1213 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير ومحمد البلوشي وكديم وعبدالحميد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل الوادعي في الصحيح المسند (ج2/ رقم 1213):
قال الإمام محمد بن حبان رحمه الله كما في «الإحسان» (ج ١٤ ص ٢٦): أخبرنا ابن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب حدثنا ابن وهب حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية حدير بن كريب عن جبير بن نفير عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يقول: «الجن على ثلاثة أصناف: صنف كلاب وحيات، وصنف يطيرون في الهواء، وصنف يحلون ويظعنون».
هذا حديث حسنٌ.
وابن قتيبة هو محمد بن الحسن بن قتيبة، ترجمته في «تذكرة الحفاظ» (ص ٧٦٤) وصفه الذهبي بالحافظ الثقة مُحَدِّث فِلَسْطِينَ، وذكر من مشايخه يزيد بن عبد الله بن موهب الرَّمْلِيِّ.
ويزيد ترجمته في «تهذيب التهذيب»، من رجال أبي داود والترمذي وابن ماجه، وهو: يزيد بن خالد بن يزيد بن موهب الهمداني أبو خالد الرملي الزاهد، قال مسلمة ابن قاسم: قال بَقِيُّ بن مخلد: كان ثقة جدًّا.
===================
الحديث صححه الألباني أيضا
رواه الطبراني (22/214) (573)، وابن حبان (14/26) (6156)، والحاكم (2/495). وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/139): رواه الطبراني ورجاله وثقوا وفي بعضهم خلاف، وقال ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (7/536): إسناده جيد رواته أئمة ثقات..
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خلق الله الجن ثلاثة أصناف: صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض، وصنف كالريح في الهواء، وصنف كبني آدم، عليهم الحساب والعقاب)) .
رواه الحكيم الترمذي في ((نوادر الأصول)) (1/205)، وأبو الشيخ في ((العظمة)) (5/1639) (10811)، وابن أبي الدنيا في ((الهواتف)) (156). من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. قال ابن حبان في ((المجروحين)) (2/458): (فيه) يزيد بن سنان يخطئ كثيرا حتى يروي عن الثقات مالا يشبه حديث الأثبات لا يعجبني الاحتجاج بخبره، وقال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (4/428): (فيه يزيد بن سنان ذكر من جرحه)
الوادعي رحمه الله جعله في الجامع:
٢ – كتاب الإيمان، ٣٥ – الإيمان بوجود الجن، (509).
وفي (صحيح ابن حبان)، كتاب التاريخ، ذِكْرُ وصْفِ أجْناسِ الجانِّ الَّتِي عَلَيْها خُلِقَتْ، (6156).
الحديث سيكون من وجوه:
الأول: شرح الحديث:
وقوله: (الجنّ) قال ابن سِيدَهْ: الجِنُّ: نوع من العالَم، سُمُّوا بذلك لاجتنانهم عن الأبصار، أي: استتارهم، ولأنهم استجنُّوا من الناس، فلا يُرون.
والجمع: جِنان، وهم الجِنّة، والجنيّ: منسوب إلى الجنّ، والجنّة: طائفة من الجنّ، وأرض مَجِنّة كثيرة الجنّ، والجانّ أبو الجن، والجانّ الجنّ، وهو اسم جمع.
وقال بعضهم: الجن: خلافُ الإنس، يقال: جَنَّه الليل، وأجنّه، وجنّ عليه، وغَطّاه في معنى واحد: إذا ستره، وكلُّ شيء استتر فقد جَنَّ عنك، وبه سُمِّيت الجنّ؛ لاستجنانهم واستتارهم عن العيون، ومنه سُمّي الجنين جنينًا. انتهى من «العمدة» بتصرّف [«عمدة القاري» ٤/ ٣٤٤].
ومادة الجيم والنون تدل على الستر مثل الجن والجنين والجنان والجنة والمجن وكجن الليل وغيرها.
قال ابن عبد البرّ: الجنّ على مراتب، فالأصل جنيّ،
– فإن خالط الإنس قيل: عامر،
– ومن تعرض منهم للصبيان قيل: أرواح،
– ومن زاد في الخُبْث قيل: شيطان،
– فإن زاد على ذلك قيل: مارد،
– فإن زاد على ذلك قيل: عِفْريت.
وقال الراغب: العفريت من الجنّ هو العارم الخبيث، وإذا بولغ فيه قيل: عِفْريت نِفْريت.
وقال ابن قتيبهَ: العِفريت المُوَثَّق الخَلْق، وأصله من العَفَر، وهو التراب، ورجل عِفِرٌّ بكسر أوله وثانيه، وتثقيل ثالثه، إذا بولغ فيه قيل: عِفِرِّيت بكسر أوله وثانيه، وتثقيل ثالثه. انتهى [«الفتح» ٨/ ٥٣٠].
قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: العِفْريتُ: المارد من الجنّ الشديد، ومنه رجلٌ عِفْريت: أي شديد الدَّهاء، والمكر، والحيلة. انتهى [»المفهم” ٢/ ١٥١].
وقال في «القاموس»: ورجلٌ عِفْرٌ، وعِفْريةٌ، وعِفْرِيتٌ بكسرهنّ، …: النافذ في الأمر المبالغ فيه، مع دَهاء. انتهى [«القاموس المحيط» ٢/ ٩٢].
والشَّياطِين: جمع شيطان، قال بعضهم: وقد جَعَل سيبويه نون الشيطان في موضع من كتابه أصليةً، وفي آخر زائدةً، واشتقاقه من شَطَن: إذا بَعُدَ؛ لبعده عن الصلاح والخير، أو من شاط إذا بطل، إذا جعلت نونه زائدة.
والشياطين: العصاة من الجنّ،
وقال القاضي أبو يعلى: الشياطين: مردة الجنّ وأشرارهم، ولذلك يقال للشِّرِّير: ماردٌ وشيطانٌ، وقال تعالى: ﴿شَيْطانٍ مارِدٍ﴾ [الصافات ٧].
.. وفي الحديث المذكور ذكر وجود الجنّ، ووجود الشياطين، ولكنهما نوع واحدٌ، غير أنهما صارا صنفين باعتبار أمْرٍ عَرَض لهما، وهو الكفر والإيمان، فالكافر منهم يُسَمّى بالشيطان، والمؤمن بالجنّ، قاله في «العمدة» [«عمدة القاري» ٦/ ٥٢].[البحر المحيط]
والجن يتشكّلون ومنه مجيء الشيطان في غزوة بدر في صورة سراقة. وكذلك تصوره في صورة شيخ نجدي لما اجتمعت قريش في دار الندوة. قرره ابن تيمية
قال ابن حجر : وقَدْ تَوارَدَتِ الأخْبارُ بِتَطَوُّرِهِمْ فِي الصُّوَرِ . انتهى
ومن ذلك قصة ابي هريرة مع الشيطان حيث جاء في صورة لص وقول للنبي صلى الله عليه وسلم صدقك وهو كذوب.
وقرر ابن تيمية لما ذكر أن الشياطين سرقت حلوات الحلاج قال :مثل هذا يحصل لغير الحلاج ممن له حال شيطاني .
قلت لعلها تتسلط على من لم يذكر اسم الله لحديث فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا
الثاني: مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): أحاديث في الباب
[أصل خلقت الجن]
– عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها، قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ -ﷺ-: ((خُلِقَتِ المَلائِكَةُ مِن نُورٍ، وخُلِقَ الجانُّ مِن مارجٍ مِن نارٍ، وخُلِقَ آدَمُ مِمّا وُصِفَ لَكُمْ)). [م (٧٤٦٤)].
(وخُلِقَ الجانُّ مِن مارجٍ مِن نارٍ) وفي نسخة: «وخلق الجانّ من نار»؛ أي: من نار مختلطة بهواء مشتعل، والمرج: الاختلاط، فهو من عنصرين هواء ونار، كما أن آدم من عنصرين تراب وماء عُجن به، فحدث له اسم الطين، كما حَدَث للجن اسم المارج [«المفهم» ٧/ ٣١٥].
وقال القرطبيّ رحمه الله: (من مارج من نار): أي: من شواظّ ذي لهب، واتّقاد، ودخان، فكانوا شرًّا محضًا، والخير فيهم قليل [«المفهم» ٧/ ٣١٥].
الجن أصناف مختلفة، فهم أصناف من حيث خلقتهم العامة، يختلف فيها كل صنف عن الآخر، وهم قبائل متعددة، وفيهم الذكور والإناث. وهم بعد ذلك مختلفون في الاعتقاد، ففيهم المؤمن والكافر، والصالح والطالح، وهم فرق وشيع مختلفة، إلى غير ذلك مما يتعلق بأصنافهم.
عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة لعبد الكريم عبيدات –ص: 59
المطلب الأول: أصناف الجن من حيث أصل خلقتهم, وقوتهم
الجن مختلفون من حيث أصل خلقتهم التي خلقهم الله عليها، فصنف منهم يشبهون الحيات والكلاب وبقية الحيوانات، وصنف يطير في الهواء، وثالث يقيم ويرتحل، فقد روى جبير بن نفير عن أبي ثعلبة الخشني – واسمه جرثوم – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجن على ثلاثة: فثلث لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وثلث حيات وكلاب، وثلث يحلون ويظعنون)) .
فالجن على هذا الأساس متباينون في أصل خلقتهم التي خلقوا عليها، فهم على صور شتى، ولكن هذه الأصناف جميعاً لا تخرج في الدائرة العامة عن كونها مخلوقة من النار، لإخبار القرآن بذلك، قال تعالى: وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ (الحجر 27)
وقد ذكر أن هناك صنفاً من الجن يقال له الحِنُّ – بالحاء -، قال ابن منظور: (والجن بالكسر: حي من الجن يقال بأن منهم الكلاب السود البهم، وقيل بأن الحن ضرب من الجن وأنشد:
يلعبن أحوالي من حن وجن
وقيل بأنهم سفلة الجن وضعفاؤهم، وأشد مهاصر بن المحل:
أبيت أهوى في شياطين ترن مختلف نجواهم جن وحن)
وورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (الكلاب من الحن، وهي ضعفة الجن، فإذا غشيتكم عند طعامكم فألقوا لهن، فإن لهن أنفساً) جمع نفس، أي أنها تصيب بأعينها.
لم يذكر الباحث سند الاثر
لكن ورد [الكَلْبُ الأسْوَدُ شَيْطانٌ]
فأخرج مسلم
– عَنْ أبِي ذَرٍّ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إذا قامَ أحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَإنَّهُ يَسْتُرُهُ إذا كانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإذا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإنَّهُ يَقْطَعُ صَلاتَهُ الحِمارُ، والمَرْأةُ، والكَلْبُ الأسْوَدُ» قُلْتُ: يا أبا ذَرٍّ، ما بالُ الكَلْبِ الأسْوَدِ مِنَ الكَلْبِ الأحْمَرِ مِنَ الكَلْبِ الأصْفَرِ؟ قالَ: يا ابْنَ أخِي، سَألْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَما سَألْتَنِي فَقالَ: «الكَلْبُ الأسْوَدُ شَيْطانٌ»، (م) ٢٦٥ – (٥١٠).
وقد قيل بأنهم سموا بالحِنِّ لأنهم كانوا يعيشون في الظلمة فحنوا إلى سطح الأرض.
وأطلقت بعض الأوصاف على الجن لمناسبتها لبعض أصنافهم، وهي في مجملها أوصاف تدور حول المكر والدهاء، والقوة والتبدل من صورة إلى أخرى.
فمن هذه الأوصاف:
أ – العفريت:
قال تعالى إخباراً عن جن سليمان عليه السلام: قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [ النمل: 39] . قال ابن منظور: (العفريت من الرجال: النافذ في الأمر، المبالغ فيه مع خبث ودهاء، والعفريت من الشيء: المبالغ، يقال فلان عفريت نفريت، وعفرية نفرية، وفي الحديث: ((إن الله يبغض العفرية النفرية، الذي لا يرزأ في أهل ولا مال))
أورده ابن منظور في ((لسان العرب)) (4/583).
لم اجد سنده
قيل : هو الداهي الخبيث الشرير . ومن هذا ما رواه أبو عبيدة بن الجراح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول دينكم نبوءة ورحمة ثم ملك أعفر)) ،
رواه بنحوه الطيالسي (ص: 31)، وأبو يعلى (2/177) (873)، والطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) (5/192)، والبيهقي (8/159) (16407). قال محمد المناوي في ((تخريج أحاديث المصابيح)) (4/443): إسناده جيد، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)): فيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس وبقية رجاله ثقات، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (5/84)
أي ملك يساس بالدهاء والمكر.
وعلى هذا فإن العفريت في الآية يراد به القوي الداهية، الذي يقدر على إحضار عرش بلقيس من اليمن إلى أرض فلسطين بقوته ودهائه.
وقد تقدم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن عفريتاً من الجن تفلت عليّ البارحة ليقطع عليّ صلاتي..)) .
وهذا الوصف إنما يطلق على بعض الجن، إذ أنهم ليسوا جميعاً في مرتبة واحدة، بل فيهم الضعيف كذلك، فعن ابن مسعود قال: (لقي رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من الجن، فصارعه فصرعه الإنس، فقال له الجني: عاودني، فعاوده، فصرعه الإنسي، فقال له الإنسي: إني لأراك ضئيلاً شحيباً، كأن ذريعتيك ذريعتا كلب. فكذلك أنتم معاشر الجن – أو أنت منهم كذلك -؟ قال: لا والله إني منهم لضليع، ولكن عاودني الثالثة، فإن صرعتني علمتك شيئاً ينفعك، فعاوده، فصرعه فقال: هات علمني، قال: هل تقرأ آية الكرسي؟ قال نعم، قال: إنك لن تقرأها في بيت إلا خرج منه الشيطان له خبج كخبج الحمار، لا يدخله حتى يصبح، قال رجل من القوم: يا أبا عبد الرحمن من ذاك الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال فعبس عبد الله وأقبل عليه وقال: من يكون هو إلا عمر رضي الله عنه) .
منقطع بين الشعبي وابن مسعود
لكن قال مخرج كتاب الحيوان للدميري :
أخرج في عدة مصادر فذكرها…..
من طريق : (زائدة، وعكرمة بن عمار، وحماد بن سلمة، ومحمد بن أبان، وهمام بن يحيى) خمستهم عن عاصم بن أبي النجود.
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٤٤/ ٨٨) من طريق عبد الملك بن عمير.
كلاهما: (عاصم بن أبي النجود، وعبد الملك) عن زر.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٩/ ١٦٥) (٨٨٢٤) من طريق المسعودي، عن عاصم بن أبي النجود، عن شقيق أبي وائل.
ثلاثتهم: (الشعبي، وزِرّ بن حُبَيش، وشقيق أبو وائل) عن ابن مسعود – رضي الله عنه-.
حديث زر، وشقيق بنحوه.
وعند ابن أبي شيبة مختصرًا، وليس فيه ذكر آية الكرسي، وعند البيهقي أيضًا مختصرًا، وعند ابن البختري: زر، أن عمر، وليس فيه ابن مسعود.
– عاصم بن أبي النجود، صدوق، حسن الحديث، وروايته عن زر وأبي وائل مضطربة. سبقت ترجمته في الحديث رقم (٣٩).
– زِرِّ بن حُبيش الأسدي، ثقة. … سبقت ترجمته في الحديث رقم (٣٩).
– زِرِّ بن حُبيش الأسدي، ثقة. … سبقت ترجمته في الحديث رقم (٣٩).
– شقيق بن سلمة، أبو وائل الأسدي، ثقة، مخضرم. سبقت ترجمته في الحديث رقم .
الحكم على الحديث:
الحديث حسن لغيره.
طريق الشعبي، منقطع؛ لأنه لم يسمع من ابن مسعود، ومتابعة زِرِّ بن حُبيش، وشقيق، جاءت من طريق عاصم بن أبي النجود.
وفيه كلام في روايته عنهما، لكن تابعه عبد الملك بن عمير.
فيتقوى الحديث بهما – والله أعلم -. انتهى كلام المحقق
وهو في الدراية قال إذا نظرت إليه وجدت رجاله محتجا بهم ولكن أبا حاتم يقول كما في
المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 160)
591 – سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لَمْ يَسْمَعْ الشَّعْبِيُّ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالشَّعْبِيُّ عَنْ عَائِشَةَ مُرْسَلٌ إِنَّمَا يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ
وقال الهيثمي بعد أن ذكر رواية المسعودي ورواية الشعبي:فبان لنا صحة رواية المسعودي برواية الشعبي
ب – الخبل:
وهم الذين يخبلون الناس ويؤونهم، ويقال: رجل مخبل: إذا كان به مس من الجن ، وسيأتي الحديث عن هذا عند الحديث عن صرع الجن للإنس.
ج- الغول:
وقد قيل إنه ساحر الجن، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا تغولت لكم الغيلان فنادوا بالأذان) ، يعني: إذا ضلوا وشبهت عليهم الغول الطريق أذَّنوا فذهبت الغيلان، وتغولت: صارت غولاً، وذلك لأنها تتصور بصور كثيرة، فمرة تتصور في صورة امرأة جميلة، وأخرى في صورة امرأة قبيحة، ومرة قصيرة، وأخرى طويلة، ومرة كالإنس، وأخرى كالدواب، وهكذا لتفزع الناس، فهي متبدلة باستمرار، قال كعب بن زهير:
فما تدوم على حال تكون بها كما تلون في أثوابها الغول
ويقال: غاله الدهر: أي غير حاله، كما يتغول الغول، فيتغير في كل صورة.
فقد أخرج الطبراني عن أبي أيوب الأنصاري قال: ((كان لي نخل في سهوة لي، فجعلت أراه ينقص منه، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنك ستجد فيه غدا هرة فقل: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان الغد وجدت فيه هرة فقلت: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتحولت عجوزاً وقالت: أذكرك الله لما تركتني فإني غير عائدة فتركتها، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما فعل الرجل وأسره؟ فأخبرته خبرها فقال: كذبت، هي عائدة، فقل لها، أجيبي رسول الله، فتحولت عجوزاً، فقالت: أذكرك الله يا أبا أيوب لما تركتني هذه المرة فإني غير عائدة، فتركتها ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي كما قال لي، فقلت ذلك ثلاث مرات، فقال لي في الثالثة، أذكرك الله يا أبا أيوب لما تركتني حتى أعلمك شيئاً لا يسمعه شيطان فيدخل ذلك البيت، فقلت ما هو؟ فقالت: آية الكرسي، لا يسمعها شيطان إلا ذهب، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: صدقت وإن كانت كذوباً)) . رواه الطبراني (4/162) (4012)
نلاحظ مما تقدم أن الجن أصناف مختلفة من حيث قوتهم, ومكرهم, وتنقلهم في الصور المختلفة, وتخبطهم للإنسان وإيذائهم له، وهي أوصاف تتناسب مع طبيعتهم النارية، مع ما أعطاهم الله من القدرة على التشكل والتبدل في الصور المختلفة.
عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة لعبد الكريم عبيدات -ص: 59
المطلب الثاني: أصناف الجن من حيث إنتسابهم إلى قبائل وأماكن
في الجن قبائل وأقوام كما هو الأمر عند الإنس، فقد أخبر القرآن أن للجن أقواماً، قال تعالى إخباراً عن النفر الذين استمعوا للقرآن من الرسول عليه الصلاة والسلام ثم ولوا إلى قومهم منذرين: يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الأحقاف: 31]. قال ابن منظور: (والقوم الجماعة من الرجال والنساء جميعاً، وقيل: هو للرجال خاصة دون النساء، ويقوي ذلك قوله تعالى: لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ [ الحجرات: 11] أي رجال من رجال، ولا نساء من نساء…) وقال: (وقوم كل رجل: شيعته وعشيرته.. و في الحديث: ((إن نسَّاني الشيطان شيئاً من صلاتي فليسبح القوم, وليصفق النساء)) . قال ابن الأثير: القوم في الأصل مصدر قام، ثم غلب على الرجال دون النساء، ولذلك قابلهن به، وسموا بذلك، لأنهم قوامون على النساء بالأمور التي ليس للنساء أن يقمن بها وقال الجوهري: القوم: الرجال دون النساء لا واحد له من لفظه، قال: وربما دخل النساء فيه على سبيل التبع، لأن قوم كل نبي، رجال ونساء) .
و على هذا فإن قول النفر من الجن: (يا قومنا) يفيد أن لكل نفر من الجن قوماً ينتسبون إليه، فإن هؤلاء النفر من الجن انطلقوا إلى شيعتهم وعشيرتهم ينذرونهم، وأولى الناس بالإنذار الأهل والعشيرة، كما قال تعالى لنبيه عليه السلام: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ [ الشعراء: 214] .
و في رواية عن ابن مسعود في خبر الجن الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الزاد، أنه ((قام إليه عليه السلام رجلان من الجن، فسألاه المتاع، فقال: ألم آمر لكما ولقومكما بما يصلحكم؟ قالوا: بلى، ولكننا أحببنا أن يشهد بعضنا معك الصلاة، فقال: ممن أنتما؟ قالا: نحن من أهل نصيبين، قال: قد أفلح هذان وأفلح قومهما، فأمر لهما بالروث والعظام طعاماً ولحماً)) .
فقوله عليه الصلاة والسلام: ((أفلح هذان وأفلح قومهما)) فيه دليل على أن لكل منهما قوماً ينتسب إليه.
و في رواية عن ابن مسعود قال: ((استتبعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الجن خمسة عشر، بني أخوة, وبني عم, يأتونني الليلة، فأقرأ عليهم القرآن، فانطلقت معه إلى المكان الذي أراد، فخط لي خطاً وأجلسني فيه)) الحديث.
فقد دل الحديث على أن الذين أتوا الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا أقرباء لبعضهم بعضاً، تماماً كما هو الأمر عند الإنس.
وورد عن قصة النفر الذين قدموا على الرسول صلى الله عليه وسلم لاستماع القرآن أن فيهم زوبعة، فعن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود قال: (هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه قالوا: أنصتوا، قالوا: صه، وكانوا سبعة أحدهم زوبعة، فأنزل الله تعالى: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ – إلى – ضَلالٍ مُّبِينٍ [ الأحقاف: 29]) .،
رواه البزار (5/234) (1846)، والحاكم (2/495). وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7/235) وقال: رجاله ثقات، وقال ابن حجر في ((الإصابة)) (1/556): إسناده جيد، وحسنه الوادعي في ((صحيح دلائل النبوة)) (ص: 49).
قال القرطبي: (قال الثمالي: بلغني أنهم من بني الشيصبان، وهم أكثر الجن عدداً وأقواهم شوكة، وهم عامة جنود إبليس) ، وكلمة: بني، في اللغة، إنما تدل على قرابة الرجل من أبنائه، قال ابن منظور: (وإذا قيل: بنو فلان، رهط فلان، فهو قرابته الأدنون، ورهط الرجل: قومه وقبيلته) .
ففيما تقدم دلالة على وجود القوم والعشيرة والقرابة عند الجن، تماماً كما هو الشأن عند الإنس، ولا عجب في ذلك، إذ أنهم يتناكحون ويتناسلون، ولا شك أن هذا يستدعي أن يكون عندهم هذه الأصول والفروع.
وكما أن الجن ينتسبون إلى أقوام، فإنهم ينتسبون إلى أماكن وأوطان كذلك، فقد ذكر أن النفر الذين قدموا على الرسول صلى الله عليه وسلم إنما جاءوا إليه من نصيبين، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه ((كان يحمل مع النبي صلى الله عليه وسلم إدواة لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعه بها فقال: من هذا؟ فقال: أنا أبو هريرة، فقال: أبغني أحجاراً أستنفض بها، ولا تأتيني بعظم ولا بروثة، فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتى وضعت إلى جنبه، ثم انصرفت، حتى إذا فرغ مشيت معه فقلت: ما بال العظم والروثة؟ قال: هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفد جن نصيبين – ونعم الجن – فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعماً)) . رواه البخاري (3860).
ونصيبين هذه قيل: إنها مدينة بالشام، وجنها سادات الجن، وقيل: إنها قرية باليمن غير التي في العراق، وقيل: إنهم من نينوى، وأن جن نصيبين أتوه بعد ذلك بمكة ،
وذكر ابن حجر أن نصيبين منطقة بين الشام والعراق (فتح الباري)) (7/172).، وذكر القرطبي أن الجن الذين قدموا على الرسول وهو بمكة كانوا سبعة نفر: ثلاثة من أهل حران وأربعة من أهل نصيبين، والذين أتوه بنخلة جن نينوى .
((تفسير القرطبي)) (19/2)
وفي رواية عند مسلم عن الشعبي أن وفد الجن الذي قدم على الرسول وهو بمكة إنما كان من جن الجزيرة .
((فتاوى السبكي)) (2/600).
فقد دلت هذه الأحاديث على أن الجن ينتسبون إلى أوطان، فمنهم جن الجزيرة، ومنهم جن نينوى، ومنهم جن نصيبين، ومنهم جن حران إلى غير ذلك من الأوطان والأماكن التي يسكنها الجن وينتسبون إليها، كما ذكر القرطبي عن الضحاك 64
((تفسير القرطبي)) (19/2)
عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة لعبد الكريم عبيدات –ص: 64
المطلب الثالث: أصناف الجن من حيث الإيمان والكفر, والصلاح والفساد
كما أن الجن قبائل مختلفة، فهم كذلك أصحاب ملل ونحل متباينة، وفيهم المؤمن والكافر، والعادل والظالم، يقول سيد سابق: (والجن طوائف: فمنهم الكامل في الاستقامة وعمل الخير، ومنهم من هو دون ذلك، ومنهم البله المغفلون، ومنهم الكفرة وهم الكثرة الكاثرة) ، قال تعالى: إخباراً عنهم: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا [ الجن: 11]. يقول القرطبي: (هذا من قول الجن، أي قال بعضهم لبعض لما دعوا إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم: وأنا كنا قبل استماع القرآن منا الصالحون ومنا الكافرون، وقيل: ومنا دون ذلك، أي ومن دون الصالحين في الصلاح) . ((تفسير القرطبي)) (19/15).
وقوله تعالى: كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا[الجن:11] أي فرقاً شتى، قاله السدي، وقال الضحاك: أدياناً مختلفة، وقال قتادة: أهواء متباينة ، ومنه قول الشاعر:
القابض الباسط الهادي بطاعته في فتنة الناس إذ أهواؤهم قدد
والمعنى: أي لم يكن كل الجن كفاراً، بل كانوا مختلفين، منهم كفار ومنهم مؤمنون صلحاء، ومنهم مؤمنون غير صلحاء . وقال مجاهد: يعنون مسلمين وكافرين، وقال الحسن والسدي: في الجن أمثالكم، فمنهم قدرية, ومرجئة, ورافضة، وخوارج وشيعة, وسنة، وقال سعيد بن جبير: ألواناً شتى. وقال ابن كيسان: شيعاً وفرقاً، ومعنى الكلام أصنافاً مختلفة ومذاهب متفرقة ، وقال سعيد بن المسيب: كنا مسلمين ويهود ونصارى ومجوس) .
وذكر بعض العلماء أن هذه المذاهب المختلفة في الجن إنما هي بعد مبعث الرسول عليه الصلاة والسلام واستماعهم للقرآن منه، يقول الإمام القرطبي في قوله تعالى إخباراً عن الجن: كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا[الجن:11] (وقال قوم: أي وأنا بعد استماع القرآن مختلفون، منا المؤمنون ومنا الكافرون، والأول أحسن – يقصد أنهم كانوا مؤمنين وكافرين قبل استماعهم للقرآن، بعد مبعث الرسول عليه الصلاة والسلام – لأنه كان في الجن من آمن بموسى وعيسى. وقد أخبر عنهم أنهم قالوا: إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ [ الأحقاف: 30]، وهذا يدل على إيمان قوم منهم بالتوارة، وكان هذا مبالغة منهم في دعاء من دعوهم إلى الإيمان .) قال السبكي: (لا شك أنهم مكلفون في الأمم الماضية كهذه الملة، إما بسماعهم من الرسول، أو من صادق عنه، وكونه إنسياً أو جنياً لا قاطع به) .
وظاهر القرآن يشهد للقرطبي من أنهم كانوا فرقاً شتى قبل استماعهم للقرآن، مسلمين وكفاراً وغير ذلك، لأن النفر الذين انطلقوا إلى قومهم بعد سماع القرآن، قالوا مخبرين عن أنفسهم: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا [ الجن: 11]. فقد عبروا عن حالتهم السابقة قبل استماع القرآن بلفظ الماضي.
وفي إخبار القرآن عن النفر من الجن الذين استمعوا للرسول بمكة ما يدل على أنهم كانوا عالمين بموسى عليه السلام ورسالته، قال تعالى: إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ [ الأحقاف: 30]، والنص يوحي أن هذا النفر كان من قوم عنده صلاح واستقامة، ومطالبة الجن بالإيمان غالباً ما ينشأ عنه استجابة لذلك الرسول من قبل بعضهم، أو رفضاً لدعوته من قبل البعض الآخر، و في النهاية يدل على أنهم فرق شتى.
وأخبر القرآن عن أحوالهم أيضاً بقوله: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا [ الجن: 14]، قال ابن القيم: (فالمسلمون الذين آمنوا بالله ورسوله منهم، والقاسطون الجائرون العادلون عن الحق. قال ابن عباس: هم الذين جعلوا لله أنداداً، يقال: أقسط الرجل: إذا عدل فهو مقسط، ومنه: وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [ الحجرات: 9]. وقسط: إذا جار فهو قاسط، قال تعالى: وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا [ الجن: 15]).
يقول ابن القيم تعليقاً على هذه الآيات التي تبين أحوال الجن وأصنافهم، وأنهم كأحوال الإنس في الإيمان والكفر, والصلاح والفساد: (وقد تضمنت هذه الآيات انقسامهم إلى ثلاث طبقات: صالحين، ودون الصالحين، وكفار. وهذه الطبقات بإزاء طبقات بني آدم، فإنها ثلاثة: أبرار، ومقتصدون، وكفار، فالصالحون بإزاء الأبرار ومن دونهم بإزاء المقتصدين، والقاسطون بإزاء الكفار، وهذا كما قسم سبحانه بني إسرائيل إلى هذه الأقسام الثلاثة في قوله: وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [ الأعراف: 168] ، فهؤلاء الناجون منهم، ثم ذكر الظالمين وهم خلف السوء الذين خلفوا بعدهم. ولما كان الإنس أكمل من الجن وأتم عقولاً، ازدادوا عليهم بثلاثة أصناف أخر، ليس شيء منها للجن وهم: الرسل, والأنبياء, والمقربون، فليس في الجن صنف من هؤلاء بل حليتهم الصلاح ..). طريق الهجرتين وباب السعادتين)) (1/416). عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة لعبد الكريم عبيدات –ص: 67
هل يسلم الشيطان؟ يظهر من الحديث أن الشيطان يمكن أن يسلم بدليل أن شيطان الرسول صلى الله عليه وسلم أسلم، إلا أن بعض العلماء يرفض ذلك ويقول: الشيطان لا يكون مؤمناً، منهم شارح الطحاوية – ص439 – ووجه قوله: ((فأسلم)) أي فانقاد واستسلم.
وبعض العلماء يرى أن الرواية ((فأسلم)) برفع الميم، أي فأنا أسلم منه، ومع أن شارح الطحاوية يرى أن رواية الرفع تحريف للفظ, إلا أن النووي في شرحه على مسلم قال:(هما روايتان مشهورتان) وعزى إلى الخطابي أنه رجح رواية الضم . ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (17/157).
وممن يرى أن الشيطان يمكن أن يسلم ابن حبان، قال معلقاً على الحديث: (في هذا الخبر دليل على أن شيطان المصطفى صلى الله عليه وسلم أسلم حتى أنه لم يكن يأمره إلا بخير، إلا أنه كان يسلم منه وإن كان كافراً) . ((صحيح ابن حبان)) (14/327)
وما ذهب إليه شارح الطحاوية من أن الشيطان لا يكون إلا كافراً فيه نظر، فإن كان يرى أن الشيطان لا يطلق إلا على كافر الجن فهذا صحيح، وإن كان يرى أن الشيطان لا يمكن أن يتحول إلى الإسلام فهو بعيد جداً، والحديث حجة عليه ..
الحديث رواه مسلم (2814).
[وإذا ثبتٌ وجودهم فقد اختُلف في أصلهم]، فقيل: إن أصلهم من ولد إبليس، فمن كان منهم كافرًا سمي شيطانًا،
وقيل: إن الشياطين خاصة أولاد إبليس، ومن عداهم ليسوا من ولده، وحديث ابن عباس – رضي الله عنهما – يقوي أنهم نوع واحد، من أصل واحد، اختَلَف صنفه، فمن كان كافرًا سمي شيطانًا، وإلا قيل له: جني.
[وأما كونهم مكلفين]، فقال ابن عبد البرّ: الجن عند الجماعة مكلفون، وقال عبد الجبار: لا نعلم خلافًا بين أهل النظر في ذلك، إلا ما حكى زرقان عن بعض الحشوية أنهم مضطرون إلى أفعالهم، وليسوا بمكلفين، قال: والدليل للجماعة ما في القرآن من ذم الشياطين، والتحرز من شرهم، وما أعد لهم من العذاب، وهذه الخصال لا تكون إلا لمن خالف الأمر، وارتكب النهي، مع تمكّنه من أن لا يفعل، والآيات والأخبار الدالة على ذلك كثيرة جدًّا.
[وإذا تقرر كونهم مكلَّفين فقد اختلفوا، هل كان فيهم نبي منهم أم لا؟]
فروى الطبري من طريق الضحاك بن مزاحم إثبات ذلك، قال: ومن قال بقول الضحاك احتج بأن الله تعالى أخبر أن من الجن والإنس رسلًا، أرسلوا إليهم، فلو جاز أن المراد برسل الجن رسل الإنس لجاز عكسه، وهو فاسد. انتهى.
وأجاب الجمهور عن ذلك بأن معنى الآية أن رسل الإنس رسل من قِبَل الله إليهم، ورسل الجن بثّهم الله في الأرض، فسمعوا كلام الرسل من الإنس، وبلّغوا قومهم، ولهذا قال قائلهم: ﴿إنّا سَمِعْنا كِتابًا أُنْزِلَ مِن بَعْدِ مُوسى﴾ [الأحقاف ٣٠] الآية، واحتج ابن حزم بأنه -ﷺ- قال: «وكان النبي يبعث إلى قومه»، قال: وليس الجن من قوم الإنس، فثبت أنه كان منهم أنبياء إليهم،
قال: ولم يبعث إلى الجن من الإنس نبي إلا نبينا -ﷺ-؛ لعموم بعثته إلى الجن والإنس باتفاق. انتهى.
وقال ابن عبد البر: لا يختلفون أنه -ﷺ- بُعث إلى الإنس والجن، وهذا مما فُضِّل به على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ونُقل عن ابن عباس في قوله تعالى في سورة غافر: ﴿ولَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالبَيِّناتِ﴾ [غافر ٣٤] قال: هو رسول الجن، وهكذا ذكره.
وقال إمام الحرمين في «الإرشاد» في أثناء الكلام مع العيسوية: وقد علمنا ضرورة أنه -ﷺ- ادعى كونه مبعوثًا إلى الثقلين.
وقال ابن تيمية: اتَّفق على ذلك علماء السلف من الصحابة، والتابعين، وأئمة المسلمين.
قال الحافظ: وثبت التصريح بذلك في حديث: «وكان النبيّ يُبعث إلى قومه، وبُعثت إلى الإنس والجن»، فيما أخرجه البزار بلفظ. وعن ابن الكلبيّ: كان النبيّ يُبعث إلى الإنس فقط، وبُعث محمد -ﷺ- إلى الإنس والجن.
[وإذا تقرر كونهم مكلَّفين، فهم مكلَّفون بالتوحيد، وأركان الإسلام، وأما ما عداه من الفروع، فاختُلف فيه]؛ لِما ثبتٌ من النهي عن الروث والعظم، وأنهما زاد الجن، وفي حديث أبي هريرة: «فقلت: ما بال الروث والعظم؟ قال: هما طعام الجن …» الحديث، فدل على جواز تناولهم للروث، وذلك حرام على الإنس، وكذلك روى أحمد، والحاكم، من طريق عكرمة عن ابن عباس، قال: «خرج رجل من خيبر، فتبعه رجلان، واخر يتلوهما، يقول: ارجعا حتى ردَّهما، ثم لحقه، فقال له: إن هذين شيطانان، فإذا أتيت رسول الله -ﷺ- فاقرأ ، وأخبره أنّا في جَمْع صدقاتنا، ولو كانت تصلح له لبعثنا بها إليه، فلما قدما عليه السلام جل المدينة، أخبر النبيّ -ﷺ- بذلك، فنهى عن الخلوة»؛ أي: السفر منفردًا.
[واختُلف أيضًا هل يأكلون، ويشربون، ويتناكحون أم لا؟]
فقيل: بالنفي،
وقيل: بمقابله،
ثم اختلفوا، فقيل: أكْلهم وشُربهم تشمم، واسترواح، لا مضغ، ولا بلع، وهو مردود بما رواه أبو داود من حديث أمية بن مخشي قال: «كان رسول الله -ﷺ- جالسًا، ورجل يأكل، ولم يسمّ، ثم سمى في آخره، فقال: النبيّ -ﷺ-: ما زال الشيطان يأكل معه، فلما سمى استقاء ما في بطنه».
وروى مسلم من حديث ابن عمر قال: «قال رسول الله -ﷺ-: لا يأكلن أحدكم بشماله، ولا يشرب بشماله، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله».
وروى ابن عبد البرّ عن وهب بن منبه: أن الجن أصناف، فخالصهم ريح، لا يأكلون، ولا يشربون، ولا يتوالدون،
وجنس منهم يقع منهم ذلك، ومنهم السعالى، والغول، والقطرب، وهذا إن ثبتٌ كان جامعًا للقولين الأولين.
ويؤيده ما روى ابن حبان، والحاكم، من حديث أبي ثعلبة الخشنيّ قال: “قال رسول الله -ﷺ- الجن على ثلاثة أصناف: صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وصنف حيات، وعقارب، وصنف يَحِلّون، ويَظعنون».
وروى ابن أبي الدنيا من حديث أبي الدرداء مرفوعًا نحوه، لكن قال في الثالث: «وصنف عليهم الحساب والعقاب».
وروى ابن أبي الدنيا من طريق يزيد بن يزيد بن جابر، أحد ثقات الشاميين، من صغار التابعين قال: ما من أهل بيت إلا وفي سقف بيتهم من الجن، وإذا وُضع الغداء نزلوا، فتغدوا معهم، والعشاء كذلك.
واستدل من قال بأنهم يتناكحون بقوله تعالى: ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ ولا جانٌّ﴾ [الرحمن ٧٤]، وبقوله تعالى: ﴿أفَتَتَّخِذُونَهُ وذُرِّيَّتَهُ أوْلِياءَ مِن دُونِي﴾
[الكهف ٥٠] والدلالة من ذلك ظاهرة، واعتل من أنكر ذلك بأن الله تعالى أخبر أن الجان خُلق من نار، وفي النار من اليبوسة والخفة ما يمنع معه التوالد،
والجواب: أن أصلهم من النار كما أن أصل الآدمي من التراب، وكما أن الآدمي ليعليه السلام طينًا حقيقة، كذلك الجنيّ ليس نارًا حقيقة.
وقد وقع في «الصحيح» في قصة تعرض الشيطان للنبيّ -ﷺ- أنه قال: «فأخذته، فخنقته حتى وجدت بَرْد ريقه على يدي».
وبهذا الجواب يندفع إيراد من استشكل قوله تعالى: ﴿إلّا مَن خَطِفَ الخَطْفَةَ فَأتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (١٠)﴾ [الصافات ١٠] فقال: كيف تحرق النار النار؟
[وأما ثوابهم، وعقابهم فلم يختلف من أثبت تكليفهم أنهم يعاقبون على المعاصي، واختُلف هل يثابون؟ ]
فروى الطبريّ، وابن أبي حاتم من طريق أبي الزناد موقوفًا قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، قال الله لمؤمن الجنّ، وسائر الأمم؛ أي: من غير الإنس: كونوا ترابًا، فحينئذ يقول الكافر: ﴿يالَيْتَنِي كُنْتُ تُرابًا﴾ [النبأ ٤٠].
وروى ابن أبي الدنيا عن ليث بن أبي سليم قال: ثواب الجن أن يُجاروا من النار، ثم يقال لهم: كونوا ترابًا. وروي عن أبي حنيفة نحو هذا القول.
وذهب الجمهور إلى أنهم يُثابون على الطاعة، وهو قول الأئمة الثلاثة، والأوزاعيّ، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وغيرهم.
[ثم اختلفوا هل يدخلون مدخل الإنس] على أربعة أقوال:
أحدها: نعم، وهو قول الأكثر.
وثانيها: يكونون في ربض الجنة، وهو منقول عن مالك، وطائفة.
وثالثها: أنهم أصحاب الأعراف.
ورابعها: التوقف عن الجواب في هذا.
وروى ابن أبي حاتم من طريق أبي يوسف، قال: قال ابن أبي ليلى في هذا: لهم ثواب، قال فوجدنا مصداق ذلك في كتاب الله تعالى: ﴿ولِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا﴾ [الأنعام ١٣٢]، قال الحافظ: وإلى هذا أشار البخاريّ بقوله قبلها: ﴿يامَعْشَرَ الجِنِّ والإنْسِ ألَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنكُمْ﴾ [الأنعام ١٣٠]، فإن قوله: ﴿ولِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا﴾ [الأحقاف ١٩] يلي الآية التي بعد هذه الآية.
واستدل بهذه الآية أيضًا ابن عبد الحكم، واستدل ابن وهب بمثل ذلك بقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ القَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِنَ الجِنِّ والإنْسِ﴾ [الأحقاف ١٨] الآية، فإن الآية بعدها أيضًا: ﴿ولِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا﴾.
وروى أبو الشيخ في تفسيره عن مغيث بن سمي أحد التابعين قال: ما من شيء إلا وهو يسمع زفير جهنم إلا الثقلين الذين عليهم الحساب والعقاب.
ونقل عن مالك أنه استدلّ على أن عليهم العقاب ولهم الثواب بقوله تعالى: ﴿ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦)﴾ [الرحمن ٤٦]، ثم قال: ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧)﴾ [الرحمن ٤٧] والخطاب للإنس والجن، فإذا ثبتٌ أن فيهم مؤمنين والمؤمن من شأنه أن يخاف مقام ربه ثبت المطلوب، والله أعلم. انتهى.
قال الأتيوبي عفا الله عنه: قول الجمهور القائلين بأنهم يثابون، ويعاقبون هو الصحيح، لظواهر الآيات المذكورة، والله تعالى أعلم.
وبيان أن النبيّ -ﷺ- أُرْسِل إلى الإنس والجنّ، ولم يخالف أحدٌ من طوائف المسلمين في أن اللَّه تعالى أرسل محمدًا -ﷺ- إلى الجن والإنس؛ لقول النبيّ -ﷺ- في حديث جابر –رضي الله عنه- في «الصحيحين»: «وبُعِثت إلى الناس عامّةً»، قال الجوهريّ: الناس قد يكون من الإنس، ومن الجنّ، وقد أخبر اللَّه تعالى في القرآن أن الجنّ استمعوا القرآن، وأنهم آمنوا به، كما في قوله تعالى: ﴿وإذْ صَرَفْنا إلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ﴾ [الأحقاف ٢٩] إلى قوله: ﴿أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [الأحقاف ٣٢]، ثم أمره اللَّه أن يخبر الناس بذلك؛ ليعلم الإنس بأحوالها، وأنه مبعوث إلى الإنس والجن.
(المسألة الثانية): فقه وفوائد الحديث
1- (ومنها): في هذا الحديث إثبات الجنّ، وأنهم مخلوقون من مارج من نار، ولم يُنكر وجودهم إلا أهل الأهواء الزائغة، فقد نقل إمام الحرمين في «الشامل» عن كثير من الفلاسفة، والزنادقة، والقدرية، أنهم أنكروا وجودهم رأسًا،
قال: ولا يتعجب ممن أنكر ذلك من غير المشرعين، إنما العجب من المشرعين مع نصوص القرآن، والأخبار المتواترة،
قال: وليس في قضية العقل ما يقدح في إثباتهم،
قال: وأكثر ما استروح إليه من نفاهم حضورهم عند الإنس بحيث لا يرونهم، ولو شاؤوا لأبدوا أنفسهم،
قال: وإنما يستبعد ذلك من لم يُحِطْ علمًا بعجائب المقدورات.
وقال أبو يعلى بن الفراء: الجنّ أجسام مؤلفة، وأشخاص ممثلة، يجوز أن تكون رقيقة، وأن تكون كثيفة، خلافًا للمعتزلة في دعواهم أنها رقيقة، وأن امتناع رؤيتنا لهم من جهة رقتها، وهو مردود، فإن الرقة ليست بمانعة عن الرؤية، ويجوز أن يخفى عن رؤيتنا بعض الأجسام الكثيفة، إذا لم يخلق الله فينا إدراكها.
وروى البيهقيّ في مناقب الشافعيّ بإسناده، عن الربيع: سمعت الشافعيّ يقول: من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته، إلا أن يكون نبيًّا. انتهى.
وهذا محمول على من يدعي رؤيتهم على صورهم التي خُلقوا عليها، وأما من ادعى أنه يرى شيئًا منهم بعد أن يتطور على صور شتى من الحيوان، فلا يقدح فيه، وقد تواردت الأخبار بتطورهم في الصور،
واختلف أهل الكلام في ذلك، فقيل: هو تخييل فقط، ولا ينتقل أحد عن صورته الأصلية،
وقيل: بل ينتقلون، لكن لا باقتدارهم على ذلك، بل بضرب من الفعل إذا فعله انتقل كالسحر، وهذا قد يرجع إلى الأول، وفيه أثر عن عمر، أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح: «أن الغيلان ذُكروا عند عمر، فقال: إن أحدًا لا يستطيع أن يتحول عن صورته التي خلقه الله عليها، ولكن لهم سحرة كسَحَرَتِكم، فإذا رأيتم ذلك فأذِّنوا».
2 – (ومنها): إثبات وجود الشياطين والجنّ، وأنهما لمسمًّى واحد، وإنما صارا صنفين باعتبار الكفر والإيمان، فلا يقال لمن آمن منهم: إنه شيطان.
وقال إمام الحرمين في كتابه «الشامل»: إن كثيرًا من الفلاسفة، وجماهير القدريّة، وكافة الزنادقة أنكروا الشياطين والجن رأسًا، وقال أبو القاسم الصفّار في «شرح الإرشاد»: وقد أنكرهم معظم المعتزلة، وقد دَلَّت نصوص الكتاب والسنة على إثباتهم، وقال أبو بكر الباقلانيّ: وكثير من القدريّة يثبتون وجود الجن قديمًا، وينفون وجودهم الآن، ومنهم من يُقِرّ بوجودهم، ويزعم أنهم لا يُرَوْن لرقة أجسادهم، ونفوذ الشعاع، ومنهم من قال: إنهم لا يُرَون؛ لأنهم لا ألوان لهم.
وقال الشيخ أبو العباس ابن تيمية: لم يخالف أحدٌ من طوائف المسلمين في وجود الجنّ، وجمهور طوائف الكفار على إثبات الجنّ، وإن وُجِد من يُنكِر ذلك منهم كما يوجد في بعض طوائف المسلمين، كالجهمية، والمعتزلة من ينكر ذلك، وإن كان جمهور الطائفة، وأئمتها مقرين بذلك، وهذا لأن وجود الجنّ تواترت به أخبار الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- تواترًا معلومًا بالاضطرار. ذكره في «العمدة» [«عمدة القاري» ٦/ ٥٥].
3 – (ومنها): ما قاله النوويّ – رحمه الله -: اتّفق العلماء على أن الجن يُعَذَّبون في الآخرة على المعاصي، قال اللَّه تعالى: ﴿لَأمْلَأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ والنّاسِ أجْمَعِينَ﴾ [السجدة ١٣]، واختلفوا في أن مؤمنهم ومطيعهم هل يدخل الجنة، وُينَعَّم بها ثوابًا ومجازاةً له على طاعته، أم لا يدخلون، بل يكون ثوابهم أن ينجوا من النار، ثم يقال: كونوا ترابًا كالبهائم؟
وهذا مذهب ابن أبي سُلَيم وجماعة، والصحيح أنهم يدخلونها، ويُنَعَّمون فيها بالأكل والشرب وغيرهما، وهذا قول الحسن البصريّ، والضحاك، ومالك بن أنس، وابن أبي ليلى، وغيرهم [«شرح النوويّ» ٤/ ١٦٩].
قال: واختلفوا في مآل أمرهم على حسب اختلافهم في أصلهم، فمن قال: إنهم من ولد الجانّ، قال: يدخلون الجنة بإيمانهم، ومن قال: إنهم من ذرية إبليس، فعند الحسن يدخلونها، وعن مجاهد لا يدخلونها، وقال: ليس لمؤمني الجن غير نجاتهم من النار، قال تعالى: ﴿ويُجِرْكُمْ مِن عَذابٍ ألِيمٍ﴾ [الأحقاف ٣١]، وبه قال أبو حنيفة، ويقال لهم كالبهائم: كونوا ترابًا، وفي رواية عن أبي حنيفة أنه تردَّد فيهم، ولم يَجْزِم، وقال آخرون: يعاقبون في الإساءة، ويجازَون في الإحسان، كالإنس، وإليه ذهب مالك، والشافعيّ، وابن أبي ليلى؛ لقوله تعالى: ﴿ولِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا﴾ [الأنعام ١٣٢]، بعد قوله: ﴿يامَعْشَرَ الجِنِّ والإنْسِ﴾ الآية [الأنعام ١٣٠]. انتهى [«عمدة القاري» ٦/ ٥٥].
قال الأثيوبي عفا اللَّه عنه: هذا القول الأخير هو الصواب؛ لوضوح حجته.
والحاصل أن الجنّ مثل الإنس، في الثواب والعقاب، ودخول الجنّة، والنار؛ لدلالة النصوص على هذا، كالآية المذكورة، وكقوله تعالى: ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ ولا جانٌّ﴾ [الرحمن ٥٦]، وغير ذلك، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
4 – (ومنها): أن الجنّ أصناف متعددة، وتعددت وفادتهم على النبيّ -ﷺ- بمكة والمدينة بعد الهجرة، فقول من قال باتّحاد قصّة ليلة الجنّ غير صحيح، كما أسلفنا تحقيقه.
قلت سيف:لكن راجع علل ابن المديني
5- (ومنها): ما قاله الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه دليل على أن رؤية الجنّ للبشر غير مستحيلة، والجن أجسام لطيفة، والجسم وإن لَطُف فدركه غير ممتنع أصلًا، وأما قوله تعالى: ﴿إنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وقَبِيلُهُ مِن حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ﴾ [الأعراف ٧٢]، فإن ذلك حكم الأعم الأغلب من أحوال بني آدم، امتحنهم اللَّه تعالى بذلك، وابتلاهم؛ ليَفْزَعُوا إليه، ويستعيذوا به من شرهم، ويطلبون الأمان من غائلتهم، ولا يُنكَر أن يكون حكم الخاصّ والنادر من المصطفَينَ من عباده بخلاف ذلك.
وقال الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لا حاجة إلى هذا التأويل؛ إذ ليس في الآية ما ينفي رؤيتنا إياهم مطلقًا، إذ المستفاد منها أن رؤيته إيانا مُقَيَّدة من هذه الحيثية، فلا نراهم في زمان رؤيتهم لنا قطّ، ويجوز رؤيتنا لهم في غير ذلك الوقت. انتهى.
قال الأثيوبي عفا اللَّه عنه: تعقّب الكرمانيّ وجيهٌ، وقد تقدّم البحث بأتمّ من هذا، فتنبّه.
6- (ومنها): أن فيه دليلًا على أن الجن ليسوا باقين على عنصرهم الناريّ؛ لأنه ﷺ قال: «إن عدوّ اللَّه إبليس جاء بشهاب من نار؛ ليجعله في وجهي»، وقال: «رأيت ليلة أُسري بي عفريتًا من الجنّ يطلبني بشُعْلة من نار، كلما التفتُّ إليه رأيته»، ولو كانوا باقين على عنصرهم الناريّ، وأنهم نار محرقة، لما احتاجوا إلى أن يأتي الشيطان، أو العفريت منهم بشعلة من نار، ولكانت يد الشيطان، أو العفريت، أو شيء من أعضائه إذا مس ابن آدم أحرقه، كما تُحْرِق الآدمي النارُ الحقيقية بمجرد اللمس، فدل على أن تلك النارية انغمرت في سائر العناصر، حتى صار إلى البرد، ويؤيِّد ذلك قوله ﷺ: «حتى وجدت بَرْدَ لسانه على يدي»، وفي رواية: «برد لعابه»، قاله في «العمدة» [«عمدة القاري» ٤/ ٣٤٥ – ٣٤٦].
7- (ومنها): أنه يدلّ على أن أصحاب سليمان عليه السلام كانوا يرون الجن، وهو من دلائل نبوته، ولولا مشاهدتهم إياهم لم تكن تقوم الحجة له لمكانته عليهم.
8- (ومنها): ما قال ابن بطال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: رؤيته ﷺ للعفريت هو مما خُصّ به كما خُصّ برؤية الملائكة، وقد أخبر أن جبريل له ستمائة جناح، ورأى النبي الشيطان في هذه الليلة، وأقدره اللَّه عليه؛ لتجسّمه لأن الأجسام ممكن القدرة عليها، ولكنه أُلْقِي في رُوعه ما وُهِب سليمان عليه السلام، فلم يُنَفِّذ ما قَوِي عليه من حبسه؛ رغبة عما أراد سليمان الانفراد به، وحرصًا على إجابة اللَّه تعالى دعوته، وأما غير النبيّ ﷺ من الناس فلا يُمَكَّن منه، ولا يرى أحد الشيطان على صورته غيره؛ لقوله تعالى: ﴿إنَّهُ يَراكُمْ﴾ الآية [الأعراف ٧٢]، لكنه يراه سائر الناس إذا تشكل في غير شكله، كما تشكل الذي طعنه الأنصاري حين وجَده في بيته على صورة حَيّة فقتله، فمات الرجل به، فبَيَّن النبيّ ﷺ ذلك بقوله: «إن بالمدينة جنًا قد أسلموا، فإذا رأيتم من هذه الهوامّ شيئًا فآذنوه ثلاثًا، فإن بدا لكم فاقتلوه»، رواه الترمذيّ، والنسائيّ في «عمل اليوم والليلة» من حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه-.
[تنبيه]: (اعلم): أن الجن يتصورون في صور شتى، ويتشكلون في صور الإنسان، والبهائم، والحيات، والعقارب، والإبل، والبقر، والغنم، والخيل، والبغال، والحمير، وفي صورة الطيور.
وقال القاضي أبو يعلى: ولا قدرة للشيطان على تغيير خلقتهم، والانتقال في الصور، إنما يجوز أن يُعَلّمهم اللَّه كلمات وضربًا من ضروب الأفعال، إذا فعله وتكلم به نقله اللَّه من صورة إلى صورة أخرى، وأما أن يتصور بنفسه فذلك محالٌ؛ لأن انتقالها من صورة إلى صورة إنما يكون بنقض البنية، وتفريق الأجزاء، وإذا انتقضت بطلت الحياة، والقول في تشكل الملائكة كذلك. انتهى.
قال الأثيوبي عفا اللَّه عنه: كلام أبي يعلى ليس واضحًا، إن أراد نفي قدرة الجنّ على تصوّرهم بالصور المختلفة دون أن يأذن اللَّه به، فهذا حقّ، وإن أراد أنهم لا يتشكّلون بإذن اللَّه تعالى بأشكال مختلفة، فهذا ردّ للنصوص الكثيرة، كقصّة الحيّة المذكورة، وقصّة أسير أبي هريرة حينما كان يحفظ تمرة الصدقة، وهو في الصحيح، وغير ذلك كثير وكثير، فليُتأمّل كلامه، واللَّه تعالى أعلم.
9 – (ومنها): أنه دليلٌ على إباحة ربط الأسير في المسجد، وعلى هذا بَوّب الإمام البخاريّ في «الصحيح»، فقال: «باب الأسير، أو الغريم يُربط في المسجد»، ومن هذا قال المهلَّب: إن في الحديث جواز ربط مَن خُشِي هُروبه بحق عليه، أو ديني، والتوثُّق منه في المسجد، أو غيره.
[فإن قلت]: كيف قال: قوله: «فلقد هممت أن أربطه»، وهو في الصلاة؟
[أجيب]: بأنه يَحْتِمِل أن يكون ربطه بعد تمام الصلاة، أو يربطه بوجه كان شغلًا يسيرًا، فلا تَفْسُد به الصلاة، قاله في «العمدة».
قال الأتيوبي عفا اللَّه عنه: الاحتمال الثاني هو المعتمد، فهو ربط يسير لا يُنافي الصلاة، فالذي أقدره اللَّه على هذا العفريت القويّ الشديد؛ معجزة له، لا يُستبعد أن يكون ربطه بأيسر وجه، وأسهل طريق، واللَّه تعالى على كلّ شيء قديرٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فائدة:
قال النوويّ رحمه الله: معناه: وإذا لم يذهب بالإنذار علمتم أنه ليس من عوامر البيوت، ولا ممن أسلم من الجنّ، بل هو شيطان، فلا حرمة عليكم فاقتلوه، ولن يجعل الله له سبيلًا للانتصار عليكم بثأره، بخلاف العوامر، ومن أسلم، والله تعالى أعلم.
[فإن قيل]: كيف يتأتّى ربطه وأخذه واللعب به مع كون الجنّ أجسامًا لطيفةً روحانيّةً؟
[قلنا]: كما تأتّى ذلك لسليمان -عليه السلام- حيث جعل اللَّه تعالى له منهم ﴿كُلَّ بَنّاءٍ وغَوّاصٍ (٣٧) وآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفادِ (٣٨)﴾ [ص ٣٧ – ٣٨]، ولا شكّ أن اللَّه تعالى أوجدهم على صُوَر تخصّهم، ثم مكنهم من التشكّل في صور مختلفة، فيتمثّلون في أيّ صورة شاؤوا، وكذلك فعل اللَّه بالملائكة، كما قال تعالى: ﴿فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا﴾ [مريم ١٧] وقال ﷺ: “وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلًا، فيكلّمني…» الحديث، متّفقٌ عليه، فيجوز أن يُمكّن اللَّه تعالى نبيّه ﷺ من هذا الجنّيّ مع بقاء الجنّيّ على صورته التي خُلق عليها، فيوثّقه كما كان سليمان -عليه السلام- يوثقهم، ويرفع الموانع عن أبصار الناس، فيرونه مُوثَقًا حتى يلعب به الغلمان.
ويجوز أن يشكّله اللَّه تعالى في صورة جسميّة محسوسة، فيربطه، ويُلعَب به، ثم يمنعه من الزوال عن تلك الصورة التي تشكّل فيها، حتى يفعل اللَّه ما همّ به النبيّ ﷺ.
وفي هذا دليل على رؤية بنىِ آدم الجنّ، وأما قوله تعالى: ﴿إنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وقَبِيلُهُ مِن حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ﴾ [الأعراف ٢٧] إخبار عن غالب أحوال بني آدم معهم، واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
وقال في «الفتح»: وفي قوله ﷺ: «فذكرت دعوة أخي… إلخ» إشارة إلى أنه تركه رعايةً لسليمان -عليه السلام-.
ويَحْتَمِل أن تكون خصوصية سليمان -عليه السلام- استخدام الجنّ في جميع ما يريده، لا في هذا القدر فقط.
واستَدَلّ الخطابيّ بهذا الحديث على أن أصحاب سليمان -عليه السلام- كانوا يرون الجن في أشكالهم وهيئتهم حال تصرفهم، قال: وأما قوله تعالى: ﴿إنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وقَبِيلُهُ مِن حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ﴾ فالمراد الأكثر الأغلب من أحوال بني آدم.
وتُعُقِّب بأن نفي رؤية الإنس للجن على هيئتهم ليس بقاطع من الآية، بل ظاهرها أنه ممكن، فإن نفي رؤيتنا إياهم مقيدٌ بحال رؤيتهم لنا، ولا ينفي إمكان رؤيتنا لهم في غير تلك الحالة.
ويَحْتَمِل العموم، وهذا الذي فهمه أكثر العلماء، حتى قال الشافعيّ: من زعم أنه يرى الجنّ أبطلنا شهادته، واستَدَلّ بهذه الآية. انتهى.
قال الأثيوبي عفا اللَّه عنه: عندي فيما نُقل عن الشافعيّ إن صحّ نظرٌ؛ لأن حديث الباب يردّه، كيف وقد قال ﷺ: «حتى تُصبحوا، فتنظروا إليه»، وقال: «يلعب به ولدان أهل المدينة»، فهل بعد هذا النصّ يمكن إنكار رؤيتهم كلّا ثم كلّا، وأما الآية فقد وجّهها العلماء، كما سبق آنفًا، والحاصل أن النفي محمول على الأغلبيّة، أو هو مقيّد بحال رؤيتهم لنا.
وعندي يَحْتَمل أن يكون المنفيّ رؤية الناس لهم عند الإغواء، فهم يستطيعون أن يغووا من شاءوا، وهو لا يراهم حتى لا يحاول الدفاع عن نفسه، واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه]: كتب بعضهم ما نصّه:
[فإن قلت]: أما يُشبه الحسد والحرص على الاستبداد بالنعمة أن يستعطي اللَّه ما لا يُعطيه غيره؟ – يعني قول سليمان -عليه السلام-: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأحَدٍ مِن بَعْدِي﴾ [ص ٣٥].
[قلت]: كان سليمان عليه السلام ناشئًا في بيت الملك والنبوّة ووارثًا لهما، فأراد أن يطلب من ربّه معجزةً، فطلب على حسب إلفه ملكًا زائدًا على الممالك زيادة خارقةً للعادة بالغةً حدّ الإعجاز؛ ليكون ذلك دليلًا على نبوّته، قاهرًا للمبعوث إليهم، وأن يكون معجزةً حتى يخرق العادات، فذلك معنى قوله: ﴿لا يَنْبَغِي لِأحَدٍ مِن بَعْدِي﴾. انتهى.
قال الأثيوبي عفا اللَّه عنه: أسلوب هذا السؤال والجواب فيه سوء أدب؛ إذ مثله لا ينبغي أن يوجّه إلى الأنبياء عليهم السلام وإنما كتبته للتنبيه عليه، فتنبّه أيها الطالب، ولا تغترّ بمثله، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل. [البحر المحيط الثجاج].
قلت سيف : هذا السؤال يمكن للعالم أن يطرحه ويضع له أجوبة فيها تعظيم مكانة النبي سليمان عليه الصلاة والسلام . فإذا أتي جاهل عدو للشرع وذكر هذه الشبهه وجد الجواب جاهزا .
10- تنبيه حديث ضعيف -خلقَ اللَّهُ الجنَّ على ثلاثةِ أصنافٍ صنفٌ حيَّاتٌ وعَقاربُ وخَشاشُ الأرضِ وصنفٌ كالرِّيحِ في الْهواءِ وصنفٌ كبَني آدمَ عليْهمُ الحسابُ والعِقابُ وخلقَ اللهُ الإنسَ على ثلاثةِ أصنافٍ صنفٌ كالبَهائمِ لَهم قلوبٌ لا يعقلونَ بِها ولَهم أعينٌ لا يُبصرونَ بِها ولَهم آذانٌ لا يسمَعونَ بِها قال اللهُ تعالى أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضلُّ? وصنفٌ أجسادُهم كأجسادُ بني آدمَ وأرواحُهم أرواحُ الشَّياطينِ وصِنفٌ في ظلِّ اللَّهِ يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّهُ
الراوي : أبو الدرداء.
المحدث : الألباني.
المصدر : السلسلة الضعيفة.
الصفحة أو الرقم: 3549.
خلاصة حكم المحدث : ضعيف.
11 – من الكتب المؤلفه في عالم الجن
جهد المحتفي في أمر العالم المختفي ١/٤٠ — مرزوق بن هياس الزهراني
١٢ – ألفت رسالة في مسألة خطف الجن لرجل أربع سنين وحكم عمر لزوجته بأنها تستطيع الزواج فتزوجت بآخر ثم رجع المخطوف وحسنها الباحث
١٣ – ورد أن عمر سأل رجلا وكان يتكهن بأعجب شيء اتته به جنيته فحدثه بأنها أخبرته ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم