1217 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة: طارق أبي تيسير، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ومحمد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل الوادعي في الصحيح المسند (ج2/ رقم 1217):
مسند أبي حازم رضي الله عنه
قال أبو داود رحمه الله (ج (13) ص (171)): حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيى، عَنْ إسْماعِيلَ، قالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنْ أبِيهِ، أنَّهُ جاءَ ورَسُولُ اللَّهِ ? يَخْطُبُ، فَقامَ فِي الشَّمْسِ، «فَأمَرَ بِهِ فَحُوِّلَ إلى الظِّلِّ»
هذا حديث صحيحٌ على شرط الشَّيخين. وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني البخاري ومسلمًا أن يخرجاها.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
أورد الحديث الإمام أبو داود رحمه الله في السنن، (40) – كِتاب: الأدَبِ، بابٌ: فِي الجُلُوسِ بَيْنَ الظِّلِّ والشَّمْسِ، ((4822)).
وهو صحيح، الصحيحة ((835)).
وقال الأرنؤوط في تحقيق السنن: “إسناده صحيح. (يحيى): هو ابن سعيد القطان. و (إسماعيل): هو ابن أبي خالد، وقيس: هو ابن أبي حازم.
وهو عند البيهقي في «السنن» (3) / (218) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد، ((1174)) عن مسدد، به.
وأخرجه أحمد في «مسنده» ((15515))، وابن حبان في «صحيحه» ((2800)) من طريق يحيى بن سعيد، به.
وأخرجه الطيالسي ((1298))، وابن أبي شيبة (8) / (94)، وأحمد في «مسنده» ((15516)) و ((15517)) و ((15518)) و ((18305))، وابن خزيمة في «صحيحه»، ((1453))، والطبراني في «الكبير» ((7281))، والدولابى في «الأسماء والكنى» ((1650))، والحاكم (4) / (271) و (272)، والبيهقي في السنن” (3) / (218) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به”. انتهى.
والوادعي رحمه الله جعله في الجامع:
32 – كتاب الأدب، (59) – لا يجلس في الشمس التي تضر، ((3582)).
وفي المسند: حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ سَعِيدٍ، قالَ: حَدَّثَنا إسْماعِيلُ، قالَ: حَدَّثَنا قَيْسٌ، عَنْ أبِيهِ، قالَ: «جاءَ ورَسُولُ اللهِ ? يَخْطُبُ فَقامَ فِي الشَّمْسِ فَأمَرَ بِهِ فَحُوِّلَ إلى الظِّلِّ» ((15515))،
قال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسماعيل: هو ابن أبي خالد البجلي، وقيس: هو ابن أبي حازم.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» ((1174))، وأبو داود ((4822))، وابن حبان ((2800)) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة (8) / (94) من طريقين عن إسماعيل، به.
وقد تحرف في المطبوع منه إسماعيل، عن قيس، إلى إسماعيل بن قيس.
وأخرجه الحاكم (4) / (271) عن أبي بكر بن أبي دارم، عن أحمد بن موسى ابن إسحاق التميمي، عن منجاب بن الحارث، عن على بن مسهر، عن إسماعيل ابن أبي خالد، به. وفيه: فقال: «تحوِّل إلى الظل فإنه مبارك» بزيادة: لفظة «إنه مبارك».
وأخرجه نحوه كذلك الحاكم (4) / (272) من طريق إبراهيم بن مرزوق البصري، عن أبي داود- وهو الطيالسي- عن شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم رضي الله عنه، قال: رأى النبي ? أبي وهو قاعد في الشمس، فقال: «تحول إلى الظل، فإنه مبارك»، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، وإن أرسله شعبة، فإن منجاب بن الحارث وعلي بن مسهر ثقتان، وسكت عنه الذهبي.
قلنا: وبهذا اللفظ لا يصح، فان أبا بكر بن أبي دارم، قال الحاكم فيه: هو رافضي غير ثقة، وقال الذهبي في «السير» (15) / (577): ليس بثقة في النقل، وقال أيضًا: شيخ ضال معثر.
وإبراهيم بن مرزوق البصري، قال الدارقطني: ثقة إلا أنه يخطئ، فيقال له، فلا يرجع. قلنا: وقد أخطأ في هذا الحديث، فقد رواه الطيالسي في «مسنده» ((1298)) عن شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: كان رسول الله ? يخطب، فرأى أبي في الشمس، فأمره، أو أومى إليه أن أدن إلى الظل. وسيأتي من طريق شعبة كذلك برقم ((15517))،
وليس فيه: «إنه مبارك». وسيأتي بالأرقام ((15516)) و ((15517)) و ((15518)) و (5) / (262). انتهى.
وورد من حديث بريدة كما في الصحيح المسند:
155 – قال الإمام أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله (ج 8 ص 486): حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الحُبَابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو الْمُنِيبِ الْعَتَكِيُّ، قَالَ: حدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ: عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْنِ، وَعَنْ مَجْلِسَيْنِ، أَمَّا اللِّبْسَتَانِ: فَتُصَلِّي فِي السَّرَاوِيلِ لَيْسَ عَلَيْك شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَالرَّجُلُ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَا يَتَوَشَّحُ بِهِ، وَالْمَجْلسُ: أَنْ يَحْتَبِيَ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَيُبْصَرَ عَوْرَتُهُ، وَيَجْلِسُ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ.
هذا حديث حسنٌ.
وراجع شرحنا على الصحيح المسند برقم (155)
الأول: شرح الحديث:
“ما تَرَك النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم خيرًا إلَّا علَّمه أُمَّتَه، ولا شرًّا إلَّا حذَّرَها منه، حتَّى في أدقِّ الأشياءِ”. [الدرر السنية]
قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: “باب في الجلوس بين الظل والشمس”. ثم أورد في الباب حديثين.
قال السفاريني رحمه الله في (غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب): “مَطْلَبٌ: يُكْرَهُ الجُلُوسُ بَيْنَ الظِّلِّ والشَّمْسِ
ويُكْرَهُ بَيْنَ الظِّلِّ والحَرِّ جِلْسَةٌ … ونَوْمٌ عَلى وجْهِ الفَتى المُتَمَدِّدِ
(ويُكْرَهُ) تَنْزِيهًا (بَيْنَ الظِّلِّ) (والحر)
قالَ فِي الآدابِ الكُبْرى: يُكْرَهُ. الجُلُوسُ بَيْنَ الشَّمْسِ والظِّلِّ.
قِيلَ لِلْإمامِ أحْمَدَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – يُكْرَهُ الجُلُوسُ بَيْنَ الشَّمْسِ والظِّلِّ؟ قالَ: هَذا مَكْرُوهٌ ألَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ ذا. وقالَ إسْحاقُ بْنُ راهْوَيْهِ: صَحَّ النَّهْيُ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ ? فَأخْرَجَ الإمامُ عَنْ أبِي عِياضٍ عَنْ رَجُلٍ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ? أنَّ «النَّبِيَّ ? نَهى أنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ بَيْنَ الضَّحِّ والظِّلِّ وقالَ مَجْلِسُ الشَّيْطانِ» وإسْنادُهُ جَيِّدٌ، ورَواهُ البَزّارُ بِنَحْوِهِ مِن حَدِيثِ جابِرٍ وابْنُ ماجَهْ بِالنَّهْيِ وحْدَهُ مِن حَدِيثِ بُرَيْدَةَ.
قالَ الحافِظُ المُنْذِرِيُّ: (الضَّحُّ) – بِفَتْحِ الضّادِ المُعْجَمَةِ وبِالحاءِ المُهْمَلَةِ – وهُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ إذا اسْتَمْكَنَ مِن الأرْضِ، وقالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ: هُوَ لَوْنُ الشَّمْسِ.
وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ? قالَ: «إذا كانَ أحَدُكُمْ فِي الفَيْءِ»، وفِي رِوايَةٍ «فِي الشَّمْسِ، فَقَلَصَ عَنْهُ الظِّلُّ فَصارَ بَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ وبَعْضُهُ فِي الظِّلِّ فَلْيَقُمْ» رَواهُ أبُو داوُد، وتابِعِيُّهُ مَجْهُولٌ. ورَواهُ الحاكِمُ وقالَ صَحِيحُ الإسْنادِ ولَفْظُهُ: «نَهى رَسُولُ اللَّهِ ? أنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ بَيْنَ الظِّلِّ والشَّمْسِ».”. انتهى.
قال الشيخ عبد المحسن العباد في (شرح السنن): ” أي: أنه لا ينبغي ولا يصلح أن يجلس الإنسان في ذلك المجلس لا ابتداءً ولا إذا كان عارضًا.
و (ابتداء) أي: لا يأتي ويتعمد أن يجلس بين الشمس والظل،
وإنما يكون كله في الشمس أو كله في الظل، وذلك أن الجسد عندما يكون على هيئة واحدة إما حرارة أو برودة، فإنه يكون متوازنًا،
وأما إذا كان بعضه في الظل وبعضه في الشمس فإنه يتأثر بعضه فيحصل له برودة، وبعضه يحصل له حرارة، وهذا مضر، فالرسول ? أرشد إلى عدم فعل ذلك، وقد جاء أن الجلوس بين الشمس والظل هي جلسة الشيطان “. انتهى.
وقال ابن مفلح رحمه الله في (الآداب الشرعية والمنح المرعية): ” وبِإسْنادِهِ عَنْ عُمَرَ قالَ «اسْتَقْبِلُوا الشَّمْسَ بِجِباهِكُمْ فَإنَّها حَمّامُ العَرَبِ» …
وذكر أحاديث النهي عن الجلوس ين الشمس والظل وقال:
وفِي هَذِهِ الأخْبارِ اخْتِيارُ الظِّلِّ، والفَيْءِ فَلا يُكْثِرُ الجُلُوسَ فِي الشَّمْسِ ولا يَنامُ فِيها كَما قِيلَ يُثِيرُ الدّاءَ الدَّفِينَ ولا بَيْنَهُما، ويُحْمَلُ المَرْوِيُّ عَنْ عُمَرَ عَلى الحاجَةِ لِدَفْعِ بَرْدٍ أوْ غَيْرِهِ قالَ جالِينُوسُ مَن أكْثَرَ مِن شُرْبِ الخَمْرِ أوْ السَّهَرِ أوْ التَّعَرُّضِ لِلشَّمْسِ الحارَّةِ وقَعَ فِي البِرْسامِ سَرِيعًا، والبِرْسامُ ورَمٌ حارٌّ فِي الدِّماغِ”. انتهى.
وأما الحديث الأول:
[حدثنا ابن السرح ومخلد بن خالد قالا: حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر قال: حدثني من سمع أبا هريرة يقول: قال أبو القاسم ?: (إذا كان أحدكم في الشمس -وقال مخلد في الفيء – فقلص عنه الظل وصار بعضه في الشمس وبعضه في الظل فليقم)].
قال الشيخ عبد المحسن العباد في (شرح السنن): ” وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ….
وقد جاء ما يشبه ذلك من حيث إنه لا بد من فعل أحد الأمرين، وألا يكون الإنسان بينهما، فقد جاء النهي عن أن يمشي الإنسان بالنعل الواحدة، وأن الإنسان إذا انقطع شسعه فإنه لا يمشي بالنعل الثانية حتى يصلحه، بل يخلع النعل الأخرى، وذلك حتى لا يختلف التوازن، فتكون رجل لها وقاية ورجل ليس لها وقاية.
ويشبه ذلك أيضًا ما يتعلق بالقزع الذي هو حلق بعض الرأس وترك بعضه، فقد أمر النبي ? بحلقه كله أو تركه كله.
والنهي عن الجلوس بين الظل والشمس على التحريم؛ لإخباره ? أنها قعدة الشيطان، وقد أرشد النبي ? إلى القيام.”. انتهى.
والحديث الثاني:
“قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [(4822)] (حدثنا مسدد، ثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن إسماعيل) بن أبي خالد الأحمسي، مولاهم الكوفي (حدثني قيس) من كبار التابعين مخضرم، ويقال: له رؤية. (عن أبيه) أبي حازم الأحمسي، كوفي، اختلف في اسمه، فقيل: عوف بن الحارث. وقيل: عبد عوف بن الحارث. وقيل: حصن بن عوف.
(أنه جاء ورسول اللَّه ? يخطب، فقام في الشمس، فأمر به فحول إلى الظل) رواه في «الاستيعاب» بلفظ: رأيت رسول اللَّه ? يخطب، فقمت في الشمس، فأومأ بيده إلى الظل [«الاستيعاب» (4) / (192)].
[فوائد الحديث:].
وفيه: دلالة على كلام الخطيب في أثناء الخطبة، لكن رواية «الاستيعاب»: أومأ. تدل على أنه لم يتكلم، بل أشار، فليحمل على … [وبعدها فيهما بياض بمقدار كلمة] من شرح سنن أبي داود لابن رسلان رحمه الله.
وفيه: أن “وورودُ هذا الحكم يدلُّ على كمال الشَّريعة؛ إذ جاءت بالإرشاد إلى كلِّ الأسباب النَّافعة، والنَّهي عن كلِّ الأسباب الضَّارة، فعلى المسلم أن يلزمَ العمل بهذه الشَّريعة، بِمَا جاءت به مِن الأحكام في جميع الأحوال، فالخيرُ كلُّه في ذلك والشَّرُّ في المخالفة”.
وقال الشيخ عبد المحسن العباد في (شرح السنن): ”
أورد أبو داود حديث أبي حازم والد قيس بن أبي حازم رضي الله تعالى عنه: (أنه جاء والنبي ? يخطب، فجلس في الشمس، فأمر النبي ? بتحويله إلى الظل) وهذا ليس فيه جلوس بين الظل والشمس؛ لأنه قال: في الشمس، وأنه أمر بتحويله إلى الظل، ولعل ذلك بسبب أن الشمس فيها حرارة وفيها مضرة عليه، فأمر أن يتحول إلى الظل، فليس هناك ارتباط واضح بين الترجمة.”. انتهى.
وجاء في (بذل المجهود): “وهذا الحديث لا مناسبة له على الظاهر بالباب إلّا أن يقال: إن رسول الله ? حوّله إلى الظل، لأنه بعد ساعة يكون بين الشمس والظل، فلأجل ذلك حول إلى الظل”. انتهى.
وجاء في (الآداب للبيهقي) في “بابُ ما يُكْرَهُ مِنَ الجُلُوسِ”: ” (257) – أمّا الحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَمَّنْ سَمِعَ أبا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ?: ((إذا كانَ أحَدُكُمْ فِي الفَيْءِ فَقَلَصَ عَنْهُ الظِّلُّ فَصارَ بَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ وبَعْضُهُ فِي الظِّلِّ فَلْيَقُمْ)).
والَّذِي رُوِيَ عَنْ بُرَيْدَةَ مَرْفُوعًا فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ محْصُولٌ عَلى إرادَةِ الجَبْرِيَّةِ حَتّى لا يَتَأذّى بِحَرارَةِ الشَّمْسِ وهُوَ كَحَدِيثِ قَيْسِ بْنِ أبِي حازِمٍ، عَنْ أبِيهِ أنَّهُ جاءَ والنَّبِيُّ ? يَخْطُبُ فَقامَ فِي الشَّمْسِ فَأمَرَ بِهِ فَحُوِّلَ إلى الظِّلِّ.
ورُوِيَ عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ أنَّهُ حَمَلَهُ عَلى مَن قَلَصَ عَنْهُ دُونَ مَن جَلَسَ كَذَلِكَ ابْتِداءً”. انتهى.
الثاني: مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى):
-، عَنْ قَيْسٍ وهُوَ ابْنُ أبِي حازِمٍ، عَنْ أبِيهِ قالَ: «رَأَىنِي النَّبِيُّ ? وهُوَ يَخْطُبُ، فَأمَرَنِي فَحَوَّلْتُ إلى الظِّلِّ» وفِي خَبَرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ: أنَّ النَّبِيَّ ? قالَ وهُوَ يَخْطُبُ لِمَن أخَّرَ المَجِيءَ: «اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ وآنَيْتَ» وفِي خَبَرِ أبِي سَعِيدٍ: فَإنْ كانَ لَهُ حاجَةٌ بِبَعْثٍ أوْ غَيْرِ ذَلِكَ ذَكَرَهُ لِلنّاسِ، وإنْ كانَتْ لَهُ حاجَةٌ أمَرَهُمْ بِها، وكانَ يَقُولُ: «تَصَدَّقُوا» وفِي خَبَرِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنْ عِياضٍ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ، فِي الخُطْبَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ: فَقالَ النَّبِيُّ ? لِلدّاخِلِ: «هَلْ صَلَّيْتَ؟» قالَ: لا. قالَ: «قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»، ثُمَّ قالَ لِلنّاسِ: «تَصَدَّقُوا» وفِي أخْبارِ جابِرٍ فِي قِصَّةِ سُلَيْكٍ قالَ النَّبِيُّ ?: «أصَلَّيْتَ؟» قالَ: لا قالَ: «قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»، ثُمَّ قالَ ?: «إذا جاءَ أحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ والإمامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» فَفِي هَذِهِ الأخْبارِ كُلِّها دِلالَةٌ عَلى أنَّ الخُطْبَةَ لَيْسَتْ بِصَلاةٍ، وأنَّ لِلْخاطِبِ أنْ يَتَكَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ بِالأمْرِ والنَّهْيِ، وما يَنُوبُ المُسْلِمِينَ، ويُعَلِّمُهُمْ مِن أمْرِ دِينِهِمْ «، (خز) (1453) قال الأعظمي: إسناده صحيح
وجاء في (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد):
الباب الخامس عشر في سيرته? في الجلوس في الشمس
روى أبو نعيم في الطب عن أبي بردة عن أبيه، أن النبي? «نهى أن يجلس الرجل بين الظّلّ والشّمس».
وروى أن مدرك بن عجرة ذكر أن رسول الله? رأى رجلا نائما في الشمس فقال: «قم فإنها تغيّر اللّون، وتبلي الثّوب».
وروى الحاكم عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله?: «إيّاكم والجلوس في الشّمس، فإنّها تبلي الثوب، وتنتت الرّيح، وتظهر الدّاء الدّفين» [أخرجه الحاكم في المستدرك (4) / (411)، وذكره المتقي الهندي في كنز العمال ((25400))].
وروى أبو داود عن قيس عن أبيه إنه جاء رسول الله? يخطب، فقام في الشّمس، فأمر به فحوّل إلى الظّلّ.
وروى أبو داود عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله?: «إذا كان أحدكم في الشّمس وقلص عنه الظل وصار بعضه في الشّمس وبعضه في الظّلّ فليقم» [أخرجه أبو داود ((4821)) وأحمد (2) / (283)].
وروى ابن السني وأبو نعيم عن جابر بن عبد الله- رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله ?: «لا ينام أحدكم بعضه في الظّلّ وبعضه في الشّمس». انتهى.
(المسألة الثانية): الحكمة من كَرَاهِيَةِ الْقُعُودِ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ
الأول:
“قد جاء التَّصريحُ بالعِلَّةِ في روايةٍ عند أحمدَ مِن حديثِ أبي عِياضٍ، عن رَجلٍ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وفيه قال: ((مجلِسُ الشَّيطانِ)).
“وهذا يدلُّ على التَّحريم؛ لأنَّ التَّشبُّه بالشَّيطان حرامٌ؛ فإنَّه أولى بالتَّحريم مِن التَّشبُّه بأوليائه الكفار، ويشبه هذا تعليلُ النَّهي عن الأكل والشّرب بالشِّمال بأنَّه تشبُّه بالشَّيطان”. “وهو ظاهر قول قتادة فروى عبد الرزاق في المصنف (19800) عن معمر عن قتادة قال: “يكره أن يجلس الإنسان بعضه في الظل، وبعضه في الشمس “. والكراهة عند السلف تعني التحريم. تنظر أوجها أخرى مقوية للتحريم في: اللباب شرح فصول الآداب لعبد الله بن مانع الروقي (ص341 – 344).”.
وجاء في “كشاف القناع”: (1/ 79): “وَيُكْرَهُ َنَوْمُهُ وَجُلُوسُهُ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ، لِنَهْيِهِ عَنْهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِي الْخَبَرِ: أَنَّهُ مَجْلِسُ الشَّيْطَانِ”. انتهى.
وفي فيض القدير للمناوي رحمه الله: ” (وقال) إنه (مجلس الشيطان) أي: هو مقعده، أضاف المجلس إليه؛ لأنه الباعث على القعود فيه، والقعود فيه إذ ذاك مضر؛ لأن الإنسان إذا قصد ذلك المقعد فسد مزاجه لاختلاف حال البدن من المؤثرين المتضادين “. انتهى.
[ثانيًا:]
“فإنَّ الجَسَدَ عندما يكونُ على هَيئةٍ واحدةٍ إمَّا حرارةٍ أو بُرودةٍ، فإنَّه يكونُ مُتوازِنًا،
وأمَّا إذا كان بعضُه في الظِّلِّ وبعضُه في الشَّمسِ فإنَّه يَتأثَّرُ بعضُه فيَحصُلُ له بُرودةٌ، وبعضُه يَحصُلُ له حَرارةٌ؛ وهذا مُضِرٌّ، والنَّومُ بينَهما أشَدُّ رَداءةً”.
ففي فيض القدير للمناوي: فليتحول إلى الظل ندبًا وإرشادًا لأن الجلوس بين الظل والشمس مضر بالبدن إذ الإنسان إذا قعد ذلك المقعد فسد مزاجه لاختلاف حال البدن من المؤثرين المتضادين، كما هو مبين في نظائره من كتب الطب ذكره القاضي وقضيته أنه لو كان في الشمس فقلصت عنه فصار بعضه فيها وبعضه في الظل كان الحكم كذلك ثم لما خفي هذا المعنى على التوربشتي، قال: الحقُّ الأَبْلَجُ التسليمُ للشارع؛ فإنه يعلم ما لا يعلمه غيره. انتهى.
ثالثًا:
بعض العلماء قالوا: إن من المجرب أنه يحدث الزكام.
رابعًا:
قال ابن القيم: وفيه تنبيه على منع النوم بينهما، فإنه رديء”. انتهى.
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بسؤال في حكم الصلاة بين الظل والشمس، وما هي الحكمة من النهي؟
فأجاب رحمه الله تعالى بقوله:
الحديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، النهي عن الجلوس بين الظل والشمس، وأن هذا مجلس الشيطان، لكنني لم أحرر هذه المسألة تحريراً بالغاً.
وأكتفي بالجواب عن ذلك بأن بعض العلماء ذكر أن من الحكمة في النهي أن الدورة الدموية تنتقل من الظل البارد إلى الشمس الحارة، وهذا بلا شك يؤثر عليها تأثيراً بالغاً، أن تنتقل من حار إلى بارد، ومن بارد إلى حار.
ثم إن بعض العلماء أيضاً قالوا: إن من المجرب أنه يحدث الزكام.
وإذا تبين أن هذا غرضهم، بل إذا صح الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنا قلت لك أنني لم أحرره، فلا حاجة إلى أن تبين كمال الحكمة من ذلك، فهو نور على نور، وإلا فالحكمة في موافقة أمر الله ورسوله”. انتهى. [فتاوى نور على الدرب، الشريط رقم (22)].
(المسألة الثالثة): إشكال:
أورد المناوي رحمه الله في (فيض القدير) هذا الإشكال وأجاب عنه:
هذا ينافيه خبر البيهقي عن أبي هريرة: رأيت رسول الله ? قاعدًا في فناء الكعبة بعضه في الظل وبعضه في الشمس.
قلت –أي: المناوي-: محل النهي المداومة عليه واتخاذه عادة بحيث يؤثر في البدن تأثيرًا يتولد منه المحذور المذكور، أما وقوع ذلك مرة على سبيل الاتفاق فغير ضارٍّ، على أنه ليس فيه أنه رآه كذلك ولم يتحول، وبهذا التقرير انكشف أنه لا اتجاه لما أبداه الذهبي كمتبوعه في معنى الحديث أنه من قبيل استعمال العدل في البدن كالنهي عن المشي في نعل واحدة”. انتهى.
(المسألة الرابعة): حكم النهي الوارد في الجلوس بين الظل والشمس
وقد سئل بعض اللجان بسؤال:
1) هل النهي للتحريم أم للكراهة؟ مع ذكر دليل الترجيح
2) ما هو توجيه قول ابن المنكدر وإسحاق التاليين: أخبرنا عبد الرزاق عن إسماعيل بن إبراهيم بن أبان قال: سمعت ابن المنكدر يحدث بهذا الحديث عن أبي هريرة قال: وكنت جالساً في الظل وبعضي في الشمس، قال: فقمت حين سمعته، فقال لي ابن المنكدر: اجلس، لا بأس عليك، إنك هكذا جلست.
(عبد الرزاق ح19801)، وإسماعيل بن إبراهيم بن أبان، لم أعرف من هو، وكأن في الكلام سقطا؟ وقول إسحاق: قد صح النهي فيه عن النبي. ولكن لو ابتدأ فيه أهون؟؟.
[مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه – المروزي (3569/ 4868/9)] وجزاكم الله خيراً.
فأجابوا: “خلاصة الفتوى:
الأمر محمول على الكراهة، وكلام ابن المنكدر وإسحاق محمول على أن من جلس في الظل ابتداء أهون ممن تعمد الجلوس بين الظل والشمس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن الحديث صحيح كما ذكرت، وقد حمل قتادة رحمه الله النهي على الكراهة، كما رواه عنه عبد الرزاق بسند صحيح أنه قال: يكره أن يجلس الإنسان بعضه في الظل وبعضه في الشمس. ويدل لهذا أن الأصوليين ذكروا من صوارف النهي عن التحريم أن يكون النهي واردا في باب الأدب والإرشاد. فعلة النهي هنا هي حماية الإنسان من التضرر بالأشياء المتضادة كما ذكر المناوي، ويدل له كذلك ما روى البيهقي بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا في فناء الكعبة بعضه في الظل وبعضه في الشمس، وقد وفق المناوي بين هذا الحديث والحديث السابق، فحمل النهي على المداومة واتخاذ ذلك عادة. وأما كلام ابن المنكدر وإسحاق فالمراد من جلس ابتداء في الظل ثم وصلته الشمس أهون حالا ممن تعمد الجلوس بين الظل والشمس، ولكن الأولى لهذا أيضا أن يتحول عن ذلك المكان؛ لما في الحديث: إذا كان أحدكم في الفيء فقلص عنه فليقم فإنه مجلس الشيطان. رواه أبو داود وصححه الألباني، وقد حمل المناوي الأمر في هذا الحديث على الندب. والله أعلم”. انتهى.
(المسألة الخامسة) الفتاوى:
وقد سئل الشيخ عبد المحسن بعد التعليق على حديث الباب:
[1] الانتقال من المكان وقت خطبة الجمعة إذا كان بين الظل والشمس
ج- عليه أن يقوم فيتقدم للظل إذا كان أمامه، أو يتأخر للشمس إذا كانت وراءه، أو العكس.
[2] الانتقال من المكان أثناء الصلاة إذا كان بين الظل والشمس
ج: إذا كان يصلي وأثناء ذلك جاءت الشمس، أو جاء الظل، فإن كان مطيلًا للصلاة ويقرأ كثيرًا في صلاته، فإنه يتقدم أو يتأخر حتى يكون كله في الظل أو كله في الشمس، وإذا كانت صلاته ليست طويلة، وإنما يصلي ركعتين ركعتين، ويخفف في صلاته، فإنه إذا أنهى الركعتين يتحول.
[3] قياس المشي بين الظل والشمس على الجلوس بينهما
ج: لا يقاس، فإن كان إنسان يمشي بين الظل والشمس فلا يقاس عليه؛ لأن هذا ليس جلوسًا، وإنما هو مرور ومشي، فإذا كان الطريق بين الظل والشمس فلا يبتعد عنه الناس ويذهبون يمينًا ويسارًا ويتركونه خاليًا”. انتهى من شرح السنن للشيخ عبد المحسن العباد.
[4] *ما حكم الجلوس بين الظل والشمس*؟
ج: الجلوس بين الظل والشمس مكروه؛ لأن النبي ? نهى أن يقعد بين الظل والشمس رواه ابن ماجه بسند جيد، وثبت أيضا عنه عليه الصلاة والسلام أنه سماه: مجلس الشيطان رواه أحمد وابن ماجه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء].
وسبق ذكر مسألة الباب في عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند ((320)).
(8) / (2) / (2022) (3): (37) م –