلائق، والعُقْرُ، والحِباءُ. رُوي عن النبيّ ? أنه قال: «أدُّوا العلائق». قيل: يا رسول اللَّه، وما العلائق؟، قال: «ما تراضى به الأهلون». وقال عمر: لها عُقْرُ نسائها. يقال: أصدقت المرأة، ومَهَرتُها، ولا يقال: أمهرتها. انتهى.
و قال الإتيوبي رحمه الله: قد نظمت الأسماء التسعة بقولي:
ولِلصَّداقِ تِسْعَةٌ أسْماءُ … المَهرُ والنِّحْلَةُ والحِباءُ
والأجْرُ والصَّداقُ والصَّدُقَةُ … والعُقْرُ والعَلاِئقُ الفَرِيضَةُ”. [ذخيرة العقبى].
ثانيًا: مسائل في الصداق:
المبحث الأول: حُكمُ الصَّداقِ
يجِبُ الصَّداقُ للمَرأةِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1 – قال تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]
وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ الأمرَ بإيتاءِ النِّساءِ الصَّداقَ يدُلُّ على وُجوبِه لها ((تفسير أبي حيان)) (3/ 511)
2 – وقال تعالى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النساء: 25]
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه: {وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أي: ولو كُنَّ إماءً، فإنَّه كما يجِبُ المهرُ للحُرَّةِ، فكذلك يجِبُ للأمَةِ [((تفسير السعدي)) (ص: 174)]؛ فالآيةُ تدُلُّ على وجوبِ المهرِ لها في عمومِ الأحوالِ [((أحكام القرآن)) للكيا الهراسي (2/ 430)].
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن سَهلِ بنِ سَعدٍ رضي الله عنه قال: ((جاءت امرأةٌ إلى رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: إنِّي وهَبْتُ مِن نَفسي، فقامَت طويلًا، فقال رجلٌ: زوِّجْنيها إنْ لم تكُنْ لك بها حاجةٌ، قال: هل عندك من شَيءٍ تُصْدِقُها؟ قال: ما عندي إلَّا إزاري، فقال: إن أعطَيتَها إيَّاه جلَسْتَ لا إزارَ لك، فالتَمِسْ شَيئًا، فقال: ما أجِدُ شَيئًا، فقال: التَمِسْ ولو خاتمًا مِن حديدٍ، فلم يجِدْ! فقال: أمعك مِن القُرآنِ شَيءٌ؟ قال: نعم، سورةُ كذا وسورةُ كذا؛ لِسُورٍ سَمَّاها، فقال: قد زوَّجْناكها بما معك مِنَ القُرآنِ)) [أخرجه البخاري (5135) واللفظ له، ومسلم (1425)].
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم طلب المهرَ مِن طُرُقٍ؛ فهذا يدُلُّ على تعيُّنِه وإلزامِه، حتى طلَبَ سُوَرًا مِنَ القُرآنِ يُعَلِّمُها إيَّاها [((القبس في شرح موطأ مالك بن أنس)) لابن العربي (ص: 692)]
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حَزمٍ، وابنُ عبدِ البَرِّ، والقُرطبيُّ.
قال ابن حزم: (اتَّفَقوا أنَّه إن وقع في هذا النِّكاحِ وَطءٌ، فلا بُدَّ مِن صداقٍ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 69).
قال ابن عبد البر: (أجمع علماء المسلمين أنَّه لا يجوز لأحدٍ أن يطأَ فرجًا وُهِبَ له دون رقبَتِه، وأنَّه لا يجوز له وطءٌ في نكاحٍ بغيرِ صَداقٍ مُسمًّى: دَينًا أو نقدًا، وأنَّ المفوَّضَ إليه لا يدخُلُ حتى يسمِّيَ صَداقًا، فإن وقع الدخولُ في ذلك لزم فيه صَداقُ المِثلِ). ((الاستذكار)) (5/ 408).
قال القرطبي: (وجوب الصداقِ للمرأةِ … مجمعٌ عليه، ولا خِلافَ فيه). ((تفسير القرطبي)) (5/ 24).
المَبحثُ الثَّاني: مِقدارُ الصَّداقِ
المَطلبُ الأوَّلُ: أكثَرُ الصَّداقِ
لا حَدَّ لأكثَرِ الصَّداقِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَاخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَاخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20]
وَجهُ الدَّلالةِ:
1 – قَولُه تعالى: {وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} فيه دَليلٌ على أنَّه لا حَدَّ لأكثَرِه؛ لِتَركِه النَّهيَ عن القِنطارِ وهو كثيرٌ، ولأنَّ القِنطارَ ذُكِر مِثالًا على المبالغةِ في المهرِ، أي: وإن بلغ المهرُ قِنطارًا فلا يحِقُّ لكم أن تأخُذوا منه شَيئًا. [((الأم)) للشافعي (5/ 63)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (9/ 390)، ((التفسير البسيط)) للواحدي (6/ 400)، ((تفسير البغوي)) (2/ 186)، ((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 204).].
2 – قَوله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]
وَجهُ الدَّلالةِ: الإطلاقُ في قَولِه تعالى: {صَدُقَاتِهِنَّ}؛ فإنَّه يَشمَلُ ما قلَّ أو كثُرَ مِن الصَّداقِ. [((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 204)]
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك: القاضي عبدُ الوهابِ، والماوَرديُّ، وابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ رشد، والقُرطبيُّ، والشَّوكاني.
قال ابن عبد البر: (أجمعوا أنْ لا حَدَّ ولا توقيتَ في أكثَرِه، فكذلك لا حَدَّ في أقَلِّه ولا توقيتَ). ((الاستذكار)) (5/ 413). وقال أيضًا: (أجمع العُلماءُ على أنْ لا توقيتَ ولا تحديدَ في أكثَرِ الصَّداقِ). ((التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد)) (21/ 117).
قال ابن رشد: (أمَّا قَدرُه فإنهم اتَّفَقوا على أنَّه ليس لأكثَرِه حَدٌّ). ((بداية المجتهد)) (3/ 45).
قال القرطبي: (أجمع العلماءُ على أنْ لا تحديدَ في أكثَرِ الصَّداقِ). ((تفسير القرطبي)) (5/ 101).
المَطلبُ الثَّاني: أقَلُّ الصَّداقِ
لا حَدَّ لأقَلِّ الصَّداقِ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ، والحَنابِلةِ، والظَّاهريَّةِ، وجماهيرِ العُلَماءِ مِن السَّلَف والخَلَف، وهو اختيارُ ابنِ المُنذِر، وابنِ عبدِ البَرِّ، وابنِ القَيِّمِ، وابنِ عثيمين، وأفتت به اللَّجنةُ الدَّائِمةُ.
قال ابن عبد البر: (قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «التَمِسْ ولو خاتَمًا من حديد» يدُلُّ على أنْ لا تحديدَ في مبلغِ الصَّداقِ، وقد أجمعوا أنْ لا حَدَّ ولا توقيتَ في أكثَرِه، فكذلك لا حَدَّ في أقَلِّه ولا توقيتَ). ((الاستذكار)) (5/ 412).
قال ابن عثيمين: (بعضُ العلماء يقول: لا يصِحُّ أن يكونَ أقَلَّ مِن عشرةِ دراهِمَ، والصوابُ أنَّه لا حَدَّ لأقَلِّه، حتى ولو كان دِرهمًا). ((الشرح الممتع)) (12/ 257).
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (ذِكرُ المَهرِ في النِّكاحِ ليس ركنًا مِن أركانه، فلو عُقِدَ على المرأةِ بدونِ ذِكرِ المهرِ صَحَّ العقد، ووجَبَ لها مَهرُ المثلِ، ولا حَدَّ لأقَلِّه، بل كلُّ ما جاز أن يكون ثمنًا جاز أن يكون مهرًا على الصحيح مِن أقوال العلماءِ). ((فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى)) (19/ 53).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
قَولُه تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]
وَجهُ الدَّلالةِ:
الإطلاقُ في قَولِه تعالى: صَدُقَاتِهِنَّ؛ فإنَّه يَشمَلُ ما قلَّ أو كثُرَ مِن الصَّداقِ [((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 204)]
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن سَهلِ بنِ سَعدٍ رضي الله عنه
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه: ((فالتَمِسْ ولو خاتَمًا مِن حَديدٍ)) دليلٌ على أنَّ الصَّداقَ لا حَدَّ له إذا تراضى الزَّوجانِ؛ لأنَّ خاتَمَ الحديدِ في نهايةٍ مِن القِلَّةِ [((شرح النووي على مسلم)) (9/ 213)].
ثالثًا: القياسُ على إجماعِهم على أنَّه لا حَدَّ لأكثَرِه، فكما أنَّه لا حَدَّ لأكثَرِه، فكذلك لا حَدَّ لأقَلِّه. [((الاستذكار)) لابن عبد البر (5/ 412)].
المَطلبُ الثَّالث: تَخفيفُ المَهرِ في النكاح
يُستَحَبُّ تخفيفُ المُهورِ، وتَركُ المغالاةِ فيها.
يُستَحَبُّ تخفيفُ المُهورِ، وتَركُ المغالاةِ فيها، نَصَّ عليه الجُمهورُ: المالِكيَّةُ، والشَّافِعيَّةُ، والحَنابِلةُ
الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:
1 – عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ مِن يُمنِ المرأةِ تَيسيرَ خِطبتِها، وتَيسيرَ صَداقِها، وتَيسيرَ رَحِمِها) [أخرجه أحمد (24478) واللفظُ له، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3612)، والحاكم (2739). ذكر ابنُ عَدِيٍّ في ((الكامل في الضعفاء)) (2/ 78) أنَّ فيه أسامةَ بنَ زيد الليثي وقال: أرجو أنَّه لا بأس به. وصحَّحه الحاكمُ على شرط مسلم، وقال أبو نُعَيم في ((حلية الأولياء)) (3/ 191): ثابتٌ من حديث صفوانَ وعُروةَ، تفرَّد به أسامةُ. وجَوَّد إسنادَه العراقيُّ في ((تخريج الإحياء)) (2/ 52)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (4/ 258): فيه أسامةُ بنُ زيدِ بن أسلم، وهو ضعيفٌ، وقد وُثِّقَ، وبقيَّةُ رجاله ثقاتٌ. وجَوَّد إسناده السخاوي في ((المقاصد الحسنة)) (244)، وصَحَّح الحديثَ الألباني في ((صحيح الجامع)) (2235)].
2 – عن عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لرجُلٍ: ((أترضى أن أزَوِّجَكَ فلانةَ؟ قال: نعم. وقال للمرأةِ: أترضَينَ أن أزوِّجَكِ فُلانًا؟ قالت: نعم. فزوَّج أحَدَهما صاحِبَه، ولم يَفرِضْ لها صَداقًا ولم يُعطِها شيئًا، وكان ممَّن شَهِد الحُدَيبيَةَ، وكان مَن شَهِدَ الحُدَيبيَةَ له سَهمٌ بخيبرَ، فلمَّا حضَرَته الوفاةُ قال: إنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زوَّجَني فلانةَ ولم أفرِضْ لها صَداقًا ولم أُعطِها شيئًا، وإنِّي أُشهِدُكم أنِّي أعطيتُها صَداقَها سَهمِي بخيبرَ، فأخَذَت سَهمًا فباعَته بمائةِ ألفٍ! قال: وقال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: خيرُ الصَّداقِ أيسَرُه)). [أخرجه من طرق: أبو داود (2117)، وابن حبان (4072)، والحاكم (2742) واللَّفظُ له. صحَّحه الحاكمُ على شرط الشيخين، وجَوَّد إسنادَه وقوَّاه ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/ 171)، وقال الشوكاني في ((السيل الجرار)) (2/ 262): رجالُه ثقاتٌ إلَّا عبد العزيز بن يحيى، وهو صدوقٌ يَهِمُ. وصحَّح الحديثَ الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2117)، وحَسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (953)، وصَحَّح إسناده شعيب الأرناؤوط في ((تخريج صحيح ابن حبان)) (4072)]
3 – عن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه قال: ((جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: إنِّي تزوَّجتُ امرأةً مِن الأنصارِ، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هل نظَرْتَ إليها؛ فإنَّ في عيونِ الأنصارِ شَيئًا؟ قال: قد نظرتُ إليها. قال: على كم تزوَّجْتَها؟ قال: على أربَعِ أواقٍ. فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: على أربعِ أواقٍ؟! كأنَّما تَنحِتونَ الفِضَّةَ مِن عُرضِ هذا الجبَلِ! ما عندنا ما نُعطيك، ولكِنْ عسى أن نبعَثَك في بَعثٍ تُصيبُ منه. قال: فبعَثَ بَعثًا إلى بني عَبسٍ بَعَث ذلك الرجُلَ فيهم)). [أخرجه مسلم (1424)].
وَجهُ الدَّلالةِ: الحديثُ فيه دَلالةٌ على كراهةِ إكثارِ المَهرِ بالنِّسبةِ إلى حالِ الزَّوجِ [((شرح النووي على مسلم)) (9/ 211).].
المَطلبُ الرَّابع: إذا اختَلَف الزَّوجانِ في قَدرِ الصَّداقِ بعدَ العَقدِ: إذا اختلف الزَّوجانِ في قَدْرِ الصَّداقِ بعد العَقدِ، فالقَولُ قَولُ الزَّوجِ بيَمينِه، وهو مذهَبُ الحنابلةِ، وقَولُ أبي يوسُفَ مِن الحَنَفيَّةِ، وهو قَولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، واختاره ابنُ عُثيمين، وهو مذهَبُ المالكيَّةِ إذا اختَلَفا بعد البِناءِ.
قال ابنُ قُدامة: (هذا قَولُ الشعبي، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وأبي ثور، وبه قال أبو يوسف، إلَّا أن يدَّعي مُستنكِرًا). ((المغني)) (7/ 233).
وقال ابن عثيمين: (إن اختلف الزَّوجان، أو ورَثَتُهما بعد موتهما، مثلُ أن يقول الزَّوجُ: أصدَقْتُكِ مائةً، فتقولُ الزوجةُ: بل مائتينِ، فالقول قولُ الزَّوجِ أو ورثَتُه؛ لأنَّهما اتَّفَقا على المائة واختلفا في الزائدِ، فمن ادَّعاه فعليه البيِّنةُ، ومن أنكره فعليه اليَمينُ). ((الشرح الممتع)) ((12/ 297).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن ابنِ أبي مُلَيكةَ، قال: كتب ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قضى باليَمينِ على المُدَّعى عليه)). [أخرجه البخاري (2668) واللفظ له، ومسلم (1711)].
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحديثُ يدُلُّ على أنَّ اليَمينَ تكونُ على المدَّعى عليه، والزَّوجُ معه الأصلُ، وهو براءةُ ذِمَّتِه من الزيادةِ في المهرِ التي تدَّعيها المرأةُ، فيُقبَلُ قَولُه بيَمينِه. [((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (12/ 296)].
ثانيًا: لأنَّ الزَّوجَ غارِمٌ؛ فالقَولُ قوَلُه في نَفيِ ما يستلزِمُ الغُرمَ إلَّا ببيِّنةٍ. [((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (12/ 296)].
ثالثًا: لأنَّ المرأةَ مُدَّعِيةٌ للزِّيادةِ، وهو يُنكِرُها. [((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/ 193)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/ 154)].
المَطلبُ الخَامس: تزويجُ الأبِ ابنَتَه بأقَلَّ مِن صَداقِ مِثلِها
يجوزُ تَزويجُ الأبِ ابنَتَه البِكرَ والثيِّبَ بأقَلَّ مِن مَهرِ مِثلِها، كبيرةً كانت أو صغيرةً، وهو مَذهَبُ الحنابِلةِ، واختيارُ ابنِ عثيمين، بشَرطِ مُراعاةِ مَصلحةِ البِنتِ.
“إذا كان فيه مراعاةٌ لمصلحةِ البنتِ، أما إذا كان مجرَّدَ هوًى فلا يجوزُ إلَّا برضاها، قال ابن عثيمين: (وقوله: «ولو ثيِّبًا» إشارةُ خلاف؛ لأنَّ بعض العلماء قال: إذا زوَّجَ ابنَتَه الثيِّبَ بأقَلَّ مِن مهر المِثلِ لم يصِحَّ؛ لأنَّ الثيِّبَ تَملِكُ نفسَها، ولا يمكِنُ أن يُجبِرَها أبوها، فإذا كان لا يُجبِرُها لم يجبِرْها على مَهرٍ دونَ مَهرِ مِثلِها، ولكِنَّ الصَّحيحَ أنَّه لا فرقَ، وأنَّه إذا زوَّجَ ابنَتَه بأقلَّ مِن مَهرِ المِثلِ فلا بأسَ، والتَّسميةُ صحيحةٌ؛ لِمراعاة مصلحة البنتِ، أمَّا مجرَّد هوى فإنَّ هذا لا يجوزُ إلَّا برضاها، سواءٌ كانت بِكرًا أم ثيِّبًا). ((الشرح الممتع)) (12/ 281) “.
الأدِلَّةُ: أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
عن أبي العَجفاءِ السُّلَميِّ قال: خطَبَنا عُمَرُ رَضِيَ الله عنه فقال: (ألَا لا تُغالوا بصُدُقِ النِّساءِ؛ فإنَّها لو كانت مَكرُمةً في الدُّنيا أو تقوى عندَ اللهِ، لكان أولاكم بها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ما أصدَقَ رَسولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلَّم امرأةً مِن نسائِه ولا أُصدِقَت امرأةٌ مِن بناتِه أكثَرَ مِن ثِنتَي عَشْرةَ أوقيَّةً) [أخرجه أبو داود (2106) واللفظ له، والترمذي (1114)، والنسائي (3349)، وابن ماجه (1887)، وأحمد (285). قال الترمذي: حسن صحيح. وكذا الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2106)، وصحَّح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (1/ 145)].
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ ذلك كان بمَحضَرٍ مِن الصَّحابةِ ولم يُنكِروه؛ فكان اتِّفاقًا منهم على أنَّ له أن يزوِّجَ بذلك، وإن كان دونَ صَداقِ المِثلِ. [((المغني)) لابن قدامة (7/ 49)].
ثانيًا: لأنَّه ليس المقصودُ مِن النِّكاحِ العِوَضَ، وإنما المقصودُ السَّكَنُ والازدواجُ، ووضْعُ المرأةِ في مَنصِبٍ عندَ مَن يكفيها ويَصونُها ويُحسِنُ عِشرَتَها؛ فهو يفارق سائر عقود المعاوضات. [((المغني)) لابن قدامة (7/ 49)].
ثالثًا: لأن الظَّاهِرَ مِن الأبِ مع تمامِ شَفَقتِه وبُلوغِ نظَرِه: أنَّه لا يَنقُصُها مِن صَداقِها إلَّا لِتَحصيلِ المعاني المقصودةِ بالنِّكاحِ؛ فلا ينبغي أن يُمنَعَ مِن تَحصيلِ المَقصودِ بتَفويتِ غَيرِه. [((المغني)) لابن قدامة (7/ 49)]. [الموسوعة الفقهية].
(المسألة الثالثة): فَسادُ الصَّداقِ وعُيوبُه
المَبحثُ الأوَّلُ: حُكمُ الصَّداقِ المَعيبِ
يُرَدُّ الصَّداقُ بالعَيبِ الكثيرِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ.
[قال ابنُ قدامة: (الصَّداقُ إذا كان مُعَيَّنًا فوجدت به عَيبًا، فلها ردُّه، كالمَبيع المَعيبِ، ولا نعلَمُ في هذا خلافًا إذا كان العَيبُ كَثيرًا). ((المغني)) (7/ 217)].
ثانيًا: لأنَّه كالبَيعِ يُرَدُّ بالعَيبِ الكَثيرِ. [((المغني)) لابن قدامة (7/ 217)].
المَبحثُ الثَّاني: حُكمُ النِّكاحِ إذا كان الصَّداقُ مَجهولًا أو مَعدومًا أو مَعجوزًا عن تسليمِه:
إذا فَسَد الصَّداقُ لجهالتِه أو عَدَمِه، أو العَجزِ عن تَسليمِه؛ فالنِّكاحُ ثابِتٌ ولا يُفسَخُ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236]
وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ الآيةَ دَلَّت على أنَّ التَّزويجَ مُضمَّنٌ بنَفسِه لا ببَدَلِه، وليس بمُفتَقرٍ في العَقدِ إلى الصَّداقِ [((التمهيد)) لابن عبد البر (14/ 73)].
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ.
قال ابن قدامة: (إذا فسد الصَّداقُ لجهالتِه أو عَدَمِه، أو العجزِ عن تسليمه؛ فإن النِّكاحَ ثابِتٌ. لا نعلَمُ فيه خِلافًا). ((المغني)) (7/ 223). [الموسوعة الفقهية].
(المسألة الرابعة):
وقد وردت أحاديث في أقلّ الصداق، لا يثبت منها شيء:
[منها]: عند ابن أبي شيبة من طريق أبي لبيبة، رفعه: «من استحلّ بدرهم في النكاح، فقد استحلّ».
[ومنها]: عند أبي داود عن جابر، رفعه: «من أعطى في صداق امرأة سويقًا، أو تمرًا، فقد استحلّ»، وعند الترمذيّ من حديث عامر بن ربيعة: «أن النبيّ ? أجاز نكاح امرأة على نعلين»، وأقوى شيء ورد في ذلك حديث جابر عند مسلم: «كنّا نستمتع بالقبْضة من التمر والدقيق على عهد رسول الله ? حتى نَهى عنه عمر»، قال البيهقيّ: إنما نهى عمر عن النكاح إلى أجل، لا عن قدر الصداق. وهو كما قال، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. [البحر المحيط الثجاج للإتيوبي رحمه الله].
(المسألة الخامسة): مذهب الجمهور على جواز النكاح بخاتم الحديد، وما هو نظير قيمته. قال ابن العربيّ من المالكيّة كما تقدّم: لا شكّ أن خاتم الحديد لا يساوي ربع دينار، وهذا لا جواب عنه لأحد، ولا عذر فيه. وانفصل بعض المالكيّة عن هذا الإيراد مع قوّته بأجوبة:
[منها]: أن قوله: «ولو خاتمًا من حديد» خرج مخرج المبالغة في طلب التيسير عليه، ولم يُرد عين الخاتم الحديد، ولا قدر قيمته حقيقةً؛ لأنه لما قال: لا أجد شيئًا عُرف أنه فَهم أن المراد بالشيء ما له قيمةٌ، فقيل له: ولو أقلّ ما له قيمةٌ كخاتم الحديد، ومثله: «تصدّقوا، ولو بظلف مُحْرَق، ولو بِفِرْسن شاة»، مع أن الظلف والفرسن لا يُنتفع بهما، ولا يُتصدّق بهما.
[ومنها]: احتمال أنه طلب منه ما يعجل نقده قبل الدخول، لا أن ذلك جميع الصداق. وهذا جواب ابن القصّار، وهذا يلزم منه الردّ عليهم حيث استحبّوا تقديم ربع دينار، أو قيمته قبل الدخول، لا أقلّ.
[ومنها]: دعوى اختصاص الرجل المذكور بهذا القدر، دون غيره، وهذا جواب الأبهريّ. وتُعُقّب بأن الخصوصية تحتاج إلى دليلٍ خاصّ.
[ومنها]: احتمال أن تكون قيمته إذ ذاك ثلاثة دراهم، أو ربع دينار، وقد وقع عند الحاكم، والطبرانيّ من طريق الثوريّ، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد: «أن النبيّ ? زوّج رجلًا بخاتم من حديد، فصّه فضّة». والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال صاحب أنيس الساري في تخريج حديث … زوّج رجلًا بخاتم من حديد، فصّه فضّة:
قال الهيثمي: وفيه عبد الله بن مصعب الزبيري وهو ضعيف» المجمع (4) / (281)
قلت: هو مختلف فيه، ضعفه ابن معين، ووثقه ابن حبان.
(المسألة السادسة): أنه استدلّ به على جواز جعل المنفعة صداقًا، ولو كان تعليم القرآن.
قال المازريّ: هذا ينبني على أن الباء للتعويض، كقولك: بعتك ثوبي بدينار، وهذا هو الظاهر، وإلا فلو كانت بمعنى اللام على معنى تكريمه؛ لكونه حاملًا للقرآن لصارت المرأة بمعنى الموهوبة، والموهوبة خاصّة بالنبيّ ?. انتهى.
وانفصل الأبهريّ، وقبله الطحاويّ، ومن تبعهما، كأبي محمد بن أبي زيد عن ذلك بأن هذا خاصّ بذلك الرجل؛ لكون النبيّ ? كان يجوز له نكاح الواهبة، فكذلك يجوز له أن يُنكحها لمن شاء بغير صداق، ونحوه للداوديّ، وقال: إنكاحها إياه بغير صداق لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وقوّاه بعضهم بأنه لما قال له: «ملّكتكها» لم يشاورها، ولا استأذنه.
وهذا ضعيف لأنها هي أوّلًا فوّضت أمرها إلى النبيّ ? كما تقدّم في رواية البخاريّ: «فَرَ رأيك»، وغير ذلك من ألفاظ الخبر التي ذكرنا، فلذلك لم يحتج إلى مراجعتها في تقدير المهر، وصارت كمن قالت لوليّها: زوّجني بما ترى من قليل الصداق وكثيره.
واحتُجّ لهذا القول بما أخرجه سعيد بن منصور من مرسل أبي النعمان الأزديّ، قال: «زوّج رسول الله ? امرأة على سورة من القرآن، وقال: لا تكون لأحد بعدك مهرًا»، وهذا مع إرساله فيه من لا يُعرف.
وأخرج أبو داود من طريق مكحول قال: ليس لأحد بعد النبيّ ?، وأخرج أبو عوانة من طريق الليث بن سعد نحوه.
وقال عياض: يَحْتَمِل قوله: «بما معك من القرآن» وجهين: أظهرهما أن يُعلّمها ما معه من القرآن، أو مقدارًا معيّنًا منه، ويكون ذلك صداقها، وقد جاء هذا التفسير عن مالك، ويؤيّده قوله في بعض طرقه الصحيحة: «فَعَلِّمها من القرآن»، كما تقدّم، وعُيِّنَ في حديث أبي هريرة مقدار ما يعلّمها، وهو عشرون آية.
ويحتمل أن تكون الباء بمعنى اللام، أي لأجل ما معك من القرآن، فأكرمه بأن زوّجه المرأة بلا مهر؛ لأجل كونه حافظًا للقرآن، أو لبعضه.
ونظيره قصّة أبي طلحة مع أمّ سُليم، وذلك فيما أخرجه النسائيّ، وصححه من طريق جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس – رضي الله عنه -، قال: خطب أبو طلحة أمّ سُليم، فقالت: والله ما مثلك يُردّ، ولكنّك كافر، وأنا مسلمة، ولا يحلّ لي أن أتزوّجك، فإن تُسلم فذاك مهري، ولا أسألك غيره، فأسلم، فكان ذلك مهرها».
وأخرج النسائيّ من طريق عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس، قال: «تزوّج أبو طلحة أم سُليم، فكان صداق ما بينهما الإسلام … » فذكر القصّة، وقال في آخره: «فكان ذلك صداق ما بينهما»، ترجم عليه النسائيّ – (63) / (3341) -: «التزويج على الإسلام»، ثم ترجم على حديث سهل – (62) / (3340) -: «التزويج على سورة من القرآن»، فكأنه مال إلى ترجيج الاحتمال الثاني. ويؤيّد أن الباء للتعويض، لا للسببية ما أخرجه ابن أبي شيبة، والترمذيّ من حديث أنس: «أن النبيّ ? سأل رجلًا من أصحابه: يا فلان هل تزوّجت؟ قال: لا، وليس عندي ما أتزوّج به، قال: أليس معك {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} … » الحديث.
واستدلّ الطحاويّ للقول الثاني من طريق النظر بأن النكاح إذا وقع على مجهول كان كما لم يُسمّ، فيحتاج إلى الرجوع إلى المعلوم، قال: والأصل المجمع عليه لو أن رجلًا استأجر رجلًا على أن يُعلّمه سورة من القرآن بدرهم لم يصحّ؛ لأن الإجارة لا تصحّ إلا على عمل معيّن، كغسل الثوب، أو وقت معيّن، والتعليم قد لا يُعلم مقدار وقته، فقد يتعلّم في زمان يسير، وقد يحتاج إلى زمان طويل، ولهذا لو باعه داره على أن يُعلّمه سورة من القرآن لم يصحّ، قال: فإذا كان التعليم لا تملك به الأعيان، لا تملك به المنافع.
والجواب عما ذكره أن المشروط تعليمه معيّنٌ كما تقدّم في بعض طرقه، وأما الاحتجاج بالجهل بمدّة التعليم، فيَحْتَمِل أن يقال: اغتُفر ذلك في باب الزوجين لأن الأصل استمرار عشرتهما، ولأن مقدار تعليم عشرين آيةً لا تختلف فيه أفهام النساء غالبًا، خصوصًا مع كونها عربيّةً، من أهل لسان الذي يتزوّجها كما تقدّم.
وانفصل بعضهم بأنه زوّجها إياه لأجل ما معه من القرآن الذي حفظه، وسكت عن المهر، فيكون ثابتًا لها في ذمّته إذا أيسر كنكاح التفويض، وإن ثبت حديث ابن عباس المتقدّم حيث قال فيه: «فإذا رزقك الله فعوّضها» كان فيه تقوية لهذا القول، لكنه غير ثابت.
وقال بعضهم: يَحْتَمِل أن يكون زوّجه لأجل ما حفظه من القرآن، وأصدق عنه كما كفّر عن الذي وقع على امرأته في رمضان، ويكون ذكر القرآن، وتعليمه على سبيل التحريض على تعلّم القرآن، وتعليمه، وتنويهًا بفضل أهله. قالوا: ومما يدلّ على أنه لم يجعل التعليم صداقًا أنه لم يقع معرفة الزوج بفهم المرأة، وهل فيها قابليّة التعليم بسرعة، أو ببطء، ونحو ذلك مما تتفاوت فيه الأغراض.
والجواب عن ذلك قد تقدّم في بحث الطحاويّ.
ويؤيّد قول الجمهور قولُهُ ? أوّلًا: «هل معك شيء تُصدقها؟»، ولو قصد استكشاف فضله لسأله عن نسبه، وطريقته، ونحو ذلك.
[فإن قيل]: كيف يصحّ جعل تعليمها القرآن مهرًا، وقد لا تتعلّم؟
[أجيب] كما يصحّ جعل تعليمها الكتابة مهرًا، وقد لا تتعلّم، وإنما وقع الاختلاف عند من أجاز جعل المنفعة مهرًا، هل يُشترط أن يعلم حذق المتعلّم، أو لا؟ والله تعالى أعلم.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر من الأدلة أن ما ذهب إليه الجمهور من جعل تعليم القرآن مهرًا هو الحقّ؛ لظاهر حديث الباب، وما ذكره المانعون من التأويلات المتقدمة للحديث، فكلها واهية، فلا يُلتفت إليها، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): أنه يجوز كون الأجرة صداقًا، ولو كانت المصدوقة المستأجِرة، فتقوم المنفعة من الإجارة مقام الصداق، وهو قول الشافعيّ، وإسحاق، والحسن بن صالح. وعند المالكيّة فيه خلاف، ومنعه الحنفيّة في الحرّ، وأجازوه في العبد إلا في الإجارة في تعليم القرآن، فمنعوه مطلقًا، بناءً على أصلهم في أن أخذ الأجرة على تعليم القرآن لا يجوز.
وقد نقل عياضٌ جواز الاستئجار لتعليم القرآن عن العلماء كافّةً إلا الحنفيّة. وقال ابن العربيّ: من العلماء من قال: زوّجه على أن يعلّمها من القرآن، فكانت إجارةً، وهذا كرهه مالكٌ، ومنعه أبو حنيفة، وقال ابن القاسم: يُفسخ قبل الدخول، ويُثبَتُ بعده، قال: والصحيح جوازه بالتعليم، وقد روى يحيى بن مضر عن مالك في هذه القصّة أن ذلك أجرة على تعليمها، وبذلك جاز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وبالوجهين قال الشافعيّ، وإسحاق، وإذا جاز أن يؤخذ عنه العوض جاز أن يكون عوضًا، وقد أجازه مالك من إحدى الجهتين، فيلزم أن يُجيزه من الجهة الأخرى.
وقال القرطبيّ: قوله: «عَلِّمْها» نصّ في الأمر بالتعليم، والسياق يشهد بأن ذلك لأجل النكاح، فلا يُلتفتُ لقول من قال: إن ذلك كان إكرامًا للرجل، فإن الحديث يصرّح بخلافه، وقولهم: إن الباء بمعنى اللام ليس بصحيح لغةً، ولا مساقًا. انتهى.
قال الإتيوبي عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن مما ذُكِرّ أنّ ما ذهب إليه الشافعيّ ومن تبعه من جواز كون الأجرة صداقًا، هو الأرجح، لظهور دليله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثامنة): أنه استُدِلَّ به على أن من قال: زوّجني فلانة، فقال: زوجتكها بكذا كفى، ولا يحتاج إلى قول الزوج: قبلت، قاله أبو بكر الرازيّ من الحنفيّة، وذكره الرافعيّ من الشافعيّة.
وقد استُشكل من جهة طول الفصل بين الاستيجاب والإيجاب، وفراق الرجل المجلس لالتماس ما يُصدقها إياه.
وأجاب المهلّب بأن بساط القصّة أغنى عن ذلك، وكذا كلّ راغب في التزويج إذا استوجب، فأُجيب بشيء معيّن، وسكت كفى، إذا ظهر قرينة القبول، وإلا فيُشترط معرفة رضاه بالقدر المذكور، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. [البحر المحيط الثجاج].
(المسألة التاسعة): فوائد الباب:
(1) – (منها): أن النكاح لا بدّ فيه من الصداق؛ لقوله ?: «هل عندك من شيء تُصْدِقها؟»، وقد أجمعوا على أنه لا يجوز لأحد أن يطأ فرجًا وُهِب له، دون الرقبة بغير صداق.
(2) – (ومنها): أن الأولى أن يُذْكَر الصداق في العقد؛ لأنه أقطع للنزاع، وأنفع للمرأة، فلو عُقد بغير ذكر صداق صحّ، ووجب لها مهر المثل بالدخول على الصحيح، وقيل: بالعقد، ووجه كونه أنفع لها أنه يثبت لها نصف المسمّى أن لو طُلّقت قبل الدخول.
(3) – (ومنها): استحباب تعجيل تسليم المهر.
(4) – (ومنها): أنه استُدِلّ به على جواز اتخاذ الخاتم من الحديد.
(5) – (ومنها): ما قيل: إنه يدلّ على وجوب تعجيل الصداق قبل الدخول؛ إذ لو ساغ تأخيره لسأله هل يقدر على تحصيل ما يُمهرها بعد أن يدخل عليها، ويتقرّر ذلك في ذمّته. ويمكن الانفصال عن ذلك بأنه ? أشار بالأولى، والحامل على هذا التأويل ثبوت جواز نكاح المفوّضة، وثبوت جواز النكاح على مسمّى في الذّمّة، والله تعالى أعلم.
(6) – (ومنها): أن إصداق ما يُتموّل يُخرجه عن يد مالكه، حتى إن من أصدق جارية مثلًا حَرُم عليه وطؤها، وكذا استخدامها بغير إذن من أصدقها، وأن صحّة المبيع تتوقّف على صحّة تسليمه، فلا يصحّ ما تعذّر إما حسًّا، كالطير في الهواء، وإما شرعًا كالمرهون، وكذا الذي لو زال إزاره لانكشفت عورته، كذا قال عياض، قال الحافظ: وفيه نظر.
(7) – (منها): بيان ما أكرم الله – عز وجل – نبيّه ? حيث أباح له أن يتزوّج ما شاء من النساء، ومن ذلك أن تهب له المرأة نفسها، فيقبلها، كما قال الله تعالى: {وامْرَأةً مُؤْمِنَةً إنْ وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إنْ أرادَ النَّبِيُّ أنْ يَسْتَنْكِحَها} الآية [الأحزاب (50)]، وعلى هذا بوّب النسائيّ، وأورد الحديث فيه.
(8) – (ومنها): أن الهبة في النكاح خاصّه بالنبيّ ?؛ لقول الرجل: «زوّجنيها»، ولم يقل: هبها لي، ولقولها هي: «وهبت نفسي لك»، وسكت النبيّ ? على ذلك، فدلّ على جوازه له خاصّةً، مع قوله تعالى: {خالِصَةً لَكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ} [الأحزاب (50)].
(9) – (ومنها): جواز انعقاد نكاحه ? بلفظ الهبة، دون غيره من الأمّة، وهو أحد الوجهين للشافعيّة، والآخر: لا بدّ من لفظ النكاح، أو التزويج.
(10) – (ومنها): أن الهبة لا تتمّ إلا بالقبول؛ لأنها لما قالت: «وهبت نفسي لك»، ولم يقل: قبِلتُ لم يتمّ مقصودها، ولو قبلها لصارت زوجًا له، ولذلك لم يُنكر على القائل: «زوّجنيها».
(11) – (ومنها): جواز الحلف بغير استحلاف للتأكيد، لكنه يُكره لغير ضرورة.
(12) – (ومنها): أن من رَغِب في تزويج من هو أعلى منه قدرًا لا لوم عليه؛ لأنه بصدد أن يجاب، إلا إن كان مما تقطع العادة بردّه، كالسوقيّ يخطب من السلطان بنته، أو أخته، وأن من رغبت في تزويج من هو أعلى منها لا عار عليها أصلًا، ولا سيّما إن كان هناك غرض صحيحٌ، أو قصد صالح، إما لفضل دينيّ في المخطوب، أو لِهَوًى فيه يخشى من السكوت عنه الوقوع في محذور.
(13) – (ومنها): أنه استدلّ به على صحة قول من جعل عتق الأمة عوضًا عن بضعها، كذا ذكره الخطابيّ، ولفظه: أن من أعتق أمة، كان له أن يتزوّجها، ويجعل عتقها عوضًا عن بضعها، قال الحافظ: وفي أخذه من هذا الحديث بُعد.
(14) – (ومنها): أن سكوت من عُقد عليها، وهي ساكتة لازم إذا لم يَمنع من كلامها خوفٌ، أو حياء، أو غيرها.
(15) – (ومنها): أنه لا يشترط في صحة العقد تقدّم الخُطبة، إذ لم يقع في شيء من طرق هذا الحديث وقوع حمد، ولا تشهّد، ولا غيرهما من أركان الخطبة، وخالف في ذلك الظاهريّة، فجعلوها واجبةً، ووافقهم من الشافعيّة أبو عوانة، فترجم في «صحيحه»: «باب وجوب الخطبة عند العقد».
(16) – (ومنها): أن الكفاءة في الحرّيّة، وفي الدِّين، وفي النسب، لا في المال؛ لأن الرجل لا شيء له، وقد رضيت به، كذا قال ابن بطّال. قال الحافظ: وما أدري من أين له أن المرأة كانت ذات مال. انتهى.
قال الإتيوبي عفا الله تعالى عنه: الصحيح أنه لا يشترط اعتبار النسب في الكفاءة، وإنما المعتبر هو الدِّين، وقد استوفيت تحقيقه في غير هذا المحلّ.
(17) – (ومنها): أن طالب الحاجة لا ينبغي له أن يُلحّ في طلبها، بل يطلبها برفق، وتأنّ، ويدخل في ذلك طالب الدنيا والدين، من مستفتٍ، وسائلٍ، وباحثٍ عن علم.
(18) – (ومنها): أن الفقير يجوز له أن يتزوّج مَن علمت بحاله، ورضيت به، إذا كان واجدًا للمهر، وكان عاجزًا عن غيره من الحقوق؛ لأن المراجعة وقعت في وجدان المهر وفقده، لا في قدر زائد. قاله الباجيّ.
وتُعُقّب باحتمال أن يكون النبيّ ? اطَّلَع من حال الرجل على أنه يقدر على اكتساب قوته، وقوت امرأته، ولا سيما مع ما كان عليه أهل ذلك العصر من قلّة الشيء، والقناعة باليسير، هكذا ذكر في «الفتح».
قال الإتيوبي عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما قاله الباجيّ هو ظاهر الحديث، فلا وجه للتعقّب، والله تعالى أعلم.
(19) – (ومنها): ما قيل: إنه يدلّ على صحّة النكاح بغير شهود.
ورُدّ بأن ذلك وقع بحضرة جماعة من الصحابة، كما تقدم في أول الحديث، وقال ابن حبيب: هو منسوخ بحديث: «لا نكاح إلا بوليّ، وشاهدي عدل»، وتُعُقّب.
(20) – (ومنها): ما قيل: إنه يدلّ على صحة النكاح بلا وليّ.
وتُعقّب باحتمال أنه لم يكن لها وليّ خاصّ، والإمام وليّ من لا وليّ له.
(21) – (ومنها): نظر الإمام في مصالح رعيته، وإرشادهم إلى ما يُصلحهم.
(22) – (ومنها): جواز انتفاع الرجل بما أمهرها به، وبما يشتريه بصداقها؛ لقوله: «إن لبستَهُ» مع أن النصف لها، ولم يمنعه مع ذلك من الاستمتاع بنصفه الذي وجب لها، بل جوّز له لبسه كله، وإنما وقع المنع؛ لكونه لم يكن له ثوب آخر. قاله أبو محمد بن أبي زيد.
وتعقّبه عياضٌ وغيره بأن السياق يرشد إلى أن المراد تعذّر الاكتفاء بنصف الإزار، لا في إباحة لبسه كلّه، وما المانع أن يكون المراد أن كلًّا منهما يلبسه مهايأةً؛ لثبوت حقّه فيه، لكن لمّا لم يكن للرجل ما يستتر به إذا جاءت نوبتها في لبسه قال له: «إن لبسَتْهُ جلستَ، ولا إزار لك».
(23) – (ومنها): مشروعية خِطبة المرء لنفسه.
(24) – (ومنها): أنه لا يجب إعفاف المسلم بالنكاح، كوجوب إطعامه الطعامَ، والشراب.
(25) – (ومنها): جواز نكاح المرأة دون أن تُسأل هل لها وليّ خاصّ، أو لا؟ ودون أن تُسأل هل هي في عصمة رجل، أو في عدّته؟ قال الخطابيّ: ذهب إلى ذلك جماعة؛ حملًا على ظاهر الحال، ولكن الحكّام يحتاطون في ذلك، ويسألونها.
قال الحافظ: وفي أخذ هذا من هذه القصّة نظر؛ لاحتمال أن يكون النبيّ ? اطَّلَع على جليّة أمرها، أو أخبره بذلك من حضر مجلسه ممن يعرفها، ومع هذا الاحتمال لا ينتهض الاستدلال به، وقد نصّ الشافعيّ على أنه ليس للحاكم أن يزوّج امرأةً حتى يَشهد عدلان أنها ليس لها وليّ خاصّ، ولا أنها في عصمة رجل، ولا في عدّته، لكن اختلف أصحابه: هل هذا على سبيل الاشتراط، أو الاحتياط؟ والثاني المصحَّح عندهم، قاله في «الفتح»، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. [البحر المحيط الثجاج].