1207 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———‘———‘——–
باب مسح الحصا في الصلاة
1207 – حدثنا أبو نعيم حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة قال حدثني معيقيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال إن كنت فاعلا فواحدة
———‘———
معيقيب بالتصغير: هو ابن أبي فاطمة الدوسي، وحليف بني عبد شمس، من السابقين الأولين، هاجر الهجرتين، وشهد المشاهد، وولي بيت المال لعمر، ومات في خلافة عثمان أو علي.
فواحدة: بالنصب على إضمار فعل، أي: فامسح واحدة، أو على النعت لمصدر محذوف، ويجوز الرفع على إضمار الخبر، أي: فواحدة تكفي، أو إضمار المبتدأ، أي: فالمشروع واحدة
فوائد حديث الباب:
1) قوله (مسح الحصى في الصلاة) أي ما حكمه؟ وأشار البخاري إلى ما ورد في بعض طرق حديث الباب ولفظ السؤال (مسح الحصى في الصلاة) أخرجه الترمذي وابن ماجه من طريق الأوزاعي عن يحيى.
2) وترجم عليه النسائي فقال: الرُّخْصَةُ فِي مَسَحِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ مَرَّةً وَاحِدَةً
3) قال ابن دقيق العيد في الإلمام: قلت: المُرَاد مسح الْحَصْبَاء للتسوية.
4) الحديث أخرجه الستة، وقال ابن كثير كما في جامع المسانيد:”رواه الجماعة من طرق عن يحيى بن أبى كثير به”.
5) قال الحميدي في الجمع بين الصحيحين في معيقيب “وليس له في الصحيحين غيره”.
6) معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي من مهاجرة الحبشة حليف بني سعيد بن العاص الأكبر وكان عاملا لعمر بن الخطاب على بيت المال قاله الطبراني في الكبير. وقال أبو عوانة في مستخرجه ” بدري”.
7) قوله (قال في الرجل) وعند مسلم من طريق هشام عن يحيى (أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم).
(8)) وورد عند الترمذي من طريق الأوزاعي عن يحيى أن السائل هو معيقيب نفسه.
9) قوله (يسوي التراب) أي يمسح الحصى (حيث يسجد).
10) قوله (إن كنت فاعلا) وفي رواية عند مسلم (إن كنت لا بد فاعلا) أي هناك حاجة لمصلحة الصلاة. (فواحدة) أي ولا تزد.
11) فيه السكون والطمأنينة في الصلاة وترك العبث.
12) ولفظ أبي داود من طريق هشام عن يحيى (لا تمسح وأنت تصلى). وهذا تصريح بالنهي.
13) وكره عامة أهل العلم مسح الحصا في الصلاة، وقد جاءت الرخصة بمرة واحدة تسوية لمكان سجوده قال الترمذي والعمل على هذا عند عامة أهل العلم.
14) قال الطحاوي في شرح مشكل الآثار: دل على أن الواحدة المباحة فيه لضرورة لا لغير ذلك.
15) الرُّخْصَةُ فِي مَسَحِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ مَرَّةً وَاحِدَةً قاله النسائي، ولو سواه قبل الدخول في الصلاة كان أولى قاله البيهقي.
16) فيه النهي عن العبث في الصلاة
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – – إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي اَلصَّلَاةِ فَلَا يَمْسَحِ اَلْحَصَى , فَإِنَّ اَلرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ – رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَزَادَ أَحْمَدُ: “وَاحِدَةً أَوْ دَعْ” قاله الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، قلت وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. رووه كلهم من رواية عن أبي الأحوص، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت فيه أبو الأحوص لم يرو عنه غير الزهري ورضيه، وذكره ابن حبان في الثقات. ولَم يعرفه سعد بن إبراهيم والنسائي وقال ابن معين ليس بشيئ.
17) قال ابن المنذر في الأوسط: (ما أحب مسح الحصي في الصلاه لحديث ابي ذر).
18) عن سعيد بن المسيب أنه رأى رجلا يعبث بالحصا، فقال: لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه. قاله البيهقي في السنن الكبرى بغير إسناد.
19) عن منصور قال: قلت لمجاهد {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} [الفتح: 29] أهو أثر السجود في وجه الإنسان؟ فقال: ” لا إن أحدهم يكون بين عينيه مثل ركبة العنز وهو كما شاء الله، يعني من الشر، لكنه الخشوع ” أخرجه البيهقي في السنن الكبرى من طريق سعيد بن منصور.
20) قال أبو نعيم في معرفة الصحابة بعد أن أخرج الحديث من طريق هشام الدستوائي عن يحيى قال رواه شيبان وهمام وحرب بن شداد والاوزاعي وابو عبد الله اليمامي عن يحيي مثله ورواه عن ابي سلمه منصور بن زاذان والزهري.
21) قوله (عن يحيى) ومن طريق هشام الدستوائي عند مسلم (حدثني يحيى بن أبي كثير).
22) قوله (عن أبي سلمة) وعند الترمذي والنسائي في الصغرى (حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن).
———
فوائد حديث الباب:
1 – ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين: كوفي وبصري ومدني، وفيه التحديث بالإفراد والجمع والعنعنة.
2 – جاء في الحديث لفظ الحصى ولفظ التراب فأشار بالترجمة إلى الحصى وبالحديث إلى التراب ليشمل الاثنين / بدر الدين العيني في عمدة القارئ
3 – قال المهلب: هذا من باب العمل في الصلاة
4 – وقوله: (إن كنت فاعلا فواحدة)، يريد تقليل العمل فيها، ووكل الأمر فى ذلك إلى أمانة المصلى.
5 – وروى مالك عن يحيى بن سعيد، قال: إن أبا ذر كان يقول: مسح الحصى مرة واحدة، وتركها خير من حمر النعم.
6 – وروى عن ابن عمر أنه كان إذا أهوى ليسجد مسح الحصى مسحا خفيفا
7 – قال الحافظ: التقييد بالحصى وبالتراب خرج للغالب لكونه كان الموجود في فرش المساجد إذ ذاك، فلا يدل تعليق الحكم به على نفيه عن غيره مما يصلى عليه من الرمل والقذى وغير ذلك.
8 – قوله ” في الرجل ” أي في شأن الرجل وذكر الرجل لأنه الغالب وإلا فالحكم جار في الذكر والأنثى من المكلفين
9 – فيه الرخصة بمسح الحصى في الصلاة مرة واحدة وممن رخص به فيها أبو ذر وأبو هريرة وحذيفة وكان ابن مسعود وابن عمر يفعلانه في الصلاة وبه قال من التابعين إبراهيم النخعي وأبو صالح وحكى الخطابي في المعالم كراهته عن كثير من العلماء وممن كرهه من الصحابة عمر بن الخطاب وجابر ومن التابعين الحسن البصري وجمهور العلماء بعدهم وحكى النووي في شرح مسلم اتفاق العلماء على كراهته لأنه ينافي التواضع ولأنه يشغل المصلي (قلت: بدر الدين العيني) في حكايته الاتفاق نظر فإن مالكا لم ير به بأسا وكان يفعله في الصلاة.
———–‘———-
– فيه أن الصلاة وقوف بين يدي الله عز وجل
فلا ينبغي الاتيان بما ينافي حركات الصلاة
– فيه عدم الحركة في الصلاة إلا للحاجة.
– فيه أن الخشوع هو لب الصلاة
– فيه أن الحركة اليسيرة في الصلاة لا تبطلها، وفيه أحاديث.
قال العباد في شرح سنن أبي داود:
يعني: من أجل تسوية الحصى، وسواء كان ذلك قبل الصلاة أو في الصلاة، يمكن للإنسان أن يسوي المكان قبل أن يدخل في الصلاة حتى لا يحتاج إلى التسوية في الصلاة، إذا كانت الأرض فيها انخفاض وارتفاع بسبب الحصى، وإن دخل وهو لم يسو فله أن يسويها مرة واحدة، ولا يكرر ذلك، والمعنى أن هذا الفعل يكون للحاجة، ويكون مرة واحدة؛ لأنه إذا سوى في المرة الأولى بقيت الأرض متساوية على ما هي عليه، فلا يكرر تسويتها في كل ركعة، وإنما يسوي في الركعة الأولى، وهذا هو الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن فيه مصلحة، لأن الأرض إذا كان فيها انخفاض وارتفاع تجعل الرأس يميل إذا سجد عليها بسبب الحصاة الناتئة، فكونه يسوي الحصى عند الحاجة لا بأس بذلك، كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ
قال القاضي عياض في إكمال المعلم:
وذكر مسلم المسح ” فى المسجد ” وفى الحديث الآخر: ” فى الصلاة “، وهو معناه، يعنى مسح الحصى، فقال: ” إن كنت لابد فاعلا فواحدة “، مسحه: تسويته كما جاء فى الحديث الآخر مفسرا؛ وذلك لئلا يتأذى به، وقيل: [بل مسحه ومسح الغبار عنه لئلا يتعلق منه شاء بوجهه، وهذا كله ينافى] معنى الصلاة والتواضع فيها وترك الشغل بغيرها، فأبيح من ذلك المرة الواحدة ليدفع مضرة ذلك عن وجهه، وقد جاء: ” تركها خير من حمر النعم “؛ لكثرة الأجر فى تقربه الوجه، والتواضع لله، والإقبال على صلاته بجميعه، وكذلك جاء النهى عن النفخ فى سجوده للتراب لذلك وكرهه السلف، وكرهوا مسح الجبهة فى الصلاة وقبل الانصراف مما يتعلق بها من الأرض، وحكى أبو سليمان عن مالك جواز مسح الحصا مرة وثانية فى الصلاة، والمعروف عنه ما عليه الجمهور.
تنبيه: أخرج أحمد فى المسند عن جابر بن عبد الله قال: سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى فقال: ” واحدة، ولئن تمسك عنها خير لك من مائة بدنة كلها سود الحدقة ” 3/ 300.
قلت (أحمد بن علي) ضعفه محققو المسند
——-
قلت سيف: حديث جابر الذي نقله صاحبنا أحمد بن علي وضعفه محققو المسند.
صححه الألباني في السلسلة الصحيحة 3062
حيث ذكر له شاهدا عن أبي ذر قال: مسحه الحصى واحدة وأن لا تفعل أحب إلي من مئة ناقة سود الحدق. وقال: موقوف وله حكم الرفع.
وكذلك صححه بشاهده جامع منتخب الأخبار في زوائد مشكل الآثار
لكني وجدت في ضعفاء العقيلي شرحبيل بن سعد راوي الحديث عن جابر ليس ضعيفا فقط كما قال محققو المسند بل نقل العقيلي أنه متهم – يعني بوضع الحديث
قال صاحبنا أبو صالح:
حال شرحبيل بن سعد
ناقش الألباني العلامة أحمد شاكر في تصحيحه لحديث شرحبيبل كما في الصحيحة (2776)
وأكد الألباني أنه تكلم فيه من وجهين
الاتهام، والاختلاط …. ثم قال الألباني فالحق أن الرجل ضعيف لا يحتج به، ولعله ممن يستشهد به. انتهى
أي كأن الألباني مع وقوفه على قول من اتهمه
– كما فعل الحافظ ابن حجر فقد وقف على ذلك- لم يأخذ به. انتهى كلام أبي صالح
المهم الموقوف كما ذكر الألباني له حكم الرفع وذكر البيهقي الموقوف، ثم قال: وقال: وروينا عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه سوى الحصى بنعليه قبل الدخول في الصلاة. وذكر من طريق أبي جعفر القارئ قال رأيت عبدالله بن عمر إذا هوى يسجد يمسح الحصى لموضع جبهته مسحا خفيفا.
قال البيهقي: وهذا القدر هو المرخص فيه، وإنما الكراهية في العبث به. ولو سواه قبل الدخول في الصلاة كما فعل عثمان رضي الله عنه كان أولى. وروينا عن سعيد بن المسيب أنه رأى رجلا يعبث بالحصا فقال: لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه.
ثم بوب باب لا يمسح وجهه من التراب في الصلاة حتى يسلم وذكر حديث أبي سعيد في ليلة القدر وفيه ( .. انصرف علينا وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين) قال البخاري: كان الحميدي يحتج بهذا الحديث في أن لا يمسح الجبهة في الصلاة.
ونقل عن ابن مسعود أنه من الجفاء البول قائما. وصلاة الرجل والناس يمرون بين يديه وليس بين يديه شيء يستره. ومسح الرجل التراب عن وجهه وهو في صلاته وان يسمع المؤذن ولا يجيبه في قوله.
واورده مرفوعا عن بريدة وفيه النفخ في الصلاة بدل المرور ولم يقل أربع.
لكن نقل أن البخاري قال حديث منكر يضطربون فيه.
قال الترمذي: حديث بريدة غير محفوظ عندي.
قال ابن رجب: وهذا الموقوف أصح.
وحكى البيهقي عن البخاري أنه قال في المرفوع: هو حديث منكر يضطربون فيه. انتهى فتح الباري 5/ 201
ونقلت كلام ابن رجب لأنه قيد الاضطراب الذي ذكره البخاري بالمرفوع. دون الموقوف
وأثر ابن مسعود أخرجه عبدالغني المقدسي في أخبار الصلاة 109 وفيه ( …. وان يمسح وجهه قبل أن يقضي صلاته …. ) وهو لفظ الطبراني 9501
بينما لفظ البيهقي (وهو في صلاته) وكلها بمعنى واحد.
والترمذي أورد حديث أبي ذر وقال: وفي الباب عن معيقيب وعلي بن أبي طالب وحذيفة وجابر بن عبد الله قال أبو عيسى حديث أبي ذر حديث حسن وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كره المسح في الصلاة وقال أن كنت لا بد فاعلا فمرة واحدة كأنه روي عنه رخصة في المرة الواحدة والعمل على هذا عند أهل العلم.
ونقل ابن حجر في شرح هذا الباب: قال عياض: كره السلف مسح الجبهة في الصلاة قبل الانصراف. قلت: وقد تقدم في أواخر صفة الصلاة حكاية استدلال الحميدي لذلك بحديث أبي سعيد في رؤيته الماء والطين في جبهة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن انصرف من صلاة الصبح.
– بوب النووي على حديث معيقيب: باب كراهة مسح الحصى وتسوية التراب في الصلاة.
– وبعد أن ذكر ابن عبد البر في الاستذكار الأثر الذي ذكره مالك عن ابن عمر إذا أهوى ليسجد مسح الحصباء لموضع جبهته مسحا خفيفا.
وعن يحيى بن سعيد أنه بلغه عن أبي ذر كان يقول: مسح الحصباء مرة واحدة وتركها خير من حمر النعم.
قال ابن عبدالبر: أما فعل أبن عمر فإنه عنده من الفعل الخفيف الذي لا يشغله عن صلاته.
وأما قول أبي ذر فهو الاختيار ألا يمسح موضع سجوده إلا مرة واحدة، لأن ترك ذلك من التذلل والتواضع لله عزوجل.
وكذلك لا يمسح جبهته من التراب إلا مرة واحدة أيضا في آخر صلاته.
وروي عن عمر بن الخطاب وجابر وأبي هريرة وجماعة من السلف أنهم كرهوا للمصلي مسح الحصى إلا مرة ….. إلى آخر ما نقل رحمه الله
– على المسلم إذا حضر للصلاة أن يكون على أحسن ما يكون من الاستعداد، فيأتي بالأسباب المعينة على الخشوع، ويدع ويجتنب الموانع التي تمنع حضور القلب
تشبيك الأصابع قبل الصلاة:
– ورد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: إذا توضأ أحدكم في بيته ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع فلا يقل هكذا وشبك بين أصابعه أخرجه الحاكم
وفي مختلف الحديث 55 نقلنا تعليل حديث كعب بن عجرة كما في العلل للدارقطني 2173 ….. ثم قلنا:
ولكن هنا الحديث قد جاء بإسناد آخر أقوى من هذه الأسانيد فرواه البيهقي ورواه كذلك بن حبان أما ما يتعلق بابن حبان فرواه من حديث أبي أيوب الرقي عن عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة وأبو أيوب الرقي هذا لا بأس به
وقد تابع أبو أيوب الرقي عمرو بن قسيط عند البيهقي و عمرو بن قسيط وهو أيضاً لا بأس به صدوق فهذا الحديث اسناده جيد ويدل على ما قال المصنف رحمه الله تعالى أنه يسن للإنسان قبل أن يخرج إلى المسجد انه يتوضأ ثم إذا خرج لا يشبك بين أصابعه لأنه في هذه الحالة في صلاة
– صرح الأحناف أنه إذا كان لا يمكنه وضع القدر الواجب من الجبهه إلا بمسح الحصى جاز ولو أكثر من مرة
– اتفق الفقهاء على كراهية العبث باللحية نقله بعض أهل العلم.
– وكما أن المصلي ينبغي أن يحترز مما يشغله عن صلاته كما مر في النقاط السابقة فكذلك عليه أن يلتزم بعدم التشويش على المصلين الآخرين.
– جمع بعض الباحثين عدد من الأسباب التي تشوش على المصلى مع ادلتها كالتصاوير، والثياب ….
وقد سئل العلامة ابن باز رحمه الله: سمعنا من يقول: يكره مسح الجبهة عن التراب بعد الصلاة، فهل لهذا أصل؟
فقال: الجواب: ليس له أصلٌ فيما نعلم، وإنما يكره فعل ذلك قبل السلام؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
في بعض صلواته أنه سلّم من صلاة الصبح في ليلة مطيرة ويرى على وجهه أثر الماء والطين فدل ذلك أن الأفضل عدم مسحه قبل الفراغ من الصلاة. انتهى كلامه.
(2017) / (11) / (26)، (2): (36) م – سيف بن دورة الكعبي: 113 جامع الأجوبة الفقهية ص153
?-مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
—–
من بلوغ المرام
33 – عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما في صفة الوضوء – قال: ثم مسح صلى الله عليه وسلم برأسه، وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه. أخرجه أبوداود والنسائي وصححه ابن خزيمة.
مسألة: هل الأذنان من الرأس؟
—-
?- اختلف الفقهاء في هذه المسألة على خمسة أقوال:
الأول: أن الأذنان من الرأس وهذا قول جمهور العلماء
الثاني: أنهما عضوان مستقلان ليسا من الرأس ولا من الوجه، هذا قول الشافعية.
?-قلت: (سعيد) وقول: لأبي ثور
قال الشافعي:،ولو ترك مسح الأذنين لم يعد لأنهما لو كانتا من الوجه غسلتا معه أو من الرأس مسحتا معه،
وقال أبو ثور: ليستا من الوجه ولا من الرأس ولا شيء على من تركهما (الأوسط)
الثالث: أنهما من الوجه يغسلان معه، وهذا القول للزهري وداود.
الرابع: ما أقبل من الأذنين فمن الوجه وما أدبر فمن الرأس وهذا قول الشعبي والحسن بن صالح وإسحاق بن راهويه
الخامس: أنهما من الوجه ومن الرأس في نفس الوقت، فيغسلهما مع الوجه ويمسحهما مع الرأس وهذا مذهب بن شريح.
?-قلت: (سعيد) وروي عن محمد بن سيرين خلاف القول الأول وهو أنه كان يغسل الأذنين مع الوجه ويمسحهما مع الرأس وكان إسحاق بن راهويه يميل إلى هذا ويختاره، (الأوسط)
?- استدل الجمهور على أن الأذنان من الرأس:
بقول الله تعالى (واخذ برأس اخيه يجره إليه) وقيل المراد به الاذن
بحديث أبي أمامة قال: توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فغسل وجهه ثلاثا، ويديه ثلاثا، ومسح برأسه، وقال: «الأذنان من الرأس»
قال الألباني في “السلسلة الصحيحة” 1/ 47:
حديث صحيح له طرق كثيرة عن جماعة من الصحابة منهم أبو أمامة، وأبو هريرة، وابن عمرو، وابن عباس، وعائشة، وأبو موسى، وأنس، وسمرة بن جندب، وعبد الله بن زيد.
وأيضاً حديث الصنابحي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه وذكر الحديث وفيه فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه رواه مالك والنسائي وبن ماجه قال بن تيمية في المنتقى فقوله تخرج من أذنيه إذا مسح رأسه دليل على أن الأذنين داخلتان في مسماه ومن جملته انتهى
وحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه وقال بالوسطيين من أصابعه في باطن أذنيه والإبهامين من وراء أذنيه.
?-واعترض عليهم:
أن استدلالهم بالآية أنه تأويل للآية على خلاف ظاهرها فلا يقبل والمفسرون مختلفون في ذلك فقيل المراد الرأس وقيل الأذن وقيل الذؤابة فكيف يحتج بها والحالة هذه.
والجواب عن الأحاديث أنها كلها ضعيفة متفق على ضعفها مشهور في كتب الحديث تضعيفها إلا حديث ابن عباس فإسناده جيد ولكن ليس فيه دليل لما ادعوه لأنه ليس فيه أنه مسحهما بماء الرأس المستعمل في الرأس قال البيهقي قال أصحابنا كأنه كان يعزل من كل يد أصبعين فإذا فرغ من مسح الرأس مسح بهما أذنيه. انظر المجموع (1/ 415)
?-واستدل الشافعية على أنهما عضوان مستقلان ليسا من الرأس ولا من الوجه
قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع شرح المهذب (1/ 414)
واحتج أصحابنا بأشياء أحسنها حديث عبد الله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ لأذنيه ماء خلاف الذي أخذ لرأسه وهو حديث صحيح كما سبق بيانه قريبا فهذا صريح في أنهما ليستا من الرأس إذ لو كانتا منه لما أخذ لهما ماء جديدا كسائر أجزاء الرأس وهو صريح في أخذ ماء جديد فيحتج به أيضا على من قال يمسحهما بماء الرأس وفيه رد على من قال هما من الوجه فقد جمع هذا الحديث الصحيح الدلالة للمذهب والرد على جميع المخالفين. انته
?- واعترض عليهم:
بأن حديث: «الأذنان من الرأس» وإن كان في أسانيده مقال إلا أن كثرة طرقه يشد بعضها بعضا، ويشهد لها أحاديث مسحهما مع الرأس مرة واحدة. وهي أحاديث كثيرة، عن عل وابن عباس “، و والربيع “، وعثمان “، كلهم متفقون على أنه مسحهما مع الرأس مرة واحدة، أي بماء واحد كما هو ظاهر لفظ مرة، إذ لو كان يؤخذ للأذنين ماء جديد ما صدق أنه مسح رأسه وأذنيه مرة واحدة، وإن احتمل أن المراد أنه لم يكرر مسحهما، وأنه أخذ لهما ماء جديدا، فهو احتمال بعيد. وتأويل حديث أنه أخذ لهما ماء خلاف الذي مسح به رأسه، أقرب ما يقال فيه أنه لم يبق في يده بلة تكفي. لمسح الأذنين. فأخذ لهما ماء جديدا. انًظر: سبل السلام (1/ 69)
?-واستدل بن شهاب الزهري على أن الأذنان من الوجه قال:
لأنهما مما يواجهك ولا ينبت عليهما شعر الرأس وما لا ينبت عليه شعر الرأس فهو من الوجه إذ كان فوق الذقن ولم يكن قفا وقد أمر الله بغسل الوجه أمرا مطلقا وكل ما واجهك فهو وجه.
ومن حجته أيضا قوله – عليه السلام – في سجوده ((سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره)) فأضاف السمع إلى الوجه
?-واعترض عليهم:
قال ابن قدامة في المغني (1/ 85): ولنا على الزهري قول النبي صلى الله عليه وسلم -: الأذنان من الرأس. وفي حديث ابن عباس، والربيع، والمقدام،
أن النبي صلى الله عليه وسلم – مسح أذنيه مع رأسه. وقد ذكرناهما. ولم يحك أحد أنه غسلهما مع الوجه، وإنما أضافهما إلى الوجه لمجاورتهما له، والشيء يسمى باسم ما جاوره. انتهى
?-قال النووي في المجموع: واحتجوا على من قال هما من الوجه بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسحهما ولم ينقل غسلهما مع كثرة رواة صفة الوضوء واختلاف صفاته ولأن الإجماع منعقد على أن المتيمم لا يلزمه مسحهما. انتهى.
?-أما ادلة أصحاب القول الرابع أن ما أقبل من الأذنين فمن الوجه وما أدبر فمن الرأس:
فقد استدل الطحاوي لمذهب الشعبي ومن تبعه في شرح الآثار بما رواه بسنده عن علي أنه حكى الوضوء النبوي فأخذ حفنة من ماء بيديه جميعا فضرب بهما وجهه ثم الثانية مثل ذلك ثم الثالثة ثم ألقم إبهاميه ما أقبل من أذنيه ثم أخذ كفا من ماء بيده اليمنى فصبها على ناصيته ثم أرسلها تسيل على وجهه ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا واليسرى مثل ذلك ثم مسح برأسه وظهور أذنيه وذكر بن تيمية هذا الحديث في المنتقى نقلا عن مسند أحمد وأبي داود وقال فيه حجة لمن رأى ما أقبل من الأذنين من الوجه انتهى.
وأيضاً قالوا: أن الوجه ما حصلت به المواجهة وهي حاصلة بما أقبل.
?-واعترض عليهم:
أن احتجاجهم بفعل علي رضي الله عنه مردود من أوجه:
أحدها أنها رواية ضعيفة لا تعرف
والثاني ليس فيها دليل على الفرق بين مقدم الأذن ومؤخرها
والثالث أن ذلك محمول على أنه استوعب الرأس فانمسح مؤخر الأذن معه ضمنا لا مقصودا لأن الاستيعاب لا يتأتى غالبا إلا بذلك
والرابع لو صح ذلك عن علي وتعذر تأويله كان ما قدمناه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وما هو المشهور عن علي أولى
?-وأما أصحاب القول الخامس: أنهما من الوجه ومن الرأس في نفس الوقت، فيغسلهما مع الوجه ويمسحهما مع الرأس:
قال صاحب تحفة الأحوذي وذكر الحافظ الزيلعي في نصب الراية في استدلال بن شريح أنه روى أصحاب السنن عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجود القرآن سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره فهذا الحديث يدل على أن الأذنين من الوجه فبهذا الحديث وحديث الأذنان من الرأس استند بن شريح فيما كان يفعله. انتهى
?-نقل كلام بعض أهل العلم للخلاف في المسألة:
?- قال ابن عبد البر في الاستذكار:
استدل بعض أهل العلم على أن الأذنين من الرأس وأنهما يمسحان بماء واحد مع الرأس بحديث الصنابحي هذا لقوله (فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من أذنيه) فنذكر أقوال العلماء في ذلك ها هنا
قال مالك وأصحابه الأذنان من الرأس إلا أنه يستأنف لهما ماء جديد سوى الماء الذي مسح به الرأس
وقال الشافعي كقول مالك يستأنف للأذنين الماء ولا يمسحان مع الرأس إلا أنه قال هما سنة على حيالهما لا من الوجه ولا من الرأس كالمضمضة والاستنثار
وقول أبي ثور في ذلك كقول الشافعي سواء
وقول أحمد بن حنبل في ذلك كقول مالك سواء أن الأذنين من الرأس وأنه يستأنف لهما ماء جديد
واحتج مالك والشافعي بأن عبد الله بن عمر كان يأخذ لأذنيه ماء غير الماء الذي مسح به رأسه
واحتج أصحاب الشافعي بإجماع القائلين بعموم مسح الرأس إلا أنه لا إعادة على من صلى ولم يمسح أذنيه وبإجماع العلماء على أن الحاج لا يحلق ما عليهما من الشعر.
وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري الأذنان من الرأس يمسحان مع الرأس بماء واحد وروي عن جماعة من السلف من الصحابة والتابعين مثل هذا القول.
وحجة من قال به حديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس عن النبي – عليه السلام – أنه كذلك فعل وهو موجود أيضا في حديث عبيد الله الخولاني عن بن عباس عن علي في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده عن النبي عليه السلام
ومن حجتهم حديث الصنابحي هذا قوله عليه السلام (فإذا مسح رأسه خرجت الخطايا من أذنيه) كما قال في الوجه (من أشفار عينيه) وفي اليدين (من تحت أظفاره) ومعلوم أن العمل في ذلك بماء واحد.
وقال بن شهاب الزهري الأذنان من الوجه لأنهما مما يواجهك ولا ينبت عليهما شعر الرأس وما لا ينبت عليه شعر الرأس فهو من الوجه إذ كان فوق الذقن ولم يكن قفا وقد أمر الله بغسل الوجه أمرا مطلقا وكل ما واجهك فهو وجه
ومن حجته أيضا قوله – عليه السلام – في سجوده (سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره) فأضاف السمع إلى الوجه.
وقال الشعبي ما أقبل منهما فمن الوجه وظاهرهما من الرأس فيغسل ما أقبل منهما مع الوجه ويمسح ما أدبر منهما مع الرأس
وهو قول الحسن بن حي وإسحاق بن راهويه وحكي هذا القول عن الشافعي والمشهور عنه ما تقدم ذكره
وقد روي عن أحمد بن حنبل مثل قول الشعبي وإسحاق في ذلك. انتهى
?- قال العيني في شرح أبي داود (1/ 318):
قوله: الأذنان من الرأس ” أي: تابعان للرأس في المسح، والمراد به بيان الحكم دون الخلقة؛ لأنه- عليه السلام- لم يبعث لبيان الخلقة، فثبت أنهما من أجزاء الرأس، فيمسحان بما مسح به الرأس، فإن قلت: إذا كان الأذنان ممسوحين بماء الرأس ينبغي أن ينوب مسحهما عن مسح الرأس؟ قلت: النص دلّ على أن المسح من الرأس، فلو جاز مسح الأذنين عن مسح الرأس يلزم ترك النص بخبر الواحد، وهو لا يجوز.
فإن قلت: إذا كانا من الرأس ينبغي أن يمسحان كالرأس؟ قلت: لا يصح أن يقال: يمسحان كالرأس لكونهما من الرأس؛ لأنه لو كان كذلك
لجاز أن يقال الرجلان من الوجه؛ لأنهما يغسلان كالوجه، فلما بطل هذا علمنا أنهما تابعان للرأس في المسح، ولذلك قال هما من الرأس؛ لأن ” من ” للتبعيض، فكأنه جعلهما بعض الرأس في الحكم. انتهى
?-قال الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 202):
أراد بحديث ابن عباس الحديث قبل هذا الباب بلفظ: «مسح برأسه وأذنيه مسحة واحدةً وفي الباب عن أبي أمامة عند أبي داود والترمذي وابن ماجه قال الحافظ: إنه مدرج قال الترمذي: وليس إسناده بذلك القائم. وعن عبد الله بن زيد قواه المنذري وابن دقيق العيد قال الحافظ: وقد ثبت أنه مدرج. وعن ابن عباس رواه البزار وأعله الدارقطني بالاضطراب وقال: إنه وهم، أو الصواب أنه مرسل، وعن أبي هريرة عند ابن ماجه وفيه عمرو بن الحصين وهو متروك وعن أبي موسى عند الدارقطني، واختلف في وقفه ورفعه وصوب الوقف، قال الحافظ: وهو منقطع، وعن ابن عمر عند الدارقطني وأعله أيضا، وعن عائشة عند الدارقطني أيضا وفيه محمد بن الأزهر وقد كذبه أحمد، وعن أنس عند الدارقطني أيضا من طريق عبد الحكم عن أنس وهو ضعيف. وحديث أبي أمامة وابن عباس أجود ما في الباب، قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: وأما حديث أنس وابن عمر وأبي موسى وعائشة فواهية.
والحديث يدل على أن الأذنين من الرأس فيمسحان معه وهو مذهب الجمهور.
ومن العلماء من قال: هما من الوجه. ومنهم من قال: المقبل من الوجه، والمدبر من الرأس. وقد ذكرنا نسبة ذلك إلى القائلين به في باب تعاهد الماقين. قال الترمذي: العمل على هذا – يعني كون الأذنين من الرأس – عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – ومن بعدهم، وبه يقول سفيان وابن المبارك وأحمد وإسحاق، واعتذر القائلون بأنهما ليستا من الرأس بضعف الأحاديث التي فيها الأذنان من الرأس حتى قال ابن الصلاح: إن ضعفها كثير لا ينجبر بكثرة الطرق، ورد بأن حديث ابن عباس قد صرح أبو الحسن بن القطان أن ما أعله به الدارقطني ليس بعلة، وصرح بأنه إما صحيح أو حسن. انتهى.
?- قال صاحب تحفة الأحوذي (1/ 118):
لم أقف على حديث صحيح صريح يدل على كون الأذنين من الوجه ثم لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم غسل الأذنين وإنما الثابت عنه صلى الله عليه وسلم هو مسح الأذنين فقط فالقول الراجح المعول عليه هو أن الأذنين من الرأس لأحاديث الباب ويدل عليه حديث الصنابحي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه وذكر الحديث وفيه فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه رواه مالك والنسائي وبن ماجه قال بن تيمية في المنتقى فقوله: تخرج من أذنيه إذا مسح رأسه دليل على أن الأذنين داخلتان في مسماه ومن جملته انتهى، فالمتعين هو مسح الأذنين مع الرأس. انتهى.
?- قال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح سنن أبي داود (22/ 31)
وحديث: (الأذنان من الرأس) جاء عن جماعة من الصحابة، وصححه بعض أهل العلم، وقالوا: مما يؤيده ويوضحه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الكثيرة أنه كان يمسح الأذنين تبعاً للرأس، وفي ذلك توضيح وبيان لهذا المعنى الذي هو قوله: (الأذنان من الرأس) يعني: أنهما ممسوحتان لا مغسولتان.
?-قال الشيخ الراجحي في شرح سنن أبي داود (8/ 19):
وأما قوله: (الأذنان من الرأس)، فهذا حق، وسواء كان هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو قول أبي أمامة فالأذنان من الرأس تابعان له؛ فلا يؤخذ لهما ماء جديد على الصحيح، بل يمسحان بما بقي في اليد.
قال الخطابي: وقوله: الأذنان من الرأس، فيه بيان أنهما ليستا من الوجه كما ذهب إليه الزهري، وأنه ليس باطنهما من الوجه، وظاهرهما من الرأس، كما ذهب إليه الشعبي، وممن ذهب إلى أنهما من الرأس ابن المسيب وعطاء والحسن وابن سيرين وسعيد بن جبير والنخعي وهو قول الثوري وأصحاب الرأي، ومالك وأحمد بن حنبل وقال الشافعي: هما سنة على حيالهما، ليستا من الوجه ولا من الرأس، وتأول أصحابه الحديث على وجهين: أحدهما: أنهما يمسحان مع الرأس تبعاً له.
والآخر: أنهما يمسحان كما يمسح الرأس، ولا يغسلان كالوجه، وإضافتهما إلى الرأس إضافة تشبيه وتقريب لا إضافة تحقيق، وإنما هو في معنى دون معنى، كقوله: مولى القوم منهم، أي: في حكم النصرة والموالاة دون حكم النسب واستحقاق الإرث، ولو أوصى رجل لبني هاشم لم يعط مواليهم، ومولى اليهودي لا يؤخذ بالجزية، وفائدة الكلام ومعناه عندهم: إبانة الأذن عن الوجه في حكم الغسل، وقطع الشبهة فيهما، لما بينهما من الشبه في الصورة، وذلك أنهما وجدتا في أصل الخلقة بلا شعر، وجعلتا محلاً لحاسة من الحواس، ومعظم الحواس محل الوجه، فقيل: (الأذنان من الرأس) ليعلم أنهما ليستا من الوجه.
والصواب: أنهما من الرأس.
والقول بأنهما مستقلتان، أو أن ظاهرهما أي: ما ظهر من الوجه، وما كان من جهة الرأس من الرأس قول ضعيف، والدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسحهما بعد مسح الرأس؛ مما يدل على أنهما من الرأس باطنهما وظاهرهما.
وقال الحافظ: حديث (الأذنان من الرأس) رواه ثمانية أنفس من الصحابة.
فالحديث إذا كان ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا إشكال فيه، لكن شهر بن حوشب الذي روى هذا الحديث فيه كلام، وإذا خالف الثقات فلا حجة فيما رواه. انتهى. هذا والله أعلم.
‘—’—’—’—’—’—’—’—’
?-جواب سعيد الجابري:
?-والذي يظهر لي في هذه المسألة بعد التتبع والإستقراء وما جمعه الإخوة في هذا البحث: أن الأذنان من الرأس كما جاء ذكرهما بالنص في الحديث الصحيح بمجموع طرقه ورى الحديث جمع من الصحابة وأفتوا بذلك:
روي مرفوعا من حديث أبي أمامة وعبد الله بن زيد وابن عباس وأبي هريرة وأبي موسى وأنس وابن عمر وعائشة، وهي مخرجة في نصب الراية و تلخيص الحبير
وقال عثمان رضي الله عنه: الأذنان من الرأس.
وعن أبى هريرة قال: الأذنان من الرأس. (أخرجه عبد الرزاق).
وقال أبو عيسى: وحديث ابن عباس حديث حسن صحيح وصححه ابن خزيمة وابن مندة والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم يرون مسح الأذنين ظهورهما وبطونهما” باعتبار أنهما من الرأس …….
وقال:-أبو عيسى-: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم أن الأذنين من الرأس، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: ما أقبل من الأذنين فمن الوجه، وما أدبر فمن الرأس، قال إسحاق: واختار أن يمسح مقدمهما مع الوجه، ومؤخرهما مع رأسه.
وقال الشافعي: هما سنة على حيالهما يمسحهما بماء جديد.
?-قال ابوداود: قلت لأحمد الأذنان من الرأس؟
قال: نعم
مسائل ابي دَاوُدَ (44)
?-قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد الله يقول: الأذنان من الرأس، يمسح ظاهرهما وباطنهما.
مسائل ابن هانئ” ((78))
وقال إسحاق بن منصور: قلت: الأذنان من الرأس؟
قال: الأذنان من الرأس يمسحهما مع الرأس.
(مسائل الكوسج: (13)
وقال الأثرم: وسمعت أبا عبدالله يسأل: الأذنان من الرأس؟
قال: نعم.
(سنن الأثرم” ((12))
—’—’—’—’—’—’
جواب سيف بن دورة الكعبي:
ورد في سنن أبي داود:
134 – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَذَكَرَ وُضُوءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ الْمَاقَيْنِ»، قَالَ: وَقَالَ: «الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّاسِ»، قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: يَقُولُهَا: أَبُو أُمَامَةَ، قَالَ قُتَيْبَةُ: قَالَ حَمَّادٌ: لَا أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ – يَعْنِي قِصَّةَ الْأُذُنَيْنِ – قَالَ قُتَيْبَةُ: عَنْ سِنَانٍ أَبِي رَبِيعَةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ ابْنُ رَبِيعَةَ كُنْيَتُهُ أَبُو رَبِيعَةَ
وقلنا في تخريجه:
[حكم الألباني]:ضعيف
ضعيف معلل من وجهين: الأول: ضعف بعض رواته، والآخر دخول الشك في رفعه.
ـ وأخرجه الدارقُطني، في «السنن» (357)، وقال: شهر بن حوشب ليس بالقوي، وقد وقفه سليمان بن حرب، عن حماد، وهو ثقة ثبت.
وقال الدارقُطني في العلل: …. وقال سليمان بن حرب في هذا الحديث: عن حماد بن زيد، إن قوله: والأذنان من الرأس، هو من قول أَبي أُمامة، غير مرفوع، وهو الصواب. «العلل» (2695).
وراجع عون المعبود حيث نقل عن ابن حجر تضعيف الأحاديث وعددها ثمانية. انتهى من تحقيقي لسنن أبي داود
ثم وقفت على نقل للشيخ الألباني أن ابن حجر يرى أن له أصل. كما سيأتي.
قال بعض من لقي الشيخ الألباني من المصريين مبينا ضعف الحديث:
“الأذنان من الرأس” قد رُوي مرفوعًا عن جماعةٍ من الصحابة ولا يصح منها شيئٌ كما جزم بذلك جماعةٌ من النقاد، والصوابُ أنه موقوف وقد استوفى شيخنا الألباني رحمه الله أحاديث هؤلاء الصحابة في “سلسلة الأحاديث الصحيحة” (رقم36) ورجح الرفع لإسنادٍ وجده في “المعجم الكبير” للطبرانيّ وقال: “وهذا سندٌ صحيحٌ، رجالُهُ كلهم ثقات ولا أعلمُ له علَّةً .. ” وصحح الحديث وحكى عن بعض العلماء القول بأنه متواتر ولكني وقفتُ على علَّته، فإذا هي المخالفة كما ذكرتُهُ في “نوح الهديل بكشف ما في سنن أبي داود من التذييل” والحمد لله] إنتهى
قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسة الصحيحة ج1 ص903: ” ثمَّ تبيّن لي أنَّ تصحيح ابن القطان للحديث من الطريق الأُولى عن ابن عباس معلولٌ بالشذوذ، ومثلها الطريقُ الثالثة عنه؛ فإن ذكرَ جملة الأُذنين فيه شاذّة أَيضًا، وقد استفدتُ هذا كلّه من تحقيقٍ كتاب ((الخلافيات)) للبيهقي (1/ 366 – 393)
قلت سيف: هكذا نقلته من الشبكة ثم تبين لي أن الناقل لم يتمم نقل الألباني كما سيأتي مع أنه عزى للمجلد والصفحة الصحيحة 1/ 903 كما سيأتي.
وكأن أعضاء اللجنة الدائمة يصححون الحديث فقد سألوا:
السؤال الأول من الفتوى رقم (20336)
س1: ما حكم من توضأ لصلاة فغسل أربعة أعضاء، مثل: الوجه واليدين مسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين، ولم يفعل السنن مثل: الاستنشاق والمضمضة والأذنين؟
ج 1: المضمضة والاستنشاق واجبان في الطهارة؛ لأنهما من الوجه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهما، فعن عبد الله بن زيد – في صفة الوضوء -: ثم أدخل صلى الله عليه وسلم يده فمضمض واستنشق من كف واحدة، يفعل ذلك ثلاثًا متفق عليه. ويجب مسح الأذنين؛ لأنهما من الرأس، ولفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثم مسح برأسه، فأدخل أصبعيه
السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه أخرجه أبو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة. ومن لم يتمضمض أو لم يستنشق فوضوؤه غير صحيح، وهكذا من لم يمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما لم يصح وضوؤه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو عضو نائب الرئيس الرئيس
بكر أبو زيد صالح الفوزان عبد الله بن غديان عبد العزيز آل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ومع ضعف الحديث لكن الراجح أنه:
يُسَنُّ مسْحُ الأُذنينِ مع الرَّأس بماءٍ واحد، وهذا مَذهَبُ الحنفيَّة، وروايةٌ عن أحمد، وهو قول الثوريِّ، ورُوي عن جماعةٍ مِن السَّلف، واختاره ابنُ تيميَّة، وابن القيِّم، والصَّنعانيُّ، وابن باز، وابنُ عثيمين.
أما الألباني فلا ندري على ماذا استقر اختياره حيث اختلف عليه هل صحح الحديث أم ضعفه.
وكنت نقلت تراجعه عن التصحيح بواسطة الشبكة واتضح أن النقل ناقص: فقد رجعت للصحيحة 1/ 903 فإذا تتمت النقل بعد أن ذكر شذوذ لفظة الأذنين في حديث ابن عباس وعاتب محقق الخلافيات للبيهقي أنه لم يبين خلاصة حكمه على الحديث، و ذكر الشيخ الألباني ثلاثة طرق يتقوى بها الحديث. ومما ذكر مرسل سليمان بن موسى وطريق إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد وقد ضعف في غير الشاميين
ومثل طريق سويد بن سعيد اختلط
وطريق فيها راو ضعيف.
ثم نقل تأييد ذلك أنه قول أكثر العلماء كما في المجموع للنووي 1/ 413.
وقد صح عمل النبي صلى الله عليه وسلم من حديث المقدام وابن عباس أنه مسح رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما رواهما أبو داود وغيره. فلم يأخذ لهما ماء جديدا. وأما حديث عبدالله بن زيد أنه أخذ ماء جديدا فشاذ. ونقل عن الطحاوي في شرح المعاني 1/ 20 أنهم اجمعوا على أن المرأة المحرمة لا يجب عليها أن تغطي وجهها. وعليها أن تغطي رأسها وأذنيها ظاهرهما وباطنهما.
وبعد كتابة ما تقدم رأيت الحافظ ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح قد تكلم على بعض هذه الطرق وبين عللها، ولكنه ختم بخلاصة جيدة وفق ما انتهيت إليه والحمد لله فقال: وإذا نظر المنصف إلى مجموع هذه الطرق علم أن للحديث أصلا، وأنه ليس مما يطرح، وقد حسنوا أحاديث كثيرة باعتبار طرق لها دون هذه والله أعلم. النكت 1/ 415. انتهى من الصحيحة
وعلى هذا فابن حجر بيانه ضعف الطرق في التلخيص الحبير الذي نقله عنه صاحب العون ليس فيه خلاصة الحكم.
مع أن الشيخ الألباني نقل أن صنيع البيهقي والدارقطني يدل: أن طرقه ضعيفه فيبقى على ضعفه.
والآن لا أجدني نشط لتتبع الطرق التي قوى بها الشيخ الألباني الحديث. لكن إن شاء الله أقدر على ذلك في مسألة حكم المسح على الأذنين لأنه من المهم الفصل في صحة الحديث من ضعفه.
المهم هنا يدل على اختيار أن الأذنان تمسحان مع الرأس
أدلَّة أخرى:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((رأيتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم توضَّأَ، وفيه: وغَرَف غَرفةً فمسَحَ رأسَه وباطِنَ أذُنَيه وظاهِرَهما، وأدخَلَ أُصبُعَيه فيهما)) أخرجه الترمذي 36
وكذلك حديث الباب من البلوغ عن عبدالله بن عمرو
ثم انتبهت إلى أن ابن حجر نقل أن حديث عبدالله بن عمرو مما أنكره الإمام مسلم على عمرو بن شعيب. راجع تخريجنا لسنن أبي داود
وكنت تابعت محقق البلوغ دار الآثار على تحسينه
وكذلك نقل ابن الملقن في البدر المنير عن ابن منده أنه لم يصح في مسح الأذنين إلا حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
ثانيًا: من الآثار
عن عبدِ الله بن عمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (الأُذنانِ مِن الرَّأس).
وقد ذكر الدارقطني حديث ابن عمر مرفوعا ورجح أنه موقوف. فقد ذكره موقوفا من عدة طرق عن نافع عن ابن عمر العلل 2773، 2784، 3194
قال الترمذي ” وهو قول أكثر العلماء من الصحابة فمن بعدهم ”
قال ابن المنذر في الأوسط 1/ 400: ورويناه عن ابن عباس وابن عمر وأبي موسى
ذكر أسانيدها البيهقي في الخلافيات
وأثر ابن عمر وابن عباس صحيحان وأثر أبي موسى الحسن لم يسمع منه وفي إسناده أشعث
أما استدلال الزهري بحديث سجد وجهي. .. أخرجه مسلم 771
فيقال: الرأس كله ساجد وإنما المباشر للأرض هو الوجه فذكر الوجه والمقصود كل الرأس.
أو يجاب بما قال ابن قدامة: أضافهما للوجه للمجاورة. المغني 1/ 162
وراجع فتح العلام 1/ 154
—–
(2017) / (11) / (26)، (2): (36) م – سيف بن دورة الكعبي: أعدت ارساله لاني وقفت على أن الإمام مسلم أنكر حديث عبدلله بن عمرو الذي أورده ابن حجر في البلوغ