121 لطائف التفسير والمعاني (مكرر بعد إضافات)
سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——-‘——-‘
أولاً: تعريف التكرار لغة واصطلاحاً.
قال ابن منظور:
الكَرُّ: الرجوع، يقال: كَرَّه وكَرَّ بنفسه، يتعدّى ولا يتعدّى، والكَرُّ مصدر كَرَّ عليه يَكُرُّ كرًّا … والكَرُّ: الرجوع على الشيء، ومنه التَّكْرارُ … (قال) الجوهري: كَرَّرْتُ الشيء تَكْرِيراً وتَكْراراً.
” لسان العرب ” (5/ 135).
التكرار في الاصطلاح: تكرار كلمة أو جملة أكثر من مرة لمعاني متعددة كالتوكيد، والتهويل، والتعظيم، وغيرها.
ثانياً: التكرار من الفصاحة.
اعترض بعض من لا يفقه لغة العرب فراح يطعن بالتكرار الوارد في القرآن، وظن هؤلاء أن هذا ليس من أساليب الفصاحة، وهذا من جهلهم، فالتكرار الوارد في القرآن ليس من التكرار المذموم الذي لا قيمة له – كما سيأتي تفصيله – والذي يرد في كلام من لا يحسن اللغة أو لا يحسن التعبير.
قال السيوطي – رحمه الله -:
التكرير وهو أبلغ من التأكيد، وهو من محاسن الفصاحة خلافاً لبعض من غلط.
” الإتقان في علوم القرآن ” (3/ 280) طبعة مؤسسة النداء.
قال ابن قتيبة في دفاعه عن القرآن: “فأمّا التّكرار، الأنباء والقصص، فإنّ الله تبارك وتعالى أنزل القرآن نجوما في ثلاث وعشرين سنة بفرض بعد فرض: تيسيرا منه على العباد، وتدريجا لهم إلى كمال دينه، ووعظ بعد وعظ: تنبيها لهم من سنة غفلة وشحذا لقلوبهم بمتجدِّد الموعظة” [2].
كذلك الخطابي: “وأمّا ما عابوه من التكرار، فإنّ تكرار الكلام على ضربين أحدهما مذموم، هو ما كان مستغنى عنه، غير مستفاد به زيادة معنى لم يستعيدوه بالكلام الأول، لأنّه حينئذ يكون فضلا من القول، وليس في القرآن شيء من هذا” [3].
وعدّه ابن رشيق من أصول البديع: “وللتكرار مواضع يحسن فيها، ومواضع يقبح فيها، فأكثر ما يقع التكرار في الألفاظ دون المعاني، وهو في المعاني دون الألفاظ أقلّ” [4]. أمّا الزركشي فنظر إليه على أنّه من علم المشابه: “وهو إيراد القصة الواحدة في صور شتى وفواصل مختلفة. ويكثر في إيراد القصص والأنباء، وحكمته التصرف قي الكلام وإتيانه على ضروب؛ ليعلمهم عجزهم عن جميع طرق ذلك: مبتدأ به ومتكرر” [5].
أمّا عند النحاة فكتبهم صنّفته ضمن باب التوكيد، وانصبّ اهتمامهم بالحركات الإعرابية التي تحدد المعاني. وقد أشار إليه ابن جني في باب الاحتياط: “اعلم أنّ العرب إذا أرادت المعنى مكنته واحتاطت له، فمن ذلك التوكيد، هو على ضربين، أحدهما تكرير الأول بلفظه، وهو نحو ذلك: (قام زيد) و (ضربت زيدا وضربت). والثاني تكرير الأول بمعناه. وهو على ضربين: “أحدهما للإحاطة والعموم والآخر للتثبيت والتمكين. الأول كقولنا: قام القوم كلّهم، ورأيتهم أجمعين. والثاني: نحو قولك: قام زيد نفسه، ورأيته نفسه” [6].
أما عند ابن هشام فالتّكرار يراد به غير التأكيد “وذلك كون التكرار الذي هو من سبيل التذكير ليس تأكيدا إنّما هو ضرب من ضروب تحقيق تواصل العهد وإنّما حس التكرار لدى في وما كنت لديهم لتباعد ما بينهما” [7].
هذا موقف القدامى من ظاهرة التكرار
ثالثاً: من أغراض التكرار:
=أ= التأكيد: “واعلم أنّ التكرير أبلغ من التأكيد لأنّه وقع في تكرار التأسيس؛ وهو أبلغ من التأكيد، فإنّ التأكيد يقرر إرادة معنى الأول وعدم التجوز” [9]. فهذا الغرض يظهر بقوّة في مواساة الرسول صلى الله عليه وسلم بذكر معاناة الرسل الذين سبقوه من جحود أقوامهم، إلى جانب التقرير التعظيم والمدح والذم.
مراعاة جمال الفواصل فتكرار بعض العبارات بين الفقرات من السور يشكّل لوحة بديعة تثير النفس لاستظهار المعاني، وما فيها من تشويق وتحسر وترهيب “تكرار حركة واحدة في رويّ الفواصل وإن اختلفت الحروف في أواخر الكلمات، كالذي نرى في سورة الكهف، ومنها تماثل حرف الروي في فواصل سورة بأسرها على نسق واحد، وهو ما نراه في إحدى عشرة سورة أو التزام حرف الروي في أبعاض السورة أو التزام أكثر من حرف بكل الروي” [10].
حسن الختام: ويسمى القفل. قال بعض المفسرين: “وقد جعل الله خاتمة سورة المؤمنين (أفلح المؤمنون) وأورد في خاتمتها (إنّه لا يفلح الكافرون) فشتان بين الفاتحة والخاتمة” [11].
=ب= التقسيم: وهو اللازمة يكون في أواخر المقاطع: سورة الشعراء تصبح آخره كرة “وتوكل على العزيز الرحيم” [12]. فالتكرار في هذا الوضع في غير القرآن يضفي الألفاظ الرتابة. أمّا في النص القرآني فيعطي للتعبير قوة وللمقطع جمالا.
=ج= البعد النفسي: في التكرار استمالة المتلقي، وإيقاظ شعوره من الغفوة ووتنبيهه إلى نعم الله فبأيّ آلاء ربكما تكذبان حتى يتجاوب معها. فالإنسان من طبيعته جحود النعم فمثل هذا التكرار يجعل النفس تتعامل مع آلاء الله. كذلك عند ذكر أخبار الأمم السابقة ففائدة تكرار قصصهم الاتّعاظ. وما يميّز التكرار في القرآن الكريم أنّه خال من الملل يجعل المتلقي ينجذب إليه بفطرته متلذذا بما تنفرد به أصواته وتراكيبه.
=د= بيان عجز العرب عن الإتيان بمثل أسلوب القرآن. أي الإتيان بمعنى واحد بصور مختلفة.
=هـ= إبطال توهم المجاز، فقد اقتنع ابن جني على كثرة المجاز في اللغة العربية بوجود التأكيد، “فإذا عرف التوكيد لِما وقع في الكلام، نحو نفسه وعينه وأجمع، وكله وكلهم وكليهما وما أشبه ذلك، عرفت منه (حال سعة) الإعجاز في هذا الكلام” [13].
وللتكرار أثر في تحقيق هذه الأغراض يتجلى ذلك في إيصال معاني التهويل والتخويف إلى النفوس بطريقة بديعة بالأسلوب والتعبير. وصياغة المعنى في صور متنوعة، فلا نجد في القرآن تكرار المعنى بأسلوب واحد بل نلمس الجديد في طريقة التقديم والتصوير.
إنّه ظاهرة في القرآن تؤصّل اللغة لما يستلزمه المقام ويقتضيه السياق لتحقيق المقاصد، وفيه الإعجاز كونه أمرا لم يألفه العرب من قبل وعجزوا عنه من بعد. جاء به القرآن لما فيه من جمع اللفظ والمعنى دون تناقض، واتّساع المقام للأخبار والقصص، وفيه أصل الفصاحة في تنويع الأساليب وأشكال التعبير هذا يعكس غرائب الدلالات الغائبة عن عقول البشر.
وما أعطاه أهمية هو أنّه يؤدي وظيفة عقدية هامة فمثلا كلمة التوحيد كررها القرآن كثيرا لتثبيت معاني الإلوهية، فالقرآن فيه إقناع لأولي النهى من البشر لإلزامهم به فلا بدّ من طريقة تحقق ذلك. كذلك في باب المعاملات كالجهاد تكرر كثيرا في السور المدنية لعلو منزلته في الإسلام.
فالتكرار من أبرز مظاهر البلاغة القرآنية فهو يملك ناحيتين لفظية ومعنوية. فالجانب اللفظي يحدث تناسقا لتوازي الفقرات من جهة الأصواتّ، أمّا الجانب المعنوي فهو يرتبط بمقتضى الحال. والقرآن وظفه في مخاطبة العرب “رأينا الله تبارك وتعالى إذا خاطب العرب والأعراب أخرج الكلام مخرج الإشارة والوحي والحذف. وإذا خاطب بني إسرائيل أو حكى عنهم جعله مبسوطا، وزاد في الكلام
——
رابعاً: فوائد التكرار
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
وليس في القرآن تكرار محض، بل لابد من فوائد في كل خطاب.
” مجموع الفتاوى ” (14/ 408).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في التعليق على تكرار قصة موسى مع قومه -:
وقد ذكر الله هذه القصة في عدة مواضع من القرآن، يبين في كل موضع منها من الاعتبار والاستدلال نوعاً غير النوع الآخر، كما يسمَّى اللهُ ورسولُه وكتابُه بأسماء متعددة، كل اسم يدل على معنى لم يدل عليه الاسم الآخر، وليس في هذا تكرار، بل فيه تنويع الآيات مثل أسماء النبي صلى الله عليه وسلم إذا قيل: محمد، وأحمد، والحاشر، والعاقب، والمقفى، ونبي الرحمة، ونبي التوبة، ونبي الملحمة، في كل اسم دلالة على معنى ليس في الاسم الآخر، وإن كانت الذات واحدة فالصفات متنوعة.
وكذلك القرآن إذا قيل فيه: قرآن، وفرقان، وبيان، وهدى، وبصائر، وشفاء، ونور، ورحمة، وروح: فكل اسم يدل على معنى ليس هو المعنى الآخر.
وكذلك أسماء الرب تعالى إذا قيل: الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور: فكل اسم يدل على معنى ليس هو المعنى الذي في الاسم الآخر، فالذات واحدة، والصفات متعددة، فهذا في الأسماء المفردة.
وكذلك في الجمل التامة، يعبَّر عن القصة بجُمَل تدل على معانٍ فيها، ثم يعبر عنها بجُمَل أخرى تدل على معانٍ أُخَر، وإن كانت القصة المذكورة ذاتها واحدة فصفاتها متعددة، ففي كل جملة من الجُمَل معنًى ليس في الجُمَل الأُخَر.
” مجموع الفتاوى ” (19/ 167، 168).
وقال السيوطي – رحمه الله -:
وله – أي: التكرار – فوائد:
منها: التقرير، وقد قيل ” الكلام إذا تكرَّر تقرَّر “، وقد نبه تعالى على السبب الذي لأجله كرر الأقاصيص والإنذار في القرآن بقوله (وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا).
ومنها: التأكيد.
ومنها: زيادة التنبيه على ما ينفي التهمة ليكمل تلقي الكلام بالقبول، ومنه (وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ. يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ)، فإنه كرر فيه النداء لذلك.
ومنها: إذا طال الكلام وخشي تناسي الأول أعيد ثانيها تطرية له وتجديداً لعهده، ومنه (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا)، (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا)، (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) إلى قوله (فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ)، (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ)، (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ).
ومنها: التعظيم والتهويل نحو (الْحَاقَّةُ. مَا الْحَاقَّةُ)، (الْقَارِعَةُ. مَا الْقَارِعَةُ)، (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ).
” الإتقان في علوم القرآن ” (3/ 281، 282) طبعة مؤسسة النداء.
خامساً: فوائد تكرار بعض القصص والآيات
1. قال أبو الفرج ابن الجوزي – رحمه الله -:
فإن قيل: ما الفائدة في تكرار قوله: (فبأيِّ آلاء ربِّكما تُكذِّبانِ)؟.
الجواب: أن ذلك التكرير لتقرير النِّعم وتأكيد التذكير بها، قال ابن قتيبة: من مذاهب العرب التكرار للتوكيد والإفهام، كما أن من مذاهبهم الاختصار للتخفيف والإيجاز؛ لأن افتنان المتكلِّم والخطيب في الفنون أحسن من اقتصاره في المقام على فنٍّ واحدٍ، يقول القائل منهم: واللهِ لا أفعله، ثم واللهِ لا أفعله، إذا أراد التوكيد وحسم الأطماع مِنْ أنْ يفعله، كما يقول: واللهِ أفعلُه، بإضمار ” لا ” إذا أراد الاختصار، ويقول القائل المستعجِل: اعْجَل اعْجَل، وللرامي: ارمِ ارمِ، … .
قال ابن قتيبة: فلمّا عَدَّد اللهُ تعالى في هذه السورة نعماءَه، وأذكَرَ عِبَادَه آلاءَه، ونبَّههم على قُدرته، جعل كل كلمة من ذلك فاصلة بين كل نِعمتين، ليُفَهِّمهم النِّعم ويُقَرِّرهم بها، كقولك للرجل: أَلم أُبَوِّئْكَ مَنْزِلاً وكنتَ طريداً؟ أفتُنْكِرُ هذا؟ ألم أحُجَّ بك وأنت صَرُورَةٌ [هو من لم يحج قط]؟ أفَتُنْكِرُ هذا؟. ” زاد المسير ” (5/ 461).
2. قال القرطبي – رحمه الله -:
وأما وجه التكرار – أي: قل يا أيها الكافرون – فقد قيل إنه للتأكيد في قطع أطماعهم، كما تقول: والله لا أفعل كذا، ثم والله لا أفعله.
قال أكثر أهل المعاني: نزل القرآن بلسان العرب، ومن مذاهبهم التكرار إرادة التأكيد والإفهام، كما أن من مذاهبهم الاختصار إرادة التخفيف والإيجاز؛ لأن خروج الخطيب والمتكلم من شيء إلى شيء أولى من اقتصاره في المقام على شيء واحد، قال الله تعالى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان)، (ويل يومئذ للمكذبين)، (كلا سيعلمون. ثم كلا سيعلمون)،
و (فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا): كل هذا على التأكيد.
” تفسير القرطبي ” (20/ 226
====
وقد أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الطعن في القرآن بسبب تكرار القصص فقال: في كلامه عن قصة موسى: “وقد ذكر الله هذه القصة في عدة مواضع من القرآن يبين في كل موضع منها من الاعتبار والاستدلال نوعًا غير النوع الآخر …. وأما ما ذكره بعض الناس من أنه كرر القصص مع إمكان الاكتفاء بالواحدة, وكان الحكمة فيه أن وفود العرب كانت ترد على رسول صلى الله عليه وسلم فيقرؤهم المسلمون شيئًا من القرآن فيكون ذلك كافيًا، وكان يبعث إلى القبائل المتفرقة بالسور المختلفة, فلو لم تكن الآيات والقصص متناثرة متكررة لوقعت قصة موسى إلى قوم وقصة عيسى إلى قوم وقصة نوح إلى قوم، فأراد الله أن يشهر هذه القصص في أطراف الأرض، وأن يلقيها إلى كل سمع، فهذا كلام من لم يقدر القرآن قدره”1 انتهى باختصار.
====
====
وفي حكمة عدم تكرر قصة يوسف يقول ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (17/ 20):” ذَكَرُوا: لِمَ سُمِّيَتْ أَحْسَنَ الْقَصَصِ؟ فَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ قِصَّةٌ تَتَضَمَّنُ مِنْ الْعِبَرِ وَالْحِكَمِ وَالنُّكَتِ مَا تَتَضَمَّنُ هَذِهِ الْقِصَّةُ. وَقِيلَ: لِامْتِدَادِ الْأَوْقَاتِ بَيْنَ مُبْتَدَاهَا وَمُنْتَهَاهَا. وَقِيلَ لِحُسْنِ مُحَاوَرَةِ يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ وَصَبْرِهِ عَلَى أَذَاهُمْ وَإِغْضَائِهِ عَنْ ذِكْرِ مَا تَعَاطَوْهُ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَكَرَمِهِ فِي الْعَفْوِ. وَقِيلَ لِأَنَّ فِيهَا ذِكْرَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالْمَلَائِكَةِ وَالشَّيَاطِينِ وَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْأَنْعَامِ وَالطَّيْرِ وَسِيَرِ الْمُلُوكِ وَالْمَمَالِيكِ وَالتُّجَّارِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْجُهَّالِ وَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَمَكْرِهِنَّ وَحِيَلِهِنَّ وَفِيهَا أَيْضًا ذِكْرُ التَّوْحِيدِ وَالْفِقْهِ وَالسِّيَرِ وَتَعْبِيرِ الرُّؤْيَا وَالسِّيَاسَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ وَتَدْبِيرِ الْمَعَاشِ فَصَارَتْ أَحْسَنَ الْقَصَصِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَعَانِي وَالْفَوَائِدِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا. وَقِيلَ فِيهَا ذِكْرُ الْحَبِيبِ وَالْمَحْبُوبِ. وَقِيلَ ” أَحْسَنُ ” بِمَعْنَى أَعْجَبَ. وَاَلَّذِينَ يَجْعَلُونَ قِصَّةَ يُوسُفَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ مِنْهُمْ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ ” الْقَصَصَ ” بِالْفَتْحِ هُوَ النَّبَأُ وَالْخَبَرُ وَيَقُولُونَ هِيَ أَحْسَنُ الْأَخْبَارِ وَالْأَنْبَاءِ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَظُنُّ أَنَّ الْمُرَادَ أَحْسَنُ الْقِصَصِ بِالْكَسْرِ وَهَؤُلَاءِ جُهَّالٌ بِالْعَرَبِيَّةِ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ:
(أَحْسَنَ الْقَصَصِ) قِصَّةَ يُوسُفَ وَحْدَهَا بَلْ هِيَ مِمَّا قَصَّهُ اللَّهُ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي أَحْسَنِ الْقَصَصِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي آخِرِ السُّورَةِ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلَّا رِجَالًا نُوحِي إلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ} {حَتَّى إذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَاسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} فَبَيَّنَ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي قَصَصِ الْمُرْسَلِينَ وَأَمَرَ بِالنَّظَرِ فِي عَاقِبَةِ مَنْ كَذَّبَهُمْ وَعَاقِبَتُهُمْ بِالنَّصْرِ.
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قِصَّةَ مُوسَى وَمَا جَرَى لَهُ مَعَ فِرْعَوْنَ وَغَيْرِهِ أَعْظَمُ وَأَشْرَفُ مِنْ قِصَّةِ يُوسُفَ بِكَثِيرِ كَثِيرٍ وَلِهَذَا هِيَ أَعْظَمُ قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ الَّتِي تُذْكَرُ فِي الْقُرْآنِ ثَنَّاهَا اللَّهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا وَبَسَطَهَا وَطَوَّلَهَا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا؛ بَلْ قَصَصُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ – كَنُوحِ وَهُودٍ وَصَالِحٍ وَشُعَيْبٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُرْسَلِينَ – أَعْظَمُ مِنْ قِصَّةِ يُوسُفَ وَلِهَذَا ثَنَّى اللَّهُ تِلْكَ الْقَصَصَ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يُثَنِّ قِصَّةَ يُوسُفَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِينَ عَادُوا يُوسُفَ لَمْ يُعَادُوهُ عَلَى الدِّينِ بَلْ عَادَوْهُ عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً وَحَسَدُوهُ عَلَى مَحَبَّةِ أَبِيهِ لَهُ وَظَلَمُوهُ فَصَبَرَ وَاتَّقَى اللَّهَ وَابْتُلِيَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِمَنْ ظَلَمَهُ وَبِمَنْ دَعَاهُ إلَى الْفَاحِشَةِ فَصَبَرَ وَاتَّقَى اللَّهَ فِي هَذَا وَفِي هَذَا وَابْتُلِيَ أَيْضًا بِالْمُلْكِ فَابْتُلِيَ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ فَصَبَرَ وَاتَّقَى اللَّهَ فِي هَذَا وَهَذَا فَكَانَتْ قِصَّتُهُ مِنْ أَحْسَنِ الْقَصَصِ وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْ الْقَصَصِ الَّتِي لَمْ تُقَصَّ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ يَظْلِمُونَ وَيَحْسُدُونَ وَيَدْعُونَ إلَى الْفَاحِشَةِ وَيُبْتَلَوْنَ بِالْمُلْكِ لَكِنْ لَيْسَ مَنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ مِمَّنْ اتَّقَى اللَّهَ وَصَبَرَ مِثْلَ يُوسُفَ وَلَا فِيهِمْ مَنْ كَانَتْ عَاقِبَتُهُ أَحْسَنَ الْعَوَاقِبِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِثْلَ يُوسُفَ. وَهَذَا كَمَا أَنَّ قِصَّةَ أَهْلِ الْكَهْفِ وَقِصَّةَ ذِي الْقَرْنَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا هِيَ فِي جِنْسِهَا أَحْسَنُ مِنْ غَيْرِهَا.
فَقِصَّةُ ذِي الْقَرْنَيْنِ أَحْسَنُ قَصَصِ الْمُلُوكِ وَقِصَّةُ أَهْلِ الْكَهْفِ أَحْسَنُ قَصَصِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا قَصَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ أَحْسَنُ مِمَّا لَمْ يَقُصُّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ قِصَّةَ يُوسُفَ أَحْسَنُ مَا قُصَّ فِي الْقُرْآنِ. وَأَيْنَ مَا جَرَى لِيُوسُفَ مِمَّا جَرَى لِمُوسَى وَنُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الرُّسُلِ وَأَيْنَ مَا عُودِيَ أُولَئِكَ مِمَّا عُودِيَ فِيهِ يُوسُفُ وَأَيْنَ فَضْلُ أُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَعُلُوُّ دَرَجَتِهِمْ مِنْ يُوسُفَ – صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ؟ وَأَيْنَ نَصْرُ أُولَئِكَ مِنْ نَصْرِ يُوسُفَ؟ فَإِنَّ يُوسُفَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} وَأَذَلَّ اللَّهُ الَّذِينَ ظَلَمُوهُ ثُمَّ تَابُوا فَكَانَ فِيهَا مِنْ الْعِبْرَةِ أَنَّ الْمَظْلُومَ الْمَحْسُودَ إذَا صَبَرَ وَاتَّقَى اللَّهَ كَانَتْ لَهُ الْعَاقِبَةُ وَأَنَّ الظَّالِمَ الْحَاسِدَ قَدْ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَيَعْفُو عَنْهُ وَأَنَّ الْمَظْلُومَ يَنْبَغِي لَهُ الْعَفْوُ عَنْ ظَالِمِهِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ. وَبِهَذَا {اعْتَبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لَمَّا قَامَ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ وَقَدْ أَذَلَّ اللَّهُ لَهُ الَّذِينَ عَادُوهُ وَحَارَبُوهُ مِنْ الطُّلَقَاءِ – فَقَالَ: مَاذَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ فَقَالُوا: نَقُولُ أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ عَمٍّ كَرِيمٌ.
فَقَالَ: إنِّي قَائِلٌ لَكُمْ كَمَا قَالَ يُوسُفُ لِإِخْوَتِهِ: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}}. وَكَذَلِكَ {عَائِشَةُ لَمَّا ظُلِمَتْ وَافْتُرِيَ عَلَيْهَا وَقِيلَ لَهَا: إنْ كُنْت أَلْمَمْت بِذَنْبِ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إلَيْهِ فَقَالَتْ فِي كَلَامِهَا: أَقُولُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}}. فَفِي قِصَّةِ يُوسُفَ أَنْوَاعٌ مِنْ الْعِبْرَةِ لِلْمَظْلُومِ وَالْمَحْسُودِ وَالْمُبْتَلَى بِدَوَاعِي الْفَوَاحِشِ وَالذُّنُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
لَكِنْ أَيْنَ قِصَّةُ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَالْمَسِيحِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ كَانَتْ قِصَّتُهُ أَنَّهُ دَعَا الْخَلْقَ إلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَكَذَّبُوهُ وَآذَوْهُ وَآذَوْا مَنْ آمَنَ بِهِ؟ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أُوذُوا اخْتِيَارًا مِنْهُمْ لِعِبَادَةِ اللَّهِ فَعُودُوا وَأُوذُوا فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ بِاخْتِيَارِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَوْلَا إيمَانُهُمْ وَدَعْوَتُهُمْ الْخَلْقَ إلَى عِبَادَةِ اللَّهِ لَمَا أُوذُوا وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ أُوذِيَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَمَا أُخِذَ يُوسُفُ مِنْ أَبِيهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَلِهَذَا كَانَتْ مِحْنَةُ يُوسُفَ بِالنِّسْوَةِ وَامْرَأَةِ الْعَزِيزِ وَاخْتِيَارِهِ السِّجْنَ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ أَعْظَمَ مِنْ إيمَانِهِ وَدَرَجَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ وَأَجْرِهِ مِنْ صَبْرِهِ عَلَى ظُلْمِ إخْوَتِهِ لَهُ؛ وَلِهَذَا يَعْظُمُ يُوسُفُ بِهَذَا أَعْظَمَ مِمَّا يَعْظُمُ بِذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِيهِ: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} وَهَذَا كَالصَّبْرِ عَنْ الْمَعَاصِي مَعَ الصَّبْرِ عَلَى الْمَصَائِبِ فَالْأَوَّلُ أَعْظَمُ وَهُوَ صَبْرُ الْمُتَّقِينَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ”
وأما الحكمة من كون قصة موسى أكثر قصص الأنبياء ذكراً في القرآن
فيقول ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (12/ 9):”
وَثَنَّى قِصَّةَ مُوسَى مَعَ فِرْعَوْنَ؛ لِأَنَّهُمَا فِي طَرَفَيْ نَقِيضٍ فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ
فَإِنَّ فِرْعَوْنَ فِي غَايَةِ الْكُفْرِ وَالْبَاطِلِ حَيْثُ كَفَرَ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَبِالرِّسَالَةِ
وَمُوسَى فِي غَايَةِ الْحَقِّ وَالْإِيمَانِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَاسِطَةً مِنْ خَلْقِهِ فَهُوَ مُثْبِتٌ لِكَمَالِ الرِّسَالَةِ وَكَمَالِ التَّكَلُّمِ وَمُثْبِتٌ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ بِمَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ النُّعُوتِ
وَهَذَا بِخِلَافِ أَكْثَرِ الْأَنْبِيَاءِ مَعَ الْكُفَّارِ فَإِنَّ الْكُفَّارَ أَكْثَرُهُمْ لَا يَجْحَدُونَ وُجُودَ اللَّهِ وَلَمْ يَكُنْ أَيْضًا لِلرُّسُلِ مِنْ التَّكْلِيمِ مَا لِمُوسَى؛ فَصَارَتْ قِصَّةُ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ أَعْظَمَ الْقِصَصِ وَأَعْظَمُهَا اعْتِبَارًا لِأَهْلِ الْإِيمَانِ وَلِأَهْلِ الْكُفْرِ.
وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّ عَلَى أُمَّتِهِ عَامَّةَ لَيْلِهِ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَكَانَ يَتَأَسَّى بِمُوسَى فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَلَمَّا بُشِّرَ بِقَتْلِ أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ هَذَا فِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَكَانَ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ مِنْ الصَّابِئَةِ الْمُشْرِكِينَ الْكُفَّارِ؛ وَلِهَذَا كَانَ يَعْبُدُ آلِهَةً مِنْ دُونِ اللَّهِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى مُسْتَيْقِنًا لَهُ لَكِنَّهُ كَانَ جَاحِدًا مَثْبُورًا كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُم “