121 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله الله الديني وأصحابه
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
121 – قال الإمام النسائي رحمه الله في “عمل اليوم والليلة” (ص 250): أخبرنا أبو بكر بن نافع، قال: حدثنا بهز، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال حدثنا ثابت، عن أنس: أن ناسًا قالوا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: يا خيرنا وابن خيرنا، ويا سيدنا وابن سيدنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «يا أيها الناس، عليكم بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، إني لا أريد أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله تعالى، أنا محمد بن عبد الله، عبده ورسوله».
هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم.
الحديث أخرجه الإمام أحمد (ج 3 ص 153) فقال رحمه الله: حدثني حسن بن موسى، ثنا حماد بن سلمة به.
و (ص 249) فقال: ثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة به.
* وقال عبد بن حميد رحمه الله في “المنتخب” (ج 3 ص 152): حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس: أن رجلًا قال يا سيدنا وابن سيدنا ويا خيرنا وابن خيرنا فقال «أيها الناس عليكم بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا محمد بن عبد الله».
* وقال رحمه الله (ص 162): حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلًا قال لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يا خيرنا وابن خيرنا يا سيدنا وابن سيدنا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «عليكم بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا محمد بن عبد الله عبد الله ورسوله والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله».
هذا حديث صحيحٌ.
……………………..
انظر السلسلة الصحيحة (1572)
السؤال: ما الجمع بين نهي النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه عن دعوته بالسيد، وقوله في حديث الباب: (إن ابني هذا سيد)؟ الجواب: لم ينههم الرسول صلى الله عليه وسلم نهياً مطلقاً، وإنما قال: (قولوا بقولكم، أو بعض قولكم)، والمعنى: أنكم لا يستهوينكم الشيطان فتزيدوا في الأمر، فأراد منهم أن يكفوا عن المبالغة، وإلا فإنه قد أخبر عن نفسه بأنه سيد، فقال: (أنا سيد ولد آدم، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع)، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. وقال: (أنا سيد الناس يوم القيامة) كما جاء في حديث الشفاعة الطويل، وقوله هنا: (أنا سيد الناس يوم القيامة) مع أنه سيدهم في الدنيا والآخرة صلى الله عليه وسلم؛ لأنه في ذلك اليوم يظهر سؤدده على الجميع من لدن آدم إلى آخر البشر، فالناس في يوم المحشر يجتمعون في صعيد واحد، ويموج بعضهم في بعض، فيبحثون عمن يشفع لهم إلى الله ليخلصهم مما هم فيه من شدة الموقف، فيذهبون إلى آدم فيعتذر، وإلى نوح فيعتذر، وإلى إبراهيم فيعتذر، وإلى موسى فيعتذر، وإلى عيسى فيعتذر، ثم يأتون إلى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فيقول: أنا لها، ثم يتقدم ويشفع فيشفعه الله عز وجل، وهذه الشفاعة يقال لها: المقام المحمود، وسميت مقاماً محموداً لأنه يحمده عليه الأولون والآخرون، فظهر سؤدده فيها على الأولين والآخرين، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم هذا تبليغاً عن الله ومبيناً عظيم منزلته عند الله عز وجل، فالنبي صلى الله عليه وسلم ليس بعده نبي يبين منزلته عند الله، فشريعته صلى الله عليه وسلم هي آخر الشرائع، وقد بين ما يتعلق به صلى الله عليه وسلم مما يعتقد في حقه عليه الصلاة والسلام كما في هذه الأحاديث. (شرح سنن أبي داود للعباد)
فالنبي صلى الله عليه وسلم كامل كمالا بشريا, وأما الكمال المطلق فهو لله وحده لا يشاركه فيه مخلوق من مخلوقاته كائنا من كان لا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا, وجميع المخلوقات يلحقها النقص. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرى فيرفع فوق منزلته، أو يعطى بعض خصائص الألوهية، فقال -كما جاء في صحيح البخاري -: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله. أي لا تمدحوني بالباطل ولا تجاوزوا الحد في مدحي كما عملت النصارى مع عيسى فمدحوه حتى جعلوه إلها.
مدح الرسول صلى الله عليه وسلم نوعان:
1 – مدح مشروع مستحب، وهو الناتج عن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبيين فضله وخصائصه ومعجزاته وأخلاقه الكريمة من غير غلوّ وألاّ يوصف إلا بما هو حق فيه، لا بالباطل أو الكذب أو بما ليس من خصائصه، بل من خصائص الله، فلقد مُدح رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وقال فيه كعب بن زهير:
إن الرسول لنور يستضاء به … مهند من سيوف الله مسلول
فمدحه صلى الله عليه وسلم ببيان منزلته التي مدحه الله بها مشروع.
فقد روى أحمد والنسائي أن أناسا قالوا له: يا رسول الله؛ يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس: قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا سيد ولد آدم ولا فخر.
وقد روى أبو داود بسند جيد أن بعض أصحابه قالوا: أنت سيدنا، فقال: السيد الله. وهذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم، إلا أن العلماء قالوا: إن سلوك طريق الأدب أحب من الامتثال، فلذلك نحن نفضله على سائر الأنبياء لأن الله فضله عليهم وإن كان قد قال صلى الله عليه وسلم: لا تفضلوني على يونس بن متى. فهذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم.
2 – مدحٌ مبتدعٌ محرم وهو الغلو والإطراء في مدحه، وذلك بأن يمدح بما ليس من خصائصه، كأن يُرفع إلى مقام الألوهية، أو يعطى بعض صفات الله، كما قالت امرأة في زمنه وهي تمدحه: وفينا نبي يعلم ما في غدٍ. فنهاها صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن علم الغيب من خصائص وصفات الله، وقد أمر الله رسوله أن يقول: وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْر [الأعراف: 188].
فلا يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغيب إلا ما علمه الله، أو أن يستغاث به، أو يدعى من دون الله، أو أن يمدح بالكذب كما مدحه بعضهم بأن القمر انشق ونزل يسلم عليه، فانشقاق القمر حدث معجزة له، ولكن ما نزل ليسلم عليه، أو أن يقترن مدحه بمحظور، وقد جاء في صحيح البخاري: لاتطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله، أي لا تمدحوني بالباطل ولا تجاوزوا الحد في مدحي كما عملت النصارى مع عيسى فمدحوه حتى جعلوه إلها.
وفي كثير من هذه المدائح التي ينشدها المنشدون غلو ظاهر في النبي صلى الله عليه وسلم لو سمعه لما رضي به ولا أقره، كقول صاحب أشهر مدائح القوم وهي البردة:
فإن من وجودك الدنيا وضرتها * ومن علومك علم اللوح والقلم.
(فتاوى الشبكة الإسلامية العدد: 90751)
ويستفاد من هذا الحديث كيف كان يؤدب النبي صلى الله عليه وسلم أمته سيما ضعفاء الإيمان أو حدثاء الإسلام، مخافة أن يقعوا في الغلو الذي يحبط الأعمال، فنحن نعتقد أنه صلى الله عليه وسلم هو النور والسراج المنير، وهو أفضل الرسل وخاتم الأنبياء وسيد الخلق، والشفيع المشفع في يوم القيامة وهو صاحب لواء الحمد وله المقام المحمود والحوض المورود، ولكن حقه على أمته أن يؤمنوا ويصدقوا بأنه مرسل من ربه وأنه قد أنزل عليه الوحي، وهو هذا القرآن الكريم والسنة المطهرة، وقد أمر الله تعالى بالإيمان به ورتب عليه الثواب قال الله تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا} وقال عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} وقال تعالى {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ} (فالإيمان به يقتضي تصديقه واعتقاد رسالته وصحة ما جاء به عن ربه وصدقه في كل ما بلغه عن الله تعالى، مما يستلزم طاعته والسير على نهجه واتباعه في ما جاء به وما فعله على وجه التقرب والسنية، وقد علق الله على اتباعه الاهتداء ومحبة الله وغفران الذنوب حيث قال تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} وهذه هي آية المحبة، فإن أدعياء محبة النبي صلى الله عليه وسلم كثير، فمن كان صادق المحبة فإنه يحرص على اتباع هدي محمد صلى الله عليه وسلم ويطبق تعاليمه ويتخذه أسوة وقدوة حسنة، ويحرص كل الحرص على امتثال كل ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من الإرشادات والتعاليم، فيمتثل الأوامر ويبعد عن النواهي والزواجر، ويقلده عليه الصلاة
والسلام في أفعاله وسننه غير مبال بمن خالفه من أهل زمانه، ويصبر على ما يوجه إليه من المقت واللوم والعذل والتنقص والرمي بالتشدد والتزمت أو الغلو في الدين أو نحو ذلك،
كما يحصل من أغلب الناس مع القائمين بخصال الفطرة والمتنزهين عن الشبهات من معاملات ربوية أو مشاهدة أفلام أو صور خليعة أو أغاني فاتنة، مع تصريح أولئك المستهترين بمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم والتصديق برسالته، وكأنهم يعتقدون أن صدق محبته إنما يتمثل في الإطراء ومدحه بما لا يستحقه إلا الله وإشراكه مع ربه في الملك، أو إعمال المطي إلى قبره ثم الهتاف ورفع الصوت بدعائه وطلبه الحاجات التي لا يقدر عليها إلا الله، وقد يتعلقون بحكايات مكذوبة أو أحاديث لا أصل لها كقولهم إن الله قال له: لولاك ما خلقت الكون، أو ما خلقت الأفلاك، وكقولهم: إن الله قال لآدم: لولا محمد ما خلقتك، ونحوها من الأكاذيب التي بنوا عليها وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ وكل ما في الكون، وأنه يملك الدنيا والآخرة فيعطي ويمنع ويسعد ويشقي ويهدي ويضل، وهم مع هذا يخالفون سنته الثابتة كما في حلق اللحى وإطالة الشوارب وشرب الخمر وإسبال اللباس وتعظيم العصاة وموالاة الكفار، ونحو ذلك مما هو عين المحادة والمخالفة لسنته صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك من تسويل الشيطان حيث دعاهم إلى الغلو فيه من بعض الجهات وإلى مخالفة سنته من جهات أخرى، فهذه إشارة إلى بعض أعمال هؤلاء الأقوام الذين سمى ممثلهم علماء الإسلام وأهل التوحيد بالوهابية وجعلهم بمنزلة الحمير، وكأنه بهذا الوصف يشير إلى مثل اليهود الذي ذكره الله بقوله: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} لكن هذا المثل ينطبق على هذا الكاتب وأضرابه الذين يقرءون القرآن وتمر بهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وفيها النهي عن دعاء غير الله كقوله: {فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} وكقوله: {وَلاَ تَدْعُ مِنْ
دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنْفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ} وقوله {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ} ثم يخالفونها صريحا فهم أقرب إلى الشبه بالحمار الذي يحمل أسفارا والله المستعان.